الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فيمضي إن لم يعلم) الزوج (به حتى بانت) منه (أو مات أحدهما كعبد) تبرع بعتق أو غيره ولم يعلم سيده (حتى عتق) العبد فيمضي تبرعه إذا لم يستثن سيده ماله حين العتق.
(ومدين) تبرع بشيء أو باع شيئاً ولم يعلم غريمه الذي أحاط دينه بذلك (ثم وفى) دينه الذي لغريمه، فتبرعه ماض وليس للغريم ولا لغيره بعد وفاء الدين كلام.
(وله): أي للزوج (رد الجميع): أي جميع ما تبرعت به (إن تبرعت) زوجته (بزائد) على الثلث، لا إن تبرعت بالثلث فدون: أي وله رد ما زاد فقط أو بعضه وله إمضاء الجميع وهذا في غير عتق عبد يزيد على الثلث فليس له إلا رد الجميع أو إمضاؤه دون بعضه، إذ لو جاز له رد البعض لقوم عليها الباقي ويعتق عليها؛ فرده البعض يؤدي إلى عدمه، وأما الوارث فليس له إلا رد ما زاد أو بعضه لا الجميع ولا رد شيء من الثلث. (و) إذا تبرعت بالثلث ولزم (ليس لها تبرع بعد) ذلك (الثلث، إلا أن يبعد) الزمن بعد التبرع به (كنصف سنة) فأكثر، فلها التبرع من الثلثين الباقيين؛ كأن البعد صيره مالاً برأسه لم يتقدم فيه تبرع. (وإلا) يبعد فليس لها وحينئذ (فله الرد) إن تبرعت، والله أعلم.
(باب)
في أحكام الصلح وأقسامه
قال ابن عرفة: الصلح انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف وقوعه اهـ وهو على ثلاثة أقسام: بيع، وإجارة وهبة. لأن المصالح به إن كان ذاتاً فبيع، وإن كان منفعة فإجارة، وإن كان ببعض المدعى به فهبة. وهذه الأقسام الثلاثة تجري في الصلح عن إقرار وعلى الإقرار وعلى السكوت. وإلى ذلك أشار بقوله:(الصلح جائز عن إقرار وإنكار وسكوت؛ إن لم يؤد إلى حرام): فإن أدى إليه حرم روى الترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً» . (وهو): أي الصلح - (على غير المدعى به - بيع) للمدعى به (إن لم يكن) الصلح بمعنى المصالح به (منفعة): فيشترط فيه شروط البيع وانتفاء موانعه؛ من كونه طاهراً معلوماً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه ليس طعام معاوضة إلى غير ذلك مما تقدم؛ كما لو ادعى عليه بعرض أو حيوان أو بدنانير أو دراهم فأقر المدعى عليه أو أنكر أو سكت ثم صالح بشيء مخالف للمدعى به نقداً، فيشترط في المأخوذ ما تقدم، وأن لا يلزم فسخ الدين في الدين
ــ
والسيد فافهم.
قوله: [فيمضي إن لم يعلم الزوج] إلخ: قصد بهذه العبارة بيان حكم تبرع الزوجة بزائد الثلث وتبرع العبد مطلقاً وتبرع المدين ولم يحصل في الجميع رد ولا إجازة، فهذا غير ما أفاده ابن غازي في النظم، لأن ذاك فيما إذا حصل رد بالفعل وأما ما هنا ففيما إذا لم يحصل رد ولا عدمه كما علمت.
قوله: [كعبد تبرع] إلخ: تشبيه في المعنى لا بقيد كونه ثلثاً أو غيره.
قوله: [يؤدي إلى عدمه]: أي وما أدى ثبوته إلى رفعه انتفى لأن فيه الدور الحكمي وهو باطل.
قوله: [وأما الوارث فليس له إلا رد ما زاد] إلخ: الفرق بين المرأة والمريض أن المرأة قادرة على إنشاء ما أبطله الزوج بعد مدة بخلاف المريض.
خاتمة: علامات البلوغ خمس: ثلاث مشتركة واثنتان مختصتان بالأنثى. فالمشتركة: نبات العانة، أو بلوغ السن ثماني عشرة سنة، وإن في حق الله تعالى كالصوم على الأرجح. وصدق في إثباته وعدمه إن لم يرتب في شأنه، والحلم أي الإنزال مطلقاً في نوم أو يقظة والمختصان بالأنثى: الحيض والحمل.
باب في أحكام الصلح؛ أي: مسائله
لما أنهى الكلام على ما أراد من أسباب الحجر شرع في الكلام على شيء من مسائل الصلح، لأنه قطع المنازعة؛ فهو نوع من أنواع البيع. وهو من حيث ذاته مندوب.
قوله: [وأقسامه]: أي الثلاثة الآتية.
