الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب)
ذكر فيه أحكام الوصية وما يتعلق بها
(الوصية مندوبة) ولو لصحيح؛ لأن الموت ينزل فجأة. ويعرض لها بقية الأحكام لما فيها [1] من زيادة الزاد للميت.
(وركنها): الذي تتوقف عليه (موص: وهو الحر): فالعبد ولو بشائبة لا تصح وصيته. (المالك) للموصى به ملكاً تاماً. فمستغرق الذمة وغير المالك للموصى به لا تصح وصيتهما. وليس المراد مالك أمر نفسه بدليل ما بعده [2].
(المميز): لا مجنون وسكران وصبي لا تمييز عندهم حال الإيصاء. وتصح من السكران المميز، ومن الحر المالك:(وإن سفيهاً وصغيراً): مميزاً لأن الحجر عليهما لحق أنفسهما فلو منعا منها لكان الحجر عليهما لحق غيرهما.
(أو) إن كان (كافراً): فتصح وصيته ما لم يوص لمسلم بنحو خمر.
(وموصى به: وهو ما ملك أو استحق؛ كولاية في قرية، غير زائد على ثلثه وموصى له: وهو ما صح تملكه) للموصى به (وإن) كان الموصى له (كمسجد) ورباط وقنطرة (وصرف) الموصى به (في مصالحه): من مرمة وحصر وزيت وما زاد على ذلك فعلى خدمته من إمام ومؤذن ونحوهم، احتاجوا أم لا. كما إذا لم يحتج المسجد لشيء مما ذكر فلهم وتصح لمن يملك - ولو في ثاني حال - كما أشار له بقوله:
ــ
البنت فيها بالولاء والميراث بالنسب مقدم على عصوبة الولاء فمحل الغلط حيث سووا بين الابن والبنت في ميراث أبيهما فتأمل.
باب ذكر فيه حكم الوصية
هي مشتقة من وصيت الشيء بالشيء إذا وصلته به كأن الموصي لما أوصى بها وصل ما بعد الموت بما قبله في نفوذ التصرف. واختلف في الخير في قوله تعالى: {إن ترك خيراً الوصية} [البقرة: 180] فأكثر المفسرين على أنه المال الكثير وعليه فالترغيب فيها إذا كان المال كثيراً لما يأتي أنها تكره في القليل.
قوله: [الوصية مندوبة]: هي في عرف الفقهاء عقد يوجب حقاً في ثلث مال عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده، وعند الفراض خاصة بما يوجب الحق في الثلث كما يؤخذ من تعريف ابن عرفة.
قوله: [لأن الموت ينزل فجأة]: علة للمبالغة.
قوله: [ويعرض لها بقية الأحكام]: قال (شب): وأما حكمه فقسمه اللخمي وابن رشد للأحكام الخمسة فتجب عليه إذا كان ديناً أو نحوه، ويندب إليها إذا كانت بقربة في غير الواجب، وتحرم بمحرم كالنياحة ونحوها وتكره إذا كانت بمكروه أو في مال قليل وتباح إذا كانت بمباح من بيع أو شراء ونحو ذلك، ثم إن إنفاذ ما عدا المحرم مأمور به، وأما قول ابن رشد وكذلك ينقسم إنفاذها على الخمسة المذكورة، فالمراد إنفاذها قبل موت الموصي فيجب إنفاذ ما يجب منها ويحرم عليه الرجوع عنه ويندب إنفاذ ما يندب منها، فإن خالف ولم ينفذ فقد ارتكب خلاف المندوب وهو إما الكراهة أو خلاف الأولى، وإنفاذ ما يكره منها مكروه والمطلوب منه الرجوع عنه وإنفاذ ما يباح منها مباح فله فعله والرجوع عنه، وأما الوصية بعمل المولد الشريف فذكر الفاكهاني أنه مكروه والمكروه يلزم الوارث اهـ.
قوله: [لما فيها من زيادة الزاد]: علة للندب.
قوله: [فمستغرق الذمة] إلخ: اعترض بأن مستغرق الذمة من أفراد غير المالك وليس خارجاً بقيد التمام إنما خرج به العبد؛ لأن ملكه غير تام وهو قد خرج بالحرية وحينئذ فلا حاجة لقيد التمام، وقد يقال بل مستغرق الذمة مالك لما بيده وإلا لما وفيت منه ديونه وتقدم أن عتقه ماض حيث جهلت أرباب التبعات نعم يمنع من التصرف لعدم تمام الملك ولو رزق بما يفي لم يتعرض له.
قوله: [وإن سفيها]: أي سواء كان مولى عليه أو غير مولى عليه كما في (ح). قال في التوضيح: وإذا تداين للمولى عليه ثم مات لم يلزمه ذلك إلا أن يوصي به فيجوز منه ثلثه ولابن القاسم إذا باع المولى عليه ولم يرد بيعه حتى مات يلزمه بيعه، ابن زرقون وعلى هذا يلزمه الدين بعد موته فتأمله أفاده (بن). قوله:[وصغيراً]: قال في المدونة وتصح وصية ابن عشر سنين فأقل مما يقاربها إذا أصاب وجه الوصية ولم يكن فيه اختلاط.
قوله: [بنحو خمر]: أي من كل ما لا يصح تملكه لمسلم فإن أوصى لكافر بذلك صح لصحة تملكه ذلك وثمرة الصحة الحكم بإنفاذها إذا ترافعوا إلينا.
قوله: [وموصى به]: هذا هو الركن الثاني.
وقوله: [وهو ما ملك]: هذا بالنسبة للوصية بالأموال ويحترز به عن الوصية بملك الغير أو بما لا يملك أصلاً كالوصية بالخمر بالنسبة للمسلم.
وقوله: [واستحق كولاية]: مثال للوصية بمعنى النيابة بعد الموت.
وقوله: [في قرية]: متعلق بـ "موصى به" قيد في كل من الوصية بالمال والوصية بالنيابة.
وقوله: [غير زائد على ثلثه]: قيد في الوصية بالمال.
وقوله: [وموصى له]: هذا هو الركن الثالث.
قوله: [للموصى به]: أي إن كان الموصى به مالاً فإن كان الموصى به نيابة قيل فيه وهو ما صلح لها.
قوله: [وإن كان الموصى له كمسجد]: أي هذا إذا كان الموصى له بالمال آدمياً بل وإن كان كمسجد إلخ؛ لأنه يصلح للملك باعتبار انتفاع الآدمي به بدليل قوله "وصرف في مصالحه" إلخ.
قوله: [فلهم]: أي فيصرف جميعها لمن ذكر من أول الأمر.
قوله: [ولو في ثاني حال]: أي هذا إذا كان يصح تملكه ما أوصى له به حال الوصية بل ولو كان يصح تملك ما أوصى له به في ثاني
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (فيه).
[2]
في ط المعارف: (بعد).
(أو من سيكون) من حمل موجود أو سيوجد فيستحقه (إن استهل) صارخاً ونحوه مما يدل على تحقق حياته؛ كرضع [1] كثير لكن لا يؤخذ من غلة الموصى به شيئاً؛ لأنه لا يملك إلا بعد وضعه حياً فهي لوارث الموصي.
(ووزع) الشيء الموصى به لمن سيكون إن ولدت أكثر من واحد (على العدد) الذكر كالأنثى عند الإطلاق، فإن نص الموصي على تفضيل عمل به؛ كما قال:(إلا لنص أو) أوصى (لميت علم) الموصي (بموته) حين الوصية (وصرف) الشيء الموصى به للميت (في) وفاء (دينه): إن كان عليه دين. (وإلا) يكن عليه دين (فلوارثه) فإن لم يكن عليه دين ولا وارث له بطلت، ولا يأخذها بيت المال. (وذمي) تصح الوصية له. ولا تمنع إن كان قريباً أو جاراً أو سبق منه معروف، وإلا منعت خلافاً لإطلاق الشراح.
(وقبول) الموصى له (المعين) الذي عينه الموصي كزيد (شرط) في وجوبها وتنفيذها حيث كان بالغاً رشيداً. ولا بد من كون القبول بعد الموت فلا ينفعه قبوله قبل موت الموصي، ولا يضره رده في حياة الموصي فله القبول بعد الموت. فإن مات المعين فلوارثه القبول، كما يقوم مقام غير الرشيد وليه. واحترز بـ "المعين": من الفقراء، فلا يشترط القبول لتعذره.
ولا يحتاج رقيق (لإذن) من سيده (فيه): أي في القبول، بل له أن يقبل ما [2] أوصي له به بدون إذن (كإيصائه): أي السيد فهو مصدر مضاف لفاعله (بعتقه): أي عتق رقيقه، فإنه لا يحتاج في نفوذ العتق لإذن من السيد، بل يعتق بتمامه أو محمل الثلث.
(وقوم) الموصى به (بغلة حصلت): أي حدثت فيه (بعد الموت): أي بعد موت الموصي وقبل القبول: فإذا أوصى له بحائط يساوي ألفاً، وترك ألفين فزاد الحائط به بعد الموت بثمرة مائتين فللموصى له الحائط -أي الأصول- بتمامه، وله ستة وستون وثلثان؛ ثلث المائتين، بناء على أن الملك بالموت. والعبرة بيوم التنفيذ وتقدر أن الثمرة معلومة للموصي لكونه أوصى بأصلها.
(وصيغة)
ــ
حال فلا يشترط في صحة الوصية كون الموصى له ممن يصح تملكه حينها بل ولو في المستقبل قوله: [أو من سيكون]: أي فإذا قال أوصيت لمن سيكون من ولد فلان فيكون لمن يولد له سواء كان موجوداً بأن كان حملاً حين الوصية أو غير موجود أصلاً فيؤخر الموصى به للوضع على كل حال، فإذا وضع واستهل أخذ ذلك الشيء الموصى به ومثله أوصيت لمن يولد لفلان فيكون لمن يولد له لا لولد الموجود بالفعل سواء علم أن له حين الوصية ولداً أم لا.
تنبيه: إن كانت الوصية لحمل ونزل ميتاً أو انفش رجع الموصى به لورثة الموصي وإن كانت الوصية لغير موجود انتظر إلى اليأس من الولادة ثم يرد لورثة الموصي.
