الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لبئر أو عين فتملك به، وكذا تملك الأرض التي تزرع بها. (و) الثاني:(بإزالته): أي الماء منها حيث كانت الأرض غامرة بالماء. (و) الثالث: (ببناء) بأرض. (و) الرابع: بسبب (غرس) لشجر بها. (و) الخامس: بسبب (تحريك أرض) بحرثها ونحوه. (و) السادس: يكون بسبب (قطع شجر) بها بنية وضع يده عليها. (و) السابع: بسبب (كسر حجرها مع تسويتها) أي الأرض.
(لا) يكون الإحياء (بتحويط) للأرض بنحو خط عليها (و) لا (رعي كلإ) بها (و) لا (حفر بئر ماشية) بها (إلا أن يبين الملكية) حين حفرها. فإن بينها فإحياء.
(وافتقر) الإحياء (إن قرب) للعمران - بأن كان حريم بلدة - قال الحطاب: والقريب هو حريم العمارة مما يلحقونه غدواً ورواحاً. وقال ابن رشد: وحد البعيد من العمران ما لم ينته إليه مسرح العمران واحتطاب المحتطبين إذا رجعوا إلى المبيت في مواضعهم، (لإذن) من الإمام. ولا يأذن إلا لمسلم لا ذمي على المشهور. وقول الباجي: لو قيل حكمه حكم المسلمين لم يبعد، ضعيف.
(وإلا) بأن تعدى المسلم وأحيا فيما قرب بغير إذن الإمام (فللإمام إمضاؤه) له فيملكه (وجعله متعدياً) فيرده للمسلمين ويعطيه قيمة غرسه أو بنائه أو حفره منقوضاً لتعديه، ولا يرجع عليه فيما أغله فيما مضى، نظراً إلى أن له شبهة في الجملة.
(بخلاف البعيد) من العمران بأن خرج عن حريمه كما تقدم عن ابن رشد فلا يفتقر لإذن من الإمام، وما أحياه فهو له (ولو ذمياً) حيث كان إحياؤه في البعيد (بغير جزيرة العرب): وهي أرض الحجاز مكة والمدينة واليمن وما والاها كما تقدم في الجزية. فقوله: "بغير جزيرة العرب"، قيد في الذمي خاصة، لأنه الذي ليس له سكنى في جزيرة العرب، والله أعلم.
(باب)
في الوقف وأحكامه
(الوقف) مبتدأ خبره " مندوب "، فهو من التبرعات المندوبة ويعبر عنه بالحبس. وقد حبس النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده قال النووي: وهو مما اختص به المسلمون. قال الشافعي: لم يحبس أهل الجاهلية داراً ولا أرضاً فيما علمت. ورسمه بقوله: (وهو) أي الوقف (جعل منفعة مملوك) من إضافة المصدر لمفعوله
ــ
قوله: [لبئر أو عين]: أي كأن يحفر بئراً أو يفتق عيناً في أرض الفيافي.
قوله: [غامرة بالماء]: أي يبقى عليها الماء صيفاً وشتاءاً فتحيل في زواله وصار متمكناً من منافع تلك الأرض.
قوله: [ببناء بأرض] إلخ: اختلف هل يشترط في البناء أو الغرس بالأرض عظم المؤنة أو لا فظاهر المصنف وخليل عدم اشتراطه، وفي الجواهر اشتراطه واعتمده في الحاشية واقتصر عليه في المجموع.
قوله: [لا يكون الإحياء بتحويط للأرض] إلخ: السبعة المتقدمة متفق على كونها إحياء، وهذه الثلاثة مختلف فيها والصحيح أنها ليست إحياء، وانظر لو فعل في الأرض تلك الأمور الثلاثة جميعها هل يكون إحياء لها؛ لأنه لا يلزم من كون كل واحد من هذه لا يحصل بها إحياء أن يكون مجموعها كذلك لقوة الهيئة المجتمعة عن حالة الانفراد كما هو ظاهر كلامهم، ومقتضى ما في الحاشية أن يكون إحياء.
قوله: [وقال ابن رشد] إلخ: مآل القولين واحد فلا تنافي بينهما.
قوله: [مسرح العمران]: أي أهله على حد {واسأل القرية} [يوسف: 82].
قوله: [وقول الباجي]: مبتدأ، وقوله ضعيف خبر وما بينهما مقول القول.
قوله: [إلى أن له شبهة في الجملة]: أي لكونه من جملة المسلمين الذين لهم فيه حق.
قوله: [بغير جزيرة العرب]: اعلم أن الجزيرة مأخوذة من الجزر الذي هو القطع ومنه الجزار لقطعه الحيوان؛ سميت بذلك لانقطاع الماء وسطها إلى أجنابها لأن البحر محيط بها من جهاتها الثلاث التي هي المغرب والجنوب والمشرق، ففي مغربها بحر جدة بضم الجيم وفتح الدال مشددة ويسمى بالقلزم، وبحر السويس، وفي جنوبها بحر الهند وفي مشرقها خليج عمان بضم العين وتخفيف الميم، وأما عمان بفتح العين وتشديد الميم فهي قرية بناحية الشام.
قوله: [لأنه الذي ليس له سكنى] إلخ: أي لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يبقين دينان بجزيرة العرب» .
تتمة: إن سال مطر بأرض مباحة سقي الأقرب إليها إن تقدم في الإحياء أو تساويا حتى يبلغ الماء الكعب ثم يرسل للأخرى على الترتيب، وأمر بالتسوية للأرض إن أمكن، أما ما لا يمكن التسوية فيسقى الأعلى وحده والأسفل وحده وإن استوت نسبة الأرض التي حول الماء قرباً وبعداً قسم بقلد ونحوه كما لو اجتمع جماعة وأجروا ماء لأرضهم فيقسم بينهم بالقلد ونحوه ويقرع بينهم للتشاحح في السبق ولا فرق في تلك المسائل بين ماء النيل والمطر والعيون.
باب في الوقف وأحكامه
عقب هذا الباب للإحياء لكون العين فيهما بغير عوض يدفعه المستحق للوقف والمحيي للأرض.
وقال في التنبيه: الوقف مصدر وقفت الأرض وغيرها أقفها، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة.
قوله: [ويعبر عنه بالحبس]: أي فيسمى وقفاً لأن العين موقوفة، وحبساً؛ لأن العين محبسة كما يفيده التنبيه.
قوله: [لم يحبس أهل الجاهلية] إلخ: أي على وجه التبرر، وأما بناء الكعبة وحفر زمزم فإنما كان على وجه التفاخر.
قوله: [جعل منفعة مملوك] إلخ: تعريف له بالمعنى المصدري وأما المعنى الاسمي فهو الذات المملوكة
أي جعل مالك منفعة ذلك المملوك له لذاته، كما هو الغالب. بل (ولو) كان مملوكاً (بأجرة أو) جعل (غلته) كدراهم في نظير إجارة الوقف (لمستحق) متعلق بـ "جعل"(بصيغة) دالة عليه كـ حبست، ووقفت (مدة ما يراه المحبس) فلا يشترط فيه التأبيد. (مندوب) لأنه من البر وفعل الخير. وشمل قوله:"ولو بأجرة" ما إذا استأجر داراً مملوكة أو أرضاً مدة معلومة وأوقف منفعتها " - ولو مسجداً في تلك المدة - وما إذا استأجر وقفاً وأوقف منفعته على مستحق آخر غير الأول في تلك المدة: وأما المحبس عليه فليس له تحبيس المنفعة التي يستحقها؛ لأن الحبس لا يحبس.
نعم له أن يسقط حقه في ذلك الحبس مدة حياته أو مدة استحقاقه، فإذا مات أو انقضت مدة استحقاقه رجع لمن يليه في الرتبة. وأما ما يقع عندنا بمصر من أن المستحق لوقف أو الناظر على مسجد ونحوه يبيع الوقف بدراهم كثيرة ويجعل المشتري على نفسه لجهة المستحقين أو المسجد حكراً، ثم يوقف ذلك الوقف على زوجته وعتقائه، وإذا لم يوقفه باعه وورث عنه - ويسمونه خلواً - فهذا باطل بإجماع المسلمين. وبعض من يدعي العلم يفتيهم بجوازه ويسند الجواز للمالكية، وهي فتوى باطلة قطعاً. وحاشى المالكية أن يقولوا بذلك. وهذا معنى قول الخرشي: وهذا [1] ما لم يكن منفعة حبس لتعلق الحبس بها وما تعلق به الحبس لا يحبس كالخلوات، وأيضاً هي لا تدخل في قوله:"مملوك" إذ المراد مملوك لم يتعلق به حق لغيره [2] اهـ.
وهو كلام حق لا شبهة فيه وتوضيحه على ما شاهدناه من أهل مصر؛ أن الحوانيت الموقوفة على المسجد الغوري والأشرفي والناصري وغيرها، يبيعها الناظر بثمن كثير، فيبيع الحانوت الواحد بنحو خمسمائة دينار لا لغرض سوى حب الدنيا والإعراض عن حب الآخرة. ثم إن المشتري منه يجعل على نفسه حكراً كل شهر نصفين فضة من الدراهم العددية ويسكنه أو يكريه كل يوم بعشرة أنصاف. وقد يوقفه على نفسه وزوجته وذريته من بعده وقد يبيعه وقد يوفي به ديناً عليه، فانظر إلى هذا الخبط [3] الخارج عن قوانين الشريعة. ومن العجيب أن الشيخ أحمد الغرقاوي جعل لبعض القضاة رسالة في ذلك وجوز فيها مثل ما تقدم وصار الناس يفتون بجواز ما ذكر معتمدين على ما في الرسالة من الكلام الباطل، وهذا هو الذي قصد الخرشي رده بما تقدم عنه وبعضهم لم يفهم مراده
ــ
المجعول منفعتها إلخ، وشمل قوله المملوك ما جاز بيعه وما لا يجوز بيعه كجلد الأضحية وكلب الصيد والعبد الآبق خلافاً لبعضهم. قوله:[أي جعل مالك منفعة] إلخ: لفظ مالك هو الفاعل المحذوف.
وقوله: [له]: متعلق بالمملوك.
وقوله: [لذاته]: متعلق بمالك، والمعنى أن مالك ذات الشيء يجعل منفعته لمستحق
…
إلخ، هذا إذا كان مالكاً للذات بثمن أو هبة أو إرث، بل ولو كان مالكاً لمنفعته بأجرة، فإن قلت وقف السلاطين على الخيرات صحيح مع عدم ملكهم لما حبسوه، قلت: هذا لا يرد على المصنف؛ لأن السلطان وكيل عن المسلمين فهو كوكيل الواقف، وللقرافي في الفروق إذا حبس الملوك معتقدين أنهم وكلاء الملاك صح الحبس، وإن حبسوه معتقدين أنه ملكهم بطل، وبذلك أفتى العبدوسي ونقله ابن غازي في تكميل التقييد، واحترز بقوله:"منفعة مملوك" من وقف الفضولي، فإنه غير صحيح ولو أجازه المالك لخروجه بغير عوض بخلاف بيعه فصحيح لخروجه بعوض، ومثل وقف الفضولي هبته وصدقته وعتقه فباطل ولو أجازه المالك كما في الخرشي خلافاً لبعضهم من جعل هذه الأشياء كالبيع إن أمضاه المالك مضى ولكن يرد على هذا الفرق طلاق الفضولي، فإنه كبيعه كما تقدم لنا في النكاح مع كونه بغير معاوضة إلا أن يقال يحتاط في الفروج ما لا يحتاط في غيرها.
قوله: [أو غلته]: معطوف على منفعة أي إن كان له غلة.
قوله: [فلا يشترط فيه التأبيد]: أي ولو كان الموقوف مسجداً كما يأتي.
قوله: [وفعل الخير]: تفسير لمعنى البر، قال تعالى:{وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} [الحج: 77].
قوله: [وما إذا استأجر] إلخ: معطوف على قوله ما إذا استأجر مسلط عليه شمل.
قوله: [لأن الحبس لا يحبس]: أي: ولأنه لا يملك تلك المنفعة لما تقرر أن الموقوف عليه إنما يملك الانتفاع لا المنفعة.
قوله: [نعم له أن يسقط حقه] إلخ: ظاهره جواز ذلك ولو بمال يأخذه لنفسه.
قوله: [رجع لمن يليه في الرتبة]: أي فيأخذه مجاناً بغير شيء وإن كان واضع اليد دافعاً لشيء من الدراهم ضاع عليه.
قوله: [من أن المستحق] إلخ: أي في الحالة الراهنة.
قوله: [لجهة المستحقين]: أي أن الذين يتجددون بعد هذا المستحق البائع.
وقوله: [أو المسجد]: راجع للناظر.
وقوله: [حكراً]: أي شيئاً قليلاً كالنصف والنصفين كل شهر كما يأتي.
قوله: [على زوجته وعتقائه]: أي مثلاً.
قوله: [إذ المراد مملوك]: إلخ: أي والموقوف تعلق به حق للموقوف عليه.
قوله: [وتوضيحه]: أي توضيح ما قاله الخرشي.
قوله: [لا لغرض]: أي شرعي.
قوله: [نصفين فضة]: كناية عن الشيء القليل.
قوله: [ويسكنه]: أي بنفسه وقوله بعشرة أنصاف راجع ليكريه.
قوله: [وقد يوقفه على نفسه]: أي مثلاً.
قوله: [الخارج عن قوانين الشريعة]:
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
ليست في ط المعارف.
[2]
في ط المعارف: (لغير).
[3]
في ط المعارف: (الخيط).
