المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب)في بيان القرض وأحكامه - حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط الحلبي - جـ ٢

[أحمد الصاوي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب)في البيوع وأحكامها [

- ‌(باب)في بيان السلم

- ‌(باب)في بيان القرض وأحكامه

- ‌(باب) في الرهن وأحكامه

- ‌(باب)في الفلس وأحكامه

- ‌(باب)في بيان أسباب الحجر

- ‌باب في أحكام الصلح؛ أي: مسائله

- ‌‌‌(باب) في الحوالةوأحكامها

- ‌(باب) في الحوالة

- ‌(باب)في الضمان

- ‌(باب)في بيان الشركة

- ‌(باب)في الوكالة

- ‌باب لما كان بين الوكالة والشركة مناسبة من جهة أن فيها وكالة أتبعها بها

- ‌(باب)في الإقرار

- ‌(باب)في الوديعة

- ‌(باب)في الإعارة

- ‌(باب)في بيان الغصب وأحكامه

- ‌(باب)في الشفعة

- ‌(باب)في القسمة

- ‌(باب)في القراض

- ‌(باب)في المساقاة

- ‌(باب)في الإجارة

- ‌(باب إحياء الموات)

- ‌(باب)في الوقف وأحكامه

- ‌(باب)في الهبة

- ‌‌‌(باب) في اللقطةوأحكامها

- ‌(باب) في اللقطة

- ‌(باب)في بيان أحكام القضاء

- ‌(باب)في الشهادة

- ‌(باب)في أحكام الجناية

- ‌باب ذكر فيه تعريف البغي

- ‌(باب)في تعريف الردة وأحكامها

- ‌(باب)ذكر فيه حد الزنا

- ‌(باب) في القذف [

- ‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ

- ‌(باب)ذكر فيه الحرابة

- ‌(باب)ذكر فيه حد الشارب

- ‌باب في العتق وأحكامه

- ‌(باب)في التدبير

- ‌باب: هو في اللغة النظر في عاقبة الأمر والتفكر فيه، وقال القرافي في التنبيهات التدبير مأخوذ من إدبار الحياة، ودبر كل شيء ما وراءه بسكون الباء وضمها، والجارحة بالضم لا غير اهـ وفي (بن) جواز الضم والسكون فيها كغيرها. واصطلاحاً ما ذكره المصنف بقوله "وهو تعليق مكلف" إلخ

- ‌(باب)في أحكام الكتابة

- ‌(باب)في أحكام أم الولد

- ‌(باب)ذكر فيه الولاء

- ‌باب ذكر فيه حكم الوصية

- ‌(باب)في الفرائض

- ‌(باب: في جمل من مسائل شتى، وخاتمة حسنة)

الفصل: ‌(باب)في بيان القرض وأحكامه

(وإن اشترى المعمول منه): كأن يشتري منه الحديد أو الغزل أو الخشب ونحو ذلك (واستأجره) على عمله بعد ذلك (جاز إن شرع) العامل في العمل فيما دون نصف شهر عين العامل أم لا (كشراء نحو تور) بالتاء المثناة الفوقية: إناء يشبه الطشت، يعني: أن من وجد صانعاً شرع في تور أو طشت أو سيف أو نحو ذلك فاشتراه منه جزافاً بثمن معلوم (ليكمل) أي على أن يكمله له جاز ودخل في ضمان المشتري بالعقد، وإنما يضمنه المشتري ضمان الصناع، فإن اشتراه على الوزن لم يدخل في ضمانه إلا بالقبض. ومحل الجواز إن شرع بائعه في التكميل [1] على ما تقدم؛ وهذا (بخلاف) شراء (ثوب ليكمل): فإنه لا يجوز لأن المعدن كالنحاس والحديد - إن خرج على خلاف الصفة المشترطة أو المعتادة يمكن إعادته بخلاف الثوب (إلا أن يكثر الغزل) من جنسه (عنده): أي العامل فإنه يجوز شراء الثوب ليكمل، لأنه لو خرج على خلاف الصفة المشترطة عمل من ذلك الغزل بدله على الصفة.