قوله: [قال ابن عرفة الصلح] إلخ: تعقبه (ر) بقوله: لا نسلم أن الصلح هو الانتقال بل هو المعاوضة والانتقال معلول له كالانتقال في البيع فإنه معلول له ومفرع عليه. ويدخل في قوله: "انتقال عن حق الصلح عن الإقرار" وقوله: " أو دعوى " يدخل فيه صلح الإنكار وقوله: " بعوض " متعلق بانتقال يخرج به الانتقال بغير عوض، فلا يقال له صلح وقوله:" لرفع نزاع أو خوف وقوعه " راجع لكل من الطرفين اللذين هما قوله انتقال عن حق أو دعوى المشار لهما بصلح الإقرار والإنكار فإن قلت: السكوت إذا وقع الصلح فيه خارج من التعريف. قلت: قالوا حكمه حكم الإقرار - تأمل.
قوله: [وهو]: أي الصلح من حيث هو.
قوله: [عن إقرار]: المناسب على إقرار.
وقوله: [وعلى الإقرار]: الصواب: وعلى الإنكار. أما جريانها في الإقرار فظاهر، وأما في الإنكار فبالنظر للمدعى به والمصالح به وأما في السكوت فلأنه راجع لأحدهما أي الإقرار والإنكار؛ لأن المدعى عليه في الواقع إما مقر أو منكر، وإن كان يعامل على المعتمد معاملة المقر.
قوله: «حرم حلالاً أو أحل حراماً» : مثال الأول: كما لو شرط عليه في عقد الصلح أن يعطيه جارية مثلاً ولا يطؤها أو لا يبيعها، ومثال الثاني: ما لو طالبه بدين له شرعاً فاصطلح معه على صرف مؤخر أو على ما فيه فسخ دين في دين أو على بيع طعام قبل قبضه. فالمراد بتحليل الحرام انتهاك حرمته وإجراؤه مجرى الحلال، هذا هو الذي يظهر.
قوله: [بيع]: أي لذات المدعى به إن كان المعوض عنه ذاتاً سواء كان المدعى به معيناً أم لا.
قوله: [فيشترط في المأخوذ ما تقدم]: أي الذي هو شروط البيع.
قوله: [وألا يلزم فسخ الدين في الدين]:
أو الصرف المؤخر، ولا بيع الطعام قبل قبضه، وأن يسلم من الشرط المناقض؛ كشرط أن لا يلبسه أو لا يركبه أو لا يسكن فيه ونحو ذلك.
(وإلا) - بأن كان المصالح به منفعة - (فإجارة) للمصالح به، وهو القسم الثاني فيشترط فيها شروطها، فإن كان المدعى به معيناً - كهذا العبد - جاز الصلح عنه في الأحوال الثلاثة بمنافع معينة أو مضمونة لعدم فسخ الدين في الدين، وإن كان غير معين بل مضموناً في الذمة كدينار أو ثوب موصف ولم يجز الصلح عنه بمنافع معينة ولا مضمونة لما فيه من فسخ الدين في الدين.
(و) الصلح (على بعضه): أي بعض المدعى به (هبة) للبعض المتروك (وإبراء) من المدعي من ذلك البعض؛ وهذا هو القسم الثالث في الأحوال الثلاثة.
إذا علمت ذلك:
(فيجوز) الصلح (عن دين بما): أي بشيء (يباع به) ذلك الدين: أي بما يصح بيعه به؛ كدعواه عرضاً أو حيواناً أو طعاماً من قرض فصالحه بدنانير أو دراهم أو هما، أو بعرض أو طعام مخالف للمصالح عنه نقداً لا مؤجلاً ولا بمنافع، كسكنى دار أو ركوب دابة لفسخ الدين في الدين فقوله:"عن دين": أي مطلقاً؛ عيناً كان الدين أو غيره والمصالح به كذلك، إلا أنه لا بد أن يكون مخالفاً للمصالح عنه حتى يسمى صلحاً.
(و) جاز الصلح (عن ذهب بورق وعكسه إن حلا): أي المصالح عنه وبه (وعجل) المصالح به، وإلا لزم الصرف المؤخر.
(و) جاز الصلح (عن عرض) معين ادعاه على صاحبه فأقر أو أنكر (أو) عن (طعام غير المعاوضة) كذلك: أي معين أو عن مثلي ولو مؤجلاً؛ وكأنه أطلق العرض على ما يشمل المثليات غير الطعام، كالقطن والحديد ونحوهما مما يوزن أو يكال (بعين) ذهب أو فضة أو هما. (أو عرض) مخالف لما صولح عنه كأن يصالح عن عبد بثوب أو بحمار وعكسه ولو مؤجلاً (أو طعام مخالف) للطعام الذي صولح عنه؛ كأن يصالح عن إردب قمح بفول، وأما المماثل فهو ذو وفاء للدين (نقداً): أي حالاً، وإنما حمل هذا على المعين - كأن يدعي عليه بهذا العبد أو الثوب أو هذا الطعام بعينه - لئلا يتكرر مع قوله:"فيجوز عن دين بما يباع به". وقوله: "نقداً"، خاص بقوله:"أو طعام مخالف "لئلا يلزم النسيئة في الطعام.
ــ
أي كما لو صالحه على الذات التي يدعيها بسكنى دار أو خدمة عبد مثلاً.
قوله: [أو الصرف المؤخر]: أي كما لو صالحه عما يدعيه عليه من الدنانير التي في ذمته بفضة مؤجلة.