قوله: [فهي لوارث الموصي]: أي الغلة وهو أحد قولين والثاني أنها توقف وتدفع للموصى له إذا استهل كالموصى به، والظاهر أن هذا الخلاف مبني على الخلاف في كون الاستهلال شرطاً في الاستحقاق أو في صحة الوصية. واختلف أيضاً إذا أوصى لولد فلان ومن سيولد له وقلتم بدخول الموجود من الأحفاد ومن سيوجد هل يستبد الموجود بالغلة إلى أن يوجد غيره فيدخل معهم وبه أفتى أكثر الأئمة أو يوقف الجميع إلى أن ينقطع ولادة الأولاد وحينئذ يقسم الأصل والغلة فمن كان حياً أخذ حصته ومن مات أخذ ورثته حصته قولان للشيوخ أفاده (بن).
قوله: [على تفضيل]: هو بالضاد المعجمة أي مفاضلة بأن قال للذكر مثل حظ الأنثيين مثلاً.
قوله: [وإلا منعت]: أي مع الصحة؛ لأن الوصية للذمي صحيحة على كل حال، وأما الجواز وعدمه فشيء آخر. والحاصل أن ابن القاسم يقول بالجواز إذا كان على وجه الصلة بأن كانت لأجل قرابة ونحوها كما قال الشارح وإلا كرهت، وأجازها أشهب مطلقاً لكن قال في التوضيح وقيد ابن رشد إطلاق قول أشهب بجوازها للذمي بكونه ذا سبب من جوار أو يد سبقت له، فإن لم يكن لذلك فالوصية له محظورة إذ لا يوصي للكافر من غير سبب ويترك المسلم إلا مسلم سوء مريض الإيمان أفاده (بن) وخرج بالذمي الحربي فلا تصح له الوصية على ما قاله أصبغ وهو المعتمد خلافاً لما يقتضيه كلام عبد الوهاب من صحتها له.
قوله: [في حياة الموصي]: أي ولو كان رده حياء من الموصي كما يقع كثيراً، وأما إن ردها بعد موت الموصي فليس له قبولها بعد ذلك.
قوله: [فلوارثه القبول]: أي وسواء مات المعين قبل علمه بالوصية أو بعد علمه بها اللهم إلا أن يريد الموصي الموصى له بعينه فليس لوارثه القبول.
قوله: [بناء على أن الملك بالموت]: حاصله أن غلة الموصى به الحادثة بعد الموت وقبل القبول قيل كلها للموصي، وقيل كلها للموصى له وقيل له ثلثها فقط وهذا الأخير هو الذي اختاره المصنف، وسبب هذا الخلاف الواقع في الغلة الخلاف في أن المعتبر في تنفيذ الوصية هل هو وقت قبول المعين لها، فإذا تأخر القبول حتى حدثت الغلة بعد الموت فلا يكون شيء منها للموصى له بل كلها للموصي أو المعتبر في تنفيذها وقت الموت؛ لأن الملك للموصى له بالموت ومقتضى كون الملك له بالموت أن الغلة المذكورة كلها للموصى له أو المعتبر في تنفيذها الأمران معاً، وهما وقت القبول ووقت الموت أقوال ثلاثة فمن اعتبر في تنفيذها وقت القبول قال الغلة كلها للموصي ومن اعتبر وقت الموت قال كلها للموصى له، ومن اعتبر الأمرين أعطى للموصى له منها ثلثها وهذا هو المشهور وأعدل
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (كوضع).
[2]
في ط المعارف: (من).
بلفظ يدل بل (ولو بإشارة) مفهمة ولو من قادر على النطق.
(وبطلت) الوصية (بردة) أي ردة الموصي أو الموصى له، لا بردة الموصى به (وبمعصية): أي أوصى بمال لها أو بفعلها، فالوصية باطلة، ويفعل الورثة بالمال ما شاءوا؛ كوصية بمال يشتري به خمراً يشرب، أو دفعه لمن يقتل نفساً ظلماً، أو يبني به مسجداً في أرض محبسة للموتى كقرافة مصر، أو لمن يصلي عنه، أو يصوم عنه، أو بقنديل ذهب أو فضة يعلق في قبة ولي.
(و) بطلت الوصية (لوارث) لحديث: «لا وصية لوارث» (كغيره) أي الوارث (بزائد الثلث): ويعتبر الزائد (يوم التنفيذ) لا يوم الموت. وظاهره: بطلان الزائد وإن لم يكن له وارث لحق بيت المال، وهو مذهب مالك والجمهور وذهب أبو حنيفة إلى صحتها كأحمد في أحد قوليه.
(وإن أجيز): ما أوصى به للوارث أو الزائد على الثلث: أي أجازه الورثة (فعطية منهم): أي ابتداء عطية، لا تنفيذ لوصية الموصي. فلا بد من حيازة الموصى له قبل حصول مانع للمجيز، وكون المجيز من أهل التبرع. ولم يذكر شرط القبول لقول الرماصي: لم أره لغير الأجهوري كما قاله شيخنا الأمير.
(و) بطلت الوصية (برجوع) من الموصي (فيها) سواء وقع منه الإيصاء في صحته أو مرضه (وإن) كان الرجوع (بمرض): أي فيه دفعاً لتوهم أنه لما كان فيه انتزاع للغير لا يعتبر، ويجوز -وتبطل به- ولو كان التزم حين الوصية عدم الرجوع على الراجح. وأما الذي بتله في مرضه من صدقة أو حبس فلا رجوع له فيه وإن كان مخرجه من الثلث. وبين ما به الرجوع فيها بقوله:(بقول) صريح كأبطلت وصيتي أو رجعت عنها. (أو عتق) للرقبة التي أوصى بها لزيد مثلاً.
(وإيلاد): بأن وطئ الأمة الموصى بها لزيد فحملت منه فإنه تبطل الوصية. (وتخليص حب زرع) بتذريته: فإذا أوصى بزرع ثم حصده ودرسه بدون تذرية
ــ
الأقوال؛ إذا علمت ذلك فالمناسب للشارح أن يقول بناء على أن الملك بالموت والقبول.
قوله: [بلفظ يدل]: أي عليها صراحة كأوصيت أو كان غير صريح في الدلالة عليها لكن يفهم منه إرادة الوصية بالقرينة كأعطوا الشيء الفلاني لفلان بعد موتي.
قوله: [ولو بإشارة]: مثلها الكتابة بالطريق الأولى.
قوله: [ولو من قادر على النطق]: أي خلافاً لابن شعبان.
قوله: [أي ردة الموصي] إلخ: أي فإن رجع للإسلام فقال أصبغ إن كانت مكتوبة جازت وإلا فلا، واستبعد (ر) بطلانها بردة الموصى له قائلاً إنها ليست من فعله حتى تبطل بردته قال (بن) وهو ظاهر.
قوله: [لا بردة الموصى به]: أي بأن كان الموصى به عبداً.
قوله: [وبمعصية]: المراد بها الأمر المحرم فالوصية بالمكروه والمباح يجب تنفيذها كما قال الأجهوري قال (ر) وهو غير ظاهر بل تنفيذ الوصية بالمكروه مكروه وفي تنفيذ الوصية بالمباح وعدم تنفيذها قولان، وكأن الأجهوري قاس ما قاله على اتباع شرط الواقف وإن كره وأما الوصية بالمندوب فتنفذ وجوباً وما في التتائي من ندب تنفيذها فمردود.
قوله: [كوصية بمال يشتري به خمراً]: أي ومنه أيضاً الوصية بنياحة عليه أو بلهو محرم في عرس
قوله: [أو يبني به مسجداً]: قال (بن): ومن أمثلته أيضاً أن يوصي ببناء قبة عليه وهو ليس من أهلها أو يوصي بإقامة المولد على الوجه الذي يقع في هذه الأزمنة من اختلاط النساء بالرجال والنظر للمحرم ونحو ذلك من المنكر، وكأن يوصي بكتب جواب سؤال القبر وجعله معه في كفنه أو قبره اللهم إلا أن يجعله في صورة من نحاس ويجعل في جدار القبر لتناله بركته كما قاله المسناوي.
قوله: [أو لمن يصلي عنه] إلخ: أي بخلاف الوصية لمن يقرأ على قبره فإنها نافذة كالوصية بالحج عنه.
قوله: [وبطلت الوصية لوارث]: أي ولو بقليل زيادة على حقه فإن أوصى للوارث ولغيره بطلت حصة الوارث فقط.
قوله: [لحديث «لا وصية لوارث»]: أي وهو ناسخ لقوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين} [البقرة: 180] الآية وهذا عجز الحديث وصدره: «إن الله سبحانه وتعالى قد أعطى لكل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث» .
قوله: [بزائد الثلث]: أي فإذا أوصى لأجنبي بنصف ماله مثلاً أو بقدر معين يبلغ ذلك نفذت الوصية بالثلث ورد ما زاد عليه ولو لم يكن له وارث لحق بيت المال كما أفاده الشارح.
قوله: [فعطية منهم]: هذا هو المشهور وهو مذهب المدونة.
قوله: [لا تنفيذ لوصية الموصي]: أي خلافاً لابن القصار وابن العطار القائلين بذلك، وعلى هذا القول فإن أجيزت فلا تحتاج لقبول ثان ونحتاج له على الأول، وعليه أيضاً يكون فعل الميت محمولاً على الصحة حتى يرد، وعلى الأول يكون محمولاً على الرد حتى يجاز، ومن ثمرات الخلاف أيضاً لو أوصى بعتق جارية ليس له غيرها فأجاز الوارث فهل الولاء كله للميت أو ثلثه، وكذلك إذا أوصى بجارية لوارثه وهي زوجة لذلك الوارث فأجاز باقي الورثة تلك الوصية فهل ينفسخ النكاح بالموت أو بعد الإجازة كذا في حاشية السيد نقله محشي الأصل، وقد يقال إن ثمرة الخلاف لا تظهر بالنسبة للزوجة؛ لأن الزوج آيل أمره لملك الكل بالإجازة أو البعض بالموت فالظاهر أن النكاح ينفسخ بالموت على كل حال فتأمل.
قوله: [فلا بد من حيازة الموصى له]: أي كما في التوضيح وغيره.
قوله: [من أهل التبرع]: أي بأن يكون رشيداً لا دين عليه.
قوله: [ولم يذكر شرط القبول] الأوضح أن يقول ولم أذكر شرط القبول؛ لأن كلامه يوهم أن الضمير عائد على المتن مع أنه لم يذكر شيئاً من الشروط أصلاً.
قوله: [دفعاً لتوهم] إلخ: علة لمحذوف تقديره وبالغ على ذلك.