فاعترض عليه، والحاصل أنه شاع عندنا بمصر أن الخلو يجوز عند المالكية دون غيرهم، ويجعلون منه ما تقدم ذكره، حتى لزم على ذلك إبطال الأوقاف وتخريب المساجد وتعطيل الشعائر الإسلامية. وكثيراً ما يقع في الرزق الكائنة بين الجيزة؛ تكون مرصدة على منافع زاوية الإمام الليث بن سعد أو على منافع زاوية الإمام الشافعي، فيبيعها الناظر على الوجه المتقدم. ثم إن المشتري قد يوقفها على نحو زاوية الإمام الشعراني وقد يوقفها على نفسه أيام حياته وبعده على ذريته، وربما باعها الناظر لذمي فأوقفها الذمي على كنيسة. وقد وقع هذا فإن رزقه [1] كانت موقوفة على مدرسة السلطان حسن باعها ناظرها على الوجه المتقدم لذمي ثم إن الذمي أوقفها على كنيسة، وكان المسلمون يزرعونها ويدفعون خراجها لأهل الكنيسة، ثم تغلب النصارى على المسلمين بواسطة أمراء مصر الضالين فنزعوها من أيدي المسلمين وصاروا يزرعونها. هذا في زماننا وانحط الأمر على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. نعم الخلو الذي وقعت الفتوى بجواز بيعه وهبته وإرثه، إنما هو في وقف خرب لم يجد الناظر أو المستحق ما يعمره به من ريع الوقف ولا أمكنه إجارته بما يعمره به، فيأذن لمن يعمره ببناء أو غرس على أن ما عمره به يكون ملكاً للمعمر وتفض الغلة بالنظر عليه وعلى الوقف؛ فما ناب الوقف يكون للمستحق وما ناب العمارة يكون لربها، فهذا ليس فيه إبطال الوقف ولا إخراجه عن غرض الواقف، وليس هذا مراد الشيخ الخرشي بما تقدم حتى يعترض به عليه فافهم ذلك، والله الموفق للصواب. وإذا علمت أن حقيقة الوقف ما ذكر:
(فأركانه أربعة):
الأول: (واقف وهو المالك للذات أو المنفعة) التي أوقفها قال في المدونة: ولا بأس أن يكري أرضه على أن تتخذ مسجداً عشر سنين فإذا انقضت كان النقض للذي بناه. وشرط صحة وقفه: أن يكون من أهل التبرع كما نبه عليه بقوله: (إن كان) الواقف (أهلاً للتبرع): وهو البالغ الحر الرشيد المختار، فلا يصح من صبي ولا مجنون ولا عبد ولا سفيه ولا مكره.
(و) الثاني: (موقوف: وهو ما ملك) من ذات أو منفعة (ولو حيواناً) رقيقاً أو غيره يوقف على مستحق للانتفاع بخدمته أو ركوبه أو الحمل عليه (أو طعاماً وعيناً) يوقف كل منهما (للسلف) وينزل رد بدله منزلة بقاء عينه. وجواز وقف الطعام والعين نص المدونة فلا تردد فيه. نعم قال ابن رشد: إنه مكروه، وهو ضعيف، فلذا اعترض على الشيخ في ذكر التردد. وأضعف منه قول ابن شاس: لا يجوز؛ إن حمل قوله لا يجوز على المنع: وعلى كل حال كلام ابن رشد وابن شاس خلاف مذهب المدونة فكان على الشيخ أن لا يلتفت لقولهما.
(و) الثالث: (موقوف عليه: وهو الأهل): أي المستحق لصرف المنافع عليه سواء كان حيواناً عاقلاً كزيد أو العلماء أو الفقراء أو غيره (كرباط وقنطرة) ومسجد، فإنها تستحق صرف غلة الوقف أو منافعه عليها لإصلاحها وإقامة منافعها (ونحو من سيولد) في المستقبل لزيد مثلاً فيصح الوقف عليه. وهو لازم لعقده على ما لابن القاسم، فتوقف الغلة إلى أن يوجد، فيعطاها. فإن حصل مانع من موت أو يأس منه رجعت للواقف أو وارثه، (ولو) كان الموقوف عليه
ــ
أي فهو مجمع على تحريمه.
قوله: [فاعترض عليه]: أي حيث مثل للوقف الفاسد بالخلوات قائلاً إن هذا التمثيل لا يصح؛ إذ المراد بالخلوات التي لا يصح وقفها هي التي استوفت الشروط مع أن التي استوفت الشروط يجوز فيها البيع والوقف والإرث والهبة ويقضى منها الدين وليس ذلك مراد الخرشي، بل مراده الخلوات الفاسدة التي بيعت لا لغرض شرعي.
قوله: [على منافع زاوية الإمام] إلخ: أي مثلاً.
قوله: [بجواز بيعه وهبته]: إلخ: أي وقفه.
قوله: [وإذا علمت]: أي من التعريف.
قوله: [أو المنفعة]: أي لما تقدم له أنه لا يشترط ملك الذات.
قوله: [على أن تتخذ مسجداً]: أي فالمكتري يوقفها مسجداً وقصد به الاستشهاد على وقف المنفعة.
قوله: [كان النقض للذي بناه]: ظاهر يفعل به ما شاء لكون الوقف انتهى أجله فلا يعطى حكم أنقاض المساجد المؤبدة.
قوله: [وهو البالغ]: أي المكلف لأنه سيخرج به الصبي والمجنون وباقي المحترزات على ترتيب اللف.
قوله: [ولو حيواناً]: رد بلو على ما حكاه ابن القصار من منع وقف الحيوان.
قال ابن رشد: ومحل الخلاف في المعقب أو على قوم بأعيانهم وأما تحبيس ذلك ليوضع بعينه في سبيل الله أو لتصرف غلته في وجه قربة فجائز اتفاقاً كذا في (بن).
قوله: [رقيقاً]: أي فيجوز وقف عبد على مرضى مثلاً لخدمتهم حيث لم يقصد السيد ضرره بذلك وإلا لم تصح، ومثل العبد الأمة على إناث وليس للواقف حينئذ الاستمتاع بها لأن منفعتها صارت بوقفها للغير كالمستعارة والمرهونة.
قوله: [يوقف كل منهما للسلف]: أي: وأما إن وقف مع بقاء عينه كوقفه لتزيين الحوانيت مثلاً فلا يجوز اتفاقاً إذ لا منفعة شرعية تترتب على ذلك.
قوله: [إن حمل قوله]: إلخ: قيد في قوله: أضعف منه.
قوله: [أو غيره]: معطوف على "حيواناً" وهو دخول على قوله: "كرباط" والمراد بالرباط: الثغر.
قوله: [ونحو من سيولد]: كلام مستأنف أي فلا فرق في الأهل بين أن يكون صالحاً
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (رزقة)، ولعلها الصواب.
الموجود أو من سيوجد (ذمياً) فيصح الوقف عليه وسواء ظهرت قربة (أو لم تظهر قربة) كما لو كان الموقوف عليه غنياً.
(و) الرابع: (صيغة) صريحة (بـ وقفت أو حبست أو سبلت، أو) غير صريحة نحو: (تصدقت، إن اقترن بقيد) يدل على المراد نحو: لا يباع، ولا يوهب، أو تصدقت به على بني فلان طائفة بعد طائفة، أو عقبهم ونسلهم. فإن لم يقيد تصدقت بقيد يدل على المراد فإنه يكون ملكاً لمن تصدق به عليه فإن لم يحصر، كالفقراء والمساكين، بيع وتصدق بثمنه عليهم بالاجتهاد. والحاصل أن التحقيق أن حبست ووقفت يفيدان التأبيد مطلقاً قيد أو أطلق. وكذا سبلت - كان على معينين أم لا - حتى يقيد بأجل أو جهة تنقطع وأما تصدقت؛ فلا يفيد الوقف إلا بقيد يدل عليه. (أو) على (جهة لا تنقطع): عطف على "مقدر" أي: على معين أو جهة إلخ كالفقراء أو المساجد فإن كان بـ حبست أو وقفت فظاهر، وإن كان بـ تصدقت أو منحت فلا بد من قيد يفيد الوقف والتأبيد، وإلا كان ملكاً لهم على ما تقدم. (أو لمجهول حصر) كعلى فلان وعقبه ونسله، ولو بلفظ تصدقت لأن قوله:"وعقبه" وما في معناه يدل على التأبيد. والمراد بالمحصور ما يحاط بأفراده وبغيره ما لا يحاط بها كالفقراء والعلماء. (وناب عنها): أي عن الصيغة (التخلية) بين الناس (بكالمسجد) من رباط ومدرسة ومكتب وإن لم يتلفظ بها.
(ولا يشترط فيه): أي في الحبس (التنجيز)، فيجوز أن يقول: هو حبس على كذا بعد شهر أو سنة. (وحمل في الإطلاق عليه): أي على التنجيز للعتق. (كتسوية ذكر لأنثى)، فإنه يحمل إذا أطلق عليها، فإن قيد بشيء عمل به.
ــ
في الحال كالحيوان العاقل ونحو الرباط أو الاستقبال كمن سيولد.
قوله: [الموجود]: أي الصالح في الحال.
وقوله: [أو من سيوجد]: أي الصالح في الاستقبال.
قوله: [كما لو كان الموقوف عليه]: أي وهو من أهل الذمة وأما المسلم فالقربة فيه ظاهرة ولو غنياً.
قوله: [والرابع صيغة]: أي وما ناب عنها كما سيأتي في قوله وناب عنها التخلية بكالمسجد.
قوله: [طائفة بعد طائفة] إلخ: أي فهذه الألفاظ قرينة على الوقف لا على الصدقة الحقيقية التي هي التمليك بغير عوض.
قوله: [فإنه يكون ملكاً لمن تصدق به عليه]: أي فإن كان محصوراً صنع بها ما شاء بدليل ما بعده.
قوله: [بالاجتهاد]: أي فلا يلزم التعميم بل لمتولي التفرقة أن يعطي من شاء، ويمنع من شاء، وإنما كانت تباع؛ لأن بقاءها يؤدي للنزاع.
قوله: [مطلقاً]: من جملة معنى الإطلاق كان على معينين أو غيرهم الآتي بعد وإنما أفرد مسألته رداً على المخالف.
قوله: [حتى يقيد بأجل]: أي بأن يضرب للوقف أجلاً كعشر سنين مثلاً.
وقوله: [أو جهة تنقطع]: أي كما لو قيده بحياة شخص موقوف عليه.
قوله: [فلا يفيد الوقف]: أي أصل الوقف مؤبداً أو غير مؤبد.
قوله: [عطف على مقدر]: إنما قال عطف على مقدر ولم يجعله عطفاً على قوله بقيد؛ لرجوعه لجميع الصيغ الصريحة وغيرها فلذلك فصل الشارح الأحكام بعد.
قوله: [فلا بد من قيد يفيد الوقف]: أي كقوله: لا يباع ولا يوهب وكقوله على بني فلان طائفة بعد طائفة.
قوله: [والتأبيد]: لا حاجة له؛ لأن الوقف لا يشترط فيه التأبيد.
قوله: [أو لمجهول حضر]: معطوف على جهة واللام بمعنى على.
قوله: [كعلى فلان وعقبه]: وجه كونه مجهولاً أن العقب والنسل غير معلومين الصادق بمن وجد ومن سيوجد.
قوله: [يدل على التأبيد]: أي ما لم يقيد بأجل.
قوله: [كالفقراء والعلماء]: مثال لغير المحصور.
قوله: [وإن لم يتلفظ بها]: أي كما لو بنى مسجداً وخلى بينه وبين الناس ولم يخص قوماً دون قوم لا فرضاً دون نفل، ويثبت الوقف بالإشاعة بشروطها بأن يطول زمن السماع.
قال ابن سهل: وصفة شهادة السماع في الأحباس أن يشهد الشاهد أنه يعرف الدار التي بموضع كذا، وحدّها كذا وأنه لم يزل يسمع منذ أربعين سنة أو عشرين سنة متقدمة التاريخ عن شهادته هذه سماعاً فاشياً مستفيضاً من أهل العدل وغيرهم أن هذه الدار حبس على كذا أو حبس فقط، ويشهد الآخر بذلك بهذا جرى العمل. اهـ.
وإنما يقع الحكم بها بعد أن يعذر الحاكم لمن ينازع في ذلك ولم يبد رافعاً شرعياً. كذا في الحاشية، ويقوم مقام الصيغة أيضاً كتابة الوقف على الكتب إن كانت وقفيتها مقيدة بمدارس مشهورة وإلا فلا، ويقوم مقام الصيغة أيضاً الكتابة على أبواب المدارس والربط والأشجار القديمة وعلى الحيوان.
قال في حاشية الأصل: وحاصله أنه إذا وجد مكتوباً على كتاب وقف لله تعالى على طلبة العلم فإنه لا يثبت بذلك وقفيته حيث كانت وقفيته مطلقة، فإن وجد مكتوباً عليه وقف على طلبة العلم بالمدرسة الفلانية فإن كانت مشهورة بالكتب ثبتت وقفيته، وإن لم تكن مشهورة بذلك لم يثبت وقفيته.
قوله: [فيجوز أن يقول هو حبس] إلخ: أي ويلزم إذا جاء الأجل، كما إذا قال لعبده: أنت حر إلى أجل كذا فإنه يكون حراً إذا جاء الأجل الذي عينه ولا إشكال في لزوم العقد بالنسبة إلى الوقف والعتق، فإن حدث دين على الواقف أو على المعتق في ذلك الأجل فإنه لا يضر عقد العتق لأن الشارع متشوف للحرية ويضر عقد الحبس إذا لم يحز عن الواقف في ذلك الأجل، أما إن حيز عنه أو كانت منفعته لغير الواقف في ذلك الأجل فإنه لا يضر حدوث الدين. كذا في الخرشي.
