المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ - حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط الحلبي - جـ ٢

[أحمد الصاوي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب)في البيوع وأحكامها [

- ‌(باب)في بيان السلم

- ‌(باب)في بيان القرض وأحكامه

- ‌(باب) في الرهن وأحكامه

- ‌(باب)في الفلس وأحكامه

- ‌(باب)في بيان أسباب الحجر

- ‌باب في أحكام الصلح؛ أي: مسائله

- ‌‌‌(باب) في الحوالةوأحكامها

- ‌(باب) في الحوالة

- ‌(باب)في الضمان

- ‌(باب)في بيان الشركة

- ‌(باب)في الوكالة

- ‌باب لما كان بين الوكالة والشركة مناسبة من جهة أن فيها وكالة أتبعها بها

- ‌(باب)في الإقرار

- ‌(باب)في الوديعة

- ‌(باب)في الإعارة

- ‌(باب)في بيان الغصب وأحكامه

- ‌(باب)في الشفعة

- ‌(باب)في القسمة

- ‌(باب)في القراض

- ‌(باب)في المساقاة

- ‌(باب)في الإجارة

- ‌(باب إحياء الموات)

- ‌(باب)في الوقف وأحكامه

- ‌(باب)في الهبة

- ‌‌‌(باب) في اللقطةوأحكامها

- ‌(باب) في اللقطة

- ‌(باب)في بيان أحكام القضاء

- ‌(باب)في الشهادة

- ‌(باب)في أحكام الجناية

- ‌باب ذكر فيه تعريف البغي

- ‌(باب)في تعريف الردة وأحكامها

- ‌(باب)ذكر فيه حد الزنا

- ‌(باب) في القذف [

- ‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ

- ‌(باب)ذكر فيه الحرابة

- ‌(باب)ذكر فيه حد الشارب

- ‌باب في العتق وأحكامه

- ‌(باب)في التدبير

- ‌باب: هو في اللغة النظر في عاقبة الأمر والتفكر فيه، وقال القرافي في التنبيهات التدبير مأخوذ من إدبار الحياة، ودبر كل شيء ما وراءه بسكون الباء وضمها، والجارحة بالضم لا غير اهـ وفي (بن) جواز الضم والسكون فيها كغيرها. واصطلاحاً ما ذكره المصنف بقوله "وهو تعليق مكلف" إلخ

- ‌(باب)في أحكام الكتابة

- ‌(باب)في أحكام أم الولد

- ‌(باب)ذكر فيه الولاء

- ‌باب ذكر فيه حكم الوصية

- ‌(باب)في الفرائض

- ‌(باب: في جمل من مسائل شتى، وخاتمة حسنة)

الفصل: ‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ

(باب)

ذكر فيه أحكام السرقة وتعريفها

فقال: (السرقة): التي يترتب عليها القطع (أخذ مكلف): من إضافة المصدر لفاعله (نصاباً) مفعول المصدر، وسيبينه بقوله:"والنصاب" إلخ (فأكثر) من نصاب (من مال محترم لغيره): سيذكر رضي الله عنه المحترزات موضحة، ويدخل في المحترم: مال الحربي الذي دخل بأمان، فيقطع سارقه. (بلا شبهة قويت) للسارق. وليس من الشبهة السرقة من سارق، بل الشبهة ما ذكره في المحترزات. فمن سرق نصاباً ثم سرقه منه آخر فإنهما يقطعان. (خفية؛ بإخراجه من حرز غير مأذون فيه): أي في دخوله. وهذا إذا خرج السارق بالنصاب بل. (وإن لم يخرج هو): فالمدار على إخراج النصاب دخل السارق الحرز أم لا، خرج -إذا دخل- أم لا. (بقصد واحد) شمل ما إذا سرق أقل من نصاب وكرر الأخذ بقصد واحد حتى كمل النصاب، فيقطع كما في سماع أشهب. (أو حراً) عطف على "نصاباً" أخرجه من بيته إن كان لا يخرج منه أو من البلد، إن كان يخرج من البيت، أو سرقه من كبير حافظ له وسواء كان ذكراً أو أنثى (لا يميز لصغر أو جنون فقطع [1] يده اليمنى): من الكوع، لما بينه صلى الله عليه وسلم من عموم الآية. وظاهره: ولو أعسر، لكن الذي في المجموع والحطاب والأجهوري: يبدأ بقطع يده اليسرى (إلا لشلل): باليمنى أو قطع بسماوي أو قصاص سابق (أو نقص أكثر الأصابع) من اليمين كثلاثة (فرجله اليسرى): أي فينتقل الحكم لقطع رجله اليسرى، وتكون ثانية المراتب. وهذا هو المذهب.

ثم إن سرق بعد قطع رجله اليسرى: (فيده) اليسرى تقطع ثم إن سرق (فرجله) اليمنى. (ثم) إن سرق سالم الأعضاء

ــ

بفسقه، وأما في التعريض فلا يحد الأبوان اتفاقاً واستشكل تفسيقه على القول بجواز حده لهما لأنه لم يفعل حراماً. وأجيب بأن المراد بتفسيقه عدم قبول شهادته وهذا يحصل بارتكاب مباح يخل بالمروءة كأكل في سوق لغير غريب.

‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ

هي بفتح السين مع كسر الراء ويجوز إسكانها يقال سرق بفتح الراء يسرق بكسرها سرقاً بسكون الراء وسرقة بكسرها وفتح القاف فهو سارق والشيء مسروق وصاحبه مسروق منه.

قوله: [أخذ مكلف]: أي بالغ عاقل وهو تعريف لها بالمعنى المصدري، ولو عرفها بالمعنى الاسمي لقال نصاب مأخوذ من المال إلخ أو صبي إلخ.

قوله: [فيقطع سارقه]: أي إن استوفى شروط القطع.

قوله: [ما ذكره في المحترزات]: أي في قوله "وإلا إن قويت الشبهة كوالد" إلخ.

قوله: [ثم سرقه منه آخر]: أي بأن أخرجه الثاني من حرز السارق بعد أن أخرجه السارق من حرز صاحبه.

قوله: [أم لا]: أي أم لم يدخل كما إذا أخرجه بعصا وهو خارج الحرز.

قوله: [خرج إذا دخل أم لا]: أي أم لم يخرج كما إذا رمى لغيره وأمسك وهو داخل الحرز.

