الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فوقف) ولا شيء فيه لوارثه، وإن بين أنه ملك فهو لوارثه فيؤمر بنقضه أو بأخذ قيمته منقوضاً بعد إسقاط كلفة لم يتولها كالأجنبي. وهذا إذا كان الوقف لا يحتاج لما بناه، وإلا كان وقفاً ووفي له ما صرفه من غلته؛ كالناظر إذا بنى أو أصلح، فإن لم يكن له غلة فلا شيء له.
(باب)
في الهبة
والصدقة وأحكامهما [1]
والهبة من التبرعات المندوبة كالصدقة لما فيها من المحبة وتأليف القلوب، وهذا إن صح القصد. (الهبة): بالمعنى المصدري: وهو فعل العبد (تمليك من له التبرع) من إضافة المصدر لفاعله (ذاتاً) خرج تمليك المنفعة كالإجارة والإعارة والوقف والعمرى وإخدام الرقيق (تنقل شرعاً) خرج به ما لا يقبله شرعاً كأم الولد والمكاتب (بلا عوض) خرج به البيع ومنه هبة الثواب (لأهل) أي مستحق، خرج الحربي ونحو المصحف والعبد المسلم لذمي (بصيغة) صريحة (أو ما يدل) على التمليك، وإن معاطاة، إن كان لذات المعطي فقط. (و) التمليك، (لثواب الآخرة) ولو مع قصد المعطي أيضاً (صدقة) فعلم أن في الكلام تقديراً قبل قوله:"ولثواب الآخرة" دل عليه العطف وخرج بقوله: "من له التبرع" الصبي، والمجنون، والرقيق، والسفيه ومن أحاط الدين بماله، والسكران، وكذا المريض، والزوجة فيما زاد على ثلثهما إلا أن هبتهما فيما زاد على الثلث صحيحة موقوفة على الوارث والزوج، فكذا من أحاط الدين بماله، فإنها موقوفة على رب الدين بخلاف المجنون والسفيه والصغير فباطلة كالمرتد.
ــ
أو الأحداث فإن من زال وصفه بعد سكناه يخرج لأنه علق بوصف وقد زال فيزول الاستحقاق بزواله. وهذا ما يفيده كلام ابن رشد الآتي.
قوله: [فوقف]: استشكل ذلك بأنه لم يحز عن واقفه قبل حصول المانع، ويجاب بتبعيته لما بنى فيه فأعطي حكمه فهو محوز بحوز الأصل. والحاصل: أن الباني في الوقف إما محبس عليه أو أجنبي، وفي كل إما أن يبين قبل موته أن ما بناه ملك أو وقف أو لم يبين شيئاً، فإن بين قبل موته أنه وقف كان وقفاً وإن بين أنه ملك كان له أو لوارثه كما قال الشارح، وإن له لم يبين كان وقفاً إن كان ذلك الباني محبساً عليه وله أو لوارثه إن كان أجنبياً. فالخلاف بين المحبس عليه والأجنبي عند عدم البيان فقط.
قوله: [فيؤمر بنقضه]: بفتح النون أو هدمه وأخذ أنقاضه.
قوله: [ووفي له ما صرفه]: أي جميع ما صرفه.
قوله: [فلا شيء له]: أي ويعد متبرعاً.
باب في الهبة
المناسبة بينها وبين الوقف ظاهرة وهي المعروف والخير ونفي العوضية، وأما هبة الثواب فكالبيع ولذا ذكرها آخر الباب كالتبع، وهي في اللغة مصدر. قال أهل اللغة: يقال وهبت له وهباً بإسكان الهاء وفتحها وهبة. والاسم الموهب بفتح الميم وسكون الواو وكسر الهاء، والموهبة والاتهاب قبول الهبة، والاستيهاب سؤال الهبة وتواهب القوم إذا وهب بعضهم لبعض، ووهبته كذا لغة قليلة والكثير تعديته باللام ورجل وهاب ووهابة، أي كثير الهبة لأمواله.
قوله: [المندوبة] إلخ: أي كما نص عليه اللخمي وابن رشد، وحكى ابن راشد عليه الإجماع. قال (بن) وقد قيل لا ثواب فيها ومن لازم المندوب أنه يثاب عليه، والظاهر أن المهدي إذا قصد الرياء والمدح فلا ثواب له، وإن قصد التودد للمعطي غافلاً عن حديث:«تهادوا تحابوا» . فكذلك وإن استحضر ذلك فإنه يثاب قاله بعض الشيوخ اهـ ويؤيد ذلك قول الشارح، وهذا إن صح القصد لأن معنى صحة القصد مطابقته للوجه الشرعي.
قوله: [بالمعنى المصدري]: إنما قال ذلك لأجل الإخبار عنه بقوله " تمليك " إذ هو فعل وهو صفة المملك الذي هو الواهب ليحترز بذلك من الهبة بمعنى الشيء الموهوب، إذ لا يصح الإخبار عنه بتمليك ويصح أن يراد هنا المعنى الاسمي، ويقدر مضاف في الخبر فيقال الهبة ذات تمليك فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه.
قوله: [من له التبرع]: أي من له أن يتبرع بالذات الموهوبة في غير هبة، وإنما قدرنا ذلك لئلا يلزم شرط الشيء في نفسه كأنه قال ممن له التبرع بالهبة وقفاً أو صدقة أي أن من له ذلك فله أن يهب تلك الذات ومن لا فلا.
قوله: [كالإجارة] إلخ: أي وكالنكاح والطلاق والوكالة. فإنه ليس في شيء من ذلك تمليك ذات.
قوله: [كأم الولد والمكاتب]: أي فلا يصح تمليك ذاتهما للغير.
قوله: [خرج الحربي]: أي فلا تصح له الهبة بأي شيء من الأموال ما دام حربياً لأنه لا يجوز نفعه ولا التودد معه.
قوله: [لذمي]: قيد في المصحف والعبد المسلم، وأما هبة غير المصحف والعبد المسلم لذمي فجائزة. والمراد بالذمي ما عدا الحربي.
قوله: [بصيغة] إلخ: متعلق بتمليك والباء بمعنى مع أي تمليك مصاحب لصيغة.
قوله: [فعلم أن في الكلام تقديراً]: أي وهو قوله إن كان لذات المعطى، فقط.
قوله: [دل عليه العطف]: أي لأن العاطف لا بد له من شيء يعطف عليه ولم يوجد في الكلام صريحاً.
قوله: [بخلاف المجنون والسفيه] إلخ
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (وأحكامها).
وعلم من تعريف الهبة كالصدقة أن أركانها أربعة: واهب، وموهوب، وموهوب له، وصيغة، وأن شرط الأول: أن يكون أهلاً للتبرع وأن شرط الثاني: أن يكون مملوكاً للواهب وأن شرط الثالث: أن يكون أهلاً لأن يملك ما وهب له، وقد تقدمت الإشارة لذلك فمتى وجدت الشروط صحت الهبة.
(وإن كانت مجهولة) جنساً أو قدراً حيث حصل القبول كوهبتك ما في يدي أو بيتي أو هذه الدنانير (أو كلباً) لصيد أو حراسة وإن كان لا يصح بيعه (وآبقاً وديناً) فتصح هبته لمن هو عليه ولغيره.
(وهو) أي الدين، أي: هبته (إبراء إن وهب لمن هو عليه) فلا بد من القبول لأن الإبراء يحتاج للقبول (وإلا) يهبه لمن هو عليه بل لغيره (فَكَرَهْنِهِ) أي فهو كرهن الدين يتعين فيه الإشهاد، وكذا دفع الوثيقة للموهوب له وقيل: دفع الوثيقة شرط كمال لا صحة، كالجمع بين من عليه الدين وبين الموهوب له وإنما شرط فيه ذلك ليكون كالحوز.
