المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ولما أنهى الكلام على البيع وما يتعلق به وما يناسبه - حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط الحلبي - جـ ٢

[أحمد الصاوي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب)في البيوع وأحكامها [

- ‌(باب)في بيان السلم

- ‌(باب)في بيان القرض وأحكامه

- ‌(باب) في الرهن وأحكامه

- ‌(باب)في الفلس وأحكامه

- ‌(باب)في بيان أسباب الحجر

- ‌باب في أحكام الصلح؛ أي: مسائله

- ‌‌‌(باب) في الحوالةوأحكامها

- ‌(باب) في الحوالة

- ‌(باب)في الضمان

- ‌(باب)في بيان الشركة

- ‌(باب)في الوكالة

- ‌باب لما كان بين الوكالة والشركة مناسبة من جهة أن فيها وكالة أتبعها بها

- ‌(باب)في الإقرار

- ‌(باب)في الوديعة

- ‌(باب)في الإعارة

- ‌(باب)في بيان الغصب وأحكامه

- ‌(باب)في الشفعة

- ‌(باب)في القسمة

- ‌(باب)في القراض

- ‌(باب)في المساقاة

- ‌(باب)في الإجارة

- ‌(باب إحياء الموات)

- ‌(باب)في الوقف وأحكامه

- ‌(باب)في الهبة

- ‌‌‌(باب) في اللقطةوأحكامها

- ‌(باب) في اللقطة

- ‌(باب)في بيان أحكام القضاء

- ‌(باب)في الشهادة

- ‌(باب)في أحكام الجناية

- ‌باب ذكر فيه تعريف البغي

- ‌(باب)في تعريف الردة وأحكامها

- ‌(باب)ذكر فيه حد الزنا

- ‌(باب) في القذف [

- ‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ

- ‌(باب)ذكر فيه الحرابة

- ‌(باب)ذكر فيه حد الشارب

- ‌باب في العتق وأحكامه

- ‌(باب)في التدبير

- ‌باب: هو في اللغة النظر في عاقبة الأمر والتفكر فيه، وقال القرافي في التنبيهات التدبير مأخوذ من إدبار الحياة، ودبر كل شيء ما وراءه بسكون الباء وضمها، والجارحة بالضم لا غير اهـ وفي (بن) جواز الضم والسكون فيها كغيرها. واصطلاحاً ما ذكره المصنف بقوله "وهو تعليق مكلف" إلخ

- ‌(باب)في أحكام الكتابة

- ‌(باب)في أحكام أم الولد

- ‌(باب)ذكر فيه الولاء

- ‌باب ذكر فيه حكم الوصية

- ‌(باب)في الفرائض

- ‌(باب: في جمل من مسائل شتى، وخاتمة حسنة)

الفصل: ولما أنهى الكلام على البيع وما يتعلق به وما يناسبه

ولما أنهى الكلام على البيع وما يتعلق به وما يناسبه انتقل يتكلم على الإجارة كذلك.

وهو أول الربع الرابع من هذا الكتاب فقال:

(باب)

في الإجارة

وأحكامها

(الإجارة): مأخوذة من الأجرة وهو العوض، وهي بكسر الهمزة أفصح من ضمها. وهي والكراء شيء واحد في المعنى، غير أنهم أطلقوا على العقد على منافع الآدمي وما ينقل من غير السفن والحيوان إجارة، وعلى العقد على منافع ما لا ينقل كالأرض والدور، وما ينقل من سفينة وحيوان: كراء غالباً فيهما. وهي عرفاً: (عقد معاوضة): خرج الوقف والعمرى والاستخدام والإيصاء والإعارة، (على تمليك منفعة): خرج البيع فإنه معاوضة على تمليك ذات، (بعوض) متعلق بمنفعة: أي تمليك لمنفعة في نظير ومقابلة عوض، وفي الحقيقة متعلق بمحذوف صفة لمنفعة: أي كائنة ومجعولة في نظير العوض، وقصد بذلك إخراج النكاح والجعالة. فالمنفعة في الإجارة تكون في نظير العوض حتى لو حصل مانع [1] من إتمامه رجع للمحاسبة، ولا كذلك النكاح والجعالة، (بما يدل) على تمليك المنفعة: متعلق بـ "عقد": أي عقد على ما ذكر بما يقتضي التمليك

ــ

خاتمة: إذا قال شخص لآخر: خذ هذه الأرض فاغرسها نوعاً معيناً فإذا بلغت أوان الإثمار كان الشجر والأرض بيننا، صحت وكانت مغارسة شرعية، فإن انخرم شرط من تلك الشروط الثلاثة التي هي: تعيين الأرض، والشجر، وكونها ملكاً لهما من وقت الإثمار، بحيث لا يجعل للعامل ثمراً يستقل به بعد الإثمار فسدت. فإن اطلع عليها قبل العمل فسخت، وإلا مضت بينهما، وعلى الغارس نصف قيمة الأرض يوم الغرس براحاً، وعلى رب الأرض نصف قيمة الغرس يوم بلغ وهو بينهما على ما شرطاً، وأما لو أعطاه أرضاً ليغرس فيها شجراً من عنده، فإذا بلغت حد الإثمار كانت الحائط بيده مساقاة سنين سماها له، ثم يكون الغرس بعد المدة ملكاً لرب الأرض، فلا يجوز وفسخت أيضاً ما لم يثمر الشجر. فإن أثمر وعمل لم تنفسخ المساقاة ويكون له فيما تقدم إجارة مثله وفي سنين المساقاة مساقاة مثله. قال فضل: وله قيمة الأشجار يوم غرسها اهـ ملخصاً من الخرشي.

قوله: [على البيع]: أي على تعريفه وأركانه وشروطه وموانعه.

وقوله: [وما يتعلق به]: أي من مسائله الصحيحة والفاسدة.

وقوله: [وما يناسبه]: أي من باقي الأبواب التي احتوى عليها ذلك الربع، فإن جميعها بينها وبين البيع مناسبة.

قوله: [انتقل يتكلم على الإجارة كذلك]: أي على تعريفها وأركانها وشروطها وموانعها وما يتعلق بها وما يناسبها.

قوله: [وهي أول الربع الرابع من هذا الكتاب]: أي من هذا المتن كخليل.

باب في الإجارة

المراد بها حقيقتها وأركانها وشروطها وموانعها، والمراد بقوله:"وأحكامها" مسائلها المتعلقة بها من صحيحة وفاسدة.

قوله: [مأخوذة من الأجر]: دائرة الأخذ أعم من دائرة الاشتقاق فلا يقال: إن الأجر ليس مصدراً.

قوله: [أفصح من ضمها]: أي ومن فتحها.

وحاصله أن الإجارة مثلثة الهمزة والكسر أشهر وهي مصدر أجر بالقصر ككتب. ويقال: آجر إيجاراً كأكرم إكراماً ويستعمل الممدود أيضاً من باب المفاعلة فيكون مصدره المؤاجرة والإجار بالقصر كالمقاتلة والقتال، وأما الإجارة من السوء ونحوه فهو من أجار إجارة كأعاذ إعاذة وأقام إقامة.

قال الخرشي: وقد غلب وضع الفعالة بالكسر للصنائع نحو الخياطة والنجارة، والفعالة بالفتح لأخلاق النفوس الجبلية نحو السماحة والفصاحة، والفعالة بالضم لما يطرح من المحقرات نحو الكناسة والقلامة.

والأصل في مشروعيتها قوله تعالى: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} [الطلاق: 6].

وقوله تعالى حكاية عن نبيه شعيب مع موسى عليهما الصلاة والسلام: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج} [القصص: 27].

وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ فذكر تأجيل الإجارة وسمى عرضها، وقال عليه الصلاة والسلام:«من استأجر أجيراً فليعلمه أجره» . اهـ.

قوله: [غالبا فيهما]: أي ومن غير الغالب قد يتسمحون بإطلاق الإجارة على الكراء، والكراء على الإجارة فيسمون العقد على منافع الآدمي، ومنافع ما ينقل غير السفن والحيوان كراء ويسمون العقد على منافع ما لا ينقل ومنافع السفن والرواحل إجارة.

قوله: [خرج الوقف] إلخ: أي بقوله معاوضة لأن الوقف وما معه ليس فيه معاوضة.

قوله: [خرج البيع]: أي وهبة الثواب.

قوله: [ولا كذلك النكاح والجعالة]: محصل هذا أن الإجارة هي عقد معاوضة على تمليك منفعة كائنة ومجعولة في نظير عوض أمداً معلوماً أو قدراً معلوماً، فإن حصل مانع قبل تمام الأمد أو القدر رجع للمحاسبة، وأما النكاح فهو التمكين من البضع شرعاً والجعالة التمكين من المجاعل عليه في نظير عوض فيهما، وكل من البضع والمجاعل عليه هو ذو المنفعة تحققت المنفعة أم لا استمرت أم لا فيثبت العوض بتمامه على كل حال، وهذا التعريف شامل للكراء. بخلاف تعريف ابن عرفة فمخرج

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

ليست في ط المعارف.

ص: 263

من لفظ أو غيره.

(فركنها): أي فعلم من التعريف أن أركانها أربعة الأول:

(عاقد) من مؤجر ومستأجر، كالبيع، فشرط صحتهما العقل والطوع.

وشرط اللزوم: التكليف والرشد؛ فالصبي المميز يتوقف لزوم إجارته لنفسه أو ماله على إذن وليه، ومثله العبد، وكذا السفيه في سلعة، فإن أجر نفسه فلا كلام لوليه إلا إذا حابى. ولا تصح من مجنون ومعتوه ومكره.

(و) الثاني: (صيغة) كالبيع فتنعقد بما يدل على الرضا وإن معاطاة.

(و) الثالث: (أجركالبيع) من كونه طاهراً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه معلوماً ذاتاً وأجلاً أو حلولاً.

(و) الرابع: (منفعة)، وهي المعقود عليها. وأخرها عن قوله:"كالبيع" لأنها يشترط فيها شروط زائدة على ما تقدم في البيع. أفاد الجميع بقوله:

(تتقوم) صفة: لـ "منفعة": أي لها قيمة بأن تكون مملوكة على وجه خاص، بحيث يمكن منعها، ووهن الذات المستوفى منها، احترازاً من استظلال أو تشمس بفلاة، فلا تقوم المنفعة لعدم ملكها، ومن شم الرياحين فإن رب الرياحين لا يمكنه منع رائحتها، وكذا الاستضاءة بنور مصباح خرج عن ملك ربه، أو استدفاء بنار كذلك أو زينة بدنانير مسكوكة، إذ لا يحصل باستيفائها وهن لذات الدراهم، كذا قيل، وفيه نظر.

(معلومة) بالنصب على الحال من ضمير "تتقوم" احترازاً عن المجهولة ولو باعتبار الأجل.

(مقدوراً على تسليمها) للمستأجر

ــ

له وكان عليه أن يزيد بعد قوله: "بعوض غير ناشئ عنها" ليخرج القراض والمساقاة فإن العوض ناشئ عن المنفعة ويزيد أيضاً بعد ذلك العوض يتبعض بتبعيضها كما فعل ابن عرفة ليدخل في الحد قوله تعالى: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} [القصص: 27] الآية لأن هذه الصورة أجمعوا على أنها إجارة عوضها البضع وهو لا يتبعض إذا لم تتم المنفعة التي جعل البضع في نظيرها فتأمل قوله: [من لفظ أو غيره]: أي كالإشارة والكتابة والمعاطاة والعرف الجاري بين الناس، وذلك في الأعمال التي يعملها الشخص لغيره ومثله يأخذ عليها أجرة كتخليص دين؛ لأن من قواعد الفقه أن العرف كالشرط والعادة محكمة ولا يدخل في صيغة الإجارة لفظ المساقاة فلا تنعقد به عند ابن القاسم، لأن المساقاة رخصة يقتصر فيها على ما ورد وتقدم أن سحنوناً يرى انعقاد أحدهما بالآخر.

قوله: [من مؤجر ومستأجر]: المؤجر بائع المنفعة والمستأجر مشتريها.

قوله: [فشرط صحتهما]: أي المؤجر والمستأجر والكلام على حذف مضاف أي عقدهما، وكذا يقدر في قوله وشرط اللزوم والمؤجر هو مالك المنفعة، والمستأجر هو دافع العوض، ويقال في الأول مكر والثاني مكتر.

قوله: [العقل والطوع]: الصواب عد الطوع من شروط اللزوم كما تقدم له ولغيره في البيع.

قوله: [التكليف والرشد]: كان عليه أن يزيد والطوع كما علمت.

قوله: [فالصبي المميز] إلخ: تفريع على شرط اللزوم.

قوله: [فلا كلام لوليه] إلخ: أي فالرشد شرط لزوم في الجملة لما علمت من هذا التفصيل.

قوله: [ولا تصح من مجنون ومعتوه]: محترز شرط الصحة الذي هو العقل ففي الكلام لف ونشر مشوش وهو الأولى عند البلغاء، وقوله ومكره قد علمت ما فيه.

قوله: [بما يدل على الرضا]: تقدم الكلام على ذلك.

قوله: [أجر كالبيع]: راجع للأركان الثلاثة فلذلك قدره الشارح أولاً وثانياً.

قوله: [من كونه]: أي الأجر أي لكونه بمنزلة الثمن فيشترط فيه شروطه المتقدمة في البيع.

قوله: [طاهراً]: فلا يصح بنجس ولا متنجس لا يقبل التطهير فإن قبله صح ووجب البيان كما تقدم في البيع.

قوله: [منتفعاً به]: أي انتفاعاً شرعياً فلا يصح بما لا نفع فيه أصلاً أو منفعة غير شرعية كآلة اللهو إذا جعلت أجراً من حيث إنها آلة لهو.

قوله: [مقدوراً على تسليمه]: فلا يصح بعبد آبق ولا بعير شارد ولا طير في الهواء أو سمك في الماء أو بما فيه خصومة.

قوله: [معلوماً ذاتاً]: أي إما برؤية أو بوصف كالبيع.

قوله: [وأجلاً]: أي إن أجل فلا بد من علم الأجل وجهله مفسد للعقد.

قوله: [أو حلولاً]: أي بأن يدخل على الحلول أو يسكتا ولم يكن العرف التأجيل وسيأتي التفصيل في تعجيل الأجر وعدمه.

قوله: [لأنها يشترط فيها شروط زائدة]: أي فيشترط فيها شروط الثمن ويزاد عليها ما سيذكره ونسخة المؤلف شروطاً بالنصب والأولى رفعه على أنه نائب فاعل يشترط.

قوله: [أفاد الجميع بقوله تتقوم]: أي إلخ وهذا الشرط الذي هو قوله: "تتقوم" من جملة الزائد على شروط الثمن؛ لأن الثمن يكون في نظير ذات لا منفعة كانت تتقوم أم لا، وهو بفتح التاءين معاً لأن الفعل لازم لا يبنى للمجهول.

قوله: [ووهن الذات]: أي ضعفها وتغيرها كالدابة التي تركب.

قوله: [بفلاة]: أي بمكان خارج عن ملك ربه وهو راجع للظلال وللشمس، فإن التشمس والاستظلال بالجدار لا يمكن ربه منع الشمس ولا الظل ولا يحصل به وهن للجدار.

قوله: [خرج عن ملك ربه]: أي منزل رب المصباح وأما الجلوس في ملكه الذي فيه المصباح فله استئجاره ومثله الجلوس داخل البستان الذي فيه الرياحين.

قوله: [كذلك]: أي إدفاؤها خارج عن ملك ربها.

قوله: [كذا قيل]: راجح للتعليل.

وقوله: [وفيه نظر]: أي بل ربما حصل لها وهن بالاستعمال، فالأحسن أن منع التزين بالدنانير المسكوكة حيث لم يكن فيه منفعة شرعية كتزين الحوانيت والجدران بها وكذا آلات اللهو

ص: 264

احترازاً من منفعة آبق أو شارد أو مغصوب.

(غير حرام) احترازاً من استئجار آلات الملاهي والمغنيات. ومن الحرام: الرقص والمشي على حبل أو أعواد أو نحو ذلك من اللعب الذي يقع في الأفراح. (ولا متضمنة) تلك المنفعة (استيفاء عين): أي ذات (قصداً): احترازاً من استئجار شاة مثلاً لشرب لبنها، أو شجرة لأكل ثمرها؛ فإن المقصود إنما هو شرب اللبن وأكل الثمر. واستثنوا الرضاع كما يأتي.

(ولا متعينة): على المؤجر كالصلاة، وحمل ميت أو دفنه على من تعينت عليه، أو فتوى تعينت على عالم: لا إن لم تتعين كما يأتي.

ثم بين محترز بعض ما تقدم من القيود بقوله: (لا نحو تفاحة للشم) من سائر الرياحين وهذا محترز "تتقوم". (أو دنانير للزينة): إن كانت الزينة لرجال، فالمنع لحرمة المنفعة. وإن كانت لنساء فلا فرق بين الدنانير والحلي.

(ولا آلة) للهو (أو جارية للغناء. أو) نحو استئجار (حائض) أو نفساء (لكنس مسجد)، وهذا محترز "غير حرام" (ولا لركعتي الفجر): وأولى الفرض لتعين ذلك.

(بخلاف الكفاية): كتغسيل الميت ودفنه حيث لا يتعين على أحد، فيجوز الإجارة عليه (وكفتوى لم تتعين): فإن تعينت لعدم وجود غيره أو لعدم قبوله لم يجز، وهذا محترز:"ولا متعينة".

ولما كانت قاعدة ابن القاسم: أن الثمن في البيع الأصل فيه الحلول وأن الأجرة في الإجارة الأصل فيها التأجيل، إلا في أربع مسائل يجب فيها تعجيل الأجرة بينها بقوله:

(وعجل الأجر) وجوباً في الإجارة (إن شرط) التعجيل (أو اعتيد)

ــ

وتعليم الأنغام إذ لا قيمة لها شرعاً فلا تصح إجارة ما ذكر، وتفسخ إن وقعت ولا أجرة. ومثل ذلك كراء الشمع للمشي به في الزفاف من غير وقود كالمسمى في مصر بشمع القاعة، وقد نص ابن يونس أن من قال ارق هذا الجبل ولك كذا أنه لا شيء له.

قوله: [احترازا من منفعة آبق]: ومن ذلك الاستئجار على إخراج الجان وحل المربوط وفي (ح) عن الأبي: لا يحل ما يأخذه الذي يكتب البراءة لرد الضائع؛ لأنه من السحر، ثم قال: وما يؤخذ على المعقود فإن كان يرقيه بالرقى العربية جاز، وإن كان بالرقى العجمية امتنع وفيه خلاف، وكان الشيخ يعني ابن عرفة يقول إن تكرر منه النفع فذلك جائز. اهـ (بن).

قوله: [ومن الحرام الرقص]: أي حيث كان حراماً فالاستئجار عليه حرام ودفع الدراهم لهم حرام.

قوله: [ولا متضمنة تلك المنفعة استيفاء عين] إلخ: صادق بأن لا يكون هناك استيفاء عين أصلاً أو كان هناك استيفاء عين من غير قصد، فالأول كإجارة دابة لركوب أو حمل، والثاني كإجارة الشجر للتجفيف عليه والثياب للبس فإن فيه استيفاء عين وهو ذهاب شيء منها بالاستعمال لكن ذلك غير مقصود.

قوله: [واستثنوا الرضاع كما يأتي]: أي وكذلك استثنوا إيجار أرض فيها بئر أو عين، واستئجار شاة للبنها إذا وجدت الشروط، فإن فيها استيفاء عين قصداً وهو الماء في الأولى واللبن في الثانية.

قوله: [كالصلاة]: أي فلا يجوز له أخذ أجرة على صلاة الصبح مثلاً، وأما على كونه إماماً في مسجد أو مكان مخصوص فجائز.

وقوله: [وحمل ميت أو دفنه]: أي فلا يجوز له أخذ الأجرة على هذا الأمر المتعين.

وقوله: [أو فتوى تعينت على عالم]: فلا يجوز له أخذ الأجرة أيضاً.

قال اللخمي: ويجوز للمفتي إن لم يكن له رزق من بيت المال والأجرة على الفتيا والقضاء رشوة.

قال ابن عرفة بعد نقله: في الأجر على الشهادة خلاف، وكذا في الرواية ومن شغله ذلك عن جل تكسبه فأخذه الأجر من غير بيت المال لتعذره عندي خفيف. اهـ.

وقوله: [لا إن لم يتعين] أي فيجوز له الأخذ وإن كان غير محتاج.

قوله: [من سائر الرياحين]: بيان لنحو التفاحة.

قوله: [ولا آلة للهو]: أي غير ما تقدم جوازه في النكاح فكل ما جاز من آلات اللهو في النكاح يجوز استئجارها فيه.

قوله: [أو جارية للغناء]: وأما استئجار، نحو المنشدين الذين يقولون القصائد النبوية والكلام المشتمل على المعارف فلا شك في جوازه، وتقدم لنا مبحث طويل في الوليمة في حكم الملاهي فراجعه إن شئت.

قوله: [وهذا محترز غير حرام]: اسم الإشارة عائد إلى قوله ولا آلة للهو إلى هنا.

قوله: [ولا لركعتي الفجر]: أي فلا فرق في المتعين بين أن يكون فرضاً أو مندوباً كركعتي الفجر وسائر المندوبات من الصلاة والصوم، وأما المندوبات من غيرهما كالذكر والقراءة فإنه يجوز الإجارة عليها، وذكر ابن فرحون أن جواز الإجارة على قراءة القرآن مبني على وصول ثواب القرآن لمن قرئ لأجله كالميت، ثم استدل على أن الراجح وصول ذلك بكلام ابن رشد وغيره.

قوله: [كتغسيل الميت ودفنه]: أي وأما الصلاة عليه فقد نص ابن عبد السلام وغيره على منع الاستئجار عليها، قال ابن فرحون فإن قلت: صلاة الجنازة عبادة لا يتعين فعلها على أحد لم لا يجوز الاستئجار عليها؟ قلت: لما كانت عبادة من جنس الصلاة المتميزة بصورتها للعبادة والصلاة لا تفعل لغير العبادة منع الاستئجار عليها، وأما الغسل فيكون للعبادة والنظافة، وكذا الحمل للميت تشاركه في الصورة أشياء كثيرة من غير أنواع العبادة فلم يتمحض بصورته للعبادة. اهـ (بن).

قوله: [فإن تعينت لعدم وجود غيره] إلخ: أي ما لم يشغله ذلك عن جل تكسبه فيأخذه بقدر ضرورته كما تقدم.

قوله: [أو لعدم قبوله]: أي لجهله أو لعدم ديانته.

قوله: [وهذا محترز ولا متعينة]: اسم الإشارة يعود على

ص: 265

ولم يكن الأجر معيناً كـ أكرني دارك سنة مثلاً لأسكنها، أو: أرضك لأزرعها أو: دابتك لأسافر عليها لمكة مثلاً بكذا كعشرة دنانير أو ثوب أو عبد موصوف في الذمة. إلا أن وجوب تعجيل الأجر في هذين لحق الآدمي يقضى به عند التنازع فإن تراضيا على تأخيره جاز والعقد صحيح (أو عين) الأجر كـ هذا الثوب أو العبد فإنه يجب تعجيله، أي إن شرط التعجيل أو كان العرف تعجيله أخذاً من قوله الآتي:"وفسدت إن انتفى عرف تعجيل المعين". والتعجيل في هذه والتي بعدها حق لله تعالى؛ لأنه يلزم على تأخيره بيع معين يتأخر قبضه، لابتداء [1] الدين بالدين كالسلم كما قيل، لأن المعين ليس في الذمة. وإنما أخرنا قوله:"أو عين" عن قوله: "إن شرط" إلخ لكون التعجيل فيه وفيما يليه من حق الله تعالى كالسلم. وأما ما قبلهما الحق في تعجيلهما للآدمي كما تقدم. وعلى كل حال يرد عليه بحث الحطاب من أن قوله: "أو عين" مستغنى عنه بقوله: "إن شرط أو اعتيد"، أي: عين أم لا، فإن لم يشترط تعجيله ولم يعتد ففاسدة كما سينص عليه. ويجاب بأن يحمل الأولان على غير المعين لبيان أن التعجيل حق لغير الله، ويفرد المعين عما قبله لبيان أنه وما يليه حق التعجيل فيه لله تعالى، إلا أن هذا الجواب إنما يظهر لو أخره وضمه لما بعده كما فعلنا.

(أو) لم يعين (في مضمونة): أي ويجب تعجيل الأجر إذا لم يعين إذا كان في منافع مضمونة في ذمة المؤجر (لم يشرع فيها): أي في المنافع المضمونة. كـ: استأجرتك على فعل كذا في ذمتك، أي بنفسك أو غيرك، أو: على أن تحملني على دابة من دوابك لبلد كذا بدنانير مثلاً. فإن شرع فلا ضرر، وإن لم يشرع فيها - أي تأخر الشروع أكثر من ثلاثة أيام - فلا يجوز إلا إذا عجل جميع الأجرة، وإلا لأدى إلى ابتداء الدين بالدين؛ لأن ذمته مشغولة لك بمنافع الدابة مثلاً وذمتك مشغولة له [2] بالدراهم أي الأجرة. وأما لو شرع في العمل أو السير لجاز تأخير الأجر لانتفاء الدين بالدين، بناء على أن قبض الأوائل

ــ

قوله: "بخلاف الكفاءة" إلخ.

قوله: [ولم يكن الأجر معيناً]: أي والحال أنه لم يكن الأجر معيناً؛ لأن الأجر المعين سيأتي بعد كانت المنافع معينة أم لاً.

قوله: [في هذين]: أي في شرط التعجيل أو اعتياده والحال أن الأجر غير معين، وإنما كان لحق الآدمي فقط لعدم المانع الشرعي في التأخير وظاهره لا فرق بين كون المنافع معينة أو مضمونة فصورها أربع، ولكن سيأتي أنه إذا كانت المنافع مضمونة والأجر غير معين يجب أحد أمرين إما التعجيل أو الشروع، وإن لم يشترط التعجيل ولم يعتد لحق الله، وهو ابتداء الدين بالدين المنهي عنه شرعاً ففي المفهوم تفصيل الكل فيه على ما سيأتي.

