الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي يظن فيه التصرف بها والانتفاع بها. وإن كان غير عين ولو مثلياً بتغير سوق أو ذات (بيده): أي بعد قبضه من المسلم. (كالمشتري): في بيع النقد (يقبل قوله إن أشبه) سواء أشبه المسلم أم لا، فإن لم يشبه وانفرد المسلم بالشبه فالقول له.
(فإن لم يشبها حلف) كل واحد على نفي دعوى صاحبه وتحقيق دعواه. (وفسخ) عقد السلم إذا كان اختلافهما في قدر رأس المال أو في الأجل أو الحميل فيرد ما يجب رده من قيمة أو مثل إذ الموضوع فوات رأس المال بيد المسلم إليه (إلا) إذا كان اختلافهما (في قدر المسلم فيه فسلم وسط) من سلومات الناس في البلد لتلك السلعة وفي الزمن. فما قبل الاستثناء: فيما إذا اختلفا في قدر رأس المال أو جنس المسلم فيه أو في الحميل أو في الأجل، وكلام الشيخ مجمل.
(و) إن اختلفا (في موضعه): أي موضع قبض المسلم فيه (فالقول لمدعي موضع العقد) بيمينه، (وإلا) يدع واحد منهما موضع العقد بل غيره (فالبائع): أي المسلم إليه القول له بيمينه إن أشبه سواء أشبه الآخر أم لا فإن انفرد المسلم بالشبه فقوله بيمين.
(وإن لم يشبه واحد) منهما (حلفا وفسخ) عقد السلم ورد مثل رأس السلم أو قيمته، وهذا إن فات رأس المال بيده. فإن كان باقياً تحالفا وتفاسخا مطلقاً (كفسخ ما يقبض) من المسلم فيه (بكاليمن) بفتح الياء التحتية والميم: اسم للقطر المعلوم، يعني: إذا أسلمه في شيء واتفقا على أن يقبضه منه في اليمن أو في المغرب أو في مصر، وأطلقا - بأن لم يقيداه ببلد معينة [1]- فإنه يفسخ لفساده.
(وجاز) إن قيدا (ببلد كذا) من ذلك القطر: كالقاهرة بمصر، وتونس بالمغرب وصنعاء باليمن، ومكة بالحجاز، ولم يقيدا بمكان من تلك البلد وإذا جاز فلا فسخ.
(وقضي) الوفاء (بسوقها) إن كان لها سوق وتنازعا في مكان القبض، (وإلا) يكن لتلك السلعة سوق (ففي أي مكان منها): أي من تلك [2] البلد يقضي [3] المسلم إليه ما عليه.
ولما تقدم ذكر السلم ناسب أن يعقبه ببابه فقال:
(باب)
في بيان السلم
وشروطه وما يتعلق به
(السلم): أي حقيقته (بيع) شيء (موصوف): من طعام أو عرض أو حيوان أو غير ذلك مما يوصف، وخرج المعين فبيعه ليس بسلم (مؤجل) خرج غير المؤجل وسيأتي بيان الأجل (في الذمة): أي ذمة المسلم إليه، خرج بيع موصوف لا في الذمة كبيع ما في العدل
ــ
أنه قد سبق أنهما إذا تنازعا في جنس الثمن أو المثمن أو نوعهما تحالفا وتفاسخا في حالة القيام والفوات، ولا فرق بين النقد والسلم. وأما إذا تنازعا في قدر الثمن أو المثمن أو قدر الأجل أو في الرهن أو الحميل، فمع القيام يتحالفان ويتفاسخان لا فرق في ذلك بين بيع النقد والسلم، وأما مع الفوات فينعكس السلم مع بيع النقد ففي بيع النقد الذي يصدق المشتري بيمين إن أشبه، أشبه البائع أم لا. فإن انفرد البائع بالشبه صدق بيمين، فإن لم يشبه واحد منهما تحالفا وتفاسخا. وفي السلم إذا فات رأس المال عيناً أو غيره الذي يصدق بيمينه البائع وهو المسلم إليه إن أشبه، أشبه المسلم أم لا. وإن انفرد المسلم بالشبه فالقول قوله بيمين. فإن لم يشبها تحالفا وتفاسخا إذا كان التنازع في غير قدر المسلم فيه ورد للمسلم ما يجب رده من قيمة رأس المال أو مثله وإذا كان التنازع في قدر المسلم فيه لزم المسلم إليه سلم وسط.
قوله [الذي يظن فيه التصرف]: أي فطول الزمان الذي هو مظنة لما ذكر على العين وهو بيد المسلم إليه منزل منزلة فوات السلعة المقبوضة في بيع النقد، وقيل إن فوات العين بالغيبة عليها.
قوله: [فالقول لمدعي موضع العقد]: أي لأنهما لو سكتا عن ذكر موضع القبض بموضع العقد.
قوله: [فالبائع]: أي لأنه غارم قد ترجح جانبه بالغرم.
قوله [حلفا]: أي وبدأ البائع وهو المسلم إليه.
قوله: [وجاز إن قيدا ببلد كذا]: أي لعدم الجهل.
قوله: [وقضي الوفاء بسوقها]: حاصل كلام الشارح أنه إذا اشترط المسلم قبض المسلم فيه بمكان معين كمصر كان جائزاً، فإن حصل تنازع في محل القبض من تلك البلد قضي بالقبض في سوق تلك السلعة إن كان لها سوق.
قوله: [يقضي المسلم إليه]: أي ويبرأ من عهدته ويلزم المشتري قبوله في ذلك المكان إلا لعرف خاص بالقضاء بمحل خاص وإلا عمل به.
قوله: [ولما تقدم ذكر السلم]: أي في قوله والمسلم إليه إن فات رأس المال بيده إلى آخره.
باب في بيان السلم
قال الخرشي: هو والسلف واحد، في أن كلاً منهما إثبات مال في الذمة مبذول في الحال؛ ولذا قال القرافي: سمي سلماً لتسليم الثمن دون عوض، ولذلك سمي سلفاً. اهـ. ويعني بقوله: دون عوض أي في الحال فلا ينافي أن عوضه مؤجل.
فقوله: [في بيان السلم]: أي حقيقته.
وقوله: [وشروطه]: أي السبعة.
وقوله: [وما يتعلق به]: أي من الأحكام المتعلقة بالصحيح والفاسد.
قوله: [بيع شيء موصوف]: شروع في تعريفه.
قوله: [وخرج المعين]: أي بقوله موصوف.
قوله: [وسيأتي بيان الأجل]: أي في قوله وأن يؤجل بأجل معلوم كنصف شهر.
قوله: [أي ذمة المسلم إليه]: أي الذي هو البائع، وأما دافع الثمن فيسمى مسلماً.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (معين).
[2]
في ط المعارف: (هذا).
[3]
في ط المعارف: (يفضي).
على ما في البرنامج أو غيره وكبيع موصوف بمكان غير مجلس العقد (بغير جنسه) متعلق بـ "بيع"، خرج ما إذا دفع شيئاً في جنسه فليس بسلم شرعاً، وقد يكون قرضاً وسيأتي ذلك كله إن شاء الله تعالى.
وخرج بقوله: "موصوف" بيع الأجل، لأنه اشتراء معين بثمن مؤجل ولو زاد بعده:"غير منفعة" لكان صريحاً في إخراج الكراء المضمون.
ثم إنه يشترط في صحته شروط سبعة زيادة على شروط البيع المتقدم ذكرها:
الأول: تعجيل رأس المال على تفصيل فيه وإليه أشار بقوله: (وشرطه: حلول رأس المال) فيه، فلا يصح الدخول فيه على التأجيل (وجاز تأخيره): بعد العقد (ثلاثاً) من الأيام (ولو) كان التأخير (بشرط) عند العقد سواء كان رأس المال عيناً أو عرضاً أو مثلياً. (وفسد بتأخيره عنها): أي عن الثلاثة الأيام بشرط عند العقد بل (ولو) تأخر (بلا شرط إن كان) رأس المال (عيناً) على ما في المدونة، والذي رجع إليه ابن القاسم: أنه لا يفسد ولو تأخر لأجل المسلم فيه حيث تأخر بلا شرط، وهو قول أشهب وابن حبيب. فإن كان غير عين فلا يفسخ إن كان التأخير بلا شرط في العقد ولو لأجل المسلم فيه لكن قد يجوز التأخير بلا شرط وقد يكره. وإلى ذلك أشار بقوله:
(وجاز) تأخير رأس المال (بلا شرط إن كان لا يغاب عليه) بأن كان يعرف بعينه (كحيوان) وثوب يعرف بصفته ولونه وجاز (لتعينه) فلا يدخل في الذمة بالغيبة عليه (ولو) تأخر (لأجل السلم) على الراجح.
(وكره) التأخير لرأس مال السلم (إن كان يعاب عليه) بأن كان مما لا يعرف بعينه، (مثلياً) كان - كطعام وصوف وقطن وحديد لأنه مما يوزن - (أو عرضاً) - كثياب لا تعرف بعينها. ومحل الكراهة فيما ذكر:(إن لم يحضر العرض) مجلس العقد (أو) لم (يكل الطعام) الذي جعل رأس مال في غير طعام، فإن أحضر ذلك العرض أو كيل الطعام لربه ثم تركه عند المسلم فلا كراهة في تأخيره ولو لأجل السلم. وهذا الذي ذكرناه هو المعتمد الذي به الفتوى، وفي كلام الشيخ أولاً وآخراً نظر من وجوه فراجعها إن شئت.
