الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب)
ذكر فيه حد الزنا
وأحكامه
وهو بالقصر لغة أهل الحجاز قال تعالى: {ولا تقربوا الزنا} [الإسراء: 32]. وبالمد لغة نجد ولذا حد بعض القضاة من قال لشخص يا ابن المقصور والممدود لأنه تعريض بالزنا الذي يقصر ويمد قاله شيخنا الأمير. (الزنا) الذي فيه الحد الآتي (إيلاج): أي تغييب (مسلم) لا كافر، فليس زنا شرعاً يترتب عليه الحد. (مكلف) حراً أو عبداً يحترز عن المجنون والصبي. (حشفة) أو قدرها ولو بغير انتشار أو مع حائل خفيف لا يمنع اللذة. (في فرج آدمي) خرج الإيلاج في غير الآدمي كحيوان بهيمي والجني إن تصور بصورة غير آدمي أو كان على جهة التخيل لا التحقق. (مطيق): للوطء عادة لواطئها فيحد الواطئ وإن كان المطيق غير مكلف (عمداً): خرج الناسي طلاقها والجاهل. (بلا شبهة): خرج وطء أمة الشركة والقراض إلى آخر ما يأتي.
(وإن) كان الفرج المولج فيه (دبراً) لذكر أو أنثى حياً (أو ميتاً): فإن تغييب الحشفة في دبر الذكر يسمى زنا شرعاً؛ مملوكاً أو غيره، ولا شبهة للسيد فيه من جهة الإيلاج ففيه الحد الآتي، حال كان المغيب في دبره أو بعد موته.
(غير زوج): ويأتي محترزه.
(أو مستأجرة): مطلقاً فيحد، إلا من السيد للوطء.
(أو مملوكة تعتق عليه): بالملك، كبنته فإنه إذا اشتراها مثلاً ووطئها فيحد إن علم بالتحريم. (أو مرهونة): أي بدون إذن الراهن وإلا فلا حد. (أو ذات مغنم): قبل القسم ولو حيزت. (أو حربية): في بلاد الحرب. أو دخلت بأمان، لا إن خرج بها لأنه ملكها بخروجه بها أو دخلت بدون أمان فحازها.
(أو مبتوتة) له (وإن) غيب الحشفة (بعدة) بنكاح فأولى بدونه وبعد العدة كان البت في مرة أو مرات على الراجح.
(أو خامسة): علم بتحريمها
ــ
باب ذكر فيه حد الزنا
قوله: [وهو بالقصر لغة أهل الحجاز]: أي وعليه فيكتب بالياء لوقوع الألف ثالثة.
قوله: [وبالمد لغة نجد]: أي وهم تميم وعليه فيكتب بالألف قال الخرشي نقلاً عن التنبيهات: الزنا يمد ويقصر فمن مده ذهب إلى أنه فعل من اثنين كالمقاتلة والمضاربة، ومن قصره جعله اسم الشيء نفسه انتهى وهو محرم كتاباً وسنة وإجماعاً وجاحد حرمته كافر.
قوله: [لا كافر]: أي وسواء وطئ كافرة أو مسلمة، وإن كانت المسلمة تحد لأنه يصدق على زناها وطء مسلم كما أنها تحد إذا مكنت مجنوناً أو أدخلت ذكر نائم بالغ في فرجها.
قوله: [فليس زنا شرعاً]: أي وإن كان حراماً وفيه العقاب.
قوله: [مكلف]: أي ولو سكران حيث أدخل السكر على نفسه وإلا فكالمجنون.
قوله: [فرج آدمي]: أي غير خنثى مشكل فلا حد على واطئه في قبل لأنه كثقبة فإن وطئ في دبره فالظاهر أنه يقدر أنثى فيكون فيه الجلد كإتيان أجنبية بدبر. ولا يقدر ذكراً ملوطاً به بحيث يكون فيه الرجم وإن كان بكراً وأما إن وطئ هو غيره بذكره فلا حد عليه للشبهة إذ ليس ذكراً محققاً إلا أن يمني من ذكره فلا إشكال.