(باب)

في بيان القرض وأحكامه

وهو المسمى في العرف: بالسلف. (القرض) بفتح القاف: أي حقيقته الشرعية: (إعطاء متمول) من مثلي أو حيوان أو عرض (في) نظير (عوض متماثل): صفة وقدراً للمعطى بالفتح كائن ذلك العوض (في الذمة): أي ذمة المعطى له (لنفع المعطى) بالفتح: أي المعطى له (فقط): لا نفع المعطي بالكسر ولا هما معاً، وإلا كان من الربا المجمع على تحريمه.

وخرج البيع والسلم والإعارة والإجارة والشركة والهبة والصدقة.

(وهو مندوب): لأنه من التعاون على البر والمعروف. (وإنما يقرض) بضم حرف المضارعة وفتح الراء مبني للمفعول: وإنما يجوز أن يقرض (ما): أي شيء أو الشيء الذي (يسلم): أي يصح السلم (فيه): من حيوان وعرض ومثلي، لا ما لا يسلم فيه كدار وأرض وحانوت وخان وحمام وتراب معدن وصائغ وجوهر نفيس يندر وجوده وجزاف (لا جارية تحل للمقترض): فلا يجوز قرضها

ــ

في شيء بعينه بل في الذمة كما أفاده الشارح.

قوله: [وإن اشترى المعمول منه] إلخ: الفرق بين هذه والتي قبلها أن العقد فيما قبلها وقع على المصنوع على وجه السلم ولم يدخل المعمول منه في ملك المشتري، وهذه وقع العقد فيها على المعمول منه بعد أن ملكه ثم استأجره بالشرط في العقد على عمله فلذلك كان العقد صحيحاً بشرطه عين العامل أم لا.

قوله: [وإنما يضمنه المشتري] إلخ: صوابه: البائع.

قوله: [بخلاف الثوب]: الحاصل أن في كل من التور والثوب ثلاثة أحوال: يتفقان في المنع؛ إذا اشترى جملة ما عند البائع من الغزل والنحاس واتفق معه على أن يصنعه له ثوباً أو توراً، ويتفقان في الجواز: إذا كان عند البائع جملة من النحاس أو الغزل غير ما اشترى باق على ملكه بحيث إذا لم يأت ما اشتراه على الصفة المطلوبة يعمل له بدله من النحاس أو الغزل الذي في ملكه، ويختلفان في حالة: وهو المنع في الثوب إذا لم يكن عند البائع غزل يكفي ثوباً كاملاً إذا لم يأت المبيع على الصفة المطلوبة، والجواز في التور لأنه يمكن كسره وإعادته وتكميله بما عنده.

باب في بيان القرض وأحكامه

لما كان القرض شبيهاً بالسلم لما فيهما من دفع معجل في غيره ذيله به.

قوله: [بفتح القاف]: وقيل بكسرها وهو لغة القطع. سمي قرضاً لأنه قطعة من مال المقرض. والقرض أيضاً: الترك، يقال: قرضت الشيء عن الشيء أي تركته ومنه قوله تعالى: {وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال} [الكهف: 17] وشرعاً: هو كما قال المصنف: إعطاء متمول إلخ.

قوله: [إعطاء متمول]: هذا تعريف له بالمعنى المصدري، وأما تعريفه بالمعنى الاسمي: فهو متمول معطى إلخ. وأخرج بقوله: "متمول" ما ليس متمولاً كقطعة نار فليس بقرض وقوله: "من مثلي أو حيوان" بيان للمتمول. وقوله "في نظير عوض" أخرج دفعه هبة وصدقة وعارية.

وقوله "متماثل" أخرج البيع والسلم والصرف والإجارة والشركة؛ فإن العوض فيها مخالف.

وقوله: "في الذمة" المراد منه أن يكون مؤجلاً في الذمة، أخرج به المبادلة المثلية؛ كدفع دينار أو إردب في مثله حالاً.

وقوله: "لا نفع المعطي -بالكسر- ولا هما": أي ولا نفع أجنبي من جهة المقرض، فالكل سلف فاسد وهو ربا كما قال الشارح.

قوله: [وخرج البيع والسلم] إلخ: قد علمت وجه خروجها.