(وبطلت) الهبة (بمانع) أي بحصوله (قبل الحوز) أي قبل حوزها من واهبها وإن بغير إذنه وبين المانع بقوله (من إحاطة دين) بالواهب (أو جنون) له (أو مرض اتصلا) أي كل من الجنون والمرض (بموته) أي الواهب
ــ
إنما كانت باطلة في المجنون والسفيه والصغير؛ لأن الشأن في فعلهم عدم المصلحة بخلاف المريض والزوجة والغريم،
فإن الحجر لحق غيرهم لا لعدم المصلحة، وأما بطلانها في المرتد فلزوال ملكه حال الردة.
قوله: [كالصدقة]: أي كما علم من تعريف الصدقة لأن التعريف جامع لهما، وإنما التغاير بقصد ثواب الآخرة وقصد وجه المعطى.
قوله: [واهب] إلخ: أي ويقال في الصدقة متصدق ومتصدق به ومتصدق عليه وصيغة.
قوله: [وأن شرط الأول]: أي وهو الواهب والمتصدق.
قوله: [أن يكون مملوكاً للواهب]: أي أو للمتصدق. فهبة الفضولي أو صدقته باطلة. بخلاف بيعه فإنه صحيح وإن كان غير لازم فيجوز للمشتري التصرف في المبيع قبل إمضاء المالك البيع؛ لأن صحة العقد ترتب أثره عليه من جواز التصرف في المعقود عليه، والفرق بين بيع الفضولي وهبته أن بيعه في نظير عوض يعود على المالك. بخلاف هبته وصدقته وكل ما ليس فيه معاوضة كعتقه ووقفه فلا تصح هذه الأشياء ولو أجازها المالك كما تقدم في باب الوقف.
قوله: [وقد تقدمت الإشارة لذلك]: أي في شرح قوله "لأهل".
قوله: [وإن كانت مجهولة]: دخل فيه المكاتب بتقدير عجزه وهبة ملك غيره بتقدير ملكه.
قوله: [أو كلباً لصيد]: أي وأما الكلب الغير المأذون في اتخاذه فلا تصح هبته ولا بيعه لكونه غير مملوك شرعاً.
قوله: [وآبقاً]: أي فتصح هبته وإن لم يصح بيعه.
قوله: [فلا بد من القبول]: أي بناء على أنه نقل للملك. وحاصله: أنه اختلف في الإبراء، فقيل إنه نقل للملك فيكون من قبيل الهبة، وهو الراجح، وقيل إنه إسقاط للحق. فعلى الأول يحتاج لقبول، وعلى الثاني فلا يحتاج له كالطلاق والعتق فإنهما من قبيل الإسقاط فلا تحتاج المرأة لقبول فض العصمة ولا العبد لقبول الحرية. واعلم أن ظاهر المذهب جواز تأخير القبول عن الإيجاب كما قال القرافي وهو صريح نقل ابن عرفة ونصه ابن عتاب: ومن سكت عن قبول صدقته زماناً فله قبولها بعد ذلك، فإن طلب غلتها حلف ما سكت تاركاً لها وأخذ الغلة.
قوله: [أي فهو كرهن الدين] إلخ: صورة رهن الدين أن يشتري سلعة من زيد بعشرة لأجل ويرهن المشتري عليها دينه الذي على خالد فيجوز إن أشهد على الرهنية وجمع بين البائع ومن عليه الدين ودفع للبائع ذكر الدين، وأعلم أنه إذا وهبه الدين وقام بذلك الدين شاهد واحد حلف الموهوب له لا الواهب لأن الشخص لا يحلف ليستحق غيره، وأما إن دفع المدين الدين للواهب بعد العلم بالهبة ضمن ويؤخذ من قوله فكرهنه صحة التصرف في الوظائف وهو أن يتجمد لإنسان مال معلوم من وظيفة أو جامكية فينزل عنها لغيره إن كان ذلك النزول من غير مقابلة شيء بل هبة. أما إن كان مقابلة شيء يؤخذ فإن سلم من الربا جاز وإلا منع.
قوله: [كالجمع بين من عليه الدين]: اعلم أن في دفع ذكر الحق والجمع بين الموهوب له ومن عليه الحق قولان في كل قيل شرط صحة، وقيل شرط كمال والمعتمد في الأول أنه شرط صحة، وفي الثاني شرط كمال كما يؤخذ من (بن).
تنبيه: يصح هبة الرهن لأجنبي حيث لم يقبضه المرتهن من الراهن إن كان الراهن موسراً، أو رضي المرتهن بالهبة وإنما أبطلت الهبة من الرهن مع تأخرها عنه لأنا لو أبطلناها لذهب الحق فيها جملة. بخلاف الرهن إذا أبطلناه لم يبطل حق المرتهن.
قوله: [وإن بغير إذنه]: مبالغة في الحوز المانع للبطلان، وتقريره هذا إذا كان الحوز المانع للبطلان بإذن الواهب، بل وإن بغير إذنه ولذلك يجبر الواهب على تمكين الموهوب له من الشيء الموهوب لأن الهبة تملك بالقبول على المشهور فله طلبها منه حيث امتنع ولو عند الحاكم ليجبره على تمكين الموهوب له منها. قال ابن عبد السلام: القبول والحيازة معتبران إلا أن القبول ركن والحيازة شرط كذا في الأصل.
قوله: [بالواهب]: أي بماله ولو كانت الإحاطة بعد عقدها فالمراد ثبوت دين محيط على الواهب كان سابقاً على الهبة أو لاحقاً.
(أو موت) للواهب قبل الحوز، وهو معطوف على "إحاطة دين"(وإن) مات الواهب (قبل إيصالها) للموهوب له (إن استصحبها) أي الواهب معه في سفر (أو أرسلها له) فإنها تبطل، وترجع ميراثاً إذا مات الواهب قبل إيصالها له كان الموهوب له معيناً أم لا وشبه في البطلان قوله:(كموت المرسل إليه المعين) قبل إيصالها له من ربها أو رسوله فتبطل (إن لم يشهد) الواهب حين الاستصحاب أو الإرسال (أنها له) أي لفلان، (وإلا) بأن أشهد أنها له (فلا) تبطل، ويستحقها وارثه كما إذا لم تكن الهبة معينة له، بل حملها أو أرسلها له ولعياله فلا تبطل بموته.
(و) بطلت (بهبة) من واهبها (لثان) أي لشخص ثان غير الأول (وحاز) الثاني قبل الأول فتكون للثاني لتقوي جانبه بالحيازة ولا قيمة على الواهب للأول ولو جدّ في الطلب على المشهور.
(أو تدبير) لما وهبه قبل الحوز (أو استيلاد) لأمة وهبها قبل الحوز، فتبطل الهبة وأولى: العتق والكتابة والمراد بالاستيلاد: حملها من سيدها الواهب بخلاف مجرد الوطء فلا يبطلها.
(ولا قيمة) على الواهب للموهوب له في الفروع الثلاثة.