قوله: [أو كان على جهة التخيل]: أي كان بصورة آدمي على جهة التخيل.
قوله: [والجاهل]: أي للحكم كحديث عهد بإسلام أو لذاتها.
قوله: [دبر الذكر] إلخ: لكن دبر الذكر فيه الرجم مطلقاً وإن كان الفاعل بكراً.
قوله: [ولا شبهة للسيد فيه من جهة الإيلاج]: أي وأما قوله تعالى: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} [المؤمنون: 6] فقد أجمع المسلمون على أن المراد منه النساء ولا مفهوم للإيلاج، بل التلذذ بالمملوك الذكر محرم إجماعاً.
قوله: [أو مستأجرة مطلقاً]: أي سواء كان الاستئجار من نفسها حرة أو أمة، أو من ولي الحرة للوطء أو للخدمة أو من سيد الأمة للخدمة.
قوله: [إلا من السيد للوطء]: أي نظراً لقول عطاء بجواز نكاح الأمة التي أحل سيدها وطأها للواطئ وهو صادق بما إذا كان بعوض وبدونه، وحينئذ فالمستأجرة من سيدها محللة فلا حد فيها كذا في (بن) وقال أبو حنيفة: لا حد في وطء المستأجرة للوطء، وظاهره كان المؤجر وليها أو سيدها أو نفسها لأن عقد الإجارة عنده شبهة تدرأ الحد وإن حرم عنده الإقدام على ذلك.
قوله: [تعتق عليه بالملك]: أي إلا أن يكون مجتهداً يرى أن عتق القرابة إنما يكون بالحكم لا بنفس الملك أو قلد من يرى ذلك وإلا فلا حد عليه نقله في التوضيح عن اللخمي، وانظر لم لم يدرأ عنه الحد إذا لم يكن مجتهداً ولا مقلداً لمن يرى ذلك مراعاة للقول بذلك، وقد استشكله ابن مرزوق وكذا خليل في توضيحه عن شيخه اهـ (بن).
قوله: [وإلا فلا حد]: أي مراعاة لقول عطاء.
قوله: [ولو حيزت]: أي بأن قدرنا عليهم وهزمناهم وظاهره كان الجيش كثيراً أو يسيراً ابن عبد السلام والأقرب سقوط الحد لتحقق الشركة على أصل المذهب لإرث نصيبه عنه سيما مع كثرة الغنيمة وقلة الجيش اهـ. ويترتب على ذلك ما لو أعتق نصيبه في عبد من الغنيمة هل يقوم عليه الباقي أم لا وهذا فيمن له سهم منها وإلا حد ولو قل الجيش. إن قلت ما الفرق بين حده مطلقاً في الزنا وحد السارق منها إن حيز المغنم مع أن الخلاف في ملكها هل بمجرد حصولها أو حتى تقسم جاز في الجميع؟ قلت: أجيب بأن حد السرقة إنما يكون بالإخراج من الحرز وهي قبل الحوز ليست في حرز مثلها كذا في (عب).
قوله: [بعدة بنكاح] إلخ: معناه أن البات لزوجته إذا وطئها بعد البتات متعمداً يحد سواء كان الواطئ مستنداً لعقد في العدة أو في العدة بدون
ولا التفات لمن زعم جوازها من الخوارج.
(أو محرمة صهر بنكاح): فيحد بإيلاج الحشفة فيها، ومفهوم "بنكاح" لو كانت بملك وتعتق عليه فيحد كما تقدم، وإلا فلا كما يأتي ولم يقل مؤبد كالأصل لما [1] ورد عليه أنه متى حصلت الصهارة لا تكون إلا مؤبدة مثل أن يدخل بأم ثم يعقد على البنت ويولج. (أو مطلقة) منه (قبل البناء) فأولج الحشفة فيها بدون عقد. (أو معتقة) له فأولج إلخ. (أو مكنت مملوكها): فأولج الحشفة. (بلا عقد): راجع للثلاثة، أما بعد العقد فجائز في المطلقة قبل البناء والمعتقة. وأما في المالكة فيدرأ الحد ولو كان فاسداً كما أشار إليه بقوله:(لا إن عقد) فلا حد.
