المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(وقدم) إذا أوصى به (على الغرماء) أي على ديونهم الثابتة - حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط الحلبي - جـ ٢

[أحمد الصاوي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب)في البيوع وأحكامها [

- ‌(باب)في بيان السلم

- ‌(باب)في بيان القرض وأحكامه

- ‌(باب) في الرهن وأحكامه

- ‌(باب)في الفلس وأحكامه

- ‌(باب)في بيان أسباب الحجر

- ‌باب في أحكام الصلح؛ أي: مسائله

- ‌‌‌(باب) في الحوالةوأحكامها

- ‌(باب) في الحوالة

- ‌(باب)في الضمان

- ‌(باب)في بيان الشركة

- ‌(باب)في الوكالة

- ‌باب لما كان بين الوكالة والشركة مناسبة من جهة أن فيها وكالة أتبعها بها

- ‌(باب)في الإقرار

- ‌(باب)في الوديعة

- ‌(باب)في الإعارة

- ‌(باب)في بيان الغصب وأحكامه

- ‌(باب)في الشفعة

- ‌(باب)في القسمة

- ‌(باب)في القراض

- ‌(باب)في المساقاة

- ‌(باب)في الإجارة

- ‌(باب إحياء الموات)

- ‌(باب)في الوقف وأحكامه

- ‌(باب)في الهبة

- ‌‌‌(باب) في اللقطةوأحكامها

- ‌(باب) في اللقطة

- ‌(باب)في بيان أحكام القضاء

- ‌(باب)في الشهادة

- ‌(باب)في أحكام الجناية

- ‌باب ذكر فيه تعريف البغي

- ‌(باب)في تعريف الردة وأحكامها

- ‌(باب)ذكر فيه حد الزنا

- ‌(باب) في القذف [

- ‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ

- ‌(باب)ذكر فيه الحرابة

- ‌(باب)ذكر فيه حد الشارب

- ‌باب في العتق وأحكامه

- ‌(باب)في التدبير

- ‌باب: هو في اللغة النظر في عاقبة الأمر والتفكر فيه، وقال القرافي في التنبيهات التدبير مأخوذ من إدبار الحياة، ودبر كل شيء ما وراءه بسكون الباء وضمها، والجارحة بالضم لا غير اهـ وفي (بن) جواز الضم والسكون فيها كغيرها. واصطلاحاً ما ذكره المصنف بقوله "وهو تعليق مكلف" إلخ

- ‌(باب)في أحكام الكتابة

- ‌(باب)في أحكام أم الولد

- ‌(باب)ذكر فيه الولاء

- ‌باب ذكر فيه حكم الوصية

- ‌(باب)في الفرائض

- ‌(باب: في جمل من مسائل شتى، وخاتمة حسنة)

الفصل: (وقدم) إذا أوصى به (على الغرماء) أي على ديونهم الثابتة

(وقدم) إذا أوصى به (على الغرماء) أي على ديونهم الثابتة (في الصحة والمرض) بإقرار أو بينة فقوله: "في الصحة والمرض" متعلق بمحذوف: تقديره: الثابتة، ذكره الشيخ في التوضيح.

(وليس لعامل): أي يحرم عليه (هبة) لغير ثواب، ولو لاستئلاف إن كثر (أو تولية) لسلعة من مال القراض، بأن يعطيها لغيره بمثل ما اشترى إذا لم يخف رخصها، وإلا جاز ولا بأس أن يأتي بطعام كغيره للأكل ما لم يقصد التفضيل على غيره بزيادة لها بال، وإلا منع وتحلل رب القراض. فإن لم يسامحه كافأه وفي هذا القدر كفاية، والله أعلم.

(باب)

في المساقاة

(المساقاة) عرفاً وهي مأخوذة من سقي الثمرة لأنه معظمها: (عقد) من رب الحائط أو الزرع مع غيره، (على القيام بمؤنة) أي خدمة (شجر أو نبات): مقثأة أو غيرها كما يأتي بيانه، أي على التزام خدمته من سقي وتنقية وتقليم وغير ذلك مما يأتي. (بجزء من غلته) لا مكيلة، ولا بجزء من غلة غيره. هذا هو الأصل فلا ينافي قولها: لا بأس بالمساقاة، على أن كل الثمرة للعامل. (بصيغة: ساقيت أو) لفظ (عاملت) عند سحنون. وقال ابن القاسم: لا تنعقد إلا بساقيت (فقط) أي: لا بلفظ إجارة أو شركة أو بيع فلا تنعقد بذلك، أي من البادئ منهما، ويكفي من الثاني أن يقول: قبلت أو رضيت ونحو ذلك.

ــ

بيان لمعنى الإفراز.

قوله: [وقدم إذا أوصى به] إلخ: هذا إذا وجد ذلك المال المفرز وكان الميت الذي عينه غير مفلس، كان التعيين في الصحة أو المرض قامت بينة بأصله أم لا. وأما إن كان مفلساً قبل تعيينه له إن قامت بينة بأصله سواء عين في حال الصحة أو المرض، وإن لم تقم بأصله لا يقبل تعيينه كان صحيحاً أو مريضاً وأما إن عينه بالوصية، ولم يوجد ذلك الذي عينه، فلا شيء لربه؛ بخلاف ما أوصى به مجملاً، ولم يعينه فإنه إن وجده ربه أخذه وإلا حاصص به مع الغرماء. وفي الأجهوري: لو أقر العامل بكراء حانوت أو أجرة أجير أو دابة أو ببقية ثمن أو نحو ذلك فيلزم مال القراض إن كان إقراره قبل المفاضلة لا بعدها ففي جزئه ما عليه فقط. وسئل الأجهوري: عن عامل قراض أرسل سلعاً لأبيه فأخذها رب المال ببينة تشهد أن أباه أخبر أنها من سلع القراض، وأسر العامل فجاء منه كتاب بأن مال القراض عنده، وأن السلع من غيره؟ فأجاب بأن العامل يصدق لكونه أميناً ولا ينظر للتهمة وإقرار أبيه لا يلزمه؛ لأن إقرار الإنسان لا يسري على غيره. اهـ من حاشية الأصل.