قوله: [كتسوية ذكر لأنثى]: أي كما إذا قال الواقف داري مثلاً وقف على أولادي أو أولاد زيد ولم يبين تفضيل أحد على
(ولا) يشترط فيه (التأبيد) بل يجوز وقفه سنة أو أكثر لأجل معلوم ثم يرجع ملكاً له أو لغيره. (ولا) يشترط فيه (تعيين المصرف) في محل صرفه فجاز أن يقول: أوقفته لله تعالى، من غير تعيين من يصرف له. (وصرف في غالب): أي فيما يصرف له في غالب عرفهم، (وإلا) يكن غالب في عرفهم (فالفقراء) يصرف عليهم. وهذا إذا لم يختص الموقوف بجماعة معينة، وإلا صرف لهم ككتب العلم (ولا) يشترط (قبول مستحقه) إذ قد يكون غير محصور أو غير موجود أو لا يمكن قبوله كمسجد (إلا المعين الأهل) أي إلا أن يكون المستحق معيناً وكان أهلاً للقبول، بأن كان رشيداً، وإلا فالعبرة بوليه؛ فإن رد المعين الأهل أو ولي صبي أو مجنون أو سفيه (فللفقراء) ولا يرجع ملكاً لربه، وقال مطرف: يرجع ملكاً لربه أو لوارثه، وقال بعضهم: المتبادر من قول مالك إن رد المعين يكون لغيره أن ذلك باجتهاد الحاكم لا لخصوص الفقراء فتأمله.
ثم شرع في بيان مبطلات الوقف بقوله:
(وبطل) الوقف (بمانع): أي بحصول مانع للواقف (قبل حوزه): أي قبل أن يحوزه الموقوف عليه، فإذا لم يحزه الموقوف عليه - ولو سفيهاً أو صغيراً أو وليه - حتى حصل للواقف مانع من موت أو فلس أو مرض متصل بموته، بطل الوقف ورجع للغريم في الفلس وللوارث في الموت، إن لم يجزه الوارث، وإلا نفذ. وهذا إذا حبس في صحته، وأما من حبس في مرضه فهو كالوصية يخرج من الثلث إذا كان لغير وارث وإلا بطل كما يأتي. وللواقف في المرض الرجوع فيه لأنه كالوصية بخلاف الواقف في الصحة فلا رجوع له فيه قبل المانع، ويجبر على التحويز إلا إذا شرط لنفسه الرجوع فله ذلك.
(أو) بحصول مانع له (بعد عوده) أي الوقف (له) أي لواقفه (قبل عام) بعد أن حيز عنه (وله) أي والحال أن للواقف (غلة كدار) وحانوت وحمام ودابة، فإنه يبطل الوقف بحصول المانع للواقف حال استيلائه عليه قبل العام، وسواء أوقفه على محجوره أو غيره عاد إليه بعوض؛ كإجارة أو بغيره ما لم يحز عنه ثانياً قبل المانع؛ وإلا لم يبطل.
ومفهوم: "قبل عام" أنه لو عاد إليه بعد العام فحصل المانع، لم يبطل؛ لأنه المدة التي يحصل بها اشتهار الوقف غالباً بخلاف الرهن إذا عاد للراهن فإنه يبطل بالمانع ولو طالت حيازة المرتهن له. وذكر مفهوم "وله غلة" بقوله:(بخلاف) ما لا غلة له (نحو كتب) للعلم (وسلاح) فإنه لا يبطل بالمانع إذا عاد ليد الواقف قبل عام وأولى بعده (إذا صرفه) قبل عوده له (في مصرفه) بأن حيز عنه لمن يقرأ فيه بالنسبة للكتاب أو لمن يقاتل به بالنسبة للسلاح أو لمن ينجر به في نحو القدوم ولو كانت الحيازة له بنحو تغييرة الكراس فما بعده إلخ فإنه كاف ولا يبطل بالمانع قبل العام. وما ذكرناه من قولنا " بخلاف " إلخ هو المعول عليه خلافاً لمن قال: هما سواء في البطلان. وقولنا: "ومفهوم "قبل عام"، أنه لو عاد إليه بعد العام" إلخ شامل للوقف على غير المحجور
ــ
أحد فإنه يحمل على تسوية الأنثى بالذكر في المصرف فإن بين شيئاً عمل به إلا في المرجع فإنه يستوي في المرجع الذكر والأنثى ولو كان الواقف شرط في أصل وقفه للذكر مثل حظ الأنثيين لأن مرجعه ليس كإنشائه وإنما هو بحكم الشرع وسيأتي.
قوله: [ولا يشترط فيه التأبيد]: يؤخذ منه أن اشتراط التغيير والتبديل والإدخال والإخراج معمول به وفي المتيطي ما يفيد منع ذلك ابتداء، ويمضي إن وقع وفي (ح) عن النوادر وغيرها أنه إن اشترط في وقفه إن وجد فيه رغبة بيع واشترى غيره لا يجوز له ذلك. فإن وقع ونزل مضى وعمل بشرطه كذا في (بن).
قوله: [في غالب عرفهم]: أي فإن كان الغالب في عرفهم الصرف لأهل العلم أو للغزاة عمل به.
قوله: [وإلا يكن غالب في عرفهم]: أي بأن لم يكن لهم أوقاف أو كان ولا غالب فيها.
قوله: [فالفقراء يصرف عليهم]: أي بالاجتهاد سواء كانوا في محل الوقف أو غيره.
قوله: [وقال بعضهم]: حاصله: أنه إن قبله المعين الرشيد أو ولي غيره فالأمر ظاهر، وإن رده كان حبساً على غيره باجتهاد الحاكم، وهذا إذا جعله الواقف حبساً مطلقاً قبله من عينه له أم لا، وأما إن قصد المعين بخصوصه فإن رده عاد ملكاً للمحبس كما ذكره ابن رشد في نوازله قال المسناوي: وبهذا يجمع بين ما ورد في ذلك من الروايات المختلفة. اهـ ملخصاً من (بن).
قوله: [ولو سفيهاً] إلخ: مبالغة في محذوف تقديره فإن حازه صح هذا إذا كان الحائز له رشيداً، بل ولو سفيهاً
…
إلخ.
وقوله: [حتى حصل للواقف مانع]: غاية في قوله لم يحزه.
قوله: [أو فلس]: المراد بالفلس هنا ما يشمل الأخص والأعم الذي هو إحاطة الدين.
وقوله: [بطل الوقف]: جواب إذا والمراد بالبطلان عدم التمام؛ لأن عدم إمضاء ذلك حق للغرماء في الفلس وللورثة في الموت.
قوله: [إن لم يجزه الوارث]: أي أو الغريم والمراد بالإجازة الإمضاء.
قوله: [وسواء أوقفه على محجوره]: وسيأتي بشروط مسألة الوقف على المحجور الآتية.
قوله: [ما لم يحز عنه ثانياً قبل المانع]: حاصله أنه إن عاد لانتفاعه بما وقفه قبل عام وحصل المانع قبل أن يحاز عنه ثانياً بطل الوقف مطلقاً كان على محجوره أو على غيره عاد بكراء أو إرفاق، وإن عاد بعد عام بكراء أو إرفاق فلا يبطل إذا كان على غير محجوره، وإن كان على محجوره ففيه خلاف إن عاد له بكراء وأشهد على ذلك، وإن عاد له بإرفاق بطل اتفاقاً.
قوله: [فإنه يبطل] إلخ: أي لقوله تعالى:
وعلى المحجور اتفاقاً في الأول، وعلى الأرجح في الثاني قال المتيطي: وإن عاد إليها أي الدار الموقوفة بعد العام نفذت، وإن مات فيها إذا كان رجوعه إليها بالكراء وأشهد على ذلك، هذا قول ابن القاسم وعبد الملك وهو المشهور وبه العمل، وسواء في هذا الصغير والكبير ومقابله طريقة ابن رشد القائلة بالبطلان إذا عاد لما حبس على محجوره ولو بعد أعوام وليس العمل عليها قال المحشي: وقد نظم ذلك سيدي أحمد الزواوي فقال:
رجوع واقف لما قد وقفا
…
بعد مضي سنة قد خفا
على صبي كان أو ذي رشد
…
واعترضت طريقة ابن رشد
وقول المتيطي: إذا كان رجوعه إليها بالكراء [1] وأشهد يقتضي أنه إذا عاد إليها لا بكراء، بل بإرفاق بطل، أي في المحجور بعد العام وبه جزم بعضهم وقد علم من قولنا:"وبطل بمانع قبل الحوز" أن الحوز شرط في صحة الحبس وهو الإخراج عن يد المحبس وكذا الهبة والصدقة. ولا بد من معاينة البينة لحوزه كما في المدونة قال فيها: ولو أقر المعطي في صحة أن المعطى قد حاز وقبض وشهدت عليه بإقراره بينة ثم مات لم يقض بذلك إن أنكرت ورثته حتى تعاين البينة الحوز. انتهى.
واستثني من ذلك المحجور إذا وقف عليه وليه، فإنه لا يشترط فيه الحيازة الحسية بقوله:
(إلا) أن يوقف الولي من أب أو وصي أو حاكم أو مقدم.
(لمحجوره) الصغير أو السفيه فلا يشترط فيه الحوز الحسي بل يكفي الحكمي، فيصح وقف الولي عليه إذا استمر الوقف تحت يده حتى حصل المانع، لكن بشروط ثلاثة أفادها بقوله:(إن أشهد) الولي (على الوقف) على محجوره، وإن لم يشهد على الحوز له، فإن لم يشهد بطل بالمانع (وصرف) وليه (له): أي للمحجور (الغلة): أي في مصالحه كلاً أو بعضاً مما يحتاج إليه، فإن لم يصرف منها عليه بطل بالمانع. (ولم يكن الموقوف) على المحجور (دار سكناه) أي الواقف، فإن كانت دار سكناه بطل بالمانع إلا إذا تخلى الواقف عنها وعاينت البينة فراغها من شواغل المحبس. (إلا أن يسكن) الولي منها (الأقل ويكري له): أي لمحجوره (الأكثر) للصرف عليه فيكفي ولا يبطل لأن الأقل تابع للأكثر (وإن سكن النصف بطل فقط) إن حصل مانع، وصح النصف الذي لم يسكنه. وإن سكن الأكثر بطل الجميع، وفهم منه أن حيازة الأم ما حبسته على ولدها الصغير لا يكفي، إلا إذا كانت وصية. وتقدم أن السفيه أو الصغير لو حاز لنفسه لصحت حيازته فلا يبطل الحبس بالمانع بعده.
(و) بطل الوقف (على وارث بمرض موته) لأن الوقف في المرض كالوصية ولا وصية لوارث. (وإلا) يكن الوقف في المرض على وارث بل على غيره (فمن الثلث) يخرج فإن حمله الثلث صح وإلا فلا يصح منه إلا ما حمله الثلث.
ثم استثنى من بطلان وقف المريض على الوارث مسألة تعرف بمسألة ولد الأعيان فقال: (إلا) وقفاً (معقباً): كان له غلة أم لا أوقفه المريض على أولاده ونسله وعقبه (خرج من ثلثه): أي حمله الثلث فيصح، فإن حمل الثلث بعضه جرى فيه ما سيذكر فيما يحمله الثلث. (فكميراث للوارث): في القسم مما يخص الوارث، وليس ميراثاً حقيقة إذ لا يباع ولا يوهب
ــ
{فرهان مقبوضة} [البقرة: 283]، فجعل القبض وصفاً لها.
قوله: [وعلى المحجور]: أي إلا في المسألة الآتية.
قوله: [قال المحشي]: مراده به (بن).
قوله: [قد خففا]: أي فلا يبطل الوقف.
قوله: [على صبي كان] إلخ: تعميم فيما قبله.
قوله: [واعترضت طريقة ابن رشد]: أي حيث قال بالبطلان في المحجور ولو كان الرجوع بعد أعوام ولو مع الإشهاد والكراء له.
قوله: [وبه جزم بعضهم]: أي بهذا التفصيل.
قوله: [وقد علم من قولنا] إلخ: بهذا تعلم أن من أوقف دار سكناه مثلاً على ذريته وبقي ساكناً فيها حتى مات يكون وقفه باطلاً باتفاق أهل المذهب ويرجع ميراثاً.
قوله: [حتى تعاين البينة الحوز]: أي والإشهاد على إقراره بالحوز لا يكفي.
قوله: [وصرف وليه]: أي ولا بد من الشهادة على ذلك.
قوله: [كلاً أو بعضاً]: قال اللقاني: وصرف الغلة له أي كلها أو جلها قياساً على الهبة. أما إذا لم يصرف الغلة بالمرة أو لم يصرف له إلا الأقل أو النصف بطل الوقف اهـ إذا علمت ذلك فالمراد بالبعض الجل.
قوله: [ويكري له] إلخ: مفهومه لو أبقى الأكثر خالياً من غير كراء بطل الوقف، ومثله ما إذا أكراه لنفسه.
قوله: [وإن سكن النصف بطل فقط]: وهذا بخلاف صرف الغلة فإنه تقدم أن صرف النصف المحجور مبطل للوقف في الجميع لأن النصف الذي تعلق بالسكنى متميز. بخلاف صرف الغلة فلا تمييز فيه كما يفيده في الحاشية.
قوله: [وفهم منه]: أي من قوله "إلا لمحجوره".
قوله: [بمرض موته]: أي المرض الذي يعقبه الموت ولو خفيفاً ويبطل ولو حمله الثلث لأنه كالوصية ولا وصية لوارث ومحل البطلان فيما يبطل فيه الوقف حيث لم يجزه الوارث غير الموقوف عليه فإن أجازه مضى ولذا كان دخول الأم والزوجة فيما للأولاد حيث لم يجيزا، فإن أجازا لم يدخلا كذا في الحاشية.
