الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأقوال الستة؛ وهو قول ابن القاسم واختاره ابن المواز: أن الزرع في الفاسدة لمن اجتمع له شيئان من أصول ثلاثة البذر والأرض والعمل (ولو كان): أي الشركاء (ثلاثة) فأكثر؛ (فالزرع
لمن له شيئان) منها؛ (تعدد) من له الشيئان (أو انفرد) فإن انفرد فظاهر وإن تعدد كان بينهما أو بينهم وأعطي لمن انفرد بشيء [1] مثل بذره إن كان ما انفرد به بذراً أو أجرته إن كان غير بذر.
(فلو انفرد كل) منهم (بشيء) واحد من الأصول الثلاثة (فبينهم) الزرع أثلاثاً كما لو كان لكل منهم شيئان. اهـ. مذهب ابن القاسم.
القول الثاني: أن الزرع لصاحب البذر، وعليه لأصحابه أجر ما أخرجوه.
الثالث لابن حبيب: أن الشركة إن فسدت للمخابرة أي كراء الأرض بما يخرج منها فالزرع لرب البذر وإن فسدت لغيرها كان بينهم على ما شرطوا وتعادلوا فيما أخرجوه.
الرابع: أن الزرع لصاحب عمل اليد ولو انفرد به وعليه لأصحابه ما أخرجوه من بذر أو أرض.
الخامس: لمن اجتمع له شيئان من أربعة أشياء؛ أرض وبذر وعمل يد وبقر.
السادس: لمن له شيئان من ثلاثة أشياء؛ أرض، وبقر وعمل.
وكلام الشيخ مع إجماله قاصر فينبغي حله بما لابن القاسم، والله أعلم بالصواب.
(باب)
في الوكالة
وأحكامها
(الوكالة): بفتح الواو وكسرها: وهي لغة الحفظ والكفالة والضمان والتفويض. يقال: وكلت أمري لفلان فوضته إليه. وشرعاً: ما أشار له بقوله: "نيابة" إلخ.
أركانها أربعة: موكل، ووكيل، وموكل فيه، وصيغة تعلم من قوله:(نيابة): وهي تستلزم منيباً ومناباً (في حق) من الحقوق المالية أو غيرها كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، كأنه قال: نيابة شخص لغيره في حق، وهذا إشارة إلى الموكل فيه، وستأتي الصيغة في قوله:"بما يدل".
(غير مشروطة) تلك النيابة (بموته) أي النائب خرج به الوصية (ولا إمارة): عطف على "غير" كأنه قال: وغير إمارة، خرج به نيابة السلطان أميراً أو قاضياً أو نيابة القاضي قاضياً في بعض عمله؛ فلا تسمى وكالة عرفاً.
ومثل للحق بقوله: (كعقد) لنكاح أو بيع أو إجارة أو غير ذلك فيجوز توكيل الغير فيه (وفسخ) لعقد مما ذكر إذا جاز كعقد مزارعة قبل البذر أو ولي سفيه أو سيد النكاح أو بيع وشمل الطلاق
ــ
العمل بشيئين فإن مقتضى ما تقدم يكون الزرع لصاحب العمل، ومقتضى المنسوب لابن القاسم يكون لمن اجتمع له الشيئان مطلقاً كما هو صريح المصنف بعد.
قوله: [لمن له شيئان منها]: أي من الأصول الثلاثة.
قوله: [فالزرع لرب البذر]: أي كان معه غيره أو لا.
قوله: [على ما شرطوا]: أي اجتمع لكل واحد شيئان أو لا.
قوله: [ولو انفرد به]: أي هذا إذا صحب عمل اليد شيء آخر من بقر أو بذر أو أرض بل ولو انفرد به.
قوله: [لمن اجتمع له شيئان من أربعة أشياء]: أي فإذا كانوا ثلاثة مثلاً واجتمع لكل واحد منهم شيئان من هذه الأربعة فإنهم يشتركون.
قوله: [السادس لمن له شيئان]: وقد نظم ابن غازي تلك الأقوال بقوله:
الزرع للعامل أو للباذر
…
في فاسد أو لذوي المخابر
ومن له حرفان من إحدى الكلم
…
عاب وعاث ثاعب يا من فهم
والمراد بالمخابر هنا: الذي يعطي أرضه بما يخرج منها وإلا عين للعمل، والألفات للأرض، والباءان للبذر، والثاءان للثيران. فقوله " عاب " إشارة للقول الأول، " وعاث " للقول السادس، و " ثاعب " للقول الخامس.
قوله: [فينبغي حله بما لابن القاسم]: قد علمت أن حمله على كلام ابن القاسم بعيد لأن كلام مصنفنا نظير كلام خليل.
باب في الوكالة
باب لما كان بين الوكالة والشركة مناسبة من جهة أن فيها وكالة أتبعها بها
.
قوله: [موكل]: أي وهو صاحب الحق.
وقوله: [ووكيل] فعيل بمعنى فاعل أي متوكل، أو بمعنى مفعول.
وقوله: [وموكل فيه]: أي وهو الحق الذي يقبل النيابة.
قوله: [تعلم]: أي تلك الأركان.
قوله: [منيباً ومناباً] أي موكلاً ووكيلاً.
قوله: [من الحقوق المالية أو غيرها]: أي كالتعازير فالمدار على كونه يقبل النيابة.
قوله: [كأنه قال نيابة شخص] إلخ: أي فنيابة مصدر منون حذف فاعله على حد: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة - يتيما} [البلد: 14 - 15] وحذفه قياسي لقول بعضهم:
عند النيابة مصدر وتعجب
…
ومفرغ ينقاس حذف الفاعل
قوله: [أي النائب]: صوابه أي ذي الحق.
قوله: [خرج به الوصية]: أي لأنه لا يقال فيها عرفاً وكالة ولذا فرقوا بين فلان وكيل ووصي.
قوله: [خرج به نيابة السلطان أميراً]: أي وهي النيابة العاملة.
وقوله: [أو نيابة القاضي قاضياً]: أي وهي النيابة الخاصة.
قوله: [كعقد لنكاح]: لكن إن كان الموكل الزوج جاز ولو صبياً أو امرأة، وأما إن كان الموكل الزوجة فيشترط فيه شروط الولي كما تقدم في النكاح.
قوله: [لنكاح أو بيع]: راجع لولي السفيه أو السيد.
قوله: [وشمل الطلاق]: أي يدخل الطلاق في الفسخ بناء على أن المراد بالفسخ مطلق الحل، وفي (شب) أنه داخل في العقد فعلى كل حال يجوز التوكيل على الطلاق، وإن كانت المرأة وقت
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (شيء).
والإقالة والخلع (وأداء) لدين (أو قضاء) له (وعقوبة) لمن له ذلك من أمير أو سيد أو زوج، وشملت التعازير والحدود فيجوز التوكيل فيها (وحوالة) فيجوز أن يوكل من يحيل غريمه على مدين له (وإبراء) من حق (وإن جهله) أي الحق (الثلاث) الموكل والوكيل ومن عليه الحق كأن يوكل إنساناً في إبرائه ذمة من عليه حق من مال أو غيره والإبراء هبة وهي تجوز بالمجهول (وحج) بأن يوكل من يحج عنه غير الفريضة أو من يستنيب له من يحج عنه وكذا الهبة والصدقة والوقف وقبض حق وكل ما يقبل النيابة.
(لا في) ما لا يقبلها من الأعمال البدنية نحو (يمين) فلا يصح توكيل من يحلف عنه (وصلاة) فلا يصح توكيل من يصلي عنه فرضاً أو نفلاً، بخلاف توكيل غيره في الإمامة بمحل يؤم فيه الناس أو يخطب عنه فيجوز.