قوله: [فإن تراضيا على تأخيره جاز] إلخ: أي في غير المسألة التي يلزم فيها ابتداء الدين بالدين كما علمت.

قوله: [فإنه يجب تعجيله]: أي ولو حكماً ويغتفر التأخير ثلاثة أيام.

وحاصل ما في المقام أولاً وآخراً: أنه إن عين الأجر فلا بد من شرط التعجيل أو جريان العرف به، فإن لم يجر عرف ولم يشترط كان العقد فاسداً ولو عجل بالفعل ولا فرق بين كون المنافع المعقود عليها معينة أو مضمونة شرع فيها أم لا؛ فهذه أربع صحيحة وأربع فاسدة، إن كان عقد الإجارة على البت فإن كانت على الخيار فسد في الجميع كما في الحاشية، وإنما فسد في الجميع للتردد بين السلفية والثمنية؛ فهذه ست عشرة صورة، وإن كان الأجر غير معين وجب التعجيل إن شرط أو اعتيد كالمنافع معينة أو مضمونة شرع أم لا، فهذه أربع أيضاً صحيحة إن كان على البت فإن كان على الخيار فسدت الأربع للتردد فهذه ثمان، وإن لم يكن شرط ولا عادة بالتعجيل في هذه الأربع فإن كانت المنافع مضمونة لم يشرع فيها وجب التعجيل لحق الله، وإن كانت المنافع معينة شرع فيها أم لا أو مضمونة، وشرع فيها فلا يجب التعجيل للأجر، بل يجوز تأخيره هذا إذا كان على البت فإن كانت على الخيار فصحيحة أيضاً إلا في الصورة التي يجب فيها تعجيل الأجر لحق الله فجملة الصور اثنتان وثلاثون قد علمت أحكامها فتأمل.

قوله: [والتي بعدها]: أي وهي قوله أو لم يعين في مضمونة لم يشرع فيها وهي التي نبهنا عليها أولا.

قوله: [بيع معين يتأخر قبضه] أي في هذه، وأما التي بعدها فابتداء الدين بالدين كما سينبه عليه.

قوله: [كالسلم]: مثال للمنفي.

قوله: [لأن المعين ليس في الذمة]: علة للنفي.

قوله: [من حق الله تعالى كالسلم] أي: من حيث أن العلة في المنع إما بيع معين يتأخر قبضه أو ابتداء الدين بالدين؛ لأن هاتين العلتين من موانع السلم.

قوله: [يرد عليه]: أي على خليل.

قوله: [من أن قوله أو عين] إلخ: ليس هذا لفظ خليل، بل لفظه وعجل إن عين أو بشرط أو عادة.

قوله: [بأن يحمل الأولان]: المناسب لترتيب خليل أن يقول الأخيران.

قوله: [ويفرد المعين عما قبله]: المناسب عما بعده.

قوله: [لو أخره]: هذا مما يعين أن كلامه أولاً لا سبق قلم.

قوله: [أي ويجب تعجيل الأجر إذا لم يعين]: أي والحال أنه لم يجر عرف بالتعجيل ولا اشترط.

قوله: [في ذمتك] إلخ: ليس هذا التصريح لازماً، بل إن حصل العقد على الإطلاق فالمنافع مضمونة في الذمة سواء صرح بذلك أم لا.

قوله: [وإلا لأدى إلى ابتداء الدين بالدين]: أي لما فيه من

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (لا ابتداء)، ولعلها الصواب.

[2]

ليست في ط المعارف.

ص: 266

قبض الأواخر [1]. وقيل: لا بد من تعجيل جميع الأجرة ولو شرع، لأن قبض الأوائل ليس قبضاً للأواخر. وظاهر قوله:"لم يشرع": أي فلا بد من تعجيل جميع الأجرة سواء كان السفر قريباً أو بعيداً، وقع عقد الإجارة في إبان السفر أو في غيره، فاستثنى من ذلك مسألة بقوله:

(إلا لبعد المسافة): أي مسافة السفر، حجاً كان أو غيره إذا وقع العقد (في غير الإبان): أي وقت سفر الناس عادة، كما لو وقع عقد الكراء لحاج مع جمال في مصر في رمضان أو في أوائل شوال، فإن شأن المصري إنما يسير في آخر شوال (فاليسير): أي فيكفي تعجيل اليسير من الأجر، ولا يتعين تعجيل الجميع للضرورة؛ لأن تعجيل جميع الأجرة في مثل ذلك يؤدي إلى ضياع أموال الناس بسبب هروب الجمالين إذا قبضوا الأجرة فعلم أنه إن تأخر الشروع أكثر من ثلاثة أيام فلا بد من تعجيل الأجرة وإلا فسدت، إلا أن يكون بعيداً فيكفي، تعجيل اليسير منه للضرورة. وأما إن لم يتأخر الشروع فيجوز تأخير الأجرة. لكن قال ابن رشد: إن كان العمل يسيراً فإن كان كثيراً فلا بد من التعجيل، وأقره في التوضيح. وعليه: فلا يكون قبض الأوائل كقبض الأواخر إلا في اليسير انتهى. ذكره بعض المحققين.

(وإلا) يكن الأجر معيناً ولا شرط تعجيله ولا العادة تعجيله ولا المنافع مضمونة، فإن انتفت الأربعة فلا يجب تعجيل الأجر. وإذا لم يجب التعجيل (فمياومة): أي كلما استوفى منفعة يوم أو تمكن من استيفائها لزمه أجرته.

والمراد باليوم: القطعة من الزمن الصادقة [2] بالأكثر والأقل، وهذا عند المشاحة في نحو أكرية الدور أو إجارة بيع سلعة أو بناء (أو بعد) تمام (العمل) كما لو أجره بشيء على بيع جميع السلع أو على خياطة ثوب أو خرز نعل أو حمل شيء بسفينة. وجاز عند عدم المشاحة التعجيل والتأخير، وهو الأصل في الإجارة كما تقدم.

(وفسدت) الإجارة (إن) وقعت بأجر معين و (انتفى عرف تعجيل المعين) وانتفاؤه صادق بجريان عرفهم بتأخيره وبعدم عرفهم بتعجيل أو تأخير. وعلة الفساد أن فيه بيع معين يتأخر قبضه كما في المدونة. وأما التعليل بلزوم الدين بالدين كالسلم فلا يصح هنا؛ لأن المعينات لا تقبلها الذمم، ومثل هذا في الفساد ما اشترط تأخيره للعلة المذكورة. ومفهوم:"انتفى عرف" إلخ أنه لو كان العرف تعجيلهم المعين صحت ووجب التعجيل أو اشتراط التعجيل كما مر في قوله: "أو عين"، فإن معناه عين وكان العرف تعجيله أو شرط تعجيله عند عدم العرف بشيء أو عرف التأخير.

فإذا انتفى العرف بتعجيله فسدت (ولو عجل) بالفعل بعد العقد، ولا تصح إلا إذا شرط تعجيله وعجل.

ثم شبه في الفساد قوله: (كمع جعل): أي كما تفسد الإجارة إذا وقعت مع جعل صفقة واحدة، كأجرني دابتك وائتتي [3] بعبدي الآبق بكذا؛ فيفسدان معاً

ــ

تعمير الذمتين بدليل تعليله بقوله؛ لأن ذمته مشغولة إلخ.

قوله: [قبض، للأواخر]: هذا قول أشهب.

قوله: [وقيل لا بد من تعجيل جميع الأجرة]: أي بناء على قول ابن القاسم إن قبض الأوائل ليس قبضاً للأواخر، فيجب تعجيل النقد في المنافع المضمونة شرع فيها أم لا، والأول مشهور مبني على ضعيف.

قوله: [ولا يتعين تعجيل الجميع]: أي إذا كانت الأجرة فيكفي تعجيل الدينار والدينارين. فإن كانت يسيرة في نفسها فلا بد من تعجيلها كلها كما قال.

قوله: [ذكره بعض المحققين]: مراد به (بن).

قوله: [وإلا يكن الأجر معيناً]: مفهوم قوله أو عين.

وقوله: [ولا شرط تعجيله ولا العادة تعجيله]: مفهوم قوله إن شرط أو اعتيد.

وقوله: [ولا المنافع]: مضمونة راجع لقوله أو في مضمونة لم يشرع فيها فهو لف ونشر مخلبط.

قوله: [فإن انتفت الأربعة]: أي التي هي تعيين الأجر أو شرط تعجيله أو العادة بتعجيله أو المنافع مضمونة ولم يشرع فيها.

قوله: [وعلة الفساد أن فيه بيع معين يتأخر قبضه]: مقتضاه أن محل الفساد إذا كان تأخيره أكثر من خمسة أيام إن كان المعين حيواناً وأكثر من عام إن كان المعين داراً وأكثر من عشرة أعوام إن كان المعين أرضاً، فإن كان عرفهم تأخيره أقل من ذلك لا منع كما يأتي في قوله في الجائزات وبيع دار لتقبض بعد عام وأرض بعد عشر وحيوان بعد ثلاثة أيام لا عشر، وكره المتوسط والظاهر أن المعين إن كان كثوب أو نحاس يمنع التأخير فيه نصف شهر لتأديته للسلم في معين، وأما دون ذلك فيجوز لعدم التغير عادة فتدبر.

قوله: [للعلة المذكورة]: أي وهو السلم في معين.

قوله: [تعجيلهم المعين]: أي بأن كان يقبض في أمده الذي يسوغ تأخيره إليه على مقتضى ما تقدم.

قوله: [عند عدم العرف بشيء] إلخ: أي فمحل اشتراط التعجيل إن لم يكن عرف بشيء أو العرف التأخير.

قوله: [فإذا انتفى العرف بتعجيله] إلخ: توطئة لكلام المصنف.

قوله: [ولا تصح إلا إذا شرط تعجيله]: أي قبل مضي نصف شهر، ومثله اشتراط الخلف في الدنانير أو الدراهم؛ لأن شرط الخلف يقوم مقام التعجيل كما إذا استأجره على شيء بالدراهم المعينة الموضوعة تحت يد فلان في الموضع الفلاني فلا يصح إلا بشرط التعجيل، أو العرف التعجيل، أو بشرط الخلف كما في الحاشية.

قوله: [أي كما تفسد الإجارة] إلخ: في الكلام حذف تقديره أي: وكما تفسد الإجارة إن انتفى عرف تعجيل المعين تفسد الإجارة إذا وقعت إلخ، والكاف عند الفقهاء يدخلونها على المشبه لأن المقصود

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

كذا في ط الحلبي والمعارف، ولعل الصواب:(للأواخر).

[2]

في ط المعارف: (مصادقة)، ولعلها الصواب.

[3]

في ط المعارف: (وائتني)، ولعلها الصواب.

ص: 267

لتنافرهما؛ لأن الجعالة غير لازمة بالعقد ولجواز الغرر فيها وعدم الأجل، بخلاف الإجارة. وكذا لا يصح اجتماع بيع مع جعل في صفقة.

(لا) إجارة مع (بيع): صفقة واحدة، فلا تفسد بل يصحان معاً سواء كانت الإجارة في نفس المبيع؛ كشرائه ثوباً أو جلوداً على أن يخيطه أو يخرزها البائع بكذا، أو في غيره كشرائه ثوباً بدراهم معلومة على أن ينسج له ثوباً آخر.

ثم عطف على قوله: "كمع جعل" مسائل تفسد فيها الإجارة للغرر بقوله: (وكجلد): جعل أجرة (لسلاخ): وأدخلت الكاف: اللحم كلاً أو بعضاً؛ فالإجارة فاسدة وقعت قبل الذبح أو بعده؛ لأنه لا يستحق جلدها إلا بعد السلخ. ولا يدري هل يخرج سليماً أو مقطعاً؛ هذا هو المشهور. وقيل بالجواز.

(ونخالة) جعلت أجرة (لطحان) لجهل قدرها، فلو استأجره بقدر معلوم من نخالة جاز، كما لو استأجره بجلد مسلوخ معلوم على أن يسلخ له شاة. فلو قال:"لسالخه وطاحنه" لكان أبين.

(أو جزء ثوب أو) جزء (جلد) كربع وثلث جعل أجرة (لنساج): أي لناسج ذلك الثوب (أو دباغ): أي لدابغ ذلك الجلد، ففي كلامه لف ونشر مرتب؛ أي: فيمنع ويفسخ لجهل صفة خروجه.

(وله) أي للأجير المتقدم (أجر مثله إن عمل) بأن سلخ الجلد أو طحن القمح أو نسج الثوب أو دبغ الجلد، وليس له الجلد الذي سلخه. وكذا ما بعده، ولا شيء له إن فسخ قبل العمل. قال في المدونة: وإن واجره على دبغ جلود أو عملها أو نسج ثوب على أن له نصفها إذا فرغ لم يجز. قال ابن القاسم: لأنه لا يدري كيف تخرج؛ ولأن مالكاً قال: ما لا يجوز بيعه لا يجوز أن يستأجر به. أصبغ؛ فإن نزل فله أجر عمله والثوب والجلود لربها.

(أو جزء رضيع): آدمي أو غيره جعل أجراً لمن يرضعه على أن يملكه بعد الرضاع بل (وإن) كان يملكه (من الآن)

ــ

إلحاق الحكم اللاحق بالحكم السابق لا تشبيه المتقدم بالمتأخر.

قوله: [لتنافرهما]: أي لتنافي أحكامهما.

قوله: [بخلاف الإجارة]: أي فإنها تلزم بالعقد، ويجوز فيها الأجل ولا يجوز فيها الغرر.

قوله: [وكذا لا يصح اجتماع بيع مع جعل]: أي لتنافي أحكامهما فالتعليل الذي تقدم في الإجارة مع الجعل يأتي هنا.

قوله: [بل يصحان معاً]: أي لتوافق أحكام البيع مع أحكام الإجارة في الأركان والشروط غالباً.

قوله: [كشرائه وثوباً أو جلوداً] إلخ: أي ويشترط في هذه الصورة شروعه وضرب أجل الإجارة ومعرفة خروجه عين عامله أم لا، أو إمكان إعادته كالنحاس على أن يصنعه قدحاً كما تقدم في السلم، فإن انتفى الأمران كالزيتون على أن يعصره فلا، وأما المسألة الثانية فتجوز من غير شرط.

قوله: [على أن ينسج له ثوباً آخر]: أي والحال أن الغزل من عند المشتري كما إذا قال له: آخذ منك هذا المقطع وانسج لي هذا الغزل مقطعاً آخر بهذين الدينارين.

قوله: [ثم عطف على قوله: كمع جعل] إلخ: أي وأما قوله لا بيع فهو معترض بين المعطوف والمعطوف عليه.

قوله: [كلاً أو بعضاً]: من ذلك الأكارع وظاهره كان الاستئجار على السلخ وحده أو عليه وعلى الذبح، لكن قال في الحاشية: والحاصل أن الاستئجار على السلخ بالأكارع مثل الرأس إن كان قبل الذبح لا يجوز وبعده يجوز بخلاف الإجارة بجلدها أو قطعة من لحمها على سلخها فلا يجوز سواء كان قبل الذبح أو بعده، وكذلك لا تجوز الإجارة على ذبحها بقطعة من لحمها. اهـ.

فائدة: يجوز بيع جلود نحو السباع من كل مكروه أكله على ظهرها قبل ذبحها وسلخها، بخلاف جلود نحو الغنم فلا يجوز قبل ذبحها وسلخها على المذهب، والفرق أن ما يؤكل لحمه لا يحتاط في حفظ الجلد، بخلاف ما يكره أكله فيحتاط في حفظ الجلد كما يؤخذ من الخرشي والحاشية، ومقتضى هذا الفرق جواز الاستئجار على ذبح السبع لجلده كما في (عب).

قوله: [ونخالة جعلت أجرة لطحان]: قال في الحاشية: الأصل من هذا القبيل ما يقع في بلاد الريف من دفع الزرع لمن يدرسه بنورجه وبهائمه ويأخذ تبنه في مقابلة درسه فهي إجارة فاسدة، وأما لو قال ادرسه ولك حملان تبنا من تبنه أو من غير تبنه جاز ذلك كذا كتب (بن)(عب). اهـ.

قوله: [فلو قال لسالخه وطاحنه] إلخ: أي ويصير المعنى ولا يجوز الإجارة بجلد المسلوخ لسالخه والمطحون لطاحنه.

قوله: [أجر مثله إن عمل]: أي والمصنوع لربه ما لم يفت بيد الصانع، فإن فات بيد الصانع بعد الدبغ أو النسج ببيع أو تلف أو حوالة سرق لزم صاحب الجلد أو الغزل أجرة المثل في دباغ جميع الجلد ونسج كل الغزل للصانع، ويغرم الصانع لصاحب الثوب أو الجلد قيمة النصف الذي جعل له لوقوع البيع فيه فاسداً وقد فات فيغرم قيمته مدبوغاً والنصف الآخر ملك لربه، وهذا كله إذا جعل له النصف بعد العمل وأما لو جعل له النصف في الغزل أو في الجلد من وقت العقد فإن شرط عليه أن يدبغه أو ينسجه مجتمعاً فلا يجوز أيضاً لأنه حجر عليه ومنعه من أخذ ما جعل له إلا بعد الدبغ أو النسج، فإن أفاتها بالشروع في الدبغ أو النسج فعلى الصانع قيمة النصف يوم القبض لأن البيع فاسد، وقد فات والنصف الآخر لربه، وعليه أجرة عمله فيه، وأما إن جعل له النصف من وقت العقد يفعل به ما شاء بلا حجر عليه

ص: 268

لأن الرضيع قد يتغير وقد يتعذر رضاعه لموت أو غيره ولا يلزمه خلفه فيصير نقد الأجرة فيها كالنقد في الأمور المحتملة، وهو ممتنع.

(وكـ: احصده وادرسه ولك نصفه)، أو ثلثه: ففاسد وكذا ادرسه فقط وله أجرة عمله إن عمل. وأما احصده فقط فصحيح وسيأتي.

(وكراء الأرض): أي للزراعة (بطعام) أنبتته كقمح أو لم تنبته كلبن وسمن وعسل (أو بما أنبتته) من غير الطعام كقطن وكتان وعصفر وزعفران وتبن وبوص (لا [1] كخشب) مما يطول مكثه حتى يعد كأنه أجنبي منها؛ كالعود الهندي والصندل والحطب والقصب الفارسي فيجوز. كما يجوز كراؤها لغير الزراعة بطعام وبما يخرج منها وبيعها به. وعلة المنع في كرائها بطعام: أنه يؤدي إلى بيع الطعام بطعام إلى أجل. وعلته في كرائها بما تنبته: المزابنة؛ إذ لا يعلم قدر ما يخرج منها، وهي علة ضعيفة.

(وحمل شيء): طعام أو غيره (لبلد) بعيد لا يجوز تأخير قبض المعين إليه (بنصفه) مثلاً؛ لما فيه من بيع معين يتأخر قبضه؛ فإن وقع فأجر مثله والطعام كله لربه، قاله ابن يونس. (إلا أن يقبضه): أي الجزء المستأجر به (الآن): أي من حين العقد أي وقع بشرط تعجيله، أو كان العرف تعجيله فيجوز. فإن لم يكن العرف التعجيل ولم يشترط التعجيل فسدت ولو عجل. والحاصل أن هذه المسألة من أفراد قوله المتقدم:"أو عين" وأن علة المنع ما فيه من بيع معين يتأخر قبضه فيجري فيها التفصيل المتقدم، فيكون معنى:"إلا أن يقبضه الآن" أي بشرط أو عرف.

(وكـ: إن خطته) مثلاً أي خرزته أو نجرته أو كتبته (اليوم) مثلاً أو في هذه الجمعة أو هذا الشهر (فلك كذا): أي من الأجر كعشرة

ــ

في دبغه أو نسجه فجائز فالأقسام ثلاثة كما يؤخذ من حاشية الأصل والخرشي.

قوله: [لأن الرضيع قد يتغير] إلخ: قال (شب): فإن مات الرضيع في أثناء المدة فإن ملكه من الآن فعليه نصف قيمته يوم قبضه يدفعها لربه وله أجرة رضاع نصفه أي له نصف أجرة المثل في المدة التي رضعها، وإن ملكه له بعد الفطام فله أجرة المثل فيما أرضعه ومصيبته من ربه، ولا شيء على الأجير لأنه على ملك ربه قاله في التوضيح، وهذا واضح إذا مات قبل الفطام، وأما إن مات بعده فعليه نصف قيمته يوم الفطام وله أجرة رضاع مثله كذا يفيده كلام (بن). اهـ.

قوله: [فيصير نقد الأجرة فيها]: أي في هذه المسألة التي هي جعل له فيها الجزء من الآن.

وقوله: [كالنقد في الأمور المحتملة]: أي للسلامة وعدمها.

قوله: [وهو ممتنع]: أي للتردد بين السلفية والثمنية في المثليات وللغرر في المقومات.

قوله: [ففاسد]: أي للجهل بما يخرج لأنه استأجره بنصف ما يخرج من الحب وهو مغيب لا يدري كم يخرج وكيف يخرج.

قوله: [وأما احصده فقط فصحيح]: أي لأنه استأجره بنصف الزرع وهو مرئي.

قوله: [أي للزراعة]: سيأتي مفهومه ومن كراء أرض الزراعة بالطعام الغلال التي يأخذها الملتزمون خراجاً عن أرض الزراعة سواء كان جاعلاً عليها غلالاً من أول الأمر أم لا، بل ولو أخذت بدلاً عن الدراهم المجعولة خراجاً كما يفيده نص المدونة.

قوله: [أو لم تنبته كلبن] إلخ: أي وكذلك الشاة المذبوحة والحيوان الذي لا يراد إلا للذبح كخصي المعز والسمك وطير الماء، وكذلك الحيوان الذي يراد للبن بخلاف كرائها بالحيوان الذي يراد للقنية لغير اللبن فيجوز كجوازها بالماء ولو ماء زمزم.

قوله: [كقطن وكتان]: المراد شعرهما وأما ثيابهما فجائز كما في (ح) ومقتضى آخر كلامه أنه لا يجوز كراؤها بالغزل ولعله لكونه هين الصنعة وإن كان لا يعود. اهـ (عب).

قوله: [وبوص]: المراد به حطب الذرة، وأما البوص الفارسي فسيأتي أنه كالخشب.

قوله: [إلا كخشب]: شمل كراءها بشجر ليس به ثمر أو به وهو مؤبر لأنه يبقى لربه لا به غير مؤبر.

قوله: [مما يطول مكثه]: يتناول الذهب والفضة والرصاص والنحاس والكبريت والمغرة ونحوها من سائر المعادن، لأن شأنها تنبت بنفسها في الأرض ويطول مكثها فيها ويستثنى من ذلك الملح فلا يجوز كراء أرض الزراعة به ويجوز كراء أرض الملاحة به كما نصوا عليه.

قوله: [كما يجوز كراؤها لغير الزراعة]: أي وإن كان شأنها أن تزرع كما هو ظاهر كلام أهل المذهب خلافاً لما أفتى به بعض شيوخ الشيخ أحمد الزرقاني من المنع كذا في (بن).

قوله: [وبيعها به]: أي يجوز بيع الأرض بالطعام وبما يخرج منها وإن لم يكن طعاماً فالنهي قاصر على الكراء لا على البيع.

قوله: [المزابنة]: أي حيث باع المستأجر معلوماً وهو الأجر الذي يدفعه بمجهول وهو ما يخرج منها ووجه ضعفه أن هذا لا يتجه إلا إذا كان من جنس واحد.

وقوله: [لا يجوز تأخير قبض المعين إليه]: أي بأن كان على مسافة يمنع تأخير ذلك المعين لها على ما تقدم تفصيله.

قوله: [والطعام كله لربه]: هذا أحد قولين، وقيل: نصفه للجمال ويضمن مثله في الموضع الذي حمل منه وله كراء مثله في النصف الآخر نظير ما مر في دبغ الجلود إذا استأجره بشيء منها عند الفراغ، واختار هذا القول ابن عرفة وأبو الحسن. اهـ (بن) ملخصاً.

قوله: [أي بشرط أو عرف]: أي وإن لم يقبض بالفعل قال (بن) حكاية عن الشيخ أحمد الزرقاني حيث وقع الشرط أو كان العرف النقد فالجواز وإن لم يقبض إلا بعد تمام العمل. اهـ، فإذا علمت ذلك تعلم أن حرمة بيع معين يتأخر قبضه إن دخلا

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (إلا)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.

ص: 269

وإلا تخطه اليوم، بل أزيد (فكذا) من الأجر أي أقل كثمانية؛ ففاسدة للجهل بقدر الأجرة. فإن وقع

فله أجر مثله ولو زاد على المسمى خاطه في اليوم أو أكثر.

(واعمل على دابتي) ولم يقيد باحتطاب أو غيره (أو) اعمل (في حانوتي) أو في حمامي أو سفينتي، ونحو ذلك (وما حصل [1]) من ثمن أو أجرة (فلك نصفه) مثلاً ففاسدة للجهل بقدر الأجرة فتفسخ. (فإن عمل فللعامل): أي فجميع ما تحصل يكون له (وعليه) لربها (أجرة مثلها): ظاهره أن هذا عام في الدابة وغيرها، وهو ما في كثير من الشراح. وقال بعضهم:"فإن عمل" إلخ خاص بالدابة والسفينة، وأما الحمام والدار والحانوت فما حصل من الأجرة يكون للأجير، وعليه لرب الحانوت أو الدار أو الحمام أجرة مثله، مثل "لتكريها" الآتي. قال عياض: لأن ما لا يذهب فيه ولا عمل فيه لمتوليه كالرباع فهو فيه أجير والكسب لربه ويستوي فيه اعمل وأجر [2]. ونقله أبو الحسن وقبله، وقاله اللخمي. انظر المحشي.