(أو وطئ معتدة منه) في عدة الرجعي فلا حد بل عليه الأدب، حيث لم ينو الرجعة كفي عدة بائن منه غير مبتوتة. أما بعد العدة فعليه الحد على الراجح كفي عدة من غيره. (أو من غيره): أي معتدة [2] من غيره (وهي مملوكته) فلا حد (أو زوجته) إذا وطئها في حال عدتها من غيره، أي استبرائها فلا حد عليه.
(أو مشتركة) وطئها أحد الشريكين أو الشركاء، فلا حد للشبهة، لكنه يؤدب.
(أو محرمة) بتشديد الراء المهملة المفتوحة: أي كان تحريمها (لـ) أجل (عارض) كحائض فلا حد ويؤدب.
(أو غير مطيقة) فيؤدب. (أو حليلة): أي زوجته إذا غيب حشفته بدبرها فيؤدب.
(أو مملوكة لا تعتق): أي اشترى مثلاً من لا تعتق عليه بمجرد الشراء ووطئها؛ وهي عمته أو بنت أخيه مثلاً من نسب أو رضاع، فلا حد ويؤدب ويلحق به الولد.
(أو بنتاً بعقد) على أم لم يدخل بها، فإذا وطئ البنت بعد عقده عليها حالة عقده على أمها الغير [3] المدخول بها، فإنه يؤدب ولا يحد.
(أو) وطئ (أختاً) تزوجها (على أختها أو) وطئ (بهيمة) مأكولة اللحم أو غيرها بقبل أو دبر فلا حد. (وأدب [4]) في الجميع الذي لا حد فيه.
(كمساحقة) فعل شرار النساء بعضهن ببعض، ففيه الأدب فقط. (وأمة محللة) فإن من وطئها بإذن سيدها له في الوطء لا حد عليه ويؤدب، مراعاة لقول عطاء بجواز التحليل؛ فالمحللة من يقول سيدها لغيره: أذنت لك في وطئها أو أبحته لك إلخ. (وقومت) المحللة (عليه): أي على الواطئ بمجرد الوطء وتعتبر القيمة يوم الوطء حملت أم لا، فإن أعدم بيعت عليه إن لم تحمل وله الزيادة وعليه النقص وإن حملت فالقيمة في ذمته والولد حر لاحق به وتكون أم ولد.
ــ
عقد أو بعدها، ولو قال في حل المتن هذا إذا كان وطئها بعد العدة بل وإن كان بعدة بدون عقد بل وإن كان به لكان أولى.
قوله: [ولا التفات لمن زعم جوازها من الخوارج]: أي فإن الخوارج أجازوا تسعاً مستدلين بجمع النبي صلى الله عليه وسلم لهن وبقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} [النساء: 3] ورد عليهم بأن الزيادة على أربع من خصوصيات الأنبياء وأن الواو في الآية بمعنى أو التي للتخيير.
قوله: [أو محرمة صهر بنكاح]: أي وذلك كأم الزوجة وبنتها وزوجة الأب وزوجة الابن.
قوله: [وتعتق عليه]: أي كما إذا اشترى أم أمته وعلق عتقها على نفس الشراء.
قوله: [كما تقدم]: أي في قوله "أو مملوكة تعتق عليه" والتشبيه في مطلق الحد.
قوله: [لما ورد عليه]: أي فالقيد ضائع.
قوله: [أو مطلقة منه قبل البناء]: أي ولو طلقة واحدة لأن الطلاق قبل البناء بائن بالإجماع لا بد له من عقد.
قوله: [فأولج] إلخ: أي الحشفة فيها بدون عقد.
قوله: [كفي عدة من غيره]: أي كانت العدة من طلاق بائن أو رجعي أو من وفاة، والحال أن المعتدة غير مملوكة له بدليل ما بعده.