(و) جاز رأس السلم (بمنفعة) شيء (معين): كسكنى دار وخدمة عبد وركوب دابة (مدة معينة) كشهر إن شرع فيها قبل أجل السلم (ولو انقضت بعد أجله)
ــ
قوله: [على ما في البرنامج]: أي معتمداً فيه على الصفة المكتوبة في الدفتر.
وقوله: [أو غيره]: أي كالكتابة التي توجد فوق العدل.
قوله: [بمكان غير مجلس العقد]: المراد بيع الغائب على الصفة.
قوله: [بغير جنسه]: أي حقيقة كفرس في بعير أو حكماً، كما إذا كان الجنس واحداً واختلفت في المنفعة كفاره الحمر في الأعرابية وسابق الخيل في الحواشي كما سيأتي.
قوله: [وقد يكون قرضاً]: أي فيجري على أحكامه فإن لم يدخله ربا النساء جاز.
قوله: [بيع الأجل]: أي بالمعنى الإضافي وهو ما عجل فيه المثمن وأجل فيه الثمن عكس ما هنا.
قوله: [ولو زاد بعده]: أي بعد قوله موصوف.
وقوله: [لكان صريحاً] إلخ: أي فزيادته تصير الكراء المضمون خارجاً صراحة بخلاف عدم زيادته فتصير التعريف مجملاً.
قوله: [زيادة على شروط البيع]: أي فتلك الزيادة صيرت السلم أخص من مطلق بيع، وإنما زيدت فيه تلك الشروط لكونه رخصة فشدد فيه.
قوله: [على تفصيل فيه]: أي بين العين وغيرها.
قوله: [فلا يصح الدخول فيه على التأجيل]: أي فوق ثلاثة أيام بدليل ما بعده.
قوله: [ولو كان التأخير بشرط]: رد ب "لو" قول سحنون وغيره من البغداديين بفساد السلم إذا أخر رأس المال ثلاثة أيام بشرط لظهور قصد الدين مع الشرط، واختاره عبد الحق وابن الكاتب وابن عبد البر، ومحل اغتفاره ثلاثة أيام ما لم يكن أجل السلم كيومين، وذلك فيما إذا شرط قبضه ببلد آخر، وإلا فيجب أن يقبض رأس المال في المجلس أو بالقرب منه كما يأتي.
قوله: [على ما في المدونة]: حاصل ما في المقام أنه أخر رأس المال عن ثلاثة أيام؛ فإن كان التأخير بشرط، فسد السلم اتفاقاً إن كان التأخير كثيراً جداً، وإن كان التأخير بلا شرط فقولان في المدونة لمالك، بفساد السلم وعدم فساده سواء كثر التأخير جداً أو لا. والمشهور الفساد مطلقاً كما في نقل (ح) عن ابن بشير؛ وكل هذا فيما إذا كان رأس المال عيناً.
قوله: [وجاز تأخير رأس المال بلا شرط] إلخ: أي وأما مع شرط التأخير فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام ويفسد كالعين، قاله في الجواهر لأنه بيع معين يتأخر قبضه، وبيع معين يتأخر قبضه لا يمنع إلا مع الشرط.
قوله: [وهذا الذي ذكرناه هو المعتمد]: أي من كراهة تأخير رأس مال السلم إن كان يغلب عليه مثلياً أو عرضاً إن لم يحضر العرض أو يكل الطعام، وإلا فلا كراهة بل يجوز.
والحاصل: أن تأخير العرض والحيوان - إذا كان رأس مال عن الثلاثة الأيام - إن كان بشرط منع مطلقاً، وإن كان بلا شرط فالجواز في الحيوان ظاهر، وفي الطعام إن كيل، وفي العرض إن أحضر مجلس العقد لانتقال كل من الذمة للأمانة، ولذلك لو هلك يكون في ضمان المشتري وإلا كره في الطعام والعرض. هذا هو المعول عليه، وقيل بكراهة تأخيرهما بلا شرط مطلقاً ولو كيل الطعام أو أحضر العرض.
قوله: [كسكنى دار] إلخ: أي كأن يقول له أسلمتك سكنى داري هذه أو خدمة عبدي فلان أو ركوب دابتي هذه شهراً في إردب قمح آخذه منك في شهر كذا.
قوله: [إن شرع فيها]: أشار بهذا إلى أن منفعة المعين - سواء كان حيواناً أو عقاراً
بناء على أن قبض الأوائل قبض للأواخر، وإنما منعت المنافع عن دين لأنه من فسخ الدين في الدين والسلم ابتداء دين في دين وهو أخف من فسخه، واحترز بـ "معين" [1] على المنفعة المضمونة كقوله: أحملك إلى مكة في نظير إردب قمح في ذمتك تدفعه بعد شهر مثلاً.
(و) جاز السلم (بجزاف) بشروطه بجعل رأس مال في شيء معين.
(و) جاز السلم (بخيار) في عقده لهما أو لأحدهما أو لأجنبي (في الثلاث): أي ثلاثة الأيام فقط ولو كان رأس المال عبداً أو داراً على ظاهر المدونة وهو المعتمد. وقال ابن محرز: الخيار يختلف باختلاف رأس المال من رقيق ودار وغيرهما على ما تقدم في باب الخيار. ومحل جوازه في الثلاثة الأيام: (إن لم ينقد) رأس المال ولو تطوعاً وإلا فسد. للتردد بين السلفية والثمنية.
وشرط النقد مفسد وإن لم ينقد ولو أسقط الشرط. ومحل الفساد بالنقد تطوعاً إن كان مما تقبله الذمة، بأن كان لا يعرف بعينه. فإن كان حيواناً معيناً أو ثوباً يعرف بعينه فلا يفسد بنقده تطوعاً لعدم التردد بين السلفية والثمنية.
(و) جاز (رد زائف) وجد في رأس المال ولو بعد طول.
(و) إذا رد (عجل) البدل وجوباً ويغتفر التأخير ثلاثة أيام إن قام بذلك قبل حلول أجل بكثير، فإن قام به بعد الحلول أو قبله باليومين جاز التأخير ما شاء.
(وإلا) يعجل البدل فيما فيه التعجيل (فسد ما يقابله): أي ما يقابل الزائف (فقط) لا الجميع. وهذا حيث كان رأس المال عيناً وقام بحقه في ذلك كما هو ظاهر. فإن سامحه المسلم إليه من الزائف لم يبطل ما قابله.
(و) الشرط الثاني من شروط السلم: (أن لا يكونا طعامين) ربويين أو غيرهما لما فيه من ربا النساء أو هو مع ربا الفضل: كسمن في بر وعكسه (ولا نقدين): كذهب في فضة وعكسه أو ذهب في ذهب أو فضة في فضة.
(ولا شيئاً في أكثر منه): كثوب في ثوبين من جنس (أو) في (أجود) منه لما فيه من سلف بزيادة (كالعكس) وهو سلم شيء في أقل منه أو أدنى من جنسه
ــ
أو عرضاً - ملحقة بالعين فلا بد من قبضها حقيقة أو حكماً، وقبضها بقبض أصلها ذي المنفعة أو الشروع في استيفائها منه، فلا بد من قبض أصلها حين العقد أو قبل مجاوزة أكثر من ثلاثة أيام.
قوله: [بناء على أن قبض الأوائل] إلخ: بل الشروع في قبضها كاف، ولو قلنا: إن قبض الأوائل ليس قبضاً للأواخر؛ لأن غاية ما فيه ابتداء دين بدين وقد استخفوه في السلم، كذا قيل.
قوله: [تدفعه بعد شهر مثلاً]: محل منع السلم بالمنافع المضمونة ما لم يشرع المسلم إليه في استيفائها، وإلا جاز كما في الخرشي تبعاً للقاني قال (بن) وهو الظاهر، وإذا كان كذلك فلا فرق بين المعينة والمضمونة؛ وقال الأجهوري: لا يجوز بالمنافع المضمونة مطلقاً ولو شرع فيها متمسكاً بظاهر النقل واقتصر عليه (عب) وشارحنا واعتمده بعضهم كما قال في الحاشية.
تنبيه: لو وقع السلم بمنفعة معين، وتلف ذو المنفعة قبل استيفائها رجع المسلم إليه على المسلم بقيمة المنفعة التي لم تقبض ولا يفسخ العقد، قياساً للمنفعة على الدراهم الزائفة، فهذه مستثناة من قولهم في الإجارة:"وفسخت بتلف ما يستوفى منه لا به".
قوله: [بشروطه]: أي المتقدمة في قول خليل "رئي إن" إلخ. وجاز أن يكون رأس المال جزافاً بالشروط ولو نقداً مسكوكاً حيث يجوز بيعه جزافاً، وذلك في متعامل به وزناً فقط.
قوله: [يجعل رأس مال]: وأما جعله مسلماً فيه فلا يصح، لأن من جملة شروطه: أن يرى حين العقد وهو متعذر هنا.
قوله: [وقال ابن محرز]: هو ضعيف، فقد رده عياض وابن عرفة كما قال الحطاب.
قوله: [إن لم ينقد رأس المال ولو تطوعاً]: وتقدمت هذه المسألة مع نظائرها في باب الخيار.
