المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب)في أحكام الجناية - حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط الحلبي - جـ ٢

[أحمد الصاوي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب)في البيوع وأحكامها [

- ‌(باب)في بيان السلم

- ‌(باب)في بيان القرض وأحكامه

- ‌(باب) في الرهن وأحكامه

- ‌(باب)في الفلس وأحكامه

- ‌(باب)في بيان أسباب الحجر

- ‌باب في أحكام الصلح؛ أي: مسائله

- ‌‌‌(باب) في الحوالةوأحكامها

- ‌(باب) في الحوالة

- ‌(باب)في الضمان

- ‌(باب)في بيان الشركة

- ‌(باب)في الوكالة

- ‌باب لما كان بين الوكالة والشركة مناسبة من جهة أن فيها وكالة أتبعها بها

- ‌(باب)في الإقرار

- ‌(باب)في الوديعة

- ‌(باب)في الإعارة

- ‌(باب)في بيان الغصب وأحكامه

- ‌(باب)في الشفعة

- ‌(باب)في القسمة

- ‌(باب)في القراض

- ‌(باب)في المساقاة

- ‌(باب)في الإجارة

- ‌(باب إحياء الموات)

- ‌(باب)في الوقف وأحكامه

- ‌(باب)في الهبة

- ‌‌‌(باب) في اللقطةوأحكامها

- ‌(باب) في اللقطة

- ‌(باب)في بيان أحكام القضاء

- ‌(باب)في الشهادة

- ‌(باب)في أحكام الجناية

- ‌باب ذكر فيه تعريف البغي

- ‌(باب)في تعريف الردة وأحكامها

- ‌(باب)ذكر فيه حد الزنا

- ‌(باب) في القذف [

- ‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ

- ‌(باب)ذكر فيه الحرابة

- ‌(باب)ذكر فيه حد الشارب

- ‌باب في العتق وأحكامه

- ‌(باب)في التدبير

- ‌باب: هو في اللغة النظر في عاقبة الأمر والتفكر فيه، وقال القرافي في التنبيهات التدبير مأخوذ من إدبار الحياة، ودبر كل شيء ما وراءه بسكون الباء وضمها، والجارحة بالضم لا غير اهـ وفي (بن) جواز الضم والسكون فيها كغيرها. واصطلاحاً ما ذكره المصنف بقوله "وهو تعليق مكلف" إلخ

- ‌(باب)في أحكام الكتابة

- ‌(باب)في أحكام أم الولد

- ‌(باب)ذكر فيه الولاء

- ‌باب ذكر فيه حكم الوصية

- ‌(باب)في الفرائض

- ‌(باب: في جمل من مسائل شتى، وخاتمة حسنة)

الفصل: ‌(باب)في أحكام الجناية

(باب)

في أحكام الجناية

على النفس أو على ما دونها من طرف أو غيره، كموضحة عمداً أو خطأ، وما يتعلق بذلك من قصاص وغيره

وموجب القصاص ثلاثة: جان: وشرطه التكليف والعصمة وأن لا يكون أزيد من المجني عليه بإسلام أو حرية.

ومجني عليه: وشرطه العصمة والمكافأة للجاني أو الزيادة عليه لا أنقص منه.

وجناية: وشرطها العمد العدوان.

وإلى بيان ذلك أشار بقوله: (إن أتلف مكلف) أي بالغ عاقل ذكراً أم أنثى حراً أو رقيقاً مسلماً أو كافراً، ولو سكران بحرام؛ فلا قصاص على غير مكلف من صبي أو مجنون جنى حال جنونه. فإن جنى حال إفاقته اقتص منه، فإن جن انتظر حتى يفيق فإن لم يفق فالدية في ماله. والسكران بحلال كالمجنون.

(غير حربي) نعت لـ "مكلف". وغير الحربي: هو المسلم والذمي. فالحربي لا يقتل قصاصاً، بل يهدر دمه، ولذا لو أسلم أو دخل عندنا بأمان لم يقتل، فقوله: غير حربي في قوة قولنا: "معصوم".

(ولا زائد حرية وإسلام) عن المجني عليه بأن مماثلاً له أو أنقص منه فيقتل الحر المسلم بمثله والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى وبالذكر المماثل لها، وعكسه ويقتل العبد بالحر والذمي بالمسلم ولو رقيقاً.

(حين القتل) متعلق بجميع ما قبله أي يشترط في الجاني أن يكون متصفاً بما ذكر حين القتل، لا قبله فقط ولا بعده.

ومفهوم: "لا زائد" أن المكلف الجاني لو كان زائداً عن المجني عليه بحرية أو إسلام لم يقتص منه، فلا يقتل حر مسلم برقيق ولا بذمي، ولا يقتل رقيق مسلم بذمي حر؛ لأن الإسلام أعلى من حرية الذمي، والأعلى لا يقتل بالأدنى، وسيأتي حكم ذلك مما يتعلق بقيمة رقيق أو دية.

والكلام هنا في غير قتل الغيلة. وأما فيها: فيقتل الحر المسلم بالعبد والذمي كما سيأتي ولذا قال الشيخ: "إلا الغيلة". وحذفنا هذا الاستثناء لأن حكم الغيلة سيأتي مستقلاً بفصل.

ــ

باب في أحكام الجناية

إنما أتى المؤلف بهذا الباب إثر الأقضية والشهادات إشارة إلى أنه ينبغي للقاضي أن ينظر فيه أولاً لأنه أوكد الضروريات التي يجب مراعاتها في جميع الملل بعد حفظ الدين وهي حفظ النفوس وفي الصحيح: «أول ما يقضى به بين الناس يوم القيامة في الدماء» ولهذا ينبغي التهمم بشأنها.

قوله: [على النفس]: أي الذات برمتها.

وقوله: [من طرف]: بالتحريك كقطع يد أو رجل أو فقء عين، وهو وما عطف عليه بيان لـ "ما".

وقوله: [كموضحة]: تمثيل للغير.

قوله: [عمداً أو خطأ]: تمييز للجناية أي من جهة العمد والخطأ.

قوله: [وما يتعلق بذلك]: اسم الإشارة يحتمل أن يعود على الجناية على النفس وما دونها ويحتمل أن يعود على العمد أو الخطأ وكل صحيح.

وقوله: [من قصاص أو غيره]: بيان لـ "ما".

قوله: [وغيره]: أي كالدية والصلح والعفو والحكومة.

قوله: [وموجب القصاص ثلاثة]: المناسب أركان القصاص كما عبر به في الأصل وفي الخرشي مثله؛ لأن موجب القصاص الجناية بشروطها وهي أحد الأركان.

قوله: [والعصمة]: أي بإيمان أو أمان، فالمراد عصمة مخصوصة.

قوله: [أو الزيادة عليه]: أي كما إذا جنى عبد مسلم على حر مسلم، أو جنى ذمي على مسلم.

قوله: [لا أنقص منه]: أي كما لو جنى حر مسلم على عبد أو مسلم على ذمي.

قوله: [وإلى بيان ذلك]: اسم الإشارة عائد على موجب القصاص الذي تقدم، فقوله "إن أتلف مكلف" هذا هو الركن الأول والثالث وسيأتي الثاني في قوله "معصوماً".

قوله: [والسكران بحلال كالمجنون]: أي فالدية على عاقلته.

قوله: [في قوة قولنا معصوم]: أي لما تقدم لنا من أن العصمة تكون بإيمان أو أمان

قوله: [بأن مماثلاً له]: هكذا نسخة المؤلف وسقط منها لفظ كان، والمراد المماثلة في الحرية والإسلام وضديهما. ولا يشترط المماثلة في الذكورة ولا في الأنوثة.

قوله: [فيقتل الحر المسلم] إلخ: تفريع على المماثلة في الحرية والإسلام إلى آخر ما قلناه.

قوله: [والعبد بالعبد]: أي المستويين في الدين أو كان المقتول مسلماً والقاتل ذمياً ويقال في قوله: "والأنثى بالأنثى" ما قيل في "العبد بالعبد".

قوله: [وبالذكر المماثل لها]: أي إسلاماً وحرية.

وقوله: [ويقتل العبد بالحر] إلخ: مثال لكون الجاني أنقص في الحرية والحال أنهما مستويان في الدين، أو المقتول مسلماً والقاتل ذمياً لا العكس.

قوله: [ولو رقيقاً]: أي ولو كان المسلم المقتول رقيقاً والذمي القاتل حراً لأن خيرية الدين أفضل من الحرية.

قوله: [حين القتل]: المراد به الموت.

والحاصل أنه يشترط في الجاني للقصاص منه أن يكون مكلفاً غير حربي ولا زائد حرية ولا إسلام وقت القتل أي إزهاق الروح، فلو قتل معصوماً وهو حربي أو زائد حرية أو إسلام أو غير مكلف فلا قصاص. ولو بلغ أو عقل أو أسلم الحربي بأثر ذلك، ولو رمى عبداً وجرح مثله ثم عتق الجاني فمات المجني عليه لم يقتص من الجاني لأنه حين الموت زائد حرية، وكذا لو رمى ذمي مثله أو جرحه وأسلم قبل موت المجني عليه.

قوله: [مما يتعلق] إلخ: بيان لحكم.

قوله: [في غير قتل الغيلة]: بكسر الغين المعجمة: وهي

ص: 381

وقوله (معصوماً) مفعول لقوله: "أتلف" وهو إشارة للمجني عليه، وشروطه: أي إن أتلف المكلف المذكور معصوماً مكلفاً أم لا، فلا يشترط في المجني عليه التكليف بل العصمة، فخرج الحربي والمرتد، فلا يقتص من قاتله لعدم عصمته بالارتداد.

ويؤخذ من شرط عدم زيادة الجاني بحرية أو إسلام: أنه يشترط في المجني عليه أن لا يكون أنقص من الجاني، فإن كان أنقص لم يقتص من الجاني، وهو ظاهر وقد تقدم مثاله.

(للتلف) متعلق بـ "معصوم": أي معصوماً للتلف: أي من وقت الضرب أو الرمي بالسهم للموت؛ فمن ضرب أو رمى معصوماً فارتد قبل خروج روحه لم يقتص من الضارب أو الرامي لأن المجني عليه لم يكن معصوماً وقت التلف وكذا تعتبر حالة الرمي، فمن رمى غير معصوم أو أنقص منه برق أو كفر، فأسلم قبل الإصابة أو عتق الرقيق لم يقتص من الرامي [1]. وأما من قطع يد معصوم مثلاً فارتد المقطوع ثم مات من القطع مرتداً ثبت القصاص في القطع فقط، لأنه كان معصوماً حال القطع فقوله:"للتلف" أي: لا حين الجرح أو الضرب أو الرمي فقط وقول الشيخ: "والإصابة" الأولى حذفه؛ لأن الكلام هنا في النفس لا الجرح. وسيأتي له الكلام على الجرح.

وكذا قوله: "قبله حين القتل" لأنه يوهم أنها لا تعتبر المساواة إلا حين القتل خاصة، مع أنها تعتبر حين القتل وحين الجرح أو الرمي معاً كما تقدم.

ثم بين أن العصمة تكون بأحد أمرين بقوله: (بإيمان) أي إسلام (أو أمان) لحربي من سلطان أو غيره وشمل [2] الأمان عقد الجزية فلا حاجة لقول ابن الحاجب: أو جزية.

(فالقود): جواب الشرط أي: إن أتلف مكلف معصوماً فالقود: أي القصاص واجب لولي الدم عليه لا لغير ولي الدم، بل هو معصوم بالنسبة له فإذا قتل غير ولي الدم قاتلاً لمعصوم فإنه يقتص منه كما ذكره الشيخ بقوله:"كالقاتل من غير المستحق".

وبالغ على ثبوت القود للولي بقوله: (وإن قال) المعصوم لإنسان: (إن قتلتني أبرأتك) فقتله فلا يسقط القود عن قاتله وكذا لو قال له بعد أن جرحه ولم ينفذ مقتله: أبرأتك من دمي، لأنه أسقط حقاً قبل وجوبه، بخلاف ما لو أبرأه بعد إنفاذ مقتله أو قال له: إن مت فقد أبرأتك، فيبرأ، ثم إن محل تعين القود إذا لم يعف ولي الدم عن الجاني.

(وليس للولي عفو) عن الجاني (على الدية إلا برضا الجاني) بل له العفو مجاناً أو على الدية إن رضي الجاني فإن لم يرض الجاني بها خير الولي بين أن يقتص بها أو يعفو مجاناً وقال أشهب: الخيار للولي بين ثلاثة أمور: القصاص، والعفو مجاناً، والعفو على الدية، ولا كلام للجاني وهو خلاف المذهب.

(ولا قود): أي ليس للولي قود (إلا بإذن الحاكم) من إمام أو نائبه (وإلا) بأن اقتص الولي بغير إذن الحاكم

ــ

القتل لأخذ المال فلا يشترط فيه الشروط المتقدمة بل يقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر، ولذا قال مالك: لا عفو فيه ولا صلح، وصلح الولي مردود والحكم فيه للإمام كما سيأتي.

قوله: [معصوماً]: صفة لموصوف محذوف أي شخصاً معصوماً.

قوله: [فلا يقتص من قاتله]: أي المرتد.

وقوله: [لعدم عصمته بالارتداد]: تعليل لعدم القصاص من قاتل المرتد وترك التعليل للحربي لظهوره، لأن الحربي دمه هدر لكل مسلم يسوغ له القدوم عليه. بخلاف المرتد فقتله ليس إلا للحاكم فربما يتوهم أنه لو قتله غيره فيه القصاص فأفاد أنه لا قصاص فيه وإن كان عليه ثلث خمس دية مسلم كما يأتي.

قوله: [وقد تقدم مثاله]: أي في قوله "فلا يقتل حر مسلم برقيق" إلخ.

قوله: [أي معصوماً للتلف]: الأوضح حذف قوله "للتلف" و "أي" التي بعدها.

قوله: [غير معصوم]: أي لكونه حربياً مثلاً.

قوله: [أو كفر]: أي مع كونه من أهل الذمة.

قوله: [فأسلم قبل الإصابة]: راجع لغير المعصوم وللكافر الذمي.

قوله: [أو عتق الرقيق]: راجع لقوله "برق" فاتكل في التفريغ على صرف الكلام لما يصلح له.

قوله: [وقول الشيخ والإصابة]: أي حيث قال خليل للتلف والإصابة؛ لأن معناه يشترط في المجني عليه أن يكون معصوماً أي حين تلف النفس أي موتها، وإلى الإصابة في الجرح فاللام بمعنى إلى فاعترض عليه بما قال الشارح.

قوله: [وسيأتي له الكلام على الجرح]: أي ومصنفنا مثله فلو ذكر الإصابة لاعترض عليه

قوله: [بإيمان]: أي لقوله عليه الصلاة والسلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» .

قوله: [أو أمان]: أي لقوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه} [التوبة: 6] ولقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} [التوبة: 29] إلى قوله: {حتى يعطوا الجزية} [التوبة: 29] قوله: [فالقود]: إنما سمي القتل قصاصاً بذلك لأن الجاهلية كانوا يقودون الجاني لمستحقها بحبل ونحوه. هذا، وقد اختلف أهل العلم هل القصاص من الجاني يكفر عنه إثم القتل أم لا؟ فمنهم من ذهب إلى أنه يكفره لقوله عليه الصلاة والسلام:«الحدود كفارات لأهلها» فعمم ولم يخصص قتلاً من غيره، ومنهم من ذهب إلى أنه لا يكفرها لأن المقتول المظلوم لا منفعة له في القصاص، وإنما القصاص منفعته للأحياء لينتهي الناس عن القتل، قال تعالى:{ولكم في القصاص حياة} [البقرة: 179] ويخص الحديث بالحدود التي الحق فيها لله فقط والحق الأول.

قوله: [أو قال له إن مت فقد أبرأتك]: أي ولو كان قبل إنفاذ مقتله كذا في حاشية الأصل، ولكن لا بد من كون البراءة بعد الجرح

قوله: [وقال أشهب]: مقابل لكلام المصنف الذي هو طريقة ابن القاسم

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

قوله: (من الرامي) ليس في ط المعارف.

[2]

في ط المعارف: (شمل).

ص: 382

(أدب) لافتياته على الإمام (ولا دية له) أي لولي الدم (إن عفا) عن الجاني (وأطلق) في عفوه: أي لم يقيد بدية ولا غيرها، فيقضى بالعفو مجرداً عن الدية.

(إلا أن) تظهر بقرائن الأحوال (إرادتها) أي مع الدية حال العفو ويقول: إنما عفوت لأخذ الدية (فيحلف) أي فيصدق بيمينه.

(ويبقى) الولي بعد حلفه (على حقه) في القصاص (إن امتنع الجاني من دفعها) وإلا دفعها وتم العفو قال في المدونة: قال مالك: لا شيء لك إلا أن يتبين أنك أردتها، فتحلف أنك ما عفوت إلا لأخذها، ثم لك ذلك. اهـ. وظاهرها الإطلاق: أي تبين بالقرائن حال العفو إرادتها وادعى ذلك حلف مطلقاً بالقرب أو بعد طول وقال أصبغ وابن الماجشون وغيرهما: يقبل إلا إذا قام بالحضرة، لا إن قام بعد طول وهل هو قيد لها أو خلاف؟ وهو ظاهر كلام الباجي، وأن المشهور ظاهرها من الإطلاق (كعفوه) أي ولي الدم (عن عبد) قتل غيره من حر أو رقيق، وقال: إنما عفوت لأخذه، وأخذ قيمة المقتول أو ديته إن كان حراً، فلا شيء له، إلا أن تظهر إرادة ذلك، فيحلف ويبقى على حقه إن امتنع سيده من الدفع المذكور، فالتشبيه تام، قاله ابن مرزوق، والمعتمد: أنه إن حلف فليس لسيده امتناع بل يخير أن يدفع العبد أو قيمته أو قيمة المقتول أو ديته.

(واستحق) الولي (دم من قتل القاتل) فلو قتل زيد عمراً، فقتل أجنبي زيداً فولي عمرو يستحق دم الأجنبي القاتل لزيد، إن شاء عفا وإن شاء اقتص، ولا كلام لولي زيد على قاتله.

(و) استحق مقطوع عضو (من قطع القاطع) له عمداً عدواناً، كما لو قطع زيد يد عمرو فقطع أجنبي يد زيد، فعمرو يستحق يد الأجنبي ولا كلام لزيد هذا في العمد.

(و) استحق من ذكر في الخطأ (دية الخطأ) من الأجنبي على عاقلته والقطع على ما سيأتي.

(فإن أرضاه) أي الولي (ولي) المقتول (الثاني) كما لو أرضى ولي زيد وهو المقتول الثاني في المثال ولي عمرو المقتول أولاً (فله) أي فيصير دم القاتل الثاني -الذي هو الأجنبي- لولي المقتول الثاني، الذي هو زيد، إن شاء عفا وإن شاء اقتص.

ثم بين شرط الجناية التي بها القود بقوله (إن تعمد) الجاني (ضرباً لم يجز) بمحدد بل (وإن بقضيب) أي عصا أو سوط أو نحوهما مما لا يقتل به غالباً وإن لم يقصد قتله أو قصد زيداً فإذا هو عمرو، وقوله:"لم يجز" احترز به من التأديب الجائز من حاكم أو معلم أو والد فلا قود فيه، لأنه ليس بعدو (أو مثقل) كحجر لا حد فيه

ــ

فلذلك قال في آخر العبارة: "وهو خلاف المذهب" وإن كان وجيهاً لظاهر قوله تعالى: {ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً} [الإسراء: 33].

قوله: [أدب لافتياته على الإمام]: محل أدبه حيث كان الحاكم ينصفه.

قوله: [أي تبين]: المناسب أن يزيد إن بعد أي.

قوله: [وأن المشهور ظاهرها من الإطلاق]: أي فالمدار على القرينة

قوله: [فيحلف ويبقى]: أي طال الأمر أم لا.

قوله: [فالتشبيه تام]: حاصله أنه إذا كان المقتول عبداً والقاتل عبداً خير سيد القاتل بين أن يدفعه لأولياء الدم أو يدفع لهم قيمته، أو قيمة المقتول وإن كان المقتول حراً، خير سيد القاتل بين أن يدفعه لأولياء الدم أو يدفع لهم قيمته، أو يدفع لهم الدية، ومحل الخيار إن لم يعف ولي المقتول مجاناً، فإن عفا وقال: أردت أخذه أو أخذ قيمة المقتول أو ديته كان كما قال الشارح.

قوله: [ولا كلام لولي زيد]: أي ولو عفا عنه ولي عمرو.

قوله: [ولا كلام لزيد]: أي ولو عفا عنه عمرو.

قوله: [هذا]: أي ما ذكر من استحقاق دم من قتل القاتل وعضو من قطع القاطع.

قوله: [واستحق من ذكر في الخطأ]: المراد بمن ذكر ولي المقتول الأول أو نفس المقطوع الأول.

وقوله: [في الخطأ]: أي الجناية الثانية خطأ والأولى عمد على كل حال.

وأما لو كانت الأولى خطأ والثانية خطأ لكان الأول يتبع عاقلة الأول، والثاني يتبع عاقلة الثاني، فتحصل أن التفصيل الذي قاله المصنف والشارح موضوعه في كون الجناية الأولى عمداً والثانية إما عمداً وإما خطأ.

والحاصل أن الصور ست عشرة؛ لأن الجناية الأولى إما على النفس أو الطرف، وفي كل إما عمداً وإما خطأ، والثانية مثلها وأربعة في مثلها بست عشرة صورة موضوع المصنف، والشرح هنا في أربعة وهي ما إذا كان المجني عليه الأول عمداً في النفس والثاني عمداً أو خطأ في النفس أو المجني عليه الأول عمداً في الطرف، والثاني عمداً أو خطأ في الطرف، وانظر باقي تفصيل المسألة في فروع المذهب.

قوله: [أي الولي]: بالنصب تفسير للضمير البارز وهو مفعول مقدم.

وقوله: [ولي المقتول]: فاعل مؤخر

قوله: [ثم بين شرط الجناية] إلخ: شروع في الركن الثالث وهو الفعل الموجب للقصاص، فتارة يكون بالمباشرة وهو ما هنا، وتارة يكون بالسبب وسيأتي.

قوله: [أو قصد زيداً فإذا هو عمرو]: أي والحال أن كلاً يمتنع قتله وأما لو كان قاصداً زيداً الحربي مثلاً فإذا هو عمرو المسلم فخطأ.

واعلم أن القتل على أوجه: الأول أن لا يقصد ضرباً، كرميه شيئاً أو حربياً فيصيب مسلماً فهذا خطأ بإجماع فيه الدية والكفارة. الثاني أن يقصد الضرب على وجه اللعب فهو خطأ على قول ابن القاسم وروايته في المدونة خلافاً لمطرف وابن الماجشون، ومثله إذا قصد به الأدب الجائز بأن كان بآلة يؤدب بها، وأما إن كان الضرب للنارية والغضب فالمشهور

ص: 383

خلافاً للحنفية (كخنق ومنع طعام) حتى مات أو منع شرب حتى مات، فالقود إن قصد بذلك موته، فإن قصد مجرد التعذيب فالدية، إلا أن يعلم أنه يموت فعلم الموت ملحق بقصده كما في النقل.

(وسقي سم) عمداً فيه القود.

(ولا قسامة) حيث تعمد ما ذكر (إن أنفذ) الضارب (مقتله أو) لم ينفذه و (مات مغموراً) مما ذكر بأن ضربه فرفع مغموراً من الضرب أو الجرح حتى مات، بل يقتص منه بلا قسامة، كما لو رفع ميتاً مما ذكر فإن لم ينفذ له مقتل وأفاق بعد الضرب أو الجرح ثم مات لم يقتص إلا بالقسامة، وكذا لا دية في الخطأ إلا بها ولو لم يأكل أو يشرب حال إفاقته لاحتمال موته من أمر عارض.

(وكطرح) معصوم (غير محسن عوم) في نهر (مطلقاً) لعداوة أو غيرها.

(أو) طرح (من يحسنه عداوة) فغرق فالقود.

(وإلا) يكن لعداوة بل لعباً (فدية) وهذا إذا علم أنه يحسنه أو لا يحسنه، فإن جهل ذلك فالقصاص في العداوة والدية في اللعب؛ فالدية في صورتين والقصاص في الباقي.

وما تقدم كله في الجناية مباشرة، وأما الجناية بالسبب فأشار له بقوله (أو تسبب) الجاني في الإتلاف:(كحفر بئر، وإن) حفرها (ببيته) فوقع فيها المقصود.

(أو وضع) شيء (مزلق) كقشر بطيخ، أو ماء بنحو طين مزلق بطريق لمقصود.

(أو ربط دابة بطريق) لمقصود.

(أو) اتخاذ (كلب عقور) أي شأنه العقر

(لمعين) راجع لجميع ما قبله.

(وهلك) المعين (المقصود) بالبئر وما بعده فالقود من المتسبب.

(وإلا) يهلك المقصود بل غيره، أو لم يكن لمعين بل قصد مطلق الضرر فهلك بها إنسان (فالدية) في الحر المعصوم، والقيمة في غيره. ومفهوم قصد مطلق الضرر: أنه إن لم يقصد ضرراً بالحفر وما بعده فلا شيء عليه، ويكون هدراً. وهذا إن حفر البئر بملكه أو بموات لمنفعة ولو لعامة أو وضع المزلق لا بطريق الناس أو ربط الدابة ببيته أو بطريق على وجه الاتفاق؛ كسوق وعند مسجد أو بيت أحد لنحو ضيافة أو اتخذ الكلب ببيته لحراسة،

ــ

أنه عمد يقتص منه إلا في حق الوالد فلا قصاص، بل فيه الدية مغلظة. الثالث أن يقصد القتل على وجه الغيلة فيتحتم القتل ولا عفو. قاله ابن رشد في المقدمات كذا في (بن).

قوله: [خلافاً للحنفية]: راجع للقضيب وما بعده فعندهم لا قصاص في هذه الأشياء، وظاهره ولو قصد قتله به وإنما القصاص عندهم في القتل بالمحدد سواء كان حديداً أو حجراً أو خشباً أو بما كان معروفاً بالقتل كالمنجنيق والإلقاء في النار.

قوله: [كما في النقل]: ولفظ ابن عرفة من صور العمد ما ذكره ابن يونس عن بعض القرويين أن من منع فضل مائه مسافراً عالماً بأنه لا يحل له منعه، وأنه يموت إن لم يسقه قتل به وإن لم يل قتله بيده اهـ فظاهره أنه يقتل به سواء قصد بمنعه قتله أو تعذيبه. فإن قلت قد مر في باب الذكاة أن من منع شخصاً فضل طعامه وشرابه حتى مات فإنه يلزمه الدية. قلت: ما مر في الذكاة محمول على ما إذا منع متأولاً، وما هنا غير متأول أخذاً من كلام ابن يونس المذكور.

قوله: [إن أنفذ الضارب مقتله] إلخ: ظاهره أن القصاص على المنفذ ولو أجهز عليه شخص آخر وهو كذلك، ويؤدب المجهز فقط على أظهر الأقوال.

والحاصل أن الذي يختص بالقتل هو من أنفذ المقاتل كما هو سماع يحيى بن القاسم ومقابله ما في سماع ابن أبي زيد أن الذي يقتل هو المجهز الثاني وعلى الأول الذي أنفذ المقاتل الأدب؛ لأنه بعد إنفاذها معدود من جملة الأحياء ويرث ويورث ويوصي بما شاء من عتق وغيره، واستظهر ابن رشد الأول.

قوله: [ومات مغموراً]: المغمور هو من لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم حتى مات.

قوله: [وأفاق بعد الضرب أو الجرح]: محترز قوله "فيرفع مغموراً".

قوله: [وكذا لا دية في الخطأ إلا بها]: أي بالقسامة عند نفي الإنفاذ ونفي الغمور.

قوله: [فالقود]: جواب عن الثلاث صور وهي طرح غير محسن العوم مطلقاً لعداوة أو غيرها ومن يحسنه عداوة.

قوله: [فدية]: أي مخمسة لا مغلظة خلافاً لابن وهب.

قوله: [أو لا يحسنه]: أي بأن علم ضده وهو توطئة لما بعده.