قوله: [ولا بيع الطعام قبل قبضه]: أي كما لو دفع له في نظير طعام من سلم شيئاً يخالف الطعام، وهذا عين قوله: وليس طعام معاوضة، فلا حاجة لذكره.
قوله: [فيشترط فيها]: أي في المنفعة.
قوله: [بمنافع معينة]: أي بمنافع ذات معينة.
قوله: [ولا مضمونة]: أي الذات المستوفى منها مضمونة.
قوله: [لما فيه من فسخ الدين في الدين]: أي لأن الذمة وإن لم تقبل المعين - فإنها تقبل منافعه، وقبض الأوائل ليس قبضاً للأواخر كما هو قول ابن القاسم.
قوله: [وإبراء من المدعي]: أشار بذلك إلى أنه ليس المراد بالهبة حقيقتها حتى يحتاج فيها للقبول من المدعى عليه قبل موت الواهب الذي هو المدعي بل المراد بها الإبراء وحينئذ، فلا يشترط قبول ولا تجدد حيازة على المعتمد. فإذا أبرأت زيداً مما عليه صح وإن لم يقبل، خلافاً لما في الخرشي من أن الإبراء يحتاج لقبول وإن لم يحتج لحيازة والهبة تحتاج لهما معاً اهـ من تقرير شيخ مشايخنا العدوي.
قوله: [في الأحوال الثلاثة]: أي يجري في الأحوال الثلاثة التي هي الإقرار والإنكار والسكوت كالقسمين قبله.
قوله: [أي بما يصح بيعه به]: مراده بالبيع: المعاوضة، وإنما تصح المعاوضة عن الدين إذا انتفت أوجه الفساد من فسخ الدين في الدين والنساء وبيع الطعام قبل قبضه والصرف المؤخر وضع وتعجل وعرف المدعي قدر ما يصالح عنه، فإن كان مجهولاً لم يجز. وهذا شرط في كل صلح كان بيعاً أو إجارة، ولذا اشترط في المدونة في صلح الزوجة عن إرثها معرفتها لجميع التركة لكن إذا أمكن معرفة ذلك فإن تعذر جاز على معنى التحلل إذ هو غاية المقدور كما نقله (ح) عن أبي الحسن - كذا في حاشية الأصل.
قوله: [لفسخ الدين في الدين]: راجع لقوله: "لا مؤجلاً" إلخ.
قوله: [إن حلا] إلخ: مفهوم كلام المصنف عدم اشتراط الحلول والتعجيل في صلحه عن ذهب بمثله وعن ورق بمثله كصلحه عن مائة بخمسين، وإنما يشترط كون الصلح عن إقرار أو سكوت وإلا كان فيه سلف جر منفعة من حيث إن من أجل ما عجل عد مسلفاً وانتفع المدعي بإسقاط اليمين عنه على تقدير لو ردت عليه من المدعى عليه.
قوله: [وعجل المصالح به]: لم يشترط تعجيل المصالح عنه لأنه تحصيل الحاصل.
قوله: [فأقر أو أنكر]: أي أو سكت.
قوله: [أو عن مثلي]: معطوف على قوله: " أو عن طعام غير المعاوضة " ولا بد من قيد التعيين فيه.
قوله: [على ما يشمل المثليات]: أي من كل ما يجوز بيعه قبل قبضه.
قوله: [بعين]: متعلق بقوله: عن عرض أو طعام غير المعاوضة أو عن مثلي فيجوز الصلح عن الجميع بعين حالاً أو مؤجلاً لأن غاية ما فيه بيع معين بثمن لأجل.
قوله: [أو عرض]: معطوف على عين، أي: فحكم العرض المخالف حكم العين.
قوله: [ولو مؤجلاً]: قد علمت أنه راجع للعرض والعين معاً.
قوله: [أو طعام مخالف]: معطوف
وأما غير الطعام بطعام فيجوز نقداً أو مؤجلاً إذ لا محذور في ذلك، واحترز بقوله:"غير المعاوضة" من طعام المعاوضة؛ فلا يجوز الصلح عنه بحال لما فيه من بيع الطعام قبل قبضه. وشبه في الجواز مسألة: "وعلى بعضه هبة وإبراء" بقوله: (كمائة دينار): أي كما يجوز الصلح بمائة دينار (ودرهم) مثلاً (عن مائتيهما): أي عن مائة دينار ومائة درهم، لأن المدعي ترك من حقه تسعة وتسعين درهماً، وسواء عجل المصالح به أو أجل إن كان عن إقرار. فإن كان عن إنكار جاز إن عجل لا إن أجل إذ لا يجوز على ظاهر الحكم كما يأتي.
(و) جاز الصلح بشيء (على الافتداء من يمين) توجهت على المدعى عليه المنكر، ولو علم براءة نفسه.
(لا) يجوز الصلح (بثمانية نقداً عن عشرة مؤجلة) لما فيه من: ضع وتعجل (و) لا (عكسه) لما فيه من: حط الضمان وأزيدك (ولا بدراهم عن دنانير مؤجلة و) لا (عكسه).