(عكس) قوله: (أكرها): أي الدابة لمن يعمل عليها (ولك) من الكراء (النصف) فإنه يفسخ، فإن أكراها وعمل العامل عليها فما حصل من الأجر فهو لربها وعليه لمن أكراها أجرة مثله في تولية ما ذكر وإن قال ربها: اعمل عليها ولك نصفه فأكراها، فقال ابن القاسم: ما أكريت به للأجير ولربها أجرة المثل انتهى. فيكون لربها أجرة المثل وما حصل فللأجير سواء عمل بنفسه أو أكراها. وأما لو قال له: أكرها، فأكراها فالعكس وهو أن ما حصل من الأجر فلربها وعليه للأجير أجرة مثله، وبقي ما إذا قال: أكرها، فعمل عليها بنفسه، فهو مثل: اعمل عليها؛ لأن الإجارة فاسدة وقد عمل عليها، فما حصل فهو له، وعليه لربها أجرة مثلها كما تقدم. وهذا كله في الدابة، ومثلها السفينة. وأما الحانوت والرباع والحمام، فهل هي مثل الدابة في التفصيل المتقدم؟ وعليه بعض الشراح كالخرشي والزرقاني أم لا؛ بل ما حصل منها لربها مطلقاً وعليه للأجير أجرة مثله؟ مثل: لتكريها، فأكراها؛ وهو الذي ذكره المحشي عن الحطاب ناقلاً له عن عياض واللخمي، ونقله أبو الحسن كما تقدم، واعترض به على الشراح فانظره، والله أعلم.

(بخلاف نحو) قول ربها: (احتطب) عليها (ولك نصفه): أي الحطب، فيجوز إن علم ما يحتطبه عليها بعادة أو شرط. فعلة الجواز العلم وسواء قيد بزمن كيوم لي ويوم لك أم لا،

ــ

على ذلك أو كان العرف ذلك، وأما إن كان التأخير غير مدخول عليه فجائز خلافاً لمن يفهم غير ذلك.

قوله: [وإلا تخطه] إلخ: ويقال في الخرز والنجارة والكتابة ما قيل في الخياطة.

قوله: [ففاسدة للجهل بقدر الأجرة]: اعلم أن محل فساد هذه الصورة إذا وقع العقد على الإلزام ولو لأحد المتعاقدين، فإن كان الخيار لكل منهما جاز؛ وذلك لأن الغرر لا يعتبر مع الخيار؛ لأنه إذا اختار أمراً فكأنه ما عقد إلا عليه؛ لأن عقد الخيار منحل، وأما دفع دراهم بعد العقد زيادة على الأجرة ليسرع له بالعمل فذلك جائز كما في (ح)، ويقال بعد ذلك إن أسرع فاز بالزيادة وإلا فله الرجوع عليه لأنه على شرط لم يتم.

قوله: [ولم يقيد باحتطاب أو غيره]: بل ولو قيد إنما الفرق بين ما هنا وبين قوله الآتي، بخلاف نحو: احتطب ولك نصفه، أن ما هنا أريد به قسمة الأثمان وما يأتي أريد به قسمة نفس الحطب كما نقل عن أبي الحسن.

قوله: [وعليه لربها أجرة مثلها]: أي لأن العامل كأنه اكترى ذلك كراء فاسداً ابن يونس ولو عمل ولم يجد شيئاً كان مطالباً بالكراء؛ لأنه متعلق بذمته، وخالفه ابن حبيب، فقال إن عاقه عن العمل عائق وعرف ذلك العائق فلا شيء عليه.

قوله: [وهو ما في كثير من الشراح]: منهم الشيخ (عب)، والخرشي كما يأتي.

قوله: [يكون للأجير]: صوابه لربها كما يأتي في آخر السوادة. وقوله: [وعليه لرب الحانوت] إلخ: صوابه للأجير كما يأتي أيضاً.

قوله: [انظر المحشي]: المراد به (بن).

قوله: [عكس قوله أكرها]: المراد العكس في الحكم بعد الوقوع لأن في الأولى ما حصل يكون للعامل وهذه لربها.

قوله: [ما أكريت به للأجير]: قال في المدونة: وإن دفعت إليه دابة أو ابناً أو داراً أو سفينة أو حماماً على أن يكري ذلك وله نصف الكراء لم يجز، فإن نزل كان لك جميع الكراء وله أجرة مثله، كما لو قلت له بع سلعتي فما بعت به من شيء فهو بيني وبينك، أو قلت له فما زاد على مائة فبيننا فذلك لا يجوز والثمن لك وله أجرة مثله.

قوله: [فيكون لربها] إلخ: هذا شروع في حاصل فقه المسألة.

قوله: [وبقي ما إذا قال له أكرها] إلخ: اعلم أن الصور أربع؛ لأن رب الدابة إما أن يقول له: اعمل على دابتي ولك نصف ما عملت به أو يقول له: خذ دابتي أكرها ولك نصف كرائها وفي كل إما أن يعمل عليها بنفسه أو يكريها لمن يعمل عليها، وكلها فاسدة والحكم فيها كما قال الشارح وهو أن ثلاث صور جميع ما جاء فيها للعامل، وعليه لربها أجرة مثلها، وصورة جميع ما جاء فيها لربها، وعليه للعامل أجرة مثله.

قوله: [فيجوز إن علم ما يحتطبه عليها]: أي بشرط أن لا يزيد في الصيغة المذكورة ولا تأخذ نصفك إلا بعد نقله مجتمعاً بموضع كذا فإن زاد ذلك منع للحجر عليه كما ذكره ابن عرفة والمراد علم نوعه

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (تحصل)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.

[2]

في ط المعارف: (وواجر)، ولعلها الصواب.

ص: 270

كنقلة لي ونقلة لك؛ فالأجرة هنا معلومة بخلاف ما تقدم. وقوله: "ولك نصفه": أي الحطب احترازاً من قوله: "ولك نصف ثمنه"، فلا يجوز للغرر. ومثل الدابة السفينة والشبكة ونحوهما فيجوز بنصف ما يحمله عليها إذا كان معيناً من مكان معين كما أفاده بقوله:"نحو" ودخل في استق عليها ولك نصف الماء.

(و) بخلاف نحو: (احصده ولك نصفه) مثلاً (فيجوز). أو: جذ نخلي هذا ولك نصفه، أو: القط زيتوني هذا ولك نصفه. أو: جز صوفي هذا ولك نصفه؛ كل ذلك جائز للعلم بالأجرة وما أوجر عليه، وأما: أحصد [1] وما حصدت فلك نصفه، أو: القط وما لقطت فلك نصفه، فجائز أيضاً إلا أنه من باب الجعالة فله الترك متى شاء بخلاف ما قبله فهو من الإجارة اللازمة. ويكون الدرس والتذرية عليهما، وتقدم أنه إن قال: احصده وادرسه ولك نصفه، أو. ادرسه فقط، ففاسد وله أجرة مثله لشدة الغرر. ثم الجواز مقيد بعدم تعيين الزمن، فإن عينه فسدت، قال فيها: وإن قال احصد اليوم أو القط اليوم وما اجتمع فلك نصفه، فلا خير فيه؛ إذ لا يجوز بيع ما يحصد اليوم، وما لم يجز بيعه لم يجز أن يستأجر به مع ضرب الأجل في الجعل، ولا يجوز في الجعل إلا أن يشترط أن يترك متى شاء فيجوز.

ثم شبه في الجواز قوله: (كإجارة)، أي كما يجوز إجارة (دابة لكذا): أي لمكان معلوم كمكة (على) أنه إن (استغنى فيها): أي في المدة أو المسافة المعينة لظفره بحاجته في أثناء الطريق (حاسب) ربها: أي كان له بحساب ما سار صعوبة وسهولة. ومحل الجواز (إن لم ينقد) الأجرة، فإن نقدها لم يجز لترددها بين السلفية والثمنية. وهذا القيد ذكره في المدونة والعتبية وذكره المصنف في التوضيح فكان عليه ذكره هنا.

(وإيجار): أي وكما يجوز إيجار شيء (مؤجر) بفتح الجيم: أي أن من أجر حيواناً أو غيره مدة معلومة كشهر أو سنة يجوز له أن يواجره قبل انقضائها مدة تلي مدة الإجارة الأولى للمستأجر الأول أو لغيره.

(أو) إيجار (ما): أي شيء بيع و (استثنيت منفعته): أي استثناها البائع؛ بأن باع عبداً أو داراً أو غير ذلك واستثنى منفعتها مدة معلومة، فللمشتري منه أن يؤاجر ما ذكر مدة تلي مدة الانتفاع أي على أن يقبضها المستأجر بعد مضي مدة الانتفاع. وسيأتي أنه يجوز استثناء السنة في الدار والسنتين في الأرض وثلاثة أيام في الدابة لا جمعة، وكره المتوسط.

(والنقد) بالجر، عطف على مدخول الكاف: أي وكجواز النقد (فيهما):

ــ

وإن لم يعلم قدره بدليل كلام ابن القاسم في مسألة الشبكة.

قوله: [كنقلة لي، ونقلة لك]: مثل ذلك لو قال له كل نقلة نصفها لي ونصفها لك.

قوله: [مثل الدابة السفينة والشبكة]: ابن القاسم يجوز دفع الشبكة لمن يصيد بها يوماً لنفسه ويوماً لصاحبه وفي الشهرين كثير لظهور الجهالة.

قوله: [إذا كان معيناً]: أي كما إذا كان يحمل عليها تبناً أو حطباً أو خشباً معيناً من بلد معينة.

تنبيه: لو تلفت الدابة بعد أخذ العامل ما يخصه وقبل أخذ ربها فلربها أن يأتي له بأخرى يعمل عليها ولابن القاسم في العتبية لربها كراؤها وهو أبين وأما لو تلفت بعد أخذ ربها ما يخصه وقبل أخذ العامل فعلى ربها أجرة عمله، وليس للعامل أن يخلف ربها دابة أخرى.

قوله: [للعلم بالأجرة وما أوجر عليه]: أي لكون كل منهما محصوراً مرئياً.

قوله: [إلا أنه من باب الجعالة]: أي والجعالة يجوز فيها الغرر لكونها منحلة من طرف العامل.

قوله: [ويكون الدرس والتذرية عليهما]: أي لأنهما صارا شركاء من حين الحصاد ويمنع قسمه قتاً لأنه خطر ويدخله التفاضل.

قوله: [لشدة الغرر]: أي في قدر الأجرة وصفتها؛ لأنه لا يعلمها إلا بعد التصفية.

قوله: [ثم الجواز مقيد بعدم تعيين الزمن] إلخ: هذا البحث يغني عنه ما سيأتي في قوله وفسدت إن جمعها وتساويا، ومحله هناك مع ما فيه من الركة.

قوله: [وهذا القيد]: أي الذي هو قوله إن لم ينقد قال ابن عاشر: تأمل ما وجه جواز هذه المسألة مع أن المؤجر لا يدري ما باع من المنفعة واستشكله الخرشي في كبيره بهذا أيضاً. وأجاب بأن الغرر هنا يسير يغتفر؛ لأن العادة أن من اكترى إلى موضع لا يستغنى قبل ذلك الموضع، وقول المصنف إن استغنى فيها أي ويصدق في دعواه الاستغناء لأنه أمين، وأما إن استأجره لهذا المكان وإن زاد فله بحساب ما اكترى لم يجز إلا إن عين غاية ما يزيد وما قيل في الدابة يقال في الدار والسفينة كما أفاده في الأصل.

قوله: [للمستأجر الأول أو لغيره]: أي ما لم يجر عرف بعدم إيجارها إلا للأول كالأحكار الموقوفة بمصر وإلا عمل به لأن العرف كالشرط وصورة ذلك أن يستأجر إنسان داراً موقوفة مدة معينة وأذن له الناظر بالبناء فيها ليكون له خلو في تلك المدة وجعل عليها حكراً كل سنة من تلك المدة لجهة الوقف فليس للناظر أن يؤاجرها لغير مستأجرها مدة تلي مدة إيجار الأول لجريان العرف باختصاص الأول بذلك ومحله إذا أراد أن يدفع الأول من الأجرة مثل ما يدفعه الغير وإلا جاز إيجارها للغير كذا يؤخذ من الحاشية.

قوله: [وثلاثة أيام في الدابة]: أي وعشرة في الرقيق.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (احصد)، ولعلها الصواب.

ص: 271

أي في إيجار المؤجر والمبيع المستثنى منفعته. ومحل جواز الإيجار والنقد فيهما: (إن لم يتغير غالباً): أي لم يغلب تغيره بأن كان الشأن عدم تغيره. وهو صادق بصورتين: ما إذا كان الغالب سلامته، أو احتمل السلامة وعدمها. لكن الصورة الأولى متفق عليها، والثانية فيها خلاف. هذا بالنسبة للإيجار فيهما. وأما النقد فيهما فإنما يجوز إن غلبت السلامة فيهما لا إن لم تغلب بأن كان الشأن عدمها لطول المدة أو ضعف البناء أو نحو ذلك واحتمال الأمر فعلم أن الصور ثلاث:

الأولى: الشأن السلامة فيجوز العقد والنقد قطعاً.

الثانية: عدمها فلا يجوز عقد ولا نقد.

الثالثة: احتمال الأمرين، فيجوز العقد لا النقد عند بعضهم. وقيل: لا يجوز العقد فلا نقد.

وإن قوله: "إن لم يتغيرغالباً " راجع للعقد والنقد إلا أنه يوهم أن الصورة الثالثة يجوز فيها النقد، وليس كذلك لما علمت. والمراد: إن لم يتغير؛ أي في المدة الثانية التي تلي الأولى، لأن الكلام فيها. فتقييد بعضهم له بقوله:"قبل تسليمه" فيه نظر، ولذا شطبناه من أصل المبيضة.

(و) كجواز إيجار (على طرح نجاسة؛ كميتة) وعذرة بأجر معلوم وإن استلزم ذلك مباشرة النجاسة للضرورة.

(و) استئجار على (القصاص): من قتل أو قطع حكم به الحاكم وسلمه للمجني عليه أو لوليه.

(و) على (الأدب) لابن أو عبد إذا ثبت عند الأب أو السيد موجبه.

(و) على (عبد خمسة عشر عاماً)، ولو بشرط النقد قال في المدونة: ولا أرى به بأساً، والدور أبين، ويجوز تقديم الأجر فيه بشرط انتهى.

(و) على (دار نحو ثلاثين) عاماً ولو شرط النقد، قاله ابن يونس.

(و) على (أرض) للزراعة مأمونة الري (خمسين عاماً) لا أكثر فإن لم يؤمن من ربها جاز العقد عليها ما ذكر دون النقد. وكذلك الدار إذا كانت قديمة يحتمل بقاؤها ثلاثين، وعدمه فإذا كانت قديمة جداً لا تبقى الثلاثين عادة لم يجز كراؤها الثلاثين، وكذا يقال في العبد.

(و) كجواز (بيع دار لتقبض): أي ليقبضها مشتريها (بعد عام) من يوم بيعها فيجوز استثناء منفعتها سنة.

(و) بيع (أرض) لتقبض (بعد عشر) من الأعوام فيجوز استثناء منفعتها عشراً.

(و) بيع (حيوان) ليقبض (بعد ثلاثة أيام) ونحوها (لا) بعد (عشر)

ــ

قوله: [أي في إيجار المؤجر]: بفتح الجيم اسم مفعول.

قوله: [المستثنى منفعته]: راجع للمبيع.

قوله: [أو ضعف]: مصدر معطوف على طول.

قوله: [أو نحو ذلك]: أي كالطاحون والساقية من كل ما شأنه التغير لكثرة العلاج فيه كالمدق والمعصرة.

قوله: [فعلم أن الصور ثلاث] أي من قوله: إن لم يتغير غالباً باعتبار المنطوق والمفهوم.

قوله: [عند بعضهم]: هو ابن عرفة وابن شاس.

قوله: [وقيل: لا يجوز العقد]: هو لابن الحاجب والتوضيح.

قوله: [إلا أنه]: أي كلام المصنف.

قوله: [يوهم أن الصورة الثالثة]: إلخ: أي فلو قال المصنف والنقد فيهما إن سلم غالباً لسلم ويمكن أن يجاب عنه بأن معناه إن انتفى التغير غالباً: أي إن كان الغالب انتفاءه فيكون الحال قيداً في النفي لا في المنفي فتأمل.

قوله: [لما علمت]: أي من النقد لا يجوز فيها اتفاقاً وإنما الخلاف في أصل العقد.

قوله: [لأن الكلام فيها]: أي لأنها التي يستوفى منها المنافع لا الأولى.

قوله: [على طرح نجاسة]: أي وكذا حملها للانتفاع بها على الوجه الجائز كحملها لأكل الكلاب أو تسبيخ أرض أو لأكل مضطر وجلد ميتة مدبوغ لاستعماله في اليابسات والماء.

قوله: [واستئجار على القصاص]: أي وأما الإجارة على القتل ظلماً فلا تجوز، فإن نزل اقتص من الأجير ولا أجرة له ولا يقتص من المؤجر لأن المباشر مقدم على المتسبب.

قوله: [إذا ثبت عند الأب أو السيد موجبه]: ظاهره أنه لا بد من ثبوت الموجب كان الطالب للتأديب الأب أو السيد كان الولد صغيراُ أو كبيراُ وليس كذلك، بل يصدق الأب في ابنه الصغير والسيد والزوج في دعوى ما يوجب الأدب كما في (ح)، وأما الولد الكبير فلا يؤدبه الأب بل يؤدبه الحاكم بالثبوت، وإلا أب الأب أو المتولي للأب. كذا في الحاشية.

قوله: [وعلى عبد خمسة عشر عاماً]: أي وأما الدابة فحد إجارتها سنة إلا لسفر فالشهر كما في التوضيح، ونقله (بن) وهذا في إجارتها التي يجوز النقد فيها، وأما بغير نقد فيجوز أكثر من سنة، والفرق بين الدابة والعبد أن العبد إذا حصل له مشقة يخبر عن حال نفسه بخلاف الدابة.

قوله: [كذا يقال في العبد]: حاصل ما يستفاد من كلام الأجهوري أن غلبة الظن في الأمن تسوغ القدوم على العقد وعلى شرط النقد واستواء الأمرين يسوغ القدوم على العقد دون النقد، وأما غلبة ظن عدم الأمن فلا تجوز عقداً ولا نقداً كما في الحاشية

قوله: [وكجواز بيع دار]: اعترض بأن هذه المسألة ليست من باب الإجارة فحقها أن تذكر في البيوع. وأجيب بأن المنفعة المستثناة إجارة حكماً فإذا باع الدار بمائة مثلاً على، أن تقبض بعد عام فقد باعها بالمائة والانتفاع بتلك الدار تلك المدة، فكان البيع بمائة وعشرة مثلاً دفع المشتري بدل العشرة منفعة الدار فيتأمل، ويقال في استثناء الأرض والحيوان ما قيل هنا.

قوله: [وبيع حيوان ليقبض] إلخ: ظاهره العموم كان الحيوان رقيقاً أو غيره، والذي في الحاشية أن هذا مخصوص بالدابة قيل لا فرق بين دابة الركوب والعمل.

ص: 272

لأن الغالب فيها تغيره.

(وكره المتوسط) كاستثناء خمسة أيام.

(و) كجواز (كراء دابة لتقبض): أي ليقبضها المكتري (بعد شهر) من يوم الكراء فيجوز (إن لم يشترط) مكريها (النقد): أي نقد الأجرة، فإن اشترطه لم يجز لتردده بين السلفية والثمنية. والنقد بلا شرط لا يضر.

(و) كجواز (تحديد صنعة، كخياطة) أو خرز وحصد زرع ودرس ونحو ذلك (بعمل) نحو: خط هذا الثوب، أو: احصد هذا الفدان، أو: احفر لي بئراً بكذا (أو: زمن) كخط عندي يوماً أو شهراً، أو: ابن لي بيتاً، ونحو ذلك، كل يوم أو كل جمعة أو شهر أو جميع الشهر أو السنة بكذا.

(وفسدت) الإجارة (إن جمعهما): أي العمل والزمن (وتساويا): بأن كانت العادة أن الزمن لا يزيد على الفعل ولا ينقص، قال ابن رشد: اتفاقاً. وقال ابن عبد السلام: على المشهور.

وأما إذا كان الزمن ينقص عن العمل فالفساد بالأولى وأما لو كان الزمن أكثر فقال ابن عبد السلام: يجوز اتفاقاً، وقال ابن رشد: بل تفسد على المشهور لاحتمال طارئ على الأجير يمنعه من العمل، وهذا معنى قول الشيخ:"وهل تفسد إن جمعهما وتساويا أو مطلقاً؟ خلاف". وعلى الفساد فاللازم أجرة المثل زادت على المسمى أو قلت، والله تعالى أعلم.

(و) كجواز (إيجار مرضع) لترضع طفلاً وإن كان فيه استيفاء عين قصداً للضرورة، وسواء كانت آدمية أم لا، كانت الأجرة طعاماً أو غيره.

(وغسل خرقة ونحوها): أي الخرقة كبدنه (على أبيه) لا عليها (إلا لعرف) أو شرط فيعمل به.

(ولزوجها): أي المرضع (فسخه إن لم يأذن لها) فيه، فإن أذن فليس له الفسخ.

(كأهل الطفل): لهم فسخ العقد (إن حملت) المرضع من زوجها أو غيره زمن الرضاع (ولها) هي الفسخ (إن مات أبوه): أي الطفل (ولم تقبض الأجرة) منه قبل موته (ولم يترك) له (مالاً) ولا مال للولد تأخذ أجرتها منه (ولم يتطوع بها): أي بالأجرة (أحد) من قريب أو بعيد، وإلا فلا فسخ لها. (ومنع) الزوج (إن أذن) لها في الإرضاع (من وطء) لها؛ لأنه مما يضر بالطفل ولو لم يحصل له ضرر بالفعل.

ــ

وقال بعضهم إنه في دابة الركوب وأما دابة العمل فيجوز استثناء منفعتها كالرقيق عشرة أيام فأقل.

قوله: [لأن الغالب فيها تغيره]: أي فيتردد الثمن بين السلفية والثمنية.

قوله: [وكره المتوسط]: أي لاحتمال تغيره، وبقي مثل الثوب المعين والنحاس، ومقتضى ما تقدم أنه يجوز بيعه واستثناء منفعته مدة دون نصف شهر لا أزيد لما فيه من السلم في معين، ولا يرد على هذا تأجير الدور والأراضي الزمن الطويل؛ لأن السلم لا يكون فيها لأن من شرطه أن يكون في الذمة وهذه الأشياء لا تقبلها الذمم بحال.

قوله: [والنقد بلا شرط لا يضر]: أي لأن علة المنع للتردد لا تكون إلا في شرط النقد كما تقدم في الربويات.

قوله: [بكذا]: تنازعه كل من خط واحصد واحفر فأعمل الأخير وأضمر في الأولين وحذف لأنه فضلة.

قوله: [وتساويا]: الواو للحال.

قوله: [فالفساد بالأولى]: أي على كل من الطريقتين.

قوله: [لاحتمال طارئ]: أي فيدخله الغرر.

قوله: [وعلى الفساد]: أي حيث قلنا به اتفاقاً أو على المشهور.

قوله: [وسواء كانت آدمية أم لا]: فلو كان الرضيع محرم الأكل كجحش جاز أن تكرى له أتان لترضعه.

قوله: [كانت الأجرة طعاماً أو غيره]: أي ولو شرطت عليهم طعامها ولا يكون هذا من بيع طعام بطعام للضرورة، ولأن النهي إنما ورد في الأطعمة التي جرت العادة باقتياتها.

قوله: [فسخه إن لم يأذن] إلخ: فإن طلقها قبل علمه فلا كلام له، فإن أجرت نفسها وهي في عصمته ولم يعلم بذلك إلا بعد مضي مدة فأجرة ما مضى تكون لها وله الفسخ في المستقبل.

قوله: [إن حملت المرضع] إلخ: إنما كان لهم الفسخ لأن الحمل مظنة تضرر الولد بلبنها، قال الخرشي ولها بحساب ما أرضعت فلو كانت أكلت الأجرة لم تحسب عليها لأنهم تطوعوا بدفعها لها قاله ابن عبد السلام ونظر فيه (بن).

قوله: [ولم يترك له مالاً]: مفهومه أنه إن ترك مالاً لم يكن لها الفسخ وتقبض أجرتها من نصيب الولد في تركة أبيه.

ومفهوم قوله: (ولم تقبض) أنها إذا قبضت لا تنفسخ، ولو كان الأب عديماً ويتبع الورثة الولد بما زاد على يوم موت الأب من الأجرة التي عجلها؛ لأن الزائد يكون ميراثاً بينهم وبين الولد فيرجعون به على مال الرضيع لا على الظئر، فليس إعطاء الأب أجرة رضاعه هبة منه له، وإنما إرضاعه عليه فرض انقطع بموته، ومحل رجوع الورثة على الولد بما زاد على يوم الموت ما لم يعجل الأب الأجرة خوفاً من موته الآن، وإلا كانت هبة ليس للورثة منها شيء، كما نقله الأجهوري عن (ح).

قوله: [ومنع الزوج] إلخ: فلو تزوجها ووجدها مرضعاً قال ابن عرفة: الأظهر أنه عيب يوجب له الخيار، وبحث فيه البدر القرافي بأن ذلك لم يذكر في عيوب الفرج.

قال بعض الأفاضل: الظاهر ما قاله ابن عرفة لأنه وإن لم يكن من عيوب الفرج إلا أنه يتضرر بعدم الوطء، اللهم إلا أن يبقى من مدة الرضاع يسير فلا خيار للزوج نظير من اشترى دارا فوجدها مكتراة فيخير ما لم يكن الباقي من مدة الكراء يسيرا.