قوله: [وكرر الأخذ بقصد واحد]: أي إذا أدخل يده في صندوق وصار يأخذ نصفاً بعد نصف حتى كمل النصاب، فإن كان قصده من أول الأمر تكميل النصاب قطع وإلا فلا وهذا القصد لا يعلم إلا منه.

قوله: [أو حراً]: أي حياً بدليل ما يأتي، وأما العبد فقد دخل في قوله:"نصاباً" لأنه مال فينظر لقيمة العبد المسروق، فإن كانت قدر النصاب قطع وإلا فلا، وأما الحر فيقطع سارقه ولا ينظر لقيمته.

قوله: [أو من البلد] إلخ: محله إن كان يمشي في جميعها عادة، فإن كان البلد كبيراً وشأنه لا يخرج من ناحية مخصوصة فإخراجه من تلك الناحية لجهة أخرى يعد سرقة.

قوله: [وسواء كان ذكراً أو أنثى]: تعميم في الحر المسروق.

قوله: [فتقطع يده اليمنى]: الضمير عائد على المكلف السارق للنصاب أو الحر، وسواء كان ذلك المكلف مسلماً أو كافراً حراً أو عبداً ذكراً أو أنثى.

قوله: [من عموم الآية]: أي وهي قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38] فالآية شاملة لليمنى واليسرى من الكوع أو غيره.

قوله: [لكن الذي في المجموع]: استدراك على قوله "ولو أعسر"، وما حكاه عن المجموع و (ح) والأجهوري أصله للخمي، وكتب الشيخ عبد الله عن شيخه سيدي محمد الزرقاني أن ما قاله اللخمي هو المذهب، قال في حاشية الأصل: والظاهر أن كلام اللخمي محمول على أعسر لا يتصرف باليمين إلا نادراً بدليل ما يأتي في الشارح، وأما الأضبط فتقطع يمناه اتفاقاً.

قوله: [إلا لشلل باليمنى]: أي لفساد فيها وظاهره ولو كان ينتفع بها وهو كذلك خلافاً لابن وهب لكنه مقيد بما إذا كان الشلل بيناً أما إذا كان خفيفاً فلا يمنع القطع قاله (ح).

قوله: [أو قطع بسماوي] إلخ: أي وأما لو قطعت بسرقة سابقة فإنها تقطع رجله اليسرى اتفاقاً. والحاصل أنه إن كانت يده اليمنى بها شلل أو قطع بسماوي أو قصاص أو نقص لأكثر الأصابع فالراجح أنه تقطع رجله اليسرى لا يده اليسرى، وإن كانت يده اليمنى قطعت بسرقة سابقة قطعت رجله اتفاقاً.

قوله: [وتكون ثانية المراتب]: أي بأن ينزل منزلة من قطعت يده اليمنى لسرقة ثم عاد للسرقة.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (فتقطع)، ولعلها الصواب.

ص: 428

بعد الرابعة أو سرق الأشل مرة رابعة (عزر) باجتهاد الحاكم (وحبس) إلى أن تظهر توبته، ولا يقتل على المشهور. فلو تعمد الإمام قطع يسراه أولاً بدون عذر أجزأ على الراجح خلافاً لما في الأصل.

(والنصاب) المتقدم الذي يقطع بسرقته (ربع دينار) شرعي (أو ثلاثة دراهم) شرعية (خالصة) من الغش، أو ناقصة راجت كالكاملة، أو مجمع منهما أو من أحدهما مع عرض. (أو ما يساويها): من العرض والحيوان، رقيقاً أو غيره ولو تعدد مالك النصاب، فمتى سرق ما قيمته ثلاثة دراهم قطع، فإن لم يساوها ولو ساوى ربع دينار لا يقطع، إلا أن لا يوجد في البلد، إلا الذهب. والمساواة معتبرة (بالبلد) التي بها [1] السرقة، فإن لم يكن بالبلد أحد النقدين قومه بالدراهم بالنظر لأقرب بلد يوجد فيها دراهم إلخ.

والمعتبر قيمة الشيء وقت إخراجه من الحرز لا قبله ولا بعده. والعبرة بالتقويم شرعاً بأن تكون المنفعة شرعية (وإن) كان المسروق محقراً (كماء) أو حطب أو تبن مما أصله مباح، خلافاً لأبي حنيفة في عدم القطع في المباح الأصل المملوك بوضع اليد عليه. وكذلك لو كان فاكهة رطبة خلافاً له رضي الله عن الجميع (أو جارح): يساوي ثلاثة دراهم (لتعليمه) الصيد؛ لأنه منفعة شرعية، ولم ينه صلى الله عليه وسلم عن بيعه.

(أو سبع لجلده بعد ذبحه): أي لكون جلده يساوي بعد ذبحه ثلاثة دراهم. ولا يراعى قيمة لحمه؛ لأنه لو سرق لحمه وحده لا يقطع ولو ساوى نصاباً (أو جلد ميتة) ولو غير مأكولة فمن سرقه بعد الدبغ فيقطع (إن زاده الدبغ): على قيمة أصله (نصاباً): كما لو كانت قيمته قبل الدبغ درهمين على تقدير جواز بيعه وبعد الدبغ خمسة، فيقطع سارقه لا أقل. أو سرقه قبل الدبغ ولو على فرض أن قيمته نصاب.

(أو شاركه): أي السارق المكلف (غير مكلف): كصبي ومجنون فيقطع المكلف وحده (لا) إن شاركه (والد): لرب المال فلا قطع لدخوله مع ذي شبهة قوية ولو الجد للأم.

ثم شرع في محترزات ما قدمه زيادة في الإيضاح فقال: (فلا قطع لغير مكلف): دخل في الغير: من سكر بحلال.

(ولا) قطع (في) سرقة (أقل من نصاب) حين إخراجه من الحرز.

(ولا) قطع في سرقة (غير محترم كخمر): وخنزير ولو لكافر سرقه مسلم أو ذمي. نعم يغرم قيمتها للذمي إن أتلفها وإلا رد عينها

ــ

قوله: [بعد الرابعة]: أي التي قطعت فيها رجله اليمنى وصار مقطوع الأطراف الأربعة، فقوله "سالم الأعضاء" أي باعتبار ما كان.