قوله: [وهو مندوب]: أي الأصل فيه الندب وقد يعرض له ما يوجبه، كالقرض لتخليص مستهلك، أو يكرهه كالقرض ممن له في ماله شبهة أو يحرمه كجارية تحل للمقترض ولا يكون مباحاً.

قوله: [وإنما يقرض] إلخ: أشار المصنف إلى قاعدة كلية مطردة منعكسة قائلة: وكل ما يصح أن يسلم فيه يصح أن يقرض إلا جارية تحل للمقترض. وبعض ما يصح أن يقرض يصح أن يسلم فيه، فعكسها بالعكس المستوي صحيح. وأما عكسها عكساً لغوياً وهو: كل ما لا يصح أن يسلم فيه لا يصح أن يقرض، فلا يصح على المشهور؛ لأن جلد الميتة المدبوغ وجلد الأضحية لا يصح السلم فيهما ويصح قرضهما.

قوله: [للمقترض]: أي لطالب القرض والآخذ له.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (الكيل).

ص: 104

لما فيه من إعارة الفروج، بخلاف ما لا تحل له كعمة وخالة أو كان المقترض امرأة فيجوز (وردت) وجوباً إن أقرضها لمن تحل (إلا أن تفوت) عنده (بوطء أو غيبة) عليها (ظن وطؤها فيها، أو تغير ذات): أو حوالة سوق (فالقيمة) تلزم المقترض (لا المثل) ولا يجوز التراضي على ردها إن وطئها أو غاب عليها غيبة يظن بها الوطء، وجاز إن فاتت بحوالة سوق ونحوه.

(وحرم هديته): أي هدية المقترض لمن أقرضه لأنه يؤدي إلى سلف بزيادة. (كرب القراض وعامله): يحرم على كل منهما أن يهدي للآخر هدية.

(و) حرم هدية (القاضي): أي الإهداء له (وذي الجاه): أي من حيث جاهه بحيث يتوصل بالهدية له إلى أمر ممنوع أو إلى أمر يجب على ذي الجاه دفعه عن المهدي بلا تعب ولا حركة. وأما كونه يتوصل بذلك إلى أن يذهب به في قضاء مصالحه إلى نحو ظالم أو سفر لمكان، فيجوز كالهدية له لا لحاجة، وإنما هي لمحبة أو اكتساب جاه، وفي المعيار سئل بعضهم عن رجل حبسه السلطان أو غيره ظلماً فبذل مالاً لمن يتكلم في خلاصه بجاهه أو غيره، هل يجوز أم لا؟ فأجاب: نعم يجوز، صرح به جماعة منهم القاضي حسين ونقله عن القفال اهـ.

(إلا أن يتقدم) لمن أهدى لمن ذكر هدية (مثلها أو يحدث) لمن ذكر (موجب) يقتضي الإهداء له عادة، كفرح أو موت أحد عنده أو سفر ونحو ذلك فيجوز.

(و) كما تحرم الهدية يحرم (بيعه مسامحة) لذلك لا لأجل وجه الله أو لأجل أمر اقتضى ذلك.

(وفسد) القرض (إن جر نفعاً) للمقرض (كعين): أي ذات - ذهباً وفضة أو غيرهما - (كرهت إقامتها) عنده لأمر من الأمور

ــ

قوله: [لما فيه من إعارة الفروج]: أي من احتمال إعارة الفروج إذا رد عينه، لأنه يجوز في القرض رد العين المقترضة ويجوز رد مثلها كما يأتي. ولهذا التعليل أجاز ابن عبد الحكم قرضها إذا اشترط أن يرد مثلها لا عينها، لكن المشهور منع قرض الجارية التي تحل للمقترض مطلقاً كما هو ظاهر المصنف سواء اقترضها للوطء أو للخدمة شرط رد عينها أو مثلها سداً للذريعة.

قوله: [أو كان المقترض امرأة]: مثلها الصبي الذي لا يتأتى منه الاستمتاع والشيخ الفاني، وكذلك يجوز له قرض الجارية التي لا تشتهى لصغر في مدة الصغر.

قوله: [إلا أن تفوت عنده بوطء]: أي وأولى باستيلاد، وتكون به أم ولد خلافاً لـ (عب) لأن لزوم قيمتها بمجرد الوطء أو الغيبة عليها أوجب أنها حملت وهي في ملكه فتكون به أم ولد. وقد صرح ابن عرفة بأنه لا حد عليه.