قوله: [أي استبرائها]: إنما قال ذلك لأن حقيقة العدة إنما تكون من طلاق زوج أو وفاته وما عداه يقال له استبراء، ولو قال إذا وطئها في حال استبرائها من غيره لكان خيراً له من هذا التعقيد.
قوله: [كحائض]: أي ومحرمة ونفساء ومعتكفة.
قوله: [أو غير مطيقة]: أي كبنت أربع سنين ولو أجنبية.
قوله: [أي زوجته]: مثلها أمته لأن الأدب مرتب على التغييب في الدبر.
قوله: [أو مملوكة لا تعتق]: المعنى أو محرم مملوكة.
قوله: [ويؤدب]: أي إن علم بالحرمة وإلا فيعذر بالجهل.
قوله. [فإنه يؤدب ولا يحد]: أي لأن العقد على الأم يحرم البنت ما دامت الأم في عصمته فهو تحريم عارض، فإذا طلق الأم قبل الدخول بها حلت له ابنتها فصار العقد شبهة تدرأ عنه الحد، ومفهوم قوله "الغير المدخول بها" أنه إن كان مدخولاً بها حد لضعف الشبهة.
قوله: [أو وطئ أختاً] إلخ: أي فالعقد على الأخت الموطوءة شبهة تدرأ عنه الحد، لأن حرمتها ما دامت الأخت الأولى في العصمة فالتحريم عارض، وسواء دخل بالأخت السابقة أو لا.
قوله: [وأدب في الجميع]: المناسب حذف أل ومحل الأدب ما لم يعذر بجهل والبهيمة الموطوءة كغيرها في الذبح والأكل.
قوله: [كمساحقة]: أي لأنه لا إيلاج فيه فلا يقال إنه زنا.
قوله: [وأمة محللة]: أي سواء كانت قناً أو فيها شائبة حرية. قال الخرشي بلغنا عن بعض البربر وبعض بلاد فرباش أنهم يحللون أزواجهم للضيفان يعتقدونه كرماً جهلاً منهم فعليهم الأدب إن جهلوا ذلك.
قوله: [أو أبحته لك إلخ]: لا معنى لقوله "إلخ" فالمناسب حذفه.
قوله: [وله الزيادة]: أي إن زاد ثمنها يوم البيع عن قيمتها يوم الوطء.
وقوله: [وعليه النقص]: أي إن نقص ثمنها يوم البيع عن قيمتها يوم الوطء.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (بما).
[2]
في ط المعارف: (متعدة).
[3]
في ط المعارف: (غير).
[4]
في ط المعارف: (أدب).
(وإن أبيا): امتنع كل من المحلل والمحلل له من التقويم فلا بد من التقويم دفعاً لإعارة الفروج. (بخلاف المكرهة) فلا تؤدب لعذرها بالإكراه أما المكره -بفتح الراء- فالمشهور يحد ويدفع الصداق للمكرهة -بفتح الراء- ثم يرجع به على المكره بكسر الراء.
(وثبت) الزنا (بإقراره) ولو مرة (إن لم يرجع): عن إقراره، فإن رجع فلا يثبت، كان رجوعه بشبهة، كقوله: وطئت زوجتي في حيضها وظننت أنه زنا، أو بدون شبهة؛ ولذا قال:(مطلقاً).
وقوله: (أو يهرب) هذا إذا كان الهروب قبل الحد بل (وإن في أثنائه) لكن المناسب قلب المبالغة؛ لأن النزاع في هروبه قبل الحد، كما قال البساطي والتتائي وابن مرزوق، لا فرق في الهروب قبل أو فيه.
(وبالبينة) العادلة أربعة رجال يرونه كالمرود في المكحلة في وقت واحد إلى آخر ما تقدم. ومتى ثبت بالبينة فلا يسقط الحد بشهادة أربع [1] رجال أو نساء ببقاء بكارتها وقيل يسقط؛ هذا هو التحقيق.
(أو بحمل): أي وثبت أيضاً بظهور حمل (غير متزوجة) بمن يلحق به الولد، بأن لا تكون متزوجة أصلاً أو متزوجة بصبي أو مجبوب أو أتت به كاملاً لدون ستة أشهر من دخول زوجها.