قوله: [فالدية في صورتين والقصاص في الباقي]: حاصله أنه إما أن يطرحه عالماً بأنه يحسن العوم أو عالماً بأنه لا يحسنه أو يشك في ذلك، والطرح إما على وجه العداوة أو اللعب؛ فإن طرحه عالماً بأنه يحسن العوم ففيه القصاص إن كان عداوة وإن كان لعباً فالدية وإن طرحه عالماً بأنه لا يحسن العوم فالقصاص طرحه عداوة أو لعباً، وإن طرحه شاكاً فإن كان الطرح عداوة فالقصاص أو لعباً فالدية فجملة الصور ست، فقول الشارح: والقصاص في الباقي مراده في أربع.

قوله: [مزلق]: اسم فاعل.

قوله: [طين مزلق]: احترز بذلك عن الطين الغير مزلق كالأرض المرملة فلا يقتص من فاعله.

قوله: [أو ربط دابة]: أي شأنها الإيذاء إما برفس أو نطح أو عض.

قوله: [بطريق لمقصود]: قيد في الدابة والمزلق بدليل تقدير الشارح.

قوله: [راجع لجميع ما قبله]: أي ولذلك قدر الشارح في الكل قوله "لمقصود".

قوله: [فالدية]: أي في صورتين وهما ما إذا هلك بها غير المقصود أو قصد بها مطلق الضرر وهلك بها مطلق إنسان.

قوله: [وهذا إن حفر البئر بملكه] إلخ: تقييد للتفصيل المتقدم.

قوله: [لحراسة]: ظاهره أن اتخاذه للحراسة ونحوها

ص: 384

وإلا فالدية أيضاً.

(وكالإكراه) عطف على "كحفر" بئر فمن أكره غيره على قتل نفس فيقتل المكره بالكسر لتسببه كما يقتل المكره بالفتح لمباشرته، وإنما يكون المأمور مكرهاً إذا كان لا يمكنه المخالفة كخوف قتل [1] من الآمر، فإن لم يخف اقتص منه فقط.

(وتقديم مسموم) لمعصوم (عالماً) بأنه مسموم، فتناوله غير عالم فمات؛ فالقصاص فإن تناوله عالماً بسمه فهو القاتل لنفسه، وإن لم يعلم المقدم فهو من الخطأ.

(ورميه حية عليه) حية فمات وإن لم تلدغه، فالقود، لا ميتة فالدية وكذا إن كان شأنها عدم اللدغ لصغرها.

(وإشارته) عليه (بسلاح) كسيف وخنجر (فهرب) المشار عليه (وطلبه) المشير في هروبه (لعداوة) بينهما، فمات بلا سقوط فالقود بلا قسامة، وإن لم يضربه بالفعل.

(وإن سقط) حال هروبه (فبقسامة) لاحتمال موته من سقوطه (وإشارته فقط) بلا عداوة ولا هرب (فخطأ) فالدية مخمسة على العاقلة، وكذا إن هرب ولا عداوة.

(وكإمساكه للقتل، ولولاه): أي الإمساك (ما قدر القاتل) على قتله: فالقود عليهما الممسك لتسببه والقاتل لمباشرته (وإلا) بأن أمسكه لغير القتل أو له وكان القاتل يدركه مطلقاً (فالمباشر) هو الذي يقتل (فقط) دون الممسك وأدب.

(ويقتل الأدنى) صفة (بالأعلى كحر كتابي بعبد مسلم) فالإسلام أعلى من الحرية (لا العكس) أي لا يقتل الأعلى بالأدنى كمسلم بحر كتابي.

(و) يقتل (الجمع) كاثنين فأكثر (بواحد) إن تعمدوا الضرب له وضربوه (ولم تتميز الضربات) أو تميزت وتساوت، بدليل قوله:(وإلا) بأن تميزت وكان بعضها أقوى شأنه إزهاق الروح (قدم الأقوى) ضرباً في القتل دون غيره (إن علم) فإن لم يعلم قتل الجميع.

(أو تمالأوا) على قتله بأن قصد الجميع قتله وضربه وحضروا وإن لم يباشره إلا أحدهم لكن بحيث إذا لم يباشره هذا لم يتركه الآخر.

والحاصل أن التمالؤ موجب لقتل الجميع وإن وقع الضرب من البعض،

ــ

ينفي عنه الضمان وإن كان عقوراً واشتهر وهو كذلك إن لم يقدم لصاحبه إنذاراً عند حاكم وإلا ضمن.

قوله: [وإلا فالدية]: راجع لمفاهيم هذه القيود من قوله: "إن حفر البئر بملكه" إلى هنا بأن يقال فيها حفر البئر بغير ملكه وبغير موات ككونها بطريق المسلمين أو بموات عبثاً أو وضع المزلق بالطريق، أو وضع الدابة بغير بيته كبيت الغير لا على وجه الضيافة، أو بطريق لا على وجه الاتفاق بل اتخذها عادة بسوق، أو بباب مسجد، أو اتخذ الكلب ببيته لا لمنفعة شرعية، فإن هلك بهذه الأشياء حر معصوم ففيه الدية وفي المعصوم غيره القيمة.

قوله: [اقتص منه فقط]: أي إن لم يكن الآمر حاضراً وتمالأ مع المباشر على القتل وإلا فيقتص منهما.

قوله: [وتقديم مسموم]: أي من طعام أو شراب أو لباس عالماً مقدمه بأنه مسموم ولم يعلم المتناول بدليل تقييد الشارح.

قوله: [فهو القاتل لنفسه]: أي ولا شيء على المقدم له وإن كان متسبباً.

قوله: [وإن لم يعلم المقدم]: بكسر الدال أي: ولا الآكل.

قوله: [فهو من الخطأ] أي ففيه الدية.

قوله: [فالدية]: أي إن رماها على وجه اللعب لا على وجه العداوة وإلا فالقود.

والحاصل أنه إذا كانت الحية حية كبيرة شأنها القتل ومات فالقود مات من لدغها أو من الخوف رماها على وجه العداوة أو اللعب، وإن كانت صغيرة ليس شأنها القتل أو ميتة فرماها عليه فمات من الخوف، فإن كان على وجه اللعب فالدية وإن كان على وجه العداوة فالقود.

قوله: [وإشارته عليه] إلخ: حاصله أنه إذا أشار عليه بآلة القتل فهرب فطلبه فمات، فإما أن يموت بدون سقوط أو به، وفي كل إما أن يكون بينهما عداوة أو لا، فإن لم يكن بينهما عداوة فالدية سقط حال هروبه أو لا؛ لكن في السقوط بقسامة وإن كانت بينهما عداوة فإن لم يسقط فالقصاص بدون قسامة وإن سقط فالقصاص بقسامة.

قوله: [وإشارته فقط]: أي وإن مات مكانه من إشارته عليه بآلة القتل من غير هروب وطلب فخطأ كما قال المصنف، لكن قول الشارح "بلا عداوة" المناسب إسقاط "لا" كما هو المنصوص في الحاشية وغيرها قال (عب): وانظر إذا لم يكن بينهما عداوة هل الدية بقسامة أو لا دية أصلاً اهـ.

قوله: [وكذا إن هرب ولا عداوة]: أي ومات فدية خطأ.

قوله: [فالقود عليهما]: حاصله أنهما يقتلان جميعاً بقيود ثلاثة معتبرة في الممسك وهي أن يمسكه لأجل القتل وأن يعلم أن الطالب قاصد قتله وأن يكون لولا ممسكه ما أدركه القاتل، فإن أمسكه لأجل أن يضربه ضرباً معتاداً أو لم يعلم أنه يقصد قتله أو كان قتله لا يتوقف على إمساك له قتل المباشر وحده وضرب الآخر مائة سوط وحبس سنة.

تنبيه: يقتص من العائن القاتل عمداً بعينه إذا علم ذلك منه وتكرر، وأما القاتل بالحال فلا يقتص منه عند الشافعية، وفي (عب) وغيره أنه يقتص منه إذا تكرر وثبت قياساً على العائن المجرب، واستبعد (بن) ذلك، وأما القاتل بالاستعمال المجرب فكالعائن جزماً.

قوله: [ويقتل الأدنى]: تفريع على ما تقدم أول الباب من شروط القصاص وأركانه.

وقوله: [ولم تتميز الضربات]: أي ضربة كل واحد منهم وسواء كان الموت ينشأ عن كل واحدة أو عن بعضها، وما ذكره من قتل الجميع في هذه الحالة هو ما في النوادر في اللخمي خلافه وهو أنه إذا أنفذ أحد الضاربين مقاتله ولم يدر من أي الضربات فإنه

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

ليست في ط المعارف.

ص: 385

أو كان الضرب بنحو سوط كما قال المصنف وأما تعمد الضرب بلا تمالؤ فإنما يوجب قتل الجميع إذا لم تتميز الضربات أو تميزت وتساوت أو لم تتساو ولم يعلم صاحب الأقوى والأقدم وعوقب غيره وهذا إذا رفع ميتاً أو منفوذ المقاتل أو مغموراً حتى مات، وإلا ففيه القسامة، ولا يقتل بها إلا واحد كما يأتي.

(و) يقتل (الذكر بالأنثى، والصحيح بالمريض و) يقتل (الكامل) الأعضاء والحواس (بالناقص عضواً) كيد أو رجل (أو حاسة) كسمع وبصر.

(و) يقتل (المتسبب مع المباشر) كحافر بئر لمعين، فرداه غيره فيها وكمكره بالكسر مع مكره بالفتح هذا لتسببه وهذا لمباشرته.

(و) يقتل (أب أو معلم) صنعة أو قرآناً (أمر) كل من الأب أو المعلم (صبياً) بقتل إنسان فقتله، ولا يقتل الصغير لعدم تكليفه.

(و) يقتل (سيد أمر) عبده بقتل حر فقتله، ويقتل العبد أيضاً إن كان كبيراً لأنه مكلف، فإن كان الولد أو المتعلم كبيراً قتل وحده إن لم يكره، وإلا قتلا معاً كما تقدم. وعلى عاقلة الولد الصغير أو المتعلم نصف الدية مع القصاص من الأب أو المعلم.

(و) يقتل (شريك صبي) دون الصبي (إن تمالآ) معاً على قتل شخص، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية، لأن عمده كخطئه. فإن لم يتمالآ على قتله وتعمداه أو الكبير فقط فعليه نصف الدية في ماله وعلى عاقلة الصغير نصفها وإن قتلاه أو الكبير خطأ، فعلى عقلة كل نصف الدية (لا) يقتل (شريك مخطئ و) لا شريك (مجنون) بل عليه نصف الدية في ماله وعلى عاقلة المخطئ أو المجنون نصفها. هذا إن تعمد، وإلا فالنصف على عاقلته أيضاً.

ثم شرع يتكلم على الجناية فيما دون النفس فقال: (وما دون النفس كجرح) وقطع وضرب وإذهاب منفعة؛ كسمع (وبصر كالنفس) أي كالجناية على النفس (فعلاً) أي في الفعل

ــ

يسقط القصاص والدية وفي أموالهم إذا لم يتمالؤوا على قتله كذا في (عب).

قوله: [أو كان الضرب بنحو سوط]: أي هذا إذا ضربوه بآلة يقتل بها عادة، بل وإن حصل بآلة لا يقتل بها عادة فالمدار على التمالؤ أي التعاقد والاتفاق

قوله: [كما يأتي]: أي آخر الباب.

قوله: [ويقتل الذكر بالأنثى]: أي حيث لم يكن القاتل زائداً حرية أو إسلاماً كما تقدم.

قوله: [بالمريض]: أي ولو كان المريض مشرفاً ومحتضراً للموت.

قوله: [مع مكره بالفتح]: أي حيث كان الإكراه بخوف القتل وإلا فيقتص منه هو فقط إن لم يكن الآمر حاضراً وإلا فيقتل أيضاً لقدرته على التخليص كما في الخرشي والمجموع، ومحل اشتراط خوف القتل من المكره ما لم يكن المأمور عبداً لذلك الآمر، وإلا كان أمره بمنزلة الإكراه كما يأتي.

قوله: [ولا يقتل الصغير]: أي ولا دية عليه في ماله، وإنما على عاقلته نصفها كما سيأتي.

قوله: [إن كان كبيراً]: أي بالغاً وأمر السيد فيه كالإكراه فلذلك يقتل معه.

قوله: [وعلى عاقلة الولد الصغير] إلخ: أي وأما العبد الصغير المأمور فلا شيء عليه لعدم العاقلة له.

قوله: [فإن لم يتمالآ على قتله] إلخ: محل قسم الدية بينهما ما لم يدع أولياء المقتول أنه مات من فعل المكلف - فإنهم يقسمون عليه ويقتلونه، ويسقط نصف الدية عن عاقلة الصبي؛ لأن القسامة إنما يقتل بها ويستحق بها واحد.

قوله: [فعلى عاقلة كل نصف الدية]: إنما كان على عاقلة الصبي نصف الدية في عمده وخطئه لأن عمده كخطئه.

تنبيه: هل يقتص من شريك سبع نظراً لتعمد قتله ومن شريك جارح نفسه جرحاً ينشأ عنه الموت غالباً ومن شريك حربي لم يتمالأ معه على القتل أو لا يقتص مما ذكر، بل إنما عليه نصف الدية ويضرب مائة ويحبس عاماً؟ قولان والقول بالقصاص يكون بقسامة وبنصف الدية بلا قسامة

مسألة: إن تصادم المكلفان أو تجاذبا حبلاً أو غيره فسقطا راكبين أو ماشيين أو مختلفين قصداً فماتا فلا قصاص لفوات محله، وإن مات أحدهما فحكم القود يجري بينهما أو حملا على القصد عند جهل الحال لا على الخطأ عكس السفينتين إذا تصادمتا، وجهل الحال فيحملان على عدم القصد من رؤسائهما فلا قود ولا ضمان، لأن جريهما بالريح ليس من عمل أربابهما كالعجز الحقيقي بحيث لا يستطيح [1] كل منهما أن يصرف دابته أو سفينته عن الآخر فلا ضمان بل هو هدر، لكن الراجح أن العجز الحقيقي في المتصادمين فيه ضمان الدية في النفس والقيمة في الأموال. بخلاف السفينتين فهدر وحملا عليه عند جهل الحال، وأما لو قدر أهل السفينتين على الصرف ومنعهم خوف الغرق أو النهب أو الأسر حتى أهلكت إحدى السفينتين الأخرى فضمان الأموال في أموالهم والدية على عواقلهم؛ لأنهم لا يجوز لهم أن يسلموا بهلاك غيرهم اهـ ملخصاً من خليل وشراحه.

فائدة: قال (شب): ذكر خليل في توضيحه فروعاً لا بأس بذكرها لتعلقها بما هنا؛ أحدها: لو قاد بصير أعمى فوقع البصير ووقع الأعمى عليه فقتله فقال مالك في رواية ابن وهب: الدية على عاقلة الأعمى. ثانيها لو طلب غريقاً فلما أخذه خشي على نفسه الهلاك فتركه ومات ففي الموازية والعتبية عند ابن القاسم لا شيء عليه. ثالثها: لو سقط من على دابته على رجل فمات الرجل فديته على عاقلة الساقط قاله أشهب في الموازية والمجموعة، ولو انكسرت سن من الساقط وانكسرت سن من الآخر فقال ابن المواز: مذهب أصحابنا أن على الساقط دية سن الذي سقط عليه وليس على الآخر ديتها. وقال ربيعة على كل واحد دية صاحبه ودليل الأول أن الجناية بسبب الساقط دون سبب آخر اهـ

قوله: [كجرح]: بفتح الجيم الفعل وأثره بالضم وسيأتي الفرق بين الجرح وغيره عن ابن عرفة.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(يستطيع).

ص: 386

من كونه عمداً عدواناً (وفاعلاً) أي من كونه مكلفاً غير حربي ولا زائد حرية أو إسلاماً (ومفعولاً) من كونه معصوماً للإصابة بإيمان أو أمان، قال ابن عرفة: متعلق الجناية غير النفس إن أفاتت بعض الجسم فقطع، وإلا فإن أزالت اتصال عظم لم يبن فكسر وإلا فإن أثرت في الجسم فجرح وإلا فإتلاف منفعة. اهـ.

ولما كان قوله: "كالنفس" يقتضي من حيث الفاعل أنه يقتص من الناقص -كالعبد- إن جرح كاملاً كالحر استثنى ذلك منه بقوله: (إلا ناقصاً) لحرية أو إسلام (كعبد) أو كافر (جنى على طرف) أو منفعة (كامل كحر) أو مسلم (فلا قصاص) من الناقص على المشهور من المذهب، وهو قول الفقهاء السبعة، وعليه عمل أهل المدينة؛ لأن جناية الناقص على الكامل كجناية ذي يد شلاء على صحيحة، وإن كان يقتص منه في النفس كما مر، ودية الجرح في رقبة العبد وذمة الكافر فإن لم يكن فيه شيء مقدر فحكومة إن برئ على شين، وإلا فليس على الجاني المتعمد إلا العقوبة.

(وإن تعدد مباشر) على ما دون النفس (بلا تمالؤ) منهم (وتميزت) الجراحات: أي تميز وعلم فعل كل واحد منهم (فمن كل) يقتص (بقدر ما فعل) فإن تمالأوا اقتص من كل بقدر الجميع، تميزت أم لا، قياساً على قتل النفس من أن الجميع عند التمالؤ يقتلون بالواحد، وأما إذا لم تتميز عند التمالؤ، فهل يلزمهم دية الجميع ولا قصاص؟ أو يقتص من كل بقدر الجميع؟ فإذا كانوا ثلاثة قلع أحدهم عينه وقطع أحدهم يده والثالث رجله ولم يعلم من الذي فقأ العين ومن قطع الرجل ومن قطع اليد والحال أنه لا تمالؤ بينهم اقتص من كل بفقء عينه وقطع يده ورجله وفيه نظر؛ إذ لم يقع من كل واحد إلا فعل واحد.

ثم شرع في بيان ما يقتص منه مما دون النفس، وما لا يقتص منه بقوله:(واقتص من موضحة) بكسر الضاد المعجمة (وهي: ما أوضحت عظم الرأس) أي أظهرته (أو) عظم (الجبهة) ما بين الحاجبين وشعر الرأس (أو) عظم (الخدين) فما أوضحت عظم غير ما ذكر ولو بالوجه كأنف ولحي أسفل لا يسمى موضحة عند الفقهاء وإن اقتص من عمده ولا يشترط في الموضحة ما له بال واتساع بل (وإن) ضاق (كإبرة) أي كقدر مغرزها فيقتص منه.

(و) يقتص (مما قبلها) أي الموضحة من كل ما لا يظهر به العظم، وهي ستة بينها بقوله:(من دامية) وهي ما أضعفت الجلد حتى رشح منه دم بلا شق له، (وحارصة: ما شقت الجلد وسمحاق): بكسر السين: ما (كشطه [1]) أي الجلد عن اللحم، (وباضعة): وهي ما (شقت اللحم)، (ومتلاحمة) وهي ما (غاصت فيه بتعدد): أي في عدة مواضع منه ولم تقرب للعظم.

(وملطأة) بكسر الميم: وهي ما (قربت للعظم) ولم تصل له، وإلا فموضحة كما تقدم.

ــ

قوله: [من كونه عمداً]: أي قصداً.

وقوله: [عدواناً]: أي تعدياً يحترز عن اللعب والأدب فينشأ عنه جرح فلا قصاص فيه.

قوله: [غير حربي]: أي لأن الحربي لا يقتص منه بدليل أنه لو أسلم أو أمناه لا يلزمه شيء فيما فعله؛ وتقدم إيضاح تلك القيود أول الباب.

قوله [من كونه معصوماً]: أي من حين الرمي إلى حين التلف كما تقدم إيضاحه.

قوله: [إن أفاتت بعض الجسم]: أي أذهبته.

قوله: [لم يبن]: أي لم ينفصل بل بقي معلقاً ببعض العروق.

قوله: [وإلا]: أي بأن لم تحصل إفاتة بعض الجسم ولا إزالة اتصال عظم لم يبن.

قوله: [وإلا فإتلاف منفعة]: أي بأن لم تحصل إفاتة بعض الجسم ولا إزالة اتصال عظم لم يبن ولا غاصت في الجسم، وإنما أذهبت منفعة من الجسم مع بقائه على ما هو عليه.

قوله: [يقتضي من حيث الفاعل]: أي لأن الأصل في التشبيه أن يكون تاماً فأفاد بهذا الاستثناء أن التشبيه غير تام.

قوله: [من الناقص]: مراده بالناقص والكامل باعتبار المعنى لا باعتبار الحس، فإن الفرض أن الأعضاء متساوية في الجميع.

قوله: [كعبد]: مثال لنقص الحرية.

وقوله: [أو كافر]: مثال لنقص الإسلام.

قوله: [كجناية ذي يد شلاء]: أي تنزيلاً للنقص المعنوي منزلة النقص الحسي.

قوله: [كما مر]: أي في شرح قوله "ولا زائد حرية أو إسلام".

قوله: [فإن لم يكن فيه شيء مقدر]: أي من الشارع وستأتي ديات الجراحات التي قدرها الشارع.

وقوله: [فحكومة] إلخ: أي مال يحكم به القاضي بعد تقويم الذات المجني عليها سالمة ومعيبة، وينظر لما بين القيمتين فيحكم القاضي به على الجاني وسيأتي إيضاح ذلك.

قوله: [فمن كل يقتص بقدر ما فعل]: أي بالمساحة ولا ينظر لتفاوت العضو بالرقة والغلظ.

قوله: [وفيه نظر]: أي فالأظهر الأول. .

قوله: [ما بين الحاجبين وشعر الرأس]: مراده ما علا على الحاجبين وسفل عن شعر الرأس فيشمل الجبينين.

قوله: [لا يسمى موضحة عند الفقهاء] إلخ: قال البساطي إنما يظهر تعريف الموضحة بما ذكر باعتبار الدية، وأما باعتبار القصاص فلا فرق بين هذه وبين غيرها.

قوله: [ولا يشترط في الموضحة]: أي قصاصاً أو دية.

قوله: [بل وإن ضاق]: أي بل يثبت القصاص أو الدية وإن كان ضيقاً كإبرة إلخ.

قوله: [ويقتص مما قبلها]: أي من السابق عليها في الوجود الخارجي.

قوله: [وحارصة]: بحاء مهملة فألف فراء فصاد مهملتين.

قوله: [وباضعة]: بالضاد المعجمة والعين المهملة.

قوله: [أي في عدة مواضع]: أي بأن أخذت فيه يميناً وشمالاً.

قوله: [بكسر الميم]: أي وبالهمز.

قوله: [ولم تصل له]: حاصله أن الملطأة هي التي أزالت اللحم وقربت للعظم ولم تصل إليه بل بقي بينها وبينه ستر رقيق، فإن زال

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (كشطته)، ولعلها الصواب.

ص: 387

فالستة: ثلاثة متعلقة بالجلد، وثلاثة باللحم.

(و) يقتص (من جراح الجسد) غير الرأس (وإن منقلة) وسيأتي تفسيرها.

وتعتبر (بالمساحة) طولاً وعرضاً وعمقاً، وهذا:(إن اتحد المحل) أي يشترط اتحاده؛ فلا يقتص من جرح عضو أيمن في أيسر ولا عكسه، ولا تقطع سبابة مثلاً بإبهام، ولو كان عضو المجني عليه طويلا و [1] عضو الجاني قصيراً لم يكمل بقية الجرح من عضوه الثاني.

(و) اقتص (من طبيب) المراد به هنا: من يباشر القصاص من الجاني (زاد) على المساحة المطلوبة (عمداً) فيقتص منه بقدر ما زاد فلو نقص ولو عمداً فلا يقتص ثانياً، فإن مات المقتص منه من القصاص فلا شيء على الطبيب إذا لم يزد عمداً وإلا فالقصاص.

(وإلا) يتحد المحل أو لم يتعمد الطبيب الزيادة بل أخطأ (فالعقل) على الجاني فإذا قطع خنصراً ولا خنصر له فلا قصاص لعدم اتحاد المحل وتعين العقل فإن كانت الجناية عمداً أو دون الثلث ففي ماله، وإلا فعلى العاقلة كما سيأتي.

وشبه في لزوم العقل قوله: (كعين أعمى) أي حدقته جنى عليها ذو سالمة بأن قلعها فإن السالمة لا تؤخذ بها لعدم المماثلة، بل يلزمه حكومة بالاجتهاد، وفي العكس الدية (ولسان أبكم) لا يقطع بالناطق ولا عكسه، وفي الناطق الدية وفي الأبكم الحكومة.

(وما بعد موضحة) من الجراح: لا قصاص فيه ويتعين فيه العقل، وبينه بقوله:(من منقلة) بفتح النون وكسر القاف مشددة وهي لا تكون إلا في الرأس أو الوجه (وهي: ما ينقل بها) أي فيها (فراش العظم) بفتح الفاء وكسرها أي العظم الرقيق الكائن فوق العظم كقشر البصل: أي ما يزيل منها الطبيب فراش العظم (للدواء) أي لأجله ليلتئم الجرح أي ما شأنها ذلك. وإنما لم يكن فيها قصاص لشدة خطرها.

(وآمة) بفتح الهمزة ممدودة: وهي ما (أفضت لأم الدماغ) وأم الدماغ: جلدة رقيقة مفروشة عليه متى انكشفت عنه مات.

(ولا من لطمة) عطف على محذوف استفيد مما قبله أي فلا قصاص من ذلك ولا من لطمة: أي ضربة على الخد إذا لم ينشأ عنها جرح ولا ذهاب منفعة ولا عقل فيها كما سينبه عليه.

(و) لا من (ضربة) بيد أو رجل بغير وجه كصفع بقفا (لم تجرح) أي لم ينشأ عنها جرح أي ولا ذهاب منفعة كاللطمة.

(و) لا من إزالة (لحية)

ــ

ذلك الستر سميت موضحة.

قوله: [ثلاثة متعلقة بالجلد]: أي وهي الدامية والحارصة والسمحاق.

وقوله: [وثلاثة باللحم]: أي وهي الباضعة والمتلاحمة والملطأة.

قوله: [غير الرأس]: أي والجبهة والخدين، وأما الرأس فقد سبق الكلام على سبع جراحات فيه، وسيأتي اثنتان ليس فيهما إلا الدية وهما المنقلة والآمة.

قوله: [وسيأتي تفسيرها]: أي في قوله: "ما ينقل بها فراش العظم للدواء" وبحث (بن) في تسميتها منقلة بقوله: صوابه: وإن هاشمة، فقد قال مالك: الأمر المجمع عليه عندنا أن المنقلة لا تكون إلا في الرأس والوجه - انظر المواق اهـ.

قوله: [بالمساحة]: هي بكسر الميم.

قوله: [وهذا إن اتحد المحل]: أي واعتبار القصاص بالمساحة إنما يكون إن اتحد المحل.

قوله: [لم يكمل بقية الجرح] إلخ: أي فمحل اعتبار القصاص بالمساحة إذا لم يحصل إزالة عضو وإلا فيقطع العضو الصغير بالكبير وعكسه.

قوله: [المراد به هنا]: أي وأما الطبيب بمعنى المداوي فليس مراداً هنا.

قوله: [فلو نقص ولو عمداً]: أي على المساحة المطلوبة لأنه قد اجتهد.

قوله: [فلا شيء على الطبيب]: أي فلا يقتص منه فلا ينافي أن عليه إن زاد الدية كما يأتي بعد.

قوله: [فإذا قطع خنصراً]: مثال لما لم يتحد فيه المحل.

قوله: [فإن كانت الجناية عمداً] أي فإن كان الجرح عمداً والفرض عدم اتحاد المحل في الجاني أو كان من زيادة الطبيب.

وقوله: [أو دون الثلث]: أي أو كان خطأ وعقله دون ثلث الدية الكاملة.

وقوله: [ففي ماله]: أي فالعقل في ماله.

قوله: [وفي العكس الدية]: أي فيما إذا كان الجاني أعمى وفقأ عين البصير.

قوله: [وفي الناطق الدية] إلخ: أي كما قيل في العين العمياء والعين البصيرة.

قوله: [ويتعين فيه العقل]: أي فيستوي عمده وخطؤه.

قوله: [وهي لا تكون إلا في الرأس أو الوجه]: هذا مما يؤيد بحث (بن) المتقدم.