لا تبطل على المعتمد (ونسج غزل): أوصى به (وصوغ معدن): من ذهب أو فضة (وذبح حيوان) أوصى به (وتفصيل شقة): كمقطع أو بفتة أوصى به ثم فصله ثوباً مثلاً فإنه؛ تبطل الوصية به لزوال الاسم في قوله: أوصيت بالمقطع أو البفتة مثلاً، بخلاف ما لو قال: أوصيت بالثوب ثم فصله فلا تبطل (كأن قال) الموصي في صيغة وصيته: (إن مت من مرضي) هذا (أو): إن مت من (سفري هذا) فلفلان كذا (ولم يمت) من مرضه أو سفره فتبطل؛ لأنه علق الوصية على الموت فيهما ولم يحصل.
ومحل بطلانها: (إن لم يكتبها) في كتاب (وأخرجه ولم يسترده): فإن كتبها وأخرجه ولم يسترده ولم يمت فإن الوصية لا تبطل فإن كتبها بأن قال في كتابه: إن مت في مرضي هذا فلفلان كذا، أو: فعبدي فلان حر ولم يخرجه ولم يمت فتبطل، أو أخرجه واسترده فتبطل ولو مات في مرضه نظراً لكون الرد إبطالاً. وقيل: إن مات لا تبطل، ولكنه مشى على الإبطال؛ لأنه أطلق في قوله:(فإن رده بطلت): ويحتمل الثاني؛ لأنه ذكره بعد قوله "ولم يمت" وقد اعتمد شيخنا البطلان.
(كالمطلقة): التي لم تقيد بمرضه وكتبت؛ فإنها تبطل برد الكتاب ولا تبطل إذا لم يخرجه أو كانت بغير كتاب.
(لا) تبطل الوصية بدار لزيد (بهدم) لتلك (الدار) على المعتمد، وهل له النقض أو لا؟ خلاف.
(ولا) تبطل الوصية (برهنه) الشيء الموصى به؛ لأن ملك الموصي لم ينتقل فإذا مات فتخليصه على الوارث.
(و) لا تبطل (بتزويج رقيق): أي أوصى به لشخص ثم زوجه.
(و) لا تبطل بـ (تعليمه) صنعة: فإذا أوصى برقيق لزيد ثم علمه صنعة فلا تبطل، وشاركه الوارث بقيمة التعليم.
(و) لا تبطل (بوطء): من الموصي لجاريته التي أوصى بها لزيد وتتوقف لينظر هل حملت فتبطل أو لا فيأخذه الموصى له.
(أو باعه): أي باع الموصي الشيء الموصى به المعين (ورجع له) بذاته بنحو شراء فلا تبطل، أما إن لم ترجع بذاتها واستخلف غيرها فتبطل، بخلاف ما لو أوصى بشيء غير معين كثياب بدنه غير المعينة واستخلف غيرها فلا تبطل الوصية ويأخذ الموصى له ما استخلف. وليس من التعين أن يكون له ثوب واحد. (أو أوصى بثلث ماله): فباعه أي المال واستخلف غيره فلا تبطل؛ لأن العبرة بما يملك يوم الموت سواء زاد أو نقص.
(ولا) تبطل الوصية (إن جصص) الموصي (الدار) الموصى بها: أيجعل عليها جصاً من جير ونحوه (أو صبغ الثوب): أي صبغ الموصي الثوب الذي أوصى به، فلا تبطل (وأخذه بزيادته): أي أن الموصى له يأخذ الشيء الموصى به حيث قلنا لم تبطل، ولو كان فيه زيادة؛ كصبغ، أو سويق لت
ــ
قوله: [لا تبطل على المعتمد]: أي؛ لأنه لم يزل عنه اسم الزرع.
قوله: [ونسج غزل]: أي؛ لأن اسم الغزل انتقل عنه وكذا يقال فيما بعده كما أفاده الشارح.
قوله: [لأنه علق الوصية على الموت]: ظاهره أنه لا بد من التصريح بالقيد الذي هو الموت وليس كذلك، بل متى أشهد على وصيته في مرضه أو سفره وكانت بغير كتاب فلا تنفذ إلا إذا مات فيه سواء صرح بذلك كما لو قال إن مت من مرضي أو سفري هذا فلفلان كذا، أو لم يصرح كما لو قال إن مت فلفلان كذا، أو قال يخرج لفلان من مالي كذا ولم يقل إن مت أو لم يقل شيئاً من ذلك، بل أشهد أن لفلان كذا وصية؛ لأن المعنى عليه حيث لم يصرح بالتعميم كمتى مت أفاده (بن).
قوله: [ومحل بطلانها إن لم يكتبها] إلخ: أي فصورها أربع البطلان في ثلاث وهي ما إذا كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو بكتاب وأخرجه ثم استرده، والصحة في واحدة وهي ما إذا كانت بكتاب وأخرجه ولم يسترده. وهذه الصور الأربعة إذا انتفى القيد بأن لم يمت من مرضه أو سفره، وأما إن حصل بأن مات في المرض أو السفر ففيها أربعة أيضاً تصح في ثلاث وهي إن كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه ولم يسترده فإن أخرجه واسترده فقولان بالصحة والبطلان أفاده محشي الأصل.
قوله: [كالمطلقة]: أي وصورها أربع تبطل في واحدة وهي ما إذا كانت بكتاب وأخرجه ثم استرده، وتصح في ثلاث، وهي ما إذا لم تكن بكتاب أصلاً أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه ولم يسترده فجملة الصور اثنتا عشرة صورة قد علمتها.
قوله: [خلاف]: أي مستور واستظهر في الحاشية أنه للموصى له.
قوله: [بتزويج رقيق]: أي ذكر أو أنثى. قوله: [وشاركه الوارث] إلخ: أي يكون للوارث شركة في تلك الرقبة بنسبة ما زادته الصنعة كما لو فرض أنها بدون صنعة تساوي عشرة بالصنعة تساوي خمسة عشر كان شريكاً معه بالثلث.
قوله: [ولا تبطل بوطء]: أي لا تبطل بمجرد الوطء بل ينظر فيها بعد ذلك كما قال الشارح.
قوله: [بنحو شراء]: دخل في ذلك الإرث.
قوله: [أما إن لم ترجع بذاتها]: الأوضح أن يقول وأما إن لم يرجع بذاته وكذا قوله "واستخلف غيرها".
قوله: [واستخلف غيرها]: أي من جنسها أو من غير جنسها.
قوله: [ويأخذ الموصى له ما استخلف]: أي لصدقه عليه بأنه ثياب بدنه.
قوله: [وليس من التعين أن يكون له ثوب واحد]: أي كما يفيده نقل
ولا شيء عليه في مقابلة الزيادة.
(وإن أوصى له): لشخص واحد (بوصية بعد) وصية (أخرى) من نوع واحد وهما متساويتان كقوله: أوصيت لزيد بعشرة دنانير، ثم قال: أوصيت له بعشرة دنانير أو نوعين، كقوله: أوصيت له بدنانير، ثم قال: أوصيت له بثوب (فالوصيتان) للموصى له.
(إلا من نوع وإحداهما أكثر) كعشرة ثم خمسة وعكسه من صنف واحد فالأكثر يأخذه (وإن تقدم) في الإيصاء ولا يكون الثاني ناسخاً ولا يأخذ لوصيتين كانتا بكتاب أو كتابين أخرجهما أو لا ما لم يسترد الكتاب، وإلا بطلت كما لو رجع بالقول. وإن أوصى له بعدد كمائة ثم بجزء كربع أو عكسه فيعتبر الأكثر ويأخذه الموصى له.
(وإن أوصى) في صحته أو مرضه (لوارث): كأخ ليس للموصي وقت الوصية ابن (أو) أوصى لـ (غيره): أي لغير وارث وقت الوصية كمرأة [1] أجنبية (فتغير الحال) الأول: بأن حدث له ابن أو تزوج المرأة (المعتبر المآل) أي [2]: مآل الحال له في الصورتين؛ فإذا مات الموصي صحت في الأول للأخ لحجبه بالابن فصار عند الموت غير وارث وبطلت في الثانية لصيرورة المرأة وارثة (ولو لم يعلم الموصي): بصيرورة الوارث غير وارث، كما لو أوصت المرأة لزوجها ثم ابنها فتصح الوصية ولو لم تعلم خلافاً لقول ابن القاسم: إن علمت بطلاقها ولم تغيره جازت الوصية وإن لم تعلم فلا شيء له.
(و) إذا أوصى للمساكين (دخل الفقير في المسكين وعكسه) أوصى للفقير فيدخل المسكين نظراً للعرف متى أطلق أحدهما شمل الآخر فلو كان العرف افتراقهما أتبع.
(و) دخل (في الأقارب) أقاربه لأمه إلخ كقوله: أوصيت لأقاربي أو أقارب فلان فيدخل شرعاً في صيغته أقاربه لأمه (و) في (الأهل) كقوله: أوصيت لأهلي أو أهل فلان (و) في (الأرحام) كقوله: أوصيت لأرحامي أو: أرحام فلان فيدخل (أقاربه لأمه) كأبيها وعمها لأبيها أو لأمها وأخيها وابن عمتها ومحل دخول أقارب أمه (إن لم يكن له) أي للموصي (أقارب لأب): غير ورثة. فإن كان، فلا يدخل أقارب أمه ويختص بها أقارب أبيه لشبه الوصية بالإرث من حيث تقدم العصبة على ذوي الأرحام.
وإذا قال: أوصيت لأقارب فلان فيشمل الوارث منهم لفلان وغير الوارث، كما قال:(والوارث كغيره) أما لو قال: أوصيت لأقاربي أو أهلي أو لذي رحمي فلا يشمل وارثه لأنه لا وصيه لوارث، كما قال:(بخلاف أقاربه هو. و) إذا دخل أقارب فلان أو أقاربه هو (أوثر): أي خص بشيء زائد على غيره لا بالجميع (المحتاج الأبعد): نص على المتوهم إذ يعلم إيثار المحتاج الأقرب من باب أولى (إلا لبيان) من الموصي حال وصيته كقوله: أعطوا الأقرب فالأقرب، أو: فلاناً ثم فلاناً، فيقدم الأقرب
ــ
المواق والموضوع أنه لم يقصد عين ذلك الثوب، بل قال أوصيت له بثوب أو بثوبي مثلاً.