(و) غير (ذات سيد مقر به): أي بالوطء، بأن أنكر وطأها، فخرج ظهوره بمتزوجة بمن يلحق [2] وبذات سيد مقر بالوطء.
(ولا يقبل دعواها): أي من ظهر بها الحمل (الغصب بلا قرينة) تصدقها، بل تحد. بخلاف ما لو تعلقت بالمدعى عليه، واستغاثتها عند النازلة فلا تحد.
ثم فرع على ثبوت الزنا ترتب الحد بأنواعه فقال:
(فيرجم المحصن): وهو من وطئ مباحاً بنكاح لازم مع انتشار بلا نكرة، وهو حر مسلم مكلف، ومتى اختل شرط لا يكون محصناً فلا يرجم.
(بحجارة): متعلق بـ "يرجم"(معتدلة): بين الصغر والكبر قدر ما يطيق الرامي بدون تكلف.
ــ
قوله: [وإن أبيا]: مبالغة في التقويم أي هذا إذا رضيا بل وإن أبيا.
قوله: [فالمشهور يحد]: أي مطلقاً سواء انتشر أم لا كما في ابن عرفة والشامل وظاهر كلامه أنه يحد ولو كانت هي المكرهة له على الزنا بها وهو كذلك إلا أنه لا صداق لها عليه حينئذ، ومحل الخلاف في حده إذا أكره على الزنا بها وكانت طائعة ولا زوج لها ولا سيد وإلا حد اتفاقاً نظراً لحق الزوج والسيد وقهرها بالإكراه.
قوله: [ولو مرة]: أي خلافاً لأبي حنيفة وأحمد حيث قالا: لا يثبت الزنا بالإقرار إلا إذا أقر أربع مرات.
قوله: [أو بدون شبهة]: أي على ما لابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم خلافاً لأشهب حيث قال: لا يعذر إلا إذ رجع لشبهة. واعلم أن رجوعه عن الإقرار بالزنا إنما ينفعه في سقوط الحد لا في لزوم الصداق فلا يسقط عنه مهر المغصوبة التي أقر بوطئها ثم رجع.
قوله: [أو يهرب]: معطوف على "يرجع" مسلط عليه لم أي فمحل لزوم الإقرار إن لم يكن منه رجوع عنه بالإنكار إلخ، أو هروب إلخ. وزيادة الشارح لفظ. "وقوله" قبل المتن لا معنى لها، وسقوط الحد بالهروب إنما هو إذا كان ثبوت الزنا عليه بإقراره كما هو الموضوع، أما لو كان ثبوته ببينة أو حمل فلا يسقط عنه الحد بالهروب مطلقاً.
قوله: [لكن المناسب قلب المبالغة] إلخ: ويمكن أن يجاب ببقاء المبالغة على ظاهرها لدفع ما يتوهم أن فراره في الحد من شدة الألم لا رجوعاً منه عن الإقرار كما قرره ابن مرزوق، وفي حديث «ماعز بن مالك: لما هرب في أثناء الحد فاتبعوه فقال: ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يردوه ورجموه حتى مات، ثم أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله فقال: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه»، دليل على أن الهروب في أثناء الحد نافع، وأما قبله فشيء آخر فلذلك اختلفوا فيه.
قوله [إلى آخر ما تقدم]: أي في قول المصنف وللزنا واللواط أربعة إن اتحدا كيفية ورؤيا وأداء بأنه أولج الذكر في الفرج كالمرود في المكحلة.
قوله: [فلا يسقط الحد]: أي على مذهب المدونة.
قوله: [وقيل يسقط]: قصده بـ "قيل" النسبة لا التضعيف بدليل ما بعده
قوله: [هذا هو التحقيق]: أي لأن شهادتهم شبهة وهي طريقة اللخمي أفاده (بن) نقلاً عن التوضيح وابن عرفة.
قوله: [لدون ستة أشهر]: أي إلا ستة أيام فأكثر، وأما الخمسة الأيام فملحقة بالستة الأشهر.