(و) لا في (معصية كظهار): فلا يوكل من يظاهر عنه زوجته ولا يلزمه شيء. وكذا سائر المعاصي: فمن أمر غيره أن يشتري له خمراً أو يقتل نفساً بغير حق أو يغصب أو يسرق ونحو ذلك فلا يقال له نيابة، ويقال له أمر. ومن قال لغيره: افعل لي ما يجوز، كاسرق لي مالي الذي بيد فلان أو: اغصبه لي منه، أو: اقتل لي من قتل أبي الثابت شرعاً سمي نيابة ووكالة.
ــ
عقد التوكيل حائضاً فإن أوقعه الوكيل حالة الحيض جرى على حكم المطلق فيه.
قوله: [وأداء لدين]: أي بأن يوكل من عليه الدين شخصاً يؤديه عنه لأربابه.
وقوله: [أو قضاء له]: المناسب أو اقتضاء له بأن يوكل شخصاً يقبضه ممن هو عليه وبقاء القضاء على ما هو عليه يكون عين الأداء فيكون غير مفيد شيئاً.
قوله: [وشملت التعازير]: أي فللإمام أن يوكل من يباشر ذلك نيابة عنه.
قوله: [وحوالة]: زاد ابن شاس وابن الحاجب التوكيل في الحمالة، وفسر ذلك ابن هارون بأن يوكله على أن يتكفل لفلان بما على فلان، وقد كان التزم لرب الدين الذي على فلان أن يأتيه بكفيل عنه.
قوله: [وهي تجوز بالمجهول]: أي عندنا خلافاً للسادة الشافعية.
قوله: [وحج]: أي فتصح النيابة فيه وإن كان مكروهاً لقول خليل في باب الحج: ومنع استنابة صحيح في فرض وإلا كره.
قوله: [وقبض حق]: أي ديناً أو أمانة فهو أعم من قوله فيما تقدم، أو قضاء له.
قوله: [وكل ما يقبل النيابة]: أي بناء على تساوي النيابة والوكالة.
قوله: [فلا يصح توكيل من يحلف عنه]: اعلم أن الفعل الذي طلبه الشارع في الشخص ثلاثة أقسام: الأول: ما كان مشتملاً على مصلحة منظور فيها لخصوص الفاعل، وهذا لا تحصل مصلحته إلا بالمباشرة، وتمنع النيابة قطعاً؛ وذلك كاليمين والدخول في الإسلام والصلاة والصيام ووطء الزوجة ونحو ذلك؛ فإن مصلحة اليمين للدلالة على صدق المدعي وذلك غير حاصل بحلف غيره، ولذلك يقال: ليس في السنة أن يحلف أحد ويستحق غيره، ومصلحة الدخول في الإسلام إجلال الله وتعظيمه وإظهار العبودية له، وإنما تحصل من جهة الفاعل وكذا الصلاة والصيام ومصلحة الوطء الإعفاف، وتحصيل ولد ينسب إليه وذلك لا يحصل بفعل غيره.
الثاني: ما كان مشتملاً على مصلحة منظور فيها لذات الفعل من حيث هو، وهذا لا يتوقف حصول مصلحته على المباشرة وحينئذ فتصح فيه النيابة قطعاً وذلك كرد العواري والودائع والمغصوبات وقضاء الديون وتفريق الزكاة ونحوها. فإن مصلحة هذه الأشياء إيصال الحقوق لأهلها بنفسه أو بغيره، فلذلك يبرأ من كانت عليه بالوفاء وإن لم يشعر.
الثالث: ما كان مشتملاً على مصلحة منظور فيها لجهة الفعل ولجهة الفاعل وهو متردد بينهما.
واختلف العلماء في هذا بأيهما يلحق؟ وذلك كالحج فإنه عبادة معها إنفاق مال، فمالك ومن وافقه رأوا أن مصلحته تأديب النفس وتهذيبها بعظيم شعائر الله في تلك البقاع وإظهار الانقياد إليه، وهذا أمر مطلوب من كل قادر فإذا فعله إنسان عنه فاتت المصلحة التي طلبها الشارع منه، ورأوا أن إنفاق المال فيه أمر عارض بدليل أن المكي يحج بلا مال فقد ألحقوه بالقسم الأول لأن هذه المصالح لا تحصل بفعل الغير عنه، ولذا كان لا يسقط الفرض عمن حج عنه، وإنما له أجر النفقة والدعاء، والشافعي وغيره رأوا أن المصلحة فيه القربة المالية التي لا ينفك عنها غالباً فألحقوه بالقسم الثاني. اهـ ملخصا من (بن).
قوله: [في الإمامة]: اعلم أن الأذان والإمامة وقراءة القرآن والعلم بمكان مخصوص تجوز فيها النيابة حيث لم يشترط الواقف عدم النيابة فيها، فإن شرط الواقف عدمها وحصلت نيابة لم يكن المعلوم للأصل لتركه ولا للنائب لعدم تقرره في الوظيفة أصالة، وإن لم يشترط الواقف عدم النيابة فالمعلوم لصاحب الوظيفة المقرر فيها وهو النائب على ما تراضيا عليه من قليل أو كثير كانت الاستنابة لضرورة أو لا كما قاله
وتنفرد النيابة عن الوكالة في ذي إمرة نيب غيره في إمارة أو قضاء كذا ذكره بعضهم.
(ولا يجوز أكثر من) توكيل (واحد في خصومة) لما فيه من كثرة النزاع (إلا برضا الخصم) فيجوز الأكثر كما يجوز الواحد مطلقاً إلا لعداوة بين الوكيل والخصم لما فيه من الإضرار (كأن قاعده) أي قاعد خصمه عند الحاكم (ثلاثاً): أي ثلاث مجالس ولو في يوم واحد فليس له أن يوكل أحداً يخاصم عنه خصمه؛ لأن شأن الثلاثة مجالس انعقاد المقالات بينهما وظهور الحق، فالتوكيل حينئذ يوجب تجديد المنازعة وكثرة الشر (إلا لعذر) من مرض أو سفر فله حينئذ التوكيل. ومن العذر حلفه أن لا يخاصمه لكونه ألد الخصام، لا إن حلف لغير موجب.
(بما يدل عرفاً) متعلق بقوله: "نيابة في حق" وهذا هو الركن الرابع من أركانها.
والدال عرفاً أعم من أن يكون لفظاً أو غيره ككتابة أو إشارة قال بعضهم: أو عادة كتصرف الزوج لزوجته في مالها وهي عالمة ساكتة أو تصرف لإخوته كذلك فإنه محمول على التوكيل فيمضي فعله والقول قوله حتى يثبت المنع للمصرف من رب المال ولا بد من قبول الوكيل.
(لا بمجرد وكلتك) أو: أنت وكيلي، فإنه لا يفيد، وتكون وكالة باطلة وهو قول ابن بشير وقال ابن يونس: تفيد وتعم وعلى قول ابن بشير درج الشيخ.
ولذا قال: (بل حتى يفوض) للوكيل بأن يقول الموكل: وكلتك وكالة مفوضة أو في جميع أموري أو في كل شيء ونحو ذلك.
(أو يعين) له (بنص أو قرينة) في شيء خاص كنكاح أو بيع أو شراء لخاص أو عام.
(وله): أي الوكيل (في) توكيله على (البيع: طلب الثمن) من المشتري (وقبضه) منه لأنه من توابع البيع الذي وكل عليه.
(و) له (في) توكيله على (الشراء: قبض المبيع) من بائعه وتسليمه لموكله.
(و) له (رده) أي المبيع (بعيب) ظهر فيه (إن لم يعينه موكله) فإن عينه بأن قال له: اشتر لي هذه السلعة أو سلعة فلان الفلانية، فلا رد للوكيل بعيب ظهر فيها. وهذا في غير الوكيل المفوض وإلا فله الرد ولو عين له.