قوله: [ولا شيء عليه في مقابلة الزيادة]: أي لا مشاركة للوارث فيه بقيمة ما زاد بخلاف الرقيق يعلمه صنعة فإنه يشارك الموصى له بقيمته كما مر، والفرق أن الرقيق تزيد قيمته بالتعليم زيادة كثيرة أفاده في الأصل تأمل.
قوله: [لشخص]: فيه حذف أي التفسيرية.
قوله: [فالوصيتان للموصى له]: أي بتمامهما إن حملهما الثلث أو ما حمله منهما وسواء كانتا بكتاب أو بدونه.
قوله: [كانتا بكتاب أو كتابين]: أتى بهذا التعميم رداً على المخالف إذ قد روي عن مالك ومطرف إن تقدم الأكثر فله الوصيتان وإلا فله الأكثر فقط، وحكى اللخمي عن مطرف إن كانتا بكتابين فله الأكثر منهما تأخر أو تقدم وإن كانتا في كتاب واحد وقدم الأكثر فهما له معاً، وإن تأخر الأكثر فهو له فقط وحكى ابن زرقون عن عبد الملك إذا كانا بكتابين فله الأكثر وإلا فهما له معاً تقدم الأكثر أو تأخر.
قوله: [وإلا بطلت]: أي بطل ما استرده.
قوله: [ليس للموصي] إلخ: المناسب الإتيان بالواو وتكون الجملة حالية.
قوله: [ولو لم يعلم الموصي]: المبالغة راجعة للصورة الثانية؛ لأن خلاف ابن القاسم فيها، ولا يصح رجوعها للأولى لعدم وجود الخلاف فيها بل بطلان الوصية فيها باتفاق، سواء علم الموصي بموت ابنه ولم يغير الوصية أو لم يعلم.
قوله: [نظراً للعرف]: أي من أنهما إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا وهذا كله مبني على القول بعدم ترادفهما، وأما على القول بترادفهما فهو عينه فلا معنى للدخول، ومحل الدخول أيضاً حيث لم يقع من الموصي النص على المساكين دون الفقراء أو عكسه.
قوله: [ودخل في الأقارب] إلخ: حاصله أنه إذا قال أوصيت لأهلي أو لأقاربي أو لذوي رحمي بكذا اختص بالوصية أقاربه لأمه؛ لأنهم غير ورثة للموصي، ولا يدخل أقاربه لأبيه حيث كانوا يرثونه، هذا إن لم يكن له أقارب لأبيه غير وارثين وإلا اختصوا بها ولا يدخل معهم أقاربه لأمه، وإن قال: أوصيت لأقارب فلان أو لأهله أو لذي رحمه اختص بها أقاربه لأمه إن لم يكن له أقارب من جهة أبيه وإلا اختصوا بها كانوا ورثة لفلان المذكور أو لا يدخل معهم أقاربه من جهة أمه.
قوله: [أقاربه لأمه إلخ]: أي إلى آخر ما يأتي في المتن في قوله "إن لم يكن له أقارب لأب".
قوله: [إن لم يكن له أقارب لأب] إلخ: هذا قول ابن القاسم هنا وفي الحبس وقال غيره يدخل أقارب الأم مع أقارب الأب هنا وفي الحبس.
قوله: [أي خص بشيء زائد] إلخ: حاصله أنه إذا أوصى لأهله أو أقاربه أو ذوي رحمه أو لأهل فلان أو أقاربه أو ذوي رحمه
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (كامرأة).
[2]
ليست في ط المعارف.
بالتفضيل ولو غير محتاج لا بالجميع.
(و) دخل (الحمل في الجارية): كأن أوصى بجاريته الحامل من غيره لشخص، فإنها تكون مع حملها لذلك الشخص؛ لأنه كجزء منها ما لم تضعه في حياة السيد، أو يستثنه كما قال:(إن لم يستثنه): أي الحمل كقوله، أوصيت بها دون حملها، فلا يدخل.
وإذا أوصى بثلثه أو بعدد لجماعة غير محصورين كالفقراء أو الغزاة أو بني تميم، فلا يلزم تعميم الموصى لهم بالإعطاء، كما أشار له بقوله:(ولا يلزم تعميم نحو الغزاة): بخلاف خدمة مسجد أو أهل رواق لحصرهم فيلزم تعميمهم (واجتهد) متولي تفرقة الوصية في القسمين فيزيد الأحوج.
(وإن أوصى) شخص (لعبده): أي رقيقه ذكراً أو أنثى (بثلثه): أي ثلث مال السيد الموصي أو بجزء كربع (عتق) الرقيق الموصى له بما ذكر (إن حمله): أي الثلث الذي من جملته الرقيق، فإذا ترك السيد مائتين والعبد يساوي مائة عتق ويختص بماله دون الورثة فلو ترك السيد ثلاثمائة والرقيق يساوي مائة عتق لحمل الثلث له (وأخذ) الرقيق (باقيه): أي الثلث فيأخذ من المائة ثلاثة وثلاثين وثلثاً. كما قال: (إن زاد، وإلا) يحمله الثلث (قوم في ماله): أي يقوم على الرقيق بقيمة نفسه في ماله (فإن حمله) عتق كله. كما لو كان بيد الرقيق مائتان وقيمته مائة فيعتق منه ثلثه -إذ لا مال للسيد إلا الرقيق وهو بمائة ثم ينظر لما بيده -وهو المائتان- فيعتق منه ثلثاه في نظير ستة وستين وثلثين يأخذها منه الوارث من المائتين ماله، وما بقي من المائتين للعبد. وكذا لو ترك السيد مائة وقيمة العبد مائة وماله الذي بيده مائة أو خمسون فيعتق منه ابتداء ثلثاً نظراً لمال السيد وقيمة العبد -وهو مائتان- إذ هما مال السيد ثم يعتق منه ثلثه الباقي من ماله الذي بيده -وهو المائة أو الخمسون- في نظير ثلاثة وثلاثين وثلث يأخذها منه [1] الوارث وما بقي للرقيق، فليس معنى قوم في ماله جعل ماله من جملة مال السيد حتى يعتق العبد، ولا شيء له من ماله كما في الشراح. هذا هو التحرير، وإلا يحمله الثلث -كما إذا لم يكن للسيد غير العبد ولا مال للعبد- عتق ثلثه، كما قال:
ــ
اختص بالوصية الأقارب من جهة الأم حيث لم يكن هناك أقارب من جهة الأب، أو اختص بها الأقارب من جهة الأب عند وجودهم فإن استووا في الحاجة سوي بينهم في الإعطاء وإن كان فيهم محتاج أو أحوج وجب إيثاره على غيره سواء كان ذلك المحتاج أقرب أو أبعد.
قوله: [بالتفضيل]: أي بالإيثار والزيادة ويأتي هنا قول الأجهوري:
بغسل وإيصاء ولاء جنازة
…
نكاح أخاً وابناً على الجد قدم
وإنما لم يختص المقدم بالجميع لئلا يؤدي إلى بطلان الوصية.
قوله: [كأن أوصى بجاريته]: احترز بذلك من الموصى بعتقها وهي حامل فإنه يدخل الحمل ولا يتأتى فيه قول المصنف إن لم يستثنه لعدم صحة الاستثناء كما في (بن)؛ لأن الموصى بعتقها مثل من أعتقها بالفعل وهي لا يصح فيها استثناء الحمل، وإنما صح استثناؤه في الموصى بها لشخص، ولم يصح استثناؤه مع عتقها؛ لأن الشرع كمل عليه العتق إذا أعتق جزءاً منها ولم يكمل عليه الهبة إذا وهب جزءاً منها والوصية كالهبة.
قوله: [الحامل من غيره]: أي من زوج أو زنا، وأما الحامل منه فلا يتأتى ذلك فيها؛ لأنها لا تملك للغير.
قوله: [ولا يلزم تعميم نحو الغزاة]: أي ولا التسوية بينهم ويدخل في نحو الغزاة فقراء الرباط والمدارس والجامع الأزهر.
قوله: [بخلاف خدمة مسجد]: أي محصورين معينين ومنهم خدمة الأزهر؛ لأن خدمته محصورون ومجاوروه غير محصورين، وكذا يقال في مثل السيد البدوي.
قوله: [واجتهد متولي تفرقة الوصية في القسمين]: أي قسم غير المحصورين ولا يلزم تعميمهم والمحصورين ويلزم تعميمهم في أصل الإعطاء، وكذلك يجتهد فيما إذا قال الموصي أوصيت لزيد وللفقراء بثلث مالي مثلاً فيجتهد فيما يعطيه لزيد من قلة وكثرة بحسب القرائن والأحوال؛ لأن القرينة هنا دلت على أن الموصي أعطى المعلوم حكم المجهول وألحقه به وأجراه على حكمه حيث ضمه إليه ولا شيء لوارث زيد إن مات زيد قبل التفرقة بخلاف ما لو أوصى لمعينين كزيد وعمرو فيقسم بينهما بالسوية ومن مات منهما قبل القسم فوارثه يقوم مقامه.
قوله: [أي الثلث]: أي من جميع مال السيد ومال العبد المقدر أنه للسيد.
قوله: [ويختص بماله دون الورثة]: أي إن كان له مال.
قوله: [فلو ترك السيد ثلثمائة] إلخ: دخول على كلام المتن.
قوله: [فيأخذ من المائة ثلاثاً وثلاثين وثلثاً]: الأسهل حذف قوله "من المائة" واقتصار على ما بعده؛ لأن معناه أننا ننسب ثلث مال السيد لقيمة العبد نجده يزيد عنها ثلاثاً وثلاثين وثلثاً فيأخذها العبد في هذا المثال.
قوله: [أي يقوم على الرقيق بقية نفسه]: أي بعد عجز ثلث السيد عن استغراق العبد بجعل القدر الذي يكمل عتق العبد من جملة مال السيد. قوله: [فإن حمله]: أي حمل ماله باقيه.
قوله: [في نظير ستة وستين وثلثين]: أي؛ لأنها هي التي تجعل مالاً للسيد.
قوله: [ماله]: بدل من المائتين.
قوله: [وما بقي من المائتين للعبد]: أي وهو مائة وثلاثة وثلاثون وثلث.
قوله: [وما بقي للرقيق]: أي وهو ستة وستون وثلثان في الأولى وستة عشر وثلثان في الثانية.
قوله: [كما في الشراح] مثال للمنفي.
قوله: [هذا هو التحرير]: أي؛ لأنه مقتضى نص ابن القاسم كما أفاده في الأصل.
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (من).
(وإلا خرج منه محمله).