قوله: [أو سرق الأشل مرة رابعة]: أي بعد قطع رجله اليمنى أي لأن المراد أشل اليد اليمنى كما هو موضوع الكلام السابق ومعلوم أن أشل اليد اليمنى إذا سرق أولاً تقطع رجله اليسرى، ثم يده اليسرى، ثم رجله اليمنى، ثم الرابعة عزر، وأما أشل اليد اليسرى فتقطع أولا يده اليمنى ثم رجله اليسرى ثم رجله اليمنى ففي الرابعة يحصل التعزير أيضاً فقوله "الأشل" صادق بأشل اليسرى أيضاً بل وبأحد الأعضاء الأربعة.

قوله: [وحبس]: أي وأجرة الحبس عليه إن كان له مال كنفقته وإلا فمن بيت المال إن وجدوا وإلا فعلى المسلمين.

قوله: [فلو تعمد الإمام]: لا مفهوم له بل مأموره كذلك، وأما الأجنبي فلا يجزي والحد باق ويلزمه القصاص في العمد والدية في الخطأ.

قوله: [ربع دينار شرعي]: أي وهو أكبر من المصري والربع بالوزن لا بالقيمة.

قوله: [أو ثلاثة دراهم شرعية]: أي كاملة ولو على حسب اختلاف الموازين فإن نقصت باتفاق الموازين لم يقطع إن كان التعامل بها وزناً فإن كان التعامل بالعدد فإن لم يرج كالكامل لم يقطع أيضاً وإن كان النقص لاختلاف الموازين، وتقدم أن الدرهم الشرعي خمسون وخمسا حبة من مطلق الشعير.

قوله: [ولو تعدد مالك النصاب]: أي فلا يشترط اتحاد المالك له.

قوله: [إلا أن يوجد في البلد إلا الذهب]: أي وإلا فالعبرة به.

قوله: [بالنظر لأقرب بلد]: أي كما قال عبد الحق نقلاً عن بعض شيوخ صقلية وصوبه ابن مرزوق.

واعلم أنه يكفي في التقويم واحد إن كان موجهاً من طرف القاضي لأنه من باب الخبر لا الشهادة، فإن لم يكن المقوم موجهاً من طرف القاضي فلا بد من اثنين ويعمل بشهادتهما وإن خولفا بأن قال غيرهما لا يساويها كما هو مذهب المدونة، ولا يقال مقتضى درء الحد بالشبهات عدم القطع إذا خولفا لأن النص متبع ولأن المثبت مقدم على النافي.

قوله: [خلافاً له]: أي لأبي حنيفة ووافقه الشافعي في الأول، ووافقنا في الثاني.

قوله: [أو جارح]: أي من الطير.

وقوله: [لتعليمه الصيد]: أي وإن كان لا يساويها بالنظر للحمه وريشه، فإن لم يكن معلماً قطع سارقه إن ساوى لحمه فقط أو ريشه فقط، أو لحمه وريشه معاً نصاباً وإلا فلا ومثل تعليم الجارح الصيد تعليم الطير حمل الكتب للبلدان كما أفاده (بن).

قوله: [لا يقطع ولو ساوى نصاباً]: أي لما مر من النظر لكراهته أو من مراعاة القول بحرمته.

قوله: [فمن سرقه بعد الدبغ فيقطع]: أي لأنه ينتفع به شرعاً في اليابسات والماء، وإن كان الدبغ لا يطهر على المعتمد فيقطع المكلف وحده أي ولو كان ذلك المجنون أو الصبي صاحب المال المسروق كما إذا كان تحت يد الولي لأن مصاحبة الصبي والمجنون كالعدم.

قوله: [ولو الجد للأم]: قال ابن الحاجب: وفي الجد قولان، قال في التوضيح: اختلف في الأجداد من قبل الأم والأب فقال ابن القاسم: أحب إلي أن لا يقطع لأنه أب لأنه ممن تغلظ عليه الدية وقد ورد: «ادرءوا الحدود بالشبهات» وقال أشهب: يقطعون لأنه لا شبهة لهم في مال أولاد

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

قوله: (التي بها) في ط المعارف: (الذي به).

ص: 429

لا إن كانت لمسلم لوجوب إراقتها عليه.

(و) لا قطع في سرقة (آلة لهو) كطنبور (إلا أن تساويه): أي النصاب (بعد) تقديره (كسرها ولا) يقطع من سرق (كلباً مطلقاً): ولو معلماً أو للحراسة، لأنه نهى صلى الله عليه وسلم عن بيعه. بخلاف غيره من الجوارح المعلمة، ولو كانت قيمة الكلب نصاباً.

(كأضحية ذبحت): وسرقت وهي تساوي نصاباً، فلا يقطع سارقها لخروجها لله بالذبح: وكذلك الهدي. أما لو سرقت قبل الذبح لقطع سارقها ولو نذرها ربها. كما لو سرق قدر نصاب من لحمها أو جلدها الذي ملكه الفقير بصدقة أو هبة فيقطع.

(ولا) قطع في سرقة ما هو مستمر (في ملكه كمرهون): أي كشيء يساوي نصاباً مرهوناً عند غيره (كان ملكه) بنحو إرث (قبل إخراجه) من الحرز ثم خرج به، فلا قطع بخلاف لو ملكه بعد إخراجه فيقطع.

(ولا إن قويت الشبهة؛ كوالد) سرق نصاباً من ملك ولده، فلا قطع بخلاف العكس (وجد وإن لأم) سرق من مال ولد ولده.

(بخلاف بيت المال) سرق منه نصاباً فيقطع، ومنه الشون (والغنيمة): بعد حوزها إن كثر الجيش، كأن قل [1] وأخذ فوق حقه نصاباً.

(و) بخلاف (مال الشركة إن حجب عنه): بأن كان عند أمين أو كان مفتاحه مع غيره (وسرق فوق حقه): الذي يخصه من جميع المال إن كان مثلياً (نصاباً) كأن سرق من اثني عشر درهماً مشتركة بينهما تسعة، فإن كان مقوماً، فمما سرق، لا من جميع المال.

(ولا) قطع (إن اختلس): أي أخذه بحضرة صاحبه جهراً هارباً به سواء جاء جهاراً أو سراً.

(أو كابر): أي ادعى أنه ملكه وأخذه قهراً؛ فإنه ليس بسارق بل غاصب.

(أو هرب) بالمسروق (بعد أخذه) أي القدرة عليه (في الحرز)

ثم فسر الحرز بقوله:

ــ

أولادهم ولا نفقة لهم عليهم، ولا خلاف في قطع باقي القرابات اهـ. وقال (بن) وقد تبين به أن الخلاف في الجد مطلقاً لا في خصوص الجد للأم.