قوله: [أي فيها] جعل الباء بمعنى في يشكل عليه آخر العبارة، فإن مقتضاه أن الباء بمعنى من.

قوله: [وهي ما أفضت لأم الدماغ]: حاصله أن الآمة هي الجرح الواصلة لأم الدماغ ولم تخرقها، وذكر خليل بعدها الدامغة بعين [2] معجمة وهي ما خرقت خريطة الدماغ ولم تنكشف بل نحو قدر مغرز إبرة فعلى كلام خليل ما بعد الموضحة ثلاثة أشياء. قال ابن عبد السلام: الأظهر أن الآمة والدامغة مترادفان أو كالمترادفين فمن أجل ذلك لم يتعرض لها مصنفنا وجعل ما بعد الموضحة شيئين.

قوله: [جلدة رقيقة]: محصله أن الدماغ اسم للمخ وأمه هي الجلدة الرقيقة.

قوله: [ولا عقل فيها]: أي بل فيها الأدب إن كانت عمداً.

قوله: [بيد أو رجل]: الباء داخلة على الآلة.

وقوله: [بغير وجه]: الباء بمعنى على.

قوله: [بغير وجه]: إنما قيد بذلك لئلا يتكرر مع اللطمة.

قوله: [ولا من إزالة لحية]: هي الشعر النابت على

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

قوله: (عضو المجني عليه طويلاً و) ليس في ط المعارف.

[2]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(بغين).

ص: 388

بفتح اللام.

(و) لا من إزالة (شفر عين) بضم الشين المعجمة وسكون الفاء الهدب.

(و) لا من شعر (حاجب وعمدها) أي هذه المذكورات من اللطمة وما بعدها (كالخطأ) في عدم القصاص والعقل (إلا في الأدب) فيجب في عمدها دون خطئها.

ومفهوم "لم تجرح" أنها إن نشأ عنها [1] جرح أو ذهاب منفعة أن فيها القصاص، وهو كذلك وسيأتي تفصيله.

(بخلاف ضربه بسوط) ففي عمدها القصاص.

(ولا) قصاص (إن عظم الخطر) بفتح الخاء والطاء أي الخوف (في غيرها) أي غير الجراح التي بعد الموضحة أي جراح الجسد غير ما تقدم (كعظم الصدر) أي كسره وعظم الصلب أو العنق (ورض الأنثيين) وفيها العقل كاملاً بعد البرء ومفهوم: "رض" أن في قطعهما أو جرحهما القصاص لأنه ليس من المتالف.

(وإن جرحه) جرحاً فيه القصاص كموضحة (فذهب) بسببه (نحو بصره أو شلت يده اقتص منه) أي يفعل بالجاني بعد برء المجني عليه مثل ما فعل.

(فإن حصل) للجاني (مثله) أي مثل الذاهب من المجني عليه (أو زاد) الذاهب من الجاني بأن ذهب شيء آخر مع الذاهب، بأن أوضح فذهب بصره وسمعه، فلا كلام لأنه ظالم يستحق.

(وإلا) يحصل للجاني مثل الذاهب من المجني عليه بأن لم يحصل شيء أو حصل غيره (فالعقل) لازم للجاني في ماله أي عقل ما ذهب من المجني عليه فعبارته أوضح من عبارة الأصل.

(كأن ضربه) ضربة لا قصاص فيها كلطمة أو ضربة بقضيب مما لا قصاص فيه؛ لأن الضرب لا يقتص فيه إنما يقتص من الجروح كما في الآية (فذهب) بصره مثلاً؛ فإنه لا يضرب بل عليه العقل (إلا أن يمكن الإذهاب) من الجاني بفعل فيه يذهب منه مثل ما أذهب بما لا قصاص فيه كحيلة تذهب بصره (بلا ضرب) فإنه يفعل به (وإن قطع) بعد الجناية (عضو قاطع) لعضو غيره عمداً (بسماوي) مرتبط "بقطع" بمعنى سقط (أو) قطع بسبب (سرقة أو) قطع (بقصاص لغيره) أي لغير المجني عليه أولاً (فلا شيء للمجني عليه) لا قصاص ولا دية؛ لأنه إنما تعلق حقه بالعضو المماثل وقد ذهب، وكذا لو مات القاطع بخلاف مقطوع العضو قبل الجناية فعليه الدية.

(ويؤخذ) من الجاني (عضو قوي بضعيف) جنى عليه، فإذا جنى صاحب عين سليمة على عين ضعيفة الإبصار خلقة أو من كبر صاحبها فإن السليمة تؤخذ بالضعيفة

ــ

اللحي الأسفل.

قوله: [بفتح اللام]: لعله بكسرها لأنه الأفصح فيها قال تعالى: {لا تأخذ بلحيتي} [طه: 94].

قوله: [إلا في الأدب]: أي وتجب الحكومة في اللحية وشعر العين والحاجب إن لم ينبت كما كان أولاً.

قوله: [وسيأتي تفصيله]: أي في قوله "وإن جرحه" إلخ.

قوله: [ففي عمدها القصاص]: أي وإن لم ينشأ عنه جرح ولا ذهاب منفعة؛ لأن الضرب بالسوط عهد للأدب والحدود، وليس فيه متالف عادة.

قوله: [التي بعد الموضحة]: أي وهي المنقلة والآمة؛ فالتقييد بعظم الخطر بالنسبة للجراحات التي في الجسد غير المنقلة والآمة المتقدمين، فإنه لا قصاص فيها من غير قيد بعظم الخطر لأن شأنهما عظم الخطر، وقوله "غير ما تقدم" أي من الموضحة وما قبلها من كل ما في عمده القصاص فالضمير في "غيرها" عائد على الجراح التي بعد الموضحة.

وقوله: [أي جراح الجسد]: تفسر للغير.

وقوله: [غير ما تقدم]: قيد في جراح الجسد.

قوله: [بعد البرء]: أي بعد استقرار حياته، والموضوع أن الأنثيين وما قبلهما ذهبت منه المنفعة وإلا فلو برئ على غير شين لم يكن في العمد إلا الأدب. وإنما وجب العقل دون القصاص لقول مالك: أخاف أن يتلف الجاني.

قوله: [أي يفعل بالجاني]: وجد بطرته هذا أول ما نقله الفقير مصطفى العقباوي تلميذ المؤلف من شرحه على الأصل مع تجريد من مجموع وحاشية شيخنا العلامة سيدي الشيخ محمد الأمير، وذلك بإذن من ولي الله تعالى الشيخ صالح السباعي يقظة ومؤلفه القطب شيخنا الدردير مناماً قلت له: يا سيدي أنقل كلامك لكلامك؟ فتبسم وقال: خيراً، نسأل الله القبول والرضا اهـ.

قوله: [بعد برء المجني عليه]: أي كما هو الواجب في كل الجراحات التي لم يتحقق عاقبة أمرها. وسيأتي بيان ذلك.

قوله: [مثل ما فعل]: أي من الجرح موضحة أو غيرها.

قوله: [أي مثل الذاهب]: الأولى حذف "مثل".

وقوله: [من المجني عليه] صفة للذاهب الذي هو البصر أو شلل اليد.

قوله: [وسمعه]: هذا هو الذي زاد.

قوله: [فلا كلام]: أي لذلك الجاني الذي اقتص منه.

وقوله: [لأنه ظالم يستحق]: أي يستحق القصاص بالوجه الذي فعل به ولزيادة أمر من الله.

قوله: [فالعقل لازم للجاني في ماله]: أي الجاني وهذا مذهب ابن القاسم، وقال أشهب: إنها على عاقلته والوجه مع ابن القاسم لأن الفرض أن الجرح عمد.

قوله: [الأصل]: يعني به خليلاً ولو جرى على اصطلاح المصنف في شرحه لعبر بالشيخ.

قوله: [لأن الضرب لا يقتص فيه]: أي الضرب بغير السوط إن لم ينشأ عنه جرح لا يقتص فيه.

قوله: [كما في الآية]: أي وهي قوله تعالى: {والجروح قصاص} [المائدة: 45].

قوله: [بفعل فيه] إلخ: الأوضح في العبارة أن يقول بعد قول المصنف بلا ضرب بل بحيلة فإنه يفعل به

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (عنا).

ص: 389

ما لم يكن الضعف جداً، وإلا فالدية.

(وإن فقأ سالم) أي سالم العينين (عين أعور) فيخير المجني عليه بين فقء المماثلة من الجاني وبين أخذ دية كاملة من مال الجاني ولو كان أخذ دية الأول على الأصوب للسنة، ولأنه ينتفع بالواحدة انتفاع العينين كما قال.

(فله) أي للأعور، وتسميته أعور بحسب ما كان وإلا فوقت التخيير هو أعمى (القود) أي القصاص (أو أخذ دية كاملة من ماله) لأنه عمد.

(وإن فقأ أعور من سالم مماثلته) أي مماثلة عين [1] الجاني السالمة (فله) أي لسالم العينين المجني [2] عليه (القصاص) من الأعور الجاني بأن يفقأ عينه السالمة فيصيره أعمى (أو) يترك القصاص ويأخذ من الجاني (دية ما تركه) وهي عين الجاني، وديتها ألف دينار على أهل الذهب.

(و) إن فقأ الأعور من السالم (غيرها) أي غير المماثلة لعينه، بأن فقأ من السالم مماثلة العوراء (فنصف دية فقط) تلزم الجاني (في ماله) وليس للمجني عليه أن يقتص لعدم المحل المماثل.

(وإن فقأهما) أي إن فقأ الأعور عيني السالم عمداً في مرة أو مرتين وسواء فقأ التي ليس له مثلها أولاً أو ثانياً على الراجح (فالقود) حق المجني بأن يفقأ المماثلة من الجاني فيصيره أعمى لبقاء سالمته (ونصف الدية) يأخذه المجني عليه من الجاني بدل ما ليس لها مماثلة ولم يخير سالم العينين في المماثلة بحيث يكون له القصاص أو أخذ الدية لئلا يلزم عليه أخذ دية ونصف، وهو خلاف ما ورد عن الشارع صلى الله عليه وسلم.

(والاستيفاء) في النفس (للعاصب) الذكر فلا دخل فيه لزوج ولا لأخ لأم أو جد لها، والاحتراز بقيد "النفس" عن الجرح لأنه للمجني عليه لا للعاصب (على ترتيب الولاء) فيقدم الأقرب فالأقرب، فيقدم ابن، فابنه إلخ.

(إلا الجد) الأدنى (والإخوة فسيان) هنا في القتل والعفو، ولا كلام للجد الأعلى مع الإخوة ولا لبني الإخوة مع الجد؛ لأنه بمنزلة أبيهم ولا كلام لهم مع أبيهم، فكذا ما هو بمنزلته، وقولنا هنا:"في القتل" إلخ احتراز عن إرث الولاء، فليس الجد مساوياً للإخوة

ــ

ويحذف ما بين الكلامين.

قوله: [ما لم يكن الضعف جداً]: انظر من ذكر هذا القيد فإن ظاهر كلام الشراح التي بأيدينا أن السليمة تؤخذ بالضعيفة من غير تقييد بهذا القيد وترك الشرح تتميم المسألة. وحاصل فقهها أن العين السليمة تؤخذ بالضعيفة خلقة أو لكبر أو لجدري أو لرمية أو نحوها كطرفة، ولو أخذ صاحبها لها عقلاً حيث كانت الجناية على تلك الضعيفة عمداً كما هو الموضوع، فإن كانت الجناية خطأ فإن كان ضعفها خلقة أو لكبر أو لجدري أو لكرمية ولم يتمكن صاحبها من أخذ عقلها من الرامي الأول فالدية كاملة، وأما إذا تمكن من أخذ عقلها منه غرم الجاني المخطئ لربها بحساب ما بقي من نورها.

قوله: [وبين أخذ دية كاملة]: أي وهي دية عين نفسه.

قوله: [ولو كان أخذ دية الأولى على الأصوب]: أي كما في ابن عرفة عن ابن القاسم وأشهب، ولذا قال المسناوي: الفقه صحيح لكن تخير المجني عليه بين الدية والقصاص مشكل لأن مشهور المذهب تحتم القصاص في العمد. وأجيب بأن الموجب للتخيير هو عدم مساواة عين الجاني والمجني عليه في الدية؛ لأن دية عين المجني عليه ألف دينار، بخلاف عين الجاني فديتها خمسمائة دينار، فلو

ألزمناه بالقصاص لكان أخذ الأدنى في الأعلى وهو ظلم له كمن كفه مقطوعة، وقطع يد رجل من المرفق اهـ وهذا الجواب يقوي إشكال التخيير في صورة ما إذا فقأ أعور من سالم مماثلته كذا في (بن) والجواب الأتم قولهم للسنة.

قوله: [لأنه عمد]: علة لكون الدية في ماله.

قوله: [على أهل الذهب]: أي كما سيأتي في تفاصيل الديات.

قوله: [وسواء فقأ] إلخ: أي كما هو قول ابن القاسم. وقال أشهب: إن بدأ بالتي له مثلها وثنى بالأخرى فالقصاص وألف دينار لتعيين القصاص بالمماثلة، وصارت الثانية عين أعور فيها دية كاملة، وإن فقأهما معاً أو بدأ بالتي ليس له مثلها فالقود في المماثلة ونصف الدية في غيرها.

قوله: [لبقاء سالمته]: الأوضح مماثلته وهو تعليل لقوله "فالقود".

قوله: [لئلا يلزم عليه أخذ دية ونصف]: أي حيث اختار الدية في العينين.

قوله: [للعاصب]: أي واستيفاء القصاص من الجاني لعاصب المقتول لا لغيره، ولذا قالوا لا يجوز للحاكم القتل بمجرد ثبوته ولو عاينه أو شهدت بين يديه بينة، بل يحبس الجاني حتى يحضر العاصب إذا وجد على الترتيب، فإن لم يكن له عاصب فالنظر للحاكم وهذا في غير القتل غيلة، وأما هو فالنظر فيه للحاكم من أول الأمر.

قوله: [الذكر]: أي وهو العاصب بنفسه خرج العاصب لغيره أو مع غيره، وتقييد الشارح العاصب بالذكر أغلبي وإلا فالمعتق عاصب بنفسه وإن كان أنثى.

قوله: [فلا دخل فيه لزوج]: أي إلا أن يكون ابن عم لزوجته المقتولة.

قوله: [والاحتراز بقيد النفس]: أي الذي زاده الشارح بعد قوله "والاستيفاء".

قوله: [لأنه للمجني عليه]: أي إن كان رشيداً وإلا فلوليه.

قوله: [على ترتيب الولاء]: المناسب على ترتيب النكاح لأنه المتقدم.

قوله: [فسيان هنا]: أي كما قال الأجهوري في نظمه المشهور.

وسوه مع الآباء في الإرث والدم.

قوله: [ولا كلام للجد الأعلى]: محترز قوله "الأدنى"، لأن الجد الأعلى في نسبته كالأعمام وإن كان يقدم عليهم.

قوله: [ولا لبني الإخوة مع الجد]: أي الأدنى.

قوله [عن إرث الولاء]: أي لا إرث النسب. فسيان

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

ليست في ط المعارف.

[2]

ليست في ط المعارف.

ص: 390

بل يقدم الإخوة وبنوهم عليه (وحلف) الجد (الثلث) من أيمان القسامة (إن ورثه) أي إن [1] ورث الثلث، بأن كان [2] معه أخوان، فإن كان معه أخ حلف النصف. ولا فرق بين العمد والخطأ في الصورتين اتفاقاً، كما يحلف الثلث في الخطأ اتفاقاً حيث كان معه أكثر من أخوين. أما لو كان عمداً وهم أكثر من مثليه فقيل: يحلف الثلث، وقيل: كأخ أي يقدر أخاً زائداً على الإخوة ويحلف ما ينوبه كالربع حيث كان الإخوة ثلاثة والخمس إلخ.

(وانتظر غائب) من العصبة (قربت غيبته) بحيث تصل إليه الأخبار، ومحل الانتظار: حيث أراد الحاضر القصاص؛ إذ لو أراد العفو فله ذلك بدون انتظار، وللغائب إذا حضر نصيبه من دية عمد، كما لا ينتظر إن بعدت غيبته جداً بحيث يتعذر وصول الخبر إليه كأسير ومفقود كما قال:(لا بعيد و) لا ينتظر مجنون (مطبق) بخلاف من يفيق أحياناً فتنتظر إفاقته.

(و) لا ينتظر (صبي) أي بلوغه حيث (لم يتوقف الثبوت عليه) كأخ صغير معه عاصبان ولو أبعد منه كعمين، فلهما القسامة والقصاص، أو يكون عاصب كبير مساو له يستعين بعاصبه كعمه ولو كان المستعان به أجنبياً من المقتول، كأن تقتل امرأة وتترك ابناً صغيراً وابن ابن كبير، فللكبير البعيد أن يقسم ويستعين بعم له من أبيه، فلو توقف الثبوت على الصغير، كأن لم يوجد من العصبة غيره أو معه كبير واحد ولا عاصب يستعين به الكبير فإن الكبير يحلف حصته خمسة وعشرين يميناً مع إحضار الصغير، ثم ينتظر بلوغ الصغير فيحلف الباقي ويثبت القصاص. فكلام المصنف فيما يحتاج لقسامة، وأما ما ثبت ببينة ففيه القصاص بدون انتظار. هذا ما جرى عليه الشراح وفي المسألة خلاف كثير (و) الاستيفاء (للنساء) أيضاً بثلاثة شروط، أشار للأول بقوله:(إن ورثن) أي كن وارثات، احترازاً عن العمة والخالة ونحوهما.

وللثاني بقوله: (ولم يساوهن عاصب) في الدرجة بأن لم يوجد عاصب أصلاً، أو يوجد أنزل، كعم مع بنت أو أخت، فخرجت البنت مع الابن أو الأخت مع الأخ فلا كلام لها معه في عفو ولا قود.

وأشار للثالث بقوله: (وكن عصبة لو كن ذكوراً) فلا كلام للجدة من الأم والأخت للأم والزوجة. فإن كن الوارثات مع عاصب غير مساو فلهن وله القود، أي: كل من طلبه من الفريقين أجيب له، ولا يعتبر عفو إلا باجتماع الفريقين أو بواحد من كل فريق

ــ

كما في النظم قوله: [بل يقدم الإخوة وبنوهم عليه]: أي كما أفاده الأجهوري في نظمه بقوله:

بغسل وإيصاء ولاء جنازة .... نكاح أخاً وابناً على الجد قدم

قوله: [حلف النصف]: أي كما يحلف الأخ النصف الثاني لأنه ميراث كل واحد في تلك الحالة.

قوله: [في الصورتين]: أي صورة ما إذا كان معه أخوان أو أخ.

قوله: [وانتظر غائب من العصبة]: أي له حق في الاستيفاء بأن كان مساوياً للحاضر في الدرجة ليعفو ويقتص ويحبس القاتل مدة الانتظار ويحدد لأن العادة الفرار في مثل ذلك ولا يطلق بكفيل إذ لا تصح الكفالة في القود وينفق عليه من ماله إن كان له مال وإلا فمن بيت المال، فإن انتفيا ففي (ح) يطلق ولا يحبس حتى يموت جوعاً، وفي البدر القرافي ينفق عليه الولي الحاضر ويرجع إلى أخيه إذا قدم إن قام بحقه.

قوله: [قربت غيبته]: هذا قول ابن القاسم في المجموعة. وظاهر المدونة عند ابن رشد وأبي عمران: أن الغائب ينتظر وإن بعدت غيبته ومحل الخلاف المذكور إذا غاب بعض العصبة دون بعض، فلو غابوا كلهم فالظاهر انتظارهم مطلقاً، ولو بعدت غيبتهم وفي مختصر الوقار ما يشهد لذلك اهـ ملخصاً من حاشية الأصل.

قوله: [ولو أبعد منه]: أي هذا إذا ساوياه في الدرجة، بل ولو بعدا عنه كمثال الشارح.

قوله: [ويستعين بعم له من أبيه]: مثال للأجنبي من المرأة المقتولة ثم إن اقتصا بعد القسامة فظاهر، وإن عفا العمان في الأولى أو ابن الابن الكبير في الثانية سقط القتل وللصغير نصيبه من دية عمد هذا هو المرتضى والموافق لما في المدونة.

قوله: [ففيه القصاص بدون انتظار]: أي للصغير لأن صغره بمنزلة بعد الغيبة، فإن حصل عفو من بعض الكبار فلا قصاص، ولمن لم يعف نصيبه من دية عمد.

قوله: [وفي المسألة خلاف كثير]: لكن قد علمت أن هذا هو المرتضى والموافق لما في المدونة

قوله: [ونحوهما]: أي من باقي ذوي الرحم من النساء الغير الوارثات.

قوله: [في الدرجة]: أي وفي القوة، وإنما قلنا ذلك لإخراج الأخت الشقيقة مع الأخ للأب، فإن لها حقاً في الاستيفاء لكونه أنزل منها بالقوة، وإن ساواها في الدرجة فتحصل أن الشرط المنفي مساواة النساء للعصبة في الدرجة والقوة معاً.

قوله: [أو الأخت مع الأخ]: أي المستويين في الدرجة والقوة ككونهما شقيقتين أو لأب. وأما الشقيقة مع أخ لأب فلها الكلام معه في العفو والقود كما علمت.

قوله: [وكن عصبة لو كن ذكوراً]: المعنى لو فرض كونهن ذكوراً كن عصبة، فـ "كن عصبة" في كلام المصنف دليل جواب "لو"، أو هو الجواب.

قوله: [فلا كلام للجدة] إلخ: أي فليس لهن كلام في شأن الدم مطلقاً عفواً أو قصاصاً لانتفاء الشرط الأخير منهن.

قوله: [فإن كن الوارثات]

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

ليست في ط المعارف.

[2]

ليست في ط المعارف.

ص: 391

كالبنات مع الإخوة، سواء ثبت القتل ببينة أو قسامة أو إقرار كأن حزن الميراث كالبنت معها أخت لغير أم مع الأعمام وثبت قتل مورثهن بقسامة من الأعمام، فلكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهم، فلو ثبت ببينة أو إقرار فلا كلام للعصبة غير الوارثين والحق في القتل للنساء.

(والوارث كمورثه) ينتقل له من الكلام في الاستيفاء وعدمه ما كان لمورثه الذي هو ولي الدم. فإذا قتل شخص وله ابن مات ذلك الابن عن ابن وبنت فينتقل لهما الكلام إلى آخره فلها الكلام مع أخيها وتخرج الزوجة والزوج، فإذا مات ابن المقتول عن ابن وزوجة أو ماتت فلا كلام للزوجة أو الزوج.

تنبيه: لو حصل عفو من كبير معه صغير فليس للصغير إلا نصيبه من الدية ولا يسري عفو الكبير عليه، فلو كان للصغير ولي من أب ونحوه كوصي واستحق الصغير قصاصاً بلا مشارك له، فعلى وليه النظر بالمصلحة في القتل وأخذ الدية كاملة، ويخير إن استوت، ولا يجوز له أخذ بعض الدية مع يسر الجاني، والحكم كذلك لو قطع أحد يد الصغير مثلاً. فإن كان الجاني معسراً فله الصلح بأقل، أما لو قتل الصغير فلا كلام لوليه لانقطاع نظره بالموت، والكلام للعاصب، فإن قتل شخص عبد الصبي أو جرحه فالأولى للولي أخذ القيمة والأرش دون القصاص إذ لا نفع للصبي (وأخر) القصاص فيما دون النفس (لعذر كبرد) أو حر يخاف منه الموت، لئلا يموت فيلزم أخذ نفس بدون نفس، وكذا يؤخر الجاني إذا كان مريضاً حتى يبرأ ويؤخر أيضاً القصاص فيما دون النفس حتى يبرأ المجروح لاحتمال أن يموت فيكون الواجب القتل بقسامة.

(كعقل) أي دية الجرح (الخطأ) فيؤخر إلى برء المجروح خوف أن يسري على النفس فتؤخذ الدية كاملة، فإن برئ على غير شين فلا عقل ولا أدب؛ لأنه لم يتعمد وإن برئ على شين فحكومة.

(وأحد حدين) وجبا لله تعالى كشرب، وزنا بكر (لم يقدر) المحدود (عليهما) في فور، خوف موته، فيؤخر أحدهما (وقدم الأشد) كحد الزنا (إذا لم يخف منه) الهلاك بتقديمه، فإن خيف منه قدم الأخف كحد الشرب والقذف، فإن خيف من الأخف الهلاك قدم الأشد مفرقاً.

فإن لم يطق قدم الأخف مفرقاً، فإن لم يطق انتظر قدرته فإن كان حد لله كشرب وحد لعبد كقذف قدم حق الله؛ لأنه لا عفو فيه فإن كان للآدميين كقطع لزيد وقذف لعمرو فالتقديم بالقرعة

تنبيه: لو دخل جان الحرم فلا يؤخر بل يخرج منه ويقام عليه الحد خارجه ولو محرماً ولا ينتظر لإتمامه.

ــ

الضمير يرجع للنسوة المستوفيات الشروط الثلاثة بدليل المثال الآتي، فالمقصود التفريع على مقتضى استيفاء الشروط، وعجل بتلك التفاصيل مع أنها ستأتي في المتن للإيضاح من أول الأمر.

قوله: [كالبنات مع الإخوة]: مثال لقوله "فإن كن الوارثات".

قوله: [كالبنت معها أخت لغير أم]: مثال لحيازة الميراث.

وقوله: [وثبت قتل مورثهن] إلخ: قيد في المثال الأخير

وقوله: [فلا كلام للعصبة غير الوارثين]: المناسب الغير الوارثين.

قوله: [والحق في القتل للنساء]: مراده اللاتي حزن الميراث.

قوله: [فلها الكلام مع أخيها]: أي لتنزيلهما منزلة مورثهما، واشتراط عدم مساواة العاصب للنساء إن كن أصولاً وسيأتي إيضاح ذلك.

قوله: [فلا كلام للزوجة أو الزوج]: لف ونشر مرتب، أي وإنما الكلام للابن في الأولى والبنت في الثانية والزوجة لا حق لها لبعدها من العصبة.

قوله: [ولا يجوز له أخذ بعض الدية] إلخ: أي فإن صالح ولي الصغير الجاني على أقل من الدية مع ملاء الجاني رجع الصغير بعد رشده على القاتل ولا يرجع القاتل على وليه بشيء.

قوله: [عبد الصبي]: مثله السفيه.

قوله: [إذ لا نفع للصبي]: محل هذا ما لم يخش على الصبي من القاتل وإلا تعين القصاص.

قوله: [وأخر القصاص]: أي وجوباً.

وقوله: [فيما دون النفس]: أي وأما الجاني على النفس فلا يؤخر القصاص منه لما ذكر.

قوله: [وكذا يؤخر الجاني]: أي ولو تأخر البرء سنة.

قوله: [ويؤخر أيضاً القصاص]: أي من أسباب تأخير الجاني انتظار برء المجروح.

قوله: [أي دية الجرح الخطأ]: أراد بها ما يشمل الحكومة فيما ليس فيه شيء مقدر من الشارع، بدليل قول الشارح:"فإن برئ على غير شين" إلخ.

والحاصل: أنها تؤخر دية الخطأ للبرء كانت تحملها العاقلة أم لا وهو مذهب ابن القاسم في المدونة خلافاً لقول أشهب متى بلغ عقل الجرح الخطأ ثلث الدية فلا تأخير لوجوب ذلك على العاقلة ساعة الجرح كذا في (بن).

قوله: [لأنه لم يتعمد]: علة لنفي الأدب وترك علة نفي العقل وهي البرء على غير شين.

قوله: [وأحد حدين]: بالرفع معطوف على نائب فاعل آخر الذي هو القصاص.

قوله: [كحد الشرب والقذف]: مثال للأخف لأن كلاً ثمانون في الحر وحد الزنا مائة.

قوله: [فإن لم يطق]: بأن خيف عليه الموت من تفرقة الأشد.

قوله: [انتظرت قدرته]: أي أو الموت.

قوله: [كشرب] إلخ: أي وزنا.

قوله: [لأنه لا عفو فيه]: أي لمخلوق فلا يجوز لأحد الشفاعة فيه، وقولهم حق الله مبني على المسامحة أي بالنسبة للمجازاة عليه يوم القيامة.

