الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب)
في الإعارة
وأحكامها
(الإعارة): أي حقيقتها عرفاً، وهي مأخوذة من التعاور بمعنى التداول أو من العرو بمعنى الإصابة والعروض، يقال: اعتراه كذا: بمعنى أصابه وعرض له أو بمعنى الخلو، يقال: عرا عنه بمعنى خلا وأنكر على من قال: إنها من العار.
(تمليك منفعة): خرج البيع؛ لأنه تمليك ذات، وكذا الهبة والصدقة والقرض (مؤقتة) بزمن أو فعل نصاً أو عرفاً (بلا عوض): خرجت الإجارة والحبس المطلق. وأما المؤقت بناء على المشهور من أنه يجوز في الحبس التوقيت، فهو وارد عليه إلا أن يقال: المراد مؤقتة أصالة؛ فالأصل في العارية التوقيت، فلذا جعل فصلاً منها، والأصل في الحبس الدوام؛ ولذا اختلف فيه إذا وقت هل يصح؟ والراجح الصحة (وهي مندوبة) أي الأصل فيها الندب؛ لأنها من التعاون على الخير والمعروف.
(والعارية) بتشديد الياء: هي الشيء (المعار): أي المملك منفعته.
(وركنها): أي أركانها أربعة: معير، ومستعير، ومستعار، وما دل عليها من لفظ أو غيره.
فالأول (معير وهو مالك المنفعة) ولو لم يملك الذات (بلا حجر) عليه خرج الصبي والسفيه والرقيق ولو مأذوناً له في التجارة؛ لأنه إنما أذن له في التصرف بالعوض خاصة: نعم يجوز له إعارة ما قل عرفاً إن استأنف به للتجارة؛ لأنه من توابعها على ما سيأتي،
ــ
تتمة: إن تنازع الوديعة شخصان فقال المودع -بالفتح- هي لأحدكما ونسيته قسمت بينهما إن حلفا أو نكلا، وقضي للحالف على الناكل وإن أودع شخصين وغاب المودع بالكسر وتنازعا فيمن تكون عنده جعلت بيد الأعدل والضمان عليه إن فرط فإن تساويا في العدالة قسمت بينهما إن قبلت القسم وإلا فالقرعة.
باب في الإعارة
لما كان بين العارية الوديعة مناسبة، من جهة أن كلاً يثاب فاعله؛ لأن المودع - بالفتح - يثاب على الحفظ والمعير - بالكسر - يثاب على الفعل؛ لأن كلاً فعل معروفاً وهو صدقة أعقبها بها.
قوله: [وهي مأخوذة]: أي العارية - لا بالمعنى الأول - بل بالمعنى اللغوي؛ ففي كلام الشارح استخدام. قوله: [من التعاور] إلخ: أي فهي واوية فأصل عارية عورية بفتحات تخفف باؤها وتشدد تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً. قوله: [أو من العرو]: أي كما قال الشاعر:
وإني لتعروني لذكراك هزة
…
كما انتفض العصفور بلله القطر
فأصلها عارووة بوزن فاعولة؛ قلبت الواو الثانية ياء لتطرفها والتاء في نية الانفصال فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء هذا في المشددة وأصل المخففة عاروة فاعلة أبدلت الواو ياء لتطرفها.
قوله: [وأنكر على من قال إنها من العار]: إنما أنكر عليه؛ لأن فعلها أمر مندوب والمستعير إن كان محتاجاً فليس عليه عار، والعار في المستقبح شرعاً وهذه ليست كذلك، ولأنها لو كانت من العار لكانت يائية، وقيل: القوم يتعيرون مع أنهم قالوا يتعاورون أي يعير بعضهم بعضاً، وأصلها عليه عيرة على وزن فعلة تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً.
قوله: [خرج البيع؛ لأنه تمليك ذات] إلخ: أي وخرج أيضاً تمليك الانتفاع؛ لأن ملك المنفعة أعم من ملك الانتفاع، كأن توقف بيتاً على طلبة العلم يسكنونه ففيه تمليك انتفاع وليس فيه تمليك منفعة؛ لأن الانتفاع يكون بنفسه فقط وليس له أن يؤاجره ولا أن يعيره لغيره، والمنفعة أعم من الانتفاع؛ لأن له فيها الانتفاع بنفسه أو بغيره كأن يعيره أو يؤاجره.
قوله: [خرجت الإجارة]: أي بقوله بلا عوض.