وذكر علة المنع في المسائل الأربع على سبيل اللف والنشر المرتب بقوله: (لضع وتعجل) في الأولى (وحط الضمان وأزيدك) في عكسها. ويجوز رفع [1]"أزيدك [2] " بتقدير المبتدأ أي وأنا، ونصبه بأن مضمرة بعد واو المعية (والصرف المؤخر) في الأخيرتين.
(ولا) يجوز الصلح (على تأخير ما أنكر) المدعى عليه؛ كأن يدعي عليه بعشرة حالة، فأنكرها المدعى عليه ثم صالحه على أن يؤخره بها أو ببعضها إلى شهر مثلاً؛ فإنه لا يجوز على ظاهر الحكم لما فيه من سلف بمنفعة؛ فالسلف التأخير والمنفعة سقوط اليمين المنقلبة على المدعي من المدعى عليه المنكر على تقدير ردها أو سقوط الحق من أصله إن حلف. وهذا هو قول الإمام وإليه أشار بقوله:(على الأرجح) ويقابله قول ابن القاسم وأصبغ بالجواز.
(ولا) يجوز الصلح (بمجهول) جنساً أو قدراً أو صفة، لأنه بيع وإجارة أو إبراء فلا بد من تعين ما صالح به.
ــ
على عرض أي: فيجوز الصلح بطعام مخالف لكن بشرط النقدية كما أفاده المصنف.
قوله: [وأما غير الطعام بطعام]: أي وأما الصلح على غير الطعام كثوب وحيوان بطعام إلخ.
قوله: [مسألة وعلى بعضه] إلخ: أي مثال مسألة إلخ.
قوله: [على ظاهر الحكم]: أي لأن الصلح على ذلك الوجه يؤدي لسلف من المدعي جر له نفعاً ووجه ذلك أن المائة دينار والدرهم المأخوذين صلحاً مؤجلان وتأجيلهما عين السلف منه؛ لأن المدعى به حال وقد انتفع هو بسقوط اليمين عنه بتقدير رد اليمين عليه إن نكل المدعى عليه.
قوله: [ولو علم براءة نفسه]: رد بذلك على ابن هشام في قوله إن علم براءة نفسه وجبت اليمين. ولا يجوز له أن يصالح لأربعة أمور: منها أن فيه إذلال نفسه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أذل نفسه أذله الله» ومنها أن فيه إضاعة المال، ومنها أن فيه إغراء للغير، ومنها أن فيه إطعام ما لا يحل ورد بأن ترك اليمين وترك الخصام عز لا إذلال وحينئذ فبذل المال فيه ليس إضاعة له لأنه لمصلحة وأما الطعام غير الحرام فلا سبيل على المظلوم فيه {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} [الشورى: 42] الآية. اهـ. قاله (بن) وجوازه فيما قبل المبالغة إنما هو باعتبار ظاهر الحال لما يأتي في قوله ولا يحل للظالم.
قوله: [لما فيه من ضع وتعجل]: هذا المثال شامل لكون الدين الذي في الذمة من عين أو غيره؛ لأن ضع وتعجل يدخل الجميع. وأما قوله: " ولا عكسه " يظهر فيما إذا كان الدين غير عين وغير طعام وعروض من قرض؛ لأن الأجل فيها من حق من هي عليه، فإن طلب دفعها في أي وقت له ذلك، وليس فيه حط ضمان عنه إنما يظهر في الطعام والعروض من قرض والعين مطلقاً علة سلف جر نفعاً فتأمل.
قوله: [وذكر علة المنع] إلخ: حيث كان المتن ذاكراً لها على طريق اللف والنشر المرتب فلا حاجة لذكر الشارح بعضها لأنه غير ضروري.
قوله: [ويجوز ارفع وأزيدك] إلخ: أي على حد انزل عندنا ونكرمك؛ لأن الفعل المضارع إذا وقع بعد واو المعية الواقعة بعد واحد من الأمور التي جمعها بعضهم بقوله:
مر وانه وادع وسل واعرض لحضهم
…
تمن وارج كذاك النفي قد كملا
فإنه يجوز رفعه بتقدير المبتدأ ونصبه بأن مضمرة بعد واو المعية.
قوله: [في الأخيرتين]: أي وهما الدراهم عن الدنانير المؤجلة والعكس.
قوله: [فإنه لا يجوز على ظاهر الحكم]: أي وأما في باطن الأمر فإن كان الصادق المنكر فالمأخوذ منه حرام وإلا فحلال.
قوله: [ويقابله قول ابن القاسم]: حاصله: أنه يشترط في الصلح على السكوت والإنكار - ويدخل فيه الافتداء من اليمين ثلاثة شروط عند الإمام - وهو المذهب: أن يجوز على دعوى كل من المدعي والمدعى عليه، وعلى ظاهر حكم الشرع بأن لا يكون هناك تهمة فساد. واعتبر ابن القاسم الشرطين الأولين فقط وأصبغ أمراً واحداً وهو ألا تتفق دعواهما على فساد. مثال المستوفي للثلاثة: أن يدعي
عليه بعشرة حالة فأنكر أو سكت ثم يصالح عنها بثمانية معجلة أو بعرض حال، ومثال ما يجوز على دعواهما ويمتنع على ظاهر الحكم: أن يدعي عليه بمائة درهم حالة فيصالحه على أن يؤخره بها إلى أشهر أو على خمسين مؤخرة شهراً، فالصلح صحيح على دعوى كل لأن المدعي أخر صاحبه أو أسقط عنه البعض وأخره لشهر والمدعى عليه افتدى من اليمين بما التزم أداءه عند الأجل، ولا يجوز على ظاهر الحكم لأنه سلف بمنفعة، فالسلف التأخير
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (ارفع).
