المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في العتق وأحكامه - حاشية الصاوي على الشرح الصغير ط الحلبي - جـ ٢

[أحمد الصاوي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب)في البيوع وأحكامها [

- ‌(باب)في بيان السلم

- ‌(باب)في بيان القرض وأحكامه

- ‌(باب) في الرهن وأحكامه

- ‌(باب)في الفلس وأحكامه

- ‌(باب)في بيان أسباب الحجر

- ‌باب في أحكام الصلح؛ أي: مسائله

- ‌‌‌(باب) في الحوالةوأحكامها

- ‌(باب) في الحوالة

- ‌(باب)في الضمان

- ‌(باب)في بيان الشركة

- ‌(باب)في الوكالة

- ‌باب لما كان بين الوكالة والشركة مناسبة من جهة أن فيها وكالة أتبعها بها

- ‌(باب)في الإقرار

- ‌(باب)في الوديعة

- ‌(باب)في الإعارة

- ‌(باب)في بيان الغصب وأحكامه

- ‌(باب)في الشفعة

- ‌(باب)في القسمة

- ‌(باب)في القراض

- ‌(باب)في المساقاة

- ‌(باب)في الإجارة

- ‌(باب إحياء الموات)

- ‌(باب)في الوقف وأحكامه

- ‌(باب)في الهبة

- ‌‌‌(باب) في اللقطةوأحكامها

- ‌(باب) في اللقطة

- ‌(باب)في بيان أحكام القضاء

- ‌(باب)في الشهادة

- ‌(باب)في أحكام الجناية

- ‌باب ذكر فيه تعريف البغي

- ‌(باب)في تعريف الردة وأحكامها

- ‌(باب)ذكر فيه حد الزنا

- ‌(باب) في القذف [

- ‌باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ

- ‌(باب)ذكر فيه الحرابة

- ‌(باب)ذكر فيه حد الشارب

- ‌باب في العتق وأحكامه

- ‌(باب)في التدبير

- ‌باب: هو في اللغة النظر في عاقبة الأمر والتفكر فيه، وقال القرافي في التنبيهات التدبير مأخوذ من إدبار الحياة، ودبر كل شيء ما وراءه بسكون الباء وضمها، والجارحة بالضم لا غير اهـ وفي (بن) جواز الضم والسكون فيها كغيرها. واصطلاحاً ما ذكره المصنف بقوله "وهو تعليق مكلف" إلخ

- ‌(باب)في أحكام الكتابة

- ‌(باب)في أحكام أم الولد

- ‌(باب)ذكر فيه الولاء

- ‌باب ذكر فيه حكم الوصية

- ‌(باب)في الفرائض

- ‌(باب: في جمل من مسائل شتى، وخاتمة حسنة)

الفصل: ‌باب في العتق وأحكامه

بقوله تعالى: {وإن عاقبتم} [النحل: 126] الآية.

(وما أتلفته البهائم) من الزرع والحوائط -مأكولة اللحم أم لا- وهي غير معلومة العداء ولم يحفظها ربها بربط أو غلق باب (ليلاً): معمول "أتلفته"(فعلى ربها) ضمانه. فإن عرفت بالعداء فعلى ربها ولو نهاراً حيث لم يحفظها. فإن ربطها ربطاً محكماً أو غلق الباب فانفلتت فلا ضمان مطلقاً.

وإذا لزمه الضمان: فعليه (وإن زاد) ما أتلفته من زرع (على قيمتها) وليس لربها أن يسلمها فيما أتلفته، فليست كالعبد الجاني لأنه مكلف.

(وقوم إن لم يبد صلاحه على الرجاء والخوف): بأن يقوم مرة واحدة على الرجاء والخوف، بأن يقال: ما قيمته على تقدير سلامته وتقدير جائحته؟ فما قاله أهل المعرفة. فإن غفل عنه حتى عاد كما كان فلا شيء فيه. فلو أتلفه بعد بدو صلاحه فقيمته وقت إتلافه.

(لا) ما أتلفه غير العادية (نهاراً)، فليس على ربها ضمان بشرطين:(إن سرحت ببعد المزارع) جداً بحيث لا يظن وصولها للزرع فاتفق أنها وصلت؛ فلا ضمان. فإن كان بقربه فعلى ربها الضمان لقيمة الزرع على ما تقدم (ولم يكن معها راع) فيه قدرة على حفظها (وإلا) بأن كان معها راع فيه كفاية لحفظها (فعلى الراعي) الضمان للزرع ولو صبياً؛ لأنه لم يؤمن على المتلف. فإن لم يكن فيه قدرة على حفظها فالضمان على ربها وهذا فيما يمكن منعه. أما مثل الحمام والنحل فلا ضمان على ربه وعلى رب الزرع حفظه.