قوله: [لا إن كانت لمسلم]: أي فلا يغرم له شيئاً.

وقوله: [لوجوب إراقتها عليه]: علة للنفي.

قوله: [إلا أن تساويه]: أي تلك الآلة كالخشبة ونحوها.

قوله: [بخلاف غيره من الجوارح المعلمة]: أي فمراده بالجارح المتقدم غير الكلب وهذا هو مذهب المدونة خلافاً لأشهب القائل بالقطع في المأذون في اتخاذه.

قوله: [وكذلك الهدي]: مثله الفدية وانظر لو سرق الهدي بعد التقليد أو الإشعار هل يقطع سارقه أم لا.

قوله: [ولو نذرها ربها]: أي لأنها لا تتعين بالنذر.

قوله: [كمرهون]: مثله المستأجر وإنما لم يقطع لأنه سارق لملكه، وهذا في سرقة الراهن أو المؤجر، وأما سرقة المرتهن الرهن من الراهن قبل قبضه منه والمستأجر من المؤجر قبل قبضه فإنه يوجب القطع كذا في حاشية الأصل.

قوله: [بخلاف لو ملكه بعد إخراجه فيقطع]: أي لحق الله في انتهاك الحرمة وإن كان لا ضمان عليه في المال ولا فرق بين كونه ملكه بإرث أو شراء أو هبة.

قوله: [كوالد]: أي أباً أو أماً، وإنما لم يقطع لقوله في الحديث:«أنت ومالك لأبيك» .

قوله: [بخلاف بيت المال]: أي منتظماً أو لا.

قوله: [إن كثر الجيش] إلخ: هذا التفصيل هو المعتمد كما لابن يونس خلافاً لما يقتضيه ظاهر كلام خليل من أن السارق من الغنيمة يقطع مطلقاً.

قوله: [وبخلاف مال الشركة] إلخ: حاصله أنه لا بد أن يسرق فوق حقه نصاباً من جميع مال الشركة ما سرق وما لم يسرق، وإن كان مثلياً كما إذا كان جملة المال المشترك بينهما اثني عشر لكل منهما ستة وسرق منه تسعة دراهم، وأما إذا كان مقوماً كثياب يسرق منها ثوباً فالمعتبر أن يكون فيما سرق نصاب فوق حقه في المسروق فقط كما إذا كانت الشركة في ثياب جملتها تساوي اثني عشر فسرق منها ثوباً يساوي ستة فيقطع، لأن حقه في نصفه فقد سرق فوق حقه في ذلك المسروق نصاباً، والفرق بين المثلي والمقوم حيث اعتبروا في المثلي كون النصاب المسروق فوق حقه في جميع المال المشترك ما سرق وما لم يسرق، واعتبروا في المقوم فوق حقه فيما سرق فقط أن المقوم لما كان ليس له أخذ حظه منه إلا برضا صاحبه لاختلاف الأغراض فيه كان ما سرقه بعضه حظه وبعضه حظ صاحبه وما بقي كذلك، وأما المثلي فلما كان له أخذ حظه منه وإن أبى صاحبه لعدم اختلاف الأغراض فيه غالباً لم يتعين أن يكون ما أخذه منه مشتركاً بينهما بل يقدر له بقدر نصيبه ولا يقطع إلا في النصاب الزائد عن جميع نصيبه.

قوله: [أي أخذه بحضرة صاحبه] إلخ، حاصله أن المختلس هو الذي يخطف المال بحضرة صاحبه في غفلته ويذهب بسرعة جهرة سواء كان مجيئه سراً أو جهراً كما قال الشارح.

قوله: [أي ادعى أنه ملكه]: ليس هذا بلازم، بل ولو اعترف بالغصب. والحاصل أن المكابر هو الآخذ للمال من صاحبه بقوة من غير حرابة سواء ادعى أنه ملكه أو اعترف بأنه غاصب.

قوله: [أي القدرة عليه في الحرز]: أي أنه بعد أن أمسك في داخل الحرز بالمال وقدر عليه فيه هرب منهم بالمال المسروق؛ لأنه صار هروبه على الوجه المذكور اختلاساً على ما لابن القاسم ومالك خلافاً لأصبغ القائل بالقطع بناء على أنه سرقة وهناك قول ثالث لبعض المتأخرين وهو أن السارق إن رأى رب المال خرج ليأتي له بالشهود فأخذ المال وهرب كان مختلساً لا يقطع وإن هرب بالمال

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

كذا في ط. الحلبي والمعارف، ولعل الصواب:(غل).

ص: 430

(والحرز: ما لا يعد الواضع فيه مضيعاً عرفاً): وهو يختلف باختلاف ما يجعل فيه كما يأتي. والمدار على إخراج النصاب، ولو في جوفه إذا كان لا يفسد كما قال:

(ولو ابتلع فيه): أي في الحرز (ما لا يفسد) بالابتلاع: كجوهر قدر نصاب ثم خرج فيقطع، بخلاف لو ابتلع فيه نحو لحم وعنب يساوي نصاباً، فلا قطع. بل عليه الضمان. كما لو أتلف شيئا في الحرز بحرق أو كسر.

(أو) كان السارق خارج الحرز و (أشار إلى حيوان بكعلف فخرج) من حرز مثله فيقطع.

(كخباء): الخيمة المنصوبة في سفر أو حضر، كان فيه أهله أم لا. فإنه حرز لما فيه، وحرز لنفسه أيضاً فإذا أخذ شيئاً منها أو أخذها وكان المأخوذ يساوي نصاباً فيقطع.

(أو حانوت): فإذا سرق منه نصاباً فيقطع، لأنه حرز لما فيه، ما لم يكن عليه قيسارية تغلق كالشرب والجمالون [1] بمصر، فلا قطع بالإخراج من الحانوت حتى يخرج من القيسارية (وفنائهما): أي الخباء والحانوت فإنه حرز لما فيه.

(وكل موضع اتخذ منزلاً) لشيء فإنه حرز لما فيه ولنفسه؛ كصندوق الصيرفي فمن أخرج منه نصاباً فإنه يقطع.

(ومحمل): فإنه حرز لما فيه ولنفسه، كان على ظهر الدابة أم لا. لكن التحقيق أنه إن لم يكن على ظهرها فينظر لما فيه إن كان المحمل حرزاً له كفرشه أو ليس حرزاً كدراهم.