[2]
في ط المعارف: (وأزيدك).
وهذا داخل فيما تضمنه قوله: " بيع " إلخ وقد علمت مما ذكرنا أن موانع الصلح سبعة، جمعتها في قولي:
موانع الصلح جهل حط ضع ونسا
…
تأخير صرف وتسليف بمنفعة
بيع الطعام بلا قبض فجملتها
…
سبع عليك بها تحظى بمعرفة
(ولا يحل) الصلح (للظالم) في الواقع. وقولنا: " الصلح جائز " إنما هو بالنسبة لظاهر الحال فالمنكر إن كان صادقاً في إنكاره، فما أخذ منه حرام، وإلا فحلال، وفرع على قوله:" ولا يحل للظالم " قوله: (فلو أقر) الظالم منهما (بعده): أي بعد الصلح فللمظلوم نقضه لأنه كالمغلوب عليه (أو شهدت له): أي للمظلوم منهما (بينة لم يعلمها) حال الصلح - وإن كانت حاضرة بالبلد - فله نقضه، إن حلف أنه لم يعلم بها، وإلا فلا وأولى إن أقر أو شهد عليه بعلمه بها (أو) يعلمها ولكن (بعدت جداً) - لا إن كانت قريبة أو بعيدة لا جداً - كعشرة أيام في الأمن (وأشهد) عند الصلح (أنه) إذا حضرت بينته البعيدة (يقوم بها)، فله القيام بها إذا حضرت إذا أعلن ذلك عند الحاكم بل (ولو لم يعلن، أو) صالح و (وجد وثيقة بعده): أي بعد الصلح فيها قدر الدين الذي أنكره المدعى عليه (أو) كان المدعى عليه (يقر) بالحق الذي عليه (سراً فقط) وينكر بين الناس في الظاهر (فأشهد) بينة (على ذلك): أي على أنه يقر سراً وينكر علانية، فلعله إذا صالحته يقر بعده في العلانية: فاشهدوا لي على أني لا أرضى أن أقر بذلك الصلح (ثم صالح) فأقر علانية (فله نقضه) راجع للجميع كما تقدمت الإشارة إليه. وتسمى هذه البينة بينة الاسترعاء، ولا بد من تقديمها على الصلح وإقرار المنكر بعده كما أشرنا له في التقرير.
ثم ذكر مسألتين لا ينقض الصلح فيهما بقوله: (لا) ينقض الصلح (إن علم) المدعي (ببينته) الشاهدة له بحقه وصالح المدعى عليه المنكر (ولم يشهد) حال صلحه أنه يقوم بها إذا حضرت
إذا كانت بعيدة جداً. وأما القريبة أو البعيدة متوسطاً فليس له نقضه أشهد أو لم يشهد
ــ
والمنفعة سقوط اليمين المنقلبة على المدعي عند الإنكار بتقدير نكول المدعى عليه أو حلفه فيسقط جميع الحق المدعى به، فهذا ممنوع عند الإمام جائز عند ابن القاسم وأصبغ. ومثال ما يمتنع على دعواهما: أن يدعي عليه بدراهم وطعام من بيع، فيعترف بالطعام وينكر الدراهم ويصالحه. على طعام مؤجل أكثر من طعامه أو يعترف بالدراهم ويصالحه بدنانير مؤجلة أو بدراهم أكثر من دراهمه، حكى ابن رشد الاتفاق على فساده ويفسخ لما فيه من السلف بزيادة والصرف المؤخر. ومثال ما يمتنع على دعوى المدعي وحده: أن يدعي عليه بعشرة دنانير فينكرها ثم يصالحه على مائة درهم إلى أجل، فهذا ممتنع على دعوى المدعي وحده للصرف المؤخر، ويجوز على إنكار المدعى عليه لأنه إنما صالحه على الافتداء من اليمين الواجبة عليه، وهو ممتنع عند مالك وابن القاسم وأجازه أصبغ إذ لم تتفق دعواهما على فساد. ومثال ما يمنع على دعوى المدعى عليه وحده: أن يدعي بعشرة أرادب قمحاً من قرض، وقال الآخر: إنما لك علي خمسة من سلم وأراد أن يصالحه على دراهم من ونحوها معجلة، فهذا جائز على دعوى المدعي، لأن طعام القرض يجوز بيعه قبل قبضه ويمتنع على دعوى المدعى عليه لعدم جواز بيع طعام السلم قبل قبضه، فهذا ممتنع عند مالك وابن القاسم. اهـ. من الأصل بحروفه.
ولكن الحق أن الشروط الثلاثة إنما هي معتبرة في الصلح على الإنكار فقط وأما على السكوت فالشرط فيه جوازه على دعوى المدعي كما رجحه في الـ "مج" وفي حاشية الأصل.