قوله: [إن كثر]: أي وأما هبة القليل -كدفع لقمة لسائل ونحوها- فجائز. كما يجوز هبة الثواب؛ لأنها بيع. والفرق بين الشريك وعامل القراض حيث جاز للأول هبة الكثير للاستئلاف كما تقدم في بابه دون الثاني أن العامل رجح فيه أنه أجير، والقول بأنه شريك مرجوح، وحينئذ فالشريك أقوى من العامل.

قوله: [ما لم يقصد التفضيل على غيره] ظاهره أنها لو كانت الزيادة لها بـ "الـ"، ولم يقصد بها التفضيل الجواز؛ وليس كذلك، بل المدار على زيادة لا تسمح بها النفوس عادة.

قوله: [كافأه]: أي يعوضه على قدر ما أكله زيادة على حقه.

باب في المساقاة

هي مستثناة من أصول أربعة، كل واحد منها يدل على المنع:

الأول: الإجارة بالمجهول؛ لأن نصف الثمرة مثلاً مجهول.

الثاني: كراء الأرض بما يخرج منها فيما إذا جعل للعامل جزء من البياض والبذر عليه.

الثالث: بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بل قبل وجودها.

الرابع: الغرر لأن العامل لا يدري أتسلم الثمرة أم لا وعلى تقدير سلامتها لا يدري كيف يكون مقدارها. وبعضهم زاد بيع الطعام بالطعام نسيئة إذا كان العامل يغرم طعام الدواب والأجراء؛ لأنه يأخذ عن ذلك الطعام طعاماً بعد مدة: والدين بالدين؛ لأن المنافع والثمار كلاهما غير مقبوض فتكون مستثناة من أصول ستة. والأصل فيها معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر، ولداعية الضرورة إلى ذلك ولفظها: مفاعلة إما من التي تكون للواحد -وهو قليل - نحو سافر وعافاه الله، أو يلاحظ العقد -وهو منهما- فيكون من التعبير بالمتعلق -بالفتح- وهو المساقاة على المتعلق -بالكسر- وهو العقد، وهو لا يكون إلا من اثنين، وإلا فهذه الصيغة تقتضي أن كل واحد من العامل والمالك يسقي لصاحبه كالمضاربة والمقاتلة ونحوها.

وأركانها أربعة:

الأول: متعلق العقد وهو الأشجار وسائر الأصول المشتملة على الشروط الآتي بيانها. الثاني: الجزء المشترط للعامل من الثمرة. الثالث: العمل. الرابع: ما ينعقد به وهو الصيغة.

قوله: [لأنه معظمها]: أي معظم عملها وأصل منفعتها. قوله: [على القيام] إلخ: أخرج به العقد على حفظ المال والتجر.

قوله: [أو نبات]: أي أي نبات كان سقياً أو بعلاً.

قوله: [هذا هو الأصل]: أي الغالب في عقودها أن تكون هكذا، والتعاريف مبنية على الغالب.

قوله: [لا تنعقد إلا بساقيت]: أي بلفظ من تلك المادة. وجميع الألفاظ الخارجة عنها لا تنعقد بشيء منها عنده.

قوله: [أي لا بلفظ إجارة] إلخ: ظاهره أن الإجارة كالألفاظ التي بعدها متفق على عدم الانعقاد بها عند الشيخين وليس كذلك،

ص: 256

(وهي لازمة) أي من العقود اللازمة، فليس لأحدهما فسخها بعد العقد دون الآخر ما لم يتراضيا عليه - هذا هو المذهب (يستحق) العامل (الثمار فيها) أي المساقاة (بالظهور): أي ظهورها على الشجر أو الزرع، فيكون شريكاً بجزئه من حينه، لا قبله ولا بالجذاذ ولا بالطيب. وإذا وقع العقد وهي بارزة استحقه من حين العقد، فإذا طرأ دين على رب الحائط فلا يوفى فيه جزء العامل؛ لأنه شريك له به.

(وشرط) صحة (المعقود عليه) من شجر أو زرع:

(ألا يخلف) بضم الياء: من أخلف، فإن كان يخلف كالموز مما يخلف قبل قطع البطن الأول ولا ينتهي، وكالبقل وكالقضب -بسكون الضاد المعجمة- والقرط -بضم القاف- والريحان والكراث، فلا تصح فيه مساقاة إلا تبعاً لغيرها.

(وأن لا يبدو صلاحه): أي وأن لا يكون بدا صلاحه أي صلاح ثمر ذلك الشجر. فإن بدا صلاحه وهو في كل شيء بحسبه لم تصح مساقاته لانتهائه واستغنائه إلا تبعاً. (وكون الشجر) أي المساقى عليه (ذا ثمر): أي ويثمر في عام المساقاة، لا إن كان لا ثمر له كالأثل، أو لم يبلغ حد الإثمار كالودي، فلا تصح المساقاة عليه إلا تبعاً.

ثم ذكر محترز الشروط الثلاثة بقوله: (لا) تصح مساقاة (كقضب): بفتح القاف وسكون الضاد المعجمة: نبت معلوم، (و) لا (قرط) بضم القاف (و) لا (موز)؛ لأنها تخلف ولا تنتهي لأجل معلوم؛ لأن الذي لم ينته منه يناله من سقي العامل، فكأنه شرط زيادة عليه.

(ولا ما حل بيعه) ببدو صلاحه (و) لا ما لا ثمر، إما لكونه لا يثمر أصلاً كالأثل والطرفاء، وإما لكونه لم يبلغ حد الإثمار مما يثمر لصغره (نحو ودي) بفتح الواو وكسر الدال المهملة: صغار النخل (إلا تبعاً) لغيره مما يصح فيه المساقاة: وهذا راجع

ــ

بل هو محل الخلاف، كلفظ عاملت. قال (بن): ولفظ ابن رشد: والمساقاة أصل في نفسها لا تنعقد إلا بلفظ المساقاة على مذهب ابن القاسم، فلو قال رجل: استأجرتك على عمل حائطي هذا بنصف ثمرته لم تجز على مذهبه كما لا تجوز الإجارة عنده بلفظ المساقاة، بخلاف قول سحنون فإنه يجيزها ويجعلها إجارة، وكلام ابن القاسم أصح. اهـ باختصار.

قوله: [أي من العقود اللازمة]: أي عند جمهور الفقهاء خلافاً لأبي حنيفة فإنه منعها، وأما صاحباه فقد وافقا الجمهور.