وقوله: [والحبس المطلق]: أي بقوله: "مؤقتة"، ففي كلامه لف ونشر مشوش.
قوله: [إلا أن يقال المراد] إلخ: أي أو يقال إنه خارج بتمليك المنفعة، فإن الحبس فيه تمليك انتفاع لا منفعة. قال في الحاشية: فإن قلت إذا حبس بيوتاً على طلبة العلم لأجل أن ينتفعوا بأجرتها فهل هو من تمليك المنفعة أو الانتفاع؟ قلت: الظاهر أنه من تمليك الانتفاع، فحينئذ يراد بالانتفاع ما يشمل الانتفاع بالبيوت أو بأجرتها اهـ.
قوله: [وهي مندوبة]: أي إن وقعت من مالك الذات والمنفعة، أو من مالك المنفعة إن جعل ذلك له. قال (شب): وقد يعرض وجوبها: كغنى عنها لمن يخشى بعدمها هلاكه. وحرمتها: ككونها تعينه على معصية، وكراهتها ككونها تعينه على مكروه، وتباح لغنى عنها وفيه نظر لاحتمال كراهتها في حقه. قال سيدي أحمد بابا: ولو قال: وتباح لغني عنها في الحال، ولكن بصدد الاحتياج إليها ثانياً لانتفي النظر.
قوله: [والعارية بتشديد الياء]: لأن ياءها للنسبة لأحد المعاني المتقدمة.
قوله: [أي أركانها]: إنما قال ذلك إشارة إلى أن ركنه مفرد مضاف فيعم.
قوله: [ولو لم يملك الذات]: أي والندب وعدمه شيء آخر كما سيوضحه الشارح عند قول المتن وإن بإعارة.
قوله: [خرج الصبي والسفيه]: أي وكذا يخرج المريض إذا أعار عارية قيمة منافعها أزيد من ثلثه.
قوله: [على ما سيأتي]: المناسب على ما تقدم، فإن هذه المسألة تقدمت
وخرج أيضاً من حجر عليه المالك صريحاً أو ضمناً كما لو قامت قرينة على ذلك، نحو قوله: لولا أخوتك ما أعرتك إياه، وخرج الفضولي فإنه ليس بمالك لشيء، (وإن) كان مالكاً لها (بإعارة) ولا حجر عليه كما تقدم، فتصح إعارته وإن كان لا ينبغي له ذلك (أو إجارة) فتصح إعارته لها في مثل ما استأجرها له ركوباً أو حملاً أو غيرهما.
(و) الثاني: (مستعير: وهو من تأهل): أي إن كان أهلاً (للتبرع عليه) بتلك المنفعة (لا مسلم) ولو عبداً لكافر (أو مصحف) أو كتب أحاديث (لكافر) إذ الكافر ليس أهلاً لأن يتبرع عليه بذلك وكذا آلة الجهاد إذا كان حربياً.
(و) الثالث: (مستعار: وهو ذو منفعة مباحة) من عرض أو حيوان أو عقار ينتفع به (مع بقاء عينه) ليرد لربه بعد الانتفاع به لإطعام أو شراب ليؤكل أو يشرب فإن فيه ذهاب عينه بذلك.
(لا) تعار جارية (للاستمتاع بها) من وطء أو غيره لعدم إباحة ذلك أو خدمتها لغير محرم؛ لأنه يؤدي إلى ذلك. ولا يعار رقيق لمن يعتق عليه.
(والعين): أي النقد من دنانير أو دراهم (والطعام) والشراب إن وقعت وأعطيت للغير وإن بلفظ العارية (قرض) لا عارية؛ لأن حقيقة العارية ما ردت عينها لربها بعد الانتفاع بها، وفي الانتفاع بما ذكر ذهاب العين فيضمنه ولو قامت بينة بهلاكه.
(و) الرابع: (ما يدل عليها) من صيغة لفظية كأعرتك أو غيرها، كإشارة ومناولة مما يدل على الرضا.
(وجاز) أن يقول: (أعني بغلامك) مثلاً في هذا اليوم أو الشهر (لأعينك) في غد مثلاً بغلامي أو دابتي (وهي) حينئذ (إجارة) لا إعارة؛ لأنها منافع بمنافع وسواء اتحد نوع المعار فيه أو اختلف، كبناء وحصاد، وسواء اتحد الزمن فيهما أو اختلف، فيشترط فيها تعين الزمن أو العمل كالإجارة.