قوله: [وظن وطأها فيها]: مفهوم أنه إذا لم يظن وطئها فيها لا تفوت بتلك الغيبة وهو المشهور. فالغيبة فيها ثلاثة أقوال: قيل: فوت مطلقاً، وقيل: ليست فوتاً مطلقا، وقيل: إن ظن فيها فوت وإلا فلا.

قوله: [وجاز إن فاتت بحوالة سوق ونحوه]: هو تغير الذات وليس في الإمضاء حينئذ تتميم للفاسد لأن ذاتها عوض عما لزمه من القيمة ولا محذور في ذلك.

قوله: [وحرم هديته] إلخ: قال الخرشي في كبيره: ليس المراد بالهدية حقيقتها فقط، بل كل ما حصل به الانتفاع كركوب دابة المقترض والأكل في بيته على طريق الإكرام وشرب قهوته والتظلل بجداره. اهـ. والذي اعتمده في الحاشية: جواز الشرب والتظلل والأكل إن كان لأجل الإكرام لا لأجل الدين.

قوله: [كرب القراض] إلخ: إنما حرم عليه إهداؤه للعامل لئلا يقصد بذلك استدامة عمله، وحرمة هدية العامل لرب المال ولو بعد شغل المال أما قبل شغل المال فلا خلاف لأن لرب المال أخذه منه فيتهم أنه إنما أهدى له ليبقى المال بيده، وأما بعد شغل المال فلترقبه من رب المال معاملته ثانياً بعد نضوض المال.

قوله: [وفي المعيار سئل بعضهم]: أي وفيه أيضاً سئل أبو عبد الله القوري عن ثمن الجاه؟ فأجاب بما نصه: اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه فمن قائل بالتحريم بإطلاق، ومن قائل بالكراهة بإطلاق، ومن مفصل فيه، وأنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر وأخذ مثل أجر مثله فذلك جائز وإلا حرم، وفي المعيار أيضاً: سئل أبو عبد الله العبدوسي عمن يحرس الناس في المواضع المخيفة ويأخذ منهم على ذلك، فأجاب بأن ذلك جائز بشروط: أن يكون له جاه قوي بحيث لا يتجاسر عليه عادة، وأن يكون سيره معهم بقصد تجويزهم فقط لا لحاجة له وأن يدخل معهم على أجرة معلومة أو يدخل على المسامحة بحيث يرضى بما يدفعونه له، قال في المجموع: وأجازه الشافعية، يعني الأخذ على الجاه، والحمد لله على خلاف العلماء. ولو جاءت مغرمة لجماعة وقدر أحدهم على الدفع عن نفسه، لكن حصته تلحق غيره، فهل له ذلك أو يكره أو يحرم؟ أقوال. وعمل فيما يأخذه المكاس من المركب أو القافلة مثلاً بتوزيعه على الجميع لأنهم نجوا به.

قوله: [لمن ذكر]: أي الذي هو المقرض ورب القراض وعامله والقاضي وذو الجاه.

قوله: [بيعه مسامحة]: أي بغبن. وأما بغير غبن فقيل: يجوز، وقيل: يكره، واستظهر الأول.

قوله: [إن جر نفعاً]: أي ولو قليلاً، قال في المجموع: ومن ذلك فرع مالك وهو أن يقول شخص لرب الدين: أخر الدين وأنا أعطيك ما تحتاجه، لأن التأخير سلف. نعم إن قال

ص: 105

إما لثقل حملها في سفر أو خوف سوسها أو قدمها أو عفنها أو تغير ذاتها بإقامتها عنده، فيسلفها ليأخذ بدلها في بلد آخر أو جديداً أو سالماً، فيحرم ويرد على صاحبه ما لم يفت فالقيمة كما هو مقتضى الفساد.

(إلا لضرورة) فيجوز (كعموم الخوف) على المال في الطرق فيجوز أن يسلفه لمن علم أنه يسلم معه، وكذا إن قام دليل على نفع المقترض فقط، كمجاعة أو كان بيع المسوس الآن أحظ للمسلف لغلائه ورخص الجديد في إبانه فيجوز.