(وظهر دابة): حرز لما عليه من سرج وخرج ودراهم كان رب الدابة حاضراً عندها أو غائباً، إلا المختلس والمكابر كما تقدم. لكن التحقيق يشترط أن يكون معها حافظ.

(وجرين): لأنه حرز لما فيه من زرع وثمر ولو بعد عن البلد

(وساحة دار) فإنه إن سرق منه غير الساكن فيها -ولو ملك ذات الدار وكان لا يدخل إلا بإذن- فيقطع، كان المسروق شأنه الوضع في الساحة كالأثقال، أو لا كثوب.

فإن كان ساكناً في الدار فيقطع إن سرق نحو الأثقال والدواب بنقله من محله نقلاً بيناً ولو لم يخرجه لا نحو ثوب؛ فإن سرق من بيت في الدار فأخرجه لساحته فيقطع إن كان ساكناً اتفاقاً، وعلى الراجح إن لم يكن من السكان.

(وقبر لكفن) شرعي كان القبر قريباً من البلد أم لا، كبحر لغريق.

(وسفينة): سرق من كخنها نصاباً ولو لم يخرجه منها، كان من الركاب أم لا، بحضرة ربه أم لا. كمن غير الخن بحضرة ربه مطلقاً، كغير حضرته، وكان أجنبياً أخرج منها، لا إن كان من الركاب وسرق من غير نحو الخن مع غير ربه ولو أخرج منها. .

(ومسجد): فإنه حرز (لنحو حصره) وبسطه، حيث كانت تترك فيه فإن كانت تفرش نهاراً فقط فتركت ليلة فسرق منها

ــ

من غير أن يرى رب المال خرج ليأتي بالشهود فهو سارق يجب قطعه ابن عبد السلام وهذا هو التحقيق أفاده (بن).

قوله: [ما لا يعد الواضع] إلخ: أي هو المكان الذي لو وضع فيه ذلك الشيء قصداً لا يقال إن صاحبه عرضه للضياع فيقطع السارق المخرج له منه سواء كان صاحبه وضع ذلك الشيء قصداً أم لا كما أفاده (بن).

قوله: [والمدار على إخراج النصاب] أي وإن لم يخرج السارق من الحرز.

قوله: [في الحرز]: أي وأما لو أخرجه سالماً وتلف بعد الخروج فيقطع.

قوله: [كخباء]: أدخلت الكاف كل محل اتخذ منزلاً وترك به متاع وذهب صاحبه لحاجة مثلاً قال (بن) وهو مقيد بما إذا ضربه بمحل لا يعد ضاربه فيه مضيعاً له.

قوله: [حتى يخرج من القيسارية]: لعل هذا التقييد مقيس على الإخراج من المحل المحجور عليه إلى محل الإذن العام، وما قاله الشارح مذكور في حاشية السيد البليدي ونصه فرع في التوضيح عن ابن عبد البر أن السوق المجعول عليها قيسارية تغلق بأبواب ويحيط بها ما يمنع وذلك كالجملون والشرب والتربيعة بمصر لا يقطع من سرق من حوانيته لا إذا أخرجه خارج القيسارية لأنه حرز واحد لجميع ما فيه قال وهو فرع مهم.

قوله: [حرز لما عليه]: أي وسواء كانت سائرة أو نازلة في ليل أو نهار ومحل القطع بسرقة ما على ظهر الدابة إذا كانت الدابة بحرز مثلها وإلا لم تكن حرزاً لما عليها فقوله "لكن التحقيق" إلخ المناسب أن يقول لكن بشرط أن تكون في حرز مثلها.

قوله: [وجرين]: قال ابن القاسم وإذا جمع في الجرين الحب أو التمر وغاب ربه وليس عليه باب ولا غلق ولا حائط قطع من سرق منه؛ وفي حاشية السيد البليدي سرقة الفول من الساحل مغطى بحصير فيها القطع ليلاً أو نهاراً غاب عنه ربه أم لا كما في المدونة، وقال محمد: لا قطع ثم قال: راجع التوضيح.

قوله: [وقبر لكفن]: أي فهو حرز بالنسبة للكفن لا بالنسبة للميت فلا يقطع سارق الميت نفسه بغير كفن، ومفهوم قوله "شرعي" أن غير المأذون فيه شرعاً لا يكون ما ذكر حرزاً له فمن سرق من كفن شخص ما زاد على الشرعي لا يقع على المعتمد كما مشى عليه في المجموع.

قوله: [كان القبر قريباً من البلد أم لا]: أي وسواء بقي الميت أم لا.

قوله: [كبحر لغريق]: أي إن بقي الغريق في الكفن فإن أزاله البحر منه فانظر هل يكون البحر حرزاً له أم لا؟ فقوله "كبحر لغريق" كلام مجمل موهم خلاف المراد فالمناسب أن يقول كبحر لمن رمي به مكفناً فالبحر حرز للكفن كما قال غيره قال في الأصل: واحترز بقوله: "رمي به" عن الغريق فلا قطع لسارق ما عليه.

قوله: [وسفينة] إلخ: حاصله أن الصور ست عشرة صورة يؤخذ تفصيلها من الشارح فيقطع في السرقة من الخن وما ألحق به

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (والجملون).

ص: 431

فلا قطع. ولا يشترط في قطع من سرق من المسجد أن يخرجه منه بل (ولو بإزالتها) عن محلها إزالة بينة. وشمل بلاطه وقناديله وبابه وسقفه.

(وخان) فإنه حرز (للأثقال) التي في ساحته؛ كالزلع، فيقطع ولو لم يخرجها، بل نقلها إن كانت تباع بما فيها وكان من السكان، وإلا فلا بد من الإخراج. ومفهوم "الأثقال" أن نحو الثوب في ساحة الخان لا يقطع مخرجه. أما من بيت في الخان أخرج ما فيه للحوش فيقطع، كان من السكان أم لا.

(وقطار) بكسر القاف وتخفيف الطاء المهملة آخره راء مهملة: وهو المربوط من نحو إبل بعضه ببعض، فإذا حل حيواناً وبان به قطع. وشرط الإبانة به في البراذعي والأمهات فيعتبر كما نقله أبو الحسن وغير المربوطة كالسائرة إلى المرعى كذلك متى أبان شيئاً منها قطع حيث كانت قيمته نصاباً كما قال (ونحوه) أي القطار (ومطمر): محل يجعل في الأرض يخزن فيه فمن سرق منه ما العادة أن يخزن فيه: كالطعام، فإنه يقطع حيث (قرب) من المساكن بحيث يكون تحت نظر ربه وإلا فلا.