(لا) تبطل الهبة (ببيع) من واهبها (قبل علم الموهوب له) بالهبة وكذا بعد علمه ولم يفرط في حوزها وإذا لم تبطل خير الموهوب له في رد البيع وفي إجازته وأخذ الثمن (وإلا) بأن باعها واهبها بعد علم الموهوب له أي وفرط في حوزها مضى البيع وإذا مضى (فله) أي للموهوب له (الثمن) وقيل: الثمن للواهب (ولا تقبل دعوى مودع) بفتح الدال المهملة (وهب له) ما أودع عنده فحصل للواهب مانع من موت أو غيره (أنه قبل) الهبة (قبله) أي قبل حصول المانع ولا بد من بينة تشهد له بالقبول قبله وحاصل المسألة: أن الواهب إذا وهب وديعة لمن هي عنده، فإن علم وقبل قبل موت الواهب صحت اتفاقاً، وإن قبل بعد موته بطلت عند ابن القاسم وإن لم يعلم حتى مات بطلت اتفاقاً. فإن ادّعى القبول قبله فعليه البيان، ومثل الوديعة الدين، فإن وهبها لغير من هي في يده ولم يحز حتى مات بطلت
ــ
قوله: [أو موت للواهب قبل الحوز]: أي فهو مبطل للهبة وإن لم يكن عليه دين لانتقال المال لغيره، وهذا معلوم بالأولى من الجنون والمرض المتصلين بالموت، وإنما أتى به لأجل المبالغة بعد بقوله:"وإن قبل إيصالها" إلخ.
قوله: [إذا مات الواهب]: إلخ: الأوضح حذف ذلك ويعقب قوله "وترجع ميراثاً" بقوله "كان الموهوب له معيناً أم لا". فهذه أربع صور وفي كل أشهد أم لا فهذه ثمان كلها باطلة ويضم لتلك الثمان الباطلة. قوله: [كموت المرسل إليه المعين إن لم يشهد]: وتحته صورتان وهما استصحب أو أرسل.
قوله: [كموت المرسل إليه]: حاصل تلك الصور أن الواهب إما أن يستصحب الهدية معه أو يرسلها مع رسول وفي كل إما أن يقصد بالهبة عين الموهوب له أم لا. وفي كل إما أن يموت الواهب أو الموهوب له قبل قبض الهبة فهذه ثمان، وفي كل إما أن يشهد حين الاستصحاب أو الإرسال أنها لفلان أم لا فهذه ست عشرة صورة البطلان في عشرة منها والصحة في ستة تؤخذ من المتن والشرح.
قوله: [وبطلت بهبة من واهبها لثان]: أي ويقضى بها للثاني حيث حاز ولو كان الواهب حياً لم يقم به مانع من موانع الهبة عند أشهب وهو أحد قولي ابن القاسم، وقال في المدونة: الأول أحق بها إن كان الواهب حياً وهو مقابل للمشهور، وشمل كلام المصنف هبة الدين لغير من هو عليه ثم هبته لمن هو عليه قبل قبض الأول المصور بالإشهاد، ودفع ذكر الحق إن كان على أحد القولين وشمل أيضاً طلاق امرأة على براءتها من مؤخر صداقها ثم تبين أنها وهبته قبل ذلك ففيه التفصيل المذكور، فإن كانت أشهدت أنها وهبته لأجنبي ودفعت له ذكر الصداق طلقت بائناً ولزم الزوج دفع مؤخره للموهوب له المذكور، وإن كانت لم تشهد ولم تدفع الذكر للأجنبي فإن الزوج يسقط عنه المؤخر ببراءتها له منه ويطلق عليه ولا يشمل كلام المتن ما إذا وهب للثاني المنفعة فقط بإعارة أو إخدام، وحازه المستعير أو المخدم بعد أن وهب أولاً ذاته ومنفعته لشخص، فإن الحق للموهوب له أولاً في المنفعة والذات دون الثاني لما سيأتي من أن حوز المستعير والمخدم حوز للموهوب له.
قوله: [على المشهور]: قد علمت مقابله.
قوله: [بخلاف مجرد الوطء]: أي الوطء المجرد من الإيلاد فلا يفيت، ومثل الهبة فيما ذكر الوصية فإذا أوصى بأمته لشخص ثم وطئها فإن حملت منه بطلت الوصية وإلا فلا، هذا هو الصواب.
قوله: [ولا قيمة على الواهب] إلخ: اعلم أنهم راعوا في هذه الفروع الثلاثة القول بأن الهبة لا تلزم بمجرد القول مع تشوف الشارع للحرية وتقوى الثاني بالقبض فلذا قيل ببطلان الهبة فيها وعدم القيمة للموهوب له على الواهب.
قوله: [ولم يفرط في حوزها]: أي بأن جد في طلبها.
قوله: [في رد البيع]: أي ويأخذ الشيء الموهوب.
قوله: [أي للموهوب له الثمن]: أي وهو قول مطرف وهو الراجح.
قوله: [وقيل الثمن للواهب]: هو قول أشهب وهو ضعيف وكل من القولين روي عن الإمام.
قوله: [بطلت عند ابن القاسم]: أي وصحت عند أشهب.
قوله: [بطلت اتفاقاً]: أي إلا على القول بأن الهبة لا تفتقر لقبول.
قوله: [ومثل الوديعة الدين]: أي وكذا العارية.
قوله: [فإن وهبها لغير من هي في يده] إلخ: مفهوم قوله "لمن هي عنده" والصواب أن يقول فإن وهبها لغير من هي في يده
في الأقسام الثلاثة. (وصح القبول) بعد المانع (إن) كان (قبض ليتروى) في أمره هل يقبل أو لا، ثم بدا له القبول بعد الموت بخلاف التي قبلها عند ابن القاسم؛ لأنه في التي قبلها استمر على قبض الوديعة الأصلي وفي هذه حصل منه إنشاء قبض بعد الهبة وهو أقوى (كأن جدّ) الموهوب له (فيه) أي في الحوز أي قبض الهبة من الواهب والواهب يسوف به حتى مات (أو) جد (في تزكية شاهده) حيث أنكر الواهب الهبة فأقام الموهوب له بينة عليها فاحتاجت لتزكية فجد في تزكيتها (فمات) الواهب قبل التزكية فتصح الهبة ويأخذها الموهوب له بعد التزكية لتنزيل الجد المذكور منزلة الحوز فالمراد بالشاهد الجنس.
(و) صح (حوز مخدم) لعبد فـ "مخدم" بالفتح (و) حوز (مستعير) لعبد أو غيره (و) حوز (مودع) بالفتح أي أن من أخدم عبده لشخص أو أعاره أو أودع شيئاً عند شخص، ثم وهبه لشخص آخر، فمات الواهب قبل مضي مدة الإخدام أو الإعارة أو قبل أخذ الوديعة من المودع، فإن حيازة من ذكر صحيحة وللموهوب له أخذ الهبة، ولا كلام لوارث الواهب بأن المانع حصل قبل حوز الموهوب له؛ لأن حوز من ذكر صحيح شرعاً إذا علموا بأن ما تحت أيديهم وهبه ربه لزيد، بل (ولو لم يعلموا) على المعتمد قال في المدونة: وأما العبد المخدم والمعار إلى أجل فقبض المخدم والمستعير له قبض للموهوب، وهو من رأس المال إن مات الواهب قبل ذلك. انتهى. والنقل عن ابن رشد وغيره: أنه لا يشترط علم الأولين بذلك ولا رضاهما، وقيد الشيخ المودع بالعلم، وهو قول ابن القاسم ورجحه اللخمي وغيره. ولكن اعتمد بعضهم صحة حوز الثلاثة ولو لم يعلموا بالهبة.
(لا) يصح حوز (غاصب) لشيء وهبه ربه لغير غاصبه؛ لأن الغاصب لم يقبض للموهوب له، بل قبض لنفسه فلا يكون قبضه حوزاً إلا إذا كان الموهوب له غائباً وأمره ربه أي يحوزه له فإنه يصح كما قاله أبو الحسن أخذاً له من المدونة فقول العلامة الخرشي قوله: ولا أمره به، يقتضي أنه لو أمره به لجاز إلخ محمول عند أبي الحسن عن الغائب لا الحاضر الرشيد، فلا يصح حوز غاصب له ولو أمره ربه بالحوز، والله أعلم.