قوله: [ولو لم يحصل له ضرر بالفعل]: رد بلو على أصبغ ومثل الزوج السيد على ما استظهره في الحاشية فلو تعدى

ص: 273

(و) من (سفر بها): أي بزوجته المرضع فإن لم يأذن فله ذلك وتقدم أن له الفسخ.

(وكره حلي): أي إجارته، لأنه ليس من شأن الناس، والأولى إعارته لأنها من المعروف.

(و) كره (إيجار مستأجر دابة) ليركبها (لمثله) في الأمانة أو الخفة أو الثقل (ولو) كان المثل (فظاً): أي غليظاً مثل الأول، ولا ضمان عليه حينئذ إن تلفت الدابة أو ماتت بلا تفريط؛ فإن كان الأول هو الفظ فلا ضمان بالأولى. وإن كان الثاني هو الفظ ضمن. ومحل الكراهة إذا لم يعلم حال ربها، فإن علم أنه يرضى جاز وإن علم عدم الرضا لم يجز

(و) كره (أجرة على تعليم فقه وفرائض) كذا في المدونة (كبيع كتبه) أي ما ذكر من فقه وفرائض فإنه يكره، وأما علم الفرائض بالرسم فلا يكره أخذ الأجرة عليه؛ لأنه صنعة من الصنائع. لكن قال بعضهم: يجوز بيع الكتب الآن لأن حفظ الناس له وأفهامهم نقصت كثيراً حتى أن صاحب الكتاب قد ينسى ما كتبه فيراجع كتابه. وفي بيع الكتب انتشار العلم وسبب لحفظه وصونه فتأمل.

(و) كره أجرة (على قراءة) لقرآن (بلحن): أي تطريب وأنغام لأن القراءة على هذا الوجه مكروهة إذا لم يخرج عن حده وإلا حرمت كالقراءة بالشاذ.

(و) كره أجرة على (دف) بضم الدال: طبل مغشى من جهة كالغربال يسمى في العرف بالطار (ومعزف) واحد المعازف: وهو آلة اللهو فيشمل المزمار (لعرس): أي نكاح. ولا يلزم من جوازها فيه جواز الأجرة.

ــ

الزوج أو السيد ووطئها ولم تحمل فقيل لأهل الطفل فسخ الإجارة وقيل: لا.

قوله: [ومن سفر بها]: أي وأما لو أراد أهل الطفل السفر فلا يمكنون من أخذ الولد إلا إذا دفعوا للظئر جميع أجرتها حيث كانت وجيبة.

تنبيه: قال في المدونة ومن واجر ظئرين فماتت واحدة فللباقية أن ترضع وحدها، ومن واجر واحدة، ثم واجر أخرى فماتت الثانية فالرضاع للأولى لازم كما كانت، وإن ماتت الأولى فعليه أن يأتي بمن ترضع مع الثانية. اهـ.

قوله: [وكره حلي] بفتح الحاء وسكون اللام مفرداً وبضم الحاء، وكسر اللام جمعاً.

قوله: [أي إجارته]: أي وسواء كان ذلك الحلي ذهباً أو فضة أوجر بذهب أو فضة أو غيرهما كعرض أو طعام وظاهره كان محرم الاستعمال أم لا، وإنما لم تحرم إذا كان محرماً لأنه ليس محقق الاستعمال، وقيل: تحرم إن كان محرماً فهما طريقتان.

قوله: [فإن علم أنه يرضى جاز]: أي كما إذا أكراها بحضرته وهو ساكت من غير عذر، ومثله في الجواز أن تبدو له الإقامة وعدم الركوب للمحل الذي أكراها إليه ولو كان غير مضطر للإقامة، ومثل الدابة الثوب فيكره لمن استأجر ثوباً للبسه أن يكريه لمثله، ويقال فيه ما قيل في الدابة إلا أنهما يفترقان في الضمان فإن الدابة لا ضمان عليه فيها إن ضاعت بلا تفريطه أو ماتت، وأما الثوب فيضمنه إلا لبينة على تلفه بلا تفريط من الثاني لأن ضمان التهمة يزول بالبينة.

قوله: [كذا في المدونة]: مقابله الجواز لابن يونس، وإنما كره أخذ الأجرة عليه مخافة أن يقل طلاب العلم الشرعي ولأن الإجارة عليه خلاف ما عليه السلف الصالح، بخلاف القرآن فإنه تجوز الإجارة على تعلمه لرغبة الناس فيه ولو بأجرة ولأخذ السلف الأجرة على تعلمه ولقوله عليه الصلاة والسلام:«إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله تعالى» .

قوله: [كبيع كتبه]: أي: وكذا إجارتها.

قوله: [بالرسم]: أي بالغبار والشباك.

قوله: [لكن قال بعضهم]: مراده به اللخمي.

قوله: [فتأمل]: إنما أمر بالتأمل لتضارب العلل التي ذكرها فإن قوله لأن حفظ الناس. . . إلخ مما يناسب الكراهة.

وقوله وفي بيع الكتب إلخ، مما يناسب الجواز.

قوله: [أي تطريب] إلخ: إنما كره ذلك؛ لأن المقصود من القراءة التدبر والتفهم والتطريب ينافي ذلك، والمراد بالتطريب تقطيع الصوت بالأنغام والأهوية، وأما الإجارة على أصل التلاوة فتقدم جوازه وكذا على تعليمه مشاهرة ومقاطعة على جميعه أو على بعضه ووجيبة لمدة معلومة، فالمشاهرة غير لازمة لواحد منهما، وأما الوجيبة والمقاطعة فلازمتان لكل منهما، قال مالك: يجوز أن يشارط المعلم على الحذقة ضبطاً أو نظراً ولو سميا أجلاً، أصبغ إن تم الأجل ولم يحذقه فله أجر مثله، القابسي ففرق أصبغ بين ضرب الأجل للمعلم والخياط إذا كان الفعل يمكن الفراغ منه فيه، ابن عرفة سوى اللخمي وابن رشد بينهما.

فوائد: الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» ، يشمل الوالد بتعليمه ولده ولو بأجرة، وقد أجاب سحنون أبا ولد كان يطلب العلم عنده إذا توليت العمل بنفسك ولم تشغل ولدك عما هو فيه فأجرك في ذلك أعظم من الحج والرباط والجهاد.

الثانية: ذكر ابن عرفة عن القابسي أن على المعلم زجر الولد في تكاسله بالوعيد والتقريع لا بالشتم نحو يا قرد، فإن لم يفد فالضرب بالسوط من واحد إلى ثلاثة ضرب إيلام دون تأثير في العضو، فإن لم يفد زاد إلى العشرة فإن لم يفد فلا بأس بالزيادة عليها.

الثالثة: القابسي أما تعليمهم في المسجد فروى ابن القاسم إن بلغ الصبي مبلغ الأدب فلا بأس، وإن كان صغيراً يعبث فلا أحب ذلك.

الرابعة: سئل أنس كيف كان المؤدبون على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم؟ قال كان للمؤدب إناء فيه ماء طاهر

ص: 274

والراجح أن الدف والكبر والمزمار جائزة في العرس وتكره الأجرة عليها، وأن ما عداها حرام في العرس وغيره فتحرم الأجرة عليها.

(و) كره (إيجار مسلم) عبد أو حر (لكافر فيما يحل) كخياطة وبناء ويحرم فيما لا يحل كعصر خمر ورعاية خنزير (بلا إهانة) للمسلم وإلا حرم ككونه خادم بيت يقدم له الطعام ويغسل يديه منه ويجري خلفه، وهذا ما لم يكن المسلم ماكثاً في حانوته كخياط ويرد عليه ما يصنعه به من المسلمين وغيرهم، وإلا فيجوز.

(وعين) وجوباً في الإجارة (متعلم) لقراءة أو صنعة لاختلاف حاله بالذكاء والبلادة

(و) عين (رضيع) لاختلاف حاله بكثرة الرضاع وقلته (ودار) للسكنى بها مثلاً (وحانوت و) عين (بناء على جدار) استؤجر للبناء عليه، بأن يذكر طول ما يبنى عليه وعرضه وكونه من حجر أو لبن أو غير ذلك. بخلاف كراء الأرض للبناء عليها فلا يشترط بيان وصف ما يبنى عليها.

(و) عين (محمل) للركوب فيه وهو بفتح الميم الأولى وكسر الثانية: ما يركب فيه من شقدف ومحفة وجعفة، لأنه يختلف بحسب السعة والضيق والطول والقصر والمتانة وغيرها. وأما محمل بكسر الميم الأولى وفتح الثانية: فعلاقة السيف.

(و) عين (مسكن) من دار أو غيرها لاختلاف أحواله (إن لم توصف) المذكورات وصفاً شافياً. فالواجب، إما التعيين أو الوصف الشافي المفيد للمراد وإلا كانت إجارة فاسدة.

(و) عينت (دابة) لركوب أو حمل ولا يكفي الوصف فيها (إلا) الدابة (المضمونة) في الذمة ليتوصل بها إلى محل كمكة وذلك بأن لم تقصد عينها: (فنوع) أي: فالواجب تعيين نوعها كإبل أو بغال (وصنف) كعراب أو بخت (وذكورة وأنوثة). فالحاصل أن الدابة أو غيرها لركوب أو غيره لا بد في صحة العقد عليها من التعيين بالذات أو الوصف. لكن إن عينت بالإشارة كدابتك هذه، أو: التي كانت معك بالأمس، انفسخت الإجارة بتلفها، وإلا فلا، وعلى ربها بدلها. ولو قال: دابتك البيضاء - وليس له غيرها - فغير المعينة بالإشارة مضمونة على ربها بدلها إن تلفت، وإلا انفسخت بتلفها. وعبارته لا تفيد ذلك فكان الأحسن أن يقول: وهي مضمونة إلا إذا عينت بالإشارة فتأمل.

(ولراع) استؤجر على رعي غنم أو غيرها عينت له، كهذه، أم لا؛ كعشرة من الغنم (رعي أخرى) معها (إن قوي) على رعي الأخرى (ولو بمشارك) بعينه على رعي الأخرى (إن لم يشترط) رب الأولى (عدمه): أي عدم رعي أخرى مع غنمه (وإلا) بأن اشترط عليه أن لا يرعى معها أخرى لم يجز له فإن خالف ورعى معها غيرها (فأجره) الذي أخذه في نظير الأخرى (لمستأجره) وهذه العبارة أسهل من عبارته.

(كأجير لخدمة أجر نفسه) في خدمة أخرى أو في عمل شيء حتى فوت على المستأجر ما استأجر عليه أو بعضه، فأجرته تكون لمستأجره الأول. وإن شاء أسقط عن نفسه أجرة ما فوته عليه،

ــ

يمحو به الصبيان ألواحهم ثم يصبون ذلك الماء في حفرة من الأرض فتنشف. اهـ، قال القابسي: وينبغي أن يصب ذلك الماء في المواضع البعيدة عن النجاسة وكان معلمنا يأمرنا بصبه في حفرة بين القبور. اهـ ملخصاً من (بن).

قوله: [والراجح] إلخ: حاصله أن الدف والكبر في النكاح فيه قولان الجواز والكراهة، وفي المعازف ثلاثة أقوال بزيادة الحرمة وهو أرجحها، وأما في غير النكاح فالحرمة في الجميع قولاً واحداً ولو كان في عقيقة أو ختان أو حج أو قدوم من سفر.

قوله: [وكره إيجار مسلم]: حاصله أنه يكره للمسلم أن يكري نفسه أو ولده أو عبده لكافر حيث كان يستبد بعمله ولم يكن تحت يده ولم يكتره في فعل محرم، فإن لم يستبد الكافر بعمل المسلم كخياط يرد عليه المسلم والكافر فيجوز، وإن كان تحت يده كأجير خدمة بيته ومرضعة ولده حرم وفسخ وله أجر ما عمل، وكذا إن استأجره في محرم كعصر خمر ورعي خنزير، ولكن يتصدق بالأجرة عليه أدباً له. اهـ من الأصل.

قوله: [وعين وجوباً في الإجارة متعلم]: أي فإن لم يعين فسدت.

قوله: [ودار للسكنى بها]: أي إذ لا يصح العقار أن يكون في الذمة فلا بد من التعيين بالإشارة إلى الدار أو بأل العهدية من ذكر موضعها وحدودها، ونحو ذلك مما يختلف به الأجرة.

قوله: [فلا يشترط بيان وصف ما يبنى عليها]: لأنه لا يتعلق به غرض بل يكفي علم المساحة.

قوله: [لأنه يختلف بحسب السعة]: علة للزوم التعيين.

قوله: [فالواجب إما التعيين أو الوصف]: لكن البناء على الجدار لا يمكن فيه إلا الوصف.

قوله: [وعلى ربها بدلها]: راجع لما بعد وإلا.

قوله: [ولو قال دابتك البيضاء] إلخ: مبالغة فيما بعد وإلا قال في الأصل ولو قال دابتك البيضاء أو الحمراء وليس له غيرها لاحتمال إبدالها ما لم يقل هذه أو التي رأيتها معك بالأمس بعينها. اهـ.

قوله: [وعبارته لا تفيد ذلك]: الضمير يعود على المتن وهذا الاعتراض بعينه يرد على خليل.

وقوله: [فكان الأحسن أن يقول]: وهي مضمونة إلخ. أي بعد قوله وذكورة وأنوثة، وفي الحقيقة لا حاجة لهذا البحث؛ لأن تفصيل المضمونة والمعينة سيأتي موضحاً.

قوله: [أو غيرها]: أي كإبل وبقر.

قوله: [ولو بمشارك]: مبالغة في القوة، أي هذا إذا كانت قوته على رعي الأخرى معها بنفسه، بل ولو بمشارك يأتي به.

قوله: [وإن شاء أسقط عن نفسه]: إلخ، راجع للمسألتين وحاصله أنه يخير المستأجر إما أن ينقصه من الأجرة التي سماها له أو يعطيها له ويأخذ منه جميع الأجر.

وطريق معرفة التنقيص

ص: 275

فإن لم يفوت عليه شيئاً بأن وفى بجميع ما استأجره عليه فلا كلام لمستأجره ومفهوم: "أجر نفسه" أنه لو عمل عملاً مجاناً فإنه يسقط من أجره بقدر ما فوته.

(ولا يلزمه): أي الراعي (رعي الولد) الذي ولدته بعد الإجارة، فعلى ربها أن يأتي له براع آخر لرعيها أو يجعل للأول أجرة في نظير رعيها (إلا لعرف) أو شرط فيعمل به.

(وعمل به)؛ أي بالعرف (في الخيط) في كونه على الخياط أو على رب الثوب.

(و) في (نقش الرحى) المستأجرة للطحن عليها، في كونها على المالك أو المستأجر.

(و) عمل به (في آلة بناء) في كونها على البناء أو على رب الحائط (وإلا) يكن عرف (فعلى ربه): أي رب الشيء المصنوع، وهو الثوب والدقيق، لا الرحى - كما قيل والجدار.

(و) عمل بالعرف أيضاً في (إكاف): برذعة صغيرة (وقتب ونحوهما) سرج ولجام ومقود.

(وإلا [1]) بأن لم يكن عرف (فعلى رب الدابة) وصرحنا بهذا لأن قوله: "عكس إكاف وشبهه" يوهم خلاف المراد.

(و) عمل بالعرف في (السير) ليلاً أو نهاراً ولا كلام لرب الدابة ولا للمستأجر مع العرف (والمنازل) التي ينزل بها في سير المسافة وقدر الإقامة بهما [2].

(و) عمل به أيضاً في (المعاليق): جمع معلوق بضم الميم كعصفور وعصافير: أي ما يعلق بجنب الرحل مما يحتاج له المسافر. وكسمن وزيت وعسل.

(و) في (الزاملة): ما يضع المسافر فيه حاجته كخرج كيس [3] ونحوهما. فإن لم يكن عرف فلا بد في السير والمنازل من البيان وإلا فسد الكراء وفسخ. وأما المعاليق والزاملة فلا يفسخ ولا يلزم المكري حملها (و) عمل بالعرف في (فراش المحمل) هل هو على رب الدابة أو على المكتري، فإن لم يكن عرف لم يلزم المكري أي رب الدابة.

(و) عمل به في (بدل الطعام المحمول) على الإبل إذا نقص بأكل أو بيع، فإن لم يكن عرف فعليه وزن الحمل الأول. (و) عمل به في (توفيره) أي الطعام المحمول بالكراء إذا أراد ربه [4] أن يوفره من أكل أو بيع ونازعه رب الدابة، فإن لم يكن عرف فلا كلام لرب الدابة وعليه حمله إلى غاية المسافة، ولو زاد الطعام ثقلاً كنزول مطر عليه فقال سحنون: لم يلزم المكري إلا زنة الحمل المشترط.

(و) عمل به أيضاً في (نزع ثوب) من قميص أو عمامة أو طيلسان استأجره ليلبسه (في نحو ليل) كقائلة: أي فيجب عليه نزعه في الأوقات التي جرى العرف بنزعه فيها فإن لم يكن عرف حمل على دوام اللبس وإن اختلف العرف

ــ

أن يقال ما أجرته على رعيها وحدها فإذا قيل عشرة مثلاً قيل: وما أجرته إذا كان يرعاها مع غيرها فإذا قيل ثمانية فقد نقص الخمس فيخير حينئذ إما أن ينقصه خمس المسمى أو يدفعه له بتمامه ويأخذ منه الأجرة التي أخذها من غيره ويجري مثل هذا في أجير الخدمة.

قوله: [فإن لم يفوت عليه شيئاً]: مخصوص بأجير الخدمة وأما أجير الغنم متى خالف الشرط كان أجره لمستأجره ولو قوي على الجميع ولم يفوت شيئاً كما تقدم.

قوله: [بقدر ما فوته]: أي فإن لم يفوت شيئاً فلا يسقط من أجره شيء.

قوله: [رعى الولد]: الفرق بين ولد الغنم فلا يلزمه رعيه وولد المرأة الذي وضعته في السفر يلزم الجمال حمله أن الحاصل من أولاد الغنم طرو مشقة الرعي وحين العقد لم تكن، وأما الضرر الحاصل للجمال مشقة حمل الولد وهو كان محمولاً قبل الوضع فاستصحب.

قوله: [فعلى ربها أن يأتي له براع آخر]: أي ويلزم الراعي الذي يأتي به أن يرعاها مع الأمهات لئلا يتعب راعي الأمهات إذا فارقت أولادها لا لمنع التفرقة لأنها خاصة بمن يعقل على ما مر كذا للخرشي.

قوله: [في نظير رعيها]: أي الأولاد المعبر عنها أولاً بالولد.

تنبيه: قال في الطرر: إذا امتنع راعي قوم أن يرعى لأحدهم لم يجبر. وفي جبر الفران ورب الرحى والحمام ونحوهم إن لم يوجد غيرهم قولان: الجبر استحسان، وعدمه قياس، وكان القضاء بطليطلة جبر الفران على طبخ خبز جاره بأجر مثله. اهـ. ونقله في التكميل كذا في (بن).

قوله: [وعمل به]: أي إن لم يكن شرط وإلا فالشرط مقدم عليه عند وجوده.

قوله: [والدقيق لا الرحى]: إنما يظهر على صاحب الدقيق إذا كان هو صاحب الطاحون كأن استأجر إنساناً يطحن له فيها دقيقه وأما لو استأجر إنسان الطاحون ليطحن فيها للناس أو لنفسه كان النقش عند عدم العرف على المالك لها لا على صاحب الدقيق.

والحاصل: أنه عند عدم العرف النقش لازم لرب الرحى سواء كان هو صاحب الدقيق أو كان الدقيق لغيره. كذا يؤخذ من حاشية الأصل إذا علمت ذلك فقول شارحنا لا الرحى. . . إلخ فيه نظر تأمل.

قوله: [والجدار]: بالرفع عطف على قوله الثوب فهو مثبت لا منفي.

قوله: [في السير ليلاً] إلخ: أي وفي باقي أحواله من كونه بالهوينا أو حذراً أو متوسطاً.

قوله: [والمنازل]: أي المواضع.

قوله: [ما يوضع المسافر] إلخ: حقه حذف الواو للقاعدة التصريفية قال تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 4].

قوله: [وإلا فسد الكراء وفسخ]: أي لزيادة الغرر فمراده بالفساد عدم الصحة وبالفسخ إبطاله وعدم البقاء عليه.

قوله: [أي رب الدابة]: أي لا يلزمه الإتيان به ولا حمله.

قوله: [في بدل الطعام المحمول]: أي بدل نقص الطعام المحمول ففي الكلام حذف مضاف.

قوله: [أو طيلسان]: هو الشال الذي يغطى به الرأس.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (ووإلا).

[2]

ليست في ط المعارف.

[3]

كذا في ط الحلبي والمعارف، ولعل الصواب:(وكيس).

[4]

ليست في ط المعارف.

ص: 276

وجب البيان.

ثم انتقل يتكلم على ضمانه وعدم ضمانه، فقال:

(وهو): أي المستأجر لشيء - من حيوان أو عرض - وكذا الأجير كالراعي. وجعل بعضهم الضمير عائداً على من تولى العين المؤجرة؛ فيشمل المؤجر بالفتح كالراعي والمستأجر، كمكتري دابة ونحوها (أمين؛ فلا ضمان) عليه إن ادعى الضياع أو التلف، كان مما يغاب عليه أم لا. ويحلف إن كان متهماً: لقد ضاع وما فرطت. ولا يحلف غيره وقيل: يحلف ما فرط.

وبالغ على عدم الضمان بقوله: (ولو شرط) عليه (إثباته): أي الضمان، ولا عبرة بهذا الشرط، لكن هذا الكلام يوهم صحة عقد الإجارة مع الشرط المذكور مع أنه يفسدها لأنه شرط يناقض العقد. فإن وقع فله أجرة مثله زادت على المسمى أو نقصت - قاله ابن القاسم. ومحل الفساد إن لم يسقط الشرط قبل الفوات، وإلا صحت، والفوات هنا بانقضاء العمل فانقضاؤه في أثنائه كإسقاطه قبله في إفادة الصحة.

والحاصل: أنه شرط مفسد للعقد ما لم يسقط، لكن لو عثر عليه بعد العمل فله أجر مثله ولا يعمل بالشرط.

(أو عثر): بفتح المثلثة عطف على المقدر، فلا ضمان، أي إن ادعى التلف أو عثر أجير حمل أو عثرت دابته (بدهن أو غيره أو) عثر (بآنية فانكسرت أو انقطع الحبل) الذي ربط به الأمتعة فتلفت فلا ضمان عليه.

(ما لم يتعد) في فعله أو سوقه الدابة فإنه يضمن لتعديه. فإن كذبه ربه فلا يصدق في الطعام والإدام إلا ببينة، ويصدق في غيره، والسفينة كالدابة، قال في المدونة: وإن كان الكراء وحده فلا يصدق في الطعام والإدام إذا قال: سرق مني، حمله على نفسه أو دابته أو سفينته. وفيها: ومن استأجرته ليحمل لك دهناً أو طعاماً فحمله فعثر به فأهراقه لم يضمن؛ لأنه أجير والأجير لا يضمن إلا أن يتعدى، فإن كذبته في ذلك وقلت له: لم تعثر ولم يذهب لك شيء فهو ضامن في الطعام والإدام وأما البرز والعروض إذا حملها، فالقول قوله إلا أن يأتي بما يدل على كذبه اهـ. وقال ابن القاسم: لا يضمن الأكرياء سائر العروض ولا شيئاً غير الطعام. وعلى هذا فكان الأنسب بعد قوله: "وهو أمين فلا ضمان" أن يقول: إلا في الطعام والإدام. وعبارة ابن عرفة وفيها مع غيرها لزوم ضمان الأكرياء كالطعام والإدام إلا أن تقوم بينة بهلاكه أو يكون معه ربه. والسفينة كالدابة. وعبارة ابن الحاجب: وفي حمل الطعام يضمن مطلقاً إلا ببينة أو يصحبه ربه.

(أو) لم (يغر بفعل) بأن لم يغر أصلاً أو غر بقوله، فلا ضمان عليه

ــ

تنبيه: قال ابن عبد السلام: ومما يرجع فيه إلى العرف في هذا الباب في المكان كما رجع إليه هنا في الزمان ما قاله بعض الشيوخ: من اكترى على متاع دواب إلى موضع، وفي الطريق نهر لا يجاز إلا على المركب، وقد عرف ذلك كالنيل وشبهه فجواز المتاع على ربه والدواب على ربها، وإن كان يخاض في المخاض فاعترضه حملان بكسر الحاء، أي: سيل كثير لم يعلموا به فحمل المتاع على صاحب الدابة وتلك جائحة نزلت به، وكذلك إذا كان النهر شتويا يحمل بالأمطار إلا أن يكون وقت الكراء قد علموا جريه وعلى ذلك دخلوا فيكون كالنهر الدائم (اهـ).

قوله: [وجب البيان]: أي فإن لم يبين كانت فاسدة.

قوله: [وجعل بعضهم الضمير]: أي في كلام خليل.

قوله: [عائد]: هكذا نسخة المؤلف والمناسب عائداً بالنصب مفعول ثان لجعل.

قوله: [فلا ضمان عليه]: محل كونه أميناً في غير الطعام والإدام كما يأتي.

قوله: [وقيل يحلف ما فرط]: الضمير عائد على غير المتهم أي فيقتصر في يمينه على قوله: ما فرطت، ولا يحلف على الضياع والفرق أن غير المتهم إذا وقع منه ضياع إنما يكون من تفريطه غالباً فيكفي حلفه ما فرطت، وهناك قول ثالث: إنه كالمتهم يحلف لقد ضاع وما فرطت.

قوله: [لكن هذا الكلام يوهم صحة عقد الإجارة]: أي فكان المناسب للمصنف أن يعبر بعبارة أخرى كأن يقول: وفسدت بشرطه والعذر له في أنه تابع لخليل.

قوله: [فانقضاؤه في أثنائه] إلخ: صوابه فإسقاطه إلخ، كما هو عبارة أصوله.