(وموقف دابة البيع): فإنه حرز لها يقطع من أبانها منه (أو) وقفت (لغيره) بزقاق اعتيدت فيه ليلاً أو نهاراً كانت مع صاحبها أم لا.

(وما حجر فيه): أي والمكان الذي حجر فيه (أحد الزوجين عن الآخر) فإنه حرز لما فيه إذا سرق أحد الزوجين منه نصاباً يقطع، لا إن سرق أحدهما متاع الآخر من مكان غير محجور عنه فلا قطع؛ لأنه خائن لا سارق وليس المنع بالكلام حجراً بل بغلق.

(ككل شيء بحضرة حافظه) بأن غافله وسرق نصاباً، كان في فلاة أو غيرها، كان حافظه نائماً أم لا. وليس المراد أنه أخذه وهو ناظر له، لأنه يكون إما مختلساً أو غاصباً فلا يقطع.

(وحمام): بتشديد الميم يقطع من أخرج منه نصاباً من ثياب الداخلين أو مما فيه (إن دخل للسرقة): بأن اعترف بأنه دخل لها

ــ

في ثمان وهي أخرجه منها أم لا كان من الركاب أم لا بحضرة ربه أم لا، ويقطع في السرقة من غير الخن في خمس وهي: إن كان بحضرة ربه أخرجه منها أم لا أجنبياً أو من ركابها، والخامسة أجنبي أخرجه منها بغير حضرة ربه وبقي ثلاث لا قطع فيها، وهي ما إذا كان بغير حضرة ربه وكان من ركابها أخرجه أم لا أو أجنبياً ولم يخرجه منها.

قوله: [فلا قطع]: أي على سارقها وإن كان على المسجد غلق لأنه لم يمكن لأجلها كما أنه لا قطع على من سرق متاعاً نسيه ربه بالمسجد ومن سرق شيئاً من داخل الكعبة، فإن كان في وقت أذن له بالدخول فيه لم يقطع وإلا قطع إن أخرجه لمحل الطواف، ومما فيه القطع حليها وما علق بالمقام ونحو الرصاص المسمر في الأساطين أفاده في حاشية الأصل نقلاً عن (ح).

قوله: [بما فيها]: صوابه أن يقول إن كانت تباع فيه أي في الخان.

قوله: [لا يقطع مخرجه]: أي لأن الساحة ليست حرزاً له كان السارق أجنبياً أو ساكناً.

قوله: [في البراذعي]: أي وهو مختصر المدونة.

وقوله: [والأمهات]: أي الواضحة والموازية والعتبية فيكون في الأمهات الأربع.

قوله: [كالسائر إلى المرعى]: أي وذلك كالإبل والغنم التي تسير مع بعضها من غير ربط ولا مفهوم للمرعى، بل السائرة المنضمة لبعضها في أي مقصد كذلك.

قوله: [حيث قرب من المساكن] إلخ: لعل الفرق بين المطمر والجرين حيث اشترط في المطمر القرب دون الجرين أن الجرين مكشوف فهو أقوى في الحرزية ولو بعد، والفرق بين المطمر والقبر حيث جعل القبر حرزاً مطلقاً أن القبر تأنف النفوس في الغالب عن سرقة ما فيه، بخلاف المطمر لأنه مأكول وحينئذ فلا يكون في البعد حرز لعظم التفات النفوس إليه أفاده محشي الأصل.

قوله: [البيع]: أي بالسوق أو غيره كانت مربوطة أم لا كان معها ربها أم لا.

قوله: [اعتيدت]: أي فصار بالاعتياد حرزاً لها، وأما أخذه من موقف غير معتاد فلا قطع فيه ما لم يكن معها حارس.

قوله: [إذا سرق أحد الزوجين منه نصاباً يقطع]: أي فيقطع كل بسرقته من مال الآخر وحكم أمة الزوجة في السرقة من مال الزوج كالزوجة وحكم عبد الزوج إذا سرق من مال الزوجة كالزوج، وسواء كان ذلك المكان الذي حجر عن الآخر خارجاً عن مسكنهما أو داخلاً فيه بلا خلاف في الأول، وعلى ما لابن القاسم في الثاني خلافاً لما في الموازية اللخمي، وعدم القطع أحسن إن كان القصد من الغلق التحفظ من الأجنبي وإن كان لتحفظ كل من الآخر قطع أفاده (بن).

قوله: [بحضرة حافظه]: أي الحي المميز لا إن كان ميتاً أو مجنوناً أو غير مميز، ويشير لما ذكر قول المصنف "بحضرة حافظه" لأن الحضرة والحفظ تقتضي الشعور ولو حكماً كالنائم لسرعة انتباهه، وذكر ابن عاشر أن هذا محله إذا لم يكن الحافظ له في حرز وإلا فلا يقطع السارق إلا بعد خروجه به من الحرز، فحرز الإحضار إنما يعتبر عند فقد حرز الأمكنة كذا في (بن)، ويستثنى من القطع في الأخذ بحضرة حافظ المواشي إذا كانت في المرعى، فإنه لا قطع على من سرق منها في حضرة حافظها كما هو ظاهر الرسالة والنوادر وسيأتي ذلك.

قوله: [إن دخل للسرقة]: أي من الباب بدليل قوله:

ص: 432

(أو نقب) وأخذ منه لا بمجرد النقب (أو تسور): من سطحه مثلاً، وأخذ ما قيمته نصاباً. وليس في جميع ما تقدم حارس.

(أو بحارس لم يأذن له) أي للآخذ (في تقليب) ثيابه، فإن أذن فأخذ ثياب غيره فلا قطع، ولو أقر بأنه دخل للسرقة لأنه خائن. ومثل الإذن العرف كما في مصر؛ فإن الناس يلبسون ثيابهم بدون إذن من الحارس، وحيث دخل الحمام من بابه ولبس ثياب غيره فاطلع عليه فقال: إن أخذي فيها لظني أنها ثيابي، فإنه يصدق، كما أشار له بقوله:(وصدق مدعي الخطأ) ومحل تصديقه (إن أشبه) ملبوسه، وإلا فلا يصدق ويترتب عليه الحكم.