(و) لا حوز (مرتهن) بالكسر، فإذا وهب رب الرهن ما رهنه لغير المرتهن فلا يكون حوز المرتهن حوزاً للموهوب له، فإذا مات الواهب قبل قبض الموهوب له رجع الرهن للوارث إن شاء افتكه وإن شاء تركه للمرتهن في الدين.
(و) لا يصح حوز (مستأجر) بالكسر أي أن من أجر شيئاً لشخص بأجر معلوم، ثم وهبه لغيره لم يكن حوز المستأجر حوز [1] للموهوب له (إلا أن يهب) الواهب (الأجرة) أيضاً للموهوب له (قبل قبضها) من المستأجر، فحينئذ يكون حوز المستأجر حوزاً للموهوب له، لجولان يده في الشيء الموهوب بقبض أجرته بخلاف هبتها بعد قبضها فإنه لا يفيد لأنها صارت مالاً مستقلاً من ماله.
ــ
فسيأتي ويحذف قوله "ولم يحز" إلخ.
قوله: [في الأقسام الثلاثة]: أي وهي ما إذا علم وقبل قبل موته، أو علم قبل موته وقبل بعد أو لم يعلم ولم يقبل إلا بعد موته.
قوله: [فالمراد بالشاهد الجنس]: أي المتحقق في المتعدد.
قوله: [فإن حيازة من ذكر صحيحة]: أي لأن كلاً من المخدم والمستعير حائز لنفسه. وحوزه لنفسه مخرج من حوز الواهب فلذلك صح حوزهما ولو لم يعلما بالهبة اتفاقاً، وألحق بهما المودع على المعتمد، ومحل صحة حوز من ذكر إذا أشهد الواهب على الهبة كما قال ابن شاس وإلا فلا كما يفيده (بن).
قوله: [إذا علموا]: بيان لما قبل المبالغة في المصنف.
قوله: [الأولين]: أي المخدم والمستعير.
قوله: [وقيد الشيخ المودع بالعلم]: إنما قيد بالعلم لأن حوزه لم يكن لنفسه، بل للواهب وهذا هو الفرق بين الأولين، والثالث فالمخدم والمستعير لما كان حوزهما لأنفسهما صح حوزهما مطلقاً ولو لم يرضيا بذلك. والحاصل: أن حوز المخدم والمستعير للموهوب له صحيح مطلقاً علما بالهبة أم لا، تقدم الإخدام والإعارة على الهبة بقليل أو بكثر رضيا بالحوز أم لا بشرط أن يشهد الواهب على الهبة، وألحق بهما المودع على المعتمد.
قوله: [لا يصح حوز غاصب]: أي على المشهور وهو مذهب ابن القاسم في المدونة. قوله: [لم يقبض للموهوب له]: لا شك أن هذا التعليل جار في المخدم والمستعير مع أن حوزهما صحيح فلعل المناسب في التعليل أن يقول لأن هذا قابض لنفسه بغير إذن الواهب فقبضه كـ لا قبض.
قوله: [فقول العلامة الخرشي قوله ولا أمره] إلخ: أي قول مالك في المدونة لأن الخرشي قال نقلاً عن المدونة. قال مالك: لأن الغاصب لم يقبض للموهوب ولا أمره الواهب بذلك ثم قال قوله ولا أمره إلخ.
قوله: [ولا حوز مرتهن] إلخ: إن قلت المرتهن قادر على رد الرهن وإبقاء دينه بلا رهن فكان مقتضاه أن حوزه يكفي. أجيب بأن المرتهن وإن كان قادراً على رد الرهن كما أن المستعير قادر على رد العارية إلا أن المرتهن إنما قبض للتوثق لنفسه. بخلاف المستعير فإنه وإن قبض لنفسه لكن لا لتوثق هكذا أجاب محشي الأصل.
قوله: [ولا يصح حوز مستأجر]: قال في الأصل والفرق بين المستأجر والمستعير أن الإجارة في نظير معاوضة مالية فهي لازمة للمستأجر ليس له الرجوع عنها. بخلاف العارية فليست لازمة للمستعير فله الرجوع عنها فلذا كان حوزه حوزاً للموهوب له وأيضا يد المؤجر جائلة في الشيء المستأجر بقبض أجرته، ولذا لوهب [2]
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (حوزاً)، ولعلها الصواب.
[2]
كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(لو وهب).
(و) لا يصح حوز الموهوب له السابق (إذا رجعت) الهبة (لواهبها بعده) أي بعد الحوز (قبل سنة) وهو مراد الشيخ بالقرب (بإيجار) متعلق بـ "رجعت" أي: رجعت لواهبها بسبب إيجار لها من الموهوب له (أو إرفاق) كإعارة أو إخدام أو عمرى فمات الواهب وهي تحت يده فيبطل الحوز الأول، بمعنى أنه لم يتم، فإذا لم يحصل مانع فللموهوب له أخذها منه بعد الإرفاق قهراً عنه ليتم الحوز الأول ومفهوم "قبل سنة" أنها لو رجعت له بعد سنة أنه لا يضر في الحوز الأول، وهو كذلك، ومفهوم قوله: بإيجار أو إرفاق أنه لو رجعت له بغصب أو سرقة أو نحو ذلك أنه لا يضر أيضاً، وهو كذلك وهو معنى قول الشيخ:"بخلاف سنة أو رجع مختفياً أو ضيفاً فمات"(و) صح (حوز واهب) شيئاً وهبه (لمحجوره) من صغير أو سفيه أو مجنون كان وليه الواهب أباً أو غيره؛ لأنه هو الذي يحوز له.
وهذا (إن أشهد) الواهب لمحجوره أنه وهبه كذا، فالإشهاد قائم مقام الحوز في غير المحجور فهذا القيد لا بد منه ولا يشترط معاينة المحجور لها ولا صرف الغلة له على أحد القولين، والثاني: أنه لا بد من صرف الغلة في مصالحه كما في الوقف فإن صرفها الولي على نفسه بطلت ورجح، وبعضهم رجح الأول (إلا) إذا وهب لمحجوره (ما لا يعرف بعينه) كالدراهم وسائر المثليات من مكيل أو معدود أو موزون ونحو جواهر، فلا تصح حيازته لمحجوره ولا بد من إخراجه عن حوزه قبل المانع وإلا بطلت ورجعت ميراثاً، ولو ختم عليها مع بقائها عنده ولا يكفي فيه الإشهاد كما في الذي يعرف بعينه، لأن ما يعرف بعينه كأنه مع الإشهاد خرج من يده بخلاف ما لا يعرف.
(أو) إلا إذا وهب لمحجوره (دار سكناه) فلا تصح حيازتها لمحجوره وتبطل إذا استمر ساكناً بها حتى مات الواهب ويكفي إخلاؤها من شواغله ومعاينة البينة لذلك ولو بقيت بعد ذلك تحت يده، كما في النقل بخلاف ما لا يعرف فلا بد من إخراجه عن يده كما تقدم (إلا أن يسكن) الواهب (أقلها ويكري له الأكثر) فتصح الهبة في الجميع، وتكون كلها للمحجور بعد المانع؛ لأن الأقل تابع للأكثر مثل دار السكنى غيرها كالثياب يلبسها، والدواب تركب وكذا ما لا يعرف بعينه إذا أخرج بعضه وأبقى البعض بيده،
ــ
الأجرة للموهوب له قبل قبضها من المستأجر صح حوز المستأجر لعدم جولان يد الواهب اهـ.
قوله: [ولا يصح حوز الموهوب له السابق] إلخ: ظاهره سواء كان للهبة غلة أم لا وهو الصواب، وتقييد المواق له بما إذا كان له غلة رده (ر) كما يفيده (بن).