(وطولب) الوكيل (بالثمن) لسلعة اشتراها لموكله (وبالثمن) الذي باعه لموكله على بيعه (إلا أن يصرح) الوكيل (بالبراءة) من ذلك، بأن يقول: ولا أتولى دفع الثمن لك، أو لا أتولى دفع المثمن فلا يطالب وإنما يطالب بالثمن أو المثمن موكله.
وشبه في مفهوم (إلا أن كبعثني): أي كقوله لبائع: بعثني (فلان لتبيعه) كذا فباعه، فلا يطالب بالثمن، (بخلاف) بعثني (لأشتري له منك) كذا فيطالب الرسول إلا أن يعترف المرسل بأنه أرسله فليتبع أيهما شاء، كما في الحطاب عن التوضيح. والفرق بين هذه والتي قبلها: أنه في هذه أسند الشراء لنفسه وفيما قبلها أسنده لغيره، ولذا لو قال: لتبيعني، كان الطلب على الرسول.
ــ
المنوفي واختاره (بن) والأجهوري.
قوله: [وتنفرد النيابة عن الوكالة] إلخ: اعلم أنه اختلف، فقيل: إن النيابة مساوية للوكالة وهو لابن رشد وعياض، فكل ما صحت فيه النيابة تصح فيه الوكالة. وقيل: النيابة أعم فليس كل ما صحت فيه النيابة تصح فيه الوكالة كالإمرة كما قال الشارح.
قوله: [فليس له أن يوكل أحداً]: أي إلا برضاه.
قوله: [لأن شأن الثلاثة مجالس انعقاد المقالات]: ظاهره جواز التوكيل في أقل منها وهو مقتضى كلام المتيطي. لكن قال في المقدمات: المرتان كالثلاث على المشهور في المذهب كذا في (بن).
قوله: [لا إن حلف لغير موجب]: أي فلا يكون عذراً يبيح له التوكيل بل يتعين أن يخاصم بنفسه ويحنث في يمينه إلا أن يرضى خصمه بتوكيله.
قوله: [أو تصرف لإخوته كذلك]: أي كما قال ابن ناجي في ربع بين أخ وأخت، وكان الأخ يتولى كراءه وقبضه سنين متطاولة وادعى أنه كان يدفع لأخته ما يخصها في الكراء، فإن القول قوله لأنه وكيل بالعادة.
قوله: [وتكون وكالة باطلة]: أي في كل ما أبهم فيه الموكل عليه بخلاف أنت وصي فإنها صحيحة وتعم كل شيء.
قوله: [وقال ابن يونس تفيد وتعم]: أو ووافقه ابن رشد في المقدمات قال: وهو قولهم في الوكالة إن قصرت طالت وإن طالت قصرت، فعلى القول الأول فرق ابن شاس بينها وبين الوصية بوجهين.
أحدهما: العادة قال: لأنها تقتضي عند إطلاق لفظ الوصية التصرف في كل الأشياء ولا تقتضيه في الوكالة ويرجع إلى اللفظ وهو محتمل.
الثاني: أن الموكل مهيأ للتصرف فلا بد أن يبقي لنفسه شيئاً فيفتقر لتقرير ما أبقى والوصي لا تصرف له بعد الموت فلا يفتقر لتقريره. اهـ. (بن).
قوله: [وله أي للوكيل] إلخ: اللام بمعنى على لقول خليل في التوضيح لو سلم الوكيل المبيع ولم يقبض الثمن ضمنه. اهـ وهذا حيث لا عرف بعدم طلبه وإلا لم يلزمه بل ليس له حينئذ قبضه، ولا يبرأ المشتري بدفع الثمن إليه. قال المتيطي نقلاً عن أبي عمران: ولو كانت العادة عند الناس في الرباع أن وكيل البيع لا يقبض الثمن فإن المشتري لا يبرأ بالدفع للوكيل الذي باع، وإنما يحمل هذا على العادة الجارية بينهم. اهـ. (بن).
قوله: [قبض المبيع]: أي عليه أيضاً قبض المبيع حيث يجب عليه دفع الثمن وهو الذي لم يصرح بالبراءة من الثمن كما يأتي.
قوله: [وله رده]: قد علمت أن اللام بمعنى على أي يجب على الوكيل أن يرد المعيب إذا كان لا يعلم بالعيب حال شرائه ولم يكن ظاهراً لغير المتأمل وإلا فلا رد له، ويكون لازماً للوكيل إن لم يقبله الموكل.
قوله: [وشبه في مفهوم إلا]: هكذا نسخة المؤلف وصواب العبارة وشبه في مفهوم إلا أن يصرح
(و) طولب الوكيل (بالعهدة) من عيب فيما باعه لموكله أو استحقاق (ما لم يعلم المشتري) بأنه وكيل، وإلا فالطلب على الموكل (إلا المفوض) فالطلب عليه ولو علم المشتري أنه وكيل.
(وفعل) الوكيل (المصلحة) وجوباً أي يتعين عليه أن يفعل ما فيه المصلحة لموكله (فيتعين) عليه في التوكيل المطلق في بيع أو شراء (نقد البلد) من ذهب أو فضة.
(و) شراء (لائق) بموكله وإلا لم يلزم الموكل (وثمن المثل)(وإلا) لم يلزم الموكل و (خير) في القبول والرد إلا أن يكون شيئاً يسيراً يقع التغابن به بين الناس فلا كلام للموكل.
(كصرف ذهب) دفعه الموكل للوكيل ليسلمه له في طعام أو غيره أو يشتري له به شيئاً فصرفه (بفضة) وأسلمها أو اشترى بها فيخير الموكل بين القبول والرد في غير السلم مطلقاً، وفي السلم إن قبضه الوكيل لا إن لم يقبضه فيتعين وليس له الإجازة لما فيه من فسخ الدين في الدين وبيع الطعام قبل قبضه إن كان طعاماً وقيل التخيير إنما هو بعد القبض في السلم وغيره لا بعده لجريان العلة المذكورة، فتأمله.
(إلا أن يكون الشأن) هو الصرف أو كان نظراً فلا خيار للموكل قال في المدونة: إن دفعت إليه دنانير يسلمها في طعام فلم يسلمها حتى صرفها بدراهم فإن كان هو الشأن في تلك السلعة أو كان نظراً فذلك جائز، وإلا كان متعدياً وضمن الدنانير ولزمه الطعام. اهـ. لكنه لا خصوصية للسلم ولا للطعام كما صرحوا به.
(ومخالفة مشترى) عطف على "صرف". ومشترى بفتح الراء اسم مفعول: أي وكمخالفة الوكيل موكله في مشترى (عين) للوكيل بأن قال له: اشتر لي هذا الشيء فاشترى غيره، أو قال له: اشتر لي حماراً فاشترى ثوباً.
(أو) مخالفة (سوق) عين (أو زمان) عين فيخير الموكل بين القبول والرد لأن تخصيصه معتبر.
(أو باع) الوكيل (بأقل مما سمى) له الموكل ولو يسيراً فيخير (أو اشترى) لموكله بأكثر مما سمى له أو من ثمن المثل كثيراً، فيخير لا يسيراً لأن شأن الشراء الزيادة لحصول المطلوب، ولذا استثنى اليسير بقوله:(إلا) زيادة (كدينارين في) تسمية (أربعين) ديناراً فيلزم ولا خيار؛ فاليسارة نصف العشر كواحد في عشرين وثلاثة في ستين. واعتبر بعضهم قيد الكثرة في الشراء والبيع معاً فلا خيار في المخالفة باليسير حتى في الشراء، وما ذكرناه هو المعتمد.