قوله: [بفتح المثلثة]: أي مبنياً للفاعل.

قوله: [عطف على المقدر]: أي الذي قدره بعد قوله: فلا ضمان عليه.

قوله: [أو عثر أجير حمل]: أي حمل على نفسه كالعتالين.

قوله: [وإن كان الكراء]: أي الشخص المكتري على الحمل.

قوله: [فهو ضامن في الطعام والإدام]: أي لحمله على عدم الأمانة فيهما.

قوله [وأما البرز]: هكذا نسخة المؤلف براء وزاي بعد الباء وفي (بن) بزاي بعد الباء فقط فيكون عطف العروض عليها من عطف العام على الخاص.

قوله: [إلا أن يأتي بما يدل على كذبه]: أي كما إذا قال ضاع مني في اليوم الفلاني، وقالت البينة رأيناه معه بعد.

قوله: [غير الطعام]: أي ومنه الإدام.

قوله: [فكان الأنسب] إلخ: أي وكانت هذه المقالة تغنيه عن قوله أو عثر بدهن أو غيره؛ لأن ذكره للدهن يوهم أنه محمول فيه على الأمانة وليس كذلك.

قوله: [الأكرياء]: مفعول أول للزوم وكالطعام والإدام مفعول ثان له والكاف زائدة وإضافة لزوم للضمان بيانية، والمعنى أن الشرع ضمن الأكرياء الطعام والإدام. فإن قلت ما الفرق بين الطعام والإدام وغيرهما حيث حمل في الطعام والإدام على غير الأمانة وحمل عليها في غيرهما. قلت: الفرق تعبدي.

قوله: [والسفينة كالدابة]: أي في التفصيل بين حمل

ص: 277

إذ لا أثر للغرور القولي، كأن يأتي بشقة لخياط ويقول له: إن كانت تكفي ثوباً ففصلها، فقال: تكفي. ففصلها فلم تكف، فلا ضمان على الخياط وإن علم عدم كفايتها، إلا أن يشترط عليه بأن قال له: إن علمت أنها تكفي ثوباً ففصلها وإلا فلا. فقال: تكفي، مع علمه بأنها لا تكفي فيضمن. ومن الغرر القولي قول الصيرفي في دنانير أو دراهم إنها جيدة - مع علمه بأنها رديئة - فلا ضمان عليه ولو بأجرة. وقيل: يضمن مطلقاً، وقيل: إن كان بأجرة واستظهر. فإن غر بفعل كربطه بحبل رث أو مشيه بمكان زلق ضمن.

(كحارس) تشبيه في عدم الضمان: أي أن حارس الدار أو البستان أو الزرع أو حارس طعام أو عرض لا ضمان عليه لأنه أمين.

(ولو حمامياً) إلا أن يتعدى أو يفرط. ومن التفريط ما لو قال: رأيت رجلاً يلبس الثياب فظننت أنه صاحبها، فعلم أنه لا ضمان على الخفراء في الحارات والأسواق. ولا عبرة بما كتب أو شرط عليهم من الضمان ما لم يفرطوا. وكذا البوابون في الخانات وغيرها.

(وأجير لصانع) لا ضمان عليه لأنه أمين للصانع، كأن [1] يعمل بحضرة صانعه أم لا.

(وسمسار) يطوف بالسلع في الأسواق ليبيعها (خير) بفتح الخاء وكسر الياء مشددة: أي ذي خير وأمانة، لا ضمان عليه إذا ادعى ضياع شيء مما بيده بغير تعديه وبلا تفريط منه. وغير ما [2] ظهر خيره يضمن. كذا أفتى به ابن رشد، وقيل: لا ضمان عليه مطلقاً. قال: عياض: وهو المعروف من قول مالك وأصحابه، قال: لأنهم وكلاء وليسوا بصناع.

(ونوتي غرقت سفينته بفعل سائغ) لا ضمان عليه في نفس ولا مال (وإلا) إن غرقت بفعل لا يسوغ في سيرها أو حملها (ضمن) وإن تعمد الفعل فالقصاص.

(كراع خالف مرعى شرط) عليه فهلكت أو ضاعت الماشية، فيضمن (أو أنزى) الراعي: أي أطلق الفحل على الإناث (بلا إذن) من ربها فعطبت أو ماتت تحت الفحل أو عند الولادة فيضمن، إلا لعرف بأن الرعاة تنزي ولا تستأذن فلا ضمان.

(أو غر بفعل) فإنه يضمن كالغرور القولي إن انضم له شرط كما تقدم.

وإذا ضمن: (فالقيمة) يضمنها (يوم التلف) لا يوم التعدي ولا يوم الحكم. وهذا راجع لراع وما بعده.

ــ

الطعام وغيره ومثلهما حمله بنفسه.

قوله: [إذ لا أثر للغرور القولي]: أي: ما لم ينضم به عقد أو شرط فمثال العقد كما إذا قال له: اشتر مني السلعة الفلانية فإنها سالمة من العيوب فظهر الأمر بخلافه والشرط سيأتي في الشارح.

قوله: [مع علمه بأنها لا تكفي]: أي ولا يعلم هذا الأمر إلا منه.

قوله: [واستظهر]: قال في الحاشية أقول ومن المصالح العامة القول بالضمان حيث أخذ أجراً كما سيأتي عن الأجهوري في الخفراء ثم بعد ذلك وجدت عن شيخنا عبد الله ما نصه فيه نظر، بل الصواب الضمان إذا انضم لغروره عقد كما إذا عقد معه بجديد مثلاً وقلبه ووزنه وقال له طيب وأزن وهو على خلاف ذلك؛ لأن الغرور القولي إذا انضم له عقد صار من الفعلي فالضمان. اهـ.

قوله: [ولو حمامياً]: أي ما لم يجعل رب الثياب ثيابه رهناً عنده في الأجرة وإلا ضمن وما لم يجعل حارساً لاتقاء شره كما إذا كان مشهوراً بالحرام وجعل حارساً لتتقي سرقته وإلا فيضمن كما إذا ظهر كذبه.

قوله: [ومن التفريط] إلخ: ومنه أيضاً ما لو نام في وقت لا ينام فيه الحارس، واعلم أن ما قاله شارحنا هو أصل المذهب من عدم تضمين الخفراء والحراس والرعاة، واستحسن بعض المتأخرين كالأجهوري تضمينهم من غير ثبوت تفريط منهم نظراً لكونه من المصالح العامة وارتكاباً لأخف الضررين.

قوله: [وأجير لصانع]: أي وأما الصانع نفسه فسيأتي ضمانه بالشروط.

قوله: [كان يعمل بحضرة صانعه أم لا]: أي على ما قال التتائي وقال أشهب: في الغسال تكثر عنده الثياب فيؤاجر آخر يبعثه للبحر بشيء منها يغسله فيدعي تلفه إنه ضامن. اهـ، وكلام التوضيح يفيد أن كلام أشهب تقييد للمشهور ولا مقابل له خلافاً للتتائي.

قوله: [لا ضمان عليه]: أي لا في الثوب مثلاً ولا في ثمنه إذا ضاع بعد البيع، ولا فيما يحصل فيها من تمزيق أو خرق بسبب نشر أو طي إذا لم يخرج عما أذن له فيه كما إذا ادعى أنه باع سلعة لرجل وأنكر ذلك الرجل الشراء ولم يكن له بينة عليه فيضمن لتفريطه بترك الإشهاد، وقيد بعضهم عدم ضمان من ظهر خيره بما إذا لم ينصب نفسه للسمسرة وإلا ضمن كالصانع، وقد اعتبر ابن عرفة هذا القيد كما في (بن).

قوله: [بفعل سائغ]: أي كتحويل الراجع ونشر القلع ومشي في ريح أو موج إذا كان ذلك معتاداً، وكذا وسقها الوسق المعتاد لأمثالها بحيث لا يقرب الماء من حافتها، وإذا كان لا ضمان عليه في الفعل السائغ فأولى إذا غرقت بغير فعل كهيجان البحر واختلاف الريح مع عجزه عن صرفها.

قوله: [وهذا راجع لراع وما بعده]: أي خلافاً لما في الخرشي من أن الراعي يضمن يوم التعدي تبع في ذلك الأجهوري، قال في الحاشية وبحث فيه بعض الشيوخ بأن الظاهر أن الضمان يوم التلف في الجميع ويوافقه بهرام، ثم إن الذي غر بالفعل له من الكراء بحسابه طعاماً أو غيره وهل لربه أن يلزمه

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (كان)، ولعلها الصواب.

[2]

في ط المعارف: (من)، ولعلها الصواب.

ص: 278

(أو صانع) يضمن (في مصنوعه) فقط، كثوب يخيطه أو حلي يصوغه أو خشبة ينشرها أو حب يطحنه. (لا) في (غيره) فلا ضمان فيه. كما لو جعل الشيء المصنوع في ظرف فادعى الصانع ضياعها، فإنه يضمن ما له فيه الصنعة لا الظرف (و) لو كان الغير (محتاجاً له) في العمل، فلا يضمنه كقفة الطحين والكتاب الذي ينسخ منه، هذا قول سحنون.

وقال ابن حبيب: يضمن الصانع ما لا يستغنى عنه سواء احتاج له الصانع أو المصنوع.

وقال ابن المواز: يضمن الصانع ما يحتاج إليه في علمه كالكتاب الذي ينسخ منه دون ما يحتاج إليه المصنوع كظرف القمح والعجين ويضمن الصانع مصنوعه (وإن) كان يصنعه (ببيته): أي في بيته (أو) كان يصنعه (بلا أجر) فأولى بأجر في حانوته وسواء تلف بصنعته أو بغيرها، إلا أن يكون في صنعته تغرير كثقب اللؤلؤ، ونقش الفصوص، وتقويم السيوف.

وكذا الختان وقلع الضرس والطب فلا ضمان إلا بالتفريط.

وإنما يضمن الصانع مصنوعه بشرطين أشار لهما بقوله: (إن نصب نفسه) للصنعة للناس، احترازاً عن الأجير لشخص خاص أو جماعة مخصوصين فلا ضمان عليه.

(وغاب) الصانع (عليه): أي على الشيء المصنوع احترازاً مما إذا صنعه بحضور ربه ولو في غير بيته أو بيت ربه -وإن لم يكن حاضراً- فلا ضمان عليه. وبقي ثلاثة شروط أيضاً:

وهو أن يكون المصنوع مما يغاب عليه، احترازاً من عبد يدفعه سيده لمعلم نصب نفسه فادعى هروبه فلا ضمان عليه.

وأن لا يكون في صنعته تغرير كما تقدم. وأن لا تكون له بينة بتلفه بلا تفريط.

وإذا ضمن: (فالقيمة) يضمنها (يوم دفعه) للصانع لا يوم التلف ولا يوم الحكم (إلا أن يرى) المصنوع عند الصانع (بعده): أي بعد يوم الدفع، فإن رئي بعده (فبآخر رؤية) وإذا كانت القيمة تعتبر يوم الدفع فلا أجرة للصانع. وكذا إذا اعتبرت بآخر رؤية ولم يكن مصنوعاً فإن كان مصنوعا ضمن قيمته مصنوعاً وعلى ربه الأجرة.

(ولو شرط) الصانع (نفيه): أي نفي الضمان عن نفسه فإنه يضمن ولا يفيده شرطه.

(وهو) شرط (مفسد) للعقد، ولأنه يناقض مقتضى العقد، (ففيه) إن وقع وعثر عليه بعد العمل (أجر المثل) قل أو كثر دون ما سمى (إلا أن تقوم له): أي للصانع (بينة) بضياعه أو تلفه بلا تفريط؛ فلا ضمان عليه وحينئذ (فتسقط الأجرة) عن ربه، لأنه لا يستحقها إلا بتسليمه لربه مصنوعاً. (أو يحضره) الصانع لربه مصنوعاً (على الصفة) المشترطة، فتركه عنده فادعى ضياعه فلا ضمان عليه؛ لأنه خرج حينئذ إلى حكم الإيداع. وهذا ما لم يتركه عنده رهناً في نظير الأجرة، وإلا كان حكمه حكم الرهن.

(وصدق) راع (إن ادعى ضياعاً) لبعض الماشية بلا تفريط (أو) ادعى (خوف موت) لبعضها (فنحر) أو ذبح، وخالفه ربه، وقال له: بل تعديت. (أو ادعى سرقة منحوره): أي قال: نحرتها لخوف موتها فسرقت، وخالفه ربها، وقال: بل أكلتها.

(وحلف) الراعي إن اتهم. ثم شرع في بيان ما يطرأ على الإجارة من فسخ وعدمه فقال:

ــ

حمل مثله بقية المسافة ويعطيه بقية الأجرة وهو الظاهر أو يفسخ العقد. اهـ.

قوله: [أو صانع] إلخ: معطوف على كراع.

قوله: [وإن كان يصنعه ببيته]: بالغ عليه دفعاً لما يتوهم من عدم ضمانه في هذه الحالة؛ لأنه لما عمل في بيته صار كأنه لم ينصب نفسه للعمل للناس.

قوله: [تغرير]: أي تعريض للإتلاف وهذا استثناء من قوله: وضمن صانع في مصنوعه، وكان الأولى للشارح أن يؤخر هذا الاستثناء بعد قوله: إلا أن تقوم له بينة فتسقط الأجرة أو يحضره على الصفة لأجل أن تكون الحالات التي لا يضمن فيها مجتمعة بعضها مع بعض.

قوله: [كثقب اللؤلؤ]: أي: وكذا خبز العيش في الفرن.

قوله: [إلا بالتفريط]: هذا إذا كان الخاتن والطبيب من أهل المعرفة ولم يخطئ في فعله، فإن أخطأ فالدية على عاقلته، فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب وفي كون الدية على عاقلته أو في ماله قولان: الأول لابن القاسم، والثاني لمالك وهو الراجح؛ لأن فعله عمد والعاقلة لا تحمل عمداً.

قوله: [فلا ضمان عليه]: محل عدم الضمان إذا ادعى التلف بالفعل المستأجر عليه وأتى بها تالفة، أما لو ادعى ضياعها أو تلفها ولم يأت بها فالضمان.

قوله: [إلا أن تقوم له] إلخ: فيه إشارة إلى أن ضمان الصناع ضمان تهمة ينتفي بإقامة البينة.

قوله: [لأنه لا يستحقها إلا بتسليمه]: أي وهو منتف فانتفت الأجرة.

قوله: [لأنه خرج حينئذ إلى حكم الإيداع]: أي ولا تسقط الأجرة لأنها بالتسليم وقد حصل.

قوله: [وإلا كان حكمه حكم الرهن]: أي يضمنه ضمان الرهان ولا تسقط الأجرة سواء ضمنه بالفعل أم لا.

قوله: [فنحر أو ذبح]: مقتضى تصديقه أنه إن خاف موتها وترك زكاتها حتى ماتت ضمنها بالأولى مما تقدم في باب الزكاة في قول خليل وضمن مار أمكنته ذكاته وترك.

قوله: [أو ادعى سرقة منحوره]: أي وأما لو قال: ذبحتها خوف الموت وأكلتها لم يصدق إذا كان محل الرعي قريباً وإلا صدق وينبغي أن محل عدم تصديقه ما لم يجعل له ربها أكلها وإلا صدق.

ص: 279

(وفسخت) الإجارة (بتعذر ما يستوفى منه) المنفعة: كدار وحانوت وحمام وسفينة ونحوها - وإن لم تعين حال العقد - ودابة عينت. والتعذر أعم من التلف؛ فيشمل الضياع والمرض والغصب وغلق الحوانيت قهراً وغير ذلك مما يأتي. وإذا فسخت رجع للمحاسبة باعتبار ما حصل من المنفعة وما لم يحصل وباعتبار المسافة طولاً وقصراً وسهولة وصعوبة.

(لا) تنفسخ بتعذر ما يستوفى (به): كالساكن والراكب وما حمل. وظاهره تعذر بسماوي؛ كموت لراكب أو ساكن أو بغيره بتفريط من الحامل؛ بأن فرط فتلف ما حمله من طعام أو غيره أم لا، وتقدم أنه إن فرط ضمن. وإذا لم تنفسخ قيل للساكن والراكب ورب الأحمال أو لوارثه: عليك جميع الأجرة وائت بمثل الأول لتمام المسافة أو المدة، وهو المشهور عند ابن رشد في المقدمات. والذي له في البيان: أن المشهور قول ابن القاسم في المدونة؛ وهو الفرق بين التلف بسماوي فلا تنقض الإجارة، ويأتيه المستأجر بمثله وعليه جميع الكراء، وبين تلفه من جهة الحامل فتنتقض ولا كراء له، وقيل: له من الكراء بقدر ما سار. وظاهره فرط أم لا، فانظره. وظاهر أن قول ابن القاسم في المدونة مقدم على غيره، فلو مشى عليه فقال: لأنه إن كان بسماوي.

وبالغ على قوله: "وفسخت" إلخ بقوله:

(ولو) كان التعذر (بغصب) لما يستوفى منه - داراً كانت أو غيرها - (أو غصب منفعة) لما يستوفى منه ولو لم يغصب الذات إذا كان الغاصب لا تناله الأحكام (أو أمر ظالم) لا تناله الأحكام (بإغلاق الحوانيت) المكتراة بحيث لا يتمكن مستأجرها من الانتفاع بها، ويلزم الظالم أجرتها لربها إذا قصد غصب المنفعة فقط.

ــ

تنبيه: مثل الراعي الملتقط فيصدق إن ادعى خوف موت فنحر، وأما المستأجر والمستعير والمرتهن والمودع والشريك فلا يصدق واحد منهم في دعوى التذكية لخوف الموت إلا بلطخ أو بينة، وإن كانوا يصدقون في التلف أو الضياع، ولعل الفرق بين هؤلاء والراعي مع كون الجميع أمناء تعذر الإشهاد من الراعي غالباً بخلاف هؤلاء فإنه لا مشقة عليهم في الإشهاد غالباً وأحرى من هؤلاء في الضمان من مر على دابة شخص فذكاها وادعى أنه فعل ذلك خوف موتها أو سلخ دابة غيره وادعى أنه وجدها ميتة فلا يصدق إلا ببينة أو لطخ.

قوله: [وفسخت الإجارة] إلخ: أشار بهذا إلى قول أهل المذهب أن كل عين يستوفي منها المنفعة فبهلاكها تنفسخ الإجارة كموت الدابة المعينة، وكانهدام الدار، وكل عين يستوفي بها المنفعة فبهلاكها لا تنفسخ الإجارة على الأصح كموت الشخص المستأجر للعين المعينة، ويقوم وارثه مقام مورثه إلا في أربع مسائل: صبيان وفرسان صبيا التعليم والرضاعة، وفرسا النزو والرياضة فحيث مات صبي التعليم أو الرضاعة انفسخت الإجارة ورجعا للمحاسبة، وكذلك فرس النزو إذا استؤجر الفحل على أربع مرات فحملت من مرتين أو ماتت قبل التمام انفسخت ورجعا للمحاسبة، وكذلك إذا استؤجر لفرس يروضها ويعلمها كيفية الجري فماتت فتنفسخ ويرجعان للمحاسبة.

قوله: [وإن لم تعين حال العقد]: أي فالتفصيل بين المعينة وغيرها إنما هو في الدابة، وأما الدار والحانوت والحمام والسفينة ونحو ذلك مما ليس بدابة فلا يشترط التعيين فيه ابتداء، بل متى تعذر شيء مما يستوفى منه انفسخت قالوا: لأن العقد عليها لا يكون إلا في معين، ولكن هذا لا يظهر في السفينة بل هي بالدابة أشبه، وكلام الشارح يقتضي تسويتها بالعقارات.

قوله: [أعم من التلف]: أي الذي عبر به خليل.

قوله: [رجع للمحاسبة] إلخ: أي فما حصل من المنفعة يلزمه أجرته بحسابه وما لم يحصل لا شيء عليه فيه، ولا فرق في هذا بين الدابة وغيرها.

وقوله: [وباعتبار المسافة]: خاص بتعذر السفينة والدابة المعينة، أي: فيرجعان فيهما إلى المحاسبة أيضاً وينظران لقيمة المسافة الماضية والباقية صعوبة وسهولة إلى غير ذلك.

قوله: [وما حمل]: أي المحمول غير الراكب.

قوله: [وتقدم أنه إن فرط ضمن]: أي ولا تنفسخ الإجارة على كل حال.

قوله: [أو لوارثه]: أي إذا مات الراكب أو رب الأحمال.

قوله: [فانظره]: قال (بن) نقلاً عن ابن رشد في المقدمات: إن في هلاك المستأجر عليه أربعة أقوال: أحدها وهو المشهور أن الإجارة لا تنتقض وإليه ذهب ابن المواز. والثاني تنتقض بتلفه، وهو قول أصبغ وروايته عن ابن القاسم ويكون له من كرائه بقدر ما سار من الطريق، والثالث الفرق بين تلفه من قبل الحامل فتنتقض وله من الكراء بقدر ما سار وبين تلفه بسماوي فلا تنتقض ويأتيه المستأجر بمثله وهو قول مالك في أول رسم من سماع أصبغ. والرابع إن كان تلفه من قبل الحامل انفسخت ولا كراء له، وإن كان من السماء أتاه المستأجر بمثله ولم ينفسخ الكراء، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة وروايته عن مالك. اهـ.

قوله: [ويلزم الظالم أجرتها] إلخ: أي كما تقدم في الغصب، ثم اعلم أن محل فسخ الإجارة بغصب العين المستأجرة إذا شاء المستأجر وإن شاء بقي على إجارته فإن فسخها كان لمالك الذات المغصوبة الأجرة على الغاصب وإن أبقاها من غير فسخ صار ذلك المستأجر الغاصب بمنزلة المالك فتكون الأجرة له فمعنى الفسخ في هذه المسائل أنها معرضة للفسخ لا أنها

ص: 280

(أو حمل ظئر): أي مرضع، لتعذر الرضاع عادة إذا حملت؛ لأن لبن الحامل يضر الرضيع.

(أو) حدوث (مرض) لها (لا تقدر معه على رضاع) فتنفسخ الإجارة في جميع ما تقدم. والمراد أن لهم الفسخ، لا الفسخ بالفعل، فالحق في هذه المسائل حق للمستأجر فله البقاء على الإجارة.

(ومرض عبد أو دابة) لا قدرة لهما على فعل ما استؤجرا عليه (أو هربه): أي العبد (لكالعدو) من كل مكان بعد وتعذر رجوعه منه (إلا أن يرجع) العبد من هربه (أو يصح) من مرضه (في المدة): أي مدة الإجارة (قبل الفسخ): أي قبل أن يتفاسخا، فيلزمه بقية العمل ولا تنفسخ. وقوله:"أو يصح" يرجع للظئر أو الدابة إذا مرضا. وإذا رجع أو صح من ذكر قبل انقضاء المدة ولزمهم بقية العمل سقط من الأجرة عن المستأجر ما يقابل أيام الهرب أو المرض.

وقوله: "قبل الفسخ" مفهومه أنه لو حصل الفسخ بينهما قبل الرجوع أو الصحة لم يلزم من ذكر عمل فيما بقي وهو كذلك. وجاز أن يرجع الاستثناء لجميع ما تقدم كأنه قال: إلا أن يرجع الشيء المستأجر عن حالته من غصب أو غيره إلى حالته التي كان عليها قبل المانع فلا تنفسخ إذا لم يقع بينهما قبل ذلك تفاسخ، لأن الحق في هذه المسائل للمستأجر كما تقدم.

(وخير) المستأجر في الفسخ وعدمه (إن تبين) له (أنه): أي الأجير من عبد أو غيره (سارق): أي شأنه السرقة، لأنها عيب يوجب الخيار في الإجارة والبيع.

(أو رشد) فعل ماض معطوف على "تبين" و (صغير): فاعله، ويلزم من الرشد البلوغ: أي وخير إن رشد صغير (عقد عليه أو على سلعة وليه): من أب أو وصي أو حاكم أو مقدم له، أي: أجره وهو صغير ثم بلغ رشيداً قبل انقضاء المدة، فإنه يخير بين الإبقاء لتمام المدة والفسخ.

(إلا لظن عدم بلوغه) قبل تمام المدة وقت العقد فبلغ (و) قد (بقي اليسير) منها - (كالشهر - فيلزم في العقد عليه) بقاء المدة بهذين القيدين، ولا خيار له، فالخيار فيما إذا ظن وليه بلوغه فيها أو لا ظن عنده مطلقاً أو ظن عدمه، وبقي في العقد عليه الكثير، قال فيها: ومن آجر يتيماً في حجره ثلاث سنين فاحتلم بعد سنة ولم يظن ذلك به فلا يلزمه باقي المدة، إلا أن يبقى كالشهر ويسير الأيام انتهى. وشبه في اللزوم قوله:

(كالعقد): أي عقد ولي الصغير (على سلعه): أي الصغير - كدابته وداره وغيرهما - فيلزم فيما إذا ظن عدم بلوغه مطلقاً (ولو بقي) من المدة (سنين) بعد رشده (على الأرجح). ومقابله قول أشهب: أن العقد على سلعه كالعقد عليه لا يلزمه إلا إذا ظن الولي عدم بلوغه وبقي كالشهر.

وحاصل المسألة: أن الصغير إذا عقد وليه عليه أو على سلعه فبلغ رشيداً في أثناء المدة فله الخيار إذا ظن الولي بلوغه أو شك فيه مطلقاً، بقي القليل أو الكثير، فإن ظن عدم بلوغه أثناء المدة فبلغ رشيداً لزمه في العقد على نفسه إن بقي اليسير دون الكثير ولزمه في العقد على سلعه الكثير واليسير وقد تقدم.

(كسلع السفيه مطلقاً): أي كعقد ولي سفيه على سلعه فإنه لازم له إذا رشد في أثناء مدة الإجارة، بقي منها الكثير أو اليسير، ظن وليه رشده

ــ

تنفسخ بالفعل وسيأتي ما يفيده الشارح.