وإذا أوصى شخص لوارث أو بزائد عن الثلث في صحته أو مرضه، فلبقية الورثة أو الوراث الإجازة والرد. فإن أجاز حال مرض الموصي لزمته الإجازة فلا رد له بعد ذلك حيث لم يصح الموصي صحة بينة ولم يكن للمجيز عذر بجهل، كما أشار له بقوله:(ولزم إجازة الوارث): أي كما إذا أوصى بزائد عن الثلث، أو أجازه بعض الورثة - إن أوصى لبعضهم - حيث كانت إجازة المجيز (بمرض) مخوف قائم بالموصي، سواء كانت الوصية في الصحة أو المرض، بشرط أن الموصي (لم يصح) صحة بينة (بعده): أي بعد المرض الذي أجاز فيه الوارث. فإن صح ثم مرض فمات لم يلزم الوارث إجازته الواقعة منه سابقاً بل الرد.
وأشار لشرط آخر في لزوم الإجازة بقوله: (إلا لتبين عذر) في إجازة الوارث، فإن كان له عذر فلا يلزمه بل له أن يرد ككون المجيز في نفقة الموصي أو خوفه من الموصى له.
(ومنه): أي العذر (الجهل) بأنه يلزمه الإجازة في المرض (إن كان مثله يجهل) أن له رد الزائد أو رد ما أوصى به لبعض الورثة، فإنه لا يلزمه الإجازة.
(و) إن (حلف) بالله الذي لا إله غيره: إني لا أعلم حين الإجازة أن لي الرد، أي اعتقد أن له التصرف لمن شاء وبما شاء. فإن نكل لزمه ما أجاز، كمن يعلم أنه لا وصية لوارث وأجاز بالشروط فلا يقبل منه يمين.
(وإن أوصى) لشخص (بنصيب ابنه): بأن قال: أوصيت لزيد بنصيب ابني أو بمثله بأن قال: أوصيت لزيد بمثل نصيب ابني، فإن لم يكن له إلا ابن فيأخذ الموصى له جميع تركة الميت الموصي إن أجاز الابن الوصية، وإلا فللموصى له ثلث التركة فقط فإن قال ذلك ومعه ابنان فيأخذ نصف التركة إن أجاز وإلا فالثلث ولا كلام لهم وإن زادوا فله قدر نصيب واحد ولا كلام لهم فإن كان مع الابن ذو فرض: فللموصى له جميع التركة بعد ذوي الفرض إن أجاز إلى آخر ما علمته. وقد أشار لذلك بقوله: (فبجميع نصيبه) فإن قال في وصيته: اجعلوا فلاناً منزلة ابني أو ألحقوه به، أو: أنزلوه منزلته، أو: اجعلوه وارثاً معه، أو: من عداد ولدي؛ فإن الموصى له يقدر زائداً على ذريته فتكون التركة نصفين إن كان له ابن واحد وأجاز، وإلا فالثلث للموصى له. فإن كان للموصي ابنان فللموصى له الثلث أجاز أم لا. ولو كانوا ثلاثة فهو كرابع وهكذا فلو كان مع الذكور إناث فهو كذكر. فلو كانت الوصية لأنثى لكان لها مثل أنثى من بناته، وإلى ذلك أشار بقوله:(وقدر زائداً في: اجعلوه أو ألحقوه أو: نزلوه منزلته) فإن قال الموصي: أوصيت لفلان بضعف نصيب ولدي، وأجاز الولد، فهل يعطى نصيب ابنه مرة أو مرتين فإذا كان الولد ابناً وابنتين أو كانا ابنين وأجازا فيكون له نصف التركة أو جميعها؟ قولان؛ قال ابن القصار ضعف الشيء: قدره مرتين وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وهو
ــ
قوله: [وإلا خرج منه محمله]: أي محمل ثلث السيد وهو ثلث العبد في المثال.
قوله: [ولزم إجازة الوارث] إلخ: حاصله أنه تلزمه الإجازة بشروط خمسة: أولها كون الإجازة بمرض الموصي المخوف سواء كانت الوصية فيه أو في الصحة. ثانيها أن لا يصح الموصي بعد ذلك. ثالثها أن لا يكون معذوراً بكونه في نفقة الموصي أو عليه دين له أو خائف من سطوته. رابعها أن لا يكون المجيز ممن يجهل أن له الرد والإجازة. خامسها أن يكون المجيز رشيداً، إذا علمت ذلك فليس المراد أنه يلزم الوارث أن يجيز وإنما مراد المصنف أنه إذا أجاز وصية مورثه قبل موته فيما له فيه الرد بعده لزمته تلك الإجازة بتلك الشروط سواء تبرع بالإجازة من نفسه أو طلبها منه الموصي كما ذهب إليه غير واحد من شيوخ عبد الحق وليس له بعد موته الرد متمسكاً بأنه من إسقاط الشيء قبل وجوبه؛ لأنه وإن لم يجب وجد سبب الوجوب وهو المرض.
قوله: [وأشار لشرط آخر]: هذا هو ثالث الشروط.
قوله: [ككون المجيز في نفقة الموصي]: مثال للعذر.
قوله: [أو خوفه من الموصى له]: أي لكونه ذا سطوة في تلك الحالة مثلاً.
قوله: [الجهل]: غير المصنف جعله شرطاً آخر وكل صحيح.
قوله: [وإن حلف بالله]: شرط في قبول العذر بالجهل فهو شرط في الشرط.
قوله: [أي اعتقد]: أي من أجاز.
وقوله: [أن له التصرف]: أي الموصي.
قوله: [وأجاز بالشروط] أي ما عدا عدم الجهل؛ لأنه الموضوع.
قوله: [أو بمثله]: اعلم أنه إذا جمع بين مثل ونصيب فظاهر أن له الجميع باتفاق، وأما إن حذف مثل واقتصر على نصيب ففي ابن الحاجب وابن شاس أنه كذلك الذي صرح به اللخمي أنه يجعل الموصى له زائداً وتكون التركة بينه وبين الابن نصفين اتفاقاً أفاده (بن).
قوله: [فيأخذ الموصى له جميع تركة الميت]: أي بشرط أن يكون الابن موجوداً فإن لم يكن موجوداً بأن قال أوصيت له بنصيب ابني ولا ابن له فتبطل إلا أن يقول لو كان موجوداً أو يحدث له بعد الوصية وقبل الموت ولا بد أن يكون ذلك الولد معيناً، وأما لو قال أوصيت له بنصيب أحد أولادي وكان له ورثة يختلف إرثهم فسيذكره في "فبجزء من عدد رءوسهم" وأن لا يقوم بذلك الولد مانع ككونه رقيقاً أو كافراً فتبطل الوصية إلا أن يقول أوصيت له بنصيب ابني لو كان يرث فيعطى نصيبه حينئذ وتتوقف الوصية على إجازة الوارث فيما زاد عن الثلث.
قوله: [إلى آخر ما علمته]: أي في السوادة وحاصله أنه إن مات الموصي لزيد بنصيب ابنه وترك صاحب فرض كزوجة مثلاً، فإن كان معه ابن وأجاز كانت السبعة الأثمان للموصى له وإن لم يجز أحد ثلث التركة وإن كان معه ابنان كان له نصف ما بقي بعد الفرض إن أجاز وإلا فله ثلث التركة فإن زادوا كان له مثل نصيب أحدهم أجازوا أو لا.
قوله: [يقدر زائداً على ذريته]: أي فإن كان الموصى له ذكراً
الأظهر.
وقيل: ضعف الشيء ما ساواه فثمرة الخلاف عند تعدد الولد كما مثلنا أما مع ابن واحد فللموصى له جميع التركة إن أجاز على كلا القولين، كما قال:(والأظهر أن ضعفه مثلاه، و) إن أوصى لشخص (بـ) مثل (نصيب أحد الورثة) فيحاسبهم الموصى له (فبجزء من عدد رؤوسهم): أي يقسم المال على الورثة وعلى الموصى له الذكر كالأنثى، ثم بعد أخذه ما نابه يقسم الباقي على الورثة على الفريضة الشرعية للذكر مثل حظ الأنثيين.
(و) إن أوصى لشخص (بجزء) من ماله، وكقوله [1]: أوصيت لزيد بجزء من مالي (أو) قال: أوصيت له (بسهم) من مالي (فبسهم) يحاسب به ويأخذه (من فريضته) إن لم تكن عائلة، كقول امرأة: أوصيت لفلان بجزء من مالي، وماتت عن زوج وأم، فيأخذ واحداً من ستة ثم يقسم الباقي على الورثة. أو كانت عائلة فيأخذ سهماً من سبعة وعشرين حيث عالت الأربعة والعشرون؛ لأن العول من جملة التأصيل. فالوصية تقدم على الإرث ثم يقسم على الورثة الباقي، فالضرر يدخل عن الجميع. فإن لم تكن له فريضة - بأن لم يكن له وارث - فهل له سهم من ستة وهو قول ابن القاسم، أو من ثمانية؟ وهو قول أشهب.
(وهي) أي الوصية الصادرة في الصحة أو المرض (ومدبر) إن كان التدبير (بمرض) مات منه كلاهما (فيما علم) من المال: أي علمه الموصي والسيد ولو كان العلم بعد الوصية والتدبير. أما مدبر الصحة فيكون حتى في المجهول، ولو تجدد ولم يعلم به حتى مات؛ لأن قصد السيد عتقه من ماله الذي يموت عنه والمريض يتوقع الموت فلا يقصد إلا عتقه مما علم. فإن صح من مرضه صحة بينة ثم مات كان كمدبر الصحة. وإنما لم تدخل وصية الصحة في المجهول بخلاف مدبر الصحة؛ لأنها عقد غير لازم بخلافه.
(لا) تدخل الوصية (فيما أقر به) في صحة أو مرض (فبطل) لكونه لصديق ملاطف أو لزوج بمرض أو أقر سفيه بدين في صحته أو مرضه فكلامه أعم
ــ
قدر زائداً على الأولاد الذكور، وإن كان أنثى قدر زائداً على الأولاد الإناث فإن كان الموصى له خنثى مشكلاً فالظاهر أنه يعطى نصف نصيبي ذكر وأنثى كما نقله سيدي عبد الله المغربي عن شيخه محمد الزرقاني.
قوله: [وقيل ضعف الشيء] إلخ: قائله شيخ ابن القصار.
قوله: [فبجزء]: المناسب إدخال هذه الفاء على قوله "يحاسبهم" ويستغنى عن الفاء الأولى.