قوله: [وجاز رد زائف] إلخ: أي جاز للمسلم إليه رد الزائف المغشوش بأن يكون الذهب أو الفضة مخلوطين بنحاس أو رصاص، وأما لو وجد المسلم إليه في رأس المال نحاساً أو رصاصاً خالصاً فلا يجوز له رده على المسلم وأخذ بدله، بل يفسد مقابله حيث لم يرض به كما قاله سحنون، وهو المعتمد. وظاهر المدونة عند أبي عمران: أن ذلك مثل المغشوش فيجوز للمسلم إليه رده على المسلم وأخذه بدله، ويجب على المسلم أن يعجل له البدل وإلا فسد ما يقابله، وظاهر شارحنا يوافق المدونة.
قوله: [قبل حلول أجل]: هكذا نسخة الأصل والمناسب: أجله.
قوله: [ألا يكونا طعامين] إلخ: فلا يجوز أن تقول لآخر أسلمك إردب قمح في إردب قمح أو فول ولا أسلمك ديناراً في قدر من فضة أو في دينار ما لم يتحد القدر والصنف ويكون بلفظ القرض أو السلف وإلا جاز. واعلم أن الفلوس الجدد هنا كالعين فلا يجوز سلم بعضها في بعض.
قوله: [لما فيه من ربا النساء]: أي عند تماثل رأس المال والمسلم فيه.
قوله: [أو هو مع ربا الفضل]: أي إن حصلت زيادة وكان الطعام ربوياً.
قوله: [لا نقدين]: أي سواء تساويا رأس المال والمسلم فيه أو زاد أحدهما على الآخر.
قوله: [كثوب في ثوبين]: أي أو كسلم قنطار كتان في قنطارين وإردب في إردبين.
قوله: [أو في أجود منه]: أي كثوب
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (بعين).
لما فيه من ضمان بجعل.
ثم استثنى من قوله: "ولا شيئاً في أكثر" إلخ قوله: (إلا أن تختلف المنفعة) في أفراد الجنس الواحد فيصير كالجنسين فيجوز في الأكثر والأجود (كفاره الحمر): جمع حمار. والفاره: سريع السير يجوز سلمه (في) المتعدد من الحمر (الأعرابية): أي الضعيفة السير.
(وسابق الخيل) يجوز سلمه (في) المتعدد من (الحواشي) منها وعكسه. (وجمل): أي بعير (كثير الحمل: أو سابق في) متعدد من (غيره) من الضعاف.
واعلم أن التعدد لا يشترط، وقد عبرت المدونة بالإفراد كما عبرت بالجمع، وكلام اللخمي يفيد أنه لا يشترط اختلاف العدد إلا إذا ضعف اختلاف المنفعة، أما إذ قوي اختلاف المنفعة فيجوز السلم ولو اتحد العدد، فإنه قال: الإبل صنفان صنف يراد للحمل وصنف يراد للركوب لا للحمل، وكل صنف منهما صنفان: جيد وحاشي؛ فيجوز أن يسلم ما يراد للحمل فيما يراد للركوب، فيجوز جيد أحدهما في جيد الآخر والجيد في الرديء والرديء في الرديء، اتفق العدد أو اختلف. وأما إذا كانت كلها تراد للحمل أو الركوب فلا يجوز أن يسلم الجيد بالرديء ولا عكسه وجاز أن يسلم جيد في حاشيين فأكثر وعكسه اهـ.
(و) نحو (قوة البقرة) ذكراً أو أنثى على العمل من حرث ودرس وطحن، فيسلم قويها في ضعيفها وعكسه. (وكثرة لبن الشاة) أو قلته فيسلم أحدهما في الآخر لأن المقصود من الشياه اللبن (إلا الضأن) فكثرة اللبن فيها لا يلتفت له (على الأصح): لأن المقصود منها الصوف لا اللبن
ــ
رديء في جيد وقنطار كتان رديء في أجود.
قوله: [لما فيه من ضمان بجعل]: أي من تهمة ضمان بجعل؛ فإذا أسلمت ثوبين من ثوب فكأن المسلم إليه ضمن للمسلم ثوباً منهما للأجل وأخذ الثوب الآخر في نظير ضمانه، وإنما اعتبروها هنا وألغوها في بيوع الآجال؛ لأن تعدد العقد هناك أضعفها.
قوله: [إلا أن تختلف المنفعة]: اعلم أن المسألة ذات أحوال أربعة: لأن رأس المال والمسلم فيه: إما أن يختلفا جنساً ومنفعة معاً، ولا إشكال في الجواز؛ كسلم العين في الطعام، والطعام في الحيوان، وإما أن يتفقا معاً، ولا إشكال في المنع إلا أن يسلم الثمن في مثله فيكون قرضاً، وإما أن يتحد الجنس وتختلف المنفعة وهو المراد هنا، وإما أن تتحد المنفعة ويختلف الجنس - كالبغال والبراذين من الخيل - وفيه قولان. فمن منع نظر إلى أن المقصود من الأعيان منافعها، ومن أجاز نظر إلى اختلاف الجنس وهو الراجح كما يأتي في قول المصنف، ولو تقاربت المنفعة كذا في (بن).
قوله: [أي الضعيفة السير]: أشار بهذا إلى أن المراد بالأعرابية ضعيفة السير سواء كانت منسوبة للأعراب أي سكان البادية أو كانت غير ذلك لا خصوص المنسوبة للأعراب، وإلا لاقتضى أنه لا يجوز سلم حمار سريع السير في متعدد من المصرية ضعيف غير سريع كحمير الجباسة والترابة، وليس كذلك، بل هو جائز على المعتمد إذ المدار على الاختلاف في المنفعة.
قوله: [وسابق الخيل] إلخ: اعلم أن الخيل إما أعرابية وهي: ما كان أبوها وأمها من الخيل، وإما أعجمية وهي البرذونة وهي: ما كان أبوها من الخيل وأمها من البقر. والعربية قسمان: منها ما كان متخذاً للرماحة والجري وحسنها بكثرة سبقها لغيرها، ومنها ما هو متخذ للهملجة أي للمشي بسرعة كالرهوان وحسنها سرعة مشيها. وأما الأعجمية فهي متخذة للحمل فتارة تكون كثيرة الهملجة وتارة لا تكون كذلك ولا جري فيها. فالهملجة يتصف بها كل من الأعجمية والعربية. إذا علمت ذلك فيجوز سلم أحد النوعين الأعرابيين في الآخر الواحد في اثنين أو في واحد على ما مر، ويجوز سلم كل واحد من النوعين في النوع الثالث الذي هو البرذونة الواحد في اثنين وعكسه.
قوله: [أي بعير]: إنما فسره به ليشمل الذكر والأنثى.
قوله: [فيجوز جيد أحدهما] إلخ: أي فالمدار على قوة اختلاف المنفعة، ولو كان جيد في جيد أو رديء في رديء، اتحد أو تعدد، ومن باب أولى رديء في جيد وعكسه.
قوله: [للحمل أو الركوب]: "أو" مانعة خلو فتجوز الجمع.
قوله [وجاز أن يسلم جيد في حاشيين] إلخ: أي والموضوع أن كلاً يراد للحمل أو الركوب واختلافهما إنما هو بالجودة والرداءة فيجوز إسلام الواحد في المتعدد كجيد في حاشيين فأكثر وحاشيين فأكثر في جيد، ولا يجوز أن يسلم واحد في واحد تقدم الجيد أو الرديء لأنه سلف جر نفعاً - وإن تقدم الرديء - وضمان بجعل إن تقدم الجيد كذا في (بن).
قوله: [فيسلم قويها في ضعيفها]: أي فيجوز أن يسلم ثور قوي على العمل في اثنين ضعيفين لا قوة لهما مثله على العمل. ومقتضى ما تقدم عن اللخمي: أنه لا يشترط التعدد في سلم البقرة متى تباينت المنافع كما إذا كان أحدهما يراد للحرث والآخر يراد للبن أو للذبح. وأما إن اتحدت المنافع - كما إذا كان كل يراد للحرث وحصل اختلاف بالقوة - فلا بد من الاختلاف بالتعدد.
قوله: [وكثرة لبن الشاة]: أي فيجوز سلم شاة كثيرة اللبن في اثنتين ليس فيهما كثرة لبن، ولا مفهوم للشاة بل كذلك يقال في الجاموس والبقر.
قوله: [إلا الضأن]: هذا خلاف ظاهر المدونة، ونصها: لا يجوز أن يسلم ضأن الغنم في معزها ولا العكس إلا شاة غزيرة اللبن موصوفة بالكرم فلا بأس أن تسلم في حواشي الغنم؛ فظاهرها شمول
(وكصغيرين) من كل جنس يجوز سلمهما (في كبير) من جنسه (وعكسه) باتفاق التأويلين (أو صغير في كبير) وعكسه، يجوز على أرجح التأويلين (إن لم يؤد إلى المزابنة بطول الزمان): أي الأجل المضروب إلى أن يصير فيه الصغير كبيراً أو يلد فيه الكبير صغيراً، فيصير ضماناً بجعل في الأولين من المسألتين ويؤدي إلى الجهالة في الثانية، وهي مسألة العكس في الفرعين. فقوله:"إن لم" إلخ راجع لما بعد الكاف.