(وملك) القرض أي يملكه المقترض (بالعقد) وإن لم يقبضه المقترض كالهبة والصدقة.

(ولا يلزم) المقترض (رده) لربه (إلا بشرط) عند العقد لوقت معلوم (أو عادة) فيعمل بهما، فإن لم يشترطا شيئاً ولا عادة كان كالعارية المنتفى فيها شرط الأجل أو العادة، فيبقى للوقت الذي يقتضي النظر القرض بمثله (كأخذه): تشبيه في عدم اللزوم أي كما لا يلزم ربه أن يأخذه (بغير محله): لما فيه من الكلفة عليه (إلا العين): أي الذهب أو الفضة فيلزمه أخذها لخفتها، ويلحق بها الجواهر الخفيفة. وهذا إذا لم يكن خوف ولا كبير حمل فلا يلزم الأخذ.

(ورد) المقترض على المقرض (مثله) قدراً وصفة (أو) رد (عينه: إن لم يتغير) في ذاته عنده ولا يضر بغير تغير السوق، فإن تغير تعين رد مثله.

(وجاز أفضل): أي رد أفضل مما اقترضه صفة، لأنه حسن قضاء، إذا كان بلا شرط، وإلا منع الأفضل والعادة كالشرط. ويتعين رد مثله.

(و) جاز في القرض (اشتراط رهن وحميل): أي ضامن للتوثق بذلك.

(فصل)

في المقاصة

(المقاصة) أي حقيقتها (متاركة مدينين) المتاركة مفاعلة معناها: الترك من الجانبين (بمتماثلين): أي مدينين بدينين متماثلين قدراً وصفة: كعشرة محمدية وعشرة محمدية أو غير متماثلين كما يأتي حال كونهما (عليهما): أي كل واحد منهما عليه مثل ما على صاحبه له (كل): أي كل واحد منهما يترك (ما): أي الدين الذي (له) على صاحبه (فيما): أي في نظير الدين الذي (عليه) لصاحبه. وهذا إيضاح للمتاركة.

ثم أن الدينين إما أن يكونا عيناً أو طعاماً أو عرضاً، وفي كل: إما أن يكونا من بيع أو قرض أو أحدهما من بيع والثاني من قرض، فهذه تسع صور وفي كل منها: إما أن يكونا حالين أو مؤجلين، أو أحدهما حالاً والآخر مؤجلاً؛ بسبع وعشرين صورة. وفي كل: إما أن يتفقا في النوع والصفة والقدر أو يختلفا في واحد منها؛ فهذه أربعة في السبعة والعشرين: بمائة وثمان صور، أشار لها ولحكمها بقوله:

(وتجوز) المقاصة والمراد بالجواز: الإذن

ــ

له: أخره وأنا أقضيه عنه جاز.

قوله: [إما لثقل حملها في سفر] إلخ. تنويع لما قبله.

قوله: [كما هو مقتضى الفساد]: أي لما تقدم له في قرض الأمة التي تحل للمقترض أن في فواتها القيمة لأن القرض المتفق على فساده كالبيع المتفق على فساده.

تنبيه: من القرض الفاسد قرض شاة مسلوخة ليأخذ عنها كل يوم رطلين مثلاً، ودفع قدر معين من دقيق أو قمح لخباز ليأخذ منه كل يوم قدراً معيناً من الخبز.

قوله: [فيجوز أن يسلفه]: بل يجب؛ لأن حفظ المال واجب بأي وجه تيسر حفظه به.

قوله: [أي يملكه المقترض بالعقد]: أي ويصير مالاً من أمواله يقضي له به.

قوله: [كالهبة والصدقة]: أي وكل معروف فإنه يملك بالعقد ولكن لا يتم ذلك إلا بالقبض والحيازة على ما سيأتي، فإن حصل مانع للمتصدق أو الواهب أو فاعل المعروف بغير القرض قبل الحوز بطل بخلاف القرض لأنه لا يتوقف على الحوز، فلو حصل للمقرض مانع قبل الحوز لم يبطل كما يفيده (بن) خلافاً لما في كلام التتائي من أن القرض كغيره لا يتم إلا بالحوز.