(لا) يقطع (إن أخذ دابة) أوقفها ربها (بباب مسجد) بدون حافظ (أو) أوقفها (بسوق) لغير بيع بدون حافظ، لأنه غير معتاد. وفي شارح المؤلف: وكذا إن أخذ دابة بمرعى.

(أو) أخذ (ثوباً) منشوراً على حائط الدار (بعضه بالطريق) وبعضه داخل الدار فلا يقطع آخذه من خارج الدار تغليباً لما ليس في الحرز، فإن جذبه من داخلها فيقطع.

(ولا إن أذن له في دخوله): كضيف دخل بإذن رب الدار، أو مرسل لحاجة، فأخذ نصاباً فلا قطع؛ لأنه خائن لا سارق ولو أخذ من بيت فيها محجور عليه (أو نقله): أي النصاب (ولم يخرجه): عن حرزه (أو) أخذ (ما على صبي): غير مميز من حلي وثياب (أو معه) في جيبه مثلاً (بلا حافظ) مع الصبي، وليس الصبي بدار أهله، لأن غير المميز ليس حرزاً لما عليه، ومثل الصبي: المجنون.

(ولا) قطع (على داخل) في حرز (تناول) النصاب (منه) أي من الداخل (الخارج): بأن مد الخارج يده لداخل الحرز وأخذه من يد الداخل فيه؛ فيقطع الخارج فقط، فلو مد الداخل يده بالشيء إلى خارج الحرز وتناوله غيره من خارج فالقطع على الداخل فقط.

(وإن التقيا): أي الداخل في الحرز والخارج عنه بأيديهما (وسط النقب): أي في أثنائه، فأخرج الخارج الشيء بمناولة الداخل (أو ربطه) الداخل بحبل ونحوه (فجذبه الخارج) عن الحرز (قطعا) معاً في المسألتين ومن جعل على ظهر غيره في الحرز شيئاً، فخرج به -ولولا الجاعل ما قدر على حمله- فيقطعان. فإن كان يقدر دونه قطع الخارج فقط.

(ولا) قطع (على من سرق من) بيوت (ذي الإذن العام) لجميع الناس؛ كبيت الحاكم والعالم والكريم الذي يدخله الناس بدون إذن، وأخرجه من الباب، فلا قطع لأنه خائن (إلا) إذا سرق (مما حجر منه): كحاصل أو حانوت داخل البيت العام (فبإخراجه): أي عن محل ذي الإذن العام، بأن يخرجه من باب الدار فيقطع، فإن أخرجه للحوش فلا قطع.

(ولا) قطع (في سرقة ثمر): بمثلثة من نخل أو غيره معلق خلقة بأصله (إلا أن يكون) في بستان ملتبساً (بغلق): بفتح اللام وبسكونها (فقولان) في عدم قطع سارق الثمر

ــ

"بأن اعترف" إلخ.

قوله: [وأخذ منه]: أي أخرج منه أي أخرج المسروق من النقب.

وقوله: [لا بمجرد النقب]: أي لا يقطع بمجرده ولا بنقل المسروق من غير إخراج.

قوله: [وليس في جميع ما تقدم حارس]: أي في الصور الثلاث.

قوله: [أو بحارس لم يأذن له]: أي في الصور الثلاث أيضاً.

قوله: [فإن الناس يلبسون ثيابهم]: أي فجريان العرف بذلك منزل منزلة الإذن.

قوله: [ويترتب عليه الحكم]: أي فإن كان خائناً لا قطع وإن خرج بها وكان سارقاً واستوفى شروطها قطع. فإن قلت: ما الفرق بين المواضع المأذون فيها لكل أحد حيث نفوا القطع مطلقاً، وبين الحمام حيث قالوا: إذا دخل للسرقة قطع؟ قلت أجاب أبو الحسن عن عياض بأنه في الحمام حيث اعترف بأن دخوله للسرقة لا غير فقد اعترف بأنه لا إذن له في ذلك أفاده (بن). قلت: وهذا الجواب لا يدفع الإشكال.

قوله: [لا يقطع إن أخذ دابة]: إلخ مقتضى ما تقدم تقييد عدم القطع بما إذا لم يصر معتاداً لها.

قوله: [وكذا إن أخذ دابة بمرعى]: أي فلا قطع عليه ولو بحضرة راعيها أو مالكها كما مر، واحترز بقوله "بمرعى" عما إذا أخذها من المراح فإنه يقطع ولو لم يكن معها أحد

قوله: [ومثل الصبي المجنون]: أي وكذا السكران بحلال، وأما السكران بحرام فهو منزل منزلة العاقل لتكليفه.

قوله: [فيقطع الخارج فقط]: أي لأنه هو الذي أخرجه من حرزه.

قوله: [فالقطع على الداخل فقط]: أي لأنه الذي أخرجه من حرزه.

قوله: [قطعا معاً في المسألتين]: أي مسألة الالتقاء وسط النقب ومسألة ربط الداخل مع جذب الخارج، وإنما قطعا معاً لاشتراكهما في الإخراج من الحرز والفرق بين ما هنا وبين قوله:"ولا على داخل تناول منه الخارج" إن [1] فعل الرابط مصاحب لفعل الجاذب حال الخروج من الحرز ولا كذلك فعل المناول أفاده (عب).

تنبيه: إذا نقب الحرز ولم يخرج النصاب منه فلا يقطع، فإن أخرجه غيره فلا قطع أيضاً لذلك الغير؛ لأن النقب يصير المال في غير حرز وهذا إذا لم يتفقا على أن أحدهما ينقب والآخر يخرجه من الحرز وإلا قطع المخرج فقط معاملة له بنقيض مقصوده حفظاً لمال الناس، فلا يقال: إن المكان صار غير حرز بسبب النقب. وقيل: يقطعان معاً عند الاتفاق وعليه ابن شاس أفاده (بن).

قوله: [فلا قطع لأنه خائن]: ظاهره ولو جرت العادة بوضع ذلك المسروق في المحل العام فهو مخالف للخان المعد للأثقال.

قوله: [فإن أخرجه للحوش فلا قطع]: ظاهره كان من السكان أم لا فقد خلف الخان

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(أن).

ص: 433

وهو المنصوص وقطعه، وقولنا:"في بستان" احتراز عن نخل في دار، فيقطع سارق ثمره اتفاقاً؛ لأنه في حرزه.