قوله: [وهذا داخل فيما تضمنه قوله بيع]: أي في قوله: وهو على غير المدعى به بيع.
قوله: [جمعتها في قولي موانع الصلح] إلخ: هذان البيتان من البسيط.
قوله: [جهل]: أي بالمصالح به أو بالمصالح عليه.
قوله: [حط]: أي حط الضمان وأزيدك.
وقوله: [ضع]: أي وتعجل.
قوله: [ونسا] أي ربا نساء.
وقوله: [تأخير صرف]: أي صرف مؤخر.
قوله: [وتسليف بمنفعة]: أي سلف جر نفعاً.
قوله: [بيع الطعام بلا قبض]: أي بيع طعام المعاوضة قبل قبضه.
قوله: [تحظى بمعرفه]: أي تظفر بمعرفة تلك الموانع.
قوله: [ولا يحل الصلح]: أي بمعنى المصالح به سواء كان مأخوذاً أو متروكاً. وظاهر أن الصلح لا يحل للظالم، ولو حكم له حاكم يرى حله للظالم، وهو الموافق لقول خليل في القضاء:"ورفع الخلاف لا أحل حراماً".
قوله: [فلو أقر الظالم منهما]: أي بالحق. وحاصله: أن الظالم إذا أقر ببطلان دعواه الصلح - كما إذا أقر المدعى عليه أن ما ادعى عليه به حق أو أقر المدعي ببطلان دعواه - كان للمظلوم وهو المدعي في الأولى والمدعى عليه في الثانية نقض ذلك الصلح.
قوله: [أو شهدت له] إلخ: هذا مقيد بأن يقوم له على الحق شاهدان؛ فإن قام له شاهد واحد وأراد أن يحلف معه لم يقض له بذلك، قاله الأخوان وابن عبد الحكم وأصبغ ونقله ابن ناجي في شرح الرسالة. اهـ (بن).
قوله: [أو صالح ووجد وثيقة بعده]: أي فحكم الوثيقة حكم البينة التي له القيام بها. والفرض أن الوثيقة إما بخط المدعى عليه أو فيها ختم قاض ثقة وإن ماتت شهودها أو توقفت شهادة الشهود عليها.
قوله: [ولا بد من تقديمها على الصلح]: أي لقول ابن عرفة: وشرط الاسترعاء تقدمه فيجب ضبط وقته. وشرطه أيضاً إنكار المطلوب ورجوعه بعد الصلح إلى الإقرار وإلا لم يفد - كذا في الأصل. ومحل
لأنه لما علمها وتركها ولم يشهد في البعد كان مسقطاً لبعض حقه. (أو قال) المدعي: (عندي وثيقة) بالحق (فقيل): أي قال (له) المدعى عليه: (ائت بها) وخذ حقك الذي فيها (فادعى ضياعها) منه (وصالح) فلا ينقض الصلح بعد ذلك إذا وجدها؛ لأن المدعى عليه هنا ليس بمنكر وإنما طلب الوثيقة ليمحها أو ليكتب عليها وفاء الحق فصالحه على إسقاط حقه، فلا قيام له بعد ذلك، بخلاف الأولى فإنه منكر للحق من أصله والمدعي إنما صالح لعدم وجود صكه.
(و) جاز صلح بعض الورثة (عن إرث) يخصه (كزوجة) مات زوجها فاستحقت الربع أو الثمن (من عرض وورق وذهب) فصالحت الابن مثلاً (بذهب) فقط أو ورق فقط أو عرض بشرط حضور ما صالحت منه كما في المدونة (قدر مورثها) بوزن مجلس (منه): أي من الذهب أو من الورق؛ كصلحها بعشرة دنانير والذهب ثمانون عند الفرع الوارث أو أربعون عند عدمه والذهب حاضر؛ فإن حضر بعضه والبعض غائب لم يجز (فأقل) مما يخصها لجواز ترك بعض الحق (أو أزيد بدينار) فقط (مطلقاً) قلت الدراهم أو العروض أو كثرت لاجتماع الصرف والبيع في دينار فقط وهو جائز؛ وذلك لأنها لو صالحت بأحد عشر فيما ذكر فعشرة منها في نظير ما يخصها من الذهب والحادي عشر في نظير ما يخصها من الدراهم والعروض فقد اجتمع الصرف والبيع في دينار (أو أكثر) من دينار (إن قلت الدراهم أو) قلت (العروض) باعتبار قيمتها (التي تخصها) راجع لكل (عن صرف دينار) وأولى إن قلا معاً. فإن كثرا معاً منع، لأنه يؤدي إلى اجتماع بيع صرف في أكثر من دينار. وأما صلحهما بالعروض فيجوز مطلقاً كان قدر ما يخصها منه أو أقل أو أكثر.
(لا) يجوز الصلح (من غيرها): أي التركة كأن يصالحها الوارث بمال من عنده (مطلقاً) كان المصالح به ذهباً أو فضة أو عرضاً قل أو كثر كانت التركة حاضرة أو غائبة، (إلا) أن يصالح (بعروض) من غيرها بشروط (إن عرف جميعها): أي التركة لهما معاً - ليكون الصلح على معلوم - (وحضر) الجميع حقيقة في العين ولو حكماً في العرض
ــ
توقف الرجوع في الصلح على بينة الاسترعاء المذكورة: إن وقع من المدعي إبراء عام - كما في المجموع والخرشي، وإلا فإقرار المدعى عليه بالحق يوجب نقض الصلح وإن لم تكن هناك بينة استرعاء وهي أول المسائل.