قوله: [أنه لا يضر في الحوز الأول]: ما ذكره من عدم الضرر في رجوعها بعد سنة مقيد بما إذا كانت الهبة لغير محجوره وأما لمحجوره فتبطل برجوعها للواهب مطلقاً كما قال ابن المواز، واختاره ابن رشد وطريقة غيره أن المحجور وغيره سواء في عدم البطلان في الرجوع بعد عام وعلى هذه الطريقة عول المتيطي وبها أفتى ابن لب وجرى العمل انظر المواق اهـ (بن)، ومثل الهبة الصدقة في التفصيل في رجوعها، وهذا بخلاف الرهن فإنه يبطل برجوعه للراهن ولو بعد سنة من حوزه، وأما الوقف إن كان له غلة فكالهبة في التفصيل، فإن لم يكن له غلة كالكتب فإنه لا يبطل وقف ما عاد له بعد صرفه وقد مر ذلك.
قوله: [ولا يشترط معاينة المحجور لها]: أي للحيازة المفهومة من الحوز ولا يشترط معاينة الشهود لها أيضاً. فمتى قال الولي للشهود اشهدوا أني وهبت الشيء الفلاني لمحجوري كفى سواء أحضره لهم أم لا.
قوله: [ورجح]: المرجح له ابن سلمون.
وقوله: [وبعضهم رجح الأولى]: أي وهو المعتمد الذي جرى به العمل، والفرق بين ما هنا وبين الوقف حيث اشترط في الوقف صرف الغلة قولاً واحداً أن الوقف باق على ملك الواقف، والخارج عن ملكه إنما هو الغلة فلذلك اشترط صرفها قولاً واحداً.
واعلم أن الولي إذا وهب لمحجوره فإنه يحوز له إلى أن يبلغ رشيداً فإذا بلغ رشيداً حاز لنفسه، فإن لم يحز لنفسه بعد الرشد وحصل مانع للواهب بطلت، فإن جهل الحال ولم يدر هل بلغ رشيداً أو سفيهاً والحال أن الواهب حصل له مانع والشيء الموهوب تحت يده فقولان المعتمد منهما حمله على السفه وحينئذ فتصح الهبة لما تقدم أن الرشد لا يثبت إلا ببينة.
قوله: [ولا بد من إخراجه عن حوزه]: أي لا بد في صحة الهبة من إخراجه عند أجنبي قبل المانع، سواء أخرجه غير مختوم عليه أو مختوماً عليه. خلافا ًلظاهر (عب) من أنه يقتضي اشتراط الختم.
وقوله: [ويكفي إخلاؤها من شواغله]: حاصله أن دار السكنى لا بد فيها من إخلاء الولي لها من شواغله ومعاينة البينة لتخليتها، سواء أكراها أو لا، ومثلها لو وهبه شيئاً من ملبوسه. وأما غير دار السكنى والملبوس من كل ما يعرف بعينه فيكفي الإشهاد بالصدقة والهبة وإن لم تعاين البينة الحيازة فالإشهاد يغني عنها.
وظاهر المصنف أن هذا التفصيل خاص بدار السكنى وليس كذلك، بل هو جار في هبة الدار مطلقاً كما في (بن).
فالأقل تابع للأكثر، وإن سكن النصف بطل النصف الذي سكن (فقط) وصح ما لم يسكن (و) إن سكن (الأكثر)، وأكرى الأقل (بطل الجميع) لأن الأقل تابع للأكثر كما تقدم وتقدم أن مثل الدار غيرها فتحصل أن حيازة الولي لما وهبه لمحجوره صحيحة، إلا فيما لا يعرف بعينه وإلا في دار سكناه، ما لم يتخل عن الأكثر، فإنه يصح الجميع وإن استعمل النصف بطل فقط وإن استعمل الأكثر بطل الجميع حتى فيما تصح له حيازته، وإلا خرج عن اليد فيما لا يعرف، كالاستعمال في غيره فتدبر في ذلك قال المتيطي: فإن كانت الدار التي سكن تبعاً لما لم يسكن، والثياب الذي لبس تبعاً لما لم يلبس، والناض الذي لم يخرجه تبعاً لما أخرج من يده وحازه الغير، جاز، وإلا لم يجز. انتهى.
(وجاز للأب) فقط لا الجد (اعتصارها) أي الهبة أي أخذها (من ولده) قهراً عنه بلا عوض (مطلقاً) ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، فقيراً أو غنياً، سفيهاً أو رشيداً، حازها الولد أو لا والحق عند المحققين أن الاعتصار يكون بكل لفظ يدل على استرجاع الهبة من ولده له سواء كان بلفظ اعتصار أو غيره (كأم) يجوز لها الاعتصار لكن إذا (وهبت) صغيراً (ذا أب) فأولى الكبير، لا يتيماً فليس لها الاعتصار منه، ومحل كونها لها الاعتصار من ذي الأب (ما لم يتيتم) بعد الهبة، فإن تيتم فليس لها الاعتصار منه؛ لأن يتمه مفوت للاعتصار على المذهب، خلافاً للخمي فالحاصل أن الأم لها اعتصار ما وهبته لولدها غير اليتيم لا من تيتم ولو بعد الهبة.
(إلا فيما) وهب للولد و (أريد به الآخرة) أي ثوابها لا مجرد ذات الولد، فلا اعتصار لهما؛ لأنها صارت حينئذ كالصدقة وكذا إذا أريد بها الصلة والحنان (كصدقة) على ولد فلا اعتصار فيها (ما لم يشترطه) أي اعتصار الصدقة أو الصلة فإن اشترطه فله ذلك.
ثم ذكر موانع الاعتصار بقوله: (إن لم تفت) الهبة عند الولد، فإن فاتت (لا بحوالة سوق) بل بزيادة أو نقص في ذاتها، فلا اعتصار وأما حوالة الأسواق بغلوّ أو رخص فلا تمنع الاعتصار قال ابن عرفة: تغيير الأسواق لغو (ولم ينكح) الولد (أو يداين) بالبناء للمفعول فيهما فهو بضم ياء المضارعة وفتح الكاف (لها) أي لأجلها قيد فيهما على المعتمد والمراد بالإنكاح العقد، فمتى عقد لذكر أو أنثى لأجل يسرها بالهبة،
ــ
قوله: [فالأقل تابع للأكثر]: أي فيقال إذا كان البعض الذي خرج هو الأكثر صحت كلها وإلا بطلت كلها.
تنبيه: تصح هبة أحد الزوجين للآخر متاعاً معيناً وإن لم ترفع يد الواهب عنه للضرورة حيث حصل الإشهاد في غير دار السكنى، وأما دار السكنى فإن كان الواهب الزوجة لزوجها صح وكفى الإشهاد ووضع يد الزوجة لا يضر لأن السكنى للرجل وهي تبع له. بخلاف العكس كما يؤخذ من خليل وشراحه.
قوله: [صحيحة]: أي مع الإشهاد.
قوله: [كالاستعمال] إلخ: أي فيجري فيه التفصيل المتقدم.
وقوله: [قال المتيطي] إلخ: توضيح له.
قوله: [الذي]: حقه التي وقد يقال ذكر باعتبار الملبوس.
قوله: [والناض]: مراده ما لا يعرف بعينه من المثليات، وإن كان الناض في الأصل معناه النقد.
قوله: [عند المحققين]: أي كما نقل (بن) عن ابن عرفة وابن رشد وليس في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يعود فيها إلا الوالد» ، ما يدل على شرط لفظ الاعتصار.