وقولنا "معلق خلقة" احترازاً عما لو قطع وعلق على الشجر، فلا قطع ولو بغلق فلو قطع الثمر وجعل في محل في [1] البستان اعتيد وضعه فيه قبل نقله للجرين فسرق منه نصاب، فثالث الأقوال: يقطع إن جمع بعضه على بعض، لا إن كان مفرقاً. وقيل: يقطع مطلقاً، وقيل: لا مطلقاً.

(وتثبت) السرقة (ببينة) عدلين (أو بإقرار) من السارق (طوعاً وإلا) بأن أكره على الإقرار، ولو بضرب -وأما الإقدام على السرقة فلا يجوز ولو بالقتل على الراجح- (فلا) قطع ولا يلزمه شيء.

(ولو أخرج السرقة): أي الشيء المسروق لاحتمال وصول المسروق إليه من غيره (أو) أخرج (القتيل) المتهم في قتله: فلا يقطع ولا يقتل، إلا إذا أقر بعد الإكراه آمناً (إلا ذا التهمة): فيؤخذ بإقراره حالة الإكراه عند سحنون على المعتمد، وبه الحكم إن ثبت أنه متهم عند حاكم. ولكن المشهور قول ابن القاسم: لا [2] يلزم المكره شيء ولو متهماً، وهو الموافق لقواعد الشرع.

(و) إذا أقر طائعاً ورجع عن إقراره (قبل رجوعه) فلا يقطع وإن لزمه المال حيث عينه وعين صاحبه، نحو سرقت دابة زيد، بخلاف: سرقت أو سرقت دابة (ولو) كان رجوعه (بلا شبهة) كقوله: كذبت في إقراري، فأولى لشبهة كقوله: أخذت مالي المرهون خفية وسميته سرقة (كزان) أقر بأنه زنى (وشارب) أقر بأنه شرب خمراً (ومحارب) أقر بأنه قاطع الطريق، ثم رجعوا عن إقرارهم فيقبل (إلا في المال) فلا يقبل رجوعه بل يغرم.

(وإن شهد) على السارق -حراً أو عبداً- بالسرقة (رجل) واحد (أو) شهد (امرأتان، وحلف) المدعي مع الرجل أو مع المرأتين (أوهما) أو شهد رجل وامرأتان ولا يحتاج ليمين المدعي (فالغرم) للمسروق (بلا قطع) في الفروع الثلاثة (كأن رد المتهم اليمين): حيث حقق المدعي الدعوة فلما ردها على المدعي (فحلفها الطالب): فالغرم على المدعى عليه بدون قطع، فلو لم يحقق الطالب الدعوى بل اتهم المدعى عليه فبمجرد نكوله يغرم بدون حلف الطالب، ولا قطع أيضاً.

وإن أقر سيد على عبده بسرقة شيء من شخص فالغرم للمال يلزم السيد للمقر له بدون يمين من المقر له.

(وإن أقر رقيق) بسرقة نصاب (فالعكس): أي القطع بدون غرم؛ لأن إقراره لا يفيد بالنظر للمال؛ لأن الغرم في الحقيقة على سيده.

(ووجب) على السارق (الغرم) للمسروق فيرده بعينه إن بقي أو قيمة المقوم ومثل المثلي إن فات (إن لم يقطع) لمانع

ــ

في تفصيله والحق أنه مثله.

قوله: [وهو المنصوص]: أي أن القول بعدم القطع منصوص والقول بالقطع غير منصوص، بل هو مخرج للخمي على السرقة من الشجرة التي في الدار.

قوله: [وعلق على الشجر]: أي والحال أنه بالبستان، وأما في الدار فيقطع.

قوله: [فثالث الأقوال] إلخ: هذا الاختلاف محله إذا لم يكن حارس وإلا فلا خلاف في قطع سارقه.

قوله: [وإلا بأن أكره]: اعلم أن القطع يسقط بالإكراه مطلقاً ولو كان بضرب أو سجن؛ لأنه شبهة تدرأ الحد.

قوله: [فلا يجوز ولو بالقتل] إلخ: أي كما صرح به ابن رشد وحكى عليه الإجماع، ونقل ذلك (ح) في باب الطلاق خلافاً لما ذكره (عب) هنا من جواز القدوم عليها بخوف القتل كذا في (بن) والمناسب تأخير هذه الجملة بعد جواب الشرط.

قوله: [وبه الحكم إن ثبت] إلخ: أي به القضاء كما في معين الحكام ومتن التحفة لابن عاصم ونسبه فيها لمالك حيث قال:

وإن يكن مطالباً من يتهم

فمالك بالسجن والضرب حكم

وحكموا بصحة الإقرار

من ذاعر يحبس لاختيار

والذاعر بالذال المعجمة الخائف وبالمهملة المفسد، وبالزاي الشرس واعتمد (عب) ما لسحنون وحمل ما في المدونة على غير المتهم على أنه وقع فيها محلان: أحدهما صريح في عدم العمل بإقرار المكره، ثانيهما حلف المتهم وتهديده وسجنه، وبهذا علم أن ما لسحنون موافق للمدونة على أحد التأويلين.

قوله: [بخلاف سرقت]: إلخ أي فلا قطع ولا غرم حيث رجع.

قوله: [ولو كان رجوعه بلا شبهة]: أي كما في المدونة.

قوله: [إلا في المال]: أشار بهذا إلى أن رجوع السارق وقاطع الطريق إنما يقبل بالنسبة لحق الله فينتفي الحد عنه الذي هو حق له لا بالنسبة لغرم المال الذي هو حق لآدمي.

قوله: [بلا قطع في الفروع الثلاثة]: أي لأن القطع لا يثبت إلا بشهادة عدلين من الذكور.

قوله: [كأن رد المتهم اليمين]: تشبيه في الفروع الثلاثة قبله.

قوله: [ولا قطع أيضاً]: هذا فرع خامس.

قوله: [فالغرم للمال يلزم السيد]: أي ولا قطع للعبد وهو فرع سادس.

قوله: [أي القطع بدون غرم]: أي للعبد.

وقوله: [لأن إقراره لا يفيد]: تعليل لعدم الغرم.

قوله: [فيرده بعينه إن بقي]: أي إجماعاً وليس للسارق أن يتمسك به ويدفع له غيره.

قوله: [أو قيمة المقوم]: مثله المثلي المجهول القدر أو المعدوم المثل.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

ليست في ط المعارف.

[2]

في ط المعارف: (ولا).

ص: 434