(بخلاف صغير الآدمي والغنم وطير الأكل): كالدجاج والحمام والإوز، فلا يسلم كبير كل في صغيره ولا عكسه، اتحد عدد كل أو اختلف لعدم اعتبار الصغر والكبر فيها. ورأى الباجي: أن صغير الآدمي جنس مخالف لكبيره لاختلاف المنافع.
(وكجذع طويل غليظ في) جذع أو جذوع (غيره) من القصار الرقاق، فيجوز. وظاهر: أنه لا بد من الوصفين فلا يكفي أحدهما، وهو كذلك خلافاً لابن الحاجب (وسيف قاطع) لجودة جوهريته يجوز سلمه (في أكثر دونه) في القطع والجودة (وكطير علم) صنعة شرعية كالصيد فيسلم في غيره مفرداً ومتعدداً (أو آدمي) علم صنعة شرعية (بكنسج) وخياطة وطرز (وطبخ إلا) الصنعة (السهلة كالكتابة والحساب والغزل): فلا تنقل عن الجنس (إن لم تبلغ النهاية) فإن بلغتها جاز (فكالجنسين) راجع لقوله: "إلا أن تختلف المنفعة" إلخ. أي: فإن اختلفت المنفعة كما ذكر فكالجنسين يجوز سلم أحدهما في الآخر (ولو تقاربت المنفعة) بينهما (كرقيق) ثوب (قطن و) رقيق ثوب (كتان)
ــ
الضأن ولكن المعتمد ما قاله الشارح من أنه لا يشمل الضأن، لأن اللبن فيها كالتابع لمنفعة الصوف، ولأن لبنها غالباً أقل من لبن المعز مع قلة منفعة شعر المعز. فالمقصود من المعز اللبن كما أن المقصود من الضأن الصوف.
قوله: [من كل جنس]: أي ما عدا صغير الآدمي والغنم والطير الذي يراد للأكل كما يأتي على أرجح التأويلين أي وهو ظاهر المدونة. وقد حملها عليه ابن لبابة وابن محرز وغيرهما واختاره الباجي وقال ابن الحاجب: إنه الأصح. وتأولها أبو محمد على عدم الجواز.
قوله: [إن لم يؤد إلى المزابنة]: أي فإن أدى لها منع.
وقوله: [بطول الزمان]: تصوير للتأدية إلى المزابنة، وفيه إشارة إلى أن المراد هنا بالمزابنة الضمان بجعل في الأول والجهالة في الثاني كما أفاده الشارح، وليس المراد بها معناها المتقدم، وهي بيع مجهول بمجهول أو بمعلوم من جنسه، وإن كان يمكن أن تكون هنا من الأول: أعني بيع مجهول بمجهول نظراً لجهل انتفاع المسلم والمسلم إليه برأس المال وبالمسلم فيه.
قوله: [إلى أن يصير] إلخ: بيان لطول الزمان وغاية فيه.
قوله: [أو يلد فيه الكبير صغيراً]: هذا على سبيل الفرض وإن لم يكن شأنه الولادة سداً للذريعة.
قوله: [في الأول من المسألتين]: أي في الأول من كل من المسألتين فتأمل.
قوله: [وهي مسألة العكس في الفرعين]: عكس الأولى كبير في صغيرين وعكس الثانية كبير في صغير.
قوله: [ورأى الباجي] إلخ: قال ابن عبد السلام: هو الصحيح عندي، قال ابن عرفة: وحد الكبير في الرقيق إن فرقنا بين صغيره وكبيره بلوغ سن التكسب بالعمل والتجر، وهو عندي بلوغ خمس عشرة سنة أو الاحتلام.
قوله: [أنه لا بد من الوصفين] أي الطول والغلظ قال في الحاشية: وظاهر المدونة أنه لا بد من تعدد ما يسلم فيه والواجب له لكن قد مر أن المسألة ذات طريقتين، وهما: هل يشترط تعدد المسلم فيه إذا أسلم بعض أفراد الجنس المختلفة المنفعة في بعض أو لا يشترط التعدد؟ وتقدم أن الأرجح عدمه. وقال في الحاشية أيضاً: المعتمد أن الغلظ كاف، وأما الطول وحده فلا يكفي والفرق تيسر قطع الطويل فالمنفعة فيه متقاربة بخلاف الغليظ في رقيقين فإن في نشره كلفة.
قوله: [خلافاً لابن الحاجب]: أي فيكفي عنده أحد الوصفين. واعترضت هذه المسألة: بأن الكبير قد يصنع منه صغار فيؤدي إلى سلم الشيء فيما يخرج منه وهو مزابنة؟ وأجيب: بأن المراد بالجذع المخلوق لا المنجور المنحوت، فإنه يسمى جائزة لا جذعاً، فالكبير لا يخرج منه جذوع بل جوائز، وبأن الكلام في كبير لا يخرج منه الصغير إلا بفساد وهو لا يقصده العقلاء، وبأن المراد بالكبير ما ليس من نوع الصغير كنخل في صنوبر، وهذا الأخير مبني على أن الخشب أجناس وهو الراجح.
قوله: [دونه في القطع والجودة]: أي فلا بد من الوصفين، وأما إن كان دونه في أحدهما فقط فلا يجوز لعدم التباعد. فإن استويا معاً في القطع والجودة منع اتفاقاً فيما إذا كان المقابل متعدداً وجاز في المتحد لأن الشيء في مثله قرض - وإن لم يلفظ بالقرض هنا - لأنه ليس فيه ربا فضل ولا نسيئة. وظاهر شارحنا اشتراط التعدد، وقد تقدم أن الراجح عدمه.
قوله: [كالصيد]: أي وكتوصيل الكتب، واحترز بالشرعية من غيرها كتعليمه الكلام والصياح، فإنه لا يوجب اختلاف المنفعة.
قوله: [مفرداً ومتعدداً]: أي كان من نوعه أو من غير نوعه.
قوله [فإن بلغتها]: فيه ضميران مؤنثان: ضمير الفاعل يعود على الصنعة، والمفعول يعود على النهاية.
قوله: [جاز]: أي جاز سلمها في غير بالغة النهاية، سواء كان المسلم فيه يعرف أصل الصنعة أم لا.
قوله: [ولو تقاربت المنفعة]: أي بخلاف متحد الجنس فلا بد من اختلاف المنفعة كما مر.
فأولى غليظهما أو رقيق أحدهما في غليظ الآخر.
(ولا عبرة بالذكورة والأنوثة): فلا يسلم ذكر في أنثى ولا عكسه حتى في الآدمي على المشهور. لكن قال كثير من المتأخرين بجوازه في الآدمي لاختلاف المنفعة اختلافاً ظاهراً، فإن الذكر يراد للسفر وللزرع ولما يراد في خارج البيت، والأنثى تراد لما يتعلق بالبيت كالطبخ والعجن والخبز ونحوها، وهو ظاهر؛ لأن اختلاف المنفعة يصير الجنس كالجنسين في الآدمي وغيره كما تقدم فقوله:"ولا عبرة" إلخ. أي مجرد ذكورة وأنوثة (ولا) عبرة (بالبيض): أي بكثرته فلا تسلم دجاجة بيوض في غيرها.
(و) الشرط الثالث: (أن يؤجل) المسلم فيه (بأجل معلوم): لا إن لم يؤجل أو أجل بمجهول (كنصف شهر): خمسة عشر يوماً فأكثر لا أقل. والأيام المعلومة عند الناس كالمنصوصة، كما أشار له بقوله:(وجاز) الأجل (بنحو الحصاد) كالدراس ونزول الحاج والصيف والشتاء (واعتبر) من ذلك (المعظم) لا أوله ولا آخره: أي قوة ذلك الفعل عادة ولو لم يقع.
(واعتبر الأشهر بالأهلة) ناقصة أو كاملة؛ فإذا سميا ثلاثة أشهر وكانا في أثناء شهر، فالثاني والثالث بالأهلة (وتمم المنكسر ثلاثين) يوماً من الرابع، ولا ينظر لنقص الأول.
(و) إن أجل (إلى ربيع) مثلاً (حل) الأجل (بأوله، و) إذا قيل بشرط أن أقبضه (فيه): أي في ربيع مثلاً حل الأجل (بوسطه) ولا يفسد السلم (على الأصح)، وكذا لو قال: في سنة كذا، لم يفسد ويحمل على نصف السنة كما صرحوا به. واستثنى من قوله:"وأن يؤجل" إلخ، قوله:
(إلا إذا شرطا قبضه): أي المسلم فيه (ببلد) غير بلد العقد، (فيكفي) في الأجل (مسافة اليومين) ذهاباً (إن شرطا) في العقد (الخروج) إليها ليقبض فيها (وخرجا) بالفعل بأنفسهما أو وكيلهما (حينئذ) أي حين العقد (ببر) لا بحر، (أو) ببحر (بغير ريح)، كالمنحدرين؛ احترازاً من السفر بالريح كالمقلعين فلا يجوز، لأنه ربما أدى إلى قطع مسافة اليومين في نصف يوم فيؤدي إلى السلم الحال ولا بد من تعجيل رأس المال وقت العقد، فمتى انخرم شرط من هذه الشروط فلا بد من ضرب الأجل.
(و) الشرط الرابع: (أن يكون) المسلم [1] فيه
ــ
قوله: [فأولى غليظهما]: وجه الأولوية اختلافهما بالمنفعة اختلافاً قوياً زيادة على اختلاف الجنسية.