(و) حيث خالف الوكيل في شيء مما ذكر وثبت للموكل الخيار (ولزمه [1]) أي الوكيل (ما اشترى إن رده موكله) وليس للوكيل رد المبيع على بائعه إلا أن يعلم البائع بأنه وكيل قد خالف موكله بشيء مما تقدم أو يكون له الخيار ولم تمض أيام الخيار، وسواء كان الخيار للبائع أيضاً أم لا كما تقدم في الخيار، ولا وجه للتنظير فيه
ــ
بالبراءة كبعثني إلخ.
قوله: [وطولب الوكيل بالعهدة]: أي فإذا باع الوكيل سلعة وظهر بها عيب أو حصل فيها استحقاق رجع المشتري على الوكيل.
قوله: [ما لم يعلم المشتري بأنه وكيل]: أي كالسمسار وما لم يحلف الوكيل أنه كان وكيلاً في البيع فقط.
قوله: [إلا المفوض فالطلب عليه]: أي فللمشتري الرجوع عليه أو على موكله فيصير له غريمان يتبع أيهما شاء كالشريك المفوض.
قوله: [في التوكيل المطلق]: المراد بإطلاقه عدم ذكر نوع الثمن أو جنسه عنده.
قوله: [نقد البلد] أي التي وقع بها البيع أو الشراء سواء وقع التوكيل فيها أو في غيرها.
قوله: [وثمن المثل]: أي فإذا وكله على بيع سلعة فلا بد من بيعها بثمن مثلها لا بأقل، وإذا وكله على شراء سلع فلا بد من شرائها بثمن مثلها لا بأكثر، ومحل تعين ثمن المثل إذا كان التوكيل على البيع أو الشراء مطلقاً لم يسم له ثمناً فإن سماه تعين
قوله: [وخير في القبول والرد]: محل الخيار إذا كانت المخالفة لا نزاع فيها. وأما لو أنكر الوكيل المخالفة فهل يكون القول قول الموكل وهو الذي جزم به بعضهم.
قوله: [لما فيه من فسخ الدين في الدين]: أي لأنه بمجرد مخالفة الوكيل ترتب الثمن في ذمته ديناً وقد فسخ ذلك في مؤخر وهو المسلم فيه.
قوله: [وبيع الطعام قبل قبضه] إلخ: إنما لزم ذلك لأن الطعام لزم الوكيل بمجرد شرائه بالدراهم المخالفة لنقد الموكل، فإذا رضي الموكل بذلك فكأن الوكيل باعه الطعام قبل قبضه من المسلم إليه.
قوله: [وقيل التخيير] إلخ: مقابل الإطلاق المتقدم.
وقوله: [لا بعده]: صوابه لا قبله.
قوله: [إلا أن يكون الشأن]: أي عادة الناس شراء تلك السلعة الموكل على شرائها بالدراهم أو سلم الدراهم فيها.
وقوله: [أو كان نظراً]: أي أو كان صرف الدنانير بالدراهم فيه مصلحة للموكل كما لو كانت الدنانير تنقص في الوزن فيتعلل عليها البائع مثلاً.
قوله: [بفتح الراء]: ويصح كسرها أيضاً كما إذا قال له: لا تبع هذه السلعة إلا من فلان فلا يبيع لغيره فإن باع لغيره خير الموكل.
قوله: [لأن شأن الشراء الزيادة]: علة للفرق بين البيع والشراء.
قوله: [حتى في الشراء]: هكذا نسخة المؤلف والصواب حتى في البيع لأن الشراء يغتفر فيه الزيادة اليسيرة اتفاقاً.
قوله: [وما ذكرناه هو المعتمد]: أي من اغتفار اليسير خاص بالشراء لا بالبيع.
قوله: [وحيث خالف الوكيل] إلخ: يحتمل أنها شرطية فالفعل في محل جزم والجزم بها بدون ما قليل، ويحتمل أن تكون ظرف زمان معمولة للزم وهو الأحسن.
قوله: [سواء كان الخيار للبائع أيضاً أم لا] إلخ: أي فإن كان الخيار لهما واختار أحدهما الرد فقد
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[1]
في ط المعارف: (لزمه).
وفي الأصل هنا مسائل حسنة فراجعها.
(ومنع توكيل كافر)، وهو أعم من الذمي (في بيع) لمسلم (أو شراء) له (أو تقاض) لدين ونحوه كغلة وقف أو خراج على مسلم، لأنه لا يتحرى الحلال ولا يعرف شرط المعقود عليه من ثمن ومثمن، وظاهره: ولو رضي من يتقاضى منه الحق، وهو كذلك لحق الله تعالى وربما أغلظ على من يتقاضى منه الحق {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} [النساء: 141].
(و) منع توكيل (عدو على عدوه) ولو عدواً في الدين كيهودي على نصراني وعكسه لما فيه من العنت وزيادة الشر إلا أنه يجوز توكيل مسلم على ذمي بخلاف العكس.
(و) منع لوكيل وكل على بيع شيء (شراؤه لنفسه) ما وكل على بيعه ويوقف على إجازة موكله ولو سمى له الثمن لاحتمال الرغبة فيه بأكثر إلا أن تنتهي فيه الرغبات.
(و) شراؤه ما وكل على بيعه (لمحجوره) من صغير أو سفيه أو رقيق لأنه مثل الشراء لنفسه (ولو سمى الثمن) للوكيل لما تقدم. وقوله: "ولو" إلخ راجع لهما.
(و) منع للوكيل (توكيله) في شيء وكل فيه؛ لأن الموكل لم يرض إلا بأمانته (إلا أن لا يليق به) أي بالوكيل تولي ما وكل عليه بأن يكون من ذوي الهيئات ووكل على مستحقر فيجوز توكيله (أو يكثر) ما وكل عليه، فيوكل من يعينه على تحصيله لا استقلالاً بخلاف الأول. وهذا في غير المفرض، وأما المفوض فلا يمنع أن يوكل على المشهور. ومحل جواز التوكيل
ــ
تقدم في باب الخيار أن الحق لمن اختار الرد منهما كان البائع أو المشتري، ولا يلزم البيع إلا برضاهما.
قوله: [وفي الأصل هنا مسائل حسنة فراجعها]: من ذلك ما لو اشترى الوكيل معيباً مع علمه به فيلزمه إن لم يرض به الموكل أو يقل العيب وهو فرصة؛ كدابة مقطوعة ذنب لغير ذي هيئة وهي رخيصة، أو زاد الوكيل في الثمن الذي سماه له والتزم لتلك الزيادة فيلزم الموكل أيضاً، كذلك يلزم الموكل لو زاد الوكيل في بيع سلعة عما سماه له أو نقص في اشتراء سلعة عما سماه له أو أعطاه دراهم يشتري بها فاشترى في الذمة ونقدها أو عكسه إلا أن يكون للآمر غرض في تعيين الدراهم بالنسبة للأولى، أو في عدمه بالنسبة للثانية فله الخيار، وكذلك لا يكون له الخيار إن أمره أن يشتري شاة بدينار فاشترى به اثنتين على الصفة أو إحداهما في عقد واحد إن أبى البائع من بيع إحداهما مفردة وإلا خير الموكل في رد إحداهما إن كان كل على الصفة، أو في رد التي ليست على الصفة، ومن ذلك لو وكلته على أن يسلم لك في شيء فعقد السلم وأخذ من المسلم إليه حميلاً أو رهناً من غير أن تأمره به فلا خيار لك إن أخذ الرهن أو الحميل بعد العقد، ويكون الرهن في ضمانه قبل علمك به ورضاك. واختلف إذا أمره بالبيع بالذهب فباع بفضة وعكسه هل يثبت للموكل الخيار أو لا؟ قولان. إذا كان نقد البلد والسلعة مما تباع بهما واستوت قيمة الذهب والدراهم، وإلا خير قولاً واحداً. ولو حلف الشخص على شيء أنه لا يفعله فوكل على فعله، كما إذا حلف لا يشتري عبد فلان أو لا يضرب عبده أو لا يبيعه مثلاً، فأمر غيره بفعل ذلك، فإنه يحنث، إلا أن ينوي أنه لا يفعله بنفسه. هذا إذا حلف بالله أو بعتق غير معين، وأما إن كان بطلاق أو بعتق معين ورفع للقاضي فلا يقبل منه نية ويقع عليه الطلاق ويلزمه العتق. اهـ ملخص ما أحال عليه.