وأما ما أتلفته الدابة بفعل شخص فعلى فاعله وإن سقط راكبها فأتلف مالاً، ففي ماله وغير المال فديته على عاقلته وما أتلفته بذنبها أو أتلفه ولدها فهدر كأن أتلفت ممسكها البالغ الحر، وإلا فعلى من أمرهما. وإن أتلفت بغير فعل بل بسيرها؛ كحجر أطارته ضمن القائد أو السائق أو الراكب - ولو حصل منه إنذار- لأن من بالطريق لا يلزمه التنحي، فلا ينفع قولهم: يمينك شمالك إذا حصل تلف شيء فإن اجتمعوا ضمن القائد والسائق حيث لم يكن فعل من الراكب. فإن تعدد الراكب فالضمان على المقدم وإن كان كل على جنب الدابة اشتركا. فإن حصل شك هل من الدابة أو من الفعل: فهدر.

(بابٌ:

العتق)

فعله من باب ضرب ودخل وهو لازم يتعدى بالهمز فلا يقال: عتق السيد عبده بل أعتق. ولا يقال: عتق العبد بضم العين المهملة بل أعتق بضم الهمزة [1](خلوص الرقبة من الرق بصيغة) سيأتي الكلام على ذلك (وهو مندوب مرغب فيه)

ــ

أي الدالة على أن عينه هدر لتعديه.

قوله: [بقوله تعالى: {وإن عاقبتم} [النحل: 126]]: أي لعمومها.

قوله: [من الزرع والحوائط]: أي وأما لو أتلفت غيرهما من مال أو آدمي فإن كانت عادية ضمن ربها ما أتلفته ليلاً أو نهاراً حيث فرط في حفظها، وإن كانت غير عادية فلا يضمن ما أتلفته ليلاً أو نهاراً ولو لم يربطها أو يغلق عليها وهذا إذا لم يكن أحد معها وإلا ضمن.

قوله: [لأنه مكلف]: علة لقوله "ليست كالعبد".

قوله: [فما قاله أهل المعرفة]: مبتدأ خبره محذوف تقديره يعمل به.

قوله: [فإن غفل عنه] إلخ: أي وأما لو حكم بالقيمة ثم عاد لهيئته فاختلف فيه؛ فقال مطرف تمضي القيمة لرب الزرع، وقال غيره ترد والراجح قول مطرف كما في التوضيح نقله (بن) والظاهر أن الزرع على قول مطرف للجاني.

قوله: [على ما تقدم]: أي على الوجه المتقدم في التقويم بأن يقال ما قيمته على تقدير سلامته إلخ.

قوله: [لأنه لم يؤمن]: هكذا بالتشديد.

قوله: [وهذا فيما يمكن منعه]: حاصل ما في هذه المسألة أن الحيوانات التي لا يمكن التحرز منها ولا الحراسة لها كحمام ونحوه فقيل يمنع أربابها من اتخاذها إن كانت تؤذي الناس وهو قول ابن حبيب، ورواية مطرف عن مالك، وقيل لا يمنعون من اتخاذها ولا ضمان عليهم فيما أتلفته، وعلى أرباب الشجر والزرع حفظه وهو قول ابن القاسم وابن كنانة وأصبغ، وصوب ابن عرفة الأول لإمكان استغناء ربها عنها وضرورة الناس للزرع والشجر، ويؤيده قاعدة ارتكاب أخف الضررين ولكن المعتمد قول ابن القاسم، ولذلك اقتصر عليه الشارح.

قوله: [فديته على عاقلته]: أي إن بلغت ثلث دية الجاني أو المجني عليه.

قوله: [كأن أتلفت ممسكها] إلخ: هذا اختصار مخل وأصل العبارة في (عب) فإن انفلتت دابة فنادى ربها رجلاً بإمساكها فأمسكها أو أمره بسقيها ففعل فقتلته أو قطعت له عضواً لم يضمن ربها كعدم ضمان راكب وسائق وقائد ما حصل من فلوها يعني ولدها، فإن نادى صبياً أو عبداً بإمساكها أو سقيها فأتلفته فقيمة العبد، ودية الصبي على عاقلة الآمر، كناخس دابة فقتلت رجلاً فعلى عاقلة الناخس، فإن قتلت رجلاً في مسك الصبي أو العبد أو أمرهما بسقيها فعلى عاقلة الصبي ولا رجوع لهم على عاقلة الآمر ويخير سيد العبد بين إسلامه ولا رجوع له على الآمر وبين فدائه بدية الحر اهـ.