قوله: [لكن قال كثير من المتأخرين] إلخ: قال اللخمي في التبصرة: العبيد عند مالك جنس واحد وإن اختلفت قبائلهم، فالبربري والفوري والصقلي وغيرهم سواء لا يسلم أحدهم في الآخر، إلا أن الصنعة تنقلهم وتصيرهم أجناساً إذا كانا تاجرين مختلفي التجارة كبزار وعطار، أو صانعين مختلفي الصنعة كخباز وخياط، فيسلم الصانع في التاجر لا أحدهما في واحد يراد لمجرد الخدمة، ويسلم أحدهما في عدد يراد منه الخدمة.
قوله: [وهو ظاهر]: أي جواز سلم الأنثى في الذكر وعكسه.
قوله: [فلا تسلم دجاجة بيوض في غيرها]: أي في اثنين غير بيوض لعدم الاختلاف في المنفعة، وأما في واحدة غير بيوض فجائز لأنه قرض.
قوله: [أن يؤجل المسلم فيه]: إنما اشترط الأجل لأجل السلامة من بيع ما ليس عند الإنسان المنهي عنه، بخلاف ما إذا ضرب الأجل فإن الغالب تحصيل المسلم فيه في ذلك الأجل فلم يكن من بيع الإنسان ما ليس عنده، إذ كأنه إنما باع ما هو عنده عند الأجل. واشترط في الأجل: أن يكون معلوماً ليعلم منه الوقت الذي يقع فيه قضاء المسلم فيه. والأجل المجهول لا يفيد للغرر، وإنما حد أقل الأجل بخمسة عشر يوماً لأنها مظنة اختلاف الأسواق غالباً واختلافها مظنة لحصول المسلم فيه فكأنه عنده.
قوله: [كالمنصوصة]: أي فمن لهم عادة بوقت القبض لا يحتاجون لتعين الأجل، وذلك كأرباب المزارع وأرباب الألبان وأرباب الثمار، فإن عادة الأول القبض عند حصاد الزرع وعادة من بعدهم الوفاء بدفع ما عليهم زمن الربيع وزمن جذ الثمار.
قوله: [والصيف والشتاء]: أي ولو لم يعرفا للمتعاقدين إلا بشدة الحر أو البرد لا بالحساب.
قوله: [واعتبر من ذلك المعظم]: أي الوقت الذي يحصل فيه غالبه وهو وسط الوقت لذلك.
قوله: [ولو لم يقع]: أي هذا إذا وجدت الأفعال أعني الحصاد والدراس في العقد أو لم توجد فيها.
قوله: [واعتبر الأشهر بالأهلة]: أي وكذلك الشهر والشهران فتجعل "أل" في الأشهر للجنس.
قوله: [حل الأجل بأوله]: أي بأول جزء منه أي بآخر أول جزء منه أي بآخر الليلة الأولى، وعلى هذا اقتصر المواق، وقيل: المراد بأوله: رؤية هلاله. وثمرة الخلاف تظهر إذا طالب المسلم المسلم إليه وقت رؤية الهلال وامتنع المسلم إليه من الدفع وقال: لا أدفع إلا بعد مضي الليلة الأولى، فإن المسلم إليه يجبر على الدفع على القول الثاني لا على الأول.
قوله: [على الأصح]: أي وهو الذي رجحه ابن رشد في نوازل أصبغ من كتاب النذور، ورجحه أيضاً ابن سهل وعزاه لمالك في المبسوط والعتبية قائلاً: يكون حلول الأجل في وسط الشهر إذا قال في شهر كذا، وفي وسط السنة إذا قال في سنة كذا.
قوله: [من هذه الشروط]: أي الخمسة وهي أن يكون البلد الثانية على مسافة يومين من بلد العقد وأن يشترط في العقد الخروج فوراً وإن لم يخرجا بالفعل إما بأنفسهما أو بوكيلهما، وأن يعجل رأس المال في المجلس أو قربه أو أن يكون السفر ببر أو بغير ريح.
والحاصل أن السلم لا بد أن يؤجل بأجل معلوم أقله نصف شهر، إلا إذا اشترط قبضه بمجرد الوصول لبلد غير بلد العقد فيصح بتلك الشروط الخمسة، ولا يشترط التأجيل بنصف شهر.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (السلم).
(في الذمة، لا في) شيء (معين) غائب أو حاضر لفساد بيع معين يتأخر قبضة.
(و) الشرط الخامس: (أن يضبط) المسلم فيه (بعادته) التي جرى بها العرف (من كيل) فيما يكال كالحب (أو وزن) فيما يوزن كالسمن والعسل (أو عدد) فيما يعد (كالرمان والبيض، وقيس) ما يعد من رمان ونحوه كبطيخ أي اعتبر عند العقد قياسه (بخيط) لاختلاف الأغراض بالكبر والصغر (أو بحمل) الأولى عطفه على: "بعادة" لأن الحمل بكسر الحاء المهملة وما بعده ليس له قدر معين في العادة، أي أو يضبط بحمل بأن يقاس حبل، ويقال: أسلمك فيما يملأ هذا الحبل (أو جرزة) بضم الجيم وسكون الراء: حزمة من القت والأغمار (في كقصيل): ما يقصل ويجذ نحو فول وبرسيم وكتان.
(لا) يصح الضبط (بفدان) أو قيراط لما فيه من الجهل (أو) يضبط (بالتحري) عند عدم آلة وزن لا عند وجودها (كنحو كذا): أي قدر عشرة أرطال أو قنطار على أحد التأويلين في معنى التحري (أو نحو هذا): أي أو يأتي بشيء كقدر من لحم أو خبز أو نحو ذلك ويقول: أسلمك في قدر زنة هذا، على التأويل الثاني في معناه، قال أبو الحسن عن عياض: ذهب ابن أبي زمنين وغير واحد إلى أن معنى التحري أن يقول: أسلمك في لحم أو خبز يكون قدر عشرة أرطال، وقال ابن زرب: إنما معناه أن يعرض عليه قدراً ويقول آخذ منك قدر هذا كل يوم ويشهد على المثال اهـ.
(وفسد) السلم (بمعيار مجهول): كزنة هذا الحجر أو ملء هذا الوعاء.
(و) الشرط السادس: (أن تبين الأوصاف) تبييناً شافياً
ــ
تنبيه: لو حصل عائق عن الخروج ورجي انكشافه انتظر وإلا خير المسلم إليه في البقاء والفسخ - قاله البدر القرافي. وأما لو ترك الخروج من غير عائق فسد العقد؛ فإن سافر ووصل قبل مضي اليومين فإن كان السفر ببر أو بغير ريح كان صحيحاً، ولكن لا يمكن من القبض حتى يمضي اليومان وإن كان السفر بريح كان فاسداً.
قوله: [في الذمة]: قال القرافي الذمة: معنى شرعي مقدر في المكلف قابل للالتزام واللزوم. ونظمه ابن عاصم بقوله:
والشرح للذمة وصف قاما
…
يقبل الالتزام والإلزاما
أي وصف قام بالنفس به صحة قبول الالتزام كـ: لك عندي دينار وأنا ضامن كذا، وقبول الإلزام كألزمتك دية فلان، كذا في الأصل.
قوله: [لفساد بيع معين يتأخر قبضه]: إنما كان فاسداً لأنه قد يهلك قبل قبضه فيتردد الثمن بين السلفية إن هلك والثمنية إن لم يهلك.
قوله: [أن يضبط المسلم فيه بعادته]: أي فلا يصح إذا لم يضبط كـ: خذ هذا الدينار سلماً على قمح مثلاً، من غير ضبط لقدره أو ضبط بغير ما يضبط به كخذ هذا الدينار سلماً على قنطار قمح أو إردب لحم أو إردب بيض أو قنطار بطيخ.
قوله: [أي اعتبر عند العقد قياسه بخيط]: أي ويوضع ذلك الخيط عند أمين حتى يتم الأجل؛ فإذا حضر الرمان مثلاً قيس كل رمانة بذلك الخيط.
قوله: [بأن يقاس حبل]: أي ويوضع تحت يد أمين كما تقدم في الخيط.
تنبيه: لو ضاع الخيط أو الحبل الذي اعتبر وتنازعا في قدره، فإن قرب العقد بأن لم يفت رأس المال تحالفا وتفاسخا. وإن فات فالقول قول المسلم إليه إن أشبه، فإن انفرد المسلم بالشبه كان القول قوله، فإن لم يشبه واحد حملا على الوسط في الخيط والحبل.
قوله: [لا يصح الضبط بفدان أو قيراط]: أي ولو اشترط كونه بصفة جودة أو رداءة لأنه يختلف ولا يحاط به فلا يكون السلم في القصيل والبقول إلا على الأحمال أو الحزم.
قوله: [عند عدم آلة وزن]: لا مفهوم له، بل مثله عدم آلة كيل كما في (بن) وغيره.