قوله: [توكيل كافر]: من إضافة المصدر لمفعوله والفاعل محذوف بينه فيما يأتي بقوله لمسلم فإنه متعلق بتوكيل.
قوله: [في بيع لمسلم]: أي وأما توكيل الكافر لكافر فإن كان على استخلاص دين له من مسلم منع لأنه ربما أغلظ عليه وشق عليه، وإن كان على غير ذلك فلا منع. فإن قلت: إن العلة جارية حتى في الأصيل. قلت: نعم لكن التوكيل فيه تسلط كافرين بخلاف عدمه فإنه لا تسلط فيه إلا لصاحب الحق.
قوله: [كغلة وقف]: بيان للنحو.
قوله: [أو خراج]: من ذلك ما اجتمع عليه الملتزمون في قطر مصر من تولية الكتبة على الخراج من أهل الذمة فإنه ضلال.
قوله: [على مسلم]: مفهومه أنه لو وكله على تقاضيه من كافر فإنه يجوز لأن العلة لا تأتي هنا. فإن قلت إن لم تأت علة الإغلاط ففيه أن الكافر لا يتحرى الحلال فكان مقتضاه المنع من أجل تلك العلة وقصره منع توكيل للكافر في الأمور الثلاثة التي هي البيع والشراء، والتقاضي يفيد جواز توكيله في غيرها كقبول نكاح ودفع هبة وإبراء ووقف وهو كذلك قال والد (عب): ينبغي إذا وقع البيع أو الشراء أو التقاضي الممنوع على وجه الصحة أن يكون ماضياً.
قوله: [ولو عدواً في الدين]: أي عداوة سببها اختلاف الدين.
قوله: [إلا أن تنتهي فيه الرغبات]: حاصله أن المنع مقيد بما إذا لم يكن شراؤه بعد تناهي الرغبات، وبما إذا لم يأذن له ربه في البيع لنفسه سواء كان الإذن حقيقياً أو حكمياً كما لو اشتراه لنفسه بحضرة ربه، وما قيل في شرائه لنفسه يقال في شرائه لمحجوره.
قوله: [لمحجوره]: أي: بخلاف زوجته وولده الرشيد ورقيقه المأذون له فلا يمنع شراؤه له لاستقلالهم بالتصرف لأنفسهم إن لم يحاب لهم، فإن حابى منع ومضى البيع وغرم الوكيل ما حابى به والعبرة بالمحاباة وقت البيع.
قوله: [ومنع للوكيل توكيله] إلخ: اختلف إذا وكل الوكيل وكيلاً من غير إذن
فيما إذا كان الوكيل ذو وجاهة لا يليق به البيع أو الشراء لما وكل فيه إن علم الموكل بذلك وكان الوكيل مشهوراً بذلك ويحمل الموكل على علمه بذلك فلا يصدق إن ادعى عدم العلم وأما إذا لم يعلم بذلك ولم يشتهر الوكيل به فليس له التوكيل وهو ضامن للمال ويحمل الموكل على عدم العلم إن ادعاه وحيث جاز للوكيل التوكيل فوكل (فلا ينعزل) الوكيل (الثاني بعزل الأول) ولا بموته أي إذا عزل الأصيل وكيله فلا ينعزل وكيل الوكيل وينعزل كل منهما بموت الأصيل، وله عزل كل منهما وللوكيل عزل وكيله.
(و) منع (رضاك) أيها الموكل (بمخالفته): أي الوكيل (في سلم) أمرته به، بأن أمرته أن يسلم لك في عرض أو طعام عينته له فأسلم في غيره فلا يجوز لك أن ترضى بذلك السلم (إن دفعت له الثمن) أي رأس المال ليسلمه فيما عينته له فخالف وأسلمه في غيره، لأنه لما تعدى ضمن الثمن في ذمته فصار ديناً عليه. فإن رضيت فقد فسخت الدين فيما يتأخر قبضه، وهو فسخ دين في دين. ويزاد في الطعام: بيعه قبل قبضه، لأنه بتعديه صار الطعام للوكيل وقد باعه للموكل قبل قبضه بالدين الذي صار في ذمته.
(إلا أن تعلم) أيها الموكل بتعديه (بعد قبضه) من المسلم إليه فيجوز لك الرضا بأخذه لعدم الدين بالدين وعدم بيع الطعام قبل قبضه (أو) تعلم (بعد) حلول الأجل فيجوز الرضا (في غير الطعام) إذا كنت تقبضه بلا تأخير لعدم الدين بالدين. وأما في الطعام فلا يجوز لبيعه قبل قبضه، وكذا في غير الطعام إذا كان قبضه يتأخر ومفهوم:"إن دفعت له الثمن" أنك إذا لم تدفعه له وأمرته أن يسلم لك في شيء معين فخالف وأسلم في غيره فيجوز لك الرضا بما فعل وتدفع له الثمن، لأنه لم يجب لك عليه شيء فتفسخه في شيء لا تتعجله الآن ويجوز لك أن لا ترضى.
(أو في بيعه) عطف على "بمخالفته" أي: ومنع رضاك في بيع ما وكلته على بيعه نقداً أو كان العرف بيعها نقداً وسواء سميت له الثمن أم لا (بدين) إن باعه بدين (إن فاتت) السلعة بيد المشتري بما يفوت به البيع الفاسد من حوالة سوق فأعلى؛ لأنه لما تعدى وباعها بالدين لزمه ما سميت له إن سميت له ثمناً والقيمة إن لم تسم له، فإذا رضيت بفعله فقد فسخت ما وجب لك عليه حالاً في شيء لا تتعجله الآن، وهو فسخ ما في الذمة في مؤخر فإن لم تفت السلعة جاز الرضا - لأنه كابتداء بيع- وجاز رد البيع وأخذ السلعة، ومحل المنع فيما إذا فاتت إن باعها بأكثر مما سمي له أو من القيمة فيما إذا لم يسم لما فيه من فسخ قليل في كثير، فإن باعها بمثل التسمية أو القيمة فأقل جاز الرضا.
(و) إذا منع الرضا بفوات السلعة (بيع الدين) الذي على المشتري وحينئذ إما أن يوفي ثمنه بالتسمية أو القيمة أو لا (فإن وفى ثمنه بالتسمية أو القيمة) فيما إذا لم يسم له شيئاً بأن ساوى أو زاد فالأمر ظاهر وأخذه الموكل.
(وإلا) يوف بأن نقص الثمن عن ذلك (أغرم) الوكيل (التمام)(فإن سأل) الوكيل أي طلب من الموكل (الغرم) أي غرم التسمية أو غرم القيمة لموكله الآن ولا يباع الدين، (و) سأله (الصبر) للأجل (ليقبضه): أي الدين من المشتري (ويدفع الزائد) على التسمية أو القيمة (إن كان) هناك زائد عليهما
ــ
الأصيل وتصرف الوكيل الثاني ببيع أو شراء على طبق ما أمر به الوكيل الأول، فهل يجوز للأصيل إمضاؤه؟ لأنها لم تقع المخالفة فيما أمر به الأصيل، وإنما وقعت في التعدي بالتوكيل، أو لا يجوز له الرضا؟ لأنه بتعدي الأول صار الثمن ديناً في ذمته، فلا يفسخه فيما تصرف فيه الوكيل الثاني، لأنه فسخ دين في دين ما لم يحل الأجل؟ تأويلان في خليل.