قوله: [فإن كان لآدميين]: بقي عليه ما إذا كان الحقان لشخص واحد كما لو قذفه وقطع يده والحكم فيه مثل ما إذا كان الحقان لله

قوله: [بل يخرج منه] أي ولا يقام

ص: 392

(وسقط القصاص) إن عفا رجل من المستحقين، حيث كان العافي مساوياً (في درجة الباقي) والاستحقاق؛ كابنين أو عمين أو أخوين، وأولى إن كان العافي أعلى كعفو ابن مع أخ فإن كان أنزل درجة لم يعتبر عفوه؛ كعفو أخ مع ابن وكذا لو كان العافي لم يساو الباقي في الاستحقاق كإخوة لأم مع إخوة لأب.

(والبنت) أو بنت الابن (أحق من الأخت في عفو وضده) فمتى طلبت القصاص الثابت ببينة أو اعتراف أو العفو عن القتل فلها، ولا كلام للأخت وإن كانت مساوية لها في الإرث ولا شيء لها من الدية.

أما لو احتاج القصاص لقسامة فليس لهما أن يقسما؛ لأن النساء لا يقسمن في العمد بل العصبة فحيث أقسموا وأرادوا القتل وعفت البنت، فلا عفو لها، وإن عفوا أو أرادت القتل فلا عفو لهم إلا باجتماع الجميع أو بعض البنات وبعض منهم.

(وإن عفت واحدة من كبنات) أو بنات ابن أو أخوات، ولم يكن عاصب أو كان ولا كلام (نظر الحاكم) العدل في الصواب من إمضاء ورد لأنه بمنزلة العاصب إذ يرث الباقي لبيت المال.

(وفي) اجتماع (رجال ونساء) أعلى درجة منهم ولا يحزن الميراث (لم يسقط) القصاص (إلا بهما) أي بعفو الفريقين، فمن أراد القصاص من الفريقين فالقول قوله، وكرر هذه لأجل قوله:(أو ببعض عن كل) من الفريقين؛ (ومهما عفا البعض) من المستحقين للدم مع تساوي درجتهم بعد ثبوت الدم مطلقاً ببينة أو غيرها فإنه يسقط القصاص.

وإذا سقط (فلمن بقي) ممن لم يعف، وله التكلم أو مع من له التكلم.

(نصيبه من دية عمد) وكذا لو عفا جميع من له التكلم مرتباً، فلمن بقي ممن لا تكلم له نصيبه كولدين وزوج أو زوجة لأنه مال ثبت بعفو الأول بخلاف لو عفوا في فور واحد فلا شيء لمن لا تكلم له، كما إذا كان من له التكلم واحداً وعفا.

(كإرثه) أي الدم تشبيه في سقوط القصاص، كما لو قتل أحد ولدين أباه ثم مات غير القاتل ولا وارث له سوى القاتل

ــ

عليه الحد فيه لئلا يؤدي إلى تنجيسه، وسواء فعل موجب الحد في الحرم أو خارجه ولجأ إليه وأما قوله تعالى:{ومن دخله كان آمناً} [آل عمران: 97] فقيل: إنه إخبار عما كان في زمن الجاهلية بدليل: {أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم} [العنكبوت: 67] وقيل إن الآية منسوخة بآية: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] وقيل كان آمناً من العذاب في الآخرة، وقيل الجملة إنشائية معنى أي أمنوه من القتل والظلم إلا بموجب شرعي وهذا هو الأتم لقوله تعالى:{ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [الحج: 25].

قوله: [وسقط القصاص]: أي المعبر عنه فيما تقدم بالقود.

وحاصله أنه إذا كان القائم بالدم رجالاً فقط مستوين في الدرجة والاستحقاق، فإن اجتمعوا كلهم على القصاص وجب، وإن طلب بعضهم القصاص وبعضهم العفو فالقول لطالب العفو ويسقط القصاص ولمن يعف نصيبه من دية عمد.

قوله: [والاستحقاق]: قيد تركه المصنف وزاده الشارح وسيأتي محترزه في الشارح.

قوله: [أو أخوين]: أي أشقاء أو لأب ومثلهما العمان.

قوله: [في الاستحقاق]: أي في أصل استحقاق الدم إذ لا استحقاق للإخوة للأم فيه لما تقدم أن الاستيفاء للعاصب وهم غير عصبة.

قوله: [والبنت] إلخ: هذه مرتبة ثانية وهي ما إذا كان القائم بالدم نساء فقط وذلك لعدم مساواة عاصب لهن في الدرجة بأن لم يوجد أصلاً أو وجد وكان أنزل.

قوله: [وإن كانت مساوية لها في الإرث]: أي ولا يلزم من مساواتها لها في الإرث مساواتها لها في الدم.

قوله: [ولا شيء لها من الدية]: أي دية عمد لعدم مساواتها في التعصيب كتساوي العصبة من الرجال.

قوله: [أما لو احتاج القصاص لقسامة]: محترز قوله "الثابت ببينة أو اعتراف".

قوله: [فلا عفو لها]: أي والقول للعصبة في القصاص.

قوله: [فلا عفو لهم]: أي والقول لها في طلب القصاص.

قوله: [أو كان ولا كلام]: أي لكون البنت أعلى درجة منه والقتل ثابت بالبينة أو الإقرار.

قوله: [في الصواب من إمضاء ورد]: أي فإذا أمضى بنظره عفو بعض البنات فلمن بقي منهن نصيبه من الدية. ومفهوم قوله "واحدة من كبنات" أنه لو عفون كلهن أو أردن القتل كلهن لم يكن للحاكم نظر.

قوله: [لأنه بمنزلة العاصب]: هذا التعليل غير تام لأن الحكم أن الحاكم ينظر وإن لم يكن وارثاً كما إذا قتل الرجل وترك بنتين وأختاً وعفت إحدى البنتين فالأظهر في التعليل أن يقال إنما جعل النظر للحاكم لضعف رأي النساء بخلاف الرجال.

قوله: [ولم يحزن الميراث]: ومثله لو حزن الميراث وكان القتل بقسامة.

قوله: [وكرر هذه]: الصواب حذفه لأنه لا تكرار، فإن هذه الصورة لم تتقدم بعينها وإنما يرد على قول خليل حيث قدم على تلك العبارة، ولكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهما.

والحاصل أنه إذا اجتمع رجال ونساء أعلى درجة وكان للرجال كلام لكونهم وارثين ثبت القتل ببينة أو إقرار أو قسامة أو كانوا غير وارثين وثبت القتل بقسامة لم يسقط القصاص إلا بكل من الفريقين أو ببعض منهما.

قوله: [وله التكلم] إلخ: يعني أن من عفا سقط حقه من الدم ومن الدية وما بقي منها يكون لمن بقي ممن له التكلم ولغيره من بقية الورثة كالزوج أو الزوجة والإخوة للأم. قال في المدونة: وإن عفا أحد ابنين سقط حظه من الدية وبقيتها لمن بقي تدخل فيه الزوجة وغيرها.

قوله: [كولدين وزوج]

ص: 393

فقد ورث القاتل دم نفسه كله وكذا لو ورث بعض الدم، كما قال:(ولو قسطاً) كما لو كان غير القاتل أكثر من واحد مات أحدهم عن القاتل وغيره، فقد ورث القاتل بعض دم نفسه، فيسقط القصاص [1]، ولمن بقي نصيبه من الدية.

هذا إن استقل الباقي بالعفو، وأما لو عفا من لا يستقل بالعفو فلا يسقط القود عمن ورث قسطاً إلا بعفو الجميع أو بعض من كل، كما لو قيل [2] شقيق أخاه وترك المقتول بنات وثلاثة إخوة أشقاء غير القاتل فمات أحد الثلاثة فقد ورث القاتل قسطاً ولا يسقط القود إلا بعفو إلخ.

(وإرثه) أي القصاص (كالمال) أي كإرث المال في الجملة؛ لأنه لا دخل في ذلك لزوجة ولي الدم ولا لزوج من لها كلام فإذا مات ولي الدم عن بنت وابن وأم فينزل ورثته منزلته وللبنت والأم التكلم لأنهما ورثاه عمن له التكلم وليس كالاستيفاء؛ إذ من قتل وترك ابناً وبنتاً لا كلام للبنت على الراجح، وقيل كالاستيفاء.

(وجاز صلحه) أي الجاني مع ولي الدم (في) القتل (العمد) ومع المجني عليه في الجرح العمد (بأقل) من دية المجني عليه (أو أكثر) منها حالاً ومؤجلاً بذهب أو فضة أو عرض؛ لأن الراجح أنها في العمد غير متقررة.

(والخطأ كبيع الدين) مبتدأ وخبر فيجوز الصلح حيث لا مانع كبنقد عن إبل حال، أما لو وجد مانع فلا يجوز؛ لأن دية الخطأ مال متقرر في الذمة وما صولح به عنها مال مأخوذ عنها، فيجب مراعاة [3] ما يجوز في بيع الدين؛ فلا يجوز صلح عن ذهب بورق وعكسه لأنه نسيئة في الصرف ولا أحدهما عن إبل وعكسه مؤجلاً لأنه فسخ دين في دين ولا بأقل من الدية نقداً، لأن فيه: ضعْ وتعجلْ، ولا بأكثر من أجلها للسلف من ولي الدم بزيادة من الجاني ولا فرق بين الصلح على النفس أو الجرح.

(وقتل) القاتل (بما قتل) به (ولو ناراً) على المشهور لقوله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} [النحل: 126]، وقوله تعالى:{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة: 194] والمعنى: أن الحق في القتل للولي

ــ

أي وعفا أحد الوالدين أو هما مرتبين.

واعلم أن ما ذكره الشارح من التفصيل محمول على ما إذا وقع العفو مجاناً، أما إذا وقع على مال فلمن بقي من الورثة نصيبه من الدية وإن لم يكن له تكلم سواء وقع الإسقاط مرتباً أو لا.

قوله: [فقد ورث القاتل دم نفسه كله]: أي وحيث ورث القاتل دم نفسه كلاً أو بعضاً صار معصوماً فلا يجوز لأحد قتله، وليس له أن يسلم نفسه للقتل وصار الحق لله وللمقتول، فحق الله يقبل بالتوبة وحق المقتول معجوز عن وفائه فعليه التضرع لله في إرضائه عنه وهذا بخلاف حد نحو الزنا من كل حد الحق فيه لله وحده فإنه لا يتوقف على ولي يطلبه بل متى ثبت عليه وجب على الحاكم إقامته وإن لم يثبت عليه جاز له أن يثبته على نفسه بالإقرار عند الحاكم فيجب على الحاكم إقامته وجاز له الستر وإخلاص التوبة لله.

قوله: [ولو قسطاً] إلخ: قال في المدونة: إن ورث القاتل أحد ورثة القتيل بطل قوده لأنه ملك من دمه حصة، وقال أشهب: لا يسقط القود عن الجاني إذا ورث جزءاً من دم نفسه إلا إذا كان من بقي يستقل الواحد منه بالعفو، وأما إذا كان لا يستقل الواحد منهم بالعفو ولا بد في العفو من اجتماعهم فلا يسقط القود عن الجاني الوارث لجزء من دمه فإذا علمت ذلك فكان على الشارح أن يمشي على كلام ابن القاسم من عدم التقييد، فإن المعتمد بقاؤه على إطلاقه كما قاله (بن) قوله:[هذا إن استقل الباقي بالعفو]: أي بأن كان الباقي إخوة فقط متساوين وقد علمت أن هذا التقييد لأشهب.

قوله: [إلا بعفو] إلخ: أي إلا بعفو الجميع أو بعض من كل.

قوله: [لا كلام للبنت على الراجح]: أي كما هو قول ابن القاسم.

وقوله: [وقيل كالاستيفاء] أي وهو قول أشهب.

قوله: [وجاز صلحه]: لما قدم أن العمد لا عقل فيه مسمى وإنما يتعين فيه القود على الوجه المتقدم نبه هنا على أنه يجوز الصلح فيه بما شاء الولي والإضافة في صلحه من إضافة المصدر لفاعله، أي جاز أن يصالح الجاني ولي الدم أو المجروح في جناية العمد بأقل إلخ.

قوله: [مبتدأ وخبر]: أي فالخطأ مبتدأ والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر أي كائن في حكمه كبيع الدين.

قوله: [حال]: صفة لنقد، وأما بنقد مؤجل عن الإبل التي في الذمة فلا يجوز لما فيه من فسخ الدين في الدين، ولا مفهوم لإبل بل يجوز الصلح عن دية الخطأ بحال معجل في جميع الأقسام إن لم يكن فيه ضع وتعجل.

قوله: [لأنه نسيئة في الصرف]: أي صرف ما في الذمة.

قوله: [مؤجلاً]: راجع لقوله "أحدهما".

قوله: [نقداً]: أي معجلاً قبل مجيء أجله.

قوله: [ولا بأكثر من أجلها]: في الكلام سقط والأصل لأبعد من أجلها.

قوله: [للسلف من ولي الدم]: المراد بالسلف التأخير في الأجل وزيادة الجاني ظاهرة.

قوله: [ولا فرق بين الصلح على النفس أو الجرح]: أي في جميع الأقسام

قوله: [ولو ناراً]: أي ولو كان المقتول به ناراً ورد بـ "لو" على عبد الملك القائل إنه لا يقتل بالنار لحديث: «لا يعذب بالنار إلا رب النار» . فعلى المشهور يكون القصاص بالنار مستثنى من النهي عن التعذيب بها.

قوله: [فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم]: تسمية القصاص اعتداء مشاكلة لأن حقيقة الاعتداء الخروج عن الحدود وهو فاحشة والله لا يأمر بها.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

ليست في ط المعارف.

[2]

في ط المعارف: (قتل)، ولعلها الصواب.

[3]

ليست في ط المعارف.

ص: 394

بمثل ما قتل به الجاني فلا ينافي قوله بعد: "ومكن" إلخ.

وعلم من قوله: "وقتل" أن الجرح ليس كذلك، فإذا أوضح بحجر فيقتص منه بالأخف كالموسى. ومحمل المصنف: حيث ثبت القتل ببينة أو اعتراف. أما لو ثبت بقسامة فيقتل بالسيف كما قاله ابن رشد.

(إلا) أن يثبت القتل (بخمر) فيتعين قتل الجاني بالسيف كما قاله ابن رشد.

(و) كذا لو أقر بأنه قتله بـ (لواط) إذ لو ثبت بأربعة شهود فحده الرجم.

(وسحر) ثبت ببينة أو إقرار أنه قتل به فيتعين السيف ولا يلزم بفعل السحر مع نفسه حتى يموت على الراجح.

(وما يطول) كمنع طعام أو ماء أو نخسة بإبرة حتى مات على الراجح؛ فلا يفعل بالجاني ذلك بل يتعين السيف.

ثم فرع على كونه يقتل بما قتل به قوله: (فيغرق) إن صدر منه القتل بالغرق.

(ويخنق) إن صدر منه القتل بالخنق.

(وبحجر) فإذا قتل بضرب بحجر فيقتل بضرب بحجر.

(ويضرب بالعصا للموت) حيث قتل بضرب بعصا فيضرب بعصا حتى يموت (ومكن مستحق) للقصاص (من السيف مطلقاً) كان القتل من الجاني به أو غيره، لما علمت أن الحق له في القتل بمثل ما قتل.

(واندرج طرف) بفتح الراء؛ كقطع يد أو رجل أو فقء عين من شخص ثم قتله فإنه يندرج في النفس (إن تعمده) الجاني أي تعمد الطرف ثم قتله، فإن كانت الجناية على الطرف خطأ فلا تندرج في النفس بل عليه الدية للطرف ثم القصاص، هذا إذا كان الطرف من المقتول بل:(وإن) كان الطرف (لغيره): أي لغير المقتول؛ كقطع يد شخص وفقء عين آخر وقتل آخر عمداً فتندرج الأطراف في النفس ولا تقطع يده ثم يقتل.

ومحل اندراج طرف المقتول في النفس: (إن لم يقصد) الجاني (مثلة) بالمجني عليه المقتول، فإن قصد مثلة فإنه يقتص منه للطرف ثم يقتل، وأما طرف غير المقتول فيندرج ولو قصد مثلة على الراجح هكذا في شرح المصنف (ودية الحر المسلم في) القتل (الخطأ

ــ

قوله: [بمثل ما قتل به الجاني]: أي إلا ما استثنى بقوله "إلا بخمر" إلخ.

قوله: [أن الجرح]: أي القصاص فيما دون النفس.

قوله: [فيقتص منه بالأخف]: حفظاً للنفوس.

قوله: [فيقتل بالسيف]: أي يتعين ذلك لسهولته ولعدم تحقق المماثل.

قوله: [إلا أن يثبت القتل بخمر]: أي بأن ثبت ببينة أو إقرار أنه أكرهه على الإكثار من شربه حتى مات.

قوله: [وكذا لو أقر بأنه قتله بلواط]: أي وثبت ذلك الإقرار بالبينة فلا يقتل بما قتل به بل بالسيف، والفرض أنه لم يستمر على إقراره بل رجع عنه، ولا يقال: إن من أقر بالزنا ورجع عن إقراره يقبل رجوعه لأن قبول رجوعه من حيث عدم رجمه فلا ينافي أنه يقتل بالسيف لإقراره بالقتل ورجوعه لا ينفي عنه القصاص. قال البساطي: معنى قولهم لا يقتل بلواط أنه لا يجعل له خشبة في دبره حتى يموت إذ لا يتصور الاستيفاء باللواط على غير هذا الوجه.

قوله: [إذ لو ثبت بأربعة شهود] إلخ: حق العبارة أن يقول وكذا لو أقر بأنه قتله بلواط ولم يستمر إذ لو استمر أو ثبت بأربعة شهود إلخ.

قوله: [ولا يلزم بفعل السحر مع نفسه]: أي لأن الأمر بالمعصية معصية خلافاً للبساطي القائل: إنه إذا أقر يؤمر بفعله لنفسه فإن مات وإلا فالسيف.

تنبيه: اختلف في القتل بالسم هل يقتل به ويجتهد في القدر الذي يموت به أو لا يقتل إلا بالسيف؟ تأويلان.

قوله: [كمنع طعام]: دخلت تحت الكاف قتله بالسلخ أو بكثرة الأكل والشرب. قوله: [فيقتل بضرب بحجر]: أي في محل خطر بحيث يموت بسرعة لا أنه يرمى بحجارة حتى يموت.

قوله: [فيضرب بعصا حتى يموت]: مراده من هذه العبارة أنه لا يقتصر على مقدار ضرب الجاني بل المدار على موته بالضرب. قوله: [من السيف مطلقاً]: أي ولو كان الجاني قتل بشيء أخف من السيف هذا هو المعتمد خلافاً لابن عبد السلام القائل: إن محل ذلك ما لم يكن الجاني قتل بأخف من السيف كلحس فص وإلا فعل به ذلك

قوله: [وأما طرف غير المقتول فيندرج] إلخ: هذه العبارة تبع الأصل فيها ابن مرزوق والمواق وكلام التوضيح يقتضي أنه قيد فيهما واستظهره (بن).

تنبيه: كما تندرج الأطراف في النفس تندرج الأصابع إذا قطعت عمداً في قطع اليد عمداً بعدها ما لم يقصد مثله سواء كانت من يد من قطعت أصابعه أو يد غيره، فإذا قطع أصابع شخص عمداً ثم قطع كفه عمداً بعد ذلك قطع الجاني من الكوع ولو قطع أصابع رجل ويد آخر من الكوع ويد آخر من المرفق قطع لهم من المرفق إن لم يقصد مثله وإلا لم تندرج في الصورتين، بل تقطع أصابعه أولاً ثم كفه في الأولى، وفي الثانية تقطع أصابعه ثم يده من الكوع ثم من المرفق.

قوله: [ودية الحر المسلم] إلخ: لما أنهى الكلام على القصاص شرع في الكلام على الدية وهي مأخوذة من الودى بوزن الفتى وهو الهلاك سميت بذلك لأنها مسببة عنه ودية كعدة محذوفة الفاء وهي الواو وعوض عنها هاء التأنيث وذكر أنها تختلف باختلاف الناس بحسب أموالهم من إبل وذهب وورق

ص: 395

على البادي) ساكن البادية (مائة من الإبل مخمسة) رفقاً بالمخطئ: (بنت مخاض، وولدا لبون) أي بنت لبون وابن لبون (وحقة وجذعة) من كل نوع من الأنواع الخمسة عشرون [1].

فإن لم يكن عند أهل البادية إبل فقيمتها. وقيل: ينظر لأقرب حاضرتهم ويدفعون مما عندهم من الذهب أو الفضة، وقيل: يكلفون الإبل وأول من سن الدية مائة من الإبل عبد المطلب وقيل النضر ومضت السنة على ذلك، ولا يؤخذ بقر ولا عرض ولا غنم بغير رضا الأولياء.

(وربعت) الدية (في عمد) لا قصاص فيه كعفو عليها مبهمة أو لعفو بعض الأولياء مجاناً فللباقي نصيبه من دية عمد (بحذف ابن اللبون) من الأنواع الخمسة؛ فتكون المائة من الأصناف الباقية من كل خمسة وعشرون [2].

(وثلثت) غلظت بالتثليث (في الأصل) أي عليه، وتعبيره بالأصل أعم فيشمل الأم والأجداد كان الأصل مسلماً أو كتابياً بل (ولو مجوسياً) فلا يقتل بفرعه ولو كان مسلماً (في عمد لم يقتل به) أي في قتل عمد لولده لم يقتل الأصل به وضابطه عدم قصده إزهاق الروح، فإن قصده منه كأن يرمي [3] عنق الفرع بالسيف أو يضجعه ويذبحه فيقتص منه عندنا.

وظاهر إطلاقهم ولو كان المستحق ابنا آخر وقيده بعضهم بغيره بالأولى من عدم تحليف الولد فإن عفا عنه أو لم يقصد إزهاق روحه فتغلظ عليه في ماله.

وقد بين ما به التغليظ بقوله: (بثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة) بفتح المعجمة وكسر اللام وفتح الفاء: الحامل من الإبل (بلا حد سن) فالمدار على أن تكون حاملاً كانت حقة أو جذعة أو غيرهما وشبه في التغليظ في النفس قوله: (كجرح العمد) فتغلظ الدية فيه كما تغلظ في النفس من تثليث وتربيع، لا فرق في الجرح بين ما يقتص فيه كالموضحة أو لا كالجائفة ففي الجائفة ثلث الدية مغلظاً على قدر نسبته من الدية، فالثلاثون بالنسبة للمائة خمس ونصف خمس، والأربعون خمسان فعن ثلث الدية يؤخذ من الحقاق خمس ونصف خمس الثلث ومن الجذعات كذلك ومن الخلفات خمسان.

(وعلى الشامي والمصري والمغربي: ألف دينار) شرعية وتقدم أنها أكبر من المصرية،

ــ

وقوله "الحر المسلم" أي الذكر وسيأتي محترزات تلك القيود.

قوله: [على البادي]: أي إذا كان الجاني من أهل البادية.

قوله: [ومضت السنة على ذلك]: أي حكمت الشريعة بذلك.

قوله: [بغير رضا الأولياء]: أي وأما برضاهم فيجوز إذا وجدت شروط الصلح كما تقدم في قوله والخطأ كبيع الدين.

قوله: [في عمد لا قصاص فيه]: أي على أهل البادية لأن الكلام فيهم والمشهور أن دية العمد حالة إلا أن يشترط الأجل، وقيل: إنها تنجم في ثلاث سنين كدية الخطأ، وأما إذا صالح الجاني على دنانير أو دراهم أو عروض فلا اختلاف في أنها تكون حالة.

قوله: [مبهمة]: أي بأن قال الأولياء عفونا على الدية، وأما إذا قيدوا بشيء تعين.

قوله: [أي عليه]: أفاد أن في الأولى بمعنى على والثانية للظرفية فحصل التغاير بين حرفي الجر المتعلقين بثلث.

قوله: [بل ولو مجوسياً]: أي ولو كان الوالد القاتل لولده مجوسياً.

واعلم أن الخلاف في تغليظها على الأب المجوسي إنما هو فيما إذا قتل ولده المجوسي، فإن عبد الملك قال: لا تغلظ عليه إذا حكم بينهم لأن دية المجوسي تشبه القيمة، وأنكره سحنون، وقال أصحابنا: يريدون أنها تغلظ عليه إذا حكم بينهم لأن علة التغليظ سقوط القود، وأما إذا قتل ولده المسلم فإنها تغلظ عليه اتفاقاً كذا في (بن)؛ إذا علمت ذلك فقول شارحنا "لا يقتل بفرعه ولو كان مسلماً" خلاف الموضوع: لأن الخلاف إنما هو في التغليظ وعدمه والفرض أن الولد مجوسي لا في القتل وعدمه وحيث غلظت في الولد المجوسي فيؤخذ منه حقتان وجذعتان وثلاث خلفات إلا ثلثاً أفاده (شب).

قوله: [فإن قصده منه]: أي حقيقة أو حكماً فالأول كأن يرمي عنقه بالسيف أو يضربه بعصا أو بسيف قاصداً بما ذكر إزهاق روحه ولا يعلم ذلك إلا منه والحكمي كما إذا أضجعه وشق جوفه، وقال: فعلت ذلك حماقة ولم أقصد إزهاق روحه فلا يقبل منه ويقتص منه.

قوله: [كأن يرم]: المناسب إثبات الياء وفتحها لنصبه بأن المصدرية.

قوله: [وقيده بعضهم بغيره]: مراده به (بن).

قوله: [فإن عفا عنه] إلخ: هذا محصل معنى المتن وفي كلام الشارح ركة لا تخفى.

قوله: [من تثليث]: أي بالنسبة لجرح الأب ولده.

وقوله: [وتربيع]: أي كجرح العمد الصادر من الأجنبي.

قوله: [كالموضحة]: أي ففي عمدها الدية مغلظة بالتثليث إن حصلت من الأب، لأن الجراح لا قصاص فيها على الأب مطلقاً فليست كالنفس، أو مربعة من أجنبي إن حصل العفو من المجني عليه على الدية مبهماً.

قوله: [خمس ونصف خمس الثلث]: أي وذلك عشرة.

وقوله: [ومن الجذعات كذلك]: أي عشرة.

قوله: [ومن الخلفات خمسان]: أي وذلك ثلاث عشرة وثلث فصار المأخوذ من الحقاق ثلث الثلاثين، ومن الجذاع كذلك ومن الخلفات ثلث الأربعين ومجموع الكل ثلث المائة وهو ثلاث وثلاثون وثلث هذا في حالة التثليث وفي حالة التربيع يؤخذ من الحقائق والجذاع وبنات المخاض وبنات اللبون ثمانية وثلث من كل فيكون المجموع ثلاثاً وثلاثين وثلثاً.

قوله: [وتقدم أنها أكبر من المصرية]: لم يتقدم ذلك في الشارح لا في الزكاة ولا في النكاح والذي تقدم سابقاً ما في الزكاة أن الدينار

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (وعشرين).

[2]

في ط المعارف: (وعشرين).

[3]

في ط المعارف: (يرم).

ص: 396

وكذلك أهل مكة والمدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ما لم يكن الغالب الفضة، وإلا كانوا كأهل العراق المشار لهم بقوله:(وعلى العراقي اثنا عشر ألف درهم) ومثله الخراساني والفارسي ما لم يغلب الذهب عندهم، فمنه ولا يزاد على ذلك القدر.

(إلا في المثلثة فيزاد بنسبة ما بين دية الخطأ على تأجيلها، والمثلثة حالة) حاصله: أنها تقوم المثلثة من الإبل حالة، وتقوم المخمسة على تأجيلها. ويؤخذ ما زادته المثلثة على المخمسة وينسب إلى المخمسة فما بلغ بالنسبة يزاد على دية الذهب أو الفضة بتلك النسبة. مثاله: لو كانت المخمسة على آجالها تساوي مائة، والمثلثة على حلولها تساوي مائة وعشرين؛ فنسبة العشرين إلى المائة خمس، فيزاد على الدية مثل خمسها فيكون من الذهب ألفاً ومائتين [1] ومن الورق أربعة عشر ألف درهم وأربعمائة وعلم من الاستثناء أن الدية المربعة لا تغلظ في الذهب والورق.

(والكتابي ولو) كان الكتابي (معاهداً): أي هذا إذا كان ذمياً بل ولو كان حربياً مؤمناً (نصفه) أي نصف دية الحر المسلم.