قوله: [أو حمل ظئر]: أي سواء كان الحمل قبل عقد الإجارة وظهر بعده أو طرأ بعد العقد كما قال ابن ناجي.

قوله: [لا تقدر معه على رضاع] إلخ: مفهومه أنها لو قدرت معه على الرضاع لم تنفسخ إلا أن يضرَّ به ففي المفهوم تفصيل كما قال (عب).

قوله: [فالحق في هذه المسائل]: المناسب فالفسخ.

قوله: [قبل الفسخ]: أي بالفعل.

قوله: [سقط من الأجرة عن المستأجر ما يقابل أيام الهرب]: جواب إذا أي ولا يجوز أن يتفقا على قضاء مدة الهرب أو المرض بعد انقضاء مدة الإجارة ويدفع الأجر بتمامه إن كان المستأجر نقد الأجرة حين العقد، لما فيه من فسخ الدين في الدين أما إذا كان لم ينقدها فيجوز الاتفاق على ذلك لانتفاء علة الفسخ المذكورة.

قوله: [عن حالته]: أي التي يتعذر معها الاستيفاء وبينها بقوله: من غصب إلخ.

قوله: [لأنها عيب يوجب الخيار]: هذا حيث كان استئجاره لخدمة في داره أو حانوته مثلاً مما لا يمكن التحفظ فيه منه، وأما لو آجره داراً ليسكنها ونحو ذلك فلا تنفسخ الإجارة بتبين سرقته لإمكان التحفظ منه.

قوله: [معطوف على تبين]: أي فهو مسلط عليه قوله خير.

قوله: [ويلزم من الرشد البلوغ]: أي لأن الرشد أخص فكل رشيد بالغ ولا عكس.

قوله: [أي أجره وهو صغير]: أي كما إذا استأجره لخدمة مثلاً ثلاث سنين فبلغ رشيداً في تلك المدة فله الخيار كما قال الشارح فإن بلغ سفيهاً فلا خيار له.

قوله: [بهذين القيدين]: أي اللذين هما ظن عدم البلوغ وبقاء اليسير.

قوله: [مطلقاً]: أي بقي الكثير أو القليل كان العقد عليه أو على سلعه وهو راجع لهما هذه ثمان صور، وقوله: أو ظن عدمه وبقي في العقد عليه الكثير صورة تاسعة ومفهومها لو بقي اليسير لا خيار له وكذلك لو كان العقد على سلعه وظن عدمه لا خيار له بقي الكثير أو القليل فجملة الصور اثنتا عشرة الخيار في تسع واللزوم في ثلاث أفادها الشارح والمصنف.

قوله: [ولو بقي من المدة سنين]: مقتضاه رفع سنين بالواو على أنه فاعل بقي إلا أن يقال إنه مشى على طريقة من يعربها إعراب حين.

قوله: [وحاصل المسألة] إلخ: هذا الحاصل موضح للاثنتي عشرة صورة التي تقدم التنبيه عليها.

قوله: [بقي منها الكثير أو اليسير]: أي خلافاً لتقييد خليل

ص: 281

أم لا؛ إذ الرشد لم تعلم له غاية بخلاف الصبا.

(وللسفيه أن يؤاجر نفسه لعيشه فقط): أي دون سلعة؛ لأنه محجور عليه بالنسبة لسلعه دون نفسه. (ولا كلام لوليه) في ذلك (إلا أن يحابي) فلوليه الكلام من حيث المحاباة، بأن آجر نفسه بدرهم والشأن درهمان.

(و) كذا (لا) كلام (له إن رشد) لأنه في نفسه كالرشيد، ولو آجره وليه لغير عيشه فله هو الفسخ، لأن الولي لا تسلط له على نفسه. وإن آجره لعيشه فلا كلام له.

(و) فسخت الإجارة (بموت مستحق وقف أجر) ذلك الوقف مدة معينة (ومات قبل تقضيها) وانتقل الاستحقاق فيه لمن في طبقته أو لمن يليه ولو ولده وبقي يسير من المدة (ولو) كان ذلك المستحق الذي آجر (ناظراً على الأصح، بخلاف ناظر غير المستحق [1]) أجر مدة معلومة بأجرة المثل ثم مات، فلا تنفسخ. ومقابل الأصح قول ابن شاس: لا تنفسخ.

(وجاز) كراء دابة (على أن عليك) أيها المكري (علفها) مع دراهم معلومة أو مجرد العلف.

(أو) عليك (طعام ربها) مع شيء آخر كدراهم أو لا. و "أو" مانعة خلو فيجوز [2] الجمع. وله الفسخ إن وجدها أو وجد ربها أكولاً، ما لم يرض ربها بالوسط، بخلاف وجود الزوجة أكولة فيلزم الزوج شبعها.

(و) جاز كراؤها بدارها مثلاً معلومة على أن (عليه) أي على رب الدابة (طعامك) يا مكري كما يقع للحجاج كثيراً، فتكون الدراهم في نظير الركوب والطعام معاً ما لم يكن الكراء طعاماً وإلا منع لما فيه من الطعام بطعام نسيئة (أو على أن يركبها في حوائجه)

ــ

بثلاث سنين ولا فرق بين كون سلعه عقاراً أو غيره.

قوله: [أم لا]: تحته صورتان وهما ظن عدم رشده أو لم يظن شيئاً فتكون صور العقد على سلع السفيه ستاً العقد فيها لازم لا خيار له؛ وإيضاحها أن تقول إذا عقد ولي السفيه على سلعه إما أن يظن رشدها أو يظن عدمه أو يشك وفي كل: إما أن يبقى بعد الرشد الكثير أو اليسير.

قوله: [إذ الرشد لم تعلم له غاية]: هذا هو الفرق بين العقد على سلع الصبي والسفيه فلا يعد فيه الولي مفرطاً.

قوله: [وللسفيه أن يؤاجر نفسه] إلخ: أي وسواء ظن رشده أو ظن عدمه أو لم يظن شيء بقي اليسير أو الكثير فهذه ست أيضاً تمام اثنتي عشرة.

قوله: [لأن الولي لا تسلط له على نفسه]: أي في غير عيشه وإنما تسلطه على ماله وإذا وقع ذلك فهو مفسوخ ابتداء.

قوله: [بموت مستحق]: إلخ: مثل ذلك من يتقرر في رزقه مرصدة آجرها مدة ومات قبل تقضيها فإن لمن يتقرر بعده فسخ إجارته، ذكره القرافي ومثل موته فراغه عنها لإنسان فللمفروغ له إذا تقرر فيها فسخ إجارته؛ وذلك لأن الإفراغ أسقط حق الأصلي ولا يثبت الحق للثاني إلا بتقرير من ولي الأمر، فإن مات المفروغ له قبل المفرغ صارت محلولاً.

قوله: [قول ابن شاس لا تنفسخ]: أي وهو ضعيف لأنه لا يعرف لغيره.

تنبيه: لا تنفسخ الإجارة بإقرار المالك للذات المؤجرة بأنه باعها أو وهبها أو أجرها لآخر قبل الإجارة المذكورة ونازعه المكتري لا بينة لاتهامه على نقضها، ويلزمه الإقرار فيأخذها المقر له بعد انقضاء المدة، وله الأكثر من المسمى الذي أكريت به، كراء المثل على المقر، وكذلك لا ينفسخ الكراء بتخلف رب دابة معينة أو غير معينة عقد عليها شخص لملاقاة رجل أو ليشيع بها رجلاً فتخلف ربها عن الإتيان بها، وإن فات ما يقصده ويرومه من التلقي أو التشييع إن لم يكن الزمن معيناً ولم يكن حجاً، أما إن كان الزمن معيناً كأكتري منك دابتك أركب عليها في هذا اليوم، أو تخدمني أو تخيط لي في هذا اليوم، أو قال: أحج عليها، فلم يأت المكري بالشيء المكرى إلى أن انقضى ذلك الزمن المعين، أو فات الحج فإن الكراء ينفسخ وليس للمكتري حينئذ التراضي مع المكري بالتمادي على الإجارة إذا نقده الكراء للزوم فسخ الدين في الدين. كذا في الخرشي وغيره، وكذلك لا تنفسخ بظهور فسق مستأجر للدار يضر بها أو بالجار وإنما يؤمر بالكف، فإن لم يكف أجرها الحاكم عليه وأخرج منها وكذلك لا تنفسخ بعتق عبد حصل بعد الإجارة ويستمر على حكم الرقبة إلى تمام المدونة وأجرته لسيده إن أراد أنه حر بعد مدة الإجارة لأنه بمنزلة من أعتقه واستثنى منفعته مدة معينة، فإن أراد أنه حر من يوم عتقه فأجرته لنفسه مع بقائه إلى تمامها على كل حال.

قوله: [وجاز كراء دابة] إلخ: نبه على جواز تلك المسائل لدفع توهم المنع فيها للجهالة وإنما أجيزت للضرورة.

قوله: [أيها المكري]: صوابه المكتري.

قوله: [بالوسط]: أي بطعام وسط وهذا بالنسبة لطعامه، وأما الدابة فلا بد من الفسخ حيث طلب المستأجر ذلك ولو رضي ربها بطعام وسط إلا أن يكمل لها ربها، كما في المجموع.

قوله: [وجود الزوجة أكولة]: أي لأن النكاح مبني على المكارمة، وأما لو وجدها قليلة الأكل أو وجد رب الدابة قليل الأكل أو الدابة قليلة الأكل فلا يلزمه إلا الأكل ولا يزاد عليه خلافاً لقول أبي عمران أن لهما الزائد يصرفانه فيما أحبا.

قوله: [يا مكري]: صوابه يا مكتري فإن وجده أكولاً كان لرب الدابة الخيار في الفسخ وعدمه ما لم يرض بالوسط، وإن كان قليل الأكل فلا يلزمه إلا ما يأكل.

قوله: [في نظير الركوب والطعام معاً]: أي وإن لم توصف

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (مستحق)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.

[2]

في ط المعارف: (فتجوز).

ص: 282

شهراً مثلاً بكذا (أو ليطحن عليها شهراً مثلاً) بكذا (إذا كان) ما ذكر من الركوب والطحن (معروفاً) بالعادة، وإلا لم يجز لمزيد الجهالة، بأن كان الركوب إلى سوق معلوم أو بلد معلوم والطحن كل يوم كذا.

(و) جاز الكراء (على حمل آدمي لم يره) رب الدابة حال العقد.

(ولا يلزمه) إذا جاءه بإنسان (الفادح): أي الغليظ الجافي وإنما يلزمه الوسط (بخلاف ولد ولدته) المرأة المحمولة فيلزمه حمله لأنه كالمدخول عليه ويفهم منه أنه لا يلزمه حمل صغير معها إلا لشرط أو عرف.

(و) جاز (حمل) بكسر الحاء: أي المحمول أي اكتراء دابة ليحمل عليها أو كراؤه لمن يحمله (برؤيته) وإن لم يكل أو يوزن اكتفاء بالرؤية (أو كيله): كإردب قمح أو فول، وإن لم يره (أو وزنه) كقنطار من كذا؛ فلا بد من بيان النوع لأن قنطار القطن ليس كقنطار الحطب أو الحجر (أو عدده إن لم يتفاوت) العدد: كالبطيخ والرمان إلا أن يكون التفاوت يسيراً كالبيض فيغتفر. وأما نحو البطيخ فلا بد من بيان قدره. وعلم أنه لا بد من بيان النوع في الثلاثة لا مطلق إردب أو قنطار أو عدد.

(و) جاز (حمل مثله) كيلاً أو وزناً من جنسه (أو دونه) قدراً كنصف إردب أو قنطار بدل كامل، أو خفة كإردب شعير بدل إردب قمح أو فول. بخلاف الأكثر أو الأثقل فلا يجوز ويضمن على ما سيأتي، ومثل الحمل الركوب بخلافة المسافة، فلا يجوز المساوى، وكذا الدون على قول وسيأتي.

(و) جاز (الرضا): أي رضا المكتري لدابة معينة أو عبداً أو ثوباً معيناً (بغير): أي بذات أخرى غير (المعينة إن هلكت) المعينة أو ضاعت، ومحل الجواز (إن اضطر) المكتري، كما لو كان في فلاة من الأرض ولو نقد الكراء لربها إذ الضرورات تبيح المحظورات - أو لم يضطر (و) كان (لم ينقد) الكراء. فإن نقده لم يجز الرضا ببدلها، لما فيه من فسخ ما وجب له من الأجرة في منافع يتأخر قبضها، وهو من فسخ الدين في الدين.

ــ

النفقة لأنها معروف.

قوله: [شهراً مثلاً]: أي فلا مفهوم لتقييد خليل بالشهر، بل المراد زمناً معيناً، وبعضهم اعتبر مفهومه فلا يجوز أكثر من شهر للغرر ولكن لا وجه له كما في الحاشية.

قوله: [بأن كان للركوب] إلخ: المناسب زيادة الكاف وتقديم هذا التصوير على قوله: وإلا لم يجز لأن هذا مثال للجائز لكونه معلوماً بالعادة أو التسمية.

قوله: [لم يره]: أي ولم يوصف له أيضاً وإن لم يكن على خيار بالرؤية.

قوله: [وإنما يلزمه الوسط]: أي ذكراً أو أنثى خلافاً لابن عرفة حيث استظهر وجوب تعيين كون الراكب رجلاً أو امرأة؛ لأن ركوب النساء أشق فعلى كلام ابن عرفة تكون المرأة ملحقة بالفادح فلا تلزمه إن لم تعين، ومثل الفادح المريض والميت، فإذا استؤجر على حمل آدمي فأتي له بمريض أو ميت لم يلزمه حمله حيث جزم أهل المعرفة بأنه يتعب الدابة، وينبغي أن يكون مثله من يغلب عليه النوم أو عادته عقر الدواب.

قوله: [فيلزمه حمله]: أي سواء كان في بطنها حين العقد أو حملت به في السفر.

قوله: [برؤيته]: المتبادر من مقابلته بالكيل وما بعده أن الرؤية بصرية، ولكن قال شيخ مشايخنا العدوي تبعاً لشيخه عبد الله إنها عليه فيصدق بجسه.

قوله: [أي اكتراء دابة] إلخ: المقصود من هذه العبارة التعميم في الاستئجار على الحمل أي فلا فرق بين كون المستأجر عليه دابة أو شخصاً يحمله على نفسه كالعتالين فيكفي رؤية الحمل على كل حال.

قوله: [فلا بد من بيان النوع]: اعلم أن بيان النوع لا بد منه في صحة العقد اتفاقاً، وأما بيان قدر المحمول فلا بد منه أيضاً وهو مذهب ابن القاسم عند القرويين، وقال الأندلسيون: لا يشترط ويصرف القدر للاجتهاد فإذا قال: أكتري دابتك لأحمل عليها إردباً قمحاً أو قنطاراً زيتاً أو مائة بيضة جاز اتفاقاً ولو قال أحمل عليها إردباً أو قنطاراً أو مائة بطيخة منع اتفاقاً لعدم ذكر النوع في الإردب والقنطار وللتفاوت البين في البطيخ، وأما لو قال: أحمل عليها قمحاً أو قطناً أو بطيخاً ولم يذكر القدر فممنوع عند القرويين وجائز عند الأندلسيين، ويصرف القدر الذي يحمل على الدابة إلى الاجتهاد، فإذا علمت ذلك فشارحنا ماش على طريقة القرويين.

قوله: [في الثلاثة]: أي ويزاد في المعدود بيان الوصف.

قوله: [أو خفة]: معطوف على قدراً.

قوله: [بخلاف الأكثر]: أي في الكيل أو العدد وإن كان أخف ثقلاً.

وقوله: [أو الأثقل]: أي وإن كان أقل عدداً أو كيلاً.

قوله: [ومثل الحمل الركوب]: أي في التفصيل المتقدم فيجوز حمل المثل والدون لا الأثقل.

قوله: [وسيأتي]: أي في قوله: وانتقال مكتر لبلد وإن ساوى إلا بإذن.

قوله: [أي رضا المكتري لدابة] إلخ: هكذا نسخة المؤلف يجر دابة باللام ونصب عبداً وما بعده ومقتضى العربية إما حذف اللام من دابة أو جر عبداً وما بعده.

قوله: [إذ الضرورات تبيح المحظورات]: أي فحيث كان نقد الكراء لا يجوز الرضا بغير المعينة إلا بقدر الضرورة فبعد زوالها لا يجوز، فالجواز ليس مطلقاً قال (عب): وانظر هل الاضطرار المشقة الشديدة أو خوف المرض أو ضياع المال أو الموت.

قوله: [لما فيه من فسخ ما وجب له] إلخ: أي بناء على أن

ص: 283

فالجواز في صور ثلاث والمنع في واحدة، وسواء كانت الأجرة معينة أو مضمونة وأما غير المعينة إذا هلكت، فالجواز مطلقاً، بل هو الواجب به القضاء.

(و) جاز (دار غائبة): أي جاز كراؤها كذا الحانوت والفرن ونحو ذلك (كالبيع) لها المتقدم ذكره، فلا بد من رؤية سابقة لا يتغير بعدها ولو بعدت أو بوصف شاف ولو من مكريها أو على الخيار بالرؤية (أو نصفها أو نصف كعبد): يعني أنه يجوز كراء بعض الشيء والبعض الثاني إما لربه أو شريكه.

ثم يستعملانه أو يقتسما أجرته على قدر الحصص.

(و) جاز الكراء (مشاهرة) وهو ما عبر فيه بلفظ: "كل"، نحو: كل يوم أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة بكذا. (ولا يلزمهما) عقدها؛ فلكل منهما حله عن نفسه متى شاء ولا كلام للآخر والكراء فيه بعد كل يوم أو جمعة إلخ أو على ما اتفقا. وجاز تقديمه وتأخيره لبعد العمل، وعلى كل حال ليست بلازمة.

(إلا بنقد) من المكري (فبقدره): أي فيلزم بقدر ما نقد. فإذا قال: كل يوم بدرهم ونقد مائة درهم لزم مائة يوم وهكذا، ولو قال كل شهر بعشرة ونقد خمسة لزم نصف شهر.

(كالوجيبة): فإنها تلزم، نقد أو لم ينقد، بقدر ما سمى من المدة، ومن أراد الفسخ منهما عن نفسه فلا يجاب له إلا بتراضيهما معاً. وهي ما لم يعبر فيها بلفظ "كل" كما لو وقعت (بشهر كذا) كرجب (أو هذا الشهر) أو سنة كذا أو هذه السنة بالمعرفة (أو): أكتريها (شهراً أو سنة) أو جمعة أو يوم أو نصف [1] كل بالنكرة أو نصف ما ذكر من المعرفة (أو): أكتريها منك (إلى كذا) إن كان معلوماً، نحو: إلى شهر كذا أو سنة كذا أو قدوم زيد، وهو معلوم كل ذلك وجيبة يلزم بالعقد إلى الغاية.

(و) جاز (عدم بيان الابتداء، وحمل) إذا لم يبينه (من حين العقد) وجيبة أو مشاهرة.

(و) جاز (أرض مأمونة الري): أي كراؤها (سنين كثيرة): كالثلاثين والأربعين (وإن بشرط النقد) لعدم التردد بين السلفية والثمنية. والمأمونة: هي المتحقق ريها عادة، كمنخفض أرض النيل، وكالمعينة بكسر - العين المهملة - وهي تسقى بالعيون والآبار، وكأرض المشرق المتحقق ريها بالمطر.

(و) جاز (غيرها): أي المأمونة (إن لم ينقد): أي لم يشترط النقد، فإن اشترط النقد لم يجز (وإن سنة) للتردد بين السلفية والثمنية، وأما النقد تطوعاً بعد العقد لم يضر.

(ووجب) الكراء (في أرض النيل إذا رويت) بالفعل:

ــ

قبض الأوائل ليس كقبض الأواخر.

قوله: [فالجواز في صور ثلاث]: واحدة فيما إذا لم ينقض ولم يضطر واثنتان عند الاضطرار وهما نقد أم لا والمنع فيما إذا نقد ولم يضطر وكل من الجائز والممنوع كانت الأجرة فيه معينة أو مضمونة فالجواز في ست والمنع في اثنتين.

قوله: [فالجواز مطلقاً]: أي نقد أم لا، اضطر أم لا كانت الأجرة معينة أو مضمونة.

قوله: [ونحو ذلك]: أي من باقي العقارات.

قوله: [ولو من مكريها]: أي كما يقال في البيع يكفي الوصف ولو من بائعه خلافاً لمن يمنع ذلك.

قوله: [بالرؤية]: أي عند الرؤية أي فيجوز العقد على دار أو حانوت أو نحو ذلك من غير رؤية لما ذكر ولا وصف ويجعل له الخيار عند رؤيتها.

قوله: [ثم يستعملانه]: إما معاً إن أمكن ذلك أو يقتسمانه مهايأة.

قوله: [أو يقتسما أجرته]: هكذا نسخة المؤلف بغير نون والمناسب إثباتها لعدم الناصب والجازم، ومعنى قسمة الأجرة أنهما يكريانه للغير ثم يقتسمان ما يأتي.

قوله: [حله عن نفسه متى شاء]: هذا قول ابن القاسم في المدونة، وهو أحد أقوال ثلاثة. حاصلها: أن القول الأول لا يلزم الكراء في الشهر الأول ولا فيما بعده وللمكتري أن يخرج متى شاء ويلزمه من الكراء بحساب ما سكن. والثاني يلزمهما المحقق الأقل كالشهر الأول لا ما بعده. والثالث يلزم الشهر إن سكن بعضه.

قال الشيخ ميارة: وبهذا الأخير جرى العمل عندنا، وهذه الأقوال الثلاثة داخلة في الكراء مساناة كذا في (بن) وفيه أن محل كون كراء المشاهرة منحلاً في غير المطامير التي يخزن فيها الطعام، وأما هي فليس للمكري إخراج الطعام منها قبل أوانه الذي يخرجه المكتري فيه كغلو الأسعار وإخراجها للبذر ويغتفر جهل المدة للضرورة.

قوله: [إلا بنقد من المكري]: المناسب المكتري أو تجعل من بمعنى اللام.

قوله: [أو يوم]: هكذا نسخة المؤلف من غير ألف والمناسب نصبه.

قوله: [أو نصف كل بالنكرة]: الأخصر أو نصف ما ذكر من المعرف والمنكر.

قوله: [لعدم التردد بين السلفية والثمنية]: حاصله أن ما كان مأموناً من أرض النيل والمطر والآبار والعيون يجوز فيها اشتراط النقد ولو لأعوام كثيرة، وما كان غير مأمون منها لا يجوز فيه اشتراط النقد.

قوله: [وهي تسقى]: هكذا نسخة المؤلف، وقد سقط منه الموصول والأصل وهي التي تسقى.

قوله: [وكأرض المشرق]: أي كالشام والأندلس.

قوله: [وإن سنة]: مبالغة في محذوف قدره الشارح بقوله: فإن اشترط النقد لم يجز، والمعنى: أن شرط النقد في غير المأمونة مفسد ولو لسنة واحدة.

وقوله: [للتردد بين السلفية والثمنية]: وجه ذلك: أنها إن رويت صارت الأجرة ثمناً أي تمت في نظير المنافع وإن لم ترو ردها المكتري لصاحبها كانت سلفاً من المكتري للمكري، ثم عادت له وإنما كان هذا حراماً لأن فيه سلفاً جر نفعاً والسلف لا يجوز إلا إذا كان لوجه الله والنفع الذي يجره هو احتمال كونها تروى فينتفع بها رب الدراهم.

قوله: [وأما النقد تطوعاً]: مقابل قوله أي لم يشترط النقد.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

قوله: (يوم أو نصف) كذا في ط الحلبي والمعارف، ولعل الصواب: «يوماً، أو نصفاً).

ص: 284

أي يقضي به على المستأجر.

(و) يجب (في غيرها): أي غير أرض النيل، وهي أرض المطر والسقي (إذا تم الزرع) واستغنى عن الماء؛ لأن أرض النيل لا تفتقر لماء بعد الزرع بخلاف غيرها.

(و) جاز كراء الأرض (على أن يحرثها ثلاثاً) مثلاً، ويزرعها في الرابعة، والكراء إما [1] الحرث وحده أو مع كدراهم. وكذا يقال في الزبل الآتي. وهذا في الأرض المأمونة إذ غيرها يفسد فيها الكراء باشتراط ذلك لأنه من شرط النقد.

(أو) على شرط (أن يزبلها) بتشديد الباء (إن عرف) ما يزبلها به نوعاً وقدراً؛ كعشرة أحمال، وإلا منع للجهل لأنه من الأجرة.

(و) جاز في كراء الدور ونحوها (بشرط كنس مرحاض) على غير من قضى العرف بلزومه له من مكر أو مكتر. وعرف مصر أن المملوكة على المكري والموقوفة على الوقف.

(أو) شرط (مرمة) على المكتري: أي إصلاح ما تحتاج إليه الدار مثلاً من كراء وجب.

(أو) شرط (تطيين) للدار مثلاً على المكتري (من كراء وجب) على المكتري، إما في مقابلة سكنى مضت، أو باشتراط تعجيل الأجرة، أو لجريان العرف بتعجيله؛ احترازاً من شرط رمها أو تطيينها الآن على أن تحسبه مما سيجب عليك، فلا يجوز لفسخ ما في الذمة في مؤخر. وهذا معنى قوله:(لا إن لم يجب أو) كان التطيين أو المرمة (من عند المكتري) بأن شرط عليه ربها: بأن ترمها أو تطينها من عندك، بحيث لا يحسب من الأجرة؛ فلا يجوز ويفسخ العقد للجهالة. إذ الترميم في الحقيقة من الأجرة، ولا يعلم قدر ما يصرف فيه. وأما إذا لم يقع شرط في العقد - وكان الساكن يرم من عنده تبرعاً - فذلك جائز. وشبه في عدم الجواز المستفاد من النفي

قوله: (كحميم): أي كاشتراط حميم (أهل ذي الحمام أو نورتهم) بضم النون أي كراء حمامه بكذا على أن المكتري يحمم أهله ويأتيهم بالنورة فلا يجوز (مطلقاً) علم عددهم أم لا للجهالة. ولذا لو علم عددهم وعلم أنهم يدخلون في الشهر مرة مثلاً، وأن قدر نورتهم كذا جاز، كما لو شرط شيء معلوم فيجوز.