قوله: [فليس لأحدهما فسخها بعد العقد]: أي وقبل العمل، فليست كالقراض بل كالإجارة كما في (بن) نقلا عن الأبهري.

قوله: [يستحق العامل الثمار فيها أي المساقاة بالظهور] إلخ: عبارة المتن هنا وشرحها غير ظاهرة المعنى؛ لأن هذا الكلام يوهم أن المساقى -بالفتح- لا حق له في البستان بعد العقد وقبل ظهور الثمار، وأنه لو قام أصحاب الديون على صاحبه يأخذونه ويطردون العامل بغير شيء، وهذا ينافي لزومها بالعقد وخلاف المنصوص، فإن الأصل قال في شرح خليل: ولم تنفسخ المساقاة بفلس ربه أي الحائط الطارئ على عقدها، وإذا لم تنفسخ بالفلس الطارئ بيع الحائط على أنه مساقى، ولو كانت المساقاة سنين، كما تباع الدار على أنها مستأجرة والموت كالفلس؛ لأن المساقاة كالكراء لا تنفسخ بموت المتكاريين، وأما لو تأخرت المساقاة عن الفلس لكان للغرماء فسخها. اهـ، ومثله في الخرشي.

قوله: [ولا بالجذاذ ولا بالطيب]: هذا غير ضروري؛ لأنه إذا استحق بالظهور فلا يتوهم توقفه على الجذاذ والطيب.

قوله: [المعقود عليه]: أي الأصل المعقود عليه، فلذلك عمم بقوله:"من شجر أو زرع".

قوله: [كالموز]: مثال للشجر الذي يخلف والكاف فيه استقصائية، وقوله وكالبقل إلخ تمثيل للزرع.

قوله: [فلا تصح فيه]: أي فيما يخلف من هذه المذكورات.

قوله: [إلا تبعاً لغيرها]: أي وإذا دخل تبعاً كان لهما ولا يجوز إبقاؤه للعامل ولا لرب الحائط؛ لأنه زيادة إما على رب الحائط أو على العامل يناله بسقيه مشقة، والفرق بينه وبين البياض ورود السنة في البياض.

قوله: [وألّا يبدو صلاحه]: أي خلافاً لسحنون فإنه أجاز المساقاة بعد بدو الصلاح على حكم الإجارة بناء على مذهبه من انعقاد الإجارة بلفظ المساقاة، وإنما منعت على المذهب المشهور الذي هو مذهب ابن القاسم؛ لأن فيه منفعة لرب الحائط، وهو سقوط الجائحة عنه؛ لأن الثمرة إذا أجيحت في المساقاة لم يكن له بالجائحة شيء، وكان له الخيار بين التمادي أو الخروج بخلاف الإجارة، فإن للأجير أن يرجع فيها إذا أجيحت الثمرة بإجارة مثله فيما عمل. اهـ ملخصاً من (بن).

قوله: [وهو في كل شيء بحسبه]، أي ففي البلح باحمراره أو اصفراره وفي غيره بظهور الحلاوة فيه ومثله البلح الخضراوي.

قوله: [ذا ثمر]: أي شأنه الإثمار.

قوله: [أو لم يبلغ حد الإثمار]: المعنى أو كان ذا ثمر، ولم يبلغ حد الإثمار لأن الشارح أدخل تحت قوله ذا ثمر شرطين محترز الأول منهما ألا يكون شأنه الإثمار كالأثل، ومحترز الثاني قوله: ولم يبلغ حد الإثمار كالودي أي لم يبلغ حد الإثمار في عامه.

قوله: [محترز الشروط الثلاثة]: بل الأربعة كما علمت وكما يأتي في الشارح.

قوله: [نبت معلوم]: أي يشبه البرسيم.

قوله: [ولا قرط]: هو نوع من المرعى ومثل القضب والقرط البرسيم وباقي البقول من ملوخية ونحوها.

قوله: [مما يثمر]:

ص: 257

لجميع ما قبله كما أشرنا له في الشرح.

(وشرط الجزء) المساقى به أمران: (شيوعه) في ثمر الحائط، فلا يصح بشجر معين ولا بكيل.

(وعلمه) كربع أو ثلث أو أقل أو أكثر. (وإلا) يكن شائعاً ولم يعلم كما لو قال: ولك من الثمر جزء أو بعض (فسدت) المساقاة، وشبه في الفساد قوله:

(كشرط نقص) بالصاد المهملة: أي إخراج (ما في الحائط من نحو دواب): كبقر وإبل مما يحتاج الحال إليها.

وشمل قوله: "نحو" العبيد والأجراء والآلة الموجودة يوم العقد. فإن شرط ذلك فسدت؛ لأنه يصير كزيادة شرطها على العامل، إلا أن يكون قد أخرجها قبل عقدها ولو قصد المساقاة فلا يضر.

(أو) شرط (تجديد): لشيء في الحائط لم يكن موجوداً وقت العقد على العامل أو رب الحائط مما تقدم فتفسد.

(أو) شرط (زيادة شيء لأحدهما يختص به عن صاحبه): أي خارج عن الحائط، كأن يعمل له عملاً في حائط أخرى أو يخيط له ثوباً أو يبني له بيتاً أو يزيده عيناً أو عرضاً أو منفعة كسكنى أو ركوب أو نحو ذلك.

(أو) شرط (عمل شيء) من العامل (يبقى) في الحائط (بعد انقضائها) أي المساقاة (كحفر بئر أو إنشاء شجر) أو بناء حائط بها أو تسوية أرض. فإذا لم يشترط شيئاً من ذلك فلا يضر وفعله من المعروف.

(وعلى العامل) وجوباً (جميع ما يفتقر) الحائط (إليه عرفاً كآبار [1]): وهو تعليق طلع الذكر على الأنثى من النخل [2](وتنقية) لمنافع الشجر وتقليم للنخل وإزالة ما يضر بالشجر من نبات وغيره (ودواب) وأحبال (وأجراء): أي خدمة بأجرة (و) عليه (خلف) أي بدل (ما رث) قال فيها: وعلى العامل إقامة الأدوات كالدلاء والمساحي والأجراء والدواب، أي إذا لم يكن فيها ذلك أو بلي.

(لا ما مات أو مرض) من الحيوان العاقل أو غيره (مما كان) في الحائط أولاً قبل العقد، فليس عليه بدله.