(وضمن) المستعير (ما يغاب عليه) كالحلي والثياب مما شأنه الخفاء إن ادعى ضياعه إلا لبينة على ضياعه بلا سببه، بخلاف ما لا يغاب عليه كالحيوان والعقار (ولو شرط نفيه): أي نفي الضمان عن نفسه (على الأرجح) وقيل: إن شرط نفيه أفاده فلا ضمان عليه وأشار الشيخ لهما بالتردد (لا غيره) أي لا يضمن غير ما يغاب عليه كالحيوان.
ــ
في الحجر.
قوله: [من حجر عليه المالك]: أي ويسمى بالحجر الجعلي.
قوله: [لولا أخوتك]: بضم الهمزة والخاء وتشديد الواو مفتوحة. قوله: [وإن كان لا ينبغي له]: أي يكره إن لم يكن حجر عليه ولا أباح له بأن سكت.
قوله: [لا مسلم]: أي لما فيه من الإذلال.
قوله: [أو مصحف أو كتب أحاديث]: أي وكذلك الأواني يستعملها أهل الفسوق كخمر، والدواب تركب لإيذاء المسلمين ونحو ذلك من كل ما استلزم أمراً ممنوعاً.
قوله: [لإطعام أو شراب]: محترز قوله مع بقاء عينه.
قوله: [لا تعار جارية]: أي لا يجوز إعارة جارية للوطء، فإن وقعت كانت باطلة ويجبر على إخراجها، فإن وطئها بالفعل قبل إخراجها فلا يحد للشبهة وتقوم على الواطئ جبراً عليه.
قوله: [أو خدمتها لغير محرم]: بفتح فسكون. أي فلا يجوز أيضاً، ويجبر المستعير على إخراجها من تحت يده بإجارة.
قوله: [ولا يعار رقيق لمن يعتق عليه]: أي لخدمة من يعتق عليه، سواء كان الرقيق ذكراً أو أنثى، وإنما منع إعارته لذلك؛ لأن ملك المنفعة يتبع ملك الذات، وهو لا يملك الذات، وهذا في غير الإعارة للرضاع، وأما له فتجوز الإعارة والإجارة. والحاصل: أن الرضاع تستوي فيه الإعارة والإجارة في الجواز لا فرق بين حرة وأمة. وأما الخدمة في غير الرضاع فتمتنع الإعارة والإجارة فيها لا فرق بين حر ورقيق؛ فلا يجوز للولد استخدام والده أو والدته في غير الرضاع كما هو مأخوذ من كلام ابن عرفة كما في (بن).
قوله: [مما يدل على الرضا]: أي فكل ما يدل على تمليك المنفعة بغير عوض كاف، لكن لا تلزم العارية بما يدل عليها إلا إذا قيدت بعمل أو أجل كما يأتي للمصنف، أو لم تقيد وجرت العادة فيها بشيء وإلا لم تلزم.
قوله: [فيشترط فيها تعيين الزمن] إلخ: أي فيجوز للشخص أن يقول لآخر: أعني بغلامك اليوم مثلاً على أن أعينك بغلامي مثلاً غداً، ويكون ذلك إجارة لا عارية؛ أجاز ذلك ابن القاسم ورآه من الرفق بشرط أن يكون ما يقع به التعاون معلوماً بينهم وأن يقرب العقد من زمن العمل، فلو قال له أعني: بغلامك أو بثورك غداً على أن أعينك بغلامي أو بثوري بعد شهر ونصف مثلاً لم يجز، بخلاف ما لو كان التأخير نصف شهر فأقل فيجوز، وإنما منع في أزيد من شهر؛ لأنه نقد في منافع معينة يتأخر قبضها وذلك غير جائز، ولا يقال إن هذه العلة موجودة فيما إذا كان بين العقد والعمل أقل من ذلك؛ لأننا نقول اغتفر ذلك للضرورة، وإن كانت العلة موجودة كما يؤخذ من الخرشي والحاشية.
قوله: [وضمن المستعير ما يغاب عليه]: أي فالعارية كالرهن في التفصيل.
قوله: [إلا لبينة على ضياعه]: أي لأن ضمان العواري ضمان تهمة ينتفي بإقامة البينة على المشهور، خلافاً لأشهب حيث قال: إن ضمان العواري ضمان عداء لا ينتفي بإقامة البينة.
قوله: [وأشار الشيخ لهما بالتردد]: أي فهو تردد في النقل؛ فقد عزا في العتبية الأول لابن القاسم وأشهب، وعزا المازري واللخمي
(ولو شرطه) عليه المعير.