(أو لم يعين) بالبناء للمفعول (في الأرض) المكتراة (بناء) نائب فاعل يعين، أي حيث اكتريت للبناء فيها (أو غرس) إذا اكتريت للغرس (وبعضه)، أي والحال أن بعض البناء أو الغرس (أضر) من بعض (ولا عرف) بينهم يصار إليه، فلا يجوز، ويفسخ للجهالة، فإن بين نوع البناء أو ما يبنى فيها من دار أو معصرة أو رحى وكذا الغرس، جاز. كما لو جرى عرف بشيء معين.

(و) لا (كراء وكيل وإن مفوضاً) أرض أو دار أو دابة موكله (بمحاباة أو بعرض): أي فلا يجوز ويفسخ؛ لأن العادة كراء ما ذكر بالنقد بكراء المثل فلموكله الفسخ إن لم يفت وإلا رجع على الوكيل بالمحاباة وكراء المثل في العرض فإن أعدم الوكيل رجع على المشتري ولا رجوع له على الوكيل

ــ

قوله: [أي يقضي به على المستأجر]: أي إن شح رب الأرض؛ وحاصله أنه إذا عقد الكراء في أرض الزراعة وسكت عن النقد حين العقد فإنه يقضي به في أرض النيل إذا رويت وتمكن من الانتفاع بها لكشف الماء عنها، وأما أرض المطر والعيون والآبار فلا يقضي بالنقد فيها إلا إذا تم زرعها واستغنى عن الماء.

قوله: [ويجب في غيرها]: أي إن شح رب الأرض كما تقدم.

قوله: [لأن أرض النيل لا تفتقر لماء] إلخ: أي افتقاراً تاماً وهذا في غالب الزروعات وغالب الأراضي، فلا ينافي أن بعض الزروعات كالأرز والقصب لا بد له من الماء بعد الزرع وبعض الأراضي العالية لا بد لها من السقي بعد الزرع في أي زرع.

وظاهر كلامه أنه يقضي لرب الأرض بالأجرة بمجرد الري في جميع تلك المسائل نظراً للغالب فتأمل.

قوله: [وكذا يقال في الزبل الآتي]: أي يجوز أن يكون أجرة وحده أو مع كالدراهم.

قوله: [لأنه من شرط النقد]: أي سواء كان الحرث والتزبيل هو كل الكراء أو بعضه.

قوله: [أو على شرط أن يزبلها]: أي يضع فيها سباخاً زبلاً أو غيره وإنما صح كونها أجرة؛ لأن له منفعة تبقى في الأرض بعد ذلك.

قوله: [على الوقف]: أي يؤخذ لها من ريعه.

قوله: [أو شرط مرمة] إلخ: اعلم أن المرمة والتطيين إن كانا مجهولين لا يجوز اشتراطهما على المكتري إلا من كراء وجب لا من عنده كأن يقول كلما احتاجت لمرمة أو تطيين كالتبييض فرمه أو طينه أو بيضه من الكراء.

وأما إن كانا معلومين كأن يعين للمكتري ما يرمه أو يشترط عليه التبييض في السنة مرة أو مرتين فيجوز مطلقاً كان تبرعاً من عند المكتري أو من كراء وجب.

قوله: [لفسخ ما في الذمة] إلخ: ظاهر العلة المنع ولو كان التطيين والمرمة معلومي القدر خلافاً لمن فهم خلاف ذلك.

قوله: [بأن شرط عليه]: المناسب للسياق أن يقول عليك.

قوله: [ويفسخ العقد للجهالة]: أي لكن إذا وقع ونزل فللمكري قيمة ما سكن المكتري وللمكتري قيمة ما رمَّ أو طين من عنده.

قوله: [ولذا لو علم عددهم] إلخ: أي: فيجوز بتلك القيود الثلاثة علم عددهم وقدر دخولهم وقدر نورتهم.

قوله: [كما لو شرط شيء معلوم]: أي من المرات في كل شهر أو من النورة.

قوله: [أو لم يعين] إلخ: يعني: أنه لا يجوز أن يستأجر أرضاً على أن يعمل فيها ما شاء من بناء أو غرس من غير تعيين واحد منهما أو تعيينه ولا يبين نوعه والحال أن بعض ذلك أضر من بعضه وليس هناك عرف فيما يفعل في المكتراة وظاهر كلامه المنع، ولو قال رب الأرض للمكتري: اصنع بها كيف شئت وقيل يجوز حينئذ لأنه داخل على الأضر.

قوله: [فلا يجوز ويفسخ للجهالة] إلخ: الذي يفيده كلام التوضيح أن ابن القاسم يقول بجواز العقد المذكور

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (إلى).

ص: 285

ومثل الوكيل ناظر الوقف والوصي بجامع التصرف بغير المصلحة الواجبة عليه.

(و) لا (انتقال مشتر) لدابة يركبها أو يحمل عليها (لبلد) أخرى [1] غير المعقود عليها [2] إذ لا يجوز المخالفة في المسافة (وإن ساوت) المعقود عليها [3] في السهولة أو الصعوبة أو المساحة، لأن أحوال الطرق تختلف بها الأغراض كعدو وغاصب في طريق دون أخرى - وقد يكون العدو لخصوص رب الدابة- ولذا قيل بالمنع للدون وهو الأظهر (إلا بإذن) من ربها. وتقدم جواز الحمل المساوي وإن لم يأذن. والفرق ما علمت من أن أحوال الطرق تختلف بها الأغراض.

(وضمن) إذا انتقل بلا إذن (إن عطبت) الدابة ولو بسماوي لأنه صار كالغاصب.

(كان أكرى) المكتري ما اكتراه (لغير أمين) فإنه يضمن، (أو) أكرى (لأثقل) منه (أو أضر) في الحمل، فإنه يضمن، ومن الأضر: حمل المرأة بالنسبة للرجل. ولربها اتباع الثاني إذا علم بتعدي الأول ولو عطبت بسماوي، وكذا إذا لم يعلم حيث تعمد الجناية. وفي الخطأ قولان: قيل: له اتباعه، وهو الأظهر. وقيل: يتبع الأول فقط كالسماوي.

والحاصل: أن الدابة إذا تلفت عند الثاني فإما عمداً أو خطأ أو بسماوي، وفي كل: إما أن يعلم بتعدي الأول أو يعلم بأنه مكتر فقط أو يظن أنه المالك، فهذه تسعة. فإن علم بتعدي الأول ضمن مطلقاً حتى السماوي لأنه كالغاصب، وإن لم يعلم بالتعدي ضمن العمد، وكذا الخطأ على أحد القولين لا السماوي، لكن إذا علم بأنه مكتر فقط فلربها اتباعه حيث أعدم الأول، ثم يرجع على الأول إن أيسر، وإن ظن أنه المالك فليس لربها اتباعه. وقد علمت من هذا الحاصل حكم مفهوم لغير أمين إلخ.

(أو زاد) المكتري (في المسافة) المشترطة (ولو ميلاً) فإنه يضمن والمراد أن الزيادة في المسافة توجب الضمان ولو كانت قليلة ليس الشأن العطب بمثلها، قال أبو الحسن: وأما مثل ما يعدل الناس إليه في المرحلة فلا ضمان فيه.

(أو) زاد في الحمل (حملاً) بفتح الحاء بمعنى محمول (تعطب به وعطبت) في المسألتين، أي في زيادة المسافة مطلقاً وفي زيادة ما تعطب به في الحمل، فإنه يضمن: أي أن ربها يخير بين أخذ كراء ما زاد مع الكراء الأول وأخذ قيمتها يوم التعدي. فإن أخذ قيمتها فلا كراء له.

ــ

وصحته عند الإجمال لكن يمنع المكتري من فعل ما فيه ضرر وغير ابن القاسم يقول بعدم الجواز والفساد كما قال الشارح.

فبهذا تعلم أن الشارح مشى على غير مذهب ابن القاسم.

قوله: [ومثل الوكيل ناظر الوقف]: أي فإذا حابى الناظر في الكراء خير المستحقون في الإجازة والرد إن لم يفت الكراء فإن فات كان للمستحقين الرجوع على الناظر بالمحاباة إن كان ملياً ولا رجوع له على المكتري، فإن كان الناظر معدماً رجع المستحقون على المكتري ولا رجوع له على الناظر، وأما إن أكرى الناظر بغير محاباة، فإن كان بأجر المثل فلا يفسخ كراؤه ولو بزيادة زادها شخص على المشتري، وأما إن أكرى بأقل من أجرة المثل فإنه يفسخ كراؤه ولو بزيادة زادها عليه شخص آخر أجرة المثل وإلا فلا يفسخ وهذا معنى قولهم الزيادة في الوقف مقبولة، وما قيل في ناظر الوقف يقال في الوصي.

قوله: [أو الصعوبة أو المساحة]: أي في المحلين بمعنى الواو، والمعنى لا يجوز وإن تساوت في كل الأوصاف.

قوله: [ولذا قيل بالمنع]: أي لأجل هذا التعليل.

قوله: [ولو بسماوي]: أي هذا إذا كان عطبها بفعله عمداً أو خطأ، بل ولو كان بسماوي.

قوله: [فإنه يضمن]: أي ولو كان نفس المكتري غير أمين؛ إذ قد يدعي ربها أن الأول يراعي حقه ويحفظ متاعه بخلاف الثاني.

قوله: [أو أضر في الحمل]: أي ولو كان دونه في النقل بأن كان من عادته عقر الدواب.

قوله: [ومن الأضر حمل المرأة]: أي فإذا اكترى الدابة على أن يركبها بنفسه فحمل عليها زوجته مثلاً فإنه يضمن إن عطبت ظاهره ولو كانت المرأة أخف منه.

قوله: [ولربها اتباع الثاني]: أي وإذا اكترى المكتري لغير أمين أو لأضر كان لربها اتباع الثاني بقيمتها إذا تلفت، وبأرش عيبها إذا تعيبت وله البقاء على اتباع الأول.

قوله: [إذا علم] إلخ: أي بأن علم الثاني أن الأول يعطيها له بغير إذن ربها.

قوله: [وكذا إذا لم يعلم]: أي بأن ظن أنه مالك لها أو مكتر فقط.

قوله: [لكن إذا علم بأنه مكتر فقط]: أي من غير علم بالتعدي في إعطائها له إنما كان لربها اتباعه في هذه الحالة حيث أعدم الأول؛ لأن عنده نوع تفريط، بخلاف ما إذا ظن أنه المالك فليس عنده تفريط.

قوله: [أي في زيادة المسافة مطلقاً]: أي قليلة أو كثيرة.

قوله: [أي أن ربها يخير]: أي في المسائل الثلاث.

قوله: [فإن أخذ قيمتها فلا كراء له]: أي فلا شيء له من كراء أصلي ولا زائد إن زاد في الحمل من أول المسافة، فإن زاد أثناءها خير بين أخذ قيمتها يوم التعدي مع كراء ما قبل الزيادة وبين الكراء الأول والزيادة، وأما زيادة المسافة فإن اختار القيمة فله كراء أصل المسافة الأولى؛ لأن الضمان يوم التعدي وهو طار بعد المسافة الأولى فهي على ملك ربها في تلك الحالة.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (آخر).

[2]

في ط المعارف: (عليه).

[3]

في ط المعارف: (عليه).

ص: 286

(وإلا) بأن لم تعطب في المسألتين أو زاد في الحمل ما لا تعطب به، وعطبت (فالكراء): أي كراء الزيادة مع الأول، ولا يخير ربها.

(ولك) إذا اكتريت دابة لحمل أو ركوب (فسخ) كراء دابة (عضوض): أي تعض من قرب منه لأنه عيب وليس المراد المبالغة في العض (أو جموح): أي عسرة الانقياد، تعرف بالحرون (أو أعشى) لا يبصر ليلاً (أو ما دبره فاحش) يضر بسيرها أو براكبها ولو بشدة رائحته، بخلاف اليسير الذي لا يضر فلا فسخ به.

(والسنة) في كراء أرض الزراعة تكون (في أرض النيل والمطر بالحصاد): فمن اكترى فداناً ليزرعه أيام نزول المطر أو أيام ذهاب النيل سنة فزرعه، فمنتهى الأجل الحصاد ولو كانت المدة أربعة أشهر أو أقل. والمراد بالحصاد: أخذ الزرع منها، فيشمل الرعي. فإن كان الزرع يخلف كالبرسيم فبآخر بطن.

(وفي) أرض (السقي) من العيون والآبار (بالشهور) اثني عشر شهراً من يوم العقد، فإن تمت السنة وله فيها زرع أخضر، لزم رب الأرض إبقاؤه لحصاده وعلى المكتري كراء مثل الزائد على السنة بما تقوله أهل المعرفة.

(ولزوم الكراء): أي كراء أرض الزراعة (بالتمكن) من الزرع وإن لم يزرع.

ما لم يكن المانع له من الزرع أكل دود أو فأر له إبان الزرع فلا يلزمه الكراء.

ثم بالغ على لزوم الكراء بالتمكن: (وإن فسد الزرع لجائحة) لا دخل للأرض فيها؛ كجراد وجليد وبرد وجيش وغاصب وعدم نبات بذر، بخلاف ما لها فيه دخل كدود كما يأتي.

(أو غرق بعد) فوات (الإبان): أي وقت الحرث فإنه يلزمه الكراء

ــ

قوله: [بأن لم تعطب في المسألتين]: أي مسألة المسافة مطلقاً ومسألة الحمل فهذه ثلاث صور، وقوله: أو زاد في الحمل ما لا تعطب به وعطبت صورة رابعة وأولى في الحكم إذا سلمت فهذه الخمس ليس لصاحبها إلا كراء الزائد مع الأول فتحصل أن الصور ثمان يخير بين القيمة وكراء الزائد في الثلاثة الأول وكراء الزائد مع الأصلي في تلك الخمس.

تنبيه: يخير المكري أيضاً فيما إذا حبسها المكتري بعد مدة الإجارة زمناً كثيراً حتى تغير سوقها بيعاً أو كراء بين كراء الزائد الذي حبسها فيه أو قيمتها يوم التعدي مع الكراء الأول، ومفهوم قولنا كثيراً أنه لو حبسها يسيراً كاليومين فليس له إلا كراء الزائد.

قوله: [فسخ كراء دابة عضوض]: المراد أنه طلع على كونها عضوضاً بعد العقد.

قوله: [من قرب منه]: ذكر باعتبار الوصف بعضوض.

قوله: [وليس المراد المبالغة في العض]: أي بل المراد النسبة، ويصح بقاء المبالغة على ظاهرها باعتبار تعدد الساعات حتى صار شأناً لها، وأما لو وقع العض فلتة في العمر مثلاً فليس بعيب قطعاً.

قوله [أو أعشى لا يبصر ليلاً]: أي وسواء اكتراه ليسير به ليلاً أو نهاراً أو فيهما فيثبت له الخيار على كل حال، إما أن يرد أو يتماسك بجميع الكراء المسمى، كما أن عليه جميع الكراء إذا اكتراه ليسير به ليلاً ونهاراً ولم يسر به إلا نهاراً، وما في (عب) من أنه إذا علم به وتماسك يحط عنه أرش العيب فهو خلاف النقل كما في (بن) نعم إذا لم يطلع المكتري على كونه أعشى إلا بعد انقضاء المسافة المستأجر عليها فإنه يحط عنه من الأجرة بحسبه كما في المجموع.

قوله: [أو ما دبره فاحش]: الدبر بفتحتين جرح في الظهر كما قال الأعرابي:

أقسم بالله أبو حفص عمر

ما مسها من نقب ولا دبر

قوله: [بما تقوله أهل المعرفة]: أي ولا يعتبر الكراء بالنظر للسنة الماضية، بل ينظر له في حد ذاته إذ قد يكون أغلى أو أرخص، وهذا قول سحنون. وقال ابن يونس: يلزمه أجرة ما زاد على السنة على حسب ما أكرى به فيها، وذلك بأن يقوم كراء الزيادة فإذا قيل دينار قيل وما قيمة السنة كلها، فإذا قيل خمسة فقد وقع للزيادة مثل كراء خمس الثمن فيكون عليه الكراء المسمى ومثل خمسه.

قوله: [وإن لم يزرع]: أي فمتى تمكن من المنفعة سواء استعمل أو عطل كما إذا بوّر الأرض لزمه الكراء والتمكن من منفعة أرض النيل بريها وانكشافها ومن منفعة أرض المطر باستغناء الزرع عن الماء وليس المراد التمكن من التصرف كما قال الأصل و (عب) والخرشي؛ لأنه كان متمكناً منه حين العقد قاله المسناوي كذا في (بن).

قوله: [ما لم يكن المانع له من الزرع أكل دود] إلخ: أي: وكذا لو كان المانع له من التمكن فتنة أو خوفاً من غاصب لا تناله الأحكام.

تنبيه: إذا تنازعا في التمكن وعدمه كان القول قول المكتري بيمين أنه لم يتمكن إن أقر المكتري بالتمكن لكن ادعى أنه منعه مانع بعد ذلك فالقول للمكري وعلى المكتري إثبات المانع لأن الأصل عدمه.

قوله: [ثم بالغ على لزوم الكراء بالتمكن وإن فسد] إلخ: هكذا نسخة المؤلف وقد أسقط لفظ بقوله.

قوله: [أي وقت الحرث]: أي وسواء حصل الغرق بعد الحرث أو قبله وإنما لزمه الكراء في هذه

ص: 287

وسيأتي مفهوم بعد الإبان (أو لم يزرع) المكتري (لعدم بذر): فيلزمه الكراء، ولا يعذر بعدمه لتمكنه من إيجارها لغيره. ولذا لو عدم البذر من المحل لسقطت الأجرة لعموم العذر.

(أو سجن) عطف على: "عدم"، أي أو لم يزرع لسجن فيلزمه الكراء، سجن ظلماً أو لا، ما لم يقصد من سجنه منعه به عن الزرع. وإلا فالكراء على من سجنه كما لو أكرهه على عدمه.

(بخلاف تلفه): أي الزرع (بآفة الأرض) أي الناشئة منها (كدودها أو فأرها أو عطش) في أرض المطر لعدم نزوله عليه كعدم الري في النيل (أو غرق) للأرض (قبل الإبان واستمر) الغرق عليها حتى فات وقت ما تراد له فلا يلزمه الكراء (ولو عطش البحر [1]) دون البعض (أو غرق) البعض واستمر دون البعض (فلكل حكمه): وهو أن ما عطش أو لم يرو أو غرق قبل الإبان واستمر فلا كراء له، وما لم يعطش ولم يغرق فعليه فيه الكراء.

(ولو جر السيل) أو النيل (حباً) بذر في أرض (أو) جر (زرعاً) نبت في أرض لمالكها أو مالك منفعتها (لأرض) أخرى (فلربها): أي فالحب المجرور أو الزرع لرب الأرض المجرور إليها، لا لربه؛ لأنه لما انجر إلى أرض غير أرضه قهراً عنه كان ضائعاً فيثبت لمن نبت في أرضه، ولا شيء عليه لربه من مثل ولا قيمة.

(ولا يجبر مؤجر) لدار أو غيرها (على إصلاح) للمكتري منه إذا حصل في الدار أو الحانوت أو الحمام أو البئر المكتراة خلل (مطلقاً) كان يمكن معه الانتفاع أم لا، يضر بالمكتري أم لا. باتفاق في الكثير المضر، وعلى مذهب ابن القاسم في اليسير. فالخلاف إنما هو في اليسير ولو مضراً.

(و) إذا لم يجبر المكري على الإصلاح فإذا لم يصلح (خير الساكن) بين الفسخ والإبقاء (في) حدوث خلل (مضر) ولو مع نقص منافع، كهطل: أي تتابع المطر من السقف للخلل الحادث به، وكهدم ساتر أو بيت من بيوتها أو الباذهنج.

(فإن بقي فالكراء) كله لازم له. ومفهوم: " مضر " أنه إذا كان لا يضر فلا خيار له ويلزمه السكنى. إلا أنه إذا كان لا ينقص من الكراء شيئاً فظاهر، كسقوط بعض شرفات البيت ونحوه مما لا يعتنى به عادة. وإن كان ينقص من الكراء حط عنه بقدره وإن قل؛ كسقوط تجصيصها أو ذهاب بلاطها أو هدم بيت من بيوتها وكان لا يضر وسقوط شرفاتها مع تنقيصه من الكراء. فإن أصلح المكتري بلا إذن كان متبرعاً لا شيء له في الأقسام الثلاثة. فإن انقضت المدة خير رب الدار بين دفع قيمته منقوضاً أو أمره بنقضه كالغاصب، بخلاف ما لو أذن فله قيمته قائماً إذا لم يقل ربها: عمر وما صرفته فعلي، فيلزمه جميع ما صرفه. وقولنا:"وخير الساكن في مضر": أي إذا لم يصلح المؤجر كما قدمنا، فإن أصلح له قبل خروجه لم يكن له خيار،

ــ

الحالة لأن ذلك الغرق بمنزلة الجراد الطارئ على الزرع.

قوله: [وسيأتي مفهوم بعد الإبان]: أي في قوله أو غرق قبل الإبان.

قوله: [ولذا لو عدم البذر] إلخ: أي عدموه ملكاً وتسلفاً حتى من البلد المجاورة لهم.

قوله: [ما لم يقصد من سجنه] إلخ: ويعلم قصده بقرينة أو بقول.

قوله: [فلكل حكمه]: أي ما لم يكن الباقي قليلاً بالنسبة للتالف كخمسة أفدنة من مائة إذا كانت مفرقة الفدادين فلا أجرة لها لأنها كالهالك، وقيل لا يلزمه لها أجرة مطلقاً وإن كانت غير مفرقة كما يؤخذ من الحاشية، ومثل عطش البعض باقي آفات الأرض التي تمنع الكراء.

قوله: [ولو جر السيل]: مثل ذلك ما إذا انتثر للمكتري أرضاً حب من زرعه في تلك الأرض زمن الحصاد فنبت فيها في العام القابل فلا يكون لصاحبه، بل لرب الأرض لإعراض ربه عنه بانقضاء مدته، ولذا لو بقيت مدة الكراء كان الزرع له، وأما لو بذره في الأرض التي اكتراها فلم ينبت في سنته بل في قابل كان لربه وعليه كراء الأرض، كما أن عليه كراء العام الماضي إن كان عدم النبات لغير عطش ونحوه وإلا فلا كما تقدم.

قوله: [أو الزرع لرب الأرض المجرور إليها]: أي وهو مالك ذاتها أو منفعتها.

قوله: [ولا يجبر مؤجر]: أخذ بعض الأشياخ من هذه المسألة أنه لا يجبر من له خربة في جوار شخص يحصل له منها ضرر على عمارتها ولا على بيعها ويقال له: ادفع عن نفسك الضرر بما تقدر عليه ولا ضمان على ربها إن حصل بسببها تلف، وبه أفتى الشيخ سالم السنهوري وأفتى بعضهم بلزوم رب الخربة بما يدفع الضرر من عمارة أو بيع، وهذا هو الذي ارتضاه شيخ مشايخنا العدوي.

قوله: [وعلى مذهب ابن القاسم في اليسير]: أي وأما ابن حبيب فيقول: يجبر المكري على الإصلاح فيها قال ابن عبد السلام وبه العمل.

قوله: [أو الباذهنج]: أي وهو المسمى بالملقف.

قوله: [فالكراء كله لازم له]: أي لأن خيرته تنفي ضرره.

قوله: [بعض شرفات البيت]: الشين مضمومة والراء مضمومة أو مفتوحة أو ساكنة.

قوله: [كان متبرعاً] إلخ: هذا إذا كان العقار ملكاً وأما من استأجر وقفاً يحتاج لإصلاح فأصلحه المكتري بغير إذن ناظره فإنه يأخذ قيمة بنائه قائماً لقيامه عنه بواجب للوقف على الناظر لا لأجل المستأجر فالوجوب لحق الله لا لخصوص الساكن.

قوله: [في الأقسام الثلاثة]: أي وهي المضر وغير المضر ولا ينقص الكراء وغير المضر وينقص.

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (البعض)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.

ص: 288

بل يجبر على السكنى بقية المدة، وهو معنى قوله رضي الله عنه:"بخلاف ساكن أصلح له بقية المدة قبل خروجه". ومفهوم قوله: "قبل خروجه" أنه لو أصلح له بعد أن خرج، فلا يلزمه العود لها حتى تنقضي المدة.

(والقول) عند التنازع بين الأجير ومستأجره (للأجير أنه أوصل ما أرسل به) مما استؤجر على إيصاله من كتاب أو غيره بيمينه إن أشبه؛ بأن كان الأمد يبلغ في مثله عادة فيستحق الأجرة لأنه أمين. فإن لم يحلف حلف المستأجر ولا أجرة له، وإن كان يضمن إذا أنكر المرسل إليه الوصول إليه؛ لأن الكلام هنا في استحقاق الأجرة لا في نفي [1] الضمان، فلا ينافي ما تقدم في الوديعة من الضمان.

(أو أنه استصنع) أي: والقول للأجير إذا كان صانعاً ودفع له شيء له فيه صنعته كخياط دفع له ثوب فخاطه وادعى أنه دفع له ليصنعه، وقال ربه: بل دفعته لك وديعة عندك؛ لأن الشأن فيما يدفع للصناع الاستصناع والإيداع نادر فيلزم ربه الأجرة.