(والمجوسي) المعاهد (والمرتد) دية كل منهما (ثلث خمس) خطأ وعمداً، فيكون من الذهب ستة وستون ديناراً وثلثي [2] دينار ومن الورق ثمانمائة درهم ومن الإبل ستة أبعرة وثلثا بعير.

(و) دية (أنثى كل) من ذلك (نصفه) فدية الحرة المسلمة من الإبل خمسون وهكذا، ودية المجوسية والمرتدة أربعمائة درهم وهكذا.

(وفي) قتل (الرقيق قيمته) ويقوم على أنه قن ولو مدبراً أو أم ولد أو مبعضاً ومعتق لأجل يقوم لذلك الأجل (وإن زادت) قيمته على دية الحر؛ لأنه مال كسائر الأموال المتلفة ففيها القيمة بالغة ما بلغت (وفي) إلقاء (الجنين) بسبب ضرب أو تخويف لغير وجه شرعي، أو شم ريح كحقنة أو فتح كنيف (وإن) كان (علقة) دم.

لا يذوب من صب الماء الحار عليه كانت الجناية خطأ أو عمداً، من أجنبي أو أم كشربها ما يسقط به الحمل فأسقطته ذكراً أو أنثى، كان من زوج أو زنا (عشر) واجب (أمه) هذا إن كانت أمه حرة ففيه عشر ديتها، بل (ولو) كانت الأم (أمة) ففيه عشر قيمتها، وهل تعتبر قيمتها يوم الضرب أو يوم الإلقاء؟ قولان، ورد بـ "لو" قول ابن وهب من أن في جنين الأمة ما نقصها لأنها مال كسائر الحيوانات.

(أو جنى أب) فإن عليه عشر دية أم الجنين

ــ

الشرعي اثنتان وسبعون حبة من مطلق الشعير ومعلوم أن الدينار المصري أربع وخمسون حبة من القمح.

قوله: [وكذلك أهل مكة والمدينة]: أي كما أشار له أصبغ قال الباجي: وعندي أنه ينظر إلى غالب أحوال الناس في البلاد، فأي بلد غلب على أهله شيء كانوا من أهله.

تنبيه: استفيد من المصنف أن الدية إنما تكون من الإبل أو الذهب أو الفضة ولا يؤخذ في الدية عندنا بقر ولا غنم ولا عرض، فإذا لم يوجد في البلد خلاف ذلك فالذي استظهره بعضهم أنهم يكلفون ما في أقرب البلاد إليه من أحد الأصناف الثلاثة ولا يؤخذ مما وجد عندهم خلافاً لما في (عب) وذلك كما في بلاد السودان.

قوله: [إلا في المثلثة]: استثناء من مقدر قدره الشارح بقوله "ولا يزاد" إلخ.

قوله: [ومائتان]: حقه ومائتين.

قوله: [والكتابي]: الكلام على حذف مضاف تقديره ودية الكتابي وهو مبتدأ خبره قوله "نصفه" ويقال في المجوسي مثله.

قوله: [والمرتد]: هذا قول ابن القاسم وسواء قتل زمن الاستتابة أو بعده، وقال أشهب: فيه دية أهل الدين الذي ارتد إليه، وقال سحنون: لا دية للمرتد وإنما على قاتله الأدب في العمد.

قوله: [خطأ وعمداً]: أي لا فرق بين قتله خطأ أو عمداً على قول ابن القاسم كما علمت.

قوله: [وثلثا دينار]: حقه وثلثي دينار.

قوله [من ذلك]: أي مما ذكر من الحر المسلم والكتابي والذمي والمجوسي والمرتد.

قوله: [خمسون وهكذا]: أي ومن الذهب خمسمائة ومن الورق ستة آلاف درهم وأما الحرة الكتابية فديتها من الإبل خمس وعشرون ومن الذهب مائتان وخمسون ومن الورق ثلاثة آلاف درهم.

قوله: [وهكذا]: أي ومن الذهب ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، ومن الأبعرة ثلاثة أبعرة وثلث بعير.

قوله: [وفي قتل الرقيق قيمته]: أي إذا قتله حر عمداً أو خطأ. وأما إن قتله مكافئ أو أدنى منه فيقتل به إن شاء سيده.

قوله: [ومعتق لأجل]: وأما المكاتب فهل تعتبر قيمته قناً أو مكاتباً تأويلان.

قوله: [وإن زادت قيمته على دية الحر]: وذلك يفرض في الأبيض

قوله: [لغير وجه شرعي]: أي وأما لوجه شرعي كالضرب للتأديب مثلاً فلا شيء فيه.

قوله: [كحقنة]: من ذلك شم رائحة المسك ولو علم الجيران أن ريح الطعام أو المسك يسقط المرأة فإنهم يضمنون وإن كان حفظها يكون بتعاطيه وجب عليهم أن يعطوها منه. قال الخرشي في الكبير: وجد عندي ما نصه: مثل الضرب الرائحة كرائحة المسك والسراب لكن الضمان على السرباتية وعلى الصانع لا على رب الكنيف، فلو نادوا بالسراب ومكثت الأم فينبغي أن يكون عليها الغرة كذا في الحاشية.

قوله: [وإن كان علقة]: أي هذا إن ألقته مضغة أو كاملاً بل وإن ألقته علقة

قوله: [لا يذوب من صب الماء] إلخ: أي وأما لو كان

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (ومائتان).

[2]

في ط المعارف: (وثلثا).

ص: 397

لغيره ولا يرث منه ويكون العشر (نقداً) أي عيناً (معجلاً) حالاً ويكون في مال الجاني عمداً أو خطأ ما لم تبلغ ثلث ديته فعلى العاقلة؛ كما لو ضرب مجوسي حرة مسلمة فألقت جنيناً.

(أو غرة) بالرفع عطف على "عشر" والتخيير للجاني لا للمستحق.

وهذا في جنين الحرة وأما جنين الأمة فيتعين فيه النقد.

وقوله: (عبد أو وليدة) بدل من "غرة" والوليدة: الأمة الصغيرة بلغت سبع سنين لتجوز التفرقة، وقوله:(تساوي العشر) نعت لـ "غرة"

ومحل وجوب العشر أو الغرة: (إن انفصل عنها) كله (ميتاً وهي حية فإن ماتت قبل انفصاله) بأن انفصل كله أو باقيه بعد موتها (فلا شيء فيه) لاندراجه في الأم.

(وإن استهل) أي نزل صارخاً أو رضع من كل ما يدل على أنه حي حياة مستقرة (فالدية) لازمة فيه (إن أقسموا) أي أولياؤه أنه مات من فعل الجاني.

(وإن مات عاجلاً) بعد تحقق حياته، فإن لم يقسموا فلا غرة ولا دية لأنه يحتمل موته بغير فعل الجاني فإن ماتت أمه وهو مستهل ومات فديتان.

(وإن تعمده) أي الجاني تعمد الجنين (بضرب بطن) لأمه (أو ظهر) فنزل مستهلاً ومات (فالقصاص بها): أي بالقسامة وهذا هو الراجح من الخلاف. وأما تعمده بضرب رأس أمه فالراجح الدية كتعمده بضرب يدها أو رجلها. والحاصل: أن في ضرب البطن والظهر والرأس خلافاً وقد علمت الراجح، وأما غير ذلك فالدية.

(وتعدد الواجب) من عشر أو غرة إن لم يستهل، ودية إن استهل (بتعدده) أي الجنين، ثم إن كان خطأ وبلغ الثلث، فتحمله العاقلة وإلا ففي مال الجاني.

(وورث) الواجب من عشر أو غرة (على الفرائض) المعلومة الشاملة للفرض والتعصيب، وهذا هو الراجح [1] لمن قال: تختص به [2] الأم إذا لم تكن هي الجانية؛ لأن الجاني لا يأخذ منها أماً أو غيرها.

(وفي جرح لا قصاص فيه): لكونه خطأ

ــ

يذوب فإنه لا شيء فيه خلافاً للتتائي.

قوله: [لغيره]: أي فيرثه غير الأب ممن يستحق الميراث كالأم والإخوة والأخوات.

قوله: [أي عيناً معجلاً حالاً]: أي فلا يكون عرضاً ولا يكون منجماً كالدية ولا يكون من الإبل ولو كانوا أهل إبل كما قال ابن القاسم خلافاً لأشهب القائل: تؤخذ الإبل من أهلها خمس فرائض حالة.

قوله: [عمداً]: أي مطلقاً بلغت الثلث أم لا.

وقوله: [ما لم تبلغ ثلث ديته]: قيد في الخطأ.

قوله: [كما لو ضرب مجوسي]: مثال لما إذا زاد العشر على ثلث دية الجاني بيان ذلك أن المجوسي ديته ستة وستون ديناراً وثلثا دينار، وعشر دية الحرة المسلمة خمسون ديناراً، ولا شك أن الخمسين أكثر من ثلث دية الجاني.

قوله: [وأما جنين الأمة]: أي الكائن من غير سيدها الحر بأن كان من زنا أو زوج ولو حراً مسلماً أو من سيدها العبد. وأما ولد الأمة من سيدها الحر كل أمة كان ولدها حراً كالغارة للحر وكأمة الجد ففي ذلك عشر دية حرة. وأما المتزوجة بشرط حرية أولادها فهل كذلك لأن أولادها أحرار بالشرط أم لا؟ أفاده (شب).

قوله: [لتجوز التفرقة]: أي إنما اعتبر فيها ما ذكر لأجل صحة التفرقة.

قوله: [من كل ما يدل]: بيان لمحذوف تقديره أو حصل أمر من كل إلخ

قوله: [وإن مات عاجلاً]: رد بالمبالغة قول أشهب بنفي القسامة مع لزوم الدية إذا مات عاجلاً واستحسنه اللخمي قائلاً: إن موته بالفور يدل على أنه من ضرب الجاني مات، ووجه ما قاله ابن القاسم أن هذا المولود لضعفه يخشى عليه الموت بأدنى الأسباب فيمكن أن موته بغير ضرب الجاني اهـ (بن).

قوله: [فلا غرة]: أي لأن الجنين إذا استهل صار من جملة الأحياء فلم يكن فيه غرة وعدم الدية لتوقفها على القسامة، وقد امتنع الأولياء منها، وما قاله الشارح هو قول عبد الحق وهو المعتمد وقال بعض أشياخه: إن لم يقسموا لهم الغرة فقط كمن قطعت يده ثم ترك فمات وأبوا أن يقسموا فلهم دية اليد، ورد بأنه قياس مع الفارق لأن من قطعت يده إلخ قد تقررت دية اليد بالقطع والجنين إذا استهل صارخاً لم يتقرر فيه غرة.

قوله: [تعمد الجنين]: المناسب حذف "تعمد" التي زادها الشارح لأنه لا معنى لها.

وحاصله أن ما تقدم إذا خرج حياً ومات فالدية إن أقسموا محله إن لم يكن متعمداً الجنين بضرب إلخ، وأما إن تعمد الجنين بتلك المواضع فقال ابن القاسم: يجب القصاص بقسامة قال في التوضيح وهو مذهب المدونة والمجموعة اهـ قال أشهب: لا قود فيه بل تجب الدية في مال الجاني بقسامة.

قوله: [وأما تعمده بضرب رأس أمه]: إنما قيل بإلحاق الرأس بالبطن دون اليد والرجل لأن في الرأس عرقاً يسمى عرق الأبهر واصل إلى القلب فما أثر في الرأس أثر فيه ومحل القصاص في تلك المسائل إن لم يكن الجاني الأب وإلا فلا يقتص منه إلا إذا قصد قتل الجنين بضرب البطن خاصة.

قوله: [من عشر أو غرة] إلخ: أي فأل للعهد الذكري.

قوله: [وإلا ففي مال الجاني]: أي بأن كان عمداً أو خطأ ولم يبلغ الثلث.

قوله: [الواجب من عشر أو غرة]: المناسب أن يقول الواجبات من عشر أو غرة أو دية ولو تعددت بتعدد الجنين.

قوله: [المعلومة] إلخ: جواب عن سؤال كيف يقول ورثت على الفرائض مع أنها تورث بالفرض والتعصيب. فأجاب بأن المراد بالفرائض الفن المصطلح عليه لا الفرض المقابل للتعصيب وحيث ورثت على الفرائض فللأب الثلثان وللأم الثلث ما لم يكن له

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

زاد بعدها في ط المعارف: (خلافاً).

[2]

ليست في ط المعارف.

ص: 398

وليس فيه شيء مقدر من الشارع بدليل ما يأتي أو عمداً لا قصاص فيه، كعظم الصدر وكسر الفخذ (حكومة) أي شيء محكوم به يحكم به العارف (إذا برئ) المجروح، وإنما أخر للبرء أي للصحة خوف أن يؤول إلى النفس أو إلى ما تحمله العاقلة والحكومة إذا برئ على شين وإلا ففيه الأدب في العمد ولا شيء عليه في الخطأ، ومعنى الحكومة: أن يقوم على فرض أنه رقيق سالماً بعشرة مثلاً ثم معيناً [1] بتسعة مثلاً فالتفاوت بين القيمتين هو العشر في المثال فقد نقصت الجناية العشر فيلزمه الجاني بنسبة ذلك من الدية كمائة دينار كجنين البهيمة إذا ضرب أمه فألقته ففيها ما نقصها بتقويمها سليمة ثم ناقصة، ويلزم الضارب أرش ما نقص من القيمة، وأما الجنين فإن نزل حياً ثم مات ففيه القيمة، وإلا فلا شيء فيه.

(إلا الجائفة) استثناء منقطع من قوله: "وفي الجرح حكومة"، والجائفة مختصة بالبطن والظهر، عمداً كانت أو خطأ.

(والآمة المختصة بالرأس: فثلث دية) وكل منهما مخمسة ومثلها الدامغة.

(و) إلا (الموضحة) خطأ (فنصف عشر) وفي عمدها القصاص.

(و) إلا (المنقلة) مرادفة للهاشمة على الراجح (فعشر ونصفه) أي نصف العشر خمسة عشر بعيراً أو مائة وخمسون ديناراً، وهكذا ولا يزاد شيء على ما ذكر في تلك الجراح.

(وإن) برئت (بشين فيهن) كما لا ينقص القدر إن برئت على غير شين، ويستثنى من كلامه: الموضحة في الوجه أو الرأس تبرأ على شين؛ ففيها ديتها وما حصل بالشين.

(والقيمة للعبد) في الجراحات الأربعة (كالدية) للحر فكما يؤخذ في موضحة الحر نصف عشر ديته، يؤخذ في موضحة العبد نصف عشر قيمته. وفي جائفته أو آمته ثلث قيمته وهكذا. فإن جرح في يده أو غيرها من غير الجائفة إلخ فليس فيه إلا ما نقص من قيمته.

(وتعدد الواجب) هو [2] ثلث الدية (بجائفة نفذت): فإذا ضربه في ظهره فنفذت لبطنه أو بالعكس أو بجنبه فنفذت للجنب الآخر

ــ

إخوة وإلا كان للأم السدس.

وقوله: [خلافاً لمن قال تختص به الأم]: القائل به ربيعة قائلاً لأنها كالعوض عن جزء منها وخلافاً أيضاً لقول ابن هرمز للأم والأب على الثلث والثلثين ولو كان له إخوة وكان مالك أولاً يقول بذلك ثم رجع للأول.

واعلم أنه إذا كان المسقط للجنين أحد الأبوين أو الإخوة كان كالقاتل فلا يرث من الواجب المذكور شيئاً، وقول المصنف:"ورثت على الفرائض" لا يخالف قولهم: إن الجنين إذا لم يستهل صارخاً لا يرث ولا يورث لأن مرادهم لا يورث عنه مال يملكه والموروث عنه هنا عوض ذاته.

قوله: [وليس فيه مقدر من الشارع]: الذي استحسنه ابن عرفة فيما إذا لم يكن في الجرح شيء مقدر القول بأن على الجاني أجرة الطبيب وثمن الدواء سواء برئ على شين أم لا مع الحكومة في الأول، وأما ما فيه شيء مقدر فليس فيه سواه ولو برئ على شين سوى موضحة الوجه والرأس فيلزم مع المقدر فيها أجرة الطبيب.

قوله: [أي شيء محكوم به] إلخ: أشار بذلك إلى تفسير الحكومة بالشيء المحكوم به وهو خلاف قول ابن عاشر الأنقال اتفقت على أن المراد بالحكومة الاجتهاد وإعمال الفكر فيما يستحقه المجني عليه من الجاني وحينئذ فلا تفسر بالمحكوم به كذا في الحاشية.

قوله: [بتقويمها سليمة]: أي حاملاً.

وقوله: [ثم ناقصة]: أي ساقطة الحمل. والحاصل أنها إذا قومت بالجنين بعشرة وبعد طرحه بخمسة غرم نصف قيمتها فقط إن نزل الجنين ميتاً أو حياً واستمر، فإن نزل حياً ثم مات فعليه قيمته أيضاً.

قوله: [استثناء منقطع]: أي لأن ما قبل إلا في الجراح التي ليس فيها شيء مقدر وما بعدها فيما فيه شيء مقدر هكذا قال شراح خليل: قال (بن) وفيه نظر بل هو متصل لأن لفظ الجراح يشمل ما فيه شيء مقدر وما ليس فيه شيء مقدر فكأنه قال: وكل جرح فيه حكومة إلا الجائفة فما قبل إلا عمومه مراد تناولاً لا حكماً مثل قام القوم إلا زيداً.

قوله: [مختصة بالبطن والظهر]: أي لأنها ما أفضت للجوف ولو قدر إبرة فما خرق جلدة البطن ولم يصل للجوف فليس فيه إلا حكومة ومراده بالظهر والبطن ما يشمل الجنب.

قوله: [عمداً كانت أو خطأ]: أي فلا فرق بين عمدها وخطئها إذ لا قصاص فيها لعظم خطرها ومثلها يقال في الآمة.

قوله: [وكل منهما مخمسة]: الأوضح كما هو عبارة الأصل أن يقول مخمسة في كل منهما وهذا في الخطأ. وأما في العمد فمثلث أو مربع كما تقدم له في شرح قوله كجرح العمد. .

قوله: [ومثلها الدامغة]: أي على القول بمغايرتها للأمة [3] وقيل على هذا القول فيها حكومة تقدم أن المعتمد الترادف فلذا تركها المصنف.

قوله: [وإلا المنقلة]: أي عمداً أو خطأ إذ لا قصاص في عمدها حيث كانت في الرأس وتقدم أنها التي يطير فراش العظم منها لأجل الدواء.

وقوله: [مرادفة للهاشمة]: أي لقول مالك في المدونة لا أراها إلا المنقلة.

قوله: [وهكذا]: أي ومن الفضة ألف وثمانمائة درهم.

قوله: [الموضحة في الوجه]: أي على المشهور.

قوله: [الأربعة]: أعني الجائفة والآمة والموضحة والمنقلة.

قوله: [كالدية للحر]: أي فينسب القدر المأخوذ للقيمة كما ينسب للدية وقد أوضح الشارح ذلك بالمثال.

قوله: [فليس فيه إلا ما نقص من قيمته]

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (معيباً)، ولعلها الصواب.

[2]

في ط المعارف: (وهو).

[3]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(للآمة).

ص: 399

فعليه دية جائفتين.

(كتعدد موضحة ومنقلة وآمة إن لم تتصل) ببعضها بل كان بين كل واحدة فاصل فيتعدد الواجب المتقدم بتعددها، فإن اتصلت الموضحات إلخ فلا يتعدد الواجب؛ لأنها واحدة متسعة إن كان بضربة واحدة أو ضربات في فور فلو تعدد بضربات في زمن متراخ فلكل حكمه ولو اتصلت.

(وفي إذهاب العقل) خبر مقدم وقوله: "دية" مبتدأ مؤخر، فإذا ضربه أذهب [1] عقله عمداً أو خطأ فعليه دية كاملة، وقد قضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك فإن أذهب [2] عقله في الشهر يوماً فعليه جزء من ثلاثين جزءاً من الدية وهكذا بالنسبة فإن أوضحه [3] فأذهب عقله فعليه دية ونصف عشر دية على المشهور، وقيل: دية العقل فقط.

(أو كل حاسة) كالسمع أو البصر أو الشم أو الذوق أو اللمس أي القوة المنبثة في ظاهر البدن يدرك بها الحرارة والنعومة وضدهما عند المماسة.

ولا يلزم من ترك الأصل اللمس كونه فيه حكومة بل فيه الدية كاملة فقياسه على الذوق الذي هو قوة في اللسان يدرك بها الطعم ظاهر، وأشعر قوله:"كل حاسة" أنه لو أذهب بعض الحاسة ليس عليه دية كاملة بل بحسابه من الدية.

(أو النطق) صوت بحروف

ــ

أي بعد حصول البرء على شين وإلا فلا شيء فيها أصلاً. بخلاف الجراحات الأربعة فلا ينقص فيها القدر المفروض وإن برئت على غير شين كما تقدم.

وحاصله أن جراحات العبد الغير الأربعة إن برئت على شين يقوم سالماً وناقصاً وينظر ما بين القيمتين ويؤخذ له بنسبة ما بين القيمتين على حسب ما تقوله أهل المعرفة.

قوله: [فعليه دية جائفتين]: أي وذلك ثلثا دية النفس.

قوله: [إن لم تتصل ببعضها]: قيد فيما بعد الكاف ولا يتصور رجوعه لما قبلها وهو نفوذ الجائفة لجهلة [4] أخرى؛ لأنه لا يتأتى إلا الاتصال حالة النفوذ فتعدد الجائفة متصلة أو منفصلة موجب لتعدد الواجب. بخلاف ما بعد الكاف فلا يوجبه إلا الانفصال أو تراخي الضربات.

قوله: [بل كان بين كل واحدة فاصل]: أي موضع سالم من ذات الجرح وإن كان فيه سلخ للجلد مثلاً.

قوله: [فإن اتصلت الموضحات]: أي بأن تصير الموضحات شيئاً واحداً ومثله يقال في المنقلة والآمة.

قوله: [فلكل حكمه]: أي فلكل جرح دية مستقلة على حسبه.

قوله: [خبر مقدم]: أي وكذا المعطوفات عليه.

قوله: [عمداً أو خطأ]: أي وتربع في العمد.

قوله: [يوماً]: أي مع ليلة وإلا لو كان يوماً فقط أو ليلة فقط فجزء من ستين جزءاً من الدية ولا يراعى طول النهار ولا قصره، ولا طول الليل ولا قصره، حيث كان يعتريه الجنون في الليل فقط أو في النهار فقط؛ لأن الليل الطويل والنهار القصير لما عاد لهما ما يأتي في ليل قصير ونهار طويل صار أمر الليل والنهار مستوياً فلم يعولوا على طول ولا قصر قاله الزرقاني كذا في (بن).

قوله: [ونصف عشر دية]: أي للموضحة إن كانت خطأ وإلا فالقصاص، ثم إن زال العقل فلا كلام وإلا فديته كما تقدم

قوله: [أي القوة المنبثة في ظاهر البدن]: تفسير للمس.

قوله: [من ترك الأصل]: أي خليل.

قوله: [فقياسه على الذوق]: أي لأن شراح خليل ذكروا أنه مقيس عليه.

قوله: [بل بحسابه من الدية]: أي فإذا أذهب بعض السمع اختبر نقصانه حيث ادعى المجني عليه النقص من إحدى أذنيه بأن يصاح من الجهات الأربع ووجه الصائح لوجهه مع سد الصحيحة سداً محكماً وقت سكون الريح، ويكون النداء من مكان بعيد ثم يقرب منه شيئاً فشيئاً حتى يسمع، أو يصاح من مكان قريب ثم يتباعد الصائح حتى ينقطع السماع ثم تفتح الصحيحة وتسد الأخرى ويصاح به كذلك، ثم ينظر أهل المعرفة ما نقص بالنسبة لسمع الصحيحة، فإن كانت الجناية في الأذنين معاً اعتبر سمع وسط لا في غاية الحدة ولا الثقل من شخص مثل المجني عليه في السن والمزاج فيوقف في مكان ويصاح عليه كما تقدم حتى يعلم انتهاء سمعه ثم يوقف المجني عليه مكانه فيصاح عليه كذلك وينظر ما نقص من سمعه عن سمع الشخص المذكور ويؤخذ من الدية بتلك النسبة، وهذا إذا لم يعلم سمعه قبل الجناية وإلا عمل على علم من قوة أو ضعف بلا اعتبار سمع وسط ومحل أخذه الدية على ما تقدم إن حلف على ما ادعى ولم يختلف قوله عند اختلاف الجهات وإلا فهدر، فإن كان النقص في إحدى العينين أغلقت الصحيحة ويؤمر بالنظر من بعد ثم يقرب منه حتى يعلم انتهاء ما أبصرت ثم تغلق المصابة وتفتح الصحيحة ويفعل بها مثل المصابة وينظر في النسبة، فإن جنى عليهما وفيهما بقية اعتبر بصر وسط وله من الدية بنسبة ذلك بشرط الحلف وعدم اختلاف القول، وهذا ما لم يعلم بصره قبل الجناية وإلا عمل عليه وجرب الشم برائحة حادة منفردة [5] للطبع كرائحة جيفة وأمر بالمكث عندها مقداراً من الزمن وهذا إن ادعى عدمه بالمرة وإلا صدق بيمينه ونسب لشم وسط جرب نقص المنطق بالكلام باجتهاد أهل المعرفة من ثلث أو ربع، فإن شكوا أو اختلفوا في قدر النقص عمل بالأحوط والظالم أحق بالحمل عليه وجرب الذوق بالشيء المر الذي لا يصبر عليه عادة فإن ادعى النقص صدق بيمين ونسب لذوق وسط وجرب العقل بالخلوات حيث شك في زوال الكل أو البعض بأن يحبس ويتجسس عليه فيها هل يفعل أفعال العقلاء أو غيرهم، ويحتمل أننا نجلس معه ونحادثه ونسايره في الكلام

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (فأذهب)، ولعلها الصواب.

[2]

في ط المعارف: (ذهب).

[3]

في ط المعارف: (وضحه).

[4]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(لجهة).

[5]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(منفرة).

ص: 400

فهو أخص من قوله: (أو الصوت) لأنه يصدق بالساذج.

(أو قوة الجماع) بأن فعل معه فعلاً كضربه أبطل إنعاظه ولا تندرج فيه دية الصلب وإن كانت قوة الجماع فيه، فلو كسر صلبه فأبطل إنعاظه فعليه ديتان.

(أو نسله) بأن فعل معه فعلاً أفسد منيه، ففي كل واحد مما ذكر (دية).

وشبه في لزوم الدية قوله: (كتجذيمه): أي إذا فعل معه فعلاً أحدث في بدنه جذاماً: داء يأكل الأعضاء والعياذ بالله تعالى. (أو تبريصه أو تسويده): أي تسويد جسده بعد أن كان غير أسود وهو نوع من البرص؛ فإن سوده وجذمه فديتان.

(أو قيامه) وحده (أو جلوسه) مع ذهاب قيامه، أما لو أذهب بفعل جلوسه وحده ففيه حكومة، كبعض قيامه وجلوسه.

(ومارن الأنف) ما لان منه دون العظم، ويسمى أرنبة، وفيه دية كاملة.

(والحشفة) إذا قطعها شخص فعليه دية كاملة.

(وفي) قطع (بعضهما) أي المارن والحشفة (بحسابها) أي الدية (منهما) أي من المارن والحشفة، فيقاس المارن لا الأنف، وتقاس الحشفة لا الذكر، كما قال:(لا) يقاس (من أصله) وأصل المارن: الأنف، وأصل الحشفة: الذكر لأن بعض ما فيه الدية، إنما نسب إليه لا إلى أصله. والراجح أن في قطع ذكر العنين دية، وقيل: حكومة، وأما ذكر الخنثى ففيه نصف دية ونصف حكومة.

(والأنثيين): في قطعهما أو سلهما أو رضهما دية كاملة، وفي الواحدة نصف دية. وفي قطعهما مع الذكر ديتان.

(وشفري المرأة): أي قطع لحم جانبي فرج المرأة فيه دية كاملة (إن بدا العظم) فإن لم يظهر العظم فحكومة. وفي أحد الشفرين إن بدا العظم نصف دية والشفران بضم المعجمة وسكون الفاء: اللحمان المحيطان بالفرج المغطيان العظم.