وحاصله: أنه إذا فقدت آلة الوزن - وكنا نعلم قدرها - واحتجنا للسلم في اللحم مثلاً يجوز أن يسلم الجزار في مائة قطعة مثلاً كل قطعة لو وزنت كانت رطلاً أو رطلين مثلاً، وكذلك إذا عدمت آلة الكيل وعلم قدرها واحتيج للسلم في الطعام فيقول المسلم للمسلم إليه: أسلمك ديناراً في قمح ملء زكيبتين مثلاً كل زكيبة لو كيلت كانت إردباً مثلاً آخذه منك في شهر كذا، هذا معنى ضبط السلم بالتحري على أحد التأويلين. والتأويل الثاني يقول: المراد أن تأتي للجزار بحجر أو بقطعة لحم مثلاً وتقول له: أسلمك في مائة قطعة من اللحم كل قطعة لو وزنت كانت قدر هذا الحجر أو قدر هذه القطعة. والغرض أنه لا يوزن اللحم بعد حضوره بهذا الحجر أصلاً بل إذا جاء الأجل أعطى المسلم إليه للمسلم مائة قطعة مماثلة لذلك الحجر تحرياً بدون أن توزن وإلا فسد. ومن ذلك لو أتى لصاحب القمح بقفة لا يعلم قدرها ويقول له: أسلمك ديناراً في قمح لو كيل بهذه القفة لكان ملأها مرة أو مرتين آخذه في يوم كذا، ولا يكال بها عند حضوره بل تتحرى المماثلة كملئها مرة أو مرتين وإلا فسد للجهل فالتأويل الأول لابن أبي زمنين، والثاني لابن زرب.
قوله: [وفسد السلم بمعيار مجهول]: أي إذا تعاقدا على كونه يكال به أو يوزن به بالفعل لا بالتحري فيجوز عند عدم الآلة كما تقدم.
(التي تختلف بها الأغراض) في المسلم فيه (عادة) في بلد السلم (من نوع) كقمح وشعير وفول ونحو ذلك (وصنف): كبربري ورومي وحبشي، وبخت وعراب، وضأن ومعز، وكتان وقطن وحرير وصوف (وجودة ورداءة وبينهما و) أن يبين (اللون في الآدمي والثوب والعسل) لاختلاف الأغراض فيه: كجارية بيضاء أو سوداء أو عبد كذلك، كثوب أبيض أو أسود أو أحمر بعد بيان صنفه، أو عسل كذلك.
(و) يبين (مكان الحوت): إن احتيج ككونه من بركة أو غدير أو بحر
(و) مكان (الثمر) ككونه من الطور أو من الشام أو من مصر وهكذا (وناحيتهما): إن احتيج لذلك كالجهة الشرقية أو الغربية أو الغيط الفلاني.
(و) يبين (القدر) في الجميع. (و) يبين (في الحيوان) مطلقاً عاقلاً أو غيره (السن) المستلزم لبيان الصغر والكبر (والذكورة والأنوثة والقدر) المستلزم للطول والقصر والتوسط بينهما.
(وفي البر): أي القمح (السمراء والمحمولة) إن اختلفت الأغراض بهما (والجدة والملء وضدهما): القدم والضمور. (وفي الثوب الرقة والطول والعرض وضدها): الثخن والقصر وقلة العرض.
(وفي الزيت: المعصر منه): كزيتون أو سلجم أو حب فجل أو كتان أو سمسم (وناحيته) كمغربي أو شامي.
(وفي اللحم): بعد بيان نوعه من بقر أو ضأن أو غيرهما (السن والسمن والذكورة وضدها): من هزال أو أنوثة (وكونه راعياً): أي الحيوان الذي منه ذلك اللحم (أو معلوفاً) حيث احتيج لذلك (أو) كونه (من جنب أو رقبة) ونحو ذلك إن اختلفت الأغراض.
(و) يبين في كل شيء أسلم فيه من لؤلؤ ومرجان أو زجاج (أو معدن) كحديد ورصاص وكحل (أو) شيء (مطبوخ) من لحم أو غيره، أو منسوج أو مصاغ من حلي، أو أواني أو غير ذلك (ما يحصره): أي يضبطه (ويميزه): أي يعينه في الذهن حتى تنتفي الجهالة به. ولو أسلمه في شيء وشرط الجودة أو الرداءة وأطلق صح.
(وحمل في الجيد) على الغالب منه في البلد.
(و) حمل في (الرديء على الغالب): أي الكثير منه في البلد (وإلا) يغلب شيء (فالوسط) من الجيد أو من الرديء يقضى به.
(و) الشرط السابع: (أن يوجد) المسلم فيه (عند حلوله غالباً) ولا يضر انقطاعه قبل حلول الأجل مع وجوده عنده.
ــ
تنبيه: يجوز السلم بقياس ذراع رجل معين كأسلمك ديناراً في ثوب طوله ثلاثون ذراعاً بذراع فلان وأراه إياه، فإن لم يعين الرجل ففي سماع أصبغ عن
ابن القاسم: يحملان على ذراع وسط. أصبغ وهذا مجرد استحسان. والقياس الفسخ.
فإن خيف غيبة الذراع المعين أخذ قدره وجعل بيد عدل إن اتفقا، وإلا أخذ كل منهما قياسه عنده. فإن مات أو غاب ولم يؤخذ قياسه وتنازعا في قدره جرى فيه ما تقدم في غيبة الخيط والحبل.
قوله: [التي تختلف بها الأغراض]: أي وإن لم تختلف فيها القيمة؛ فإنه لا يلزم من اختلاف الأغراض اختلاف القيم.
قوله: [وأن يبين اللون في الآدمي]: أي فاللون وغيره إنما يحتاج لبيانه إذا كانت الأغراض تختلف باختلافه كالثياب والعسل وبعض الحيوان كالآدمي والخيل.
قوله: [كالجهة الشرقية]: أي ككون التمر مدنياً أو ألواحياً أو برلسياً.
قوله: [السمراء]: وهي الحمراء. والمحمولة هي البيضاء.
قوله: [إن اختلفت الأغراض بهما]: أي في ذلك البلد وإلا فلا يجب البيان. واعترض على المصنف بأنه: إن أريد بالسمراء والمحمولة: مطلق سمراء ومحمولة، كان ذكر النوع مغنياً عنهما، لأنهما نوعان من البر. وإن أريد بهما سمراء على وجه خاص أي شديدة الحمرة ومحمولة على وجه خاص أي شديدة البياض، كانت الجودة والرداءة مغنية عنهما لأنهما داخلان في الجودة والرداءة. فتحصل أن ذكر النوع والجودة والرداءة مغن عن ذكر السمراء والمحمولة - هكذا بحث بعضهم تأمله.
قوله: [المعصر منه]: اعترض بأن المسموع في فعله عصر ثلاثياً، فكان حقه أن يقول المعصور منه - كذا بحث ابن غازي في كلام خليل. وأجاب بعضهم بورود أعصر الرباعي في قوله تعالى:{وأنزلنا من المعصرات} [النبأ: 14] قيل: هي الريح لأنها تعصر السحاب.
قوله: [من لؤلؤ]: واحده لؤلؤة ويجمع على لآلئ وفيه أربع لغات: لؤلؤ بهمزتين وبغير همزة وبضم أوله دون ثانيه وبالعكس.
قوله: [أو زجاج]: مثلث الزاي واحده زجاجة.
قوله: [أو شيء مطبوخ]: أي فلا يشترط في المسلم فيه أن يكون ذاتاً قائمة بعينها لا تفسد بالتأخير، بل يجوز أن يكون مستهلكاً لا بقاء له لفساده التأخير كالمطبوخ سواء كان لحماً أو غيره، ومثاله: أن يقول: خذ هذا الدينار سلماً على خروف محمر وآخذه منك في يوم كذا. ولا فرق بين المطبوخ بالفعل حين العقد - كالخرفان المسبكة والمربات التي لا تفسد بالتأخير - أو كان يطبخ عن الأجل.
قوله: [أي الكثير]: كما فسر ابن فرحون معنى الغالب. وقيل: معنى الغالب أي في إطلاق لفظ الجيد عليه كما فسر به الباجي.
قوله: [أن يوجد المسلم فيه عند حلوله غالباً]: أي بأن يكون مقدوراً على تسليمه وقت حلول الأجل لئلا يكون الثمن تارة سلفاً وتارة ثمناً.
قوله: [ولا يضر انقطاعه قبل حلول الأجل]: أي فلا يشترط وجوده في جميع
ثم بين بعض محترزات بعض الشروط بقوله:
(فلا يصح) السلم (فيما لا يمكن وصفه: كتراب معدن) لما علمت أنه يشترط بيان وصفه التي تختلف بها الأغراض فما لا يمكن وصفه مجهولة حقيقته (ولا) يصح سلم في (جزاف) لما علمت أنه يشترط أن يكون في الذمة وشرط صحة بيع الجزاف رؤيته وبرؤيته كان معيناً.
(و) لا يصح سلم في (أرض ودار) وحانوت وخان وحمام؛ لأنها ببيان محلها ووصفها صارت معينة لا في الذمة.
(و) لا يصح في (نادر الوجود): لعدم وجوده في الغالب عند الأجل فيلزم عليه بيع ما ليس عندك [1] وما لا قدرة لك على تسليمه.
(وإن انقطع ما) أي مسلم فيه (له إبان): أي وقت معين يظهر فيه كبعض الأثمار (خير المشتري في الفسخ) وأخذ رأس ماله.