قوله: [ولا يقبل دعواها] إلخ: أي ولا دعواها أن هذا الحمل من مني شربه فرجها في حمام ولا من وطء جني وأما دعواها الوطء بشبهة أو غلط وهي نائمة فتقبل لأن هذا يقع كثيراً كذا في الحاشية.
قوله: [بخلاف لو تعلقت]: "لو" مصدرية بدليل ما بعده أي بخلاف تعلقها واستغاثتها.
قوله: [فيرجم المحصن]: أي يرجمه الإمام أو نائبه وليس له أن يرجم نفسه؛ لأن من فعل موجب القتل لا يجوز له أن يقتل نفسه، بل ذلك للإمام أو نائبه والأولى أن يستر على نفسه ويخلص التوبة فيما بينه وبين الله.
قوله: [المحصن]: وشروط الإحصان عشرة أفاد الشارح منها تسعة. والعاشر أن تكون موطوءته مطيقة ولو لم تكن بالغاً وسيأتي بأنواع أخر ثلاثة. رجم لمحصن أو لائط مطلقاً، وجلد مع تغريب للبكر الحر الذكر، وجلد فقط للأنثى البكر والعبد.
قوله: [بين الصغر والكبر]: أي لا بحجارة عظام خشية التشويه ولا بحصيات صغار خشية التعذيب
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (أربعة).
[2]
زاد بعدها في ط المعارف: (به).
ومحل الرجم الظهر والبطن (حتى يموت و) يرجم (اللائط) والملوط به (مطلقاً) أحصن أم لا بشرط التكليف؛ فلا يشترط في الفاعل أن يكون مفعوله بالغاً بل مطيقاً، وشرط رجم المفعول: بلوغ فاعله فلا يرجم من مكن صبياً. (وإن عبدين وكافرين): كالحرين المسلمين ولا يسقط الحد بإسلام الكافر.
(ويجلد) المكلف (البكر): أي غير المحصن (الحر): ذكراً أو أنثى (مائة وتشطر للرق): فعليه خمسون جلدة (وإن قل) الجزء الرقيق، وكذلك المكاتب وأم الولد ومعتق لأجل ومدبر.
(أو تزوج) الرقيق وزنى حال رقه فعليه نصف ما على الحر (وتحصن): أي صار (كل) من الزوجين الرقيقين على البدلية محصناً (دون صاحبه) إذا لم يحصل له سبب الإحصان، وقوله:(بالعتق) متعلق بـ "تحصن"(والوطء بعده): أي بعد العتق فإذا عتق وزوجته مطيقة غير بالغة، أو كانت كتابية أو أمة وأصابها بعد العتق، تحصن دونها. وقد يتحصنان إذا عتقا معاً وحصل وطء بعد العتق إلى آخر شروط الإحصان المتقدمة.
(كإسلام الزوج): فإنه إذا أسلم وأصاب زوجته يتحصن ولا يصح العكس.
(وغرب) بعد الحد (الذكر) البكر (الحر فقط): دون العبد ولو رضي سيده، ودون الأنثى ولو رضيت ورضي زوجها.
(فيسجن): في البلد الذي غرب إليه (عاماً) كاملاً من يوم سجنه (كفدك) بالصرف وعدمه: قرية بينها وبين المدينة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى آله وصحبه يومان وقيل ثلاث مراحل (وخيبر): قرية أيضاً على ثلاثة أيام (من المدينة) على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام وعلى آله وأصحابه وقد ثبت أنه عليه أفضل الصلاة والسلام
ــ
بل بقدر ما يحمل الرامي بلا كلفة كما قال ابن شعبان لسرعة الإجهاز عليه.