قوله: [الذكر كالأنثى]: أي فإن كان عدد رءوس ورثته ثلاثة فله الثلث أو أربعة فله الربع أو خمسة فله الخمس، وهكذا ولا نظر لما يستحقه كل وارث بل يجعل الذكر رأساً والأنثى كذلك.
قوله: [من فريضته]: أي من أصل فريضته.
قوله: [فيأخذوا حداً [2] من ستة]: أي؛ لأن الزوج في المثال له النصف مخرجه اثنان والأم لها الثلث مخرجه ثلاثة وبينهما تباين فيضرب أحدهما في الآخر بستة يعطي الموصى له واحداً تبقى خمسة للزوج ثلاثة وهي نصف التركة وللأم اثنان هما ثلثها.
قوله: [حيث عالت الأربعة والعشرون]: أي وذلك في صورة واحدة وتسمى بالمنبرية كما يأتي وهي مات رجل وترك زوجة وأبوين وبنتين فأصلها أربعة وعشرون؛ لأن فيها ثمناً وسدساً أو ثلثاً فللبنتين ستة عشر وللأبوين ثمناً ففضلت الزوجة من غير شيء فيعال لها بمثل ثمنها فيصير ثمن الأربعة والعشرين تسعاً لكونه ثلاثة من سبعة وعشرين، وسيأتي إيضاح ذلك إن شاء الله تعالى، ومعلوم أن الوصية مقدمة فيعطى الموصى له واحداً من السبعة والعشرين كما قال الشارح.
قوله: [فالضرر يدخل على الجميع]: أي فهذا الواحد الذي أخذه الموصى له نسبته للمسألة عائلة ثلث تسع فينقص كل واحد من سهامه عائلة ثلث تسعة فليفهم.
قوله: [بأن لم يكن له وارث]: أي أصلاً لا بالفرض ولا بالتعصيب.
قوله: [فهل له سهم من ستة]: أي؛ لأنه أقل عدد يخرج منه الفرائض المقدرة لأهل النسب؛ لأن الستة مخرج للسدس وهو أقل سهم مفروض لأهل النسب.
قوله: [أو من ثمانية]؛ لأنه مخرج أقل السهام التي فرضها الله واستقر به ابن عبد السلام أفاده محشي الأصل.
قوله: [فيما علم من المال]: أي في ثلث ما علمه الموصي والمدبر فإن تنازع الورثة والموصى له في العلم وعدمه فالقول للورثة بيمين فإن نكلوا فللموصى له بيمين وانظر لو نكل أفاده محشي الأصل.
قوله: [أما مدبر الصحة]: إلخ: مثله صداق المريض.
قوله: [فإن صح من مرضه]: أي الذي دبر فيه العبد.
قوله: [كان كمدبر الصحة]: أي فيكون في المعلوم والمجهول.
تنبيه: تدخل الوصية المقدمة على التدبير في المدبر فيباع لأجلها عند الضيق وسواء دبر في الصحة أو المرض فمن أوصى بفك أسير وكان فكه يزيد على ثلث الميت الذي من جملته قيمة المدبر مائة وفك الأسير مائة فيبطل التدبير، وتدخل الوصية أيضاً في العمرى الراجعة بعد موته ولو بسنين، وكذا تدخل في الحبس الراجع بعد موته أفاده في الأصل.
قوله: [لا تدخل الوصية فيما أقر به] إلخ: أي وإذا لم تدخل الوصية في ذلك بطلت ورجع ميراثاً.
قوله: [فكلامه أعم من قول الأصل] إلخ: أي لإفادته أن المدار على الإقرار الذي فيه تهمة.
قوله: [ومال بضاعة]: أي أو قراض
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (كقوله).
[2]
كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(فيأخذ واحداً).
من قول الأصل "أقر به في مرضه". (أو أوصى به لوارث): ولم يجزه بقية الورثة، فلا تدخل فيه الوصية حيث مات ولم يعلم بأن ما أقر به بطل، ولا علم برد بقية الورثة. فإن علم قبل موته دخلت فيه.
(والأظهر): من القولين اللذين في الأصل (الدخول): أي دخول الوصية (فيما): أي في الشيء الذي (شهر) عند الناس (تلفه) من مال الوصي (فظهرت السلامة؛ كالآبق) والسفينة ومال بضاعة فهو أعم من قول الأصل: "وفي سفينة أو عبد قولان".
(وندب كتابتها): أي الوصية (و) ندب (بدء بتسمية وثناء) على الله كالحمد (وتشهد) بكتابة ذلك أو نطق به إن لم يكتب.
(وأشهد) الموصي على وصيته لأجل صحتها ونفوذها. وحيث أشهد فيجوز للشهود أن يشهدوا على ما انطوت عليه وصيته؛ كما قال: (ولهم الشهادة وإن لم يقرأها) عليهم (ولم يفتح الكتاب) الذي فيه الوصية. (وتنفذ) الوصية حيث أشهد، بقوله لهم: اشهدوا بما في هذه، ولم يوجد فيها محو (ولو كانت) الوصية (عنده): أي الكتاب الذي هي فيه عند الموصي لم يخرجه حتى مات. (ولو ثبت) عند الحاكم بالبينة الشرعية (إن عقدها خطه): أي الموصي؛ أي ثبت أن ما اشتملت عليه الورقة بخطه (أو قرأها) على الشهود (ولم يشهد) في الصورتين بأن لم يقل: اشهدوا على وصيتي (أو) لم (يقل: نفذوها، لم تنفذ) بعد موته: لاحتمال رجوعه عنها. ولو وجد فيها بخطه أنفذوها فلا يفيد. ومفهومه أنه لو قال: اشهدوا أو قال أنفذوها نفذت.
(وإن قال) الموصي: (كتبتها) أي الوصية ووضعتها (عند فلان) فصدقوه إلخ، فإن فلاناً يصدق في أن هذا الكتاب بما فيه هو وصية الميت. ثم إن كان بخط الميت فيقبل ما فيه ولو كان المكتوب فيه: أنه لفلان ابن من عنده الوصية. وإن كان بغير خطه ووجد فيه أن أكثر الثلث لابن فلان أو صديقه ممن يتهم فيه لا يصدق. أما بقليل من الثلث فيصدق. (أو) قال الموصي (أوصيته): أي فلاناً (بثلثي): أي بتفرقته، (فصدقوه) فقال فلان: هذه وصيته التي عندي إلى آخر ما علمت، أو قال: هو أمرني أن أفرقه على فلان وفلان أو على جماعة كذا (صدق) في قوله (إن لم يقل) إنه أمرني أن أدفع الثلث أو أكثر [1](لابني) أو نحوه ممن يتهم عليه كصديقه أو أخيه الملاطف.
(و) إن قال الموصي لجماعة: اشهدوا على أن فلاناً (وصيي فقط) ولم يزد على ذلك فلم يقيد بشيء فلفظه مطلق (يعم) كل شيء فيكون فلان وصيه في جميع الأشياء؛ فيزوج بناته [2] الصغار بشروطهن والكبار بإذنهن إلا أن يأمره بالإجبار إلخ فيجري ما هنا على ما تقدم في النكاح من الإجبار وعدمه. وظاهر قوله: "يعم" أنه إذا كان الموصي وصياً على أيتام يكون فلان وصياً عليهم وهو ظاهر المدونة، وقيل لا يدخلون إلا بنص منه.
(و) إن قال فلان وصيي (على كذا) لشيء عينه (خص به) فلا يتعداه لغيره فإن تعداه لم ينفد (كـ) قوله: زيد وصيي [3](حتى يقدم فلان) كعمرو، فإن زيداً يكون وصيه في كل شيء حتى يقدم عمرو فينعزل زيد بمجرد قدوم عمرو. فإن مات عمرو في السفر استمر زيد وصياً (أو) قال الموصي: زوجتي فلانة وصيتي إلا أن (تتزوج)
ــ
يرسلهما ويشتهر تلفهما قبل الوصية ثم تظهر السلامة.
قوله: [من قول الأصل] إلخ: هو خليل وعبارته وفي سفينة أو عبد شهر تلفهما ثم ظهرت السلامة قولان اهـ فالشارح اختصرها.
قوله: [وتشهد]: أي فيستحب له أيضاً أن يبدأها بالشهادتين بعد البسملة والحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [فصدقوه] إلخ: الأولى حذفه من هنا ويكتفي في الحل بما بعده.
قوله: [ابن من عنده الوصية]: صفة لفلان وعلى هذا فقوله: "إن لم يقل لابني" لا يرجع لهذه، وظاهره ولو كان الذي لابنه أكثر الوصية أو كلها.
قوله: [وإن كان بغير خطه]: أي ويكون معنى قول المصنف كتبتها عند فلان أمرته بكتابتها.
قوله: [ووجد فيه أن أكثر الثلث لابن فلان]: تركيب فيه ثقل في المعنى واللفظ والأوضح إن لم يكن المكتوب لابنه فيها كثيراً في نفسه كان أكثر الثلث أو أقله كما هو صريح عبارة غيره.
قوله: [إلى آخر ما علمت]: أي من التفصيل في مسألة الكتابة فهو تفريع من الشارح عليها.
قوله: [أو قال هو أمرني] إلخ: مفرع على الثانية التي ليس فيها كتابة أصلاً وبالجملة فتضرع إلى الله في تعقيدها هذا الشارح.
قوله: [أو أكثره]: لا مفهوم له بل المدار على كون المسمى لابنه كثيراً وإن لم يكن أكثر الثلث كما تقدم.
قوله: [فلم يقيد بشيء]: مفرع على ما قبله. ولو قال في الحل من أول الأمر أي لم يقيد بشيء كما قال في الأصل لكان أظهر وأسهل.
واعلم أن طريقة ابن رشد أن الوكالة كالوصية فإذا قال: فلان وكيلي فإنه يعم قال في المقدمات: وهذا هو قولهم في الوكالة إذا قصرت طالت وإذا طالت قصرت، وطريقة ابن بشير وابن شاس الإطلاق في الوكالة مبطل حتى يعم أو يخص وكأنهم لاحظوا أن الموكل حي يمكنه الاستدراك بخلاف الموصي أفاده (بن).
فرع: لو قال فلان وصيي فتبين أنه ميت وله وصي فإن علم بموته كان وصيه وصياً وإلا فلا، وبطلت كما تبطل إن علم بموته ولم يكن له وصي أفاده الأجهوري.