قوله: [تعرف بمسألة ولد الأعيان]: أي في المذهب. قال بعضهم: في هذه التسمية قصور لأن الحكم في هذه المسألة لا يختص بالوقف على ولد الأعيان، بل الوقف على غيرهم من الورثة كذلك فلو وقف في مرضه على إخوته وأولادهم وعقبهم، أو على إخوته وأولاد عمه وعقبهم، وأخواته وعقبهن، أو أولاد عمه وعقبهم. فالحكم لا يختلف وضابط تلك المسألة أن يوقف المريض على وارث وغير وارث وعقبهم.
قوله: [معقباً]: أي
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (بكالكراء).
فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين وللزوجة الثمن في المثال من مناب الأولاد وللأم السدس، فيدخل في الوقف جميع الورثة وإن لم يوقف عليهم. وبين ذلك بالمثال، فقال:(كثلاثة أولاد) لصلبه هم أولاد الأعيان (وأربعة أولاد أولاد) أوقف عليهم في مرضه شيئاً من ماله كدار وعقبه بأن قال: وعقبهم، فالتعقيب شرط في هذه المسألة كالخروج من الثلث، فإن لم يعقبه بطل على الأولاد وصح على أولاد الأولاد.
(وترك) مع السبعة ممن يرث (زوجة وأماً، فيدخلان في مال الأولاد) وكذا كل من يرث ممن لم يوقف عليه كالأب فما ينوب الأولاد ثلاثة أسهم من سبعة سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً أو بعضهم أطلق أو سوّى بين الذكر والأنثى أو جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، إذ شرطه لا يعتبر فيما لأولاد الأعيان، بل للذكر مثل حظ الأنثيين على كل حال كما يؤخذ من قوله: "فكميراث للوارث؛ فللزوجة من الثلاثة أسهم الثمن وللأم منها السدس (وأربعة أسباعه لولد الولد وقف) عليهم يعمل فيها بشرط الواقف من تفاضل أو غيره، بخلاف مال أولاد الصلب فإنه كالميراث للذكر فيه مثل حظ الأنثيين ولو شرط خلافه.
ويدخل فيه من يرث، إلا إذا لم يوقف عليه ولكونه معقباً لم يبطل ما ناب الأولاد لتعلق حق غيرهم به، ولكون الوقف عليهم في المرض لا يصح شاركهم غيرهم من بقية الورثة. وحاصل قسم المسألة على طريقة الفرضيين: أن المسألة من سبعة لأولاد الأعيان، منها ثلاثة للأم منها السدس من ستة وللزوجة الثمن من ثمانية وبين المخرجين موافقة بالأنصاف، فيضرب نصف أحدهما في كامل الآخر بأربعة وعشرين؛ للأم سدسها أربعة وللزوجة ثمنها ثلاثة، يبقى سبعة عشر على ثلاثة أولاد الأعيان لا تنقسم وتباين، فتضرب الرؤوس الثلاثة المنكسرة عليها سهامها في أصل المسألة الأربعة وعشرين [1] باثنين وسبعين، ثم يقال: من له شيء من أصل المسألة أخذه مضروباً في ثلاثة؛ فللأم أربعة في ثلاثة باثني عشر وللزوجة ثلاثة في ثلاثة بتسعة وللأولاد سبعة عشر في ثلاثة بواحد وخمسين لكل واحد سبعة عشر، وأما أولاد الأولاد فأربعتهم منقسمة عليهم. (وانتقض القسم) المذكور (بحدوث ولد) أو أكثر للفريقين أو لأحدهما فإذا حدث واحد صارت القسمة من ثمانية واثنان صارت من تسعة وهكذا. (كموته) أي كموت ولد من الفريقين أو أكثر فتنتقض.
فإذا مات واحد من أولاد الأعيان فالقسمة من ستة لأولاد الأعيان سهمان للأم سدسها وللزوجة ثمنهما
ــ
أدخل في الوقف عقباً.
قوله: [فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين]: أي ولو شرط الواقف تساويهما.
قوله: [وللأم السدس]: أي والباقي للأولاد. قوله: [وبين ذلك بالمثال]: وهذا المثال للمدونة فلذا اقتصر عليه المصنف كخليل، وإلا فحقيقة المسألة أن يوقف الواقف في مرض موته على وارث وعلى غير وارث وعلى عقبهم فلا مفهوم لما ذكره المصنف.
قوله: [هم أولاد الأعيان]: أي وهم الذين سميت المسألة بهم.
قوله: [وعقبه]: بالتشديد فعل ماض: أي والحال أنه عقبه بأن قال إلخ.
قوله: [بطل على الأولاد وصح على أولاد الأولاد]: أي وحينئذ تقسم ذات الوقف بين الأولاد وأولاد الأولاد، فما ناب الأولاد تكون ذاته إرثاً وما ناب أولاد الأولاد يكون وقفاً كما في (بن) عن التوضيح.
قوله: [فيدخلان]: أي إن منعتا ما فعله مورثهما من وقفه في المرض، وأما إن أجازتا فعله فلا يدخلان أصلاً كما في (بن).
قوله: [على كل حال]: أي شرط ذلك أو لم يشترطه.
قوله: [من تفاضل أو غيره]: أي كان التفضيل للذكور أو للإناث.
قوله: [ولو شرط خلافه]: أي لكونه بالنسبة لهم كالميراث فلا يخرج عن قسمة الميراث.
قوله: [إذا لم يوقف عليه]: هذا القيد اعتبره (عب) وتبعه في الحاشية، فقال: ومحل كونه كالميراث إذا حبس على أولاده وأولاد أولاده دون الأم والزوجة فإن حبس عليهما مع من ذكر فإن الوقف يكون بين الجميع بالسوية لا بحسب الفرائض في الوراثة حيث لم يكن من الواقف تفضيل فلا يقال حينئذ فلا يدخلان فيما للأولاد اهـ قال (بن): هذا غير صحيح لأنه حيث علم أن نصيب الورثة يقسم بينهم على حكم الإرث لأنه لا وصية لوارث لزم قسمه على الفرائض، وعدم تسوية الأم والزوجة مع الأولاد سواء أدخلهما حسب رءوسهما في القسم بين الأولاد أو لا تأمله اهـ.
قوله: [لتعلق حق غيرهم به]: أي وهم أولاد الأولاد.
قوله: [شاركهم غيرهم]: أي الذي هو الزوجة والأم أي إنما قسم كالميراث وشاركهم فيه الأم والزوجة لعدم صحة الوقف عليهم في المرض.
قوله: [على طريقة الفرضيين]: أي الذين لا يعطون كسراً.
قوله: [منها]: أي من الثلاثة التي تخص أولاد الأعيان لأن الزوجة والأم لا دخول لهما فيما لأولاد الأولاد لصحة الوقف فيه.
قوله: [وبين المخرجين]: أي الذي هو الستة والثمانية.
قوله: [المنكسرة عليها سهامها]: أي التي هي سبعة عشر.
قوله: [الأربعة والعشرين]: بدل أو عطف بيان.
قوله: [من أصل المسألة]: أي التي هي الأربعة والعشرون.
قوله: [أخذه مضروباً في ثلاثة]: أي التي هي عدد رءوس أولاد الأعيان.
قوله: [وانتقض القسم المذكور]: أي الذي هو على سبعة.
قوله: [فإذا حدث واحد]: يتصور
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (والعشرين).
والباقي يقسم على ثلاثة الاثنين الباقيين من أولاد الأعيان وأخيهم الميت فإنه يقدر حياته، ونصيبه يكون لوارثه على حسب الفرائض. فإذا كانت زوجة الواقف المذكورة أمه كان لها من نصيبه الثلث أو السدس، إن كان أولاد الأولاد أو بعضهم أبناءه ولا شيء منه لأم الواقف لأنها جدته حجبت بأمه. وإن كانت الزوجة ليست بأمه كان لأم الواقف السدس منه لأنها جدته. وإن كان أولاد الأولاد أبناءه كان لهم الباقي. وإن كان أبناؤه بعضهم اختص به.
وإن كانوا كلهم أبناء أخيه اختص به أخواه الباقيان، وكذا لو مات اثنان من أولاد الأعيان. فلو مات الثلاثة رجع الوقف جميعه لولد الولد مع ما بيد الزوجة والأم؛ لأن أخذهما كان بالتبع لأولاد الأعيان. ولو ماتت أم المحبس أو زوجته أو وارث الابن الميت مما لا دخل له في الوقف -كزوجته وأخيه لأمه- فسهمه على ورثته على حسب الفرائض، إلى أن يموت أولاد الأعيان جميعهم فينتقل الوقف لأولاد الأولاد، ولو مات واحد من أولاد الأولاد كانت القسمة من ستة؛ لأولاد الأعيان النصف ثلاثة.
ولو مات اثنان كانت القسمة من خمسة لأولاد الأعيان ثلاثة وللأم سدسها وللزوجة ثمنها. ولو مات أولاد الأولاد كلهم بقي الوقف لأولاد الأعيان كلهم؛ فإن ماتوا أيضاً رجع مراجع الأحباس لأقرب عصبة فقراء المحبس. (لا) ينتقض القسم (بموت إحداهما) أي الزوجة أو الأم ويرجع مناب من مات منهما لورثته كان وارثهما من أهل ذلك الوقف أو غيره ما بقي أحد من أولاد الأعيان فإن لم يكن لهما وارث فلبيت المال حتى تنقرض أولاد الأعيان وعلم من جميع ما تقدم أن الطبقة العليا وهي أولاد الأعيان لا تحجب الطبقة السفلى لا من نفسها ولا من غيرها، وأن الأم والزوجة قد يعتريهما النقص والزيادة باعتبار الحدوث والموت، وقد يسقطان عند موت أولاد الأعيان.
(و) بطل الوقف (على معصية ككنيسة) وكصرف غلته على خمر أو شراء للسلاح لقتال حرام (أو) على (حربي) وتقدم صحته على ذمي (أو) وقف (على نفسه ولو بشريك) أي يبطل على نفسه ولو مع شريك غير وارث، كأوقفته على نفسي مع فلان، فإنه يبطل ما يخصه وكذا ما يخص الشريك. (إلا أن يحوزه الشريك قبل المانع) فإن كان شائعاً فإن حاز الجميع قبل المانع صح له منابه وإلا فلا،
ــ
حدوث ولد من أولاد الأعيان فيما إذا كان للواقف ولد غائب لم يعلم به حين القسم ثم حضر بعد القسمة وشهدت البينة بأنه ابن الواقف فتنقض القسمة.
قوله: [والباقي يقسم على ثلاثة] إلخ: أي فتكون المسألة من اثنين وسبعين كما تقدم.
قوله: [فإذا كانت زوجة الواقف] إلخ: تفصيل لما أجمل قبله.
قوله: [كان لها من نصيبه الثلث]: لا يظهر في هذا المثال بل لها السدس على كل حال لوجود جمع من الإخوة لأنه معلوم في الفرائض أن المراد بالجمع الذي يحجب الأم من الثلث إلى السدس ما فوق الواحد فلا يظهر التفصيل الذي قاله إلا إن كان الميت من أولاد الأعيان اثنين كالمثال الآتي.
قوله: [لأنها جدته]: أي من جهة أبيه وليس له أم تحجبها.
قوله: [ليست بأمه]: أي بل زوجة أبيه فقط.
قوله: [كان لهم الباقي]: أي لأن جهة البنوة تحجب جهة الأخوة.
قوله: [اختص به أخواه] إلخ: أي لأن جهة الأخوة تقدم على جهة بنيها.
قوله: [فسهمه على ورثته]: أي الذي نابه من الشيء الموقوف.
قوله: [فينتقل الوقف لأولاد الأولاد]: أي فيحوزون جميع الشيء الموقوف، فكل من كان أخذ من ورثة أولاد الأعيان أو ورثة الأم أو الزوجة شيئاً رده لأولاد الأولاد وقد فاز بالغلة الماضية.
قوله: [ولو مات واحد] إلخ: مقابل لقوله "فإذا مات واحد من أولاد الأعيان"
قوله: [لأولاد الأعيان النصف ثلاثة]: أي وتأخذ الأم والزوجة نصيبهما منها والعمل على ما تقدم.
قوله: [بقي الوقف لأولاد الأعيان]: أي بأيديهم وتأخذ الأم والزوجة نصيبهما منها والعمل على ما تقدم.
قوله: [رجع مراجع الأحباس]: أي ونزع ما كان بيد الزوجة والأم أو ورثتهما، ويصير الجميع لأقرب فقراء عصبة المحبس ولامرأة لو كانت ذكراً عصبت ويستوي فيه الذكر والأنثى ولو شرط في أصل الوقف التفضيل وسيأتي إيضاح ذلك في قوله:"وإن انقطع مؤبد رجع حبساً لأقرب فقراء عصبة المحبس" إلخ.
قوله: [ما بقي أحد من أولاد الأعيان]: ظرف لقوله: "يرجع". أي يرجع مناب من مات منهما لورثته مدة بقاء أحد من أولاد الأعيان.
قوله: [حتى تنقرض أولاد الأعيان]: غاية في بقائه لبيت المال أي فإن انقرضت رده بيت المال لأولاد الأولاد.
قوله: [لا من نفسها ولا من غيرها]: راجع للسفلى والمعنى أن السفلى لا تحجب بالعليا كانت السفلى من نفس العليا كأولاد صلبهم أو من غير صلبهم كأولاد إخوتهم.
قوله: [باعتبار الحدوث]: راجع للنقص والزيادة.