(وثدييها) إذا قطعهما شخص من أصلهما عليه دية كاملة، أبطل اللبن أو لا، شابة أو عجوزاً أما ثدي الرجل ففيه حكومة.

(أو حلمتيهما) أي في قطع الحلمتين (إن أبطل اللبن) دية كاملة، ومثل إبطال اللبن إفساده؛ فالدية لقطع اللبن لا لقطع الحلمتين، بدليل أنه لو أبطل اللبن بدون قطع فيه الدية، ولو قطعهما فلم يفسد اللبن فحكومة فلو قطع حلمتي صغيرة فيستأنى بها لزمن الإياس من اللبن وتمام سنه، فإن أيس فدية. (أو عين أعور) فيها الدية كما تقدم. (بخلاف كل زوج) كيدين ورجلين بخلاف الأذنين كما يأتي (ففي) أحدهما نصفها وفيهما الدية كاملة (إلا الأذنين) فليس في قطعهما دية بل حكومة حيث بقي [1] السمع هذا هو الراجح فلذا استثناهما وقال:(فحكومة) كلسان الأخرس في قطعه حكومة بالاجتهاد، حيث لم يتحقق أن به ذوقاً وإلا فالدية.

ــ

حتى نعلم خطابه وجوابه، فإن علم أهل المعرفة ما نقص منه بالجناية عمل بذلك، وإن شكوا أو اختلفوا عمل بالأحوط والظالم أحق بالحمل عليه فيحمل على الأكثر في العمد وعلى الأقل في الخطأ اهـ ملخصاً من الأصل.

قوله: [فهو أخص من قوله أو الصوت]: أي ولا يلزم من ذهاب الأخص ذهاب الأعم فلذلك عطف الأعم عليه.

قوله: [كضربه]: مثال للفعل.

وقوله: [أبطل]: صفة للفعل وهو أعم من الضرب لأنه يشمل السحر.

قوله: [ولا تندرج] إلخ: سيأتي وجهه في قول المصنف "إلا المنفعة بمحلها".

قوله: [أفسد منيه]: أي بحيث لا يتأتى منه نسل.

قوله: [كتجذيمه]: أي وإن لم يعم الجذام جسده.

قوله: [أو تسويده]: أي وإن لم يعم أيضاً.

قوله: [وهو نوع من البرص]: أي لأن البرص منه أبيض ومنه أسود.

قوله: [مع ذهاب قيامه]: أي بأن صار ملقى.

قوله: [ففيه حكومة]: أي خلافاً لقول التتائي إن فيه الدية.

قوله: [كبعض قيامه وجلوسه]: أي بعض كل منهما وأولى في الحكومة بعض أحدهما.

قوله: [ويسمى أرنبة]: قال في التوضيح ويقال لها الروثة براء مهملة فواو فثاء مثلثة.

قوله: [والحشفة]: هي رأس الذكر.

قوله: [وأصل المارن الأنف]: أي وأما قطع باقي الأنف والذكر بعد قطع الأرنبة والحشفة ففيه حكومة كما يأتي

قوله: [ذكر العنين]: أي وهو من لا يتأتى منه الجماع لصغره، أو لعدم إنعاظه لكبر أو علة عن جميع النساء، قال في الذخيرة: للذكر ستة أحوال يجب الدية في ثلاثة وتسقط في حالة وتختلف في اثنتين، فتجب الدية في قطعه جملة أو الحشفة وحدها أو إبطال النسل منه، وإن لم يبطل الإنعاظ وتسقط إذا قطع بعد قطع الحشفة، وفيه حينئذ حكومة ويختلف إذا قطع ممن لا يصح منه النسل وهو قادر على الاستمتاع أو عاجز عن إتيان النساء لصغر ذكره أو لعلة كالشيخ الفاني فقيل دية وقيل حكومة والقولان لمالك.

قوله: [ففيه نصف دية ونصف حكومة]: أما نصف الدية لاحتمال ذكورته ونصف الحكومة لاحتمال أنوثته، والمراد بالحكومة هنا ما يجتهد فيه الإمام لهذا القدر لا ما سبق في تقويمه لأن قطع ذكر المرأة لا ينقصها.

قوله: [في قطعهما أو سلهما]: أي خطأ.

وقوله: [أو رضهما]: أي عمداً أو خطأ لأنه لا يقتص في الرض.

قوله: [وفي الواحدة نصف دية]: أي واليمنى واليسرى عند مالك سواء.

وقال ابن حبيب في اليسرى الدية كاملة لأن النسل منها خاصة.

قوله: [وفي قطعهما مع الذكر]: أي خطأ وأما عمداً ففيه القصاص.

قوله: [ومثل إبطال اللبن إفساده]: أي فمراده بالإبطال قطعه رأساً وبالإفساد صيرورته دماً مثلاً.

قوله: [فإن أيس فدية]: أي وإن حصل اللبن في مدة الاستيناء ففيهما حكومة.

قوله: [كما تقدم]: أي من أنه للسنة.

قوله: [ففي أحدهما نصفها]: والفرق

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (في).

ص: 401

(واليد الشلاء) التي لا نفع بها أصلاً، في قطعها حكومة. فإن كان بها نفع فكالسليمة في القصاص والدية.

والساعد في قطعه حكومة وهو: ما عدا الأصابع إلى المنكب، وسواء ذهب الكف بسماوي أو جناية، أخذ لها عقل أم لا، فإن كان الساعد فيه أصبع فديته والحكومة فإن كان أكثر من واحد فدية الأصابع فقط.

(وأليتا المرأة) في قطعهما خطأ حكومة قياساً على أليتي الرجل. وقال أشهب: فيهما الدية، أما عمداً فالقصاص.

(وسن مضطربة جداً) إذا أتلفها شخص فعليه حكومة، ولو كان أخذ ممن صيرها مضطربة عقلاً على الراجح، إذ في بقائها جمال، أما لو كان يرجى ثبوت المضطربة ففي قلعها ديتها.

(وعسيب حشفة) أي في قطع قصبة الذكر الذي ليس فيه حشفة لقطعها قيل: حكومة. وعلمت أن قطع الحشفة فيها دية كاملة هذا هو المنصوص، وإن استظهر في التوضيح أن في العسيب دية.

(وحاجب) أي في إزالة شعره حكومة، واحداً أو متعدداً لأن في الشعر جمالاً:"اللهم صل على من كان حاجبه يزينه وليس في الخلق مثله".

(وهدب) بضم الهاء: الشعر على شفر العين. "اللهم صل على من كان أهدب الأشفار جميلها بدون اكتحال".

ومحل الحكومة في شعر الحاجب والهدب: إن لم ينبت، وإلا ففي عمده الأدب فقط.

(وظفر) في قلعه خطأ حكومة (وفي عمده): أي قطع الظفر (القصاص) بخلاف عمد غيره فالأدب.

(وإفضاء) بالجر: عطف على ما فيه الحكومة، وهو إزالة الحاجز الذي بين محل البول والجماع، ومثله اختلاط محل البول والغائط. ومعنى الحكومة أن يغرم ما عابها عند الأزواج بأن يقال: ما صداقها على أنها غير مفضاة؟ وما صداقها على أنها مفضاة؟ [1] فيغرم النقص. ثم إن كان الفعل من الزوج فيلحق بالخطأ لإذن الشارع في الفعل في الجملة، فإن بلغ الثلث فعلى العاقلة وإلا ففي [2] ماله، واستظهر في التوضيح أن في الإفضاء الدية.

(ولا يندرج) الإفضاء (تحت مهر): بل يغرم الحكومة مع الصداق زوجاً أو أجنبياً غصبها ووطئها (بخلاف) إزالة (البكارة) من الزوج أو الغاصب فلا يغرم للبكارة شيئاً زائداً على الصداق؛ لأنه لا يمكن الوطء إلا بإزالتها فهي من لواحق الوطء بخلاف الإفضاء (إلا) إن أزالها (بأصبعه) فلا تندرج في المهر زوجاً أو أجنبياً، فعلى الأجنبي الحكومة ولو لم يطأ، وهي مع المهر إن وطئ أما الزوج فيلزمه أرش البكارة التي أزالها بأصبعه مع نصف الصداق حيث طلق قبل البناء، فإن بنى وطلق فتندرج في المهر، فإن أمسكها فلا شيء عليه، وإزالة البكارة بالأصبع حرام فيؤدب الزوج عليه.

(وفي) قطع (كل أصبع): خطأ من يد أو رجل إبهاماً أو خنصراً من أنثى أو ذكر مسلم أو كافر (عشرها) بضم العين: أي عشر دية من قطعت أصبعه، فيشمل الكتابي والمجوسي. والإبل وغيرها مخمسة

ــ

بين عين الأعور والواحد من كل زوج مما ذكر أن العين تقوم مقام العينين في معظم الغرض. بخلاف إحدى اليدين والرجلين.

قوله: [واليد الشلاء]: مبتدأ خبره محذوف قدره الشارح بقوله "في قطعها حكومة"، وكذا ما عطف عليه فالمناسب رفع "أليتي المرأة" بالألف، ومثل اليد الشلاء الرجل الشلاء وظاهره كغيره أن الحكومة في لسان الأخرس واليد الشلاء ومثلها الرجل ولو كان الجاني متعمداً وله مثل ذلك، لكن في شب أن هذا عند عدم المماثلة وإلا ففي العمد القصاص.

قوله: [فكالسليمة في القصاص والدية]: أي لقوله كما تقدم ويؤخذ عضو قوي بضعيف.

قوله: [فإن كان أكثر من واحد فدية الأصابع فقط]: ظاهره ولو كانت الأكثرية بأنملة ولكن ظاهر كلامهم أن الأكثرية تكون بأصبع أخرى قال (شب): فمن قطع يد شخص فيها أصبعان فعليه ديتهما فقط سواء قطعهما من الكوع أو من المنكب، ولا شيء عليه غير ديتهما ومع [3] قطع يد شخص فيها أصبع واحدة فعليه دية الأصبع، وحكومة فيما زاد على الأصبع سواء قطعها من الكوع أو من المرفق أو من المنكب اهـ.

قوله: [وقال أشهب: فيهما الدية]: أي ولم يفصل بين بدو العظم وعدمه كما فصلوا في شفريها.

قوله: [ففي قلعها ديتها] أي إن كان خطأ فإن كان عمداً ففيه القصاص.

قوله: [وعسيب حشفة]: إطلاق العسيب على الباقي بعد الحشفة مجاز باعتبار ما كان إذ قصبة الذكر، إنما يقال لها عسيب مع وجود الحشفة، وما ذكره المصنف من أن في عسيب الذكر حكومة نحوه في المدونة.

قوله: [إن في العسيب دية]: أي لأنه يجامع به فتحصل به اللذة.

قوله: [أي في إزالة شعره حكومة]: أي سواء كان عمداً أو خطأ.

قوله: [بخلاف عمد غيره فالأدب]: مراده بالغير شعر الحاجب والهدب. وقوله: "فالأدب" أي مع الحكومة إن لم ينبت كما تقدم.

قوله: [بالجر]: صوابه الرفع لما علمت من أنه معطوف على اليد وهو مبتدأ خبره محذوف.

قوله: [واستظهر في التوضيح] إلخ: أي لأنه قول ابن القاسم وعلله ابن شعبان بأنه يمنعها من اللذة، ولا تمسك الودي ولا البول إلى الخلاء، ولأن مصيبتها أعظم من قطع الشفرين، وقد نصوا على وجوب الدية فيهما كذا في (بن).

قوله: [حيث طلق قبل البناء]: أي ويتصور فعله بها قبل البناء إن فعله بحضرة نساء ولم يحصل بها بعد ذلك خلوة.

قوله: [خطأ]: مثله العمد الذي لا قصاص فيه، إما لعدم المماثلة أو للعفو على الدية.

قوله: [من أنثى أو ذكر]: لا يقال شموله للأنثى ينافي ما سيأتي من مساواة المرأة للرجل لثلث ديته فترجع لديتها

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

قوله: (وما صداقها على أنها مفضاة) ليس في ط المعارف.

[2]

في ط المعارف: (فض).

[3]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(ومن).

ص: 402

ومربعة.

(و) في قطع (الأنملة) خطأ (ثلثه): أي ثلث العشر: وهو ثلاثة وثلث بعير من الإبل (إلا في الإبهام) من يد أو رجل (فنصف): أي نصف دية الأصبع وهو خمس من الإبل أو خمسون ديناراً، وهذه إحدى المستحسنات الأربع. وتقدم الشفعة في الشجر أو البناء بأرض محبسة أو معارة والشفعة في الثمار، والرابعة تأتي: وهي القصاص بشاهد ويمين في جرح العمد.

(وفي) صحيح (كل سن سن [1] نصف العشر) هذا يشمل المسلم وغيره. فهو أولى من تعبير الأصل.

(بقلع) من أصلها أو لم يبق إلا المغيب في اللحم (أو اسوداد) بعد أن كانت بيضاء فصارت بالجناية عليها سوداء؛ لأنه أذهب جمالها. ومثلها إذا اسودت ثم انقلعت (أو بحمرة أو صفرة) بعد بياضها (إن كانا) الحمرة والصفرة (في العرف): أي يقول أهل المعرفة: إنهما (كالسواد) في إذهاب جمالها، وإلا فبحساب ما نقص.

(وتعددت) الدية (بتعدد الجناية): فإذا قطع يده فزال عقله فديتان؛ دية لليد ودية للعقل: ولو زال مع ذلك بصره فثلاث وهكذا.

(إلا المنفعة) الكائنة (بمحلها): أي محل الجناية فلا تتعدد الدية في ذهابها مع ذهاب محلها؛ كما لو ضربه فقطع أذنيه فزال سمعه فدية واحدة، أو ضربه فقلع عينه فزال بصره؛ لأن المنفعة بمحل الجناية، ولا حكومة في محل كل. والمراد بالمحل: الذي لم يشاركه غيره، ولذا لو كسر صلبه فأقعده عن القيام وأذهب قوة الجماع فعليه دية لمنع قيامه ودية لعدم قوة الجماع.

(وساوت المرأة الرجل) من أهل دينها في قطع أصابعها مثلاً (لثلث ديته) بإخراج الغاية، فإذا قطع لها ثلاثة أصابع ففيها ثلاثون من الإبل فلو بلغت الثلث لرجعت لديتها كما قال:(لترد [2] لديتها): كما لو قطع لها ثلاثة أصابع وثلث أصبع، فديتها ستة عشر بعيراً وثلثا بعير أو أربعة أصابع في فور ففيها عشرون من الإبل لرجوعها لديتها وهي على النصف من الرجل من أهل ديتها.

(إن اتحد الفعل، ولو) كان اتحاد الفعل (حكماً) كضربات في فور واحد من شخص واحد أو من جماعة، وقال الأجهوري: إن تعدد الجاني -كأربعة- فعلى كل واحدة عشرة من الإبل لكن النقل ما علمت (مطلقاً) ولو تعدد المحل كالمثال أو في الأسنان والأصابع والمواضح والمناقل (كالمحل) أي كاتحاد المحل (في الأصابع)

ــ

لأننا نقول ما يأتي كالاستثناء مما هنا.

قوله: [ومربعة]: أي في العمد الذي لا قصاص فيه، لكن الذي في (ح) نقلاً عن النوادر أن دية الأصابع والأسنان والجراح تؤخذ مخمسة ولا تربع دية العمد إلا في النفس. وفي الحقيقة هما طريقتان.

قوله [وهو ثلاثة وثلث بعير]: أي بالنسبة للحر المسلم الذكر.

قوله: [إلا في الإبهام]: أي خلافاً لبقية الأئمة حيث قالوا: في الأنملة ثلث العشر ولو في الإبهام.

قوله: [وهو خمس من الإبل]: أي بالنسية للحر المسلم الذكر كما تقدم.

قوله: [أو خمسون ديناراً]: أي لأهل الذهب وستمائة درهم لأهل الفضة.

قوله: [المستحسنات الأربع]: تقدم الكلام عليها في باب الشفعة.

قوله: [وفي صحيح كل سن] إلخ: أي ويخصص عموم ما هنا بما سيأتي في مساواة المرأة للرجل في الأسنان كالأصابع.

قوله: [فهو أولى من تعبير الأصل]: أي خليل حيث قال: وفي كل سن خمس لقصوره على أهل الإبل في الحر المسلم الذكر.

قوله: [ثم انقلعت]: أي بنفسها من غير جناية أخرى عليها فليس فيها إلا دية واحدة كما اختاره الشيخ خليل في التوضيح. أما لو تعمد قلع سن سوداء أو حمراء أو صفراء وكانت الصفرة أو الحمرة كالسواد فهل كذلك فيها نصف عشر الدية لكونها غير مساوية لسن الجاني أو القصاص للتعمد؟ قال (بن) والظاهر الثاني بدليل وجوب العقل فيها خطأ.

قوله: [وتعددت الدية]: مراده بالدية الواجب كان دية أو بعضها أو حكومة.

وقوله "بتعدد الجناية" أي ما ينشأ عنها.

قوله: [فقطع أذنيه]: أي أو قلعهما.

قوله: [الذي لم يشاركه غيره]: أي الذي لا توجد إلا به، فإن وجدت المنفعة به وبغيره ولو كان الموجود فيه أكثرها تعددت الدية كما قال الشارح.

قوله: [في قطع أصابعها مثلاً]: أي ومنقلاتها وبقية جراحاتها.

قوله: [وثلث أصبع]: أي وهي أنملة كاملة، وأما لو قطع لها ثلاثة أصابع ونصف أنملة لكان لها اثنان وثلاثون ونصف من الإبل.

قوله: [ففيها عشرون من الإبل]: إلخ روى مالك عن ربيعة أنه قال: قلت لابن المسيب: كم في ثلاثة أصابع المرأة؟ قال: ثلاثون. قلت: وأربعة؟ قال: عشرون. قال: سبحان الله لما عظم جرحها قل عقلها فقال: أعراقي أنت؟ قلت: بل جاهل متعلم أو عالم متثبت، فقال: تلك السنة يا ابن أخي.

قوله: [إن اتحد الفعل]: أي إن كانت الجراحات نشأت عن فعل متحد ولو حكماً إلخ.

قوله: [كالمثال]: أي المتقدم في قوله "كما لو قطع لها ثلاثة أصابع وثلث أصبع" إلخ، فإن هذا المثال صادق بكونه من يد واحدة أو من يدين وهو تعدد المحل.

قوله: [أو في الأسنان] إلخ: حق العبارة وشمل الإطلاق الأسنان

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

قوله: (سن سن) في ط المعارف: (سن)، ولعلها الصواب، وكذا هو في أقرب المسالك.

[2]

في ط المعارف: (فترد)، ولعلها الصواب.

ص: 403

ولو تراخى الفعل، فإذا قطع لها ثلاثاً من يد ففيها ثلاثون، ثم إذا قطع ثلاثاً من الأخرى ففيها ثلاثون أيضاً لاختلاف المحل مع التراخي، ثم إن قطع لها أصبعاً أو أصبعين من أي يد كانت كان لها في كل أصبع خمس لاتحاد المحل. ولو قطع لها أصبعين من يد ثم بعد تراخ قطع أصبعين من تلك اليد، كان لها في الأولين عشرون وفي الأخيرين عشرة لاتحاد المحل، ولو كانا من اليد الأخرى لكان فيهما عشرون لاختلاف المحل.

(فقط) لا في اتحاد المحل في الأسنان فإنها في كل سن خمس من الإبل، إذا كان بين الضربات تراخ لا إن كان في ضربة واحدة أو في فور كما تقدم ومحل الأسنان متحد ولو كانت من فكين.

(ونجمت) سيأتي بيان التنجيم في قوله: "الكاملة"(دية الحر) أما الرقيق فلا دية له، وإنما على الجاني قيمته حالة كان الحر ذكراً أو أنثى مسلماً أو غيره (الخطأ) سيذكر محترزه (بلا اعتراف) من الجاني بل ببينة، أو لوث فلا تحمل العاقلة ما اعترف به من قتل أو جرح، بل هي حالة عليه ولو كان عدلاً مأموناً، لا يقبل رشوة من أولياء المقتول على الراجح.

(على الجاني وعاقلته) متعلق بـ "نجمت" فعلى الجاني كرجل من العاقلة كما يأتي.

(إن بلغت ثلث دية المجني عليه) شرط في التنجيم على الجاني والعاقلة؛ كأن جنى مسلم على مجوسية خطأ ما يبلغ ثلث ديتها كأن أجافها (أو الجاني) كأن تعددت الجائفة منه فيها حملته عاقلته، وإن جنى مجوسي أو مجوسية على مسلم ما يبلغ ثلث الجاني حملته عاقلته.

(وإلا) تبلغ ثلث أحدهما (فعليه) أي الجاني (فقط حالة كعمد): محترز "خطأ" كان العمد على نفس أو طرف عفي عنه على الدية فإنها تكون في ماله حالة.

(ودية غلظت) عطف خاص على عام إذ المغلظة على الأب لا تكون إلا في العمد، وأتى به دفعاً لتوهم: أنه لما سقط القصاص تصير كالخطأ ثم استثنى من قوله "كعمد" قوله:

(إلا ما لا يقتص منه) من الجراح: كالجائفة والآمة وكسر الفخذ (لإتلافه) أي لخوف إتلاف النفس لو اقتص منه فيؤدي إلى قتل نفس بغير نفس (فعليها) أي فالدية على العاقلة في العمد كالخطأ إن بلغت ثلث دية المجني عليه أو الجاني.

(وهي) أي العاقلة عدة أمور.

(أهل ديوانه) الديوان: اسم للدفتر يضبط فيه أسماء الجند وعددهم

ــ

والأصابع إلخ.

قوله: [ولو تراخى الفعل]: الجملة حالية لأن محل تخصيص الأصابع بذلك عند تراخي الفعل وإلا فلا فرق بين الأصابع والأسنان والمواضح والمناقل.

قوله: [لا في اتحاد المحل في الأسنان]: مثلها المواضح والمناقل.

والحاصل أن الفعل المتحد أو ما في حكمه يضم في الأصابع والأسنان وغيرهما، وأما إذا اتحد المحل وتعدد الفعل مع التراخي فيضم في الأصابع لا في غيرها.

قوله: [ومحل الأسنان متحد ولو كانت من فكين]: أي خلافاً للشيخ أحمد الزرقاني القائل إن الفكين محلان وأنت خبير بأن هذا الخلاف لا ثمرة له على ما مشى عليه المصنف من عدم الضم، وإنما تظهر فائدته على قول ابن القاسم بالضم الذي رجع عنه.

قوله: [دية الحر]: مثلها تنجيم الحكومة والغرة حيث بلغ كل منهما الثلث أو كان كل منهما أقل من الثلث، ولكن وجب مع دية وكذا موضحة ومنقلة مع دية.

قوله: [سيذكر محترزه]: أي في قوله "كعمد".

قوله: [فلا تحمل العاقلة ما اعترف]: أي والموضوع أنه خطأ.

قوله: [على الراجح]: مقابله أقوال قيل على عاقلته بقسامة وسواء مات المقتول في الحال أم لا، وقيل: تبطل الدية مطلقاً، وقيل على العاقلة بشرط أن لا يتهم المقر في إغناء ورثة المقتول، وقيل عليهم بشرط أن يكون عدلاً، وقيل يفض عليه وعليهم فما نابه يلزم ويسقط ما عليهم كذا في (بن).

قوله: [على الجاني]: أي الذكر البالغ العاقل المليء كما يأتي للمصنف.

وأما المرأة والصبي والمجنون والمعدم فلا يعقلون عن أنفسهم، ولا عن غيرهم كما في (بن) خلافاً لما في (عب) من أنهم يعقلون عن أنفسهم ولا يعقلون عن غيرهم.

قوله: [شرط في التنجيم]: فيه نظر إذ هذا شرط في حمل العاقلة لا في التنجيم.

قوله: [على مجوسية]: أي وتقدم أن المجوسية على النصف من المجوسي فديتها ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار.

قوله: [كأن أجافها]: أي أو أمها فيلزم العاقلة أحد عشر ديناراً وتسع دينار وهي ثلث ديتها.

قوله: [أو الجاني]: أي وإن لم يبلغ ثلث دية المجني عليه.

قوله: [كأن تعددت الجائفة]: المناسب كأن تعددت الجنايات منه فيها بأن أذهب حواسها الخمس وصلبها وقوة جماعها ويديها ورجليها وشفريها، فإن في هذه ثلثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً، وأما بلوغ ثلث دية المسلم من تعدد جائفة المجوسية فبعيد وتكلف.

قوله: [وإن جنى مجوسي]: المناسب أو جنى ويكون تنويعاً في المثال وهو مثال لبلوغها ثلث دية الجاني دون المجني عليه.

قوله: [كعمد]: هذا شامل للمثلثة والمربعة لأن التغليظ بالتربيع والتثليث خاص به.

قوله: [في العمد كالخطأ]: أي وسواء كان الجاني مكافئاً أو غير مكافئ كأن يجرح مسلم نصرانياً جرحاً لا يقتص منه للإتلاف، فإن ديته على عاقلة المسلم، فإن كان المانع من القصاص عدم المساواة فقط فإنه مال الجاني.

قوله: [أي العاقلة]: لما جرى ذكر العاقلة بين أنها عدة أمور أهل الديوان والعصبة والموالي وبيت المال.

ص: 404

وإعطاؤهم وقدمه لقوله بعد: "وبدأ بالديوان" وقد تبع المصنف الأصل، ولكن محشي التتائي والبناني ضعفا اعتبار الديوان في العاقلة، قاله شيخنا الأمير في مجموعه.

(وعصبته ومواليه وبيت المال وبدئ بالديوان) أي بأهله، فيقدمون على العصبة حيث كان الجاني من الجند ولو كانوا من قبائل شتى (إن أعطوا) شرط في التبدئة لا في كونهم عاقلة، إذ هم عاقلة ولو لم يعطوا أرزاقهم المعينة لهم في الدفتر من العلوفات والجمكيات. لكن الذي قاله ابن مرزوق إنه شرط في كونهم عاقلة.

(فالعصبة): أي إن لم يكن ديوان، أو كان وليس الجاني منهم، أو منهم ولم يعطوا فالعصبة تبدأ على الموالي إلخ، الأقرب يقدم من العصبة فالأقرب على ترتيب النكاح، فإذا كمل من الأبناء سبعمائة فلا يدفع أولادهم شيئاً، وإن نقص كمل من أبناء الأبناء وهكذا، والجد يؤخر عن بني الإخوة هنا.

(فالموالي الأعلون) وهم المعتقون -بكسر التاء- لأنهم عصبة سبب ولو أنثى حيث باشرت العتق. ويقدم الأقرب على نحو الترتيب الآتي في الولاء.

(فالأسفلون) حيث لم يوجد من بقي من الأعلين.

(فبيت المال، إن كان الجاني مسلماً): لأن بيت المال لا يعقل عن كافر والظاهر أن على الجاني مع بيت المال بقدر ما ينوبه أن لو كانت عاقلة، فإن لم يكن بيت مال فتنجم على الجاني، وقوله "إن كان" إلخ شرط لجميع ما قبله

(وإلا فالذمي ذو دينه) وهو الذي رجحه المواق فليست عاقلة الذمي عصبته وأهل ديوانه إلخ على المعتمد والمراد بذي دينه: من يحمل معه الجزية

ــ

قوله: [وإعطاؤهم]: المناسب عطاؤهم بغير همز لأن الذي يضبط الشيء المعطي لا الإعطاء الذي هو مصدر فعل الفاعل.

قوله: [وقد تبع المصنف الأصل]: أي خليلاً ونحوه لابن الحاجب وابن شاس وهو لمالك في الموازية والعتبية.

قوله: [ضعفا اعتبار الديوان] إلخ: أي لقول اللخمي والقول بأن الدية تكون على أهل الديوان ضعيف والمعتمد أنهم ليسوا من العاقلة، وإنما يراعى عصبة القاتل كانوا أهل ديوان أم لا كما هو مذهب المدونة أفاده (بن).

واعلم أنه على القول باعتبار الديوان فالمراد به أهل ديوان الإقليم فجند مصر أهل ديوان واحد، وإن كانوا طوائف سبعة عرب وانكشارية وشراكسة إلخ هذا هو المعتمد.

قوله: [لكن الذي قاله ابن مرزوق] إلخ: قال (بن) نص ابن شاس في الجواهر فإن لم يكن عطاء فإنما يحمل عنه قومه.