(ولا أجرته بل) ذلك (على ربه): أي الحائط، بخلاف ما رث من الدلاء والحبال ونحوها كالقواديس والمساحي وسائر الآلات كما تقدم. (بخلاف نفقتهم): أي إجراء النفقة على من في الحائط من عبيد وأجراء ودواب (وكسوتهم): فعلى العامل، كانوا لرب الحائط أو له. قال فيها: وتلزمه نفقة نفسه ونفقة دواب الحائط ورقيقه كانوا له أو لرب الحائط اهـ.

ثم ذكر ما هو كالمستثنى من قوله: "أو زيادة شيء لأحدهما" بقوله: (وجاز شرط ما قل): من العمل على العامل: (كإصلاح جدار) بالحائط، بخلاف اشتراط بنائه من أصله

ــ

أي شأنه يثمر.

وقوله: [لصغره]: متعلق بقوله: "لم يبلغ حد الإثمار".

قوله: [لجميع ما قبله]: أي محترزات الشروط الأربعة.

قوله: [بشجر معين]: أي كقوله: ساقيتك على العمل في هذا الحائط بثلث ثمر هذه النخلة أو هذه النخلات.

قوله: [ولا بكيل]: إن عين قدره سواء كان تعيينه باللفظ أو بالعادة.

قوله: [وعلمه]: أي علم نسبته بجميع الحائط، ويشترط في الجزء المأخوذ ألا يكون مختلفاً، فلو كان في الحائط أصناف من الثمر وشرط عليه أن يأخذ من صنف منها النصف ومن صنف آخر الثلث لم يجز.

قوله: [فسدت المساقاة]: أي وفيها مساقاة المثل.

قوله: [كشرط نقص]: أي فإن حصل هذا الشرط، وتم العمل عليه كان للعامل مساقاة المثل أيضاً ووقوع ذلك من غير شرط لا يضر كما يفيده الشارح في آخر العبارة، وأما لو شرط العامل على ربه شيئاً لم يكن عليه فلا يجوز أيضاً، فإن وقع ونزل كان للعامل أجر مثله، والثمر لربه وحصول ذلك من غير شرط لا يضر.

قوله: [فإن شرط ذلك]: أي نقص شيء من ذلك.

وقوله: [فسدت]: كلام معلوم من سياق المصنف.

قوله: [فتفسد]: قد علمت أن الزيادة المشترطة سواء كانت على رب الحائط أو على العامل كان فيها مساقاة المثل، ومحل الفساد باشتراط تلك الزيادة إن كانت لها بال وإلا لغت كما في (بن) وغيره.

قوله: [وفعله من المعروف]: أي يثاب عليه فاعله.

قوله: [وهو تعليق طلع الذكر]: أي وكذا ما يلقح به على المذهب.

قوله: [لمنافع الشجر]: أي تنقية الحياض التي حول الشجر، وأما تنقية العين فهو على رب الحائط، ويجوز اشتراطها على العامل كما يأتي في قوله، وكنس عين هكذا في الحاشية. وعبارة (بن): سوّى في المدونة بين تنقية العين –أي: كنسها وتنقية منافع الشجر- في أنهما على رب الحائط إلا أن يشترطهما على العامل كما في نقل المواق.

قوله: [والمساحي]: جمع مسحاة وهي الفأس.

قوله: [فليس عليه بدله]: ظاهره: ولو شرط رب الحائط عليه ذلك لمخالفة السنة ولا مفهوم لما مات أو مرض، بل مثله من غاب أو أبق أو سرق.

قوله: [بل ذلك على ربه]: أي تجديد الحيوانات التي وجدها العامل في الحائط على ربه إذا عدمت.

قوله: [بخلاف ما رث]: إلخ: إنما كان الذي رث خلفه على العامل دون العبيد والدواب؛ لأنه إنما دخل على انتفاعه بها حتى تهلك أعيانها، وتجديد ذلك معلوم بالعادة والشأن فيه الخفة.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (كإبار)، ولعلها الصواب.

[2]

في ط المعارف: (النخيل).

ص: 258

فإنه من زيادة العمل الذي له بال (وكنس عين) أو بئر للحائط (وشد حظيرة) من الحظر وهو المنع، والمراد بها: الأعواد ذات الشوك غالباً تجعل فوق الحائط لمنع من يتسور على الحائط ومعنى شدها: ربطها إذا وهت أو وقع منها شيء (وإصلاح ضفيرة) وهي مجمع الماء الذي يرسل على الأشجار. فإن لم تشترط هذه الأربعة على العامل فعلى ربها إلا لعادة فالعادة كالشرط.

(و) جاز (مساقاة سنين) في عقد ولو كثرت (ما لم تكثر جداً) فإن كثرت جداً (بلا حد) مخصوص للكثرة بل المدار السنين التي لا تتغير فيها الأصول عادة - وذلك يختلف باختلاف الأصول وأمكنتها وقدمها وجدتها - لم تجز، قيل لمالك: العشرة؟ فقال: لا أدري عشرة ولا عشرين ولا ثلاثين اهـ. (و) ما (لم يختلف الجزء) في السنين، فإن اختلف - بأن كان في سنة يخالف غيره في أخرى - لم يجز.

وكذا يجوز مساقاته على حوائط متعددة في عقد واحد إن اتفق الجزء، وإلا لم يجز. وأما في عقود فيجوز مع اختلافه واتحاده. ثم إن المساقاة إن وقعت في سنة أو أكثر فلا بد من توقيتها بوقت ينتهي به الجذاذ سواء وقع بلفظ الجذاذ أو بشهر يقتضي ذلك. ولا يجوز أن توقت بزمان يزيد على الجذاذ عادة لما فيه من الزيادة على العامل، وهو يقتضي الفساد.

(فإن لم توقت) بوقت (فالجذاذ) أي فانتهاؤها الجذاذ. فإذا كانت الأنواع لا تختلف كالنخل والرمان فظاهر (و) إذا كانت تختلف وتتميز البطن الأولى عن الثانية (حملت على أول بطن) إلا أن يشترط دخول الثانية. فإذا كانت بطونه لا تتميز - كالنبق والجميز والتوت - حملت على آخر بطن.