قوله: [لكن إذا وهبت صغيراً ذا أب]: أي فمحل جواز اعتصار الأم من الصغير بشرطين إذا كان ذا أب حين الهبة ولم يتيتم حين إرادة الاعتصار، وأما الكبير البالغ فلها الاعتصار مطلقاً كان ذا أب أم لا؛ لأنه لا يتيتم لفقد أبيه ولو جن أحد الأبوين بعد الهبة للولد هل لوليه الاعتصار أم لا قال في حاشية الأصل والظاهر الأول لأن وليه بمنزلته.
قوله: [فالحاصل أن الأم] إلخ: حاصل فقه المسألة أن الأم إذا وهبت لولدها فإن كان وقت الهبة كبيراً كان لها الاعتصار كان للولد أب أم لا، وإن كان صغيراً كان لها الاعتصار إن كان له أب، عاقلاً كان الأب أو مجنوناً موسراً أو معسراً فإن تيتم الصغير بعد الهبة فهل لها الاعتصار نظراً إلى حالة وقت الهبة وليس لها الاعتصار نظراً للحالة الراهنة قولان المعتمد الثاني، وإن كان الولد الصغير حين الهبة يتيماً فليس لها الاعتصار قولاً واحداً ولو بعد بلوغه.
قوله: [وكذا إذا أريد بها الصلة والحنان]: أي فإرادة الصلة والحنان من الأب أو الأم تمنع من الاعتصار، وأما الإشهاد على الهبة فلا يكون مانعاً من اعتصارها خلافاً لما في الخرشي و (عب) قال (بن) وانظر من أين أتيا به.
قوله: [كصدقة]: فيه أن ما أريد به ثواب الآخرة صدقة ففي كلامه تشبيه الشيء بنفسه. وحاصل الجواب أنه شبه الصدقة التي وقعت بلفظها بالصدقة الواقعة بلفظ الهبة.
قوله: [فإن اشترطه فله ذلك]: فإن قلت سنة الصدقة عدم الرجوع فيها فكان مقتضاه عدم العمل بالشرط. يقال وسنة الحبس عدم الرجوع فيه، وإذا اشترط المحبس في نفس الحبس بيعه كان له شرطه.
قوله: [بل بزيادة أو نقص]: كما إذا كبر الصغير أو سمن الهزيل أو هزل الكبير ومن باب أولى العتق أو التدبير.
قوله: [تغيير الأسواق لغو]: أي على المشهور لأن الهبة وزيادة القيمة ونقصها لا تعلق له بها كنقلها من موضع لآخر كما في الخرشي.
قوله: [قيد فيهما]: أي في المداينة والإنكاح
أو أعطى ديناً، أو اشتريا شيئاً في ذمتهما لذلك، فلا اعتصار، لا لمجرد ذاتهما أو لأمر غير الهبة فللوالد الاعتصار على المذهب.
(أو بمرض) الولد الموهوب له فلا اعتصار، لتعلق حق ورثته بالهبة.
(كواهب) أي كمرضه المخوف فإنه مانع من الاعتصار؛ لأن اعتصارها قد يكون لغيره (إلا أن يهب) الوالد لولده (على هذه) أي على حالة من هذه (الأحوال) كأن يكون الولد متزوجاً أو مديناً أو مريضاً أو يكون الوالد مريضاً فله الاعتصار.
(أو يزول المرض) القائم بالواهب أو الموهوب له، فله الاعتصار بخلاف زوال النكاح أو الدين. قال ابن القاسم: لأن المرض لم يعامله الناس عليه، بخلاف النكاح والدين. انتهى. وهذا التعليل يقتضي أن زوال الفوات كزوال المرض.
(وكره) لمن تصدق بصدقة (تملك صدقة) تصدق بها على غيره (بغير إرث) بل بشراء أو هبة أو صدقة، وأما تملكها بالإرث فجبري لا كراهة فيه، وأما الهبة فلا كراهة في تملكها وكما يكره تملك الذات يكره تملك المنفعة؛ أي يكره الانتفاع بها كما أشار له بقوله:(و) كره (ركوبها) ولو تصدق بها على ولده، وأولى الحرث أو الطحن عليها. (و) كره (انتفاع) لمتصدق بها (بغلتها) من ثمرة ولبن وكراء ويشمل ذلك القراءة فيها إن كانت كتاباً (وينفق) أي يجوز لولد تصدق عليه والده بصدقة أن ينفق (على والد افتقر) أباً كان أو أماً (منها) أي من الصدقة التي تصدق بها على ولده لوجوب الإنفاق على الولد حينئذ (وله) أي للوالد المتصدق على ولده بعبد أو أمة (تقويم جارية أو عبد) تصدق به على ولده الصغير أو السفيه ولذا قال (لمحجوره) الصغير أو السفيه وقوله:(للضرورة) متعلق بـ "جاز" المقدر أي: أن محل الجواز إن اقتضت الضرورة ذلك كأن تعلقت نفسه بالجارية أو احتاج لخدمة العبد بحيث إذا لم يقومه على نفسه لتعدى عليه واستخدمه وارتكب الحرمة (ويستقصي) في القيمة بأن يأخذه بأعلى القيم، لا بدون قيمة المثل. واحترز بالمحجور عن الرشيد.
ــ
والتقييد بكونهما لأجلها هو الذي في الموطإ والرسالة وسماع عيسى.
قوله: [أو أعطى] أي من ذكر وحقه الألف.
قوله: [لا لمجرد ذاتهما]: أي لا إن كان الإنكاح أو المداينة لمجرد ذات الذكر والأنثى.
وقوله: [أو لأمر غير الهبة] إلخ: تحصل من كلامه أن المانع من اعتصار الأبوين قصد الأجنبي المداينة أو عقد النكاح لأجل يسر الموهوب له بالهبة، وأما قصد الولد وحده فلا يمنع، وقيل يكفي في منع الاعتصار قصد الولد ذلك وعليه فضبط كلام المصنف بالبناء للفاعل.
قوله: [أو بمرض الولد الموهوب له]: أي مرضاً مخوفاً.
قوله: [إلا أن يهب الوالد لولده على هذه]: استثناء منقطع لأن ما قبله كانت الهبة لغير مدين ومتزوج ومريض بخلاف المستثنى.
قوله: [لم يعامله الناس عليه]: أي بل هو أمر من عند الله فإذا زال عاد الاعتصار. بخلاف النكاح والدين فإن كلاً منهما أمر عامله الناس بعد الهبة عليه فيستمرون على المعاملة لأجله لانفتاح بابها فيستمر على عدم الاعتصار.
قوله: [كزوال المرض]: أي في كونه يسوغ الاعتصار.
قوله: [وكره لمن تصدق] إلخ: ظاهره أنه يكره تنزيهاً، وهو قول اللخمي وابن عبد السلام والتوضيح، وقال الباجي وجماعة بالتحريم وارتضاه ابن عرفة لتشبيهه في الحديث بأقبح شيء وهو عود الكلب في قيئه. ولما «أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه شراء فرس تصدق بها نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له: لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم واحد فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه»، وقول اللخمي إنه مثل بغير مكلف فلا يتعلق به حرمة شنع عليه ابن عرفة، وقال إن القصد من التشبيه الذم وزيادة التنفير وهو يدل على الحرمة اهـ (بن) ولا فرق في كراهة تملك الصدقة بالوجه المذكور بين كونها واجبة كالزكاة والنذر أو مندوبة ولو تداولتها الأملاك ويستثنى من قوله "وكره تملك صدقة" الصدقة المسماة بالعارية لما تقدم في قوله، "وجاز لمعر وقائم مقامه اشتراء ثمرة أعراها" إلخ، والعمرى ففي معين الحكام يجوز للمعمر أو ورثته أن يبتاعوا من المعمر بالفتح ما أعمر له وإن كان حياة المعمر لأنها من المعروف إلا أن تكون معينة فيمنع، ولكل واحد من ورثة المعمر بالكسر أن يشتري قدر ميراثه منها لا أكثر اهـ باختصار ويستثنى منه أيضاً التصدق بالماء على مسجد أو غيره فيجوز له أن يشرب منه لأنه لم يقصد به الفقراء فقط، بل هم والأغنياء كما لبعض شراح الرسالة، وفي العلمي عليها من أخرج كسرة لسائل فلم يجده فلابن رشد إن كان معيناً أكلها مخرجها وإلا فلا، وفي النوادر إن أخرجها له فلم يقبلها فليعطها لغيره وهو أشد من الذي لم يجده.