وقوله: [والموت]: راجع للنقص والزيادة أيضاً.
قوله: [وقد يسقطان]: قد للتحقيق لا للتقليل.
قوله: [ككنيسة]: ظاهره كان على عبادها أو مرمتها كان الواقف مسلماً أو كافراً وهذا هو الذي مشى عليه في المجموع، وسيأتي عن ابن رشد قول بالصحة إن كان من ذمي على مرمتها أو المرضي بها.
قوله: [وتقدم صحته على ذمي]: أي في قوله "ولو ذمياً" وسواء كان الواقف مسلماً أو ذمياً.
فإن أوقفه على نفسه ثم على أولاده وعقبه رجع حبساً بعد موته على عقبه، إن حازوا قبل المانع، وإلا بطل، هذا إن أوقف في صحته فإن أوقف في مرضه صح، إن حمله الثلث، ورجع الأمر للتفصيل المتقدم في مسألة أولاد الأعيان.
(أو على أن النظر له) أي للواقف؛ فإنه يبطل لما فيه من التحجير، هذا إن حصل مانع له فإن اطلع عليه قبل حصول مانع كان صحيحاً وأجبر على جعل النظر لغيره.
(أو جهل سبقه) أي الوقف (لدين إن كان) الوقف (على محجوره)، وهذا فيما إذا حازه الواقف لمحجوره، مع وجود الشروط الثلاثة المتقدمة من الإشهاد، وصرف الغلة، وكون الوقف غير دار سكناه، وإلا بطل، ولو علم تقدمه على الدين، والمعنى: أن من وقف على محجوره وقفاً وحازه له بالشروط المتقدمة وعلى الواقف دين ولم يعلم هل الدين قبل الوقف أو بعده، فإن الوقف يبطل ويباع ككدين [1] تقديماً للواجب على التبرع عند الجهل مع ضعف الحوز، ولذا لو حازه للمحجور أجنبي بإذن الولي لصح ولم يبطل عند جهل سبقه للدين؛ كالولد الكبير والأجنبي يحوز لنفسه قبل المانع فلا يبطل بجهل السبق بل بتحققه وأما لو حاز المحجور لنفسه، فهل يعتبر حوزه فلا يبطل الوقف عند جهل السبق؟ وهو الصحيح، سفيهاً كان أو صبياً وقد تقدم. (أو لم يخل) بسكون الخاء: أي لم يترك الواقف (بين الناس وبين كمسجد) ورباط ومدرسة (قبله) أي قبل المانع؛ فإنه يبطل، ويكون ميراثاً. فإن أخلى قبل المانع صح لأن الإخلاء المذكور حوز حكمي.
(و) بطل الوقف (من كافر لكمسجد) ورباط (ومدرسة) من القرب الإسلامية. وأما وقف الذمي على كنيسته [2] فإن كان على مرمتها أو على المرضى بها فالوقف صحيح معمول به. فإن ترافعوا إلينا حكم بينهم بحكم الإسلام أي من إمضائه وإن كان على عبادها حكم ببطلانه كذا نقل عن ابن رشد.
(وكره) الوقف (على بنيه) الذكور (دون بناته) فإن وقع مضى ولا يفسخ (على الأصح) وهو مذهب المدونة.
ومقابله ما مشى عليه الشيخ من أنه لا يجوز ويفسخ إن وقع، وهو قول ابن القاسم في العتبية.
ــ
قوله: [فإن أوقفه على نفسه ثم على أولاده]: حاصله أن الوقف على النفس باطل وعلى غيره يصح تقدم الوقف على النفس أو تأخر أو توسط، كأن قال: وقفت على نفسي ثم عقبي، أو وقفت على زيد ثم على نفسي، أو وقفت على زيد ثم على نفسي ثم على عمرو. فالأول يقال له منقطع الأول، والثاني منقطع الآخر. والثالث منقطع الوسط. وكذا يكون منقطع الطرفين كالوقف على نفسه ثم على أولاده ثم على ميت لا ينتفع بالوقف. والحاصل: أن الظاهر من مذهبنا أنه يبطل فيما لا يجوز الوقف عليه ويصح فيما يصح عليه ولا يضر الانقطاع.
وقال الشافعي: لا يصح منقطع الابتداء والانتهاء أو الابتداء فقط. وقال أبو حنيفة: يبطل منقطع الانتهاء.
وقال أحمد: يبطل منقطع الانتهاء والوسط كذا في الحاشية.
قوله: [أو على أن النظر له]: محل بطلان الوقف إن جعل النظر لنفسه ما لم يكن وقفه على محجوره وإلا فله النظر، ويكون الشرط مؤكداً كذا ذكره شيخ مشايخنا السيد البليدي في حاشيته على (عب).
قوله: [ولم يعلم هل الدين] إلخ: أي وأولى إذا علم تقدم الدين على الوقف، فإن تحقق تقدم الوقف على الدين فلا بطلان وتتبع ذمة الواقف بالدين.
والحاصل: أنه إن علم تقدم الدين على الوقف بطل سواء كان الوقف على محجوره أو غيره، فإن علم تقدم الوقف على الدين فلا بطلان كان الوقف على محجوره أو على غيره، وإن جهل سبقه له فإن كان الوقف على محجوره بطل إن حازه له وإن كان على غيره فلا بطلان إن حازه الموقوف عليه قبل المانع.
قوله: [بل بتحققه]: أي بتحقق سبق الدين على الوقف.
قوله: [أي لم يترك الواقف]: مفعوله محذوف تقديره الحجر، والمعنى أنه حصل له مانع وهو باق على حجره وتحت حوزه.
قوله: [حوز حكمي]: أي عن الواقف.
قوله: [كذا نقل عن ابن رشد]: وهناك قول ثان بالبطلان مطلقاً.
وقول ثالث بالصحة مطلقاً، وأنه غير لازم وسواء أشهد على ذلك الوقف أم لا، بأن من تحت يد الواقف أم لا، وللواقف الرجوع فيه متى شاء.
قوله: [وكره الوقف] إلخ: اعلم أن في هذه المسألة وهي الوقف على البنين دون البنات أقوالاً: أولها: البطلان مع حرمة القدوم على ذلك.
ثانيها: الكراهة مع الصحة والكراهة على بابها. ثالثها: جوازه من غير كراهة. رابعها: الفرق بين أن يحاز عنه فيمضي على ما حبسه عليه أو لا يحاز فيرد للبنين والبنات معاً. خامسها: ما رواه عيسى عن ابن القاسم حرمة ذلك، فإن كان الواقف حياً فسخه وجعله للذكور والإناث، وإن مات مضى. سادسها: فسخ الحبس وجعله مسجداً إن رضي المحبس عليه فإن لم يرض لم يجز فسخه ويقر على حاله حبساً وإن كان الواقف حياً والمعتمد من هذه الأقوال ثانيها الذي مشى عليه المصنف، ومحل الخلاف إذا حصل الوقف على البنين دون البنات في حال الصحة وحصل الحوز المانع. أما لو كان الوقف في حالة المرض فباطل اتفاقاً ولو حيز لأنه عطية لوارث، أو كان في حال الصحة وحصل المانع قبل الحوز كما لو بقي الواقف ساكناً فيه حتى مات فباطل اتفاقاً أيضاً فليحفظ
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (للدين)، ولعلها الصواب.
[2]
في ط المعارف: (كنيسة).
(واتبع شرطه): أي الواقف وجوباً (إن جاز)، والمراد بالجواز: ما قابل الممنوع فيشمل المكروه، فإن لم يجز لم يتبع.
ومثل للجائز بقوله: (كتخصيص) أهل (مذهب) من المذاهب الأربعة بصرف الغلة لهم أو بتدريس في مدرسته أو بكونه إماماً في مسجده (أو) تخصيص (ناظر) معين وله عزل نفسه، فيولي الواقف غيره ممن شاء؛ وإلا فالحاكم. فإن لم يجعل له ناظراً فالمستحق إن كان معيناً رشيداً هو الذي يتولى أمره، فإن لم يكن رشيداً فوليه. وإن كان المستحق غير معين كالفقراء فالحاكم يولي من شاء، وأجرته من ريعه، وكذا إن كان الواقف على مسجد ونحوه، وقارع [1] بين رشداء معينين. (أو تبدئة فلان): من المستحقين (بكذا) من غلته ثم يقسم الباقي على البقية، فيجب العمل به لأن شرط الواقف كنص الشارع. (أو) شرط أنه:(إن احتاج من حبس عليه) إلى البيع من الوقف (باع) فيعمل بشرطه، ولا بد من إثبات الحاجة والحلف عليها، إلا أن يشترط أن يصدق بلا يمين (أو) شرط أنه (إن تسور عليه) أي على الوقف (ظالم رجع) الوقف ملكاً (له) إن كان حياً (أو لوارثه) إن مات (أو) رجع (لفلان ملكاً) فإنه يعمل بشرطه. وقوله:"ملكاً" راجع للثلاثة قبله.
ثم شرع في بيان حكم ما إذا انقطع المحبس عليه، فقال:(وإن انقطع) وقف (مؤبد) على جهة بانقطاع الجهة التي وقف عليها (رجع حبساً لأقرب فقراء عصبة المحبس) فيقدم الابن فابنه فالأب فالأخ فابنه فالجد فالعم فابنه، ولا يدخل فيه الوقف ولو فقيراً ولا مواليه. فإن كان الأقرب غنياً فلمن يليه في الرتبة،
ــ
هذا المقام، وكلام المؤلف في بنيه وبناته لصلبه، وأما بنو بنيه دون بنات بنيه فيصح وقفه اتفاقاً، وأما هبة الرجل لبعض ولده ماله كله أو جله فمكروه اتفاقاً، وكذا يكره أن يعطي ماله كله لأولاده يقسم بينهم بالسوية إن كانوا ذكوراً وإناثاً، وإن قسمه بينهم على قدر مواريثهم فذلك جائز وكذلك يصح الوقف باتفاق في العكس كوقفه على بناته دون بنيه، وإنما بطل الوقف على البنين دون البنات على القول به لقول مالك إنه من عمل الجاهلية، أي يشبه عملهم لأن الجاهلية كانوا إذا حضر أحدهم الموت ورثوا الذكور دون الإناث فصار فيهم حرمان الإناث دون الذكور. فالوقف على هذا الوجه يشبه عمل الجاهلية اهـ ملخصاً من الحاشية وحاشية الأصل.
قوله: [واتبع شرطه إن جاز]: أي إن كان باللفظ أو بالكتابة.
قوله: [فيشمل المكروه]: أي وذلك كتخصيص الذكور دون الإناث. وكفرش المسجد بالبسط وكأضحية عنه كل عام بعد موته.
قوله: [فإن لم يجز لم يتبع]: أي إن كان ممنوعاً باتفاق. وأما المختلف فيه كاشتراط إخراج البنات من وقفه إذا تزوجن فهذا لا يجوز الإقدام عليه، فإذا وقع مضى كما في (ح) نقله (بن).
قوله: [أو تخصيص ناظر معين]: أي بأن شرط الواقف أن فلاناً ناظر وقفه فيجب اتباع شرطه ولا يجوز العدول عنه لغيره وليس له الإيصاء بالنظر لغيره إلا أن يجعل له الواقف ذلك، وحيث لم يكن له إيصاء به، فإن مات الناظر والواقف حي جعل النظر لمن شاء وإن كان ميتاً فوصيه إن وجد وإلا فالحاكم.
قوله: [وإلا فالحاكم]: أي إن لم يكن الناظر حياً ولا وصي له فالحاكم.
تنبيه: ذكر البدر القرافي أن القاضي لا يعزل الناظر إلا بجنحة وللواقف عزله مطلقاً.
قوله: [وأجرته من ريعه]: أي يجوز للقاضي أن يجعل للناظر أجرة من ريع الوقف على حسب المصلحة خلافاً لقول ابن عتاب إنه لا يحل له أخذ شيء من غلة الوقف، بل من بيت المال إلا إذا عين الواقف شيئاً.
قوله: [وكذا إن كان الوقف على مسجد]: أي فإن الحاكم يولي عليه من يشاء ممن يرتضيه إن لم يكن الواقف حياً ولا وصي له. واعلم أنه إذا مات الواقف وعدم كتاب الوقف قبل قول الناظر في الجهات التي يصرف عليها إن كان أميناً، وإذا ادعى الناظر أنه صرف الغلة صدق إن كان أميناً ما لم يكن عليه شهود في أصل الوقف فلا يصرف إلا باطلاعهم، ولا يقبل بدونهم وإذا ادعى أنه صرف على الوقف مالاً من عنده صدق من غير يمين إن لم يكن متهماً وإلا فيحلف. ولو التزم حين أخذ النظر أن يصرف على الوقف من ماله إن احتاج لم يلزمه ذلك وله الرجوع بما صرفه، وله أن يقترض لمصلحة الوقف من غير إذن الحاكم ويصدق في ذلك نقله محشي الأصل عن (شب).
قوله: [أو تبدئة فلان]: أي كأن يقول يبدأ بفلان من غلة وقفي كل سنة أو كل شهر بكذا فيعطى ذلك مبدأ على غيره وإن من غلة ثاني عام إن لم يقل من غلة كل عام. فإن قال ذلك لا يعطى من ريع المستقبل عن الماضي إذا لم يف بحقه لأنه أضاف الغلة إلى كل عام.
قوله: [فيعمل بشرطه]: اعلم أن الاحتياج شرط لجواز اشتراط البيع لا لصحة اشتراطه إذ يصح شرط البيع بدون قيد الاحتياج. وإن كان لا يجوز ابتداء فيعمل بالشرط بعد الوقوع.