(وشرط) صحة مساقاة (الزرع) زيادة على ما تقدم (والقصب) الحلو بفتح الصاد المهملة (والبصل والمقثاة): بكسر الميم وسكون القاف ومنها الباذنجان والقرع ثلاثة: الأول: (عجز ربه) عن القيام به (و) الثاني: (خوف هلاكه) لو لم يقم بشأنه من سقي وعمل (و) الثالث (بروزه) من أرضه ليشابه الشجر. وأما إذا شرط ألا يبدو صلاحه، وألا يكون مما لا يخلف احترازاً عن نحو القضب بالضاد المعجمة والقرط فمعلوم مما تقدم فلا حاجة لزيادتهما هنا.

(و) إذا وجدت هذه الشروط وجازت المساقاة على الزرع ونحوه، وكان في الأرض شجر قليل متفرق (دخل) في المساقاة (شجر تبع زرعاً): بأن كانت قيمته قدر ثلث قيمة الزرع فأقل، فيدخل الشجر لزوماً على الجزء المشترط في الزرع، ولا يجوز إلغاؤه للعامل أو لربه، وعكسه كذلك: أي يدخل لزوماً، ولا يجوز إلغاؤه لواحد منهما زرع تبع شجر [1].

(وجاز إدخال بياض شجر أو) بياض (زرع) في عقد المساقاة؛ والبياض: الأرض الخالية من الشجر أو الزرع؛ سمي بياضاً لأن أرضه مشرقة بالنهار بضوء الشمس وبالليل بضوء الكواكب، فإذا استترت بالزرع أو الشجر سميت سواداً: يعني أن بياض الشجر أو بياض الزرع الذي تجوز فيه المساقاة

ــ

قوله: [فإنه من زيادة العمل الذي له بال]: أي فتفسد باشتراطه.

قوله: [وجاز مساقاة سنين]: أي أو شهوراً.

قوله: [لم تجز]: جواب الشرط الذي هو قوله: "فإن كثرت".

قوله: [قيل لمالك] إلخ: هذا سؤال عن الكثير جدّاً الذي لم يجز.

قوله: [فقال لا أدري]: المقصود من جوابه عدم التحديد بعدد، وإنما المدار على تغير الأصول وهو يختلف باختلاف الأشجار والأمكنة.

قوله: [وكذا يجوز]: تشبيه في قوله: "وجاز مساقاة سنين" إلخ أي: فلا فرق بين كون السنين في حائط واحد أو حوائط بالشرطين اللذين ذكرهما المصنف.

قوله: [إن اتفق الجزء]: أي وإن كانت مختلفة في النوع والصفة، وكلام الشارح صادق بما إذا اتحد العامل ورب الحائط أو تعدد كل منهما أو اتحد أحدهما وتعدد الآخر، وهو صحيح مطابق لما في أبي الحسن كما في الخرشي.

قوله: [ينتهي به الجذاذ]: مثلاً، إذا كانت المدة ثلاث سنين أو ثلاثين شهراً فلا بد أن يكون الانتهاء شهراً يكون فيه الجذاذ.

قوله: [عجز ربه]: ومن العجز اشتغاله عنه بالسفر كما في التوضيح عن الباجي.

قوله: [خوف هلاكه]: أي ولا يلزم من عجز ربه خوف هلاكه؛ لأنه قد يعجز ربه والسماء تسقي الزرع وكلام المدونة صريح في اشتراط هذا الشرط كما في نقل المواق، فسقط اعتراض البساطي: بأن هذا الشرط ليس صريحاً في كلامهم.

قوله: [بروزه من أرضه]: إن قيل: لا معنى لاشتراط هذا الشرط؛ إذ لا يسمى زرعاً أو قصباً أو بصلاً مثلاً إلا بذلك، وقبله لا يسمى بهذا الاسم حقيقة؟ والجواب: أن هذا الاسم يطلق على البذر مجازاً باعتبار ما يؤول إليه، فاشتراط الشرط المذكور لدفع توهم أن المراد بالزرع وما معه ما يشمل البذر.

قوله: [وإذا وجدت هذه الشروط]: أي الخمسة: الثلاثة المذكورة هنا وعدم بدوِّ الصلاح، وعدم الخلف المعلومان مما تقدم.

قوله: [وجازت المساقاة]: أي باستيفاء الشروط وانتفاء الموانع.

تنبيه: هل الورد والياسمين والقطن ونحوه من كل ما يجنى ثمرته ويبقى أصله فيثمر مرة أخرى كالزرع؟ فيشترط فيه الشروط الخمسة، أو كالشجر فيجوز مساقاته بشروطه فقط؟ قولان في خليل، وذكر ابن رشد: أن الورد والياسمين كالشجر بلا خلاف، وأن القطن، ومثله العصفر فيهما الخلاف، والراجح أنهما كالزرع فيشترط فيه الشروط الخمسة.

قوله: [زرع]: فاعل يدخل.

قوله: [سميت سواداً]: أي لحجب ما ذكر بهجة الإشراق فيصير ما تحته سواداً.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

كذا في ط الحلبي والمعارف، ولعل الصواب:(شجراً).

ص: 259

يجوز إدخاله في مساقاة ما ذكر، بشروط ثلاثة: أشار لأولها بقوله: (إن وافق الجزء) في البياض الجزء في الشجر أو الزرع، فإن اختلفا لم يجز وفسدت. ولثانيها بقوله:(وبذره العامل) من عنده. فإن دخلا على أن بذره على ربه لم يجز وفسدت. ولثالثها بقوله: (وقل) البياض أي كان قليلاً بالنسبة للشجر أو الزرع (كثلث) فدون: أي بأن تكون قيمته أي أجرته بالنسبة لقيمة الثمرة الثلث فأقل (بعد إسقاط كلفة الثمرة) كما لو كان كراؤه مفرداً مائة، وقيمة الثمرة بعد إسقاط ما ينفق عليها مائتان، فيعلم أن كراءه ثلث. فإن كان أكثر من الثلث لم يجز وفسدت.