قوله: [أنه شرط في كونهم عاقلة]: أي على الطريقة التي مشى عليها المصنف.

تنبيه: إذا نقص أهل الديوان عن السبعمائة بناء على أن أقل العاقلة سبعمائة أو عن الألف بناء على مقابلة ضم إليهم عصبة الجاني الذين ليسوا معه في الديوان هذا هو الصواب المنقول للمذهب لا عصبة أهل الديوان خلافاً للأجهوري.

قوله: [فالعصبة]: أي ويبدأ بالعشيرة وهم الإخوة، ثم بالفصيلة وهم الأعمام، ثم بالفخذ ثم بالبطن، ثم بالعمارة ثم بالقبيلة ثم بالشعب، ثم أقرب القبائل لأن طبقات العرب سبعة الشعب بالفتح، ثم القبيلة، ثم العمارة بالفتح والكسر، ثم البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة ثم العشيرة. ويتضح ذلك بذكر نسبه صلى الله عليه وسلم، فهو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن حكيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، فأولاد الجد الأعلى شعب، وأولاد ما دونه قبيلة، وأولاد ما دونه عمارة، وأولاد ما دونه بطن، وأولاد ما دونه فخذ، وأولاد العم كأولاد العباس فصيلة والإخوة يقال لهم عشيرة، قال في الذخيرة: فخزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة والعشيرة الإخوة اهـ.

قوله: [سبعمائة]: أي بناء على المعتمد من أن أقلها سبعمائة.

قوله: [وهكذا]: أي يصنع في الإخوة وبنيهم المسمون بالعشيرة، ثم ينتقل للفصيلة وهكذا، فمتى كمل العدد من بطن لا ينتقل لأعلى منها، فإن لم يكمل إلا بجميع البطون كمل بها.

قوله: [يؤخر عن بني الإخوة هنا]: ويشهد له نظم الأجهوري المشهور.

قوله: [لأنهم عصبة سبب]: أي وهم كعصبة النسب لقوله في الحديث: «الولاء لحمة كلحمة النسب» ولقولهم: الولاء عصوبة سببها نعمة المعتق.

قوله: [فالأسفلون]: أي ولا يدخل في الأسفلين المرأة العتيقة كما في (شب).

قوله: [من الأعلين]: بياء واحدة نظير المصطفين، وأصله الأعلوين تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً فالتقى ساكنان حذفت الألف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة دليلاً عليها.

قوله: [بقدر ما ينوبه أن لو كانت عاقلة]: أي بأن يقدر أنه واحد من سبعمائة.

قوله: [فتنجم على الجاني]: أي فهو في هذه الحالة قائم مقام العاقلة إن كان ممن يعقل إن كان ذكراً بالغاً عاقلاً مليئاً.

قوله [شرط لجميع ما قبله]: المناسب أن يقول بعد ذلك دخولاً على المصنف بدليل قوله "وإلا" إلخ.

قوله: [على المعتمد]

ص: 405

أن لو كانت عليه وإن لم يكونوا من أقاربه، فالنصراني يعقل عنه النصارى الذين في بلده لا اليهود وعكسه. ولا يعقل عن كافر أعتقه مسلم معتقه، بل بيت المال لأنه يرثه كالمرتد على المعتمد.

(والصلحي) يؤدي عنه (أهل صلحه): من أهل دينه ولا يعتبر أهل ديوان ولا عصبة إلخ على الراجح.

(وضرب على كل): ممن لزمته الدية من أهل ديوان وعصبة وموالي وذمي وصلحي إن تحاكموا إلينا (ما لا يضر) به بل على قدر طاقته.

(وعقل عن صبي ومجنون وامرأة وفقير وغارم): إذا جنوا. والغارم: أخص من الفقير فتغرم عاقلتهم عنهم.

(ولا يعقلون) عن أنفسهم ولا عن غيرهم؛ لأن علة ضربها التناصر والمرأة والصبي والمجنون ليس منهم تناصر. والفقير والغارم محتاجان. وذكر المرأة لأن الموالي شملوها وإن خرجت من قوله: "العصبة" وجعل الخرشي المرأة شاملة للخنثى لأنه امرأة حكماً وبحث معه.

(والعبرة): أي المعتبر في الصبا والجنون وضدهما، والعسر واليسر والغيبة والحضور (وقت الضرب) أي التوزيع على العاقلة، فما وجدت فيه الأوصاف وقت التوزيع وزع عليه وما لا فلا، كما قال.

(لا إن قدم غائب) غيبة انقطاع وقت التوزيع فلا تضرب عليه بعد قدومه المتأخر عن التوزيع. فإن كانت غيبته غير انقطاع فتوزع عليه ولو بعدت المسافة، فإن جهل الحال فإن بعدت - كإفريقية من المدينة - فلا تضرب عليه، وإلا ضربت.

(أو أيسر فقير أو بلغ صبي) أو عقل مجنون أو اتضحت ذكورة خنثى بعد التوزيع، فلا شيء على واحد منهم.

(ولا تسقط) إذا وزعت على موسر عاقل ليس غائباً غيبة انقطاع (بعسر) طرأ (أو موت) أو جنون أو غيبة انقطاع (وحلت به): أي بالموت، وكذا بالفلس؛ فإذا ماتت العاقلة أو واحد منها أو فلس فيحل ما كان منجماً عليهم أو عليه.

(ولا دخول لبدوي): من عصبة الجاني (مع حضري) من عصبته، ولا عكسه لعدم التناصر بينهما. فإذا لم تكمل العاقلة من عصبة الحاضر، وله عصبة بدو فينتقل للموالي إلى آخره، وهكذا قوله:(ولا شامي) مثلاً (مع مصري): لأن كلاً إقليم، وكذا الحجاز. أما أهل إقليم واحد حضر مثلاً فيضمون فإذا لم تكمل العاقلة من أهل بلد ضم إليها ما قرب منها من العصبة؛ كأهل بولاق لمصر إلخ.

ــ

وقال ابن مرزوق الشرط خاص ببيت المال.

قوله: [أن لو كانت]: أي أن لو فرضت عليه فليس بلازم أن يكون على الجاني جزية بالفعل، بل المدار على كونه لو وجدت فيه شروط الجزية لكان مشاركاً لهم فيها وذلك كالمرأة ومن أعتقه مسلم ببلد الإسلام.

قوله: [أهل صلحه]: أي وإن لم يكونوا عصبة ولا أهل ديوان.

قوله: [إن تحاكموا إلينا]: قيد في الذمي والصلحي.

قوله: [أخص من الفقير]: اعلم أن المراد بالفقير من لا يقدر إلا على القوت، والغارم من عليه من الدين بقدر ما في يده أو يفضل بعد القضاء قدر قوته، فإن فضل بعد القضاء ما يزيد عن قوته فهذا يعقل عن غيره وعلى هذا فالغارم أعم من الفقير لا أخص منه تأمل هكذا قال (بن) وهو ظاهر إن أريد بالغارم المدين مطلقاً، وأما إن أريد به المدين الذي يصير بدينه عاجزاً وهو المعني في الزكاة فأخص قطعاً.

قوله: [عن أنفسهم]: أي خلافاً لما في (عب) تبعاً للشيخ أحمد الزرقاني من أن كل واحد يعقل عن نفسه وأنه كواحد من العاقلة في الغرم لمباشرته للإتلاف قال (ر): ولا مستند له في ذلك كذا في (بن).

قوله: [لأن الموالي شملوها]: أي لفظ عموم الموالي يشملها وهي مستثناة من الموالي الأسفلين والأعلين ما عدا المعتقة.

قوله: [وبحث معه]: نص الخرشي قال: وقوله: وامرأة حقيقة أو احتمالاً كالخنثى المشكل، قال في الحاشية: قوله كالخنثى المشكل انظر لم لم يجب عليه نصف ما على الذكر المحقق؟ إذا علمت ذلك فالبحث فيه من حيث إلحاقه بالمرأة مع أنه متوسط بين الرجال والنساء ولكن الفقه مسلم.

قوله: [والعبرة وقت الضرب]: مبتدأ وخبر والكلام على حذف مضاف أي الوصف المعتبر وصف وقت الضرب، أي الوصف الموجود وقت الضرب.

قوله: [فإن كانت غيبته غير انقطاع]: هذا التفصيل في العاقلة، وأما الجاني فانتقاله غير معتبر فتضرب عليه مطلقاً.

والحاصل أن الجاني تضرب عليه سواء انتقل من البلد قبل ضربها أو بعده كان انتقاله بقصد الفرار منه أو لا، رفض سكنى بلده الذي منه انتقل منها أم لا، وأما انتقال أحد العاقلة فإن كان بعد ضربها فلا يسقط عنه ما ضرب عليه مطلقاً وإن كان قبل ضربها عليه ضربت عليه إن كان فاراً أو كان انتقاله لحاجة كحج أو غزو لا إن كان رافضاً للسكنى.

قوله: [على موسر]: أي ذكر.

قوله: [فيحل ما كان منجماً عليهم أو عليه]: أي لكونهما ديناً في الذمة والدين يحل بالموت والفلس وهو لف ونشر مرتب، والمراد الفلس والموت الطاريان بعد الضرب.

قوله: [فينتقل للموالي] إلخ: أي الأعلين ثم الأسفلين.

قوله: [لأن كلاً إقليم]: أي والشأن عدم تناصر إقليم بمن في آخر، فلو كانت إقامة الجاني في أحد الإقليمين أكثر أو مساوياً نظر لمحل جنايته، ثم إن قول المصنف "ولا دخول لبدوي" إلخ كالتقييد لقوله "وعصبته"

قوله: [حضر]: بالرفع صفة لأهل أو بالجر صفة لإقليم

ص: 406

(الكاملة): أي الدية الكاملة لمسلم أو غيره ذكراً أو أنثى عن نفس أو طرف؛ تنجم (في ثلاث سنين): أولها من (يوم الحكم): فيبتدأ التنجيم منه على المشهور، لا من يوم القتل (تحل) أجزاء الكاملة (بأواخرها): فيحل النجم الأول وهو الثلث في آخر السنة الأولى وهكذا.

(والثلث) كدية الجائفة والمأمومة ينجم (في سنة)، هذا هو المشهور. وقيل: لا ينجم إلا الكاملة.

(والثلثان) كجائفين أو جائفة مع مأمومة فينجمان: (في سنتين. كالنصف): فينجم في سنتين في كل سنة ربع؛ كقلع عين أو قطع يد. هذا هو الراجح.

(وثلاثة الأرباع) تنجم في ثلاث سنين على المشهور في كل سنة ربع.

(وحدها): أي العاقلة (الذي لا يضم إليه ما بعده: سبعمائة): فإذا وجد من العصبة هذا العدد فلا يضم إليهم الموالي، وإن نقصوا عن هذا العدد - ولو كانوا أغنياء - ضم إليهم ما يكملهم من الموالي وهكذا. وما ذكره أحد مشهورين، والآخر ما زادت على ألف بنحو عشرين. وليس هذا حداً لمن يضرب عليه - بحيث لو نقصوا أو زادوا لا يضرب عليهم - بل يضرب على من وجد ولو ألفين فأكثر أو كانوا نحو عشرة وتكمل ممن يليهم.

(وعلى القاتل): خبر مقدم وقوله: "عتق رقبة" مبتدأ مؤخر: أي تجب عليه كفارة قتل الخطأ، ولا تكون إلا على. (المسلم): أي الحر؛ إذ لا كفارة على كافر لأنه ليس من أهل القرب ولا على عبد قتل غيره خطأ.

ــ

باعتبار سكانه.

قوله: [الكاملة] إلخ: جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً جواب عن سؤال مقدر نشأ من قوله: "ونجمت دية الحر"، كأنه قيل في كم من الزمن تنجم فقال:"الكاملة" إلخ.

وقوله: [من يوم الحكم]: صفة أولى. وقوله: [تحل بأواخرها]: صفة ثانية.

قوله: [أو طرف]: أي كعين الأعور واليدين والرجلين فمراده بالطرف الجنس وقدر الشارح قوله: تنجم لأنه متعلق الجار والمجرور.

قوله: [لا من يوم القتل]: هذا مقابل للمشهور وهو للأبهري ومقابله أيضاً ما قيل إن ابتداءه يوم الخصام.

قوله: [وقيل لا ينجم إلا الكاملة]: أي وغيرها على الحلول.

قوله: [هذا هو الراجح]: ومقابله يقول: يجعل الثلث في سنة والسدس الباقي في سنة أخرى.

قوله: [وثلاثة الأرباع]: أي كما لو قطع له سبعة أصابع ونصفاً وهو مبتدأ قدر الشارح خبره بقوله "تنجم في ثلاث سنين".

قوله: [في كل سنة ربع]: مقابله يقول في كل سنة ثلث يبقى نصف سدس للسنة الثالثة.

قوله: [ما بعده]: أي من المرتبة البعيدة.

قوله: [ما زادت على ألف بنحو عشرين]: أي كما قال ابن مرزوق. وقال الأجهوري مع زيادة أربعة وبقي قول ثالث سكت عنه المصنف، والشارح وهو أنه لا حد لها وظاهر ابن عرفة أنه المذهب لأنه صدر به ونصه روى الباجي لا حد لمن تقسم عليهم الدية من العاقلة، وإنما ذلك بالاجتهاد وقال سحنون: سبعمائة رجل، ابن عات المشهور عن سحنون إن كانت العاقبة [1] ألفاً فهم قليل فيضم أقرب القبائل إليهم اهـ (بن).

قوله: [وليس هذا حداً لمن يضرب عليه] إلخ: في عبارته إجمال وأوضح منها ما قاله (بن) ونصه وقول الزرقاني أي حد أقل العاقلة أي الحد الذي لا يضم من بعدهم لهم بعد بلوغهم له فإذا وجد هذا العدد من الفصيلة فلا يضم إليهم الفخذ، وهكذا وليس المراد أن هذا حد لمن يضرب عليهم بحيث إذا قصروا عنه لا يضرب عليهم اهـ.

قوله: [أو زادوا]: أي وكانوا في مرتبة واحدة وأما لو كان الزائد في مرتبة بعدى فلا يضرب عليه قطعاً.

قوله: [وتكمل ممن يليهم]: الأولى حذفه لأنه لا يقال نقصوا إلا إذا لم يوجد لهم تكملة أصلاً، وأما إذا وجدت التكملة فلا يقال ناقصة، بل يعتبر سبعمائة من القربى والبعدى، فإذا فرضت الإخوة خمسمائة والأعمام كذلك فرض على الإخوة على حساب السبعمائة يبقى ما يخص مائتين يفض على الأعمام جميعاً ولا يخص به بعض دون بعض لأنه ترجيح من غير مرجح، هذا ما ظهر.

تنبيه: حكم ما وجب على عواقل متعددة كعشرة رجال من قبائل شتى قتلوا رجلاً خطأ كحملهم صخرة فسقطت عليه كحكم العاقلة الواحدة فينجم ما ينوب كل عاقلة، وإن كان دون الثلث في ثلاث سنين تحل بأواخرها كتعدد الجنايات على العاقلة الواحدة كما لو قتل رجل ثلاثة رجال فعليه وعلى عاقلته ثلاث ديات تنجم في ثلاث سنين.

قوله: [وعلى القاتل] إلخ: ما تقدم من الدية والقصاص حق للآدمي وهنا حق لله، وإنما وجبت الكفارة في الخطأ دون العمد مع أن مقتضى الظاهر العكس لخطر الدماء، ولأن مع المخطئ تفريطاً إذ لو تحرز واحتاط لترك الفعل الذي تسبب عنه القتل من أصله ولأنهم رأوا أن العامد لا تكفيه الكفارة في الجناية لأنها أعظم من أن تكفر كما قالوا في يمين الغموس وأيضاً قد أوجبوا عليه ضرب مائة وحبس سنة كذا في (بن).

قوله: [ولا على عبد]: إنما لم تجب على العبد لأن أحد شقيها متعذر منه وهو العتق لأنه لا يحرر غيره، وسقوط الصيام لاشتغاله بخدمة سيده. إن قلت إن الظهار لا تسقط عن العبد فيه الكفارة وتكون فيه بالصيام ثم بالإطعام فما الفرق؟ أجيب بأنه يشدد في الظهار ما لا يشدد في كفارة الخطأ، فإن الظهار منكر من القول وزور ولا

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(العاقلة).

ص: 407

(وإن) كان قاتل الخطأ (صبياً) فيلزمه، من باب خطاب الوضع؛ فقتله سبب للكفارة ويخاطب وليه خطاب تكليف.

(أو مجنوناً) فقتله كذلك سبب لها.

(أو شريكاً) لصبي أو مجنون أو غيرهما؛ فعلى كل كفارة كاملة ولو كثروا.

(إذا قتل مثله): خرج المرتد فلا كفارة على قاتله (معصوماً): من القتل: خرج الزنديق والزاني المحصن فلا كفارة على قاتلهما.

(خطأ): لا عمداً عفي عنه فتندب. ومن الخطأ إذا انتبهت أم الصبي فوجدت ولدها ميتاً لانقلابها عليه وهي نائمة فعليها الكفارة وعلى العاقلة دية الخطأ. أما لو انتبها فوجداه ميتاً بينهما فهدر، قاله في المجموع.

(عتق رقبة): مؤمنة سليمة.

و(لعجزها): أي للعجز عن الرقبة (شهران): أي صوم شهرين متتابعين (كالظهار): فما يطلب في الرقبة والشهرين فيه يطلب هنا؛ من كونها سليمة من قطع أصبع وجنون وإن قل ومرض مشرف إلى آخر ما يأتي ومن كون الشهرين متتابعين بالهلال وتمم الأول إن انكسر من الثالث إلى آخر ما يأتي.

(وندبت) الكفارة للحر المسلم (في) قتل (جنين) على المشهور وقيل: لا تندب.

(ورقيق): للقاتل أو لغيره (وعمد) لم يقتل به لكونه عفي عنه أو لعدم المكافأة.

(وذمي) قتله الحر المسلم عمداً أو خطأ، فتندب للقاتل.

(وعليه): أي على القاتل عمداً إذا كان بالغاً ولم يقتل لنحو عفو (مطلقاً) ذكراً أو أنثى حراً أو رقيقاً مسلماً أو غيره (جلد مائة وحبس سنة) من غير تغريب (وإن) كان قتله العمد متلبساً (بقتل مجوسي أو) قتل (عبده) أو عبد غيره.

(وسبب القسامة) التي توجب القصاص في العمد والدية في الخطأ: (قتل الحر المسلم): دون الرقيق والكافر، وسواء كان الحر بالغاً أو صبياً، قتل بجرح أو ضرب أو سم (بلوث) بفتح اللام وسكون الواو: الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بأنه قتله (كشاهدين على قول حر مسلم بالغ: قتلني، أو: جرحني، أو ضربني فلان) ذكر خمسة أمثلة للوث أولها: قول حر مسلم بالغ إلخ، وشهد على إقراره أنه قتله فلان عدلان، واستمر على إقراره، وكان به جرح أو أثر ضرب أو سم. وقولنا "وكان به جرح" إلخ: هي التدمية الحمراء. فلو قال: فلان بل فلان أو تردد أو لم يكن أثر جرح - وهي التدمية البيضاء -

ــ

مندوحة عن التخلص منه إلا بها وقول ابن عبد السلام بأنه يلزم العبد بالصيام لعموم الآية مردود نص أهل المذهب على خلافه.

قوله: [وإن كان قاتل الخطأ صبياً]: قدر ذلك الشارح إشارة إلى أن "صبياً" خبر لكان المحذوفة.

قوله: [من باب خطاب الوضع]: أي فلا يشترط فيها التكليف لأنها كالعوض عن المتلف فصارت كسلعة أتلفها ابن عبد السلام إن كان هناك دليل شرعي من إجماع أو غيره يجب التسليم له فحسن، وإلا فمقتضى النظر سقوطها عنهما يعني الصبي والمجنون وردها إلى خطاب التكليف وقد جعل الشرع بدلاً عن الرقبة الصيام الذي هو من خطاب التكليف ولما لم يجد ابن عرفة سبيلاً للرد على ما ذكره قال: قول ابن شاس يجب في مال الصبي والمجنون واضح كالزكاة ولم أجده لغيره من أهل المذهب نصاً، بل في وجيز الغزالي اهـ. من (شب).

قوله: [أو مجنوناً]: معطوف على "صبياً" فهو في حيز المبالغة. والخلاف فيه كالخلاف في الصبي كما تقدم عن ابن عبد السلام.

قوله: [فعلى كل كفارة كاملة]: أي لأنها لا تتبعض لأنها عبادة واحدة ولا يصح الاشتراك فيها.

قوله: [خرج المرتد]: أي لأن المراد بقوله "مثله" في الحرية والإسلام ولذلك يخرج العبد.

قوله: [خرج الزنديق والزاني المحصن]: أي لأنهما غير معصومين وفي الحقيقة المرتد خارج بهذا القيد أيضاً.

قوله: [أما لو انتبها]: ضمير التثنية يعود على الأبوين المعلومين من المقام.

وقوله: [فهدر]: إنما كان هدراً لا كفارة ولا دية فيه للجهل بعين القاتل.

قوله: [إلى آخر ما يأتي]: صوابه ما مر في الموضعين.

قوله: [في قتل جنين]: الظاهر أن محل الندب إن كان فيه العشر، وأما إن كان فيه الدية وقتله خطأ فيجب وانظر في ذلك وحيث قلنا بالندب في الجنين الذي فيه العشر كان عمداً أو خطأ.

قوله: [لنحو عفو]: دخل في النحو عدم المكافأة.

قوله: [جلد مائة وحبس سنة]: اختلف في المقدم منها فقيل الجلد، وقيل الحبس ولم يشطروها بالرق لعظم الخطر في القتل.

قوله: [بقتل مجوسي]: أي من أهل الذمة.

قوله: [وسبب القسامة]: هي اسم مصدر لأقسم لا مصدر له لأن مصدره الإقسام، وكانت في الجاهلية فأقرت في الإسلام.

قوله: [قتل الحر]: من إضافة المصدر لمفعوله أي سببها أن يقتل القاتل حراً مسلماً.

قوله: [الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن]: هذا التعريف في التوضيح واعترض بأنه غير مانع لصدقه بالبينة، وقد يجاب بأن قرينة السياق تخرجها إذ لا تحتاج لأيمان معها.

قوله: [أولها] إلخ: وثانيها شهادة عدلين على معاينة الضرب أو الجرح أو أثر الضرب. وثالثها شهادة واحد على معاينة الجرح أو الضرب. ورابعها شهادة واحد على معاينة القتل. وخامسها أن يوجد القتيل وبقربه شخص عليه أثر القتل.

قوله: [واستمر على إقراره]: أي إلى الموت.

قوله: [هي التدمية الحمراء]: ألغى كثير من أهل العلم العمل بها ورأوا أن قول المقتول دمي عند فلان دعوى من المقتول والناس لا يعطون بدعواهم والأيمان لا تثبت الدعاوى ورأى علماؤنا أن الشخص

ص: 408

بطل اللوث فلا قسامة، واحترز "بالحر" عن قول [1] العبد، وبالمسلم عن الكافر، وبالبالغ عن قول الصبي، فلا يقبل قولهم والمراد بفلان: اسم القاتل حراً أو عبداً، بالغاً أو صبياً، ذكراً أو أنثى.

(أو) قال: (دمي عنده): فإنه مثل قوله: قتلني، يجري فيه شروطه المتقدمة، وسواء كان قول الحر المسلم: قتلني (عمداً أو خطأ) ففي العمد يستحقون بالقسامة القصاص وفي الخطأ الدية (ولو) كان القائل: قتلني إلخ (مسخوطاً): أي فاسقاً (لعدل): أي ادعى على عدل ولو أعدل وأورع أهل زمانه أنه قتله إلخ.

(أو) كان القائل (ابناً): أي ولداً لأبيه: أي ادعى على أبيه أنه ذبحه أو شق جوفه أو رماه بحديدة قاصداً قتله، فيقسمون ويقتل فيه. وإلا فيقسمون ويأخذون الدية مغلظة.

(وإن أطلق) القائل ولم يقيد بعمد ولا خطأ (بينوا): أي أولياؤه أنه عمد أو خطأ وأقسموا على ما بينوا.

(وبطلت) القسامة (إن قالوا: لا نعلم) هل القتل عمد أو خطأ أو لا نعلم من قتله (أو اختلفوا) بأن قال بعض الأولياء: قتله عمداً. وقال بعضهم: لا نعلم هل قتله خطأ أو عمداً؛ فيبطل الدم لأنهم لم يتفقوا على أن وليهم قتل عمداً حتى يستحقوا القود، ولا على من قتله فيقسمون عليه، أما لو قال بعضهم: قتله خطأ، وقال البعض: لا نعلم خطأ أو عمداً، فلمدعي الخطأ الحلف لجميع أيمان القسامة ويأخذ نصيبه من الدية لأن الثابت في الخطأ مال أمكن توزيعه، ولا شيء لغيره. ومثله لو قالوا جميعاً: خطأ، ونكل البعض. فلو قال بعضهم: خطأ وبعضهم: عمداً، فإن استووا في الدرجة - كالبنين أو الإخوة فيحلف الجميع على كل طبق دعواه على قدر إرثه، ويقضى للجميع بدية الخطأ. فلو نكل مدعي الخطأ عن الحلف فلا شيء للجميع وإن نكل بعض مدعي الخطأ فلمدعي العمد

ــ

عند موته لا يتجاسر على الكذب في سفك دم غيره كيف وهو الوقت الذي يحق فيه الندم ويقلع فيه الظالم، ومدار الأحكام على غلبة الظن، وأيدوا ذلك بالقسامة وهي أيمان مغلظة احتياطاً في الدماء؛ ولأن الغالب على القاتل إخفاء القتل عن البينات فاقتضى الاستحسان ذلك.

قوله: [بطل اللوث]: أي على مشهور المذهب خلافاً للسنهوري وعبد الحميد الصائغ القائلين بقبول قوله، ويكون لوثاً تحلف الولاة معه أيمان القسامة.

قوله: [فلا يقبل قولهم]: أي لأنهم ليسوا من أهل الشهادة وأما المسخوط والمرأة فهما من أهلها في الجملة فلذلك قبل قولهما.

قوله: [أو قال دمي عنده]: تنويع في المثال الأول.

قوله: [عمداً أو خطأ]: تعميم في المثال المتقدم لا فرق بين تعبيره بقتلني أو جرحني أو ضربني أو دمي فقول شارحنا "وسواء كان قول الحر المسلم قتلني" أي وما عطف عليه.

قوله: [وفي الخطأ الدية]: أي على إحدى الروايتين فيه، قال في المقدمات: إن قال قتلني خطأ ففي ذلك روايتان عن مالك: أحدهما أن قوله يقبل ويكون معه القسامة ولا يتهم وهذا أشهر، والثانية لا يقبل قوله لأنه يتهم على أنه أراد إغناء ورثته فهو شبيه بقوله عند الموت لي عند فلان كذا وكذا، وهذه الرواية أظهر في القياس وإن كان خليل رد عليها بـ "لو" أفاده (بن).

قوله: [قاصدا قتله]: قيد في قوله "أو رماه بحديدة".

قوله: [ويقتل فيه]: أي في الأمثلة الثلاثة المتقدمة.

وقوله: [وإلا]: أي بأن قال: دمي عند أبي مثلاً أو رماني بحديدة ولم يدع عليه القصد.

قوله: [ولم يقيد بعمد ولا خطأ]: عطف تفسير.

قوله: [أو لا نعلم من قتله]: أي لأن القسامة لا تكون إلا على معين فإن قلت: موضوع المسألة أن القاتل معلوم من قول المقتول فكيف يقولون لا نعلم من قتله.

والجواب أنه يحمل على أنه قال قتلني زيد مثلاً والمدعى عليه مشارك في الاسم فحينئذ يظهر قولهم لا نعلم من قتله

قوله: [فيبطل الدم]: هذا هو جواب الشرط صرح به للإيضاح وإلا فقول المصنف "وبطلت" يدل عليه.

قوله: [لأنهم لم يتفقوا]: إلخ: لف ونشر مرتب، فإن قوله "لم يتفقوا" راجع لقوله "لا نعلم هل القتل عمداً أو خطأ".