قوله: [وقوله ملكاً]: المناسب التفريع بالفاء.
وقوله: [للثلاثة قبله]: أي التي هي قوله "له أو لوارثه أو لفلان".
قوله: [مؤبد]: أي وأما المؤقت فسيأتي في قوله "وإن لم يؤبد بأن قيد بحياتهم" إلخ.
قوله: [فالأخ فابنه فالجد]: أي كالنكاح.
قوله: [ولا يدخل فيه الواقف] إلخ
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (وأقرع).
كما إذا لم يوجد (و) رجع (لامرأة لو كانت ذكراً عصبت) كالبنت والأخت والعمة (يستوي فيه) أي في الرجوع (الذكر والأنثى) ولو شرط في أصل وقفه على المحبس عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين أو عكسه، لأن المرجع ليس بإنشاء، وإنما هو بحكم الشرع.
(لا) يرجع لأنثى لو كانت ذكراً لم تعصب (كبنت بنت) بخلاف بنت الابن (فإن ضاق) الوقف (عن الكفاية قدم الأقرب من الإناث) فلا يدخل معهن الأبعد من العصبة فإذا كان له بنات وإخوة وضاق الوقف عن كفاية الجميع قدم البنات؛ أي اختصصن بما يغنيهن لا إيثارهن بالجميع. ولو زاد على ما يكفيهن وأما المساوي للأنثى فيشاركها مطلقاً قال ابن هارون: المشهور أن البنت إن كانت مساوية للعاصب شاركته في السعة والضيق، وإن كان أقرب منه قدمت عليه في الضيق. وإن كانت أبعد منه قدم العاصب عليها في السعة والضيق وهو كقول الشارح.
واعلم أن الأقسام ثلاثة: مشاركة في الضيق والسعة إذا تساوى النساء مع العصبة كأخ وأخوات، وعدم مشاركة في الضيق والسعة إذا كان النساء أبعد من العاصب كأخ وعمة، ومشاركة في السعة دون الضيق إذا كان النساء أقرب. (وإن وقف على معينين) كزيد وعمرو وخالد (وبعدهم) يكون (للفقراء، فنصيب كل من مات) من المعينين يكون (للفقراء) لا للحي منهم وسواء قال: حياتهم، أم لا. وأما لو قال: وقف على أولادي وأولادهم، سواء قال: الطبقة العليا تحجب السفلى أم لا، فإن من مات من الطبقة العليا انتقل نصيبه لولده وإلا فلإخوته؛ كذا أفتى ابن رشد بناء على الترتيب في الوقت باعتبار كل واحد على حدته، كأنه قال: على فلان ثم ولده، وعلى فلان ثم ولده وهكذا. فكل من مات انتقل نصيبه لولده لا لإخوته، فيكون معنى:"الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى" من فرعها دون فرع غيرها. ومعنى "على أولادي ثم على أولادهم": أي على ولدي فلان ثم من بعده على ولده إلى آخر ما تقدم. وخالفه ابن الحاج وقال: بل يكون نصيب من مات لإخوته بناء على أن الترتيب باعتبار المجموع أي لا ينتقل للطبقة الثانية إلا إذا لم يبق أحد من الأولى. انتهى. وهذا إذا لم يصرح بشيء أو لم يجر العرف به وإلا عمل عليه وبالعرف عندنا بمصر على فتوى ابن رشد.
ثم ذكر مفهوم: "مؤبد" بقوله: (وإن لم يؤبد) الوقف؛ فلا يخلو إما أن يقيد بشيء أو لا: (فإن قيد بحياتهم) أو حياتي (أو حياة فلان) كزيد (أو) قيد (بأجل) كعشرة أعوام والوقف على معينين كقوله: وقفته على أولادي أو على أولاد فلان مدة حياته أو مدة حياتي إلى آخره (فللباقي): أي فمن مات منهم فنصيبه لبقية أصحابه حتى ينقرضوا، (ثم) إذا انقرضوا ولم يبق منهم أحد (يرجع ملكاً) لربه أو لوارثه إن مات (وإلا) يقيد بشيء مما تقدم بأن أطلق (فمرجع الأحباس) أي فيرجع بعد انقراض جميعهم مرجع الأحباس لأقرب عصبة المحبس ولامرأة لو فرضت ذكراً عصبت إلى آخر ما تقدم. فإن لم يكن له عصبة أو انقرضوا فللفقراء بالاجتهاد من الناظر. والفرق بين هذه يرجع نصيب من مات لأصحابه
ــ
أي لأنه لا يرجع ملكاً، بل باق على الوقفية والوقف لا يكون على النفس.
قوله: [كما إذا لم يوجد]: أي فيقدر هذا الغنى عدماً.
قوله: [ورجع لامرأة] إلخ: معناه يرجع لأقرب امرأة من فقراء أقارب المحبس لو خلقت ذكراً لكانت عصبة.
قوله: [وإنما هو بحكم الشرع]: أي والأصل في إطلاق الوقف التسوية بين الموقوف عليهم.
قوله: [قدم الأقرب]: حاصل المسألة أنهم إن كانوا ذكوراً فقط قدم في الكفاية الأقرب فالأقرب وإن كن إناثاً فقط اشتركن سعة وضيقاً إلا البنات فيقدمن في الضيق، وإن كن ذكوراً وإناثاً فإن كان الذكور أقرب قدموا على الإناث سعة وضيقاً، وإن كانوا متساوين اشترك الكل سعة وضيقاً على المعتمد، وإن كان الإناث أقرب اشترك الكل في السعة وعند الضيق تقدم البنات كذا في الحاشية.
قوله: [ولو زاد] إلخ: راجع للنفي والواو للحال ولو زائدة، والمعنى لا إيثارهن بالجميع في حال الزيادة بل في حالها تعطى الزيادة للأخوات.
قوله: [وهو كقول الشارح]: المراد به بهرام.
وقوله: [واعلم] إلخ: مقول قول الشارح وهذه العبارة أصلها للبناني.
قوله: [وإلا فلإخوته]: أي وإلا يكن له ولد.
قوله: [واعتبار كل واحد]: أي فهو من باب الكلية لا الكل.
قوله: [وخالفه ابن الحاج]: أي وكان معاصراً لابن رشد.
قوله: [باعتبار المجموع]: أي فهو من باب الكل لا من باب الكلية.
قوله: [لا ينتقل للطبقة الثانية] إلخ: فعلى هذه الطريقة إذا انقرضت العليا وانتقل الوقف هل يسوي فيه بين أفراد السفلى. وبه قال (ح) أو يعطي لكل سلسلة ما لأصلها وبه قال الناصر كذا في (بن).
قوله: [والوقف على معينين]: أي وأما لو كان الوقف على غير معينين كالفقراء فلا يتأتى انقطاعه بل هو مؤبد.
قوله: [إلى آخره]: أي بأن قال حياة فلان أو قيد بأجل كعشرة أعوام.
قوله: [وإلا يقيد بشيء مما تقدم]: أي من قوله حياتي أو حياة فلان أو بأجل والموضوع أنه على معينين.
قوله: [لأقرب عصبة المحبس]: أي من فقرائهم.
قوله: [يرجع نصيب من مات لأصحابه]: أي للباقي من أصحابه ولا يرجع ملكاً أو مراجع
وبين ما قبلها يرجع نصيبه للفقراء؛ أنه لما كان الوقف فيما قبلها مستمراً احتيط لجانب الفقراء، فكان لهم نصيب كل من مات، وفي هذه لما كان يرجع ملكاً احتيط لجانب الموقوف عليهم ليستمر الوقف بتمامها طول حياتهم.
(و) رجع الوقف (في) التحبيس على (كقنطرة) ومسجد ومدرسة خربت و (لم يرج عودها في مثلها) حقيقة إن أمكن، فيصرف في قنطرة أخرى أو مسجد آخر أو مدرسة أخرى. فإن لم يمكن ففي مثلها نوعاً؛ أي في قرية ومن ذلك مدارس مصر ومساجدها التي كانت بالقرافة.
(وإلا) بأن رجي عودها (وقف لها) ليصرف في ترميمها وتجديدها وما يتعلق بإصلاحها. (وبدأ) الناظر وجوباً من غلته (بإصلاحه) إن حصل به خلل. (والنفقة عليه) إن كان يحتاج لنفقة كالحيوان (من غلته) متعلق بـ: "بدأ"(وإن شرط) الواقف (خلافه) فلا يتبع شرطه في ذلك لأنه يؤدي إلى إتلافه وعدم بقائه وهو لا يجوز.
(وأخرج [1] ساكن موقوف عليه) دار (للسكنى) فيها إذا حصل بها خلل (إن لم يصلح) بأن أبى الإصلاح بعد أن طلب منه (لتكرى له): أي للإصلاح، وهذا علة للإخراج: أي أخرج لأجل أن تكرى للإصلاح بذلك الكراء، فإذا أصلحت رجعت بعد مدة الإجارة للموقوف عليه، فإن أصلح ابتداء لم يخرج (وأنفق على كفرس) وبعير وبغل وقف (لكغزو) ورباط وخدمة مسجد (من بيت المال) ولا يلزم المحبس نفقته ولا يؤاجر لينفق عليه من غلته، فعلى السلطان أو نائبه إجراء النفقة عليه من بيت مال المسلمين. واحترز بقوله:"لكغزو" مما إذا وقف على معين فإن نفقته على الموقوف عليه، (وإلا) يكن بيت مال أو لم يمكن التوصل إليه (بيع وعوض به سلاح)، ونحوه مما لا نفقة له (وبيع ما لا ينتفع به) فيما حبس عليه وينتفع به في غيره إذا شرط المبيع الانتفاع به (من غير عقار) بيان لـ "ما": كثوب وحيوان وعبد يهرم وكتب علم تبلى أو لا ينتفع بها في تلك المدرسة (وجعل في مثله) كاملاً إن أمكن (أو شقصه) أي في جزء من ذلك الشيء إن لم يمكن شراء كامل، بأن يشارك به في شيء. فإن لم يمكن تصدق بالثمن.
(كأن أتلف) الحبس، فإن من أتلفه يلزمه القيمة ويشتري بها مثله أو شقصه وهذا ظاهر إن كان غير عقار وأما العقار فيعاد بقيمته فنقضه وقف؛ فيقوم سالماً ومهدوماً ويؤخذ من متلفه
ــ
الأحباس إلا بانقراض جميعهم.
قوله: [وبين ما قبلها]: أي التي هي قوله "وإن وقف على معينين" إلخ. وهذا الفرق الذي ذكره الشارح موضوعه فيما إذا وقف على معينين وقيد بقيد مما تقدم، ولم يذكر الفرق بين المسألة الأولى وبين الوقف على معينين ولم يقيد الداخل تحت قوله "وإلا فمرجع الأحباس". وحاصل الفرق أنه في المسألة الأولى إنما كان نصيب من مات للفقراء، ولا يرجع لباقي أصحابه للنص على الفقراء فيها، وأما في الوقف على معينين ولم يقيد إنما رجع نصيب من مات للباقي مع أنه بعدهم يكون لأقرب فقراء عصبة المحبس لأنه لم ينص عليهم، بل إنما الرجوع لهم بحكم الشرع بعد انقراض الموقوف عليهم فتأمل.
قوله: [في مثلها حقيقة إن أمكن]: أي كما في (عب) وقيل المدار على نوعها لا شخصها وهما قولان في المسألة إلا أن في كلام الأجهوري ما يفيد تأييد ما قاله شارحنا تبعا لـ (عب).
تنبيه: يؤخذ من ذلك أن من حبس على طلبة العلم بمحل عينه ثم تعذر ذلك المحل فإن الحبس لا يبطل بل ينقل لمثله.
قوله: [ومن ذلك مدارس مصر] إلخ: يناقض هذا ما يأتي في شرح قوله "لا عقار وإن خرب". والحق ما يأتي من أن مساجد القرافة ومدارسها وقف باطل يجب هدمها قطعاً ونقضها محله بيت المال يصرف في مصالح المسلمين.
قوله: [وأخرج ساكن] إلخ: هذا محمول على ما إذا لم يوجد للوقف ريع كما لو وقف داراً على فلان يسكن فيها. وأما لو جعل وقف المسجد بيتاً من بيوته الموقوفة لإمام ونحوه يسكن فيه، فإن مرمته من ريع الوقف لا على الإمام ونحوه ولا يكرى البيت لذلك كذا في (عب).
قوله: [لتكرى له]: إن قلت إكراؤها بغير الموقوف عليه تغيير للحبس لأنها. لم تحبس إلا للسكنى لا للكراء. قلت لو سلم أنها لم تحبس إلا للسكنى لأن المحبس يعلم أنها تحتاج للإصلاح ولم يوقف لها ما تصلح به فبالضرورة يكون آذناً في كرائها لغير من حبست عليه عند الحاجة لذلك كذا في الحاشية، نقل (بن) عن اللخمي أن نفقة الوقف ثلاثة أقسام: فدور الغلة والحوانيت والفنادق تصلح من غلتها ودور السكنى يخير من حبست عليه بين إصلاحها وإكرائها بما تصلح بها منه والبساتين إن حبست على من لا تسلم إليه، بل تقسم غلتها عليه تساقى أو يستأجر عليها من غلتها وإن كانت على معينين هم يلونها بالنفقة عليها والإبل والبقر والغنم كالثمار اهـ.
قوله: [ولا يلزم المحبس نفقته]: أي ولا الحبس عليه سواء كان معيناً أو غير معين.
قوله: [مما إذا وقف على معين]: أي في غير الجهاد بل ينتفع به في أمور نفسه.
قوله: [وعوض به سلاح] إلخ: أي لأنه أقرب لغرض الواقف.