قوله: [إلا بشرط] إلخ: حاصله أن المقترض إذا قبض القرض وكان له أجل مضروب أو معتاد لا يلزمه رده إلا إذا انقضى الأجل فإن لم يكن أجل لا يلزم المقترض رده إلا إذا انتفع به عادة أمثاله.

قوله: [وجاز أفضل]: أي بل هو الأولى والأحسن لأنه حسن قضاء كما قال الشارح وقد ورد أن «رسول الله صلى الله عليه وسلم تسلف بكراً ورد عنه رباعياً

فصل في المقاصة

إنما ذكر المقاصة عقب القرض لاشتمالها على دين القرض وغيره. وأصل مقاصة: مقاصصة فأدغم وهي مفاعلة من الجانبين لأن كلاً يقاصص صاحبه أي يستوفي حقه منه؛ لأن القصاص: استيفاء الحق.

قوله: [أو غير متماثلين كما يأتي]: أي في قوله أو نوعاً إن حلا؛ فقول المصنف: "بمتماثلين" في التعريف تبع فيه ابن عرفة وهو معترض بأنه غير جامع، فلذلك عمم الشارح ولم يلتفت لتقييد المصنف.

قوله: [أي كل واحد منهما عليه مثل ما على صاحبه]: هذا التقييد بالنسبة للمتروك من كل جانب فلا يضر أن يكون لأحدهما زيادة تبقى.

قوله: [بمائة وثمان صور]: ونظم ذلك سيدي الشيخ محمد ميارة فقال:

دين المقاصصة لعين ينقسم

ولطعام ولعرض قد علم

ص: 106

فيصدق بالوجوب؛ فإنها قد تجب أي يجب القضاء بها كما إذا كانا متماثلين وحل الأجل أو طلبها أحدهما (في ديني العين مطلقاً) كانا من بيع أو من قرض أو أحدهما من بيع والآخر من قرض (إن اتحدا قدراً وصفة) كالمثال المتقدم وسواء (حلا) معاً (أو) حل (أحدهما) والآخر مؤجل (أو لا) بأن كانا مؤجلين معاً.

(أو اختلفا صفة): أي جودة ورداءة: كمحمدية ويزيدية.

(أو) اختلفا (نوعاً) كذهب وفضة (إن حلا) معاً فيجوز إذ هي في اختلاف الصفة مبادلة، وفي اختلاف النوع صرف، ولا تأخير فيهما عند حلولهما.

فإن كانا مؤجلين أو أحدهما لم يجز للتأخير كما يأتي في قوله، وإلا فلا؛ فإنه راجع لهذين أيضاً.

(أو) اختلفا (قدراً) كعشرة محمدية وأكثر منها مثلها أو أقل (وهما) معاً (من بيع وحلا) معاً فيجوز على المعتمد (وإلا فلا): راجع لجميع ما تقدم كما تقدم، ومعناه في هذه: وألا يكونا من بيع بأن كانا من قرض أو أحدهما منعت المقاصة سواء حل الأجلان أو أحدهما أم لم يحلا؛ فهذه ست صور يستثنى منها واحدة: وهي ما إذا حل الأجلان وكان أحدهما من بيع والآخر من قرض وكان القرض هو الأكثر، فيجوز لأنه قضاء عن دين بيع أكثر منه ولا ضرر فيه بخلاف العكس. وكذا يمتنع إذا كانا من بيع ولم يحلا لما فيه من: حط الضمان وأزيدك، أو: ضع وتعجل فتأمل. ويستثنى من قوله: "وإلا فلا" بالنسبة لاختلاف الصفة فقط ثلاثة صور وهي: ما إذا حل الأجل فقط سواء كانا من بيع، أو قرض، أو منهما؛ لأن القضاء بالأفضل يجوز، ذكره بعضهم. ويفيده قولنا في القرض:"وجاز بأفضل بلا شرط".

(والطعامان من قرض كذلك): فيجوز فيهما المقاصة إن اتفقا صفة وقدراً حلا أو أحدهما أم لا، أو اختلفا صفة كسمراء ومحمولة أو نوعاً؛ كقمح وفول إن حلا معاً وإلا فلا كأن اختلفا قدراً.