قوله: [ومحل الرجم الظهر والبطن]: أي ويخص بالمواضع التي هي مقاتل من الظهر وغيره من السرة إلى ما فوق، ويتقي الوجه والفرج والمشهور أنه لا يحفر للمرجوم حفرة، وقيل يحفر للمرأة فقط، وقيل للمشهود عليه دون المقر؛ لأنه يترك إن هرب ويجردا على الرجل دون المرأة لأنه عورة ولا يربط المرجوم، ولا بد من حضور جماعة قيل ندباً وقيل وجوباً لقوله تعالى:{وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} [النور: 2] فإنه في مطلق الزاني، وأقل الطائفة أربعة على أظهر الأقوال قيل ليشتهر الزجر وقيل ليدعوا لهما بالرحمة والتوبة ولم يعرف مالك بداءة البينة بالرجم ثم الحاكم به ثم الناس عقبه والحديث الدال على ذلك لم يصح عند الإمام وإن تمسك به أبو حنيفة.
قوله: [فلا يرجم من مكن صبياً]: أي وإن كان هو بالغاً ويشترط في المفعول أيضاً طوعه فتحصل أنه يشترط فيهما التكليف، ويزاد في المفعول طوعه وكون الفاعل به بالغاً.
قوله: [وإن عبدين وكافرين]: قال (عب) لم يكتف بدخولهما تحت الإطلاق للرد على من يقول: إن العبد يجلد خمسين وأن [1] الكافر يرد إلى حكام ملته.
قوله: [أي غير المحصن]: أي من لم يستوف شروط الإحصان.
قوله: [وكذلك المكاتب] إلخ: أي فمتى كان في الشخص شائبة رق كان حده الجلد وتشطر.
قوله: [أو تزوج الرقيق]: في حيز المبالغة لأن تزوجه لا يصيره محصناً لفقد الحرية.
قوله: [وقد يتحصنان]: الحاصل أن الذكر المكلف الحر المسلم يتحصن بوطء زوجته المطيقة ولو صغيرة أو كافرة أو أمة أو مجنونة، والأنثى الحرة البالغة تتحصن بوطء زوجها إن كان بالغاً ولو عبداً أو مجنوناً فعلم أن شرط تحصن الذكر زيادة على الشروط المتقدمة إطاقة موطوءته وشرط تحصين الأنثى زيادة على الشروط المتقدمة بلوغ واطئها فقط، ولا يقال: وإسلامه لأن الكافر لا يصح نكاحه لمسلمة فهو خارج بالنكاح الصحيح.
قوله: [فإنه إذا أسلم وأصاب زوجته يتحصن]: أي ولو كانت هي كتابية.
قوله: [ولا يصح العكس]: أي فلا يصح أن المسلمة في عصمة الكافر.
قوله: [وغرب بعد الحد]: أي بعد الجلد مائة، وإنما غرب زيادة في عقوبته لأجل أن ينقطع عن أهله وولده ومعاشه وتلحقه الذلة، ومحل تغريب الحر الذكر إذا كان متوطناً في البلد الذي زنى فيه، وأما الغريب الذي زنى بفور نزوله في بلد فإنه يجلد ويسجن به لأن سجنه في المكان الذي زنى فيه تغريب له، وأشعر قوله "غرب" أنه لو غرب نفسه لا يكفي لأن تغريب نفسه قد يكون من شهواته فلا يكون زاجراً له.
قوله: [ولو رضيت ورضي زوجها]: أي لما يخشى عليها من الزنا بسبب ذلك التغريب وظاهره أنها لا تغرب ولو مع محرم وهو المعتمد خلافاً لقول اللخمي تنفى المرأة إذا كان لها ولي أو تسافر مع جماعة رجال ونساء كخروج الحج، فإن عدم جميع ذلك سجنت بموضعها عاماً لأنه إذا تعذر التغريب لم يسقط السجن هذا كلامه وقد علمت ضعفه.
قوله: [عاماً كاملاً من يوم سجنه]: ظاهره ولو كان عليه دين وهو كذلك؛ لأن الدين يؤخذ من ماله إن كان له مال وإلا فهو معسر ينظر، وأجرة حمله في الغربة ذهاباً وإياباً ومؤنته بموضع سجنه عليه، فإن لم يكن له مال فمن بيت المال إن كان وإلا فعلى المسلمين فإن عاد الذي غرب إلى وطنه قبل مضي السنة
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(وإن).