قوله: [فيما إذا كان الوكيل ذو وجاهة]: هكذا نسخة الأصل بالواو والمناسب ذا بالألف لأنه خبر كان.
قوله: [إن علم الموكل بذلك]: أي بأنه ذو وجاهة أي كان عالماً بها وقت توكيله.
قوله: [وهو ضامن للمال]: أي فإن وكل في هذه الحالة وحصل في المال تلف ضمنه لتعديه.
قوله: [فأسلم في غيره]: أي فحصل من الوكيل مخالفة في جنس المسلم فيه، ومثله ما لو حصل من الوكيل مخالفة في رأس المال إذا أمره أن يدفع رأس المال عيناً فدفعها عرضاً، والعلة في منع الرضا فيهما واحدة.
قوله: [لأنه بتعديه صار الطعام للوكيل]: أي الطعام المسلم فيه صار لازماً للوكيل.
قوله: [إلا أن تعلم] إلخ: أي إلا أن يكون علمك ما حصل إلا بعد قبضه.
قوله: [ومفهوم إن دفعت له الثمن] إلخ: أي فتحصل أن محل منع الرضا بالمخالف إن دفع الأصيل للوكيل الثمن وعلم الأصل بتعدي الوكيل قبل القبض وقبل حلول الأجل له.
قوله: [لأنه لم يجب لك عليه شيء]: هذا ظاهر في غير الطعام، وأما الطعام فلا يجوز له الرضا به لوجود علة أخرى وهي بيع الطعام قبل قبضه.
قوله: [أي ومنع رضاك في بيع ما وكلته] إلخ: حاصله أنك إذا وكلته على بيع سلعة بنقد فباعها بدين فإنه يمنع الرضا به سواء كان ذلك الثمن المؤجل عيناً أو عرضاً أو طعاماً والمنع مقيد بكون الثمن المؤجل أكثر مما سماه له إن باع بجنس المسمى، أو بكونه من غير جنس المسمى، والحال أن المبيع قد فات. فلو باع بجنس المسمى وكان أقل أو مساوياً لما سماه جاز الرضا بالدين، وكذا إن كان المبيع قائماً وباع بغير جنس المسمى أو بجنسه بأكثر فيجوز له الرضا بذلك الدين ويبقى لأجله.
قوله: [بيع الدين الذي على المشتري]: أي الذي هو الوكيل.
قوله: [بأن ساوى أو زاد]: أي بأن ساوى التسمية أو القيمة
(أجيب) الوكيل لذلك. ولا ضرر (إن كانت قيمته) الآن لو بيع (قدرها): أي قدر التسمية أو القيمة (فأقل) إذ ليس للوكيل في ذلك نفع بل فعل معروفاً مع الموكل.
(فإن كانت قيمته الآن أكثر لم يجز الصبر ولا بد من بيع الدين)؛ لأن الموكل قد فسخ ما زاد على التسمية أو القيمة فيما بقي؛ كما لو أمره أن يبيعها بعشرة نقداً أو القيمة كذلك فباعها الوكيل بخمسة عشر إلى أجل، وقيمة الدين الآن لو بيع اثنا عشر، فإذا رضي بالصبر إلى الأجل فكأنه فسخ دينارين في خمسة إلى الأجل.
وقولنا: "إذ ليس للوكيل في ذلك نفع" ظاهر فيما إذا كانت قيمة الدين قدر التسمية أو القيمة لا أقل، فإن كانت أقل فالنفع للوكيل حاصل لأنه لو كان قيمة الدين الآن لو بيع ثمانية في المثال المتقدم كان فيه سلف من الوكيل جر نفعاً له، وبيانه أن الوكيل تلزمه التسمية عشرة وهي أكثر من قيمته الآن فإذا بيع الدين بقيمته ثمانية غرم تمام التسمية فيعطي التسمية الآن ليقبضها عند الأجل، فكأنه سلف موكله اثنين، فإذا جاء الأجل أخذ عنها عشرة؛ ثمانية منها في نظير قيمة الدين الآن والاثنان في نظير الاثنين السلف وفيه نفع له إذ لو بيع الدين الآن بثمانية لغرم الوكيل اثنين تمام التسمية ولا رجوع له بها؛ ولذا منع أشهب ما إذا كانت قيمته أقل ولم يراع ذلك ابن القاسم وأجازه كما ذكرنا، لأن البيع لا يكون إلا برضاهما فلا يتحقق السلف، فالبيع لا يلزم الوكيل بل إذا سأل الصبر وغرم التسمية أجيب وأجبر له الموكل ولا يتحقق له سلف إلا إذا لزمه البيع فتدبر.
(وإن أمرته): أي أمرت الوكيل أن يبيعها أي السلعة نقداً (فأسلمها في طعام، تعين الغرم) على الوكيل حالاً: أي غرم التسمية أو القيمة إذا لم تسم له ثمناً (إن فاتت) السلعة، وإلا فلربها ردها وله الإمضاء كما تقدم (واستؤني بالطعام) المسلم فيه (لأجله) ولا يباع قبله لما فيه من بيع الطعام قبل أجله (فبيع) الطعام بعد قبضه، فإن بيع بقدر التسمية أو القيمة فواضح (و) إن بيع بأقل (غرم) الوكيل (النقص) وقد كان دفعه، فالمعنى: لا رجوع له بما غرم أو لا بالزائد عما نقص من ثمن الطعام، (والزيادة) أن يبيع بأزيد من التسمية أو القيمة (لك) أيها الموكل لا للتوكيل المتعدى إذ لا ربح لأحد في مال غيره.
(وضمن) الوكيل ولو مفوضاً (إن أقبض) ديناً على موكله أو أقبض مبيعاً وكله على بيعه لمشتريه (ولم يشهد) على الإقباض حيث أنكره القابض أو مات أو غاب بعيداً أي: لم تقم له بينة عليه وإن لم يقصدها، وسواء جرت العادة بالإشهاد أو بعدمه
ــ
أو زاد عليهما، وإنما أخذ الموكل الزيادة لأن الوكيل متعد ولا ربح له.
قوله: [أجيب الوكيل]: أي أجابه الموكل جبراً عليه.
قوله: [أو القيمة كذلك]: أي بأن أمره أن يبيعها ولم يقيد، والقيمة بين الناس عشرة.
قوله: [فكأنه فسخ دينارين في خمسة]: أي أن الموكل ترك الآن الدينارين الزائدين في قيمة الدين لو بيع الآن للوكيل فلم يغرمه تمام الاثني عشر لأجل أن يأخذ خمسة عند الأجل، وهذا عين فسخ الدين في الدين.
قوله: [فكأنه سلف موكله اثنين]: المناسب أن يقول عشرة. قال في الحاشية: حاصله أن أشهب يقول: إذا كانت القيمة أقل من التسمية وسأل غرم التسمية والصبر ليقبضها فإنه لا يجوز لأنه سلف من الوكيل، أي أن الوكيل أسلف تلك العشر للموكل ويأخذ بدلها في المستقبل من الدين، وانتفع بإسقاط الدرهمين عنه اللذين كان يغرمهما على تقدير لو بيع الدين بثمانية فكان يغرم اثنين كمال العشرة التي هي التسمية فهي زيادة جاءته من أجل السلف. وحاصل الرد أنا لا نسلم أن تلك العشرة سلف إنما هو معروف صنعه إلا أنك خبير بأن كلام أشهب هو الظاهر. اهـ ملخصاً.
قوله: [في نظير قيمة الدين الآن]: المناسب أن يقول فيما مضى.
قوله: [في نظير الاثنين السلف]: أي باقي العشرة.