(والقول له): أي للمستعير (في التلف أو الضياع) فيما لا يغاب عليه، فيصدق ولا ضمان عليه (إلا لقرينة كذبه) كأن يقول: تلف أو ضاع يوم كذا، فتقول البينة: رأيناه معه بعد ذلك اليوم، أو تقول الرفقة التي معه في السفر: ما سمعنا ذلك ولا رأيناه (وحلف ما فرط) إن ادعى عليه أنه إنما حصل التلف أو الضياع أو العيب الذي قام به بتفريطه، سواء كان مما يغاب عليه أم لا، كسوس وقرض أرضة أو فأر أو بلل أو دهن أو حبر أو نحو ذلك بالمستعار كثوب وكتاب.
(و) القول له (في رد ما لم يضمن) لربه وهو ما لا يغاب عليه كالحيوان (إلا لبينة مقصودة) أشهدها المعير عند الإعارة لخوف ادعاء المستعير الرد، فحينئذ لا يقبل قوله بردها إلا لبينة تشهد له بردها لربها.
(وفعل) المستعير، أي جاز له أن يفعل الفعل (المأذون) له فيه (و) أن يفعل (مثله) كأن استعارها ليركبها لمكان كذا فركبها إليه من هو مثله، أو ليحمل عليها إردب فول فحمل عليها إردب قمح، وأما الذهاب بها في مسافة أخرى مثل ما استعارها لها فلا يجوز، ويضمن إن عطبت كالإجارة على قول ابن القاسم وهو الأرجح. (لا أضر) مما استعارها له؛ فلا يجوز ثم تارة يحمل عليها ما تعطب بمثله وتارة ما لم تعطب به.
وفي كل: إما أن تعطب وإما أن تتعيب وإما أن تسلم (فإن زاد ما تعطب به وعطبت فله): أي لربها (قيمتها) وقت الزيادة عليها؛ لأنه وقت التعدي (أو كراؤه): أي كراء الزائد فقط، وخيرته تنفي ضرره.
(وإلا): بأن زاد ما لا تعطب به وعطبت أو تعيبت أو سلمت، أو ما تعطب به وسلمت (فالكراء): أي كراء الزائد فقط في الأربع صور.
وبقي السادسة: وهي ما إذا زاد ما تعطب به فتعيبت أشار لحكمها بقوله: (فلو تعيبت) فيما إذا زاد عليها ما تعطب به (فالأكثر من الكراء) للزائد (وقيمة العيب) أي أرشه يلزم المستعير. والكلام في زيادة الحمل، وأما المسافة فكالإجارة، فإن عطبت ضمن قيمتها، وإن سلمت فكراء الزائد، وإن تعيبت فالأكثر من كراء الزائد وأرش العيب.
ــ
الثاني لابن القاسم أيضاً، وعلى كلا القولين لا يفسد عقد العارية بهذا الشرط، وقيل إن شرط نفي الضمان فيما يغاب عليه يفسد العقد ويكون للمعير أجرة ما أعاره.
قوله: [ولو شرطه عليه المعير]: رد ب "لو" على مطرف كما في المواق حيث قال: إذا شرط المعير الضمان لأمر خافه من طريق مخوفة أو نهر أو لصوص أو نحو ذلك، فالشرط لازم إن هلكت بالأمر الذي خافه، وشرط الضمان من أجله. والمعتمد أنه لا ضمان ولا عبرة بشرطه ولو لأمر خافه كما في الحاشية، وحيث لم يضمن الحيوان ضمن لجامه وسرجه. بخلاف ثياب العبد فإنه لا يضمنها؛ لأنه حائز لما عليه كما في التوضيح عن اللخمي، وفي (بن) عن ابن يونس: إذا أرسل المستعير العارية من الدواب مع عبده أو أجيره فعطبت أو ضلت فلا ضمان عليه؛ لأن الناس هكذا يفعلون وإن لم يعلم ضياعها أو تلفها إلا من قول لرسول.
قوله: [وحلف ما فرط]: أي ويبرأ ويأخذ منه أنه يجب عليه تعهد العارية، وكذا يجب على المرتهن والمودع تعهد ما في أماناتهم مما يخاف عليه ترك التعهد؛ لأن هذا من باب صيانة المال وإن لم يفعل ذلك عد مفرطاً وضمن كما في الحاشية.
قوله: [أي جاز له]: إنما قال ذلك ولم يقل: طلب منه فعل المأذون فيه ومثله؛ لأن المأذون فيه ومثله لا يطلب بفعله، إنما هو حق مباح له إن شاء فعله وإن شاء تركه.