(و) في (البقاء) لقابل، حتى يظهر المسلم فيه في وقته (إن لم يأت القابل) وظهر المسلم فيه، فإن أتى (فلا فسخ) وتعين أخذ المسلم فيه. ومحل التخيير: إذا لم يكن التأخير حتى انقطع بسبب المشتري، وإلا وجب الإبقاء لقابل لأنه قد ظلم البائع حيث فرط في أخذ حقه، فتخييره زيادة ظلم له، ذكره ابن عبد السلام.
(وإن قبض) المشتري (البعض) من المسلم فيه وانقطع (وجب) عليه (التأخير) لقابل ولا تخيير له (إلا أن يرضيا): أي المشتري والبائع (بالمحاسبة) فإن كان المشتري قبض النصف مثلاً رد البائع له نصف رأس السلم فيجوز، سواء كان رأس المال مقوماً أو مثلياً كما صرح به الشيخ فعلم أن محل تخيير المشتري مقيد بقيود ثلاثة: أن لا يصبر حتى يأتي العام القابل، وأن لا يقبض البعض، وأن لا يكون التأخير حتى انقطع بسببه.
(وجاز قبل) حلول (الأجل قبوله): أي المسلم فيه (بصفته) التي وقع العقد (فقط): لا أزيد ولا أنقص لما فيه من: حط الضمان وأزيدك، أو: ضع وتعجل (كقبل المحل) الذي شرط القبض فيه، أو مكان العقد إذا لم يشترط مكان غيره فيجوز قبوله في غير ذلك المكان (إن حل) الأجل، لا إن لم يحل، عرضاً أو طعاماً، هذا مذهب ابن القاسم وقال سحنون: يجوز مطلقاً حل أم لا فيهما، فتفصيل الشيخ لم يوافق واحداً منهما
ــ
الأجل، بل الشرط وجوده أي القدرة على تحصيله عند حلول الأجل، ولو انقطع في أثناء الأجل، بل ولو انقطع في الأجل بتمامه ما عدا وقت القبض، خلافاً لأبي حنيفة المشترط وجوده في جميع الأجل.
قوله: [ثم بين بعض محترزات بعض الشروط]: هكذا نسخة المؤلف بذكر "بعض" أولاً وثانياً، ومعناها: أنه لم يستوف محترزات البعض الذي تعرض له من تلك الشروط.
قوله: [كتراب معدن]: هذا وما بعده أمثلة لما يصح فيه المسلم وإن صح فيه أصل البيع لاختصاص السلم بزيادة تلك الشروط فلا يلزم من عدم صحة السلم فيه عدم البيع من أصله.
قوله: [بيان وصفه]: المناسب صفته لأجل ما بعده.
قوله: [أي مسلم فيه له إبان]: أي من السلم الحقيقي بأن كان غير محصور في قرية أو في قرية مأمونة. وأما إن انقطع ثمر الحائط المعين الذي أسلم في كيل معلوم منه أو ثمر القرية غير المأمونة الذي أسلم في كيل معلوم منها، فإنه يرجع المسلم بحصة ما بقي له من السلم عاجلاً اتفاقاً، ولا يجوز التأخير لأنه فسخ دين في دين، وله أخذ بدله ولو طعاماً. وهل يرجع على حسب القيمة؟ فينظر لقيمة كل مما قبض ومما لم يقبض في وقته ويفض الثمن على ذلك، فإذا أسلم مائة دينار في مائة وسق من ثمر الحائط المعين ثم قبض من ذلك خمسين وسقاً وانقطع، فإذا كان قيمة المأخوذ مائة وقيمة الباقي خمسين فنسبة الباقي للمأخوذ الثلث فيرجع بثلث الثمن - قل أو كثر - وعليه الأكثر؟ أو يرجع على حسب المكيلية؟ فيرجع بنسبة ما بقي منها من غير تقويم فيرجع بنصف الثمن في المثال؟ تأويلان.
تنبيه: حيث تقرر أن المسلم فيه لا بد أن يكون ديناً في الذمة، وثمر الحائط المعين ليس في الذمة، فلا يتعلق به العقد على وجه السلم الحقيقي. والعقد المتعلق به، إنما هو بيع حقيقة فيجري على حكمه، غير أنه تارة يقع العقد على تسميته سلماً وتارة يقع عليه مجرداً عن التسمية المذكورة، ولكل منهما شروط يتفقان في معظمها. وهذه إحدى المواضع التي فرقوا فيها بين الألفاظ، فيشترط في شراء ثمر الحائط - إن سمي سلماً - إزهاؤه وسعة الحائط وكيفية قبضه متوالياً أو متفرقاً، وكون عقد السلم مع المالك له وشروع المسلم في الأخذ ويغتفر تأخير الشروع لنصف شهر وأخذه بسراً أو رطباً لا تمراً فلا يجوز. وإن سمي بيعاً: اشترط فيه تلك الشروط ما عدا كيفية قبضه - هذا ملخص ما في الأصل.
قوله: [سواء كان رأس المال مقوماً أو مثلياً]: أي خلافاً لسحنون فإنه يمنع المحاسبة في المقوم لعدم الأمن من الخطأ في التقويم.
قوله: [وجاز قبل حلول الأجل] إلخ: هذا شروع في حكم اقتضاء السلم حقه ممن هو عليه فهذا الأمر جائز بلا جبر حيث قضاه قبل الأجل أو المحل لأن الأجل في المسلم حق لكل منهما ما لم يكن المسلم فيه نقداً، وإلا أجبر المسلم على قبوله قبل الأجل إن طلبه المسلم إليه لأن الأجل حق لمن عليه الدين وأما في القرض فيجبر المقرض على قبوله قبل أجله كان القرض عيناً أو غيره.
قوله: [لما فيه من: حط الضمان وأزيدك]: راجع لقوله "لا أزيد"
وقوله: [أو ضع وتعجل]: راجع
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (عنده).
وظاهر بحث بعضهم المنع مطلقاً.
(ولم يدفع) البائع للمشتري (كراء) لحمله لمحل القبض لما في دفعه من الزيادة ففيه: حط الضمان وأزيدك الكراء.
(ولزم) المشتري القبول كما يلزم البائع الدفع (بعدهما): أي بعد الأجل والمحل.
(وجاز) بعدهما (أجود) مما في الذمة دفعاً وقبولاً لأنه حسن قضاء (وأدنى) صفة كذلك، لأنه حسن اقتضاء وهو من باب المعروف.
(لا أقل) كيلاً أو وزناً أو عدداً طعاماً كان أو نقداً (إلا أن) يقبل الأقل و (يبرئه من الزائد) فيجوز لأنه معروف لا مكايسة. وأما العروض كالثياب فيجوز قبول الأقل مطلقاً، أبرأه أم لا، وكذا المثلي إذا لم يكن طعاماً ولا نقداً كالحديد والنحاس.
(و) جاز القضاء (بغير جنسه): أي المسلم فيه (وإن قبل الأجل) بشروط ثلاثة أفادها بقوله (إن عجل) المدفوع من غير جنسه، وإلا لزم فسخ الدين في الدين (وكان المسلم فيه غير طعام) ليسلما من بيع الطعام قبل قبضه.
(وصح سلم رأس المال فيه): أي في المدفوع من غير الجنس، كما لو أسلمه ثوباً في عبد فقضى عنه بعيراً، فإنه يصح سلم الثوب في البعير.
ثم ذكر محترز الشرط الأخير بقوله: (لا) يصح قضاء (بذهب) عن عبد مثلاً (ورأس المال) عن المسلم فيه كالعبد (ورق وعكسه): أي بورق ورأس المال ذهب، لأنه يؤول إلى سلم ذهب في فضة وعكسه وهو صرف مؤخر.
(ولا) يصح القضاء (بطعام) يدفعه عن ثوب مسلم فيه (ورأس المال) فيه (طعام) وإلا لزم طعام بطعام نسيئة، ومتى كان المسلم فيه طعاماً فلا يجوز قضاء غيره عنه طعاماً كان أو غيره لما فيه من بيع الطعام قبل قبضه.
ولظهور هذا تركناه لفهمه من الشرط الثاني بسهولة، ولا حاجة إلى ذكر الشرط الذي ذكره الشيخ بقوله:"وبيعه بالمسلم فيه مناجزة"، ولا محترزه بقوله:"لا لحم بحيوان" لأن الكلام في قضاء المسلم فيه بغير جنسه. وإذا قضينا عن حيوان لحماً من غير جنسه جاز كعكسه ولو كان من جنسه خرجنا عن الموضوع.
(ولا يلزم) المسلم إليه (دفعه): أي المسلم فيه للمسلم
ــ
لقوله أو انقص.
قوله: [وظاهر بحث بعضه المنع مطلقاً]: اعلم أن في العرض والطعام قولين: أحدهما لابن القاسم وأصبغ الجواز بشرط الحلول فيهما، والثاني لسحنون: الجواز قبل محله وإن لم يحصل فيهما - ابن عرفة: وهذا أحسن والأول أقيس. هذا حاصل ما رأيته، وانظر من قال بالمنع وإنما اشترط الحلول، لأن من عجل ما في الذمة عد مسلفاً وقد ازداد الانتفاع بإسقاط الضمان عن نفسه إلى الأجل وهو سلف جر نفعاً. وفيه أيضاً إذا كان طعاماً بيع الطعام قبل قبضه، لأن ما عجله عوض عن الطعام الذي لم يجب عليه الآن وإنما يجب عليه إذا حل.
قوله: [لما في دفعه من الزيادة]: أي لأن البلدان بمنزلة الآجال.