(وألغي) البياض المذكور للعامل (إن سكتا) عند عقد المساقاة (عنه) بأن لم يدخل في المساقاة بشروطه المتقدمة، ولم يجعل لربه، فيكون للعامل وحده. (أو اشترطه العامل) لنفسه فيكون له أيضاً (فإن اشترطه ربه) لنفسه (فسد) عقد المساقاة لنيله من سقي العامل فيكون زيادة اشترطها عليه. ولذا لو كان بعلاً أو كان لا يسقى بماء الحائط بأن كان منعزلاً على حدة لجاز اشتراطه لنفسه. وهذا كله في البياض اليسير كما هو الموضوع. وأما الكثير الزائد قيمته على الثلث فلا يجوز إلغاؤه للعامل ولا إدخاله في عقد المساقاة، بل يكون لربه. وإلى ذلك أشار بقوله:

(كاشتراط العامل ما) أي بياضاً (كثر) لنفسه أو إدخاله في عقد المساقاة [1](الفاسدة قبل العمل مطلقاً) سواء وجبت فيها أجرة المثل أو وجبت مساقاة المثل.

(أو) تفسخ (في أثنائه): أي العمل (إن وجبت) فيها (أجرة المثل) لا إن وجبت مساقاة المثل فلا تفسخ إن اطلع عليها بعد الشروع في العمل. وبين ما يجب فيه أجرة المثل بقوله:

(بأن خرجا عنها): أي عن المساقاة إلى إجارة فاسدة أو بيع فاسد كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها. وإنما فسخت في أثناء العمل؛ لأن للعامل فيها أجر ما عمل قل أو كثر فلا ضرر عليه في الفسخ.

وأما ما تجب فيه مساقاة المثل فإنما يفسخ ما لم يعمل، فإن عمل فقد فاتت بالعمل ووجب التمادي فيها إلى تمام سنة أو أكثر، ورد إلى مساقاة مثله للضرورة؛ لأنه لا يدفع للعامل نصيبه إلا من الثمرة فلو فسخت في الأثناء لزم ألا يكون له شيء وهو ضرر عليه فيما عمله، ومثل لما فيه أجرة المثل بالخروج عنها بقوله:(كاشتراطه زيادة عين أو عرض) من أحدهما للآخر، فيوجب أجرة المثل لخروجهما عنها؛ لأن الزيادة إن كانت من رب الحائط فقد خرجا عنها إلى الإجارة الفاسدة؛ لأنه كأنه استأجره على أن يعمل له في حائطه [2] بما أعطاه من عين أو عرض وبجزء من ثمرته، وذلك إجارة فاسدة توجب الرد لأجرة مثله، ويحسب منها تلك الزيادة، ولا شيء له من الثمرة ولو بعد تمام العمل، وإن كانت الزيادة من العامل فقد خرجا عنها إلى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها؛

ــ

قوله: [يجوز إدخاله في مساقاة ما ذكر]: حاصله أن للبياض أربعة أحوال: الأولى: إدخاله في المساقاة وتجوز بالشروط الثلاثة. الثانية: أن يشترطه رب الحائط لنفسه، فيمنع إن قل ويفسد العقد إن لم يكن منعزلاً على حدة.

الثالثة: أن يسكتا عنه، فبقي للعامل إن قل.

الرابعة: أن يشترطه العامل لنفسه، وهي جائزة أيضاً إن قل.

قوله: [إن وافق الجزء]: هذا هو المشهور ولم يشترط أصبغ موافقة الجزء، وقد جرى العرف عندنا أن البياض لا يعطى إلا بجزء أكثر فله مستند فلا يشوش على الناس إذ ذاك بذكر المشهور. قاله المسناوي. اهـ (بن).

قوله: [وبذره العامل من عنده]: أي واشترط بذره عليه؛ لأن الكلام في صحة العقد.

قوله: [ولا إدخاله في عقد المساقاة]: الحاصل: أن البياض إن كان كثيراً تعين أن يكون لربه، ولا يجوز اشتراطه للعامل ولا إدخاله في عقد المساقاة ولا يلغى للعامل عند السكوت عنه، وإن كان قليلاً ففيه الأحوال الأربعة المتقدمة.

قوله: [بل يكون لربه]: ظاهره كان منعزلاً عن الشجر أو لا. إن قلت: إذا كان كثيراً، وقلتم يقضى به لرب الحائط يلزم عليه الزيادة على العامل في سقي ما لا يعود عليه منه منفعة إن كان غير منعزل، وتقدم أن شرط زيادة لأحدهما على الآخر تفسد العقد؟ فلينظر ما الجواب.

قوله: [فإنه يفسد به العقد]: أي ويرد العامل إن عمل إلى مساقاة مثله في الحائط وإلى أجرة مثله في البياض.

قوله: [وتفسد المساقاة الفاسدة] إلخ: حاصله: أن المساقاة إذا وقعت فاسدة -لفقد شرط أو وجود مانع- فإذا اطلع عليها قبل العمل فسخت ولا علقة لأحد، سواء كان يجب فيها بعد التمادي أجرة المثل أو مساقاة المثل. وإن اطلع عليها بعد العمل، فإن وجب فيها أجرة المثل فسخت أيضاً وحاسب العامل بأجرة ما عمل، وإن كان الواجب فيها مساقاة المثل لم تفسخ بعد الشروع في العمل، وتبقى لانقضاء أمدها؛ لأن حق العامل في الثمرة، فلو فسخ العقد قبل طيبها لزم أن لا يكون للعامل شيء؛ لأن المساقاة كالجعل لا تستحق إلا بتمام العمل.

قوله: [كاشتراطه زيادة عين أو عرض]: هذا إذا كان لا ضرورة فإذا كانت ضرورة كألّا يجد ربه عاملاً إلا مع دفعه شيئاً زائداً على الجزء فيجوز كما ذكره ابن سراج كذا في الحاشية.

قوله: [فقد خرجا عنها]: أي عن حقيقة المساقاة.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

زاد بعدها في ط المعارف: (فإنه يفسد العقد (وتفسخ) المساقاة).

[2]

في ط المعارف: (حائط).

ص: 260

لأنه كأنه اشترى الجزء المسمى بما دفعه لرب الحائط وبأجرة عمله فوجب له أجرة مثله، ويأخذ ما دفعه ولا شيء له من الثمرة.

(وإلا) يخرجا عنها، بأن كان الفساد لضرر أو لفقد شرط غير الزيادة المتقدمة أو وجود مانع (مضت) المساقاة بالعمل كلاً أو بعضاً (بمساقاة المثل)، وذكر لذلك ثمان مسائل فقال:(كمساقاة مع ثمر أطعم): أي بدا صلاحه ولم يكن تبعاً (أو) مع (اشتراط عمل ربه) في الحائط (معه).