قوله: [فلا يجوز]: الحاصل أن المعتمد أن المراد بالمثل الذي يباح للمستعير فعله المثل في المحمول لا في المسافة فإنه ممنوع فعله هنا كالإجارة على المعتمد لما في كل منهما من فسخ المنافع في مثلها وهو فسخ دين في دين.
قوله: [لا أضر مما استعارها له]: أي ولو كان ذلك الإضرار أقل في الوزن أو المسافة.
قوله: [ثم تارة يحمل عليها] إلخ: اعلم أن الصور ست؛ لأنه؛ إن زاد ما تعطب به، فتارة تعطب، وتارة تتعيب، وتارة تسلم؛ وإن زاد ما لا تعطب به، فكذلك. وقد تكفل بتفصيل أحكامها الشارح.
قوله: [أي كراء الزائد فقط]: ومعرفة ذلك أن يقال: كم يساوي كراؤها فيما استعارها له؟ فإذا قيل: عشرة، قيل وكم يساوي كراؤها فيما حمل عليها؟ قيل: خمسة عشر، دفع إليه الخمسة الزائدة على كراء ما استعيرت له.
قوله: [والكلام في زيادة الحمل]: الفرق بين زيادة الحمل والمسافة أن زيادة المسافة محض تعد مستقلاً منفصلاً؛ بخلاف زيادة الحمل فإنه مصاحب للمأذون فيه.
قوله: [وأما المسافة فكالإجارة] إلخ: أجمل هنا في تفصيل أحكامها، وقد أوضح بعض ما أجمله فيما سيأتي: فإن قوله هنا فإن عطبت ضمن قيمتها. ظاهره تعين القيمة وليس كذلك، بل يخير فيها وفي أخذ كراء الزائد كما يأتي.
وقوله: [وإن سلمت فكراء الزائد]: ظاهره كانت تعطب بمثله أم لا مع أنه سيأتي أنه مخصوص باليسير، وأما الكثير فكالعطب.
وقوله: [وإن تعيبت فالأكثر] إلخ: نص عليه هنا ولم ينص عليه فيما يأتي.
والحاصل: أن المأخوذ من هنا ومن هناك أنه إن تعدى المسافة المستعير أو المستأجر بيسير وسلمت فالكراء، وأما إن عطبت أو تعدى بكثير مطلقاً عطبت أو سلمت
(ولزمت) الاستعارة (المقيدة بعمل): كطحن إردب أو حمله لكذا أو ركوب له (أو أجل): كأربعة أيام أو أقل أو أكثر (لانقضائه) أي العمل أو الأجل، فليس لربها أخذها قبله، سواء كان المستعار أرضاً لزراعة أو سكنى أو لوضع شيء بها أو كان حيواناً لركوب أو حمل أو غير ذلك أو كان عرضاً.
(وإلا) يكن تقييد بعمل أو أجل بل أطلقت (فلا) تلزم، ولربها أخذها متى شاء ولا يلزم قدر ما تراد لمثله عادة على المعتمد، وما مشى عليه الشيخ ضعيف.
(وإن زعم) شخص (أنه مرسل) بأن قال: أرسلني فلان (لاستعارة نحو حلي) منكم له فصدق ودفع له ما طلب فأخذه (وتلف): أي ادعى أنه تلف منه (ضمنه المرسل) له (إن صدقه) في إرساله.
(وإلا) يصدقه (حلف) أنه ما أرسله (وبرئ وضمن الرسول) ولا يحلف (إلا لبينة) تشهد له أنه أرسله فلان فالضمان حينئذ على من أرسله، ولا عبرة بيمينه الذي حلفه (وإن اعترف) الرسول (بالتعدي) وأنه لم يرسله أحد (ضمن إن كان رشيداً) لا صبياً ولا سفيهاً إذ لا ضمان عليهما (أو) كان (عبداً): أي رقيقاً في ذمته فلا يباع لذلك بل يتبع به (إن عتق ما لم يسقطه) عنه (السيد) قبل عتقه وإلا سقط ولا يتبع بعده.
(ومؤنة أخذها): أي العارية من محل ربها إن كان يحتاج لمؤنة (و) مؤنة (ردها على المستعير والعلف) وهي عند المستعير (على ربها) لا على المستعير وقيل على المستعير والقولان ذكرهما الشيخ بلا ترجيح.