قوله: [فإن لم يمكن تصدق بالثمن]: أي إذا لم يمكن إبداله شقصاً أو كلاً.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (أخرج).
قيمة النقض يقوم بها مع النقض الحبس.
فقوله: (ولو عقاراً) ناظر لأخذ القيمة التي تضمنها ما قبله، كأنه قال: كأن أتلف، فالقيمة ولو عقاراً يؤخذ بها مثله أو شقصه في غير العقار ويقام العقار بها، وقصد بذلك الرد على قول الشيخ:"ومن هدم وقفاً فعليه إعادته" إذ المشهور أنه يلزمه القيمة كسائر المتلفات ويقام بها الوقف.
(وبيع فضل الذكور) عن النزو (و) بيع (ما كبر) بكسر الباء (من الإناث) وجعل [1] ثمنها (في إناث) لتحصيل اللبن والنتاج منها ليدوم الوقف؛ يعني: أن من أوقف شيئاً من الأنعام لينتفع بألبانها وأصوافها وأوبارها، فنسلها كأصلها في التحبيس. فما فضل من ذكور نسلها عن النزو وما كبر من إناثها فإنه يباع ويعوض عنه إناث صغار لتمام النفع بها.
(لا) يباع (عقار) حبس أي لا يجوز بيعه ولا يصح (وإن خرب) بكسر الراء وصار لا ينتفع به وسواء كان داراً أو حوانيت أو غيرها (ولو بغيره) من جنسه كاستبداله بمثله غير خرب، فلا يجوز. ولا يجوز بيع نقضه من أحجار أو أخشاب؛ فإن تعذر عودها فيما حبست فيه جاز نقلها في مثله على ما تقدم. هذا في الوقف الصحيح، وأما الباطل كالمساجد والمدارس التي بناها الملوك والأمراء بقرافة مصر ونبشوا مقابر المسلمين وضيقوا عليهم فهذه يجب هدمها قطعاً ونقضها محله بيت المال يصرف في مصالح المسلمين. وأما مساجدهم ومدارسهم التي بوسط البلد فنافذة لأنها من مصالح المسلمين.
وإذا منع بيع الوقف وأنقاضه -ولو خرب- فهل يجوز للناظر إذا تعذر عوده من غلة وأجرة أن يأذن لمن يعمره من عنده على أن البناء يكون للباني ملكاً وخلواً، ويجعل في نظير الأرض حكراً يدفع للمستحقين أو لخدمة المسجد؟ أفتى بعضهم بالجواز وهذا هو الذي يسمى خلواً، لا ما يفعله أهل مصر من المفاصلة التي تقدم بعضها، وكثيراً ما يقع من النظار بيع مواقف المسجد وخلواته ليتوصلوا بذلك إلى الاستيلاء على نفس المساجد ويدخلون فيها دوابهم، وبالجملة متى أمكنهم شيء فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون.
(إلا) أن يبيع العقار الحبس (لتوسيع مسجد) جامع فيجوز (أو) توسعة (مقبرة أو طريق) لمرور الناس فيجوز بيع بالوقف لذلك (ولو جبراً) على المستحقين أو الناظر وإذا كان ذلك في الحبس فالملك أولى. (وأمروا) أي المستحقون وجوباً (بجعل ثمنه في حبس غيره) ووجب عليهم ذلك (ولا جبر) أي لا يجبرهم الحاكم على الجعل في حبس غيره: أي لا يقضي عليهم به.
ثم شرع في بيان ما تتناوله ألفاظ الواقف بقوله: (وتناول الذرية) فاعل تناول
ــ
قوله: [قيمة النقص]: بفتح النون وبالصاد.
وقوله: [مع النقض]: بضم النون وبالضاد المعجمة.
قوله: [ويقام بها الوقف]: أي على حسب الطاقة.
قوله: [وبيع فضل الذكور] إلخ: أي يباع ما زاد منها على الحاجة نزواً أو غيره.
قوله: [بكسر الباء]: أي لأن ضمها يكون في المعاني كقوله تعالى: {كبر مقتاً عند الله} [غافر: 35] الآية، وأما الفتح فمعناه الطبل الكبير.
قوله: [ويعوض عنه إناث صغار]: أي يرجى منها النسل واللبن وتجعل حبساً كأصلها.
قوله: [لا يباع عقار]: مفهوم قوله "من غير عقار".
قوله: [وإن خرب]: أشار بذلك لقول مالك في المدونة ولا يباع العقار المحبس ولو خرب، وبقاء أحباس السلف دائرة دليل على منع ذلك، ورد بـ "لو" على رواية أبي الفرج عن مالك إن رأى الإمام بيع ذلك لمصلحة جاز ويجعل ثمنه في مثله وهو مذهب أبي حنيفة فعندهم يجوز بيع الوقف إذا خرب ويجعل ثمنه في مثله.
قوله: [يصرف في مصالح المسلمين]: قال في الأصل تباع لمصالح المسلمين أو يبنى بها مساجد في محل جائز أو قناطر لنفع العامة ولا تكون لوارثهم إذ هم لا يملكون منها شيئاً، وأنى لهم ملكها وهم السماعون للكذب الأكالون للسحت يكون الواحد منهم عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه، فإذا استولى بظلمه على المسلمين سلبهم أموالهم وصرفها فيما يغضب الله ورسوله ويحسبون أنهم مهتدون، وأما ما رتبوه عليها من الوظائف فيجوز تناوله بوصف الاستحقاق من بيت المال ولو لم يعمل بما رتب فيه من أذان أو قراءة أو تدريس أو نحو ذلك اهـ.
قوله: [أفتى بعضهم بالجواز]: المراد به الناصر اللقاني وعليه الأجهوري وأتباعه كما تقدم.
قوله: [وخلواته]: بفتحات جمع خلوة وهو عطف خاص لأن المرافق تشمله.
قوله: [فيجوز]: أي فيجوز البيع لتوسيع المسجد الجامع وما بعده كان الوقف على معينين أو غيرهم، ومعنى الجامع الذي تقام فيه الجمعة قال في المواق ابن رشد ظاهر سماع ابن القاسم أن ذلك جائز في كل مسجد وهو قول سحنون أيضاً وفي النوادر عن مالك والأخوين وأصبغ وابن عبد الحكم أن ذلك في مساجد الجوامع إن احتيج لذلك لا في مساجد الجماعات إذ ليست الضرورة فيها كالجوامع اهـ (بن).
قوله: [وأمروا] إلخ: ذكر المسناوي في فتوى أبي سعيد بن لب أن ما وسع به المسجد من الرباع لا يجب أن يعوض فيه ثمن إلا ما كان ملكاً أو حبساً على معين، وأما ما كان حبساً على غير معين كالفقراء فلا يلزم تعويضه أي دفع ثمن فيه؛ لأنه إذا كان على غير معين لم يتعلق به حق لمعين وما يحصل من الأجر لواقفه إذا دخل في المسجد أعظم مما قصد تحبيسه لأجله أولاً اهـ (بن).
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (جعل).
أي لفظ الذرية في قوله: ذريتي أو ذرية فلان (الحافد) مفعوله: وهو ولد البنت فيدخل الأولاد وأولادهم ذكوراً وإناثاً (كولد فلان وفلانة) وأولادهم أو ولدي (الذكور والإناث وأولادهم) فإنه يتناول الحافد (أو) قال: (أولادي وأولادهم) فإنه يتناول الحافد. بخلاف قوله: (ولدي وولد ولدي) فلا يتناول الحافد، بل أولاده ذكوراً وإناثاً وأولاد أولاده الذكور دون الإناث، رواه ابن وهب عن مالك ورجحه ابن رشد في المقدمات.
وقال أبو الحسن: يدخل في ولدي وولد ولدي: الحافد، وتأول كلام الإمام. (و) بخلاف (أولادي وأولاد أولادي) لا يدخل الحافد على الراجح، وقيل بدخوله كالذي قبله. (وبخلاف بنيّ وبني بني): بتشديد الياء في الطرفين، فلا يدخل الحافد (كنسلي): لا يدخل فيه الحافد (وعقبي): لا يدخل فيه حافد لأن النسل أو العقب لا يتناوله عرفاً كالثلاثة قبله فإذا كان العرف عندهم شموله، دخل؛ لأن مبنى هذه الألفاظ العرف. ثم الألفاظ المتقدمة التي ذكرنا فيها أنها تتناول الحافد، قال بعضهم: وإن سفل، ورده المحشي بأنه ليس بصحيح، لقول ابن رشد في المقدمات ما نصه: ولو كرر التعقيب لدخل ولد البنات إلى الدرجة التي انتهى إليها المحبس على ما ذهب إليه الشيوخ. ثم استظهره، وقال: إنه المعمول به، وتبعه أبو الحسن واقتصر عليه ابن عرفة والقرافي وغيرهما. وجرى به العمل قديماً وحديثاً. انتهى.
(وتناول الإخوة) أي لفظ الإخوة، كوقف على إخوتي أو إخوة زيد (الأنثى) منهم.
(و) تناول (رجال إخوتي ونساؤهم: الصغير) منهم ذكراً أو أنثى.
(و) تناول (بني أبي) أي هذا اللفظ (إخوته الذكور) أشقاء أو لأب دون الأخوات (وأولادهم) الذكور خاصة. ويدخل أيضاً ابن الواقف دون بناته لتعبيره ببني. (و) تناول (آلي وأهلي العصبة) الذكور (ومن): أي وامرأة، (لو رجلت): أي فرضت رجلاً (عصبت): كالبنت وبنت الابن والعمة دون بنت البنت والخالة. (و) تناول (أقاربي): أو أقارب فلان: (أقارب جهتيه): أي جهة أبيه وجهة أمه (مطلقاً) ذكوراً وإناثاً، كان من يقرب لأمه في جهة أبيها وأمها أي ذكوراً وإناثاً. هذا هو المشهور، وقال ابن حبيب: وهو قول جميع أصحاب مالك. انتهى.
وقال ابن القاسم: لا يدخل الخال ولا الخالة ولا قرابته من قبل أمه إلا إذا لم يكن له قرابة من جهة الأب، أي حين الإيقاف. والمعتمد دخول الجهتين (وإن كانوا ذميين و) تناول (مواليه) أي لفظ الموالي (كل من) له ولاؤه ولو بالجر (أو) كل من (لأصله) كأبيه وأمه
ــ
قوله: [أي لفظ الذرية]: قدر لفظ إشارة إلى أن كلام المصنف على حذف مضاف حذف ذلك المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه.
قوله: [وهو ولد البنت]: كلامهم هنا يفيد أن الحافد مقصور على ولد البنت والذي يفيده البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} [النحل: 72]، أن المراد بهم أولاد الذكور وأولاد البنات، وفي القاموس السبط ولد الولد ظاهره ذكراً كان أو أنثى فهو مرادف للحفيد.
قوله: [فلا يتناول الحافد] إلخ: أي لأن الولد في العرف مقصور على الذكر وإن كان في اللغة عاماً.
قوله: [الذكور]: صفة لأولاده وسواء كان أولاد هؤلاء الذكور ذكوراً أو إناثاً.
وقوله: [دون الإناث]: أي دون أولاد الإناث كانوا ذكوراً أو إناثاً.
قوله: [وقال أبو الحسن]: إلخ: قال ابن غازي وهو المشهور.
قوله: [دخل]: أي في جميع الألفاظ المتقدمة.
قوله: [قال بعضهم وإن سفل]: مراده به (عب) والخرشي وتبعهما المجموع.
قوله: [ورده المحشي]: مراده به (بن).
قوله: [وتناول رجال إخوتي] إلخ: إنما تناول الصغير من الذكور والإناث لأن العطف قرينة التعميم. بخلاف ما لو أفرد أحدهما من غير عطف فلا يتناول الصغير.
قوله: [وتناول الرجال إخوتي] إلخ: أي بخلاف ما لو قال رجال إخوتي فقط فلا يتناول الصغير.
قوله: [ويدخل أيضاً ابن الواقف] إلخ: أي وأما دخول الواقف نفسه إن كان ذكراً ففيه قولان، قال بعضهم ولعلهما مبنيان على الخلاف في دخول المتكلم في عموم كلامه وعدم دخوله، ولا يرد على القول بدخوله ما مر من بطلان الوقف على النفس لأنه في القصدي ولو بشريك، وما هنا تبع لعموم كلامه فليس مقصوداً دخوله كذا أجاب بعضهم ورده الأجهوري بأن ظاهر النصوص بطلان الوقف على النفس مطلقاً لا فرق بين القصد والتبع اهـ، وعرف مصر الآن لا يدخل الواقف ولا ولده.
قوله: [والعمة]: أي ومثلها بنت العم.
قوله: [ذكوراً وإناثاً]: المناسب أو وتجعل مانعة خلو والمقصود التعميم.
قوله: [ولا قرابته من قبل أمه]: عطف عام على ما قبله.
قوله: [وإن كانوا ذميين]: أي وإن كان أقارب جهتيه ذميين، فلا فرق بين المسلم والكافر لصدق اسم القرابة عليه. هذا هو الذي اختاره البابي عن أشهب ومفهوم "ذميين" أن الحربيين لا يدخلون اتفاقاً.