قوله: [لأنه لما علمها] إلخ: هذا تعليل للبعيدة وأما القريبة والمتوسطة فلتعجيله الصلح.
قوله: [لأن المدعى عليه هنا ليس بمنكر]: شروع في الفرق بين هذه وبين قوله سابقاً أو وجد وثيقة بعده.
قوله: [ليمحها]: صوابه ليمحوها بالواو والفعل منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل.
قوله: [كزوجة] إلخ: حاصله: أن الميت إذا ترك دنانير ودراهم وعروضاً وعقاراً، فإنه يجوز لابنه مثلاً أن يصالح الزوجة أو غيرها من الورثة على ما يخصها من التركة. فإن أخذت ذهباً من التركة قدر مورثها من ذهب التركة فأقل أو أخذت دراهم من التركة قدر مورثها من دراهم التركة فأقل، والحال أن باقي الذهب حاضر في الصورة الأولى وباقي الدراهم حاضر في الصورة الثانية أو كان الذهب يزيد ديناراً فقط عن حصتها قلت الدراهم والدنانير أو كثرت أو زاد عن دينار وقلت الدراهم أو قلت العروض التي تخصها بحيث يجتمع البيع والصرف في دينار، فهذا كله جائز كما أفاده الشارح.
قوله: [فصالحت الابن]: المناسب فصالحها الابن ولكن لما كانت المصالحة مفاعلة من الجانبين صح إسنادها لآخذ الصلح أو لدافعه وكذا يقال في جميع ما يأتي.
قوله: [والذهب ثمانون عند الفرع الوارث]: أي لأن لها حينئذ ثمناً وهو عشرة وقوله أو أربعون عند عدمه أي لأن لها الربع وهو عشرة.
قوله: [فإن حضر بعضه والبعض غائب لم يجز]: إنما شرطوا في النوع الذي أخذت منه الحضور لجميعه لأنه لو كان بعضه غائباً لزم النقد بشرط في الغائب. نعم إن أخذت حصتها من الحاضر فقط جاز لإسقاط الغائب اهـ (بن).
قوله: [لاجتماع الصرف والبيع في دينار]: يعلم من هذا أنه ليس المراد بقلة الدراهم أن يكون حظها منها قليلاً، بل المراد أن تأخذ في مقابلتها مع العروض ديناراً بحيث يجتمع البيع والصرف فيه.
قوله: [إن قلت الدراهم أو قلت العروض]: تحصل من كلامه أن الصور الجائزة أربع: أن تقل الدراهم التي تنوبها عن صرف الدينار، أو تقل قيمة العروض التي ينوبها عن صرفه، أو يقلا معاً، أو تأخذ عن الدراهم والعروض ديناراً فقط ولو كثرا.
قوله: [فيجوز مطلقاً]: أي بشرط حضوره كله.
قوله: [لا يجوز الصلح من غيرها]: أي لما فيه من التفاضل بين العينين؛ العين المدفوعة صلحاً والعين المصالح عنها، لأنها باعت حظها من النقدين والعرض بأحد النقدين؛ ففيه بيع ذهب وفضة وعرض بذهب أو بفضة. والقاعدة أن العرض إذا كان مصاحباً للعين أعطي حكمه.
قوله: [ليكون الصلح على معلوم]: أي لأنها بائعة لنصيبها ذلك وهو مشتر له، فلا بد من علمهما له.
قوله: [وحضر الجميع]: علة هذا الشرط السلامة من النقد في الغائب بشرط، وفيه أنه لا شرط، هنا فكأنهم جعلوا عقد الصلح على التعجيل
بأن كان قريب الغيبة بحيث يجوز النقد فيه بشرط فيكون في حكم الحاضر (وأقر المدين) بالدين الذي عليه للميت -إن كان مدين- (وحضر) عقد الصلح وكان ممن تأخذه الأحكام ولا بد من بقية شروط جواز بيع الدين.
(وإلا) الصلح (عن دراهم وعرض تركا بذهب عنده) لا من التركة كما هو الموضوع، فلو حذفه ما ضر، فيجوز. (كبيع وصرف): أي كجواز بيع وصرف، فإن كان ما يخصها من الدراهم قليلاً - أقل من صرف دينار - جاز، وإلا فلا. وكذا إن صالحت عن ذهب وعرض بورق.
(و) جاز الصلح (عن) دم (العمد) نفساً أو جرحاً (بما قل) من المال (وكثر) لأن العمد لا دية له أصالة (ولذي دين) محيط على الجاني (منعه) أي منع الجاني (منه) أي من الصلح بمال، لما فيه من إتلاف ماله الذي يستحقه رب الدين في دينه.