قوله: [بشروطهن]: المراد بالشروط الجنس؛ لأن المعول عليه من الشروط إنما هو خوف الفساد عليها في مالها أو حالها.
قوله: [فيجري ما هنا على ما تقدم]: إلخ: قال المتن فما تقدم فوصيه إن عين له الزوج أو أمراه به أو بالنكاح كأنت
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (أكثره).
[2]
ليست في ط المعارف.
[3]
في ط المعارف: (وصي).
فتستمر إلى تزوجها فتعزل.
(وإنما يوصى على المحجور عليه) لصغر أو سفه (أب رشيد): فالأب المحجور عليه لا وصية له على ولده، وكذا لو بلغ الصبي رشيداً ثم حصل له السفه وإنما النظر للحاكم.
(أو وصيه): أي وصي الأب له الإيصاء على الأولاد الذين كان وصياً عليهم وهكذا، وليس لمقدم القاضي إيصاء عند موته ولا غيره من الأقارب.
(إلا الأم) فلها الإيصاء على أولادها بشروط أشار لها بقوله: (إن قل المال) الموصى عليه قلة نسبية كستين ديناراً إلا إن كثر فليس لها الإيصاء.
(وورث) المال (عنها) بأن كان المال لها وماتت عنه. أما لو كان المال للولد من غيرها -كأبيه أو من هبة- فليس لها الإيصاء بل ترفع للحاكم.
(ولا ولي له): أي للموصى عليه من أب أو وصي من الأب أو مقدم قاض، فلا وصية لها على أولادها عند وجود واحد منهم. وقولنا فيما تقدم: ترفع للحاكم إن كان عدلاً، وإلا فواحد من المؤمنين عدل يتصرف لهم. ومنه: إذا مات ولم يوص فتصرف أخوهم الكبير أو عمهم أو جدهم فتصرفه ماض بحيث لو بلغوا لا رد لهم.
(مسلماً) معمول لـ: "يوصي"، فلا يصح كون الكافر وصياً (رشيداً) فلا يصح كونه صبياً أو سفيهاً أو مجنوناً (عدلاً) فيما ولي عليه، فلا يصح لخائن ولا لمن يتصرف بغير الوجه الشرعي.
(وإن) كان الوصي على الأولاد (امرأة) أجنبية أو زوجة الموصي أو أم ولد أو مدبرة (وأعمى) فإنه يصح أن يكون وصياً، كان العمى أصلياً أو طارئاً، (وعبداً) فيصح جعله وصياً (بإذن سيده) وليس لسيده رجوع بعد الرضا. ودخل في العبد: مدبره والمكاتب والمبعض والمعتق لأجل.
وإذا كان الوصي عدلاً ابتداء ثم طرأ عليه الفسق فإنه يعزل، فإن تصرف فهو مردود إذ تشترط العدالة ابتداء ودواماً، كما أشار له بقوله:
ــ
وصيي عليها على الأرجح. قال هناك شراح خليل: والراجح الجبران ذكر البضع أو النكاح أو التزويج بأن قال له الأب أنت وصيي على بضع بناتي أو على نكاحهن أو على تزويجهن أو على بنتي تزوجها قبل البلوغ أو بعده أو ممن شئت وإن لم يذكر شيئاً من الثلاثة، فالراجح عدم الجبر كما إذا قال وصيي على بناتي أو على بعض بناتي أو على بنتي فلانة، وأما لو قال وصيي فقط أو على مالي أو على تركتي فلا جبر له اتفاقاً، فلو زوج جبراً حينئذ فاستظهر الأجهوري الإمضاء وتوقف فيه الشيخ أحمد النفراوي، وإن زوج من غير جبر صح أفاده محشي الأصل هنا.
قوله: [فتستمر إلى تزوجها]: أي وكذا إذا أوصى لها أو لأم ولده بسكنى أو بغلة إلى أن تتزوج فإنه يعمل بما شرط، فإذا عقد لها فلا سكنى لها ولا غلة بعد ذلك، ولا ينزع منها الماضي من الغلة بزواجها.
قوله: [وإنما يوصى على المحجور عليه] إلخ: الحصر بالنسبة للموروث عن الموصي، أما إن تبرع ميت على محجور عليه فله أن يجعل لما تبرع به من شاء ناظراً ولو كان للمحجور عليه أب أو وصي.
قوله: [ثم حصل له السفه]: أي كالجنون مثلاً.
قوله: [أو وصيه]: محل كون وصي الأب له أن يوصي إن لم يمنعه الأب من الإيصاء كما لو قال: أوصيتك على أولادي وليس لك أن توصي عليهم فلا يجوز لوصي الأب حينئذ إيصاء.
قوله: [ولا لغيره من الأقارب]: أي كالأجداد والأعمام والإخوة.
قوله: [كستين ديناراً]: قال ابن [1] المنظور له في القلة بحسب العرف فلا خصوصية للستين؛ إذا علمت ذلك فالمناسب للشارح أن يقول: قلة عرفية بدل قوله نسبية.
قوله: [وورث المال عنها]: أي وأما لو وهبت مالاً لأولادها الصغار أو تصدقت به عليهم فلها أن تجعل ناظراً على ذلك من شاءت كان المال قليلاً أو كثيراً، بل ولو كان للأولاد أب أو وصي.
قوله: [أو من هبة]: أي أو من غيرها لما علمت. قوله: [ولا ولي له]: تحصل أن الشروط ثلاثة فإن فقدت أو بعضها وأوصت وتصرف وصيها فتصرفه غير نافذ وللصبي إذا رشد أو الحاكم رده ما لم ينفقه عليه في الأمور الضرورية بالمعروف.
قوله: [ومنه إذا مات] إلخ: أي ممن يقوم مقام الحاكم. قال في الأصل: وبقي هنا مسألة ضرورية كثيرة الوقوع وهي أن يموت الرجل عن أولاد صغار ولم يوص عليهم فتصرف في أموالهم عمهم أو أخوهم الكبير أو جدهم بالمصلحة فهل هذا التصرف ماض أو لا وللصغار إذا رشدوا إبطاله؟ ذكر أشياخنا أنه ماض لجريان العادة بأن من ذكر يقوم مقام الأب لا سيما في هذه الأزمنة التي عظم فيها جور الحكام بحيث لو رفع لهم حال الصغار لاستأصلوا مال الأيتام.
قوله: [بحيث لو بلغوا]: أي ورشدوا.
قوله: [مسلماً] إلخ: هذه شروط الوصي وهي أربعة ذكر هنا ثلاثة وتقدم الرابع وهو كونه مقاماً من طرف الأب أو الوصي أو الحاكم، وكما تعتبر في الوصي على المحجور عليه تعتبر في الوصي على اقتضاء الدين أو قضائه، واشترط فيه العدالة خوف أن يدعي غير العدل الضياع، وأما الوصي على تفريق الثلث أو على العتق فلا يشترط فيه العدالة. نعم لا بد فيه أن يكون مسلماً مكلفاً قادراً على القيام بما أوصي عليه.
قوله: [فيما ولي عليه] إلخ: معلوم أن هذا لا يستلزم الإسلام فاندفع ما يقال إنه يستغنى بذكر العدالة عن الإسلام وحاصله أن الاستغناء يكون إن أريد بالعدالة عدالة الشهادة أو عدالة الرواية وليس كل مراداً هنا بل المراد هنا حسن التصرف.
قوله: [ودخل في العبد]: أي في عمومه.
وقوله: [مدبره]: أي الموصي ولا مفهوم له بل مثله مدبر الغير وكذا يقال فيما
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(بن).
(وعزل بطرو فسق ولا يبيع) الوصي (عبداً) تركه الموصي وكذلك الأمة حيث كان الرقيق
(يحسن القيام بالصغار): لأن بيعه حينئذ ليس مصلحة والوصي لا يجوز له التصرف بغير المصلحة.
(ولا) يجوز للوصي أن يبيع (التركة) أو شيئاً منها لقضاء دين أو تنفيذ وصية (إلا بحضرة الكبير) لأنه ليس له التصرف في حصته بغير إذنه فإن غاب الكبير أو امتنع من البيع نظر الحاكم.
(ولا يقسم) الوصي (على غائب) من الورثة (بلا حاكم) فإن قسمبدون حاكم نقضت، والمشترون حكمهم حكم الغاصب لا غلة لهم، ويضمنون حتى السماوي.
(و) إن أوصى (لاثنين) بلفظ واحد: كجعلتكما وصيين، أو بلفظين في زمن أو زمنين من غير تقييد باجتماع أو افتراق (حمل) على قصد (التعاون) وليس إيصاؤه للثاني عزلاً للأول فلا يستقل أحدهما ببيع أو شراء أو نكاح أو غير ذلك إلا بتوكيل. أما لو قيد الموصي باجتماع أو افتراق عمل به.
(فإن مات أحدهما): أي الوصيين (أو اختلفا) في أمر: كبيع أو شراء أو تزويج (فالحاكم) ينظر فيما فيه الأصلح من إبقاء الحي وصياً أو جعل غيره معه، أو يرد فعل أحدهما في الاختلاف أو يمضي.
(وليس لأحدهما) أي الوصيين (إيصاء) لغيره في حياته (بلا إذن) من صاحبه أما بإذنه فيجوز (ولا) يجوز (لهما قسم المال) الذي أوصاهما عليه (وإلا) بأن قسماه بينهما وصار كل واحد يتصرف في حصته (ضمنا) ما تلف منه ولو بسماوي للتفريط. فيضمن كل ما تلف ولو بيد صاحبه لرفع يده عنه.
(وللوصي اقتضاء الدين) ممن هو عليه، واللام للاختصاص فلا ينافي أنه يجب عليه.
(و) للوصي (تأخيره) أي الدين إذا كان حالاً (لنظر) أي مصلحة في التأخير.
(و) للوصي (النفقة عليه): أي على الطفل الذي في حجره (بالمعروف) بحسب حال الطفل والمال من قلة أكل أو قلة مال وضدهما وكسوة.
(كختنه): فيجوز للوصي النفقة عليه في ختنه، ويجوز الأكل منها حيث لم يكن سرفاً (وعرسه وعبده): فيوسع عليه نفقة العبد مما هو معتاد شرعاً، لا في نحو لعب في ختن أو عرس
ــ
بعده.
قوله: [وعزل بطرو فسق]: المراد بطرو الفسق الذي يعزل به ظهور عدم إنصافه فيما ولي فيه، ومثل الطرو المذكور حدوث العداوة للمحجور إذ لا يؤمن العدو على عدوه.