وقوله: [ولا على من قتله]: راجع لقوله "أو لا نعلم من قتله" فكان المناسب أن يقدم هذا التفريع على قول المصنف، "أو اختلفوا" ولم يفرع على حل قوله "أو اختلفوا" ولو فرع عليه لقال فيبطل الدم أيضاً؛ لأنهم لم يتفقوا على العمد حتى يقتص لهم والدم لا يتبعض فعند ذلك يحسن قوله بعد ذلك، أما لو قال بعضهم: قتله خطأ وفي العبارة تعقيد وخلل لا يخفى.

قوله: [حتى يستحقوا القود]: أي ولم يتفقوا على أنه خطأ حتى يستحقوا الدية فكان عليه أن يزيد ذلك.

قوله: [فيقسمون عليه]: المناسب حذف النون.

قوله: [وأما لو قال بعضهم] إلخ: هذا مفهوم قوله "بأن قال بعض الأولياء: قتله عمداً".

قوله: [ومثله]: أي في كون من لم ينكل يحلف جميع أيمان القسامة ويأخذ نصيبه من الدية.

قوله: [ونكل البعض]: أي وحلف البعض جميع أيمان القسامة.

قوله: [فلو قال بعضهم]: إلخ هذا من جملة مفهوم قول الشارح "بأن قال بعض الأولياء" إلخ.

قوله: [فإن استووا في الدرجة]: أي وهي في كون كل واحد له التكلم كما مثل الشارح، ومفهوم قوله "استووا في الدرجة" أنهم لو اختلفوا في العمد والخطأ واختلفت مرتبتهم قرباً وبعداً وكان الجميع له التكلم كبنات وأعمام فإن قالت العصبة: عمداً والبنات خطأ كان الدم هدراً لا قسامة فيه ولا دية ولا قود، وإن قالت العصبة: خطأ والبنات

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (قوله).

ص: 409

الدخول في حصة من حلف.

(أو على معاينة الضرب) هذا ثاني أمثلة اللوث، فهو عطف على قوله:"أو على قول حر": أي شهد عدلان على معاينة الضرب.

(أو) معاينة (الجرح) خطأ أو عمداً أي جرح أو ضرب حر مسلم.

(وتأخر الموت) شرط في القسامة أما إذا لم يتأخر فيستحقون الدم أو الدية بدون قسامة.

وبين كيفية القسامة في هذا المثال بقوله: (يقسم) أولياؤه (لمن ضربه) أو جرحه (مات) بتقديم الجار لإفادة الحصر (أو إنما مات منه) وأما في المثال الأول فيحلفون: لقد قتله، وذكر المثال الثالث بقوله:(أو) شهادة (عدل بذلك): أي بمعاينة الضرب أو الجرح.

(مطلقاً): عمداً أو خطأ تأخر الموت أو لم يتأخر.

(يقسم) الأولياء خمسين يميناً صيغتها المشتملة على اليمين المكملة للنصاب من العدل: (لقد جرحه) أو ضربه (ومات منه): من الجرح أو الضرب.

وقيل: يحلف واحد من الأولياء يميناً مكملة لشهادة أنه ضربه أو جرحه ثم يحلفون الخمسين إلخ: لكن قد علمت أنه داخل في صفة القسامة.

(أو) شهد عدل (بإقرار المقتول بعمد أو خطأ) أي قال بالغ: إن فلاناً جرحني أو ضربني عمداً أو خطأ وشهد عدل على قوله، فشهادته لوث يحلف الأولياء خمسين يميناً بالصيغة المشتملة على اليمين المكملة للنصاب، فلا يحتاجون ليمين منفردة على المعتمد.

(يقسمون: لقد قتله أو): شهد عدل (برؤيته): أي المقتول حال كون المقتول (يتشحط) بحاء وطاء مهملتين: يتحرك (في دمه. و) الشخص (المتهم) بالقتل (قربه عليه): أي على المتهم (أثره): أي أثر القتل؛ ككون الآلة بيده ملطخة بدم أو خارجاً من مكان المقتول وليس فيه غيره، فتكون شهادة العدل على ما ذكر لوثاً يحلفون الأولياء أيمان القسامة، ويستحقون القود في العمد والدية في الخطأ.

واعلم أنه تلزمه القسامة ولو تعدد اللوث؛ كشهادة عدل بمعاينة القتل مع عدلين على قول المقتول: قتلني فلان، فلا يقتصون ولا يأخذون الدية إلا بعد القسامة.

(وليس منه): أي من اللوث (وجوده): أي المقتول (بقرية قوم): ولو مسلماً بقرية كفار، وهذا إذا كان يخالطهم غيرهم في القرية، وإلا كان لوثاً يوجب القسامة كما جعل صلى الله عليه وسلم القسامة

ــ

عمداً حلفت العصبة خمسين يميناً وكان لهم نصيبهم من الدية، ولا عبرة بقول البنات لأنه لا يحلف في العمد أقل من رجلين عصبة كما يأتي، وإن اختلفوا في العمد والخطأ واستوت درجتهم ولم يكن للجميع التكلم كبنات مع بنين فالعبرة بكلام البنين كما أنه لا عبرة بكلام الأعمام مع البنين.

قوله: [الدخول في حصة من حلف]: أي على ما للشيخ يوسف الفيشي فإذا كان مدعي الخطأ اثنين ومدعي العمد اثنين وحلف واحد من مدعي الخطأ كان لمدعي العمد الحلف معه، وتأخذ الثلاثة نصف الدية يقسم عليهم.

قوله: [أو على معاينة الضرب] إلخ: أي وإن لم يكن هناك أثر.

قوله: [بدون قسامة]: أي لكونها شهادة على معاينة القتل.

قوله: [أولياؤه]: المناسب أن يقول أي المستحق لأن الفاعل ضمير مستتر مفرد، ومقتضى كلام الشارح أن الفاعل اسم ظاهر محذوف وليس كذلك لأن الفاعل لا يحذف إلا في مواضع ليس هذا منها.

قوله: [أو لم يتأخر]: عطف على محذوف تقديره تأخر أو لم يتأخر.

قوله: [يقسم الأولياء]: يقال فيه ما قيل في الذي قبله.

قوله: [من الجرح] المناسب أن يأتي بأي التفسيرية بدل "من".

قوله: [لكن قد علمت أنه داخل في صيغة القسامة]: أي مع كل يمين فلا حاجة ليمين أخرى من أحد الأولياء حيث يعبر في كل يمين لقد جرحه ومات منه.

قوله: [أو شهد عدل] إلخ: هذا هو المثال الرابع.

وقوله: [أو شهد عدل برؤيته]: هو المثال الخامس.

قوله: [بعمد أو خطأ]: هذا هو المعتمد خلافاً لقول خليل إنه لوث في العمد دون الخطأ، فقد اعترضه (بن) بقوله إن هذه التفرقة لم يقل بها أحد وإنما في المسألة قولان: التوقف على الشاهدين مطلقاً، والاكتفاء بالشاهد الواحد مطلقاً.

قوله: [أي قال بالغ]: أي لا بد أن يكون المقر بالجرح أو الضرب بالغاً إذ إقرار غيره لا يعتبر ولا بد أن يكون حراً مسلماً أيضاً، وأما الشهادة على معاينة الجرح أو الضرب فتعتبر في البالغ وغيره كذا في (شب).

قوله: [يقسمون لقد قتله]: أي فصيغة يمينهم في الخمسين يميناً يقولون ذلك ولا فرق بين تأخر الموت وعدمه في هذا المثال والمدار على ثبوته.

قوله: [أو شهد عدل برؤيته]: لا خصوصية للعدل بذلك بل كذلك عدلان أو أكثر إذ ليس الموجب للقسامة انفراد العدل كما توهمه عبارته، بل قوة التهمة وعدم التحقق كما يفيده ابن عرفة كذا في (بن).

قوله: [يحلفون الأولياء]: أي وصيغة أيمانهم كالتي قبلها.

قوله: [والدية في الخطأ]: لكن مثال رؤية العدل المقتول يتشحط في دمه والمتهم بقربه عليه أثره ببعد كون القتل خطأ بل الشأن أنه عمد فقول الشارح والدية في الخطأ بعيد.

قوله: [فلا يقتصون]: أي في العمد.

وقوله: [ولا يأخذون الدية]: أي في الخطأ.

قوله: [بقرية قوم]: أي وليس منه أيضاً موته بالزحام بل هو هدر، وعند الشافعي لوث يوجب القسامة والدية على جميع الناس بذلك الموضع أفاده (بن).

ص: 410

لابني عم عبد الله بن سهل» حيث وجد مقتولاً بخيبر، لأن خيبر مكان لا يخالط اليهود فيها غيرهم.

(أو) وجد مقتولاً (بدارهم): لجواز أن يكون قتله غير أهل القرية والدار ورماه عندهم حيث كان يخالطهم غيرهم في الدار أيضاً.

(وإن انفصلت بغاة): أي جماعة من المسلمين بغى بعضهم على بعض، لعداوة بينهم، وإن كانوا تحت طاعة الإمام (عن قتلى) متعلق بانفصلت (ولم يعلم القاتل) فقال مالك في المدونة: لا قسامة ولا قود ودمهم هدر قال المقتول: قتلني فلان أم لا، قام له شاهد من البغاة أم لا. إذ لو قام شاهد من غيرهم لكان لوثاً قطعاً. وقال ابن القاسم تفسيراً لقول الإمام في العتبية:"لا قسامة ولا قود": إن تجرد القتل عن تدمية وعن شاهد. أما لو قال: دمي عند فلان، أو شهد بالقتل شاهد من البغاة فالقسامة والقود، وهو الذي جرى عليه المصنف لكونه المفتى به، بقوله:(فالقسامة والقود بتدمية أو شاهد) ولم يجعلوا هذا من التمالؤ لاحتمال أن موته من فعله أو فرقته. وقال بعض الأشياخ مؤولاً للمدونة "لا قسامة": إن تجرد قوله عن شاهد بل بمجرد قوله: قتلني فلان، وعليه لو قام شاهد بمعاينة القتل من الطائفتين لكان لوثاً يوجب القسامة والقود. وقوله:"ولم يعلم القاتل" أما لو شهدت عليه بينة لعمل بمقتضاها.

(وإن تأولوا): أي البغاة: أي قامت شبهة لكل طائفة تقتضي جواز المقاتلة (فهدر) أي فالمقتول من كل طائفة هدر؛ فلو تأولت إحدى الطائفتين ففي، مقتولها القصاص وفي الأخرى هدر؛ لأن المتأولة دافعة الظالمة عن نفسها، كما أشار له بقوله:(كزاحفة): متعدية غير متأولة بل ظلماً (على دافعة).

ولما قدم سبب القسامة ذكر تفسيرها بقوله: (وهي): أي القسامة المتقدم ذكرها (خمسون يميناً): على ما رجحه المصنف تبعا للأصل يحلفها البالغ العاقل (متوالية) بدون تفريق بزمان أو مكان وقد تبع المصنف الأصل التابع لابن الحاجب وابن شاس، قال شيخنا في المجموع: ولم أذكر قيد التوالي لقول البناني عن ابن مرزوق: لم أره لغيرهما.

(بتاً) أي يحلفون على البت والجزم، فلا يكفي: لا نعلم غيره قتله، بل يقولون: والله الذي لا إله غيره لمن ضربه مات أو: لقد قتله، واعتمد البات على ظن قوي.

(وإن) كان اليمين (من أعمى أو) من (غائب) حال القتل إذ قد يحصل لهما العلم بالخبر كما يحصل بالمعاينة (وجبرت اليمين) إذا وزعت على عدد وحصل كسران أو أكثر

ــ

قوله: [لابني عم عبد الله]: وهما حويصة ومحيصة بتشديد الياء مصغراً فيهما. فعن سهل بن حثمة قال: «انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً فدفنه، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال: كبر كبر وهو أحدث القوم فسكت فتكلما فقال: أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم؟ قالوا: كيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: فستبرئكم يهود خمسين يميناً منهم قالوا: وكيف نأخذ بأيمان قوم كفار؟ فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده، وفي رواية: بمائة بعير من إبل الصدقة» .

قوله: [وإن كانوا تحت طاعة الإمام]: أي هذا إذا كانوا خارجين عن طاعة الإمام وهم البغاة بالمعنى الآتي، بل وإن كانوا تحت طاعته ولا يسمون بغاة بالمعنى المصطلح عليه عند الفقهاء.

قوله: [عن قتلى]: جمع قتيل. .

قوله: [ودمهم هدر]: نحوه في (عب) والخرشي، ونقله بعضهم عن أبي الحسن في شرح الرسالة ونقله (ر) عن الفاكهاني، واعترضه (ر) قائلا: لم أر من صرح به من أهل المذهب ممن يعتمد عليه، والذي حمل عليه عياض والأبي قول المدونة لا قسامة ولا قود في قتيل الصفين أن فيه الدية على الفئة متى نازعته وإن كان من غير الفئتين فديته عليهما لا أنه هدر كذا في (بن).

قوله: [وهو الذي جرى عليه المصنف]: أي لكونه قول ابن القاسم الذي رجع إليه كما صرح به ابن رشد.

قوله: [ولم يجعلوا هذا من التمالؤ]: أي بحيث يقتل الجمع بالواحد.

وقوله: [لاحتمال أن موته]: علة لعدم الجعل.

قوله: [من الطائفتين]: أي من إحداهما.

قوله: [وإن تأولوا] إلخ: أي كالوقائع بين الصحابة ومن ألحق بهم.

قوله: [متوالية]: أي في نفسها لأنه أرهب وأوقع في النفس، لكن في العمد يحلف هذا يميناً وهذا يميناً حتى تتم أيمانهم، ولا يحلف واحد جميع حظه قبل حظ أصحابه؛ لأن العمد إذا نكل فيه واحد بطل الدم، وإذا بطل بنكول واحد ذهبت أيمان غيره بلا فائدة، وأما في الخطأ فيحلف كل جميع ما ينوبه قبل لأن حلف أصحابه من نكل لا يبطل على أصحابه

قوله: [لم أره لغيرهما]: قد يقال لا يلزم من عدم رؤيته كونه ليس منصوصاً وأيضاً من حفظ حجة على من لم يحفظ.

قوله: [فلا يكفي لا نعلم غيره قتله]: أي فلا يكفي الحلف على نفي العلم.

قوله: [واعتمد البات]: جواب عن سؤال كيف يحلف على البت مع أنه قد يكون لا جزم عنده فأفاد أنه يكفي الاعتماد على الظن القوي وهو يؤخذ من قرائن الأحوال.

قوله: [إذ قد يحصل لهما العلم] إلخ: المناسب أن يقول لاعتماد كل على اللوث وحينئذ فلا فرق بين الأعمى والبصير وغيرهما.

قوله: [وجبرت اليمين]: هذا كالتخصيص لقوله "وهي خمسون يميناً" فمحل كونها خمسين يميناً إن لم يكن كسر وإلا زادت كما

ص: 411

(فقط) فإنها تكمل (على) ذي (أكثر كسرها): ولو كان صاحب أكثر الكسر أقل نصيباً؛ كبنت مع ابن فعليها ستة عشر وثلثان، وعلى الابن ثلاثة وثلاثون وثلث، فكسرها أكثر، فتحلف سبعة عشر والابن ثلاثة وثلاثين، وكأم وأخ لأم وزوجة وعاصب، على الزوجة اثنا عشر يميناً ونصف، وعلى الأخ للأم ثمانية وثلث، وعلى الأم ستة عشر وثلثان، فتحلف سبعة عشر، ويكمل العاصب والزوجة يمينه للتساوي، وسقط كسر الأخ للأم فقط، خلافاً لعبد الباقي.

(وإلا) بأن ساوت الكسور (فعلى) كل من (الجميع) تكميل ما انكسر عليه للتساوي؛ كثلاثة بنين على كل ستة عشر وثلثان، فيحلف كل واحد سبعة عشر. فقوله:"وهي خمسون يميناً" إذا لم يكن كسر وإلا فتزيد.

(يحلفها): أي أيمان القسامة (في الخطأ من يرث): المقتول من المكلفين، وتوزع هذه الأيمان على قدر الميراث. وإن لم يوجد إلا واحد من الإخوة للأم، فإنه يحلف خمسين يميناً ويأخذ حظه من الدية، أو لم يوجد إلا امرأة واحدة كما قال:

(وإن واحداً أو امرأة ولا يأخذ أحد): من الأولياء الحاضرين البالغين إذا غاب بعضهم أو كان صغيراً شيئاً من الدية من العاقلة (إلا بعدها): أي بعد حلفه جميع الأيمان ويأخذ حصته من الدية؛ لأن العاقلة لا يخاطبون بالدية إلا بعد ثبوت الدم.

(ثم) بعد حلف الحاضر جميع الأيمان (حلف) من حضر من الغيبة أو بلغ الصبي (حصته) من أيمان القسامة فقط ويأخذ نصيبه من الدية.

(ولا يحلف) أيمان القسامة (في العمد أقل من رجلين) لأن النساء لا يحلفن في العمد لعدم شهادتهن فيه، فإن انفردن عن رجلين صار المقتول كمن لا وارث له فترد الأيمان على المدعى عليه.

(عصبة) ولو لم يرثوا. بأن كان هناك من يحجبهم كما يأتي، كانت العصبة من النسب أو من الولاء كما قال:(ولو مولى): فإنه إذا وجد اثنان من الأعلين أي المعتقين للمقتول فيقسمون ويستحقون القصاص في العمد أو الدية في الخطأ، بخلاف المولى الأسفل فليس عصبة. والمعتقة لا دخل لها في العمد.

(ولا يقسم فيه): أي في العمد (إلا على واحد) من الجماعة الملوثين بالقتل (يعين): أي يعينه المدعى (لها) للقسامة، يقولون في الأيمان لمن ضربه مات لا من ضربهم.

ولا يقتل بها أكثر من واحد

ــ

في بعض الأمثلة الآتية وسيأتي في الشارح التنبيه عليه.

قوله: [فقط]: احترز بذلك عن الدية فلا جبر فيها، بل كل يأخذ أو يدفع ما يخصه ولو مكسوراً.

قوله: [كبنت مع ابن]: هذا مثال لما حصل فيه كسران.

قوله: [وكأم وزوجة]: مثال للأكثر من كسرين ومسألتهم من اثني عشر لأن فيها ثلثاً وربعاً فكل يحلف على قدر ميراثه، فالأم ثلثها والزوجة ربعها والأخ للأم سدسها والعاصب الباقي وهو ربعها.

قوله: [فتحلف سبعة عشر]: أي تكملة لكسرها لكونه الأكبر من كسر الأخ للأم.

قوله: [ويكمل العاصب والزوجة]: أي يحلف كل ثلاثة عشر.

قوله: [وسقط كسر الأخ للأم]: أي فيحلف ثمانية فقط فتصير الأيمان إحدى وخمسين.

والحاصل أن الانكسار إذا وقع في الأيمان فكل ينظر لها على حدة فمتى كان فيها كسور مختلفة بالقلة والكثرة كمل أكثرها وترك أقلها وإن تساوت كسورها كمل كل.

قوله: [فيحلف كل واحد سبعة عشر]: أي فتصير الأيمان إحدى وخمسين ولو كان للميت ثلاثون ابناً كان على كل واحد يمين وثلثان فيحلف كل واحد منهم يمينين فالجملة ستون بجبر الكسور كلها لتساويها.

قوله: [من يرث المقتول]: أي كما في مسألة الأم والزوجة والأخ للأم والعاصب.

قوله: [من الإخوة للأم]: أي مثلاً.

قوله: [لا يخاطبون الدية إلا بعد ثبوت الدم]: أي وهو لا يثبت إلا بعد حلف جميعها.

قوله: [حصته]: أي يحلف ما ينوبه على حسب الفريضة الشرعية، وظاهره ولو رجع الأول عن دعوى الدم وهو كذلك كما في نقل ابن عرفة لأن حلفه قبل ذلك حكم مضى، فإن مات الغائب أو الصبي قبل قدومه أو بلوغه وكان الحالف الذي حلف جميع أيمانها قبل ذلك وارثه فهل لا بد من حلفه ما كان يحلفه مورثه، أو يكتفي بأيمانه السابقة؟ قولان، رجح ابن رشد ثانيهما كما في (بن).

قوله: [فإن انفردن عن رجلين] إلخ: أي أو كان له عاصب واحد ولم يجد من يستعين به.

قوله: [فترد الأيمان على المدعى عليه]: أي فإن حلف برئ وإلا حبس حتى يحلف، ولو طال سجنه ولا يقتل بمجرد النكول لأن القتل لا يثبت بشاهد واحد.

قوله: [ولو لم يرثوا]: أي هذا إذا ورثوا كأخوين للمقتول ولا وارث له غيرهما، أو لم يرثوا كعمين له والحال أن الوارث له بنت وأخت مثلاً.

قوله: [فيقسمون ويستحقون]: المناسب فيقسمان ويستحقان لأن الضمير عائد على الاثنين

قوله: [والمعتقة لا دخل لها في العمد]: أي وإن كانت تعد في العاقلة لأن النساء لا يحلفن في العمد لعدم شهادتهن فيه كما تقدم.

قوله: [ولا يقتل بها أكثر من واحد]: الحاصل أن المعتمد أنه لا يقتل بالقسامة في العمد إلا واحد ولو تعدد نوع الفعل واختلف كما هو ظاهر المواق وأما ما قيل من أنه إذا تعدد نوع الفعل واختلف فيقتل بالقسامة أكثر من

ص: 412

فإن استووا في قتل العمد، كحمل صخرة ورموها عليه فمات فيقسمون على الجميع ويقتل الجميع [1] حيث رفع حياً وأكل ثم مات، فلو مات مكانه أو أنفذت مقاتله قتل الجميع بدون قسامة، هذا ما رجحه شيخنا راداً على عبد الباقي. فلو أمسك شخصاً وقال لآخر: اضربه فضربه وهو يمسكه حتى مات فكذلك على المشهور. وقال عبد الباقي: يقسم عليهما ويقتلان.

(وللولي): أي عليه إن كان واحداً أو تخييراً إن تعدد (الاستعانة) في القسامة (بعاصبه): أي عاصب الولي وإن لم يكن عاصب المقتول كامرأة مقتولة ليس لها عاصب غير ابنها وله إخوة من أبيه، فيستعين بهم أو ببعضهم أو بعمه مثلاً، فقوله "بعاصبه" أي جنسه واحد أو أكثر كما قال:(وإن أجنبياً ووزعت): أي الأيمان على مستحقي الدم فإن زادوا على خمسين اجتزئ منهم بخمسين (وكفى) في حلف جميعها (اثنان) من الأولياء (طاعا من أكثر): أي إذا كان الأولياء أكثر من اثنين وطاع منهم اثنان فيكفي حيث كان الباقي (غير ناكلين).

(ونكول المعين): من عصبة الولي (لا يعتبر) فيستعين بغير الناكل من عصبة الولي.

(بخلاف) نكول (غيره): أي غير المعين فإنه معتبر إذا كانوا في درجة واحدة؛ كبنين أو إخوة نكل بعضهم. ولا يضر نكول أبعد مع أقرب.

فإذا نكل بعض الأولياء المستوين في الدرجة (فترد) الأيمان (على المدعى عليهم) بالقتل، كما ترد لو لم يوجد من الأولياء إلا رجل ليس له معين (فيحلف كل) منهم (خمسين) يميناً إن تعددوا؛ لأن كل واحد منهم متهم بالقتل، وإن كان لا يقتل بالقسامة إلا واحد فإذا كان المتهم واحداً حلف الخمسين يميناً.

(ومن نكل) من المدعى عليه بالقتل (حبس حتى يحلف) خمسين أو يموت في السجن حيث كان متمرداً، وإلا فبعد سنة يضرب مائة ويطلق كما في عبد الباقي، ولكن الذي في التوضيح: لا يطلق حتى يحلف أو يموت مطلقاً، ورجحه الأشياخ.

(وإن أقام) المدعي (شاهداً) واحداً (على جرح) خطأ أو عمداً فيه شيء مقدر شرعاً فيحلف إلخ، فلو كان الجرح عمداً لا شيء فيه مقدر اقتص بالشاهد واليمين كما تقدم. (أو) أقام شاهداً على (قتل كافر) أو جرحه من مسلم عمداً أو خطأ أو من كافر خطأ

ــ

واحد فهو ضعيف كما في (بن).

قوله: [فإن استووا في قتل العمد]: قال (شب) وقوله من واحد يعين لها يجب تقييده بما إذا احتمل موته من فعل أحدهما، وأما إن لم يحتمل كرمي جماعة صخرة لا يقدر بعضهم على رفعها فإن القسامة تقع على جميعهم ويقتلون أي واحد لمساواتهم كما نقله الشارح عن ابن رشد، وإذا قتل واحد من الذين رموا الصخرة فعلى كل واحد ممن بقي جلد مائة وحبس سنة كما يفيده ما ذكره التتائي عن أصبغ، وإذا وقعت القسامة على واحد بعينه ثم اعترف آخر بالقتل فإن ولي المقتول مخير في قتل واحد منهما فقط، وإذا قتل أحدهما حبس الثاني عاماً وجلد مائة اهـ ومثله في الحاشية والمجموع، إذا علمت ذلك فقول الشارح ويقتل الجميع صوابه ويختارون واحداً للقتل.

قوله: [فكذلك على المشهور]: أي يقتلان بغير قسامة.

وقوله: [وقال (عب)] إلخ: مقابل للمشهور كما أفاده في المجموع.

قوله: [الاستعانة في القسامة بغاصبه]: هذا في العمد، وأما في الخطأ فيحلفها وإن واحداً بشرط كونه وارثاً.

والحاصل أنه لا يحلفها في الخطأ إلا الورثة ذكوراً كانوا أو إناثاً اتحد الوارث أو تعدد، وأما في العمد فلا يحلفها إلا العدد من العصبة سواء كانوا كلهم عصبة المقتول أو بعضهم عصبته والبعض عصبة عصبته، سواء كان عاصب المقتول وارثاً أو غير وارث.

قوله: [وإن أجنبياً]: أي من المقتول لا من الولي فلا بد أن يكون عصبة له كأمثلة الشارح المتقدمة.

قوله: [على مستحقي الدم]: أي على عدد الرؤوس وهذا في العمد، وأما في الخطأ فتوزع على قدر الإرث.

قوله: [اجتزئ منهم بخمسين]: فإذا طلب كل واحد منهم الحلف دخلت القرعة فيمن يحلفها منهم عند المشاحة.

قوله: [غير ناكلين]: حاصل الفقه أن أولياء المقتول إن كانوا أكثر من اثنين والحال أنهم في درجة كإخوة أو أعمام فطاع منهم اثنان بحلف جميع أيمان القسامة فإنه يجتزئ بذلك بشرط أن يكون الذي لم يحلف غير ناكل فلو كان ناكلاً بطل الدم ولا يجتزئ بحلف من أطاع والموضوع أن الجميع في درجة واحدة كما علمت وإلا فلا عبرة بنكول من نكل إن كان بعيداً.

قوله: [ونكول المعين]: بصيغة اسم الفاعل أي المساعد وإنما لم يعتبر لبعده في الدرجة.

قوله: [ولا يضر نكول أبعد مع أقرب]: أي كابن عم مع أخ.

قوله: [كما في (عب)]: ليس ذلك نص (عب) إنما نصه حبس حتى يحلف أو يطول سجنه فيعاقب ويخلى سبيله إلا أن يكون متمرداً إلخ فلم يكن فيه التقييد بسنة ولا بمائة.

قوله: [خطأ أو عمداً]: الأولى جره لأنه صفة "جرح".

قوله: [فيه شيء مقدر]: قيد في العمد وذلك كالجائفة والآمة.

قوله: [فيحلف] إلخ: أي واحدة ويأخذ العقل.

قوله: [لا شيء فيه مقدر]: أي في عمده لكونه ليس من المتالف وذلك كقطع اليد وقلع العين.

قوله: [من مسلم عمداً أو خطأ]: أي لا فرق بين عمد المسلم وخطئه في قتل الكافر لعدم مكافأته.

وقوله: [أو من كافر خطأ]: أي وأما لو كان القاتل للكافر كافر [2] عمداً لاقتص

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

قوله: (ويقتل الجميع) ليس في ط المعارف.

[2]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(كافراً).

ص: 413