‌باب في العتق وأحكامه

قوله: [ولا يقال عتق العبد]: لأن الفعل اللازم لا يبنى للمجهول.

قوله: [خلوص الرقبة من الرق]: خبر المبتدأ وهذا هو المعنى الاصطلاحي، وأما لغة فهو الخلوص، وقال الجوهري العتق الكرم يقال، ما أبين العتق في وجه فلان يعني الكرم، والعتق الجمال والعتق الحرية وكذلك العتاق بالفتح والعتاقة تقول

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

زاد بعدها في ط المعارف: (العتق).

ص: 441

فهو من أعظم القرب لما في الصحيحين وغيرهما، من قوله صلى الله عليه وسلم:«من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج» ومع ذلك: صلة الرحم أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم للتي أعتقت رقبة: «لو كنت أخدمتيها أقاربك كان أعظم لأجرك» ، وقد أعتق صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين رقبة.

(وأركانه) أراد بالركن: ما يتوقف عليه الشيء (ثلاثة المعتق) بكسر التاء (وشرطه: التكليف): شمل السكران بحرام، لما تقدم أنه يلزم جنايته وطلاقه وعتقه والحدود بخلاف المعاملات.

(والرشد): فلا يلزم السفيه عتق؛ ولو علق وهو سفيه فحصل المعلق عليه وهو رشيد على الأظهر. أما الصبي إذا علق ثم حصل المعلق عليه بعد بلوغه فلا يلزمه العتق اتفاقاً لأنه غير مكلف، ولو أعتق السفيه أم ولده لزم لأنه ليس له فيها غير الاستمتاع وقليل الخدمة.

(ولزم) العتق مكلفاً (غير محجورلا مريضاً) في زائد ثلثه كما قال فللوارث رده (وزوجة فيما زاد على ثلثه): أي ثلث المحجور عليه من مريض وزوجة. ورد الوارث إيقاف، والزوج قيل: إيقاف، وقيل: إبطال.

(ومديناً) فلا يلزم عتقه إن (أحاط دينه) بماله ولو لم يحجر عليه (فلغريمه رده): أي العتق حيث استغرق الدين جميع الرقبة (أو) رد (بعضه) إن لم يستغرق جميعها. فإذا كان عليه عشرون والعبد يساويها فللغريم رد العتق، وإن كان العبد يساوي أربعين فلرب الدين الرد بقدر دينه، فيباع من الرقيق بقدر الدين إن وجد مشتر لذلك، وإلا رد الجميع. ومحل كون الغريم له الرد:(إلا أن يعلم) بالعتق ولم يرد فليس له رد (أو يطول) زمن العتق وإن لم يعلم، والطول؛ بأن يشتهر المعتوق بالحرية وتقبل شهاداته مما هو من أحكام الحرية. وقيل: زيادة على أربع سنين فإذا طال فلا رد؛ لأن الطول مظنة العلم، فلا يفيده قوله: لم أعلم بالعتق؛ بخلاف هبة المدين وصدقته فيردان

ــ

منه عتق العبد يعتق عتقاً وعتاقة وعتاقاً اهـ. وسمي البيت بالعتيق إما لخلوصه من يد الجبابرة إذ لم يملكه جبار، وإما لأن الله أعتقه من الغرق بالطوفان.

قوله: [فهو من أعظم القرب]: أي ولذا شرع كفارة للقتل، وأجمعت الأمة على منع عتق غير الآدمي من الحيوان لأنه السائبة المحرمة في القرآن كان الرجل في الجاهلية يقول إن قدمت من سفري فناقتي سائبة ويصير الانتفاع بها حراماً عندهم قال الله تعالى:{ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة} [المائدة: 103]. فالآية وإن لم تصرح بالتحريم لكنها مستلزمة له.

قوله: [ومع ذلك] إلخ: هذا الكلام لا محل له ولا منازع فيه.

قوله: [ثلاثاً وستين رقبة]: هذا العدد لا مفهوم له وإلا فقد ثبت في الصحيح «أنه أعتق من هوازن ستة آلاف نسمة» .

قوله: [وأركانه]: أي العتق.

وقوله: [ثلاثة]: أي وقد أفادها بقوله: "المعتق ورقيق الذي هو الذات المعتوقة وصيغة".

قوله: [أراد بالركن ما يتوقف عليه الشيء]: جواب عن سؤال وهو أن الركن ما كان داخل الماهية والمعتق