(أو) مع اشتراط (دابة، أو) مع اشتراط، (غلام) لرب الحائط يعمل معه فيها (وهو) أي الحائط (صغير) فإن اشترط الدابة أو الغلام، وهو كبير جاز وقد قدمه الشيخ في كلامه في الجائزات.

(أو) مساقاة (مع بيع) لسلعة: أي ساقاه بجزء معلوم، وباعه سلعة بثمن معلوم في صفقة؛ لأن جمع البيع والمساقاة ممنوع. ومثل البيع: الإجارة والجعالة والنكاح والصرف والشركة فتكون فاسدة وفيها مساقاة المثل.

(أو) مساقاة مع (اختلاف الجزء) الذي للعامل (في) مساقاة (سنين) وقع العقد عليها صفقة، وهي المسألة المتقدمة. والمراد بالجمع: ما فوق الواحد، فإذا عاقده على سنتين فأكثر صفقة واحدة واختلف الجزء كأن يكون النصف في سنة والثلث في أخرى مثلاً - كانت فاسدة كما تقدم، وفيها بعد العمل مساقاة المثل. (أو) مع اختلاف الجزء (في حوائط) متعددة ساقاه عليها (في صفقة) واحدة. والمراد بالجمع: ما فوق الواحد أيضاً، فإذا ساقاه على حائطين أو أكثر في صفقة على أن له في أحدهما الثلث وفي الأخرى النصف مثلاً فسدت وردت بعد العمل لمساقاة المثل.

(أو) مع اشتراط أن (يكفيه) فهو بالنصب على المصدر المتقدم، أعني عمل أي إذا شرط رب الحائط على العامل في حائط بجزء معلوم أن يكفيه (مؤنة) حائط (آخر) بلا شيء فإنه يفسد، وفيه بعد العمل مساقاة المثل.

(و) كما وجب مساقاة المثل في هذه المسائل - حيث اطلع عليه في أثناء العمل، وقلنا بعدم الفسخ

ــ

قوله: [الجزء المسمى]: أي المسمى له من الثمرة من ثلث أو ربع أو نصف.

قوله: [وإلا يخرجا عنها]: أي عن حقيقتها بل حصل اختلال شرط أو وجد مانع كما قال الشارح والحقيقة باقية.

قوله: [بمساقاة المثل]: اعلم أن العامل متى وجبت له مساقاة المثل في الفاسدة كان حقه في الحائط في الموت أو الفلس بخلاف أجرة المثل فإنها في الذمة فلا يكون العامل أحق بها في موت ولا فلس. ونقل عن (ح): أن العامل أحق بما فيه أجرة المثل في الفلس لا الموت في المساقاة. وأما في القراض فليس أحق بما فيه أجرة المثل لا في فلس ولا موت اتفاقاً.

قوله: [كمساقاته مع ثمر أطعم]: أي والآخر لم يطعم إذ لم يطلع على فساد هذه المساقاة إلا بعد العمل، والعلة في فساد هذه المساقاة احتواؤها على بيع ثمر مجهول وهو الجزء المسمى للعامل بشيء مجهول وهو العمل، ولا يقال أصل المساقاة كذلك؛ لأننا نقول المساقاة خرجت عن أصل فاسد، ولا يتناول خروجها هذا الفرع لخروجه عن سنة المساقاة من كونها قبل الإطعام فبقي هذا الفرع على أصله.

قوله: [أو مع اشتراط عمل ربه في الحائط]: أي بجزء أو مجاناً.

قوله: [أو مع اشتراط دابة] إلخ: قال (عب): الظاهر في هذه المسألة وما بعدها الفساد ولو أسقط الشرط.

قوله: [وهو]: أي والحائط صغير أي لأنه ربما كفاه ذلك فيصير كأنه اشترط جميع العمل على ربه.

قوله: [جاز]: قال الخرشي: يعني أنه يجوز أن يشترط العامل على رب الحائط دابة أو غلاماً في الحائط الكبير، وحيث اشترط لم يجز إلا بشرط الخلف حيث كان كل منهما معيناً.

قوله: [أي ساقاه بجزء معلوم] إلخ: أي كأن يقول رب الحائط للعامل: ساقيتك حائطي وبعتك سلعة كذا بدينار وثلث الثمرة.

قوله: [ومثل البيع الإجارة] إلخ: أي وضابطه ما ذكره بعضهم بقوله:

نكاح شركة صرف وقرض

مساقاة قراض بيع جعل فجمع

اثنين منها الحظر فيه

فكن فطنا فإن الحفظ سهل

قوله: [كانت فاسدة كما تقدم]: أي للغرر كذا قرر في الحاشية.

قوله: [أو مع اختلاف الجزء في حوائط]: أي وأما مع اتفاق الجزء بأن وقع عقد المساقاة على حوائط بجزء متفق صفقة واحدة أو في صفقات أو على حوائط بجزء مختلف في صفقات فجائز.

قوله: [على المصدر]: متعلق بمحذوف، أي عطف على المصدر من عطف الفعل على الاسم الخالص لقول ابن مالك:

وإن على اسم خالص فعل عطف

تنصبه إن ثابتا أو منحذف

على حد قوله تعالى: {أو يرسل رسولاً} [الشورى: 51] عطف على (وحياً).

قوله: [مئونة حائط آخر]: لا مفهوم لحائط بل متى شرط عليه خدمة في شيء آخر حائط أو غيره وإن بأجرة فسدت المساقاة وكان فيها مساقاة المثل، فالأولى للشارح أن يجعل آخر صفة لشيء لا لحائط كذا في حاشية الأصل.

قوله: [وفيه بعد العمل مساقاة المثل]: أي في الحائط الأصلي، أما الحائط الآخر أو الشيء الآخر ففيه أجرة المثل.