(وإن صالح أحد وليين) فأكثر -من قتل أباهما مثلاً– بقدر الدية أو أقل أو أكثر (فللآخر الدخول معه) فيما صالح به جبراً، فيأخذ ما ينوبه ولو صالح بقليل (وسقط القتل) عن القاتل. وله عدم الدخول معه فله نصيبه من دية عمد ولا دخول للمصالح معه، وله العفو مجاناً فلا شيء له مع المصالح. (كدعواه) - تشبيه في سقوط القتل - أي: كدعوى أحد الوليين (الصلح فأنكر) الجاني، فإنه يسقط القتل وكذا المال الذي سماه الولي إن حلف الجاني. فإن نكل حلف الولي وأخذ المال وإن صالح (وارث)
ــ
شرطاً في المعين.
قوله: [بأن كان قريب الغيبة]: أي كيومين مع الأمن في غير العقار، وأما هو فلا يضر شرط النقد فيه ما لم يبعد جداً.
قوله: [ولا بد من بقية شروط جواز بيع الدين]: حاصل الشروط أنه لا يجوز بيع الدين إلا إذا كان الثمن نقداً وكان المدين حاضراً في البلد، وإن لم يحضر مجلس البيع، خلافاً للشارح في قوله: وحضر عقد الصلح وأقر بالدين وكانت تأخذه الأحكام وبيع بغير جنسه أو بجنسه وكان مساوياً لا أنقص، وإلا كان سلفاً بزيادة ولا أزيد وإلا كان فيه حط الضمان وأزيدك، وليس عيناً بعين وليس بين المشتري والمدين عداوة، وألا يكون يمنع بيعه قبل قبضه كطعام المعاوضة؛ فالشروط ثمانية قد علمتها.
قوله: [وإلا الصلح عن دراهم وعرض] إلخ: يعني أن التركة، إذا لم يكن فيها إلا دراهم وعروض وصولحت الزوجة عما يخصها بذهب من غير التركة فذلك جائز كجواز اجتماع البيع والصرف. وكذلك الحكم إذا لم يكن في التركة دراهم بل ذهباً وعروضاً وصالحها بدراهم.
قوله: [وجاز الصلح عن دم العمد]: ظاهره جواز الصلح عليه ولو قبل ثبوت الدم وهو كذلك كما في حاشية الأصل.
قوله: [لما فيه من إتلاف ماله]: أي ولم يعامله الغرماء عليه، لأنه يفدي نفسه من القتل أو القطع قصاصاً وهم لم يعاملوه على إتلاف ما لهم لصون نفسه، وليس هذا كتزوجه وإيلاد أمته؛ لأن الغرماء عاملوه على ذلك كما عاملوه على الإنفاق على زوجته وأولاده الصغار.
فرع: لو وقع الصلح على أن يرتحل القاتل من بلد الأولياء، فقال ابن القاسم: الصلح منتقض ولصاحب الدم أن يقوم بالقصاص ولو ارتحل الجاني، وقال المغيرة: يجوز ويحكم على القاتل ألا يساكنهم أبدا كما شرطوه، وهذا هو المشهور المعمول به واستحسنه سحنون. وعليه فإن لم يرتحل القاتل أو عاد وكان الدم ثابتاً كان لهم القود في العمد والدية في الخطأ - وإن لم يكن ثبت - كان لورثة المقتول العود للخصام ولا يكون الصلح قاطعاً لخصامهم.
قوله: [فللآخر الدخول معه]: وحيث رضي بالدخول معه فلا يرجع واحد منهما على الجاني بشيء وسواء صالح عن نصيبه فقط أو عن جميع الدم.
قوله: [وسقط القتل عن القاتل]: أي بمجرد صلح الأول يسقط القصاص.
قوله: [ولا دخول للمصالح معه]: أي لو أخذ الثاني نصيبه من دية عمد فلا دخول للأول معه لرضاه بالصلح.
قوله: [وله العفو مجاناً]: أي للثاني العفو مجاناً وليس له القصاص لما علمت أنه سقط بصلح الأول قال خليل: "وسقط إن عفا رجل كالباقي". والحاصل: أن الآخر يخير أولاً في العفو وعدمه، فإن عفا فلا دخول له مع المصالح ولا شيء له أصلاً، وإن لم يعف فيخير إما أن يدخل مع المصالح فيما صالح به ولا رجوع لواحد منهما على الجاني على المعتمد، أو لا يدخل وله نصيبه من دية عمد أو يصالحه بأقل أو أكثر.
قوله: [وكذا المال الذي سماه الولي] إلخ: إنما سقط القتل والمال لأن دعواه أثبتت أمرين: إقراره على نفسه بأنه لا يقتص منه، وأنه يستحق مالاً على الجاني. فيؤخذ بما أقر به على نفسه ولم يعمل بدعواه على الجاني. وأما غيره من الأولياء إذا لم يوافقه على دعوى الصلح فلهم نصيبهم من دية عمد أو الصلح بما قل أو كثر، ولا سبيل إلى القتل بحال لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
قوله: [وإن صالح وارث] إلخ: حاصله: أن أحد الوارثين - سواء كانا ولدين أو أخوين أو عمين أو غير ذلك - إذا ادعى بمال على شخص مخالط لمورثه في تجارة أو وديعة فأقر بذلك أو أنكر وصالحه عليه فإن للوارث الآخر أن يدخل