قوله: [ولو بالجر] بولادة أو عتق مثال الجر بالولادة ولادة العتيق الذي أعتقه الواقف. فإن أولاده جاءهم الولاء من المعتق بالجر أي بواسطة ولادة العتيق لهم ومثال الجر بالعتق أن يعتق العتيق عتيقاً فإن العتيق الثاني منسوب للأول بواسطة عتيقه، ولا فرق بين كون هذا العتيق الذي حصل منه إيلاد أو أعتق عتيقاً للمعتق أو لأبيه أو لفرعه، وهو معنى قول المصنف "كل من له أو لأصله أو
وجده (أو) كل من (لفرعه) كأولاده وأولادهم (ولاؤه ولو بالجر) بولادة أو عتق (لا) يتناول (الأعلون) كمن أعتقه أو أعتق أصله كما هو مذهب المدونة (إلا لقرينة) فيعمل بها. وخرج من لا ولاء له عليه: كعتيق جده لأمه وعتيق حفدته (و) تناول (قومه عصبته) الذكور (فقط) لا النساء، ولو من لو رجلت عصبت، إذ القوم حقيقة في الذكور دون النساء.
(و) تناول (الطفل والصبي والصغير) أي لفظ كل من هذه الألفاظ: (من لم يبلغ)، فإن بلغ فلا شيء له.
(و) تناول (الشاب والحدث منه): أي من البلوغ أي من بلغ (للأربعين): أي لتمامها، فإن تم الأربعين فلا شيء له.
(و) تناول (الكهل): أي لفظه: (منها): أي من تمام الأربعين (للستين) أي لتمامها. (و) تناول (الشيخ): أي لفظه: (من فوقها): أي الستين لآخر العمر، وليس فوق الشيخ شيء. (وشمل) ما ذكر من الطفل وما بعده:(الأنثى): فلا يختص بالذكر؛ (كالأرامل) فإنه يشمل الأنثى لأن المراد الشخص الأرمل أي الخالي من زوج.
(وملك الذات): أي ذات الوقف مبتدأ (فقط): أي دون الغلة كالأجرة واللبن والصوف والثمرة، كائن وثابت (للواقف) خبره.
وإذا كان ملك العين للواقف (فله) إن كان حيّاً (ولوارثه) إن مات (منع من أراد إصلاحه): أي إذا احتاج للإصلاح وهذا (إن أرادوه): أي الإصلاح؛ وإلا فليس له المنع.
(وأكرى) الوقف (ناظره): أي جاز له أن يكري (السنة والسنتين إن كان) أرضاً (على معين) كزيد أو عمرو أو أولادي (وإلا) يكن على معين بأن كان على الفقراء أو العلماء أو نحو ذلك (فكالأربعة) من الأعوام
ــ
لفرعه ولاؤه" فافهم.
قوله: [وجده]: أي من جهة أبيه لا من جهة أمه فإنه لا يجر.
قوله: [كأولاده]: المراد بهم الذكور والإناث.
وقوله: [وأولادهم]: المراد خصوص أولاد الذكور ذكوراً أو إناثاً لا أولاد البنات لأنهم حفدة وسيخرجهم مع إخراج الجد للأم.
قوله: [إلا لقرينة]: أي على دخول المولى الأعلى. بقي لو قال وقف على مماليكي فإنه لا يتناول إلا الأبيض حيث كان العرف كذلك كما عندنا بمصر. وكذا لو قال عبيدي فلا يتناول إلا الأسود للعرف الجاري.
قوله: [إذ القوم حقيقة في الذكور] إلخ: أي لقوله تعالى: {لا يسخر قوم من قوم} [الحجرات: 11] وعطف النساء بعد ذلك والعطف يقتضي المغايرة، وقول الشاعر:
وما أدري ولست إخال أدري
…
أقوم آل حصن أم نساء
فقابل القوم بالنساء.
قوله: [أي لفظ كل] إلخ: أي بأن قال على أطفال قومي أو أطفالي أو صغار قومي أو صغاري أو صبيان قومي أو صبياني، وفي عبارة الشارح قلب والأصل أي كل لفظ.
قوله: [فإن بلغ فلا شيء له]: أي فيستحق من الوقف ما لم يبلغ.
قوله: [فإن تم الأربعين] إلخ: أي يبطل حقه بتمام الأربعين وكذا يقال فيما بعده.
قوله: [فلا يختص بالذكر]: أي بخلاف لفظ قومي فإنه يختص بالذكر كما تقدم، وعبارة الفقهاء في هذا المعنى غير المشهور المتعارف بين الناس، فإن المتعارف بين الناس أن الشيخ من الأربعين ويروونه عن علي فالظاهر أن هذا المبحث يعمل به على طبق ما قال المصنف إن كان الواقف ملاحظاً اصطلاح الفقهاء وإلا فالعبرة بالعرف الشائع فيدخل في الشيوخ من الأربعين إلى ما لا نهاية له.
قوله: [خبره]: أي خبر قوله ملك.
قوله: [منع من أراد إصلاحه]: أي لأنه ليس لأحد أن يتصرف في ملك غيره إلا بإذنه؛ ولأن إصلاح الغير مظنة الضرر. وإذا قلنا بالمنع له وللوارث فإن لم يمنع هو ولا الوارث قال (عب) فللإمام المنع اهـ ورده (بن) قائلاً انظر من قال هذا والذي يظهر أن الإمام ليس له منع من أراد التبرع بإصلاح الوقف.
قوله: [وإلا فليس لهم المنع]: أي بل الأولى لهم تمكين من أراده لأنه من التعاون على الخير، ومحل كون الملك للواقف في غير المساجد. وأما هي فقد ارتفع ملكه عنها قطعاً. قال في الذخيرة: باتفاق العلماء على أنها من باب إسقاط الملك كالعتق، قيل: إن الملك للواقف حتى في المساجد وهو ظاهر الشرح ونحوه في النوادر. وحاصل ما في المسألة: أن المشهور أن الواقف ليس من باب إسقاط الملك وقيل إنه من بابه وحينئذ فلا يحنث الحالف إنه لا يدخل ملك فلان بالدخول في وقفه على الثاني، ويحنث على الأول وهذا الخلاف قيل في غير المساجد وأما فيها فهو إسقاط قطعاً كما قال القرافي وتبعه في الأصل، وقيل: الخلاف جار فيها أيضاً. فإن قلت القول بأن الملك للواقف حتى في المساجد مشكل بإقامة الجمعة فيها والجمعة لا تقام في المملوك. أجيب أنه ليس المراد بملك الواقف للوقف الملك الحقيقي حتى تمنع إقامة الجمعة فيه بل المراد منع الغير من التصرف فيه كما أفاده الشارح.
قوله: [وأكرى الوقف ناظره]: المراد بالناظر من كان من جملة الموقوف عليهم وسيأتي في آخر العبارة.
قوله: [إن كان أرضاً]: أي إنما يفرق بين المعنيين وغيرهم إن كان الموقوف أرضاً للزراعة، فإن كان داراً ونحوها فلا تؤاجر غير إصلاح ولغير من مرجعها له أكثر من سنة كالموقوف عليهم معينين أو غيرهم.
قوله: [كزيد أو عمرو] إلخ: مثله لو قال
لا أكثر.
هذا إذا لم يكن مرجعه للمكري ولا ضرورة أن يكري.
(و) جاز أن يكري (لمن مرجعها): أي الذات الموقوفة (له) وقفاً أو ملكاً (كالعشرة) من السنين لخفة الأمر فيه. وصورتها أنه حبسها على زيد ثم ترجع بعده لعمرو ملكاً أو وقفاً، فجاز لزيد أن يكريها لعمرو عشرة أعوام (و) جاز كراؤها (لضرورة إصلاح) لوقف خرب (كالأربعين) سنة. وأدخلت الكاف عشرة فالجملة خمسون لا أزيد فأرض الزراعة لا تكرى لأكثر من أربعة أعوام إن كانت على مسجد أو على غير معين إذ لا خراب يلحقها، بخلاف نحو الدور فإنه قد يلحقها الخراب. فإن كانت على معين فالسنتان ومضى الأكثر إن كان ناظراً كما قال ابن القاسم وإلا فسخ. قال بعضهم: والمراد بالناظر هو الموقوف عليه. وأما إذا كان غيره؛ كالناظر على وقف الفقراء أو معينين -وليس هو منهم- فإن له أن يكري بأزيد مما ذكر؛ لأنه بموته لا تنفسخ الإجارة.
(ولا يفسخ الكراء) لوقف إذا وقع وجيبة أو نقد المكري كراء مدة محدودة (لزيادة) أي لأجل طروِّ زيادة من آخر (إن وقع) الكراء للأول (بأجرة المثل) وقت العقد، فإن كانت وقت العقد أقل من أجرة المثل قبلت الزيادة وفسخ الأول لها. ولو التزم الأول تلك الزيادة التي زيدت عليه لم يكن له ذلك، إلا أن يزيد على زيادة من زاد إذا لم يبلغ من زاد أجرة المثل؛ فإن بلغها لم يلتفت لزيادة من زاد بعده.
(ولا يقسم) أي لا يجوز أن يقسم من أجرة الوقف على المستحقين (إلا ماض زمنه) فلو أكرى مدة مستقبلة وتعجل قبض أجرتها لم يجز قسمها على الحاضرين (خشية موت) من أخذ فيؤدي إلى إعطاء من لا يستحق وحرمان غيره ممن يستحق (أو) خشية (طرو مستحق) في تلك المدة فيحرم من حقه وهذا إذا كان الوقف على معينين أو على خدمة مسجد أو على مدرسين ونحوهم.
وأما على فقراء فيجوز للأمن من إحرام مستحق وإعطاء من لا يستحق لعدم لزوم تعميمهم.
(وفضل) الناظر (أهل الحاجة وأهل العيال) أي زاده على غيره إذا كان الوقف على غير معينين كالفقراء وأبناء السبيل والغزاة وأهل العلم أو على قوم وأعقابهم أو على كإخوته أو بني عمه (في غلة وسكنى) متعلق بفضل (بالنظر) أي بالاجتهاد مما يقتضيه الحال (إلا أن يعينهم) كفلان وفلان فلا تفضيل.
(ولا يخرج ساكن) بوقف سكن بوصف استحقاقه أو فضل بالسكنى لحاجته كان الوقف معقباً أم لا (لغيره) ممن طرأ عليه (وإن استغنى) الأول إذا كان الوقف على محصور كبني فلان (إلا لشرط) من الواقف كأن يقول: ما دام فقيراً أو محتاجاً، ومثله العرف والقرينة لقول ابن رشد: من حبس على الفقراء لفقرهم فسكن فقير أخرج إن استغنى (أو سفر انقطاع أو سفر بعيد) فيسقط حقه من السكنى، والبعيد ما يحمل صاحبه على عدم العود؛ فإن جهل حال سفره حمل على سفر العود ما لم تظهر قرينة على خلافه.
(وإن بنى محبس عليه) بناء في الوقف (أو غرس) فيه شجراً (فإن مات ولم يبين) أنه وقف أو ملك
ــ
قال وقف على زيد وأولاده.
قوله: [لا أكثر]: أي كما قال المواق واستحسنه قضاة قرطبة خلافاً لمن قال يجوز خمسة أعوام.
قوله: [هذا إذا لم يكن مرجعه للمكري]: المناسب المكتري.
قوله: [كالعشرة من السنين]: الكاف استقصائية لا تدخل شيئاً كما في الحاشية.
قوله: [فأرض الزراعة لا تكرى لأكثر من أربعة أعوام] إلخ: أي إذا لم يشترط الواقف مدة وإلا عمل عليها كثرت أو قلت.
قوله: [فإنه قد يلحقها الخراب]: أي فإن له أن يزيد في كرائها على الخمسين بحسب المصلحة.
قوله: [فإن كانت على معين]: مفهوم قوله "على مسجد" أو على غير معين والضمير في كانت عائد على أرض الزراعة.
قوله: [قال بعضهم] إلخ: أي كما في (عب) وكبير الخرشي قال في الحاشية ولم أره منصوصاً وظاهر كلامهم الإطلاق تأمل.
قوله: [وجيبة]: أي مدة معينة نقد الكراء أم لا.
قوله: [أو نقد المكري]: أي في المشاهرة.
قوله: [ولو التزم الأول] إلخ: هذا محمول على غير المعتدة فإنها إذا كانت في وقف ثم زاد شخص عليها أجرة المثل وطلبت البقاء بالزيادة فإنها تجاب لذلك. والظاهر أنها إذا كانت الزيادة عليها تزيد على أجرة المثل وطلبت البقاء بأجرة المثل فقط فإنها تجاب لذلك كما في (عب).
قوله: [إلا ماض زمنه]: صفة لموصوف محذوف هو نائب الفاعل وزمنه مرفوع بماض، أي ولا يقسم إلا خراج أو كراء ماض زمنه. وحاصله: أن الحبس إذا كان على معينين ونحوهم فإن الناظر عليهم لا يقسم من غلته إلا الغلة التي مضى زمنها فإذا آجر الدار أو الأرض مدة فلا يفرق الأجرة إلا بعد مضي المدة سواء قبضت الأجرة من المستأجر بعد تمام المدة أو عجلها المستأجر.
قوله: [وأهل العيال]: ظاهره وإن لم يكن ذا حاجة وهو كذلك لأنه مظنة الاحتياج.
قوله: [في غلة]: أي إن كان المقصود من الوقف تفريق الغلة عليهم.
وقوله: [وسكنى]: أي إن كان المقصود سكناهم.
قوله: [مما يقتضيه الحال]: أي فتارة يكون التفضيل في السكنى بالتخصيص أو بالزيادة. وكذا الغلة إن قبلت الاشتراك كان التفضيل بالزيادة وإلا فبالتخصيص، وما ذكره المصنف من تفضيل ذي الحاجة والعيال هو قول سحنون ومحمد بن المواز، وصرح ابن رشد بمشهوريته.
قوله: [ولا يخرج ساكن]: إلخ: مثل السكنى في ذلك الغلة.
قوله: [إذا كان الوقف على محصور]: أي وأما الوقف على الفقراء أو طلبة العلم أو الشباب