قوله: [ولا يبيع الوصي عبداً] إلخ: من هذا المعنى لو أوصى عبداً له على أولاده الأصاغر وأراد أولاده الكبار بيع ذلك العبد الموصي اشترى ذلك العبد للأصاغر بأن يشتري حصة الكبار لهم إن كان لهم مال يحمله وإلا باع الكبار حصتهم خاصة إلا أن ينقص ثمنها أو لم يوجد من يشتريها مفردة فيباع العبد جميعه، ثم إن أبقاه المشتري وصياً على حاله فظاهر وإلا بطل.
قوله: [إلا بحضرة الكبير]: هذا إذا كان في الحضر أما إذا كان في السفر فله البيع ففي (ح) فرع لو مات شخص في سفره فلوصيه بيع متاعه وعروضه؛ لأنه يثقل حمله قاله في النوادر، بل ذكر البرزلي في كتاب السلم عن أبي عمران: أن من مات في سفر بموضع لا قضاة به ولا عدول ولم يوص واجتمع المسافرون وقدموا رجلاً فباع هناك تركته ثم قدموا بلد الميت فأراد الورثة نقض البيع إذا لم يبع بإذن حاكم وبلده بعيد من موضع الموت أن ما فعله جماعة الرفقة من بيع أو غيره جائز، قال وقد وقع هذا لعيسى بن عسكر وصوب فعله وأمضاه أفاده في حاشية الأصل.
قوله: [فإن غاب الكبير]: أي غيبة قريبة أو بعيدة.
وقوله: [أو امتنع من البيع]: أي أو كان حاضراً وامتنع من البيع.
قوله: [نظر الحاكم]: أي فإما أن يأمر الوصي بالبيع أو يأمر من يبيع معه للغائب، أو يقسم ما ينقسم فإن لم يرفع الأمر للحاكم وباع رد بيعه إن كان المبيع قائماً فإن فات بيد المشتري بهبة أو صبغ ثوب أو نسج غزل أو أكل طعام وكان قد أصاب وجه البيع فهل يمضي وهو المستحسن أو لا يمضي وهو القياس؟ قولان أفاده محشي الأصل نقلا عن (ح).
قوله: [والمشترون]: أي للتركة أو بعضها التي باعها الوصي من غير حضور الكبير أو وكيله، ومن غير رفع للحاكم العالمون بذلك وهذا مرتبط بكل من مسألة القسم والبيع قبله.
قوله: [وإن أوصى لاثنين] إلخ: أي وأما لو أوصى واحداً وجعل آخر ناظراً عليه فإنما لذلك الناظر النظر في تصرفات الوصي وليس له رد السداد من تصرفه ولا نزع المال منه.
قوله: [إلا بتوكيل]: أي من الآخر له.
قوله: [فإن مات أحدهما] إلخ: محل نظر الحاكم في موت أحدهما إن لم يوص ذلك الميت لصاحبه أو لغيره وإلا فلا نظر له. قوله: [أما بإذنه فيجوز]: أي كما يجوز لأحدهما أن يوصي لصاحبه بقيامه مقامه إذا مات.
قوله: [ولا يجوز لهما قسم المال]: ظاهره ولو كان المال لصبيين واقتسماهما فلا يأخذ كل حصة الصبي الذي عنده.
قوله: [لرفع يده عنه]: أي لتعديه برفع يده عما كان يجب وضعها عليه وما ذكره الشارح من ضمان كل ما تلف منه أو من صاحبه هو المعتمد، وقيل إن كل واحد يضمن ما هلك بيد صاحبه فقط دون ما هلك بيده، ودرج عليه ابن الحاجب، وفائدة الخلاف أن كل واحد إما غريم بجميع المال أو بما قبضه صاحبه فقط.
قوله: [بحسب حال الطفل والمال] إلخ: أي فلا يضيق على صاحب المال الكثير
فيضمن. (و) يجوز للوصي (دفع نفقة له): أي لموصى عليه إن (قلت) مما لا يخاف عليه إتلافه؛ كجمعة أو شهر. فإن خاف إتلافه فيوم يوم.
(و) للوصي (إخراج فطرته): أي زكاة الفطر عنه وعمن تلزمه نفقته من مال اليتيم كأمه الفقيرة.
(و) له إخراج (زكاته) من حرث وماشية ونقد وعروض، ويرفع لحاكم مالكي يحكم بذلك خوف أن يرفع الصبي للحاكم الحنفي الذي لا يرى الزكاة على الصبي فيضمن الوصي.
(و) للوصي (دفع ماله): أي الموصى عليه للغير يعمل فيه (قراضاً) بجزء من الربح (وأبضاعاً): أي بدفع دراهم لمن يشتري بها سلعة؛ كعبد من البلد الذي فيها للشيء المطلوب لكونه فيه نفع للصبي والواو بمعنى أو وللوصي أن لا يدفع إذ لا يجب عليه تنمية مال اليتيم.
(ولا يعمل هو): أي الوصي بالمال لئلا يحابي لنفسه. والنهي للكراهة، فإن عمل لليتيم خاصة ليس له فيه شيء فذلك معروف لا ينهى عنه.
(ولا يشتري) الوصي شيئاً (من التركة) على جهة الكراهة؛ لأنه يتهم على المحاباة (و) إن وقع وعمل بنفسه قراضاً أو اشترى شيئاً من التركة (تعقب) أي تعقبه الحاكم (بالنظر) في المصلحة، فإن كان صواباً أمضاه وإلا رده.
(إلا) اشتراء (ما قل وانتهت فيه الرغبات) بعد شهرته للبيع في سوقه فيجوز للوصي شراؤه.
(والقول له): أي للوصي وكذلك وصيه ولو تسلسل ومقدم القاضي والكافر (في النفقة): أي في أصلها إذا تنازع مع المحجور في ذلك مدة حضانته وأشبه قول الوصي بيمينه. فإن كان في حضانة غيره فلا يقبل قوله إلا ببينة، كما لم يقبل قوله إذا لم يشبه أو لم يحلف.
(و) القول للوصي إذا تنازع من كان في حجره في (قدرها) أي: النفقة حيث أشبه وحلف، كما قال، (إن أشبه بيمين لا) يقبل قول الوصي (في تاريخ الموت) بل لا بد من ثبوته (ولا) يقبل قول الوصي (في الدفع) لمال المحجور (بعد الرشد إلا ببينة) وظاهره: ولو طال الزمن بعد الرشد، وهو المعروف من المذهب. قال تعالى:{فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا} [النساء: 6].
ــ
دون نفقة مثله ولا يسرف ولا يوسع على قليله.
قوله: [فيضمن]: أي الوصي السرف وما أتلفه في الملاهي، وأما الآكلون من يده فلا ضمان عليهم لتعلقه بذمة الوصي بمجرد تفويته.
قوله: [دفع نفقة له]: ربما يشعر قوله "له" أنه لا يدفع للمحجور عليه نفقة زوجته ولا ولده ولا أم ولده ورقيقه وهو كذلك على الراجح الذي أقامه ابن الهندي من المدونة، بل يسلم نفقة كل واحد منهم له في يده، وقال ابن القصار نفقة أم ولده ورقيقه يدفعان إليه دون نفقة زوجته وولدها.
قوله: [وله إخراج زكاته] إلخ: أي للوصي أن يخرج زكاة محجوره إن كان الوصي مالكياً كان الولد كذلك أم لا، فإن كان الوصي حنفياً لم يجب عليه إخراجها. ولو كان الولد مالكياً فالعبرة بمذهب الوصي لا بمذهب الطفل أو أبيه.
قوله: [ويرفع لحاكم مالكي]: أي إن كان هناك حنفي وكان لا يخفى عليه أمر اليتيم ويخشى من رفعه إليه وإلا أخرج من غير رفع وذلك كبعض بلاد المغرب والسودان التي لم يوجد فيها غير الحاكم المالكي.
قوله: [ولوصي دفع ماله] إلخ: أي ولو كان عمل القراض أو شراء البضاعة يحتاج لسفر في البر أو البحر.
قوله: [إذ لا يجب عليه تنمية مال اليتيم]: أي بل يندب. وقول عائشة: " اتجروا في مال اليتامى لا تأكلها الزكاة ". حمله ابن رشد على الندب، وقال الشافعي بوجوب التنمية على حسب الطاقة أخذاً بظاهر الحديث.
قوله: [ولا يعمل هو]: أي بجزء من الربح ولو كان ذلك الجزء يشبه قراض مثله.
قوله: [والقول له] إلخ: حاصله أنه إذا تنازع مع المحجور عليه في أصل الإنفاق أو في قدره أو فيهما فالقول قول الوصي بشروط ثلاثة كون المحجور في حضانته وأن يشبه فيما يدعيه ويحلف وإلا فلا بد من البينة.
قوله: [فإن كان في حضانة غيره]: أي سواء كان الحاضن ملياً أو معدماً وهذا هو قول الأكثر، وللجزولي إن كانت الحاضنة فقيرة وسكتت لآخر المدة. والحال أن الولد يظهر عليه النعمة والخير صدق الوصي بيمينه لوجود القرينة المصدقة له، وإن كانت الحاضنة غنية فلا يصدق الوصي، وهذا التفصيل استحسنه اللخمي.
تنبيه: ليس لوارث الطفل أن ينكشف على ما بيد الوصي ويأخذ وثيقة بعلم عدده عليه محتجاً بأنه إذا مات صار المال له فلا مخاصمة له في ذلك على الوصي وعلى الوصي أن يشهد ليتيمه بماله الكائن بيده.
قوله: [لا يقبل قول الوصي]: أي فإذا قال الوصي: مات منذ سنتين مثلاً، وقال الصغير: بل سنة فالقول للصغير وإن كان هذا الأمر يرجع لقلة النفقة وكثرتها؛ لأن الأمانة التي أوجبت صدقه فيها لم تتناول الزمان المتنازع فيه.
قوله: [بعد الرشد إلا ببينة]: متعلق بالدفع، وكذا لو دفع له قبل البلوغ فلا يصدق ولو وافقه الولد قبل بلوغه، بل ولو قامت بينة بذلك لتفريطه حيث لم يبق بيده الولد للبلوغ.
قوله: {فأشهدوا عليهم} [النساء: 6]: أي فالأمر بالإشهاد لئلا يغرموا على هذا المشهور ومقابله