قوله: [فلا يتحقق السلف]: أي السلف لأجل النفع، وأما أصل السلف فهو محقق.
قوله: [ولا يتحقق سلف]: أي يجر له نفعاً.
قوله: [فتدبر] أمر بالتدبر لدقة التعاليل.
قوله: [قبل أجله]: أي المستلزم أمراً ممنوعاً وهو بيعه قبل قبضه.
قوله: [فالمعنى لا رجوع له]: هو معنى قول غيره استمر على غرمه.
قوله: [إذ لا ربح لأحد في مال غيره]: أي وقولهم إن من عليه الغرم له الغنم مفروض في مال تعلق بذمته، فإن ما هنا لم يتعلق بذمته إلا خصوص النقص لا جميع المال.
قوله: [وضمن الوكيل] إلخ: محل الضمان إن لم يكن الدفع بحضرة الموكل فإن كان بحضرته فلا ضمان على الوكيل بعد الإشهاد، ومصيبة ما أقبض على الموكل لتفريطه بعدم الإشهاد. بخلاف الضامن يدفع الدين بحضرة المضمون حيث أنكر رب الدين القبض فإن مصيبة ما دفع على الضامن ولا رجوع له به على المضمون، والفرق بين المسألتين حيث جعل الدافع في الأولى غير مفرط، وفي الثانية مفرطاً مع أن الدفع من كل بحضرة من عليه الدين أن ما يدفعه الوكيل مال الموكل، فكان على رب المال أن يشهد بخلاف الضامن فإن ما يدفع من مال نفسه فعليه الإشهاد فهو
على المذهب (أو أنكر) الوكيل (القبض) لما وكله على قبضه (فشهد) بالبناء للمفعول أي قامت (عليه) بينة (به): أي بأنه قبض (فشهدت له بينة بتلفه): أي المقبوض، فإنه يضمن ولا تنفعه بينة التلف بلا تفريط لأنه أكذبها بإنكاره القبض (كالمديان) ينكر ما عليه من الدين فتشهد البينة به عليه فيقيم بينة بأنه دفعه لربه فيضمن، ولا تنفعه بينته بالدفع لأنه أكذبها بإنكاره، بخلاف ما لو قال: لا حق لك عليّ فأقيم عليه بينة به فأقام بينة بالدفع فتنفعه كما يأتي في القضاء.
(وصدق) الوكيل بيمينه (في دعوى التلف) لما وكل عليه لأنه أمين (و) في دعوى (الدفع) لثمن أو مثمن أو دفع ما وكل عليه لموكله (ولزمك) أيها الموكل إذا وكلته على شراء سلعة فاشتراها لك (غرم الثمن) ولو مراراً إن ادعى تلفه بلا تفريط (إلى أن يصل) الثمن (لربه) بائع السلعة (إلا أن تدفعه له): أي للوكيل (أولاً) قبل الشراء، فإنه إذا ضاع لم يلزم الموكل دفعه ثانية، سواء تلف قبل قبض السلعة أو بعده، وتلزم السلعة الوكيل بالثمن الذي اشتراها به إذا أبى الموكل من دفعه ثانياً، ما لم يكن الثمن معيناً وأمره أن يشتري بعينه ففعل وتلف الثمن أو استحق فينفسخ البيع.
(ولأحد الوكيلين) على بيع أو شراء أو قبض مال أو دفعه (الاستبداد) مبتدأ مؤخر: أي الاستقلال (إلا لشرط) من الموكل بعدم الاستبداد فإن شرط عدمه فلا استبداد ويتعلق به الضمان ولا يلزم الموكل ما استبد به، ومحل جواز الاستبداد (إن رتبا) بأن وكل أحدهما بعد الآخر، سواء علم أحدهما بالآخر أم لا، فإن وكلهما معاً فلا استبداد لأنهما صارا كالواحد إلا أن يجعل لهما ذلك وإذا كان لهما الاستبداد.
(فإن باع كل) منهما السلعة التي وكلا على بيعها (فالأول) هو الذي يمضي بيعه إن علم (وإن بعت) أيها الموكل (وباع) وكيلك (فكالوليين) ينفذ بيع الأول إن علم، ما لم يقبضه الثاني بلا علم ببيع من الأول (وإن جهل الزمن اشتركا)، وكذا إذا باع في زمن واحد لإمكان الشركة هنا بخلاف النكاح، فقوله:"فكالوليين" أي ذات الوليين في النكاح أي في الجملة، وهو راجع لكل من المسألتين قبله كما أن قوله:"فالأول" قيد في الثانية أيضاً؛ أي فقد حذفه من الثانية لدلالة الأول عليه، ففيه احتباك، والأصل فإن باع كل أو بعت وباع،
ــ
مفرط بعدمه.
قوله: [على المذهب]: وقيل لا ضمان عليه إذا جرت العادة بعدم الإشهاد، وعلى المذهب فيستثنى هذا من قاعدة العمل بالعرف، أما لو اشترط الوكيل على الموكل عدم الإشهاد فلا غرم عليه جزماً.
قوله: [ينكر ما عليه من الدين]: المناسب ينكر المعاملة، بأن يقول: ليس بيني وبينك معاملة، وأما لو قال: لا دين لك علي، فهو مثل: لا حق لك علي، من غير فارق.
قوله: [لأنه أكذبها بإنكاره]: قد علمت أنه لا يظهر تكذيبه لها إلا بإنكار أصل المعاملة لا بنفي الدين عن ذمته.
قوله: [وصدق الوكيل بيمينه] إلخ: يعني أن الوكيل غير المفوض إذا وكل على قبض حق فقال: قبضته وتلف مني، فإنه يبرأ لموكله من ذلك لأنه أمين. وأما الغريم الذي عليه الدين فإنه لا يبرأ من الدين إلا إذا أقام بينة تشهد له أنه دفع الدين إلى الوكيل المذكور، ولا تنفعه شهادة الوكيل لأنها شهادة على فعل نفسه، وإذا غرم الغريم فإنه يرجع على الوكيل إلا أن يتحقق تلفه من غير تفريط منه. وقولنا: غير المفوض، أما لو كان مفوضاً - ومثله الوصي إذا أقر كل منهما بأنه قبض الحق لموكله أو ليتيمه وتلف منه - فإنه يبرأ من ذلك، وكذلك الغريم، ولا يحتاج إلى إقامة بينة لأن المفوض والوصي جعل لكل منهما الإقرار.
قوله: [وفي دعوى الدفع]: أي إلا أن يكون القبض ببينة توثق، فإن كان كذلك فلا يصدق إلا بها كالوديعة.
قوله: [إلا أن تدفعه له]: إنما ضمن الموكل عند عدم دفع الثمن قبل الشراء لأن الوكيل إنما اشترى على ذمة الموكل فالثمن في ذمته حتى يصل للبائع، ومفهوم قوله:"إن لم تدفعه" عدم غرم الموكل إن دفع الثمن للوكيل قبل الشراء وتلف بعده، وظاهره: سواء تلف قبل قبض السلعة أو بعده. قال: (عب) وهذا حيث لم يأمره بالشراء في الذمة ثم ينقده وإلا لزم الموكل إلا أن يصل لربه، ففي المفهوم تفصيل.
قوله: [فينفسخ البيع]: أي لأنه بمنزلة استحقاق المثمن المعين.
قوله: [مبتدأ مؤخر]: أي وخبره الجار والمجرور قبله.
قوله: [فإن وكلهما معاً فلا استبداد]: الحاصل أنهما إن وكلا مرتبين فلأيهما الاستبداد إلا لشرط من الموكل بعدمه، وإن وكلا معاً فليس لأحدهما الاستبداد إلا لشرط من الموكل به هذا هو المعتمد في المسألة.