ص: 261

(وجب) إذا عثر عليه (بعد الفراغ) منه (مساقاة المثل) أيضاً (في هذا): أي المذكور بعد إلا في الثمان مسائل. وهناك مسائل أخرى، ذكر منها الشيخ: ما إذا شرط [1] أحدهما على الآخر حمل نصيبه إلى منزله، أي إذا كان فيه مشقة، وإلا فلا تفسد. وشبه بالتسع مسألة ما إذا كانت صحيحة واختلفا بعد العمل في الجزء ولم يشبها معاً فيرد العامل إلى مساقاة المثل، فإن أشبه أحدهما فالقول له بيمينه، فإن أشبها معاً فالقول للعامل بيمينه. وإن اختلفا قبل العمل تحالفا وتفاسخا ولا ينظر فيه لمشبه، ونكولهما كحلفهما، ويقضى للحالف على الناكل. فلم يكن في هذا كالقراض للزوم عقدها. (وأجرته): أي المثل: أي ووجب بعد الفراغ من العمل أجرة مثله (في الأول) وهو: ما قبل: وإلا: أي كما إذا وجبت فيما إذا عثر عليه في أثناء العمل وفسخت. وهذا زيادة في الإيضاح؛ لأن الحكم قد يعلم مما تقدم.

(والقول) عند اختلافهما فيما يقتضي الصحة والفساد (لمدعي الصحة): أي لمن ادعى منهما ما يقتضي الصحة بيمينه دون ما يقتضي دعواه الفساد، كما لو ادعى أحدهما أن الجزء كان معلوماً، وادعى الآخر أنه كان مجهولاً، أو ادعى أحدهما وقوعها مع زيادة عين أو عرض، أو أنها وقعت بعد بدو صلاح الثمرة وخالفه الثاني، فالقول لمدعي الصحة بيمينه ما لم يغلب الفساد، فإن غلب بين الناس وقوعها فاسدة فالقول لمدعيه لشهادة العرف له. هذا هو المعتمد قياساً على البيع خلافاً لمن قال: القول لمدعي الصحة مطلقاً، بل الشأن في المساقاة بين الناس وقوعها فاسدة أكثر من البيع لكثرة شروطها. والحاصل أن ابن رشد واللخمي اتفقا على أن القول لمدعي الصحة مطلقاً والأكثر على خلافهما وهو الراجح، والله أعلم.

ــ

قوله: [وجب إذا عثر عليه بعد الفراغ] إلخ: أي فلا فرق فيما فيه مساقاة المثل بين أن يطلع عليه في الأثناء أو بعد الفراغ من حيث إنه يلزم فيه تمام العمل وفيه مساقاة المثل. وأما ما فيه أجرة المثل فلا يتمم فيه العمل إذا اطلع عليه في الأثناء، بل يتعين الفسخ من حين الاطلاع وفي الماضي أجرة المثل. وأما إن اطلع على الفاسد قبل الشروع في العمل فيتعين رده ولا شيء فيه لا فرق بين ما يمضي بأجرة المثل أو مساقاة المثل.

قوله: [حمل نصيبه إلى منزله]: وإنما منع لما فيه من الزيادة المشترطة على أحدهما. قال في الحاشية: وينبغي دفع أجرة الحمل له مع مساقاة مثل الحائط. اهـ. وفي هذه المسائل مساقاة المثل مطلقاً كان أكثر من الجزء الذي شرط للعامل أو أقل كما هو مذهب ابن القاسم خلافاً لتفصيل الخرشي.

قوله: [وشبه بالتسع]: أي خليل.

قوله: [فلم يكن في هذا كالقراض]: أي لأن العامل في القراض يرد المال من غير تحالف حيث وقع التنازع قبل العمل.

قوله: [أي كما إذا وجبت]: أي أجرة المثل وقوله: [وفسخت]: أي تحتم فسخها من حين العثور وفي الماضي أجرة المثل.

قوله: [لمدعي الصحة]: أي كان التنازع بعد العمل أو قبله كما جزم بذلك اللخمي وابن رشد وفي الشامل. وصدق مدعي الصحة إذا تنازعا بعد العمل وإلا تحالفا وفسخ. قال الأجهوري: وهو غير معول عليه. واعترضه الشيخ أبو علي المسناوي بأن ما في الشامل هو الذي لابن القاسم في العتبية وابن يونس والتونسي وأبي الحسن وابن عرفة وغير واحد؛ فهما طريقتان يؤخذان من (بن). وأشعر قوله: لمدعي الصحة، أنهما لو اختلفا فقال رب الحائط: لم تدفع لي الثمرة، وقال العامل: بل دفعتها لك، صدق العامل؛ لأنه أمين، ابن المواز: ويحلف كان التنازع قبل جذاذ الناس أو وقته كما في حاشية الأصل.

قوله: [ما لم يغلب الفساد]: أي بخلاف القراض فإن القول قول مدعي صحته، ولو غلب الفساد على المشهور.

قوله: [هذا هو المعتمد]: قال (بن): وهو الصواب وتعليل ابن يونس المتقدم ترجيح قول مدعي الصحة بالعرف كالصحيح في ذلك، أي فإذا انعكس العرف علل به أيضاً ترجيح قول مدعي الفساد. قال في المتيطية: فإذا ادعى أحدهما فساداً صدق مدعي الصحة مع يمينه إلا أن يكون العرف الفساد فيكون القول قول مدعيه لشهادة العرف له كما في البيوع. اهـ.

قوله: [قياساً على البيع]: أي فإنه ينظر فيه، فإن كانت تلك البياعات يغلب فيها الصحة فالقول لمدعيها، وإن كانت تلك البياعات يغلب فيها الفساد كالسلم والصرف والمبادلة، فالقول لمدعي الفساد.

تتمة: إن قصر عامل المساقاة فيما يلزمه من العمل الذي شرط عليه أو جرى به العرف حط من نصيبه بنسبته فينظر في قيمة ما عمل مع قيمة ما ترك فإن كان قيمة ما ترك الثلث مثلاً حط من جزئه المشترط له ثلثه، وأما إذا لم يقصر بأن شرط عليه السقي بثلاث مرات فسقى مرتين وأغناه المطر أو السيح عن الثالثة لم يحط من حصته شيء، وكان له جزؤه بالتمام ابن رشد بلا خلاف قال بخلاف الإجارة بالدنانير أو الدراهم على سقاية حائطه زمن السقي -وهو معلوم عند أهل المعرفة- فجاء ماء السماء فأقام به حيناً حط من إجارته بقدر إقامة الماء فيه، والفرق أن الإجارة مبنية على المشاحة بخلاف المساقاة كذا في شرح خليل.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (اشترط).

ص: 262