قوله: [وأما الهبة فلا كراهة] إلخ: أي التي تعتصر بدليل ما يأتي. قوله: [وكما يكره تملك الذات يكره تملك المنفعة] إلخ: أي وأما من تصدق بغلة الحيوان دون ذاته ثم باع الذات فله شراء الذات كما نقله ابن عرفة عن مالك.
قوله: [وينفق] إلخ: هذه المسألة والتي بعدها كالمستثنى من قوله "وكره تملك صدقة".
قوله: [أن ينفق على والد افتقر] إلخ: أي وكذا ينفق على زوجته من صدقة تصدقت بها عليه وإن كانت غنية لوجوب نفقتها عليه للنكاح لا للفقر.
قوله: [تقويم جارية] إلخ: أو شراء ما ذكر لنفسه
فليس لولده ذلك؛ لأنه كأجنبي ومثل الصدقة الهبة التي لا تعتصر.
(وجاز) للواهب (شرط الثواب) على هبته أي العوض عليها وتسمى هبة ثواب، وسواء عين الثواب أم لا (ولزم) الثواب (بتعيينه) إذا قبل الموهوب له؛ فيلزمه دفع ما عين كمائة دينار أو هذا الثوب أو الدابة والمراد التعيين ولو بالوصف كثوب صفته كذا.
(وصدق الواهب) عند التنازع (في قصده) أي الثواب بيمين بعد القبض (إن لم يشهد عرف بضده) أي الثواب، فإن شهد العرف بضده فلا يصدق وأما التنازع قبل قبضها، فالقول للواهب مطلقاً ولو شهد العرف بعدم الثواب وقولنا:"بيمين"، ظاهره: أشكل الأمر أم لا، وهو أحد التأويلين. والثاني: أن الواهب إنما يحلف إذا أشكل الأمر بأن لم يشهد العرف له ولا عليه ولم توجد قرينة ترجح أحد الأمرين، وإلا عمل على العرف أو القرائن ولا يمين ومحل تصديق الواهب في دعوى الثواب (في غير) النقد (المسكوك)، وأما هو فلا يصدق الواهب؛ لأن الشأن فيه عدم الإثابة إلا لشرط أو عرف واستثنى من قوله:"وصدق الواهب" إلخ قوله: (إلا الزوجين والوالدين) ونحوهما من الأقارب الذين بينهم الصلة، فلا يصدق الواهب في دعواه الثواب لقضاء العرف بعدمه فيمن ذكر كالمسكوك (إلا لشرط) حال الهبة فيعمل به مطلقاً حتى في المسكوك، (أو قرينة) تدل على ذلك فإنه يصدق، ويقضى له بالثواب لكن في غير المسكوك وأما هو فلا تكفي فيه القرينة، ولا بد من الشرط ويكون ثواب المسكوك عند الشرط عرضاً أو طعاماً لا مسكوكاً لما فيه من الصرف أو البدل المؤخر.
(ولزم) عند عدم تعيين الثواب (واهبها) مفعول مقدم (لا الموهوب له) عطف عليه بلا (القيمة) فاعل "لزم" أي يلزم الواهب قبول القيمة إذا دفعها له الموهوب له، وأما الموهوب له فلا يلزمه دفعها لأن له أن يقول له: خذ هبتك لا حاجة لي بها وهذا إذا قبضها، وأما قبل قبضها فلا يلزم الواهب قبولها بل له الامتناع ولو دفع له الموهوب له أضعاف القيمة، ولا يلزم الموهوب له دفع القيمة ولو قبض الهبة كما تقدم (إلا لفوت) عند الموهوب له (بزيد) أي زيادة في ذاتها؛ ككبر الصغير أو سمن الهزيل (أو نقص) كعمى وعور وعرج وشلل وهرم، وأولى خروج من يده بموت أو بيع ونحوه، ولا يعتبر حوالة لأسواق [1] فيلزمه حينئذ دفع القيمة يوم قبض الهبة. (وأثيب) الواهب أي أثابه الموهوب له (ما يقضي عنه) أي عن الموهوب (ببيع) أي في البيع، أي ما يصح أن يكون ثمناً في البيع بأن يكون سالماً من الربا والغش، فلا يقضي عن النقد نقداً لما فيه من الصرف أو البدل المؤخر ولا عن الطعام طعاماً ولا عن اللحم حيواناً من جنسه
ــ
وليس بلازم تقويمها بالمعدول، بل المراد يشتري من نفسه لنفسه بالسداد كما في (بن).
قوله: [فليس لولده]: هكذا نسخة المؤلف والمناسب والده.
قوله: [لأنه كأجنبي]: أي وحيث كان حكم الأجنبي فالتصرف في العبد أو الجارية لذلك الرشيد لا لأبيه فله أن يواسيه بهما ببيع أو غيره.
قوله: [ومثل الصدقة الهبة] إلخ: أي في جميع ما تقدم.
قوله: [شرط الثواب]: أي اشتراطه حال كون الاشتراط مقارناً للفظها
وقوله: [عين الثواب أم لا]: أي فالتعيين غير لازم قياساً على نكاح التفويض وهذا هو المعتمد. وقيل إن اشترط العوض في عقدها فلا بد من تعيينه قياساً على البيع.
قوله: [بتعيينه]: أي بتعيين قدره ونوعه كان التعيين من الموهوب له أو الواهب ويرضى الآخر. والحاصل: أنه إذا عين الثواب واحد منهما ورضي الآخر فإنه يلزم الموهوب له دفعه إذا قبل الهبة وليس له الرجوع عن الثواب بعد تعيينه وإن لم يقبض الهبة كما في التوضيح نقله محشي الأصل.
قوله: [فإن [2] قصده]: أي لا في شرطه لأنه إذا ادعى الواهب اشتراطه فلا بد من إثباته ولا ينظر لعرف ولا غيره.
قوله: [إن لم يشهد عرف]: أي إن انتفت شهادة العرف بضده بأن شهد العرف له أو لم يشهد له ولا عليه.
قوله: [وأما التنازع قبل قبضها]: محترز قوله "بعد القبض".
قوله: [أشكل الأمر]: أي بأن لم يشهد العرف له ولا عليه.
وقوله: [أم لا]: أي بأن شهد العرف له.
قوله: [والثاني] إلخ: هذا هو أظهر القولين كما في المجموع.
قوله: [في دعوى الثواب]: أي دعوى قصده وأشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف في غير المسكوك متعلق بصدق، وفيه أنه يلزم عليه تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد إلا أن يقال إن الثاني أخص من الأول نحو جلست في المسجد في محرابه وهو جائز كما ذكره في الحاشية.
قوله: [أو قرينة]: من ذلك جريان العرف بها.
قوله: [عند الشرط]: أي أو العرف.
قوله: [لما فيه من الصرف]: أي إن كان من غير صنفه وقوله "أو البدل" أي إن كان من صنفه.
قوله: [المؤخر]: راجع للاثنين.