قوله: [فالأول]: مبتدأ خبره محذوف قدره الشارح بقوله هو الذي يمضي بيعه إلخ.
قوله: [ما لم يقبضه الثاني بلا علم]: أي وإلا قضى به للثاني.
قوله: [بخلاف النكاح]: أي فإن الوكيلين إذا عقدا عليها في وقت واحد فإن النكاحين ينفسخان لعدم قبول النكاح للشركة.
قوله: [أي في الجملة]: أي لما علمت أنه عند اتحاد الزمن أو جهله يشتركان هنا وينفسخ في النكاح لكون النكاح لا يقبل الشركة.
قوله: [وهو راجع] إلخ: أي قوله فكالوليين وفيه الحذف من
فالأول كذات الوليين وقوله: "اشتركا" أي: ما لم يقبضه أحدهما.
(ولك) أيها الموكل إن وكلته على أن يسلم لك في شيء (قبض سلمه) أي الوكيل (لك) جبراً على المسلم إليه ويبرأ بدفعه لك (إن ثبت ببينة) أن السلم لك ولو بشاهد ويمين، فإن لم يثبت لم يلزمه الدفع لك ولو أقر الوكيل بأن السلم لك؛ لاحتمال كذبه لأمر اقتضى ذلك.
(والقول لك إن) تصرف في مالك ببيع أو غيره وادعى الإذن في ذلك (وخالفته في الإذن) له في ذلك (بلا يمين) عليك لأن الأصل عدم الإذن وهذا ظاهر في غير المفوض (أو) وافقته في الإذن وخالفته (في صفته) بأن قلت: أذنتك في رهنه، وقال الوكيل: في بيعه، أو تصادقا على البيع وتخالفا في جنس الثمن أو حلوله (إن حلفت، وإلا) تحلف (حلف) الوكيل وكان القول له. واستثنى من ذلك قوله: (إلا أن) تدفع له ثمناً ليشتري لك به سلعة و (يشتري بالثمن) سلعة كعبد، وخالفته وقلت: أمرتك لتشتري به بعيراً مثلاً (وادعى) الوكيل (أن المشترى) بالثمن كالعبد في المثال (هو المأمور به وأشبه) في دعواه (وحلف، فالقول له) و (إلا) بأن لم يشبه في دعواه أو أشبه ولم يحلف (حلفت) وكان القول لك وغرم لك الثمن. فإن نكلت كان القول له. وفي الأصل مسائل كثيرة هنا فلتراجع فيه.
(وانعزل) الوكيل مفوضاً أولا (بموت موكله أو بعزله إن علم) الوكيل بالموت أو العزل فليس له التصرف بعد العلم بما ذكر، وإلا كان ضامناً. وما تصرف فيه قبل العلم فهو ماض على المذهب. وكذا ينعزل غير المفوض بتمام ما وكل فيه، والله أعلم.
ــ
الأول لدلالة الثاني عليه.
قوله: [فالأول كذات الوليين]: أي فيجاب بهذه الجملة على كل من الشرطين، وهذا خلاف ما في الخرشي والمجموع من تخصيص ذات الوليين بالثانية على ما اختاره الخرشي. والمجموع بين المسألتين: أن الموكل ضعف تصرفه في ماله بتوكيل غيره عليه، والوكيلان متساويان في التصرف، فاعتبر عقد السابق منهما مطلقاً انظر (عب).
قوله: [ولو أقر الوكيل] إلخ: صواب العبارة: ولو أقر المسلم إليه بأن السلم راجع لاتهامه على تفريغ ذمته، وهذا أحد قولين، والآخر: يقيل إقراره لأنه قادر على دفع التهمة بالدفع للحاكم، وأما إقرار الوكيل فلا شك أنه مغن عن البينة لأن المكلف يؤاخذ بإقراره وإن لم يكن صادقاً فيه فتأمل.
قوله: [وهذا ظاهر في غير المفوض]: أي وأما المفوض فتصرفاته ماضية إلا الطلاق والنكاح بكره وبيع دار سكناه وعبده القائم بأموره لقيام العرف، على أن تلك الأمور لا تندرج تحت عموم الوكالة وإنما يفعلها الوكيل بإذن خاص بها.
قوله: [إلا أن تدفع له ثمناً] إلخ: صورتها وكلته على شراء سلعة ودفعت له الثمن فاشترى به سلعة وزعمت أنك أمرته بشراء غيرها فالقول للوكيل مع يمينه، فإذا حلف لزمت السلعة الموكل وسواء كان الثمن المدفوع باقياً بيد البائع أو لا مما يغاب عليه أو لا خلافاً لتقييد الخرشي. و (عب) بكون الثمن مما يغاب عليه.
قوله: [فإن نكلت كان القول له]: أي للوكيل فصار قول الوكيل في ثلاث فيما إذا أشبه وحلف، أو لم يشبه ونكلت، أو أشبه ونكل ونكلت.
قوله: [وفي الأصل مسائل كثيرة هنا]: منها لو قال الوكيل: أمرتني ببيع السلعة بعشرة وقد بعتها بها وقلت: يا موكل بل بأكثر، وفات المبيع بيد المشتري بموت ونحوه؛ فإن القول قول الوكيل إن أشبهت العشرة ثمناً وحلف، وإلا فالقول قول الموكل بيمينه ويرد المبيع إن لم يفت بزوال عينه.
ومنها لو وكلته على شراء جارية من بلد كذا فبعث بها إليك فوطئت منك أو من غيرك بسببك، ثم قدم الوكيل بأخرى وقال: هذه لك والأولى وديعة، فإن لم يبين لك حين بعث الأولى وحلف على طبق دعواه أخذها وأعطاك الثانية، وإن بين أخذها بلا يمين وطئت أم لا كأن لم يبين ولم توطأ. إلا أن تفوت في جميع المسائل بكولد أو تدبير أو عتق إلا لبينة أشهدها الوكيل عند الشراء أو الإرسال أنها له فيأخذها الوكيل. ولو أعتقها الموكل أو استولدها ولزمتك يا موكل الأخرى فيما إذا لم يبين وحلف وأخذها. وما إذا قامت بينة وأخذها.
ومنها لو أمرته أن يشتري لك جارية بمائة فبعث بها إليك ووطئت عندك، ثم قدم وقال لك: أخذتها بمائة وخمسين فإن لم تفت خيرت في أخذها بما قال الوكيل إن حلف وردها، ولا شيء عليك في وطئها وإن لم يحلف فليس له إلا المائة، وإن فاتت بكولد أو تدبير فليس له إلا المائة، ولو أقام بينة على ما قال لتفريطه بعدم إعلامه حتى فاتت، وفيها لو ردت دراهمك التي دفعتها للوكيل ليسلمها لك في شيء بسبب عيب فيها كلها أو بعضها، فإن عرفها وكيلك لزمك بدلها فإذا اتهمت الوكيل فلك تحليفه. وهل اللزوم للموكل إن قبض ما وقعت فيه الوكالة أو اللزوم إن لم يقبضه؟ تأويلان في غير المفوض. وأما هو فيقبل قوله على موكله مطلقاً، وأما إن لم يعرفها الوكيل فلا يخلو إما أن يقبلها أو لا، فإن قبلها حلفت يا موكل أنك لم تعرفها من دراهمك وما أعطيته إلا جياداً في علمك وتلزم الوكيل لقبوله إياها، وإن لم يقبلها الوكيل فإنه يحلف الموكل أنه ما دفع إلا جياداً في علمه ويزيد الوكيل ولا يعلمها من دراهم موكله وبرئ كل منهما.
قوله: [بموت موكله]: أي وكذا بفلسه الأخص لانتقال الحق للغرماء.
قوله: [فهو ماض على المذهب]: أي من التأويلين، والثاني يقول لا يمضي.