(أو أنه على الصفة): التي قلت لي عليها، وقال ربه: بل ذكرت لك صفة أخرى؛ فالقول للأجير كخياط وصباغ ونجار ونحوهم (إن أشبه) الأجير في دعواه، فإن لم يشبه حلف ربه وثبت له الخيار في أخذه ودفع أجرة المثل وتركه وأخذ قيمته غير مصنوع، فإن نكل اشتركا؛ هذا بقيمة ثوبه مثلاً غير مصبوغ وهذا بقيمة صبغه. فقوله:"أو أنه على الصفة"، معناه أنهما اتفقا على الاستصناع واختلفا صفتها.

وكذا القول للأجير في قدر الأجرة إن أشبه بيمينه، أشبه ربه أم لا. فإن انفرد ربه بالشبه، فالقول له بيمينه، فإن لم يشبها حلفا، وكان للأجير أجرة مثله. كأن نكلا معاً وقضي للحالف على الناكل، وهذا إذا كان المصنوع تحت يد الصانع، فإن حازه ربه، أو كان الصانع إنما يصنعه في بيت ربه. ولا يمكنه من الخروج به، أو كالبناء، فالقول في قدر الأجرة لربه إذا لم ينفرد الصانع بالشبه، وإلا فالقول له.

(لا في رده): أي المصنوع لربه (وهو مما يغاب عليه). كالثوب والحلي: أي فليس القول قول الصانع إنه رده لربه، بل القول لربه بيمينه. وأما ما لا يغاب عليه - كدابة دفعها ربها لمن يعلمها بأجر وادعى ردها - فالقول للأجير في ردها.

ولما كان لهم مسائل من الإجارة تشبه الجعالة، من حيث إنه لا يستحق فيها الأجير أجرته إلا بتمام العمل نبه عليها بقوله:

(والأصح) الذي هو قول ابن القاسم وروايته في المدونة عن مالك (أن كراء السفن)، إنما يستحق (بالبلاغ) إلى المحل المشترط: أي مع إمكان إخراج ما فيها فإن غرقت في الأثناء أو بعد البلاغ قبل التمكن من إخراج ما فيها فلا أجرة لربها

ــ

قوله: [بل يجبر على السكنى]: أي حيث كانت وجيبة أو نقد كراءها وإلا فلا يجبر مطلقاً.

قوله: [حتى تنقضي المدة]: حتى غائية بمعنى "إلى" مفرع على المنفي.

تنبيه: إن غارت عين المكري لأرض زراعة سنين بعد زرعها وأبى المكري من التعمير أنفقت أيها المكتري أجرة سنة ليتم زرعك في تلك السنة ويلزم المكري ما أنفقت لأنك قمت عنه بواجب، فلو كان لا يصلحها إلا أكثر من أجرة سنة وأبى ربها من الإصلاح ومن الإذن فأنفق المكتري كان متبرعاً بالزائد، فإن أبى من الإنفاق أيضاً كان له ذلك ولا يلزمه الكراء؛ لأن هلاك الزرع من العطش كذا في الأصل.

قوله: [فإن لم يحلف]: راجع لقوله بيمينه.

قوله: [حلف المستأجر]: أي إن حقق عليه الدعوى وإلا فلا يمين ولا أجرة.

قوله: [لا في نفي الضمان]: أي ضمان الشيء المستأجر عليه.

قوله: [فلا ينافي ما تقدم في الوديعة من الضمان]: قال خليل في الوديعة عاطفاً على ما فيه الضمان أو المرسل إليه المنكر ولا بينة. وقال في الوكالة: وضمن إن أقبض الدين ولم يشهد قال شراحه ومثل الدين غيره.

قوله: [إن أشبه]: أي بالنسبة لمالكه في استعماله كصبغه شاشاً أخضر لشريف أو أزرق لنصراني فلا يقبل دعوى شريف أنه أمره بصبغه أزرق ليهديه لنصراني، ولا دعوى نصراني أنه أمره بصبغه أخضر ليهديه لشريف، وكل هذا ما لم تقم قرينة قوية تؤيد قول المالك.

وقوله: [إن أشبه]: راجع للفروع الثلاثة فحذفه من الأولين لدلالة الثالث عليه كما يستفاد من الشارح.

قوله: [وكذا القول] إلخ: زيادة من الشارح على المتن.

قوله: [كأن نكلا معاً]: أي ففيه أجرة المثل.

قوله: [وهذا إذا كان المصنوع] إلخ: تقييد للتفصيل المتقدم في التنازع في قدر الأجرة.

قوله: [لا في رده]: حاصله أنه إذا ادعى الصانع رد المصنوع لربه وأنكر ربه أخذه كان القول قول ربه، سواء كان الصانع قبضه ببينة أو بغيرها، وهذا إذا كان المصنوع مما يغاب عليه، والفرق بين ما هنا وبين الوديعة أن المودع بالفتح قبض الوديعة على غير وجه الضمان والصانع قبض ما فيه صنعته ويغاب عليه على وجه الضمان.

قوله: [فالقول للأجير في ردها]: أي إلا أن يكون قبضها ببينة مقصودة للتوثيق وإلا فلا يقبل دعواه ردّاً ولا تلفاً.

تنبيه: إن ادعى الصانع الاستصناع كصباغ صبغ الثوب، وقال ربه: سرق مني، فإن أراد ربه أخذه دفع قيمة الصبغ بعد حلفه أنه ما استصنعه إن زادت دعوى الصانع على قيمة الصبغ وإلا أخذه بلا يمين ودفع للصانع ما ادعاه من الأجرة وإن اختار تغريمه قيمة الثوب، فإن دفع الصانع قيمته أبيض يوم الحكم على الأظهر فلا يمين على واحد منهما، وإن امتنع من دفعها حلفاً وبدئ الصانع، وقيل

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

ليست في ط المعارف.

ص: 289

وهي إجارة لازمة بالعقد لا جعالة (إلا أن يتمم [1] العمل غيره): أي غير الأول. فإذا عطبت في أثناء الطريق، فجاء رب سفينة أخرى فحمل ما فيها إلى المحل المقصود بأجرة كثيرة أو قليلة (فللأول) الذي غرقت سفينته (بحسب كرائه) لا بحسب الكراء الثاني. فإن غرق بعض ما فيها ونجا البعض فحمله غيره إلى المحل فلا كراء لما غرق، وإنما له كراء ما بقي إلى محل الغرق على حسب الكراء الأول لا بنسبة الثاني. وهذا فيما إذا لم يعقد على الجعالة وهي غير لازمة كما يأتي.

فإن عقدا عليها؛ كما لو قال: إن حملت متاعي هذا أو: كل من حمله إلى القاهرة فله كذا، فحمله إنسان في سفينته فغرقت فحمله غيره بكراء أو جعل فله بحساب الثاني كما يأتي في الجعالة. وسيأتي أيضاً أن ما جاز جعالة جاز إجارة ولا عكس.

(كمشارطة طبيب على البرء) فلا يستحق الأجرة إلا بحصوله، فإن ترك قبل البرء فلا شيء له، إلا أن يتمم غيره فله بحساب كرائه الأول، فإن لم يجعل الأجرة على البرء فله بحساب ما عمل.

(و) مشارطة (معلم على حفظ قرآن) كلاً أو بعضاً، فلا أجرة له إلا بالحفظ وكذا معلم صنعة: على أنه إن تعلمها فللمعلم كذا.

(و) مشارطة (حافر بئر على استخراج الماء) فلا يستحق الحافر أجرة إلا بالتمام واعترض هذا الفرع ابن عبد السلام: بأنه من الجعالة لا من الإجارة، ويجاب: بأنه يمكن جعله من الإجارة إذا كان بأرض مملوكة ودخلا على الإجارة.

(وإن فرط) رب الأمتعة (بعد البلاغ): أي بلاغ السفينة للمحل المقصود (في إخراج ما فيها): أي السفينة من الأمتعة (فتلف) ما فيها بغرق أو غيره (فالكراء) لازم لربها (كأن أخرج) ما فيها (في الأثناء): أي في أثناء الطريق أي أخرجه ربه اختياراً منه (لغير علة) تقتضي الإخراج: أي لغير علة حدثت بالسفينة من غرق أو عطب أو غصب لها، فيلزم ربه جميع الكراء لأنه عقد لازم.

(وجاز إن خيف) عليها (الغرق [2] ما به): أي فعل ما في طرحه منها (النجاة) من الغرق (غير آدمي) وأما الآدمي فلا يجوز طرحه ولو عبداً أو كافراً فلا يجوز طرح ذمي لنجاة مسلم ولا طرح عبد لنجاة حر.

(وبدئ) في الطرح (بما ثقل): كالحديد والرصاص، وبدئ منه بما قل ثمنه كالحجر (أو عظم جرمه) وإن لم يثقل: كالتبن والكتان والقطن.

(ووزع) ما طرح (على مال التجارة فقط): أي دون غيره، كفرش الإنسان وغطائه وزاده مما ليس في التجارة فيه مدخل

ــ

يبدأ ربه واشتركا إن حلفا أو نكلا وقضى للحالف على الناكل بخلاف ما لو اختلفا في لت السويق فقال اللات: أمرتني أن ألته بخمسة أرطال من سمن، وقال ربه: ما أمرتك بشيء أصلاً بل سرق مني أو غصب فلا يحلفان ولا يشتركان، بل يقال لربه: ادفع له قيمة ما ادعاه فإن أبى قيل للات ادفع له مثل السويق غير ملتوت. كذا في الأصل.

قوله: [وهي إجارة لازمة بالعقد لا جعالة]: أي ما لم يصرح عند العقد بالجعالة وإلا كانت جعالة غير لازمة ولها حكم يخصها كما يأتي.

قوله: [فإذا عطبت في أثناء الطريق]: المراد منعها من السفر مانع قهري، وأما لو أخرج ما في السفينة باختياره فأكرى ربه عليه فلا شيء للأول من الأجر، كما أنه لو خرج الراكب في السفينة قبل البلاغ باختياره لزمه جميع الأجر وسيأتي إيضاحه في الشارح.

قوله: [بحسب كرائه] إلخ: أي كما إذا كان كراء، الأول عشرة وغرقت في نصف الطريق فاستأجر عليها بعشرين فليس للأول إلا خمسة، ولو كان له بنسبة الثاني لكان له عشرون.

قوله: [فله بحساب الثاني كما يأتي في الجعالة]: أي في قوله إلا أن يتمه غيره فبنسبة الثاني.

قوله: [وسيأتي أيضاً أن ما جاز جعالة] إلخ: أي في قوله وكل ما جاز فيه الجعل جازت فيه الإجارة ولا عكس.

قوله: [فله بحساب ما عمل]: أي وإن لم يحصل برء به ولا بغيره.

قوله: [فلا أجرة له إلا بالحفظ]: أي فإن لم يجعل الأجرة على الحفظ، بل على التعليم كان له الأجر بحساب ما عمله حصل حفظ أم لا.

قوله: [ويجاب بأنه يمكن] إلخ: أي لما يأتي من أن كل ما جازت فيه الجعالة جازت فيه الإجارة.

قوله: [فيلزم ربه جميع الكراء] إلخ: لا فرق في هذا بين كون العقد جعالة أو إجارة.

قوله: [ما به]: أي فعل ما به النجاة من طرح أو غيره، ومراده بالجواز الإذن الصادق بالوجوب؛ لأن هذا الأمر واجب إذا تحقق العطب بالترك.

قوله: [وأما الآدمي فلا يجوز طرحه]: أي خلافاً للخمي القائل بجواز طرح الآدميين بالقرعة؛ لأن هذا كالخرق للإجماع؛ لأنه لا يجوز إماتة أحد من الآدميين لنجاة غيره.

قوله: [وبدئ في الطرح بما ثقل] إلخ: أي وجوباً لأجل المحافظة على المال لأنه يجب المحافظة بقدر الإمكان.

قوله: [جرمه]: بكسر الجيم أي جسمه.

قوله: [وإن لم يثقل]: أي لأن عظم الشيء يكون سبباً في الغرق.

قوله: [ووزع ما طرح على مال التجارة]: أي إن كان فيها مال تجارة وغيره، وأما إذا لم يكن فيها مال تجارة وإنما فيها ذوات الآدميين وغطاؤهم ووطاؤهم فيرمي الغطاء والوطاء ويوزع على باقي أموالهم على الظاهر.

قوله: [في التجارة فيه مدخل]: هكذا نسخة المؤلف والكلام فيها على التقديم والتأخير والأصل مما ليس فيه مدخل

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (يتم)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.

[2]

زاد بعدها في ط المعارف: (طرح).

ص: 290

(طرح) مال التجارة (أو لا بقيمته) أي بقيمة المطروح متعلق بوزع (يوم التلف): متعلق بقيمته، فيقال: ما قيمة المطروح يوم طرحه؟ فإذا قيل: مائة، وما قيمة ما لم يطرح؟ فإذا قيل مائتان، فصار قيمة الجميع ثلاثمائة فقد ضاع ثلث المال، فيرجع على من لم يطرح ماله بثلث قيمته. ولو قيل بعكس ما تقدم رجع على من لم يطرح ماله بالثلثين؛ ولو كان اثنان لأحدهما ما يساوي ثلاثمائة وللثاني ما يساوي ستمائة، وطرح من الأول ما يساوي مائة ومن الثاني ما يساوي مائتين، فلا رجوع لأحدهما على الآخر؛ لأن ما طرح ثلث الجميع وعلى كل ثلث ما بيده، وقد حصل. ولو كان الطرح بالعكس، بأن طرح لذي الستمائة ما يساوي مائة ولذي الثلثمائة ما يساوي مائتين، لرجع على ذي الستمائة بمائة.

(والقول) عند التنازع (لمن طرح متاعه فيما يشبه) بيمينه، فإن لم يشبه فقول غيره. ولو وجد إنسان ما طرح، فهل يملكه؟ لأنه بطرحه زال ملك ربه عنه، أو لقطة يرد لربه إن علم؟ وهو الأصح.

(فصل)[1]

الجعالة في العرف: (التزام أهل الإجارة): وهو المتأهل لعقدها؛ وهو العاقل (عوضاً علم): خرج المجهول، فلا يصح جعالة ولا إجارة؛ كالبيع، (لتحصيل أمر) من أمور؛ كإتيان بشيء وحمل وحفر، وخرج بذلك البيع، (يستحقه السامع) للملتزم العوض ولو لم يخاطبه (بالتمام) للعمل المطلوب وتمامه: بتحصيل ثمرته. وخرج بذلك الإجارة. ومفهومه أنه إذا لم يتم العمل فلا يستحق شيئاً، وهو كذلك. واستثنى من ذلك المفهوم قوله:(إلا أن يتمه غيره): أي بأجر قل أو كثر بدليل قوله: (فبنسبة الثاني): أي فإن أتمه غيره فللأول من الأجر بنسبة أجر عمل العامل الثاني، ولو كان الثاني أكثر من الأول؛ لأن الجاعل حينئذ قد انتفع بما عمله له الأول، مثاله: أن يجعل للأول خمسة على أن يحمل له خشبة لمكان معلوم، فحملها لنصف الطريق وتركها. فجعل لآخر عشرة على أن يوصلها لذلك المكان فأوصلها؛ فللأول عشرة مثل الثاني لأن الثاني لما استؤجر من نصف الطريق بعشرة علم أن أجرة الطريق كلها عشرون، وكان النظر أن ينظر لكراء المثل لأن رب الخشبة قد يخاف عليها الضياع

ــ

في شأن التجارة.

قوله: [طرح مال التجارة]: هكذا لفظ المتن والشرح في نسخة المؤلف ولعل المتن سقط منه ما والأصل ما طرح وسقط من الشارح من الأصل ووزع على مال التجارة فقط ما طرح من مال التجارة أولاً، وبعد ذلك فلا مفهوم لمال التجارة بل يوزع على مال التجارة ما طرح للنجاة كان من مال التجارة أو غيره فتأمل.

قوله: [ولو قيل بعكس ما تقدم]: أي بأن قيل قيمة المطروح مائتان وقيمة ما لم يطرح مائة.

قوله: [رجع على من لم يطرح ماله بالثلثين]: أي فيصير الباقي لكل ثلث ماله.

قوله: [وهو الأصح]: أي لأن الطرح أمر قهري فليس صاحبه معرضاً عنه اختياراً.

فصل في الجعالة

أفرده عن الإجارة لاختصاصه ببعض أحكام.

والجعالة بفتح الجيم وكسرها وضمها ما يجعل على العمل وهو رخصة فهو أصل منفرد لا يقاس عليه، وقد أنكره جماعة من العلماء ورأوا أنه من الغرر والخطر؛ ورد عليهم بوروده في قوله تعالى:{ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} [يوسف: 72] مع العمل من كافة المسلمين، وقوله عليه الصلاة والسلام يوم حنين:«من قتل قتيلاً فله سلبه» .

قوله: [في العرف]: أي وأما في اللغة فهو المال المجعول.

قوله: [التزام أهل الإجارة]: قد تقدم أنه أحال عاقد الإجارة على البيع وأحال الجعل هنا على الإجارة؛ لأن الجعل للإجارة أقرب. وأشار إلى أن الأصل في بيع المنافع الإجارة والجعل تابع لها.

قوله: [وهو العاقل]: أي المكلف الرشيد الطائع، وهذا شرط في اللزوم لدافع العوض.

وأما أصل الصحة فيتوقف على التمييز وتقدم ذلك في باب الإجارة واكتفى بشرط الجاعل عن شرط المجعول له؛ لأن ما كان شرطاً في الجاعل كان شرطاً في المجعول له فاكتفى بأحد المتعاقدين، وإلا لقال عوضاً وعملاً ليكون قوله التزام إلخ شرطاً في المجعول له أيضاً.

قوله: [علم]: أي قدره وباقي صفاته التي تميزه وهذا شامل للعين وغيرها، وإنما نص على علم العوض دون غيره من بقية شروطه مثل كونه طاهراً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه لدفع توهم عدم اشتراط علمه لحصول الصحة بالعوض المجهول كما لا يشترط العلم بالمجاعل عليه، بل تارة يكون مجهولاً كالآبق فإنه لا بد في صحة الجعل على الإتيان به من عدم علم مكانه كما يأتي، وتارة يكون معلوماً كالمجاعلة على حفر بئر فإنه يشترط فيه خبرة الأرض ومائها. كذا في حاشية الأصل.

قوله [وخرج بذلك البيع]: أي بقوله لتحصيل أمر؛ لأن التحصيل فعل من الأفعال لا ذات والبيع في الذوات.

قوله: [يستحقه السامع]: أي ولو بواسطة ولو حددت الوسائط إن ثبت أن الجاعل وقع منه ذلك، وقوله: يستحقه في قوة الحصر، أي لا يستحقه إلا بالتمام.

قوله: [وهو كذلك]: أي: وكان القياس أن له أجر عمله جرياً على الإجارة، ولكن جاءت السنة بعدم لزوم أجرة عمل لم يتم في الجعالة، وبقيت الإجارة على حالها.

قوله: [فبنسبة الثاني]: هذا الذي قاله المصنف قول مالك وقال ابن القاسم له قيمة عمله.

قوله: [أن ينظر لكراء المثل]: أي كما

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

زاد بعدها في ط المعارف: (في الجعالة).

ص: 291

وهي تساوي ألفاً فيجعل لمن يأتي بها العشرين والمائة فتأمل. وقوله: "بنسبة الثاني" أي بخلاف

السفينة بالمحاسبة فيها بنسبة الكراء الأول كما تقدم لأن الكراء فيها لازم بخلاف الجعالة.

(وركنها): أي الجعالة أي أركانها أربعة (كالإجارة): العاقد، والمعقود عليه، وبه، وما [1] يدل من صيغة.

(وشرطها): أي شرط صحتها أمران: الأول: (عدم شرط النقد) للجعل فشرط النقد يفسدها للتردد بين السلفية والثمنية وأما تعجيله بلا شرط فلا يفسدها. (و) الثاني: عدم شرط (تعيين الزمن) بأن شرط عدم التعيين أو سكت عنه فإن شرط تعيينه، كإن تأتني بالآبق أو تحفر لي البئر أو نحو ذلك في مدة كذا فسدت؛ لأن العامل لا يستحق الجعل إلا بتمام العمل، فقد ينقضي الزمن قبل التمام فيذهب عمله باطلاً ففيه زيادة غرر، مع أن الأصل فيها الغرر. وإنما أجيزت لإذن الشارع بها.

(إلا بشرط الترك متى شاء): أي أن محل كون شرط تعيين الزمن مفسداً ما إذا لم يشترط العامل أن له الترك متى شاء، فإن شرط ذلك أو شرط له ذلك لم تفسد؛ لأنه قد رجع فيها حينئذ لأصلها من عدم تعيين الزمان: أي من حيث إنه قد صار تعيينه ملغى. واشترط ابن رشد في نحو الآبق أن لا يكونا عالمين بمحله، ومن علمه دون صاحبه فهو غار، فإن علم العامل فله الأقل من قيمة عمل مثله والمسمى ولم يشترط ذلك اللخمي.

(ولكليهما الفسخ) قبل الشروع في العمل؛ لأن عقدها ليس بلازم. (ولزمت الجاعل فقط) دون العامل (بالشروع) في العمل. وتقدم أن الجعل يستحقه السامع بالتمام.

(ولمن لم يسمع) قول الجاعل: من أتاني بعبدي أو بعيري أو نحو ذلك، فله كذا. وهو صادق بصورتين: أن يقع من الجاعل قول بذلك ولم يسمعه هذا الذي أتى به من القائل ولا بالواسطة، وبما إذا لم يقع منه قول أصلاً. ففي الصورتين. (جعل مثله إن اعتاده): أي كان عادته الإتيان بالأباق أو غيرها؛ فالمعنى أن من اعتاد جلب ما ضل إذا أتى بشيء منها فله جعل مثله إذا لم يسمع ربها فإن سمعه فله ما سمى. (ولربه): أي الآبق مثلاً (تركه له): أي للعامل الذي شأنه طلب الضوال إن لم يلتزم ربه له جعل المثل. فإن التزم له الجعل لزمه فله أن يتركه له سواء كانت قيمته قدر جعل المثل أو أكثر أو أقل.

ــ

هو قول ابن القاسم.

قوله: [وهي تساوي ألفاً]: أي والحال أن تلك الخشبة تساوي ألفاً، أي: وشأن الشيء الغالي إذا كان في مضيعة يكرى عليه بالأثمان الغالية فكيف يقاس عليه الكراء الأول؟ هذا مراد الشارح.

قوله: [بخلاف الجعالة]: أي فلما كان عقدها منحلاً من جانب العامل بعد العمل صار تركه للإتمام إبطالاً للعقد من أصله وصار الثاني كاشفاً لما يستحقه الأول كما ذكره الشراح.

قوله: [العاقد]: أي وتحته شخصان الجاعل والمجاعل.

وقوله: [والمعقود عليه]: هو تحصيل الشيء المطلوب.

وقوله: [وبه]: هو العوض.

وقوله: [من صيغة]: بيان لما يدل ولا يشرط فيها اللفظ كالإجارة.

قوله: [وشرطها]: أي الجعالة المحتوية على تلك الأركان.

قوله: [للتردد بين السلفية والثمنية]: أي والتردد بينهما من أبواب الربا؛ لأنه سلف جر نفعاً احتمالاً.

قوله: [فإن شرط تعيينه]: أي أو كان العرف تعيينه؛ لأن العرف كالشرط.

قوله: [لأن العامل] إلخ: تعليل لوجه الفساد.

قوله: [لإذن الشارع بها]: أي: ورود النص فيها بالخصوص كما تقدم.

قوله: [فإن شرط ذلك]: تأمل في هذا القيد، فإن العامل له الحل عن نفسه مطلقاً اشترط له الحل أم لا، فكيف يصح عند الشرط ويفسد عند السكوت عليه؟ وأجاب عنه الخرشي بأن المجعول له عند عدم الشرط دخل على التمام، وإن كان له الترك وحينئذ فغرره قوي، وأما عند الشرط فقد دخل ابتداء على أنه مخير فغرره خفيف. اهـ.

قوله: [فله الأقل] إلخ: هذا خلاف ما قاله ابن القاسم، إنما الذي قاله ابن القاسم أن له بقدر تعبه، وقيل: لا شيء له فإن علمه ربه فقط لزمه الأكثر مما سمى وجعل المثل، وإن علماه معاً فينبغي أن له جعل مثله نظراً لسبق الجاعل بالعداء.

قوله: [ولكليهما الفسخ]: أي الترك لأن العقد غير اللازم لا يطلق على تركه فسخ إلا بطريق التجوز، إذ حق الفسخ إنما يستعمل في ترك الأمر اللازم والعلاقة المشابهة في الجميع.

قوله: [ولزمت الجاعل]: المراد به ملتزم الجعل لا من تعاطى عقده فقط كالوكيل الذي لم يلتزم جعلاً وظاهره اللزوم للجاعل بالشروع ولو فيما لا بال له.

قوله: [ولا بالواسطة]: عطف على محذوف تقديره لا بنفسه لا بالواسطة.

قوله: [بالإباق]: بتشديد الباء جمع آبق.

قوله: [أو غيرها]: أي كالإتيان بالضوال.

قوله: [فإن سمعه فله ما سمى]: أي كان قدر جعل المثل أو لا كان عادته طلب الإباق أو لا.

قوله: [فله أن يتركه] إلخ: جواب الشرط الذي هو قوله إن لم يلتزم

إلخ.

وقوله: [فإن التزم له الجعل لزمه]: شرط وجواب معترض بين الشرط وجوابه فالأولى إسقاطه من هنا لإيهامه خلاف المراد مع كونه سيأتي في آخر العبارة ما يفيده.

واختلف إذا التزم ربه جعلاً ولم يسمعه الآتي به فهل كذلك لربه تركه لمن جاء به عوضاً عما يستحقه؟ وهو ما قاله الأجهوري ونازعه (ر) بأن له في هذه الحالة جعل مثله إن اعتاد طلب الإباق وإلا فالنفقة وليس

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

في ط المعارف: (ما).

ص: 292