ــ
خير في الكراء وفي القيمة، وإن تعيبت بالتعدي الكثير أو اليسير فالأكثر من كشراء الزائد وأرش العيب؛ فالكراء في صورة واحدة، والتخيير بين القيمة والكراء في ثلاث والأكثر من أرش العيب والكراء في صورتين، ولو اقتصر على تلك التفاصيل هنا وتركها مما سيأتي لكان أحسن.
تنبيه: لو تعدى المستعير للركوب بنفسه وأردف معه شخصاً آخر فحكمه في التفصيل حكم زيادة الحمل. ثم إن علم الرديف بالتعدي كان لصاحب الدابة غريمان يتبع أيهما شاء حيث كان الرديف رشيداً، وإن لم يعلم بالتعدي فلا يتبع الرديف إلا إن أعدم المردف وكان الرديف رشيداً.
قوله: [ولزمت الاستعارة المقيدة] إلخ: ابن عرفة، اللخمي: إن أجلت العارية بزمن أو انقضاء أجل لزمت إليه، وإن لم تؤجل ك: أعرتك هذه الأرض أو هذه الدابة أو الدار، أو هذا العبد، أو الثوب، ففي صحة ردها ولو بقرب قبضها ولزوم قدر ما تعار إليه. وثالثها: إن أعاره لسكن أو غرس أو يبني فالثاني وإلا فالأول، الأول لابن القاسم فيها مع أشهب، والثاني لغيرهما؛ والثالث لابن القاسم في الدمياطية. اهـ.
قوله: [على المعتمد]: أي الذي هو قول ابن القاسم مع أشهب.
قوله: [وما مشى عليه الشيخ ضعيف]: أي حيث قال: وإلا فالمعتاد، فقد مشى على قول غير ابن القاسم وأشهب. وأجيب عنه بأن محل قوله: وإلا فالمعتاد فيما أعير للبناء أو الغرس فإن المعير يلزمه المعتاد إذا لم يدفع للمستعير ما أنفقه وإلا فله الرجوع إن دفع له ما أنفق من ثمن الأعيان، وفي المدونة أيضاً: إن دفع له قيمة ما أنفقه، وهل ما في الموضعين خلاف أو وفاق بحمل دفع القيمة إن لم يشتر الكلف بأن كانت من عنده أو عند طول زمن البناء أو الغرس، أو إن كان اشتراء الأعيان بغبن كثير؟ تأويلات أربعة: واحد بالخلاف، وثلاثة بالوفاق.
قوله: [فصدق]: هكذا نسخة المؤلف من غير ضمير فيكون مبنياً للمفعول.
قوله: [ضمنه المرسل له]: أي حيث لم تقم بينة على تلفه بغير تفريطه وإلا فلا ضمان على أحد.
قوله: [ولا يحلف]: أي لا يؤمر بحلف مع الضمان خلافاً للخرشي القائل إنه يحلف ولا يضمن. ومحل ضمان الرسول إن كان مما يغاب عليه كما هو الموضوع وإلا فلا ضمان إلا إذا اعترف بالتعدي.
قوله: [فلان]: الأولى حذفه.
قوله: [ولا عبرة بيمينه الذي حلفه]: هذا الكلام خال من التحرير على مقتضى الدعاوى، فإن مقتضاها كما يأتي في الشهادات أنه يسأل المرسل فإن أنكر الإرسال قيل للرسول: ألك بينة؟ فإن قال: نعم، أقامها وعمل بمقتضاها ويغرم المرسل من غير يمين يحلفها المرسل، وإن عجز الرسول عن البينة حلف المرسل وبرئ وغرم الرسول، فإن ادعى الرسول بينة بعد حلف المرسل فلا تقبل منه إلا بدعوى النسيان أو البعد أو نحو ذلك من المسائل التي تقدمت في باب الصلح فليتأمل.
قوله: [إذ لا ضمان عليهما]: أي ويضيع المال على المعير لتفريطه.
قوله: [ضمن إن كان رشيداً]: أي كان مما يغاب عليه أولاً.
قوله: [أو عبداً]: أي واعترف بالتعدي وهو عبد فلا يكون جناية في رقبته بل في ذمته.
قوله: [وقيل على المستعير]: أي؛ لأن ربها فعل معروفاً فلا يليق أن يشدد عليه. والمعتمد من القولين أن علفها على ربها. بخلاف العبد المخدم فإن مؤنته على مخدمه بالفتح كما في الحاشية، وقول المصنف والعلف هو بفتح اللام ما يعلف به وأما بالسكون وهو تقديم الطعام للدابة فهو على المستعير قولاً واحداً.