مسألة: قال في معين الحكام اختلف في الذي يثيب جهلاً عما لا ثواب فيه أو المثيب عن الصدقة فقال مالك يرد إليه ثوابه ولا شيء له إذا فات اهـ (شب).
قوله: [وأما الموهوب له] إلخ: أي والفرض أن الثواب لم يعين، وأما إذا عين ورضي به الموهوب له فإنه يلزمه دفعه قبضها أو لا كما مر.
قوله: [عند الموهوب له]: احترز به عما إذا فاتت بيد الواهب فلا يلزم الموهوب له دفع القيمة ولا يلزم الواهب القبض ولو بذل له أضعاف القيمة.
قوله: [أي ما يصح أن يكون ثمناً في البيع]: أي عوضاً
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (الأسواق).
[2]
كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(في).
ولا عكسه، ولا عن العرض عرض [1] من جنسه لما فيه من السلم الفاقد لشرطه، ولما فيه من سلم الشيء في نفسه، فيثاب عن العرض طعام ودراهم ودنانير وعكسه، وعرض من غير جنسه فهبة الثواب كالبيع في غالب الأحوال لأنها تخالفه في البعض كجهل العوض والأجل ولا يفيتها حوالة الأسواق ولا يلزم عاقدها الإيجاب والقبول وإذا أثابه ما يقضي عنه في البيع لزم الواهب قبوله وإن معيباً حيث كان فيه وفاء بالقيمة وليس له أن يقول حينئذ: لا آخذ إلا سليماً (إلا) أن يثيبه (نحو حطب) وتبن مما لا تجري العادة بإثابته [2] كالطين والآجر بضم الجيم (فلا يلزمه قبوله) فإن جرى عرف بإثابته [3] لزمه القبول.
(وللمأذون له) في التجارة هبة الثواب من ماله (والأب من مال محجوره) الصغير أو السفيه (هبة الثواب) لا غيرها، فلا يجوز كما لا يجوز له الإبراء من مال محجوره ولا يجوز لوصي ولا حاكم ولا غير مأذون له هبة ثواب وإلا إبراء.
ولما فرغ من بيان الهبة انتقل يتكلم على العمرى وحكمها، لأنها من قبيل الهبة، فقال:(وجازت العمرى) والمراد بالجواز: الإذن فيها شرعاً، فهي مندوبة؛ لأنها من المعروف، وعرفها بقوله:(وهي) أي العمرى (تمليك منفعة) شيء (مملوك) عقاراً أو غيره، إنساناً أو غيره كفرس وبعير (حياة المعطى) بفتح الطاء، والظرف متعلق بتمليك أي مدة حياة المعطى (بغير عوض) فخرج بقوله:"تمليك منفعة" تمليك الذات بعوض وبغيره والأول بيع والثاني هبة أو صدقة وخرج بقوله: "مملوك" ما ليس بمملوك كإقطاع من إمام أو إسقاط حق من نحو وقف وإلا فباطل
ــ
عن الشيء المبيع في السلم بأن يراعى فيه شروط بيع السلم زيادة على أصل شروط البيع ما عدا الأجل فإنه لا يشترط هنا فيقال: يشترط أن لا يكونا طعامين ولا نقدين ولا شيئاً في أكثر منه أو أجود إلا أن تختلف المنفعة كفاره الحمر في الأعرابية.
قوله: [ولا عكسه]: أي بأن يقضي عن الحيوان لحماً من جنسه، ومعلوم أن ذوات الأربع المباحة الأكل كلها جنس كما أن الطيور كلها جنس وحيوانات البحر كلها جنس ومفهوم:" من جنسه " أن قضاءه بغير جنسه يجوز ما لم يكن الحيوان طعاماً حكماً كحيوان قلت منفعته أو لا منفعة فيه إلا اللحم أو لا تطول حياته فلا يجوز القضاء عنه لحماً ولو من غير جنسه ولا القضاء به لأنه طعام بطعام.
قوله: [ولا عن العرض عرض]: نسخة المؤلف نصب "نقداً" وترك النصب في حيوان وعرض وكان مقتضى العربية نصب الجميع وبناء الفعل للفاعل أو رفع الجميع وبناءه للمفعول.
قوله: [الفاقد لشرطه]: أي شروطه هو راجع لقوله "فلا يقضى" إلخ، وكذا قوله "لما فيه من سلم الشيء في نفسه" والأولى عطفه بالواو لأنه علة ثانية أو يقال ترك لأنه علة للعلة.
قوله: [فيثاب عن العرض]: إلخ: تفريع لما استوفى الشروط.
قوله: [وعكسه]: أي يثاب عن الطعام عرض ودراهم ودنانير اجتماعاً وانفراداً.
قوله: [وعرض من غير جنسه]: راجع للإثابة عن العرض.
قوله: [لأنها تخالفه في البعض]: تعليل للتقييد بالغالب.
قوله: [وإذا أثابه ما يقضي عنه في البيع]: من جملة ما خالفت فيه الهبة البيع فتحصل أنها تخالفه في جهل العوض والأجل ولا يفيتها حوالة الأسواق ولا يلزم عاقدها الإيجاب والقبول، وإذا أثابه ما يقضي عنه في البيع لزم الواهب قبوله إذا كان الموهوب له قبض الهبة، وإن كان معيباً إلخ ما قال الشارح.
قوله: [بضم الجيم]: أي مع مد الهمزة.
قوله: [فإن جرى عرف بإثابته لزمه]: هذا كله في غير المعين وأما المعين وقت الهبة فيلزمه قبوله إن جاز شرعاً وإن لم يجر به عرف ولا عادة كما تقدم.
تنبيه: قال (عب): جميع ما مر في الهبة الصحيحة إن كانت قائمة فإن فاتت لزم فيها القيمة ويقضى عنها بما يقضى به عن ثمن المبيع من العين، أما الفاسدة فترد إن كانت قائمة وإن فاتت لزم عوضها مثل المثلي وقيمة المقوم
قوله: [وللمأذون]: خبر مقدم والأب معطوف عليه وهبة الثواب مبتدأ مؤخر.
قوله: [لا غيرها]: أي كالتبرعات.
قوله: [ولا يجوز لوصي ولا حاكم]: محترز الأب.
وقوله: [ولا غير مأذون له]: محترز المأذون فهو لف ونشر مشوش.
قوله: [وإلا إبراء]: هكذا نسخة المؤلف والمناسب حذف الألف لأنه معطوف على هبة.
قوله: [الإذن]: أي وليس المراد به المستوي الطرفين بدليل ما بعده. قوله: [إنسانا أو غيره]: أي كثياب وحلي وسلاح وحيوان. قال في كتاب الهبات من المدونة قيل فإن أعمر ثوباً أو حلياً قال لم أسمع من مالك في الثياب شيئاً، وأما الحلي فأراه بمنزلة الدار وفيها في العارية ولم أسمع في الثياب شيئاً وهي عندي على ما أعارها عليه من الشرط، أبو الحسن يريد أنه إذا بقي من الثوب شيء بعد موت المعمر رده وإن لم يبق منه شيء فلا شيء لربه اهـ.
قوله: [والأول بيع]: أي أو هبة ثواب.
قوله: [كإقطاع من إمام]: أي لأن الإمام لا يملك الأقطاع التي يقطعها لبعض الناس وتقدم اللغز في ذلك.
قوله: [أو إسقاط حق]: أي كساكن بيت موقوف فيسقط حقه لآخر حياته.
قوله: [وإلا فباطل]: انظر ما معنى هذا اللفظ وقد يقال معناه وإلا يكن الشيء الغير المملوك إقطاعاً
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط الحلبية وط المعارف: (عرض)، ولعل الصواب:(عرضاً).
[2]
في ط المعارف: (بإثباته).
[3]
في ط المعارف: (بإثباته).