قوله: [أي بعد الأجل والمحل]: المراد ببعدية الأجل: انقضاؤه، وببعدية المحل وصوله. ومحل لزوم قبول المسلم للمسلم فيه: بعدهما إذا أتاه بجميعه، فإن أتاه ببعضه لم يلزمه قبوله حيث كان المدين موسراً. وأما القرض ففي ابن عرفة ما نصه: وفي جبر رب دين حال على قبض بعضه وقبول امتناعه حتى يقبض جميعه والمدين موسر - نقلا ابن رشد ورواية محمد مع ابن أبي زيد عن ابن القاسم، ولعل الفرق أن القرض بابه المعروف والمسامحة - كذا في حاشية الأصل. وحيث قلنا بوجوب القبول بعدهما فإن لم يجد المسلم من يدفع له دفع للوكيل فإن لم يجد وكيلاً دفع للقاضي لأنه وكيل الغائب.
قوله: [ويبرئه من الزائد]: ظاهر المواق أنه إذا كان الأقل من الطعام بالصفة جاز أبرأه من الزائد أم لا. والتفصيل إذا قضاه بغير الصفة وهو المعتمد كما أفاده وكذا في الحاشية.
تنبيه: لا يجوز في السلم قضاء دقيق عن قمح ولا عكسه بناء على أن الطحن ناقل -وإن كان ضعيفاً- فصارا كالجنسين ففي أخذ أحدهما عن الآخر بيع الطعام قبل قبضه، فهذا القول مشهور مبني على ضعيف.
قوله: [وجاز القضاء بغير جنسه]: لما أنهى الكلام على قضاء السلم بجنسه شرع في بيان قضائه بغير جنسه.
قوله: [بشروط ثلاثة]: اعلم أن الشروط الثلاثة التي ذكرها المصنف معتبرة، سواء قضى قبل الأجل أو بعده كما في (بن).
قوله: [ثم ذكر محترز الشرط الأخير]: أي وقد مثل له بمثالين الأول قوله لا بذهب إلخ، والثاني قوله: ولا بطعام إلخ.
قوله: [ومتى كان المسلم فيه طعاماً] إلخ: شروع في محترز الشرط الثاني.
وقوله: [ولظهور هذا تركناه]: اسم الإشارة يعود على محترز الشرط الثاني.
قوله: [ولا حاجة إلى ذكر الشرط الذي ذكره الشيخ] إلخ: حاصله أن خليلاً صرح بشرط آخر بقوله وبيعه بالمسلم فيه مناجزة وذكر في محترزة قضاء اللحم بالحيوان، وعكسه واستشكله شراحه بأن الكلام في القضاء بغير الجنس وبيع اللحم بالحيوان من غير جنسه جائز، فلا يصح أن يكون محترزاً لهذا الشرط.
وأجابوا: بأنه ليس المراد بالجنس ما تقدم في الربويات وإنما المراد به ما يجوز سلمه في غيره كبقر في غنم. ومع ذلك فقد يتوهم جواز أخذ لحم أحدهما عن نفس الآخر
(ولا) يلزم المسلم (قبوله) لو دفعه له المسلم إليه (بغير محله): أي في غير المحل الذي اشترط التسليم فيه أو محل العقد إذا لم يشترطا محلاً (ولو خف حمله) كجوهر وثوب لطيف، إلا أن يرضيا بذلك فيجوز إن حل الأجل كما تقدم.
(وجاز شراء من) بائع (دائم العمل كخباز) ولحام تشترى منه (جملة) كقنطار (مفرقة على أوقات): ككل يوم رطل حتى تفرغ الجملة المعينة بدينار مثلاً (أو) تشترى منه (كل يوم قسطاً معيناً) كرطل (بكذا) بدرهم مثلاً، فقوله:"بكذا" راجع للمسألتين، لكن رجوعه للأولى على أنه ثمن المجموع كالقنطار، وللثانية على أنه ثمن القسط المعين كالرطل في كل يوم مثلاً.
(وهو بيع): أي من باب البيع لا السلم فلا يشترط تعجيل رأس المال ولا تأجيل المثمن، لأن البائع لما نصب نفسه للعمل أشبه ما باعه الشيء المعين، فإن مات انفسخ في الصورة الثانية. ويشترط الشروع في الأخذ فيما دون نصف شهر.
(وإن لم يدم) عمله (فسلم) يشترط فيه شروطه كقنطار من خبز من كذا صفته كذا بأخذه بعد نصف شهر بكذا ويعجل فيه رأس المال على ما تقدم.
ثم شبه في السلم قوله: (كاستصناع سيف) أو ركاب من حداد (أو سرج) من سروجي أو ثوب من حياك أو باب من نجار على صفة معلومة بثمن معلوم، فيجوز وهو سلم تشترط فيه شروطه كان البائع دائم العمل أم لا.
(إن لم يعين العامل أو المعمول منه): فإن عينه فسد نحو: أنت الذي تصطنعه بنفسك أو يصنعه زيد بنفسه، أو تصنعه من هذا الحديد بعينه، أو من هذا الغزل أو من هذا الخشب بعينه، لأنه حينئذ صار معيناً لا في الذمة وشرط صحة السلم كون المسلم فيه ديناً في الذمة.
ــ
لاختلاف الجنس هنا، فبين المنع للنهي الخاص عن بيع اللحم بالحيوان، وشارحنا هنا لم يلتفت إلى هذا الجواب وسلم الإشكال ووافقه في المجموع فتأمل.
قوله: [ولا يلزم المسلم قبوله]: أي سواء حل الأجل أو لم يحل.
قوله: [فيجوز إن حل الأجل]: ولا فرق بين العرض والطعام على المعتمد كما مر. ومحل عدم لزوم القبول: إن لم يكن عيناً، وأما هي: فالقول قول من طلب القضاء منهما حيث حل الأجل ولو في غير محل القضاء، فيلزم ربه القبول إذا دفعه له من هو عليه ويلزم من هو عليه دفعه إذا طلبه ربه ولو في غير محل القضاء. وأما إن لم يحل الأجل فالحق لمن عليه العين في المكان والزمان. فإذا طلب المدين تعجيل العين قبل انقضاء الأجل أو طلب دفعها في غير محل القضاء، فإنه يجبر ربها على قبولها، كانت العين من بيع أو قرض، إلا أن يتفق حصول خوف قبل الزمان أو المكان فلا يجبر من هي له على قبولها إلا بعد الزمان أو المكان المشترط ربها قبضها فيه. فلو جبره على قبولها وتلفت منه ضاعت على الدافع، ولا فرق بين عين المبيع والقرض على المعتمد.
قوله: [من بائع دائم العمل]: أي حقيقة وهو من لا يفتر عنه غالباً أو حكماً، بأن كان من أهل حرفة ذلك الشيء المشترى منه بحيث يتيسر له تحصيله في أي وقت.
قوله: [قسطاً معيناً]: بالفتح أي قدراً.
قوله: [على أنه ثمن المجموع]: أي فالدينار في المسألة الأولى ثمن القنطار مفرقاً على شهر مثلاً والثانية على أن الدرهم ثمن للرطل الذي يأخذه كل يوم.
قوله: [وهو بيع]: صرح به مع قوله: "وجاز الشراء من بائع" إلخ، لأن الشراء يطلق على السلم ووجه كونه بيعاً لا سلماً أنهم نزلوا دوام العمل منزلة تعين المبيع كما أفاده الشارح والمسلم فيه لا يكون معيناً بل في الذمة.
قوله: [انفسخ في الصورة الثانية]: إنما فسخ فيها لكونها غير محدودة بوقت تنتهي إليه، ولذلك يجوز لأحدهما الفسخ في أي وقت، بخلاف الصورة الأولى؛ وهي ما إذا اشترى جملة يأخذها مفرقة فلا تنفسخ في حياته ولا في موته.
قوله: [ويشترط الشروع في الأخذ]: كلام مستأنف: أي إنه يشترط الشروع في أخذ الشيء المشترى في المسألتين ولا يغتفر التأخير لنصف شهر.
قوله: [يشترط فيه شروطه]: أي وحينئذ فلا يعين العامل ولا المعمول منه ويكون ديناً في الذمة.
قوله: [كاستصناع سيف]: أي كما أن استصناع السيف والسرج سلم سواء كان الصانع المعقود معه دائم العمل أم لا كأن يقول لإنسان: اصنع لي سيفاً أو سرجاً أو باباً صفته كذا بدينار، فلا بد من تعجيل رأس المال وضرب الأجل وأن لا يعين العامل ولا المعمول منه إلى آخر شروط السلم.
قوله: [فإن عينه فسد]: قال في المدونة: فإن شرط عمل رجل بعينه لم يجز وإن نقده لأنه لا يدري أيسلم ذلك الرجل أم لا فذلك غرر. اهـ. وعلى هذا درج ابن رشد. وفي المدونة في موضع آخر ما يقتضي الجواز إذا عين العامل فقط لقولهم: من استأجر من يبني له داراً على أن الجص والآجر من عند الأجير جاز، وهو قول ابن بشير. وحيث قلتم بفساده بتعيين العامل أو المعمول فمن باب أولى تعيينهما معاً، وعلة الفساد في تعيين العامل دوران الثمن بين السلفية والثمنية، وفي تعيين المعمول أن السلم لا يكون