(ومنعا): أي الطعامان: أي المقاصة فيهما إذا كان معاً (من بيع مطلقاً) اتفقا أو اختلفا صفة أو نوعاً حلا أو أحدهما أم لا لما فيه من بيع طعام المعاوضة قبل قبضه، ويزاد إذا لم يحلا بيع طعام بطعام نسيئة (كأن اختلفا من بيع وقرض) فتمتنع المقاصة فيهما (إن اختلفا صفة): وأولى نوعاً (أو قدراً أو) اتفقا و (لم يحلا، وإلا) إن حلا معاً واتفقا كإردب سمراء ومثله (جازت) وهو ظاهر.

(وتجوز في العرضين):

ــ

وكلها من قرض أو بيع ورد

أو من كليهما فذي تسع تعد

في كلها يحصل الاتفاق في

جنس وقدر صفة فلتقتفي

أو كلها مختلف فهي إذن

أربع حالات بتسع فاضربن

يخرج ست مع ثلاثين تضم

تضرب في أحوال آجال تؤم

حلا معاً أو واحد أو لا معا

جملتها حق كما قيل اسمعا

تكميل تقييد ابن غاز اختصرا

أحكامها في جدول فلينظرا

قوله: [فيصدق بالوجوب]: اعترضه (بن) بأن هذا يقتضي حرمة العدول عنها في صور الوجوب ولو تراضيا على ذلك، وليس كذلك. بل المراد بالوجوب هنا القضاء بها لطالبها، وحينئذ فالمراد بالجواز في كلام المصنف: المستوي الطرفين، وهذا لا ينافي القضاء بها لطالبها في بعض الأحوال.

قوله: [إن اتحدا قدراً وصفة]: حاصل ما ذكره المصنف: أن ديني العين إن اتحدا في القدر والصفة فيه تسع صور كلها جائزة وإن اختلفا في الصفة أو النوع، ففي كل تسع أيضاً الجائز من كل ثلاث والممنوع من كل ست.

قوله: [أو اختلفا قدراً] إلخ: منطوقه صورة واحدة جائزة من صور تسع فالباقي ثمان منها سبع ممنوعة وواحدة جائزة، وهي ما إذا حل الأجلان وكان أحدهما من بيع والآخر من قرض وكان القرض هو الأكثر كما أفاده الشارح.

قوله: [وكذا يمتنع إذا كانا من بيع ولم يحلا]: أي معاً بأن أجلا معاً أو حل أحدهما، فهاتان صورتان تمام السبع الممنوعة.

قوله: [لما فيه من حط الضمان وأزيدك]: أي إذا كان المعجل أكثر.

وقوله: [أو ضع وتعجل]: أي إذا كان المعجل قبل الأجل الأقل.

قوله: [ويستثنى من قوله وإلا فلا]: أي من عموم المنع في المفهوم.

قوله: [ثلاثة صور]: هكذا نسخة المؤلف والمناسب إسقاط التاء.

قوله: [وهي ما إذا حل الأجود [1] فقط]: أي بأن اختلفا بالجودة والرداءة، وكان الرديء مؤجلاً والأجود حالاً فالقضاء به جائز إن لم يكن مشترطاً.

قوله: [والطعامان من قرض كذلك]: أفاد الشارح في هذه العبارة اثنتي عشرة صورة: ثلاث في اتحاد القدر والصفة، وثلاث في اختلاف الصفة، وثلاث في اختلاف النوع، وثلاث في اختلاف القدر. أما الثلاث الأولى فجائزة.

وتجوز من الثلاث الثانية واحدة والأخرى كذلك. والثلاث الأخيرة ممنوعة، ومقتضى ما تقدم جواز الأفضل صفة إن حل ولو كان الآخر مؤجلاً.

قوله: [من بيع مطلقاً]: أي في الاثنتي عشرة صورة.

قوله: [اتفقا] إلخ: بيان للإطلاق وكان عليه أن يزيد أو قدراً بعد قوله أو نوعاً لتكمل الصور الاثنتا عشرة وعلة المنع ما قال الشارح.

قوله: [كأن اختلفا من بيع وقرض]: وتحته اثنتا عشرة صورة كلها ممنوعة إلا صورة

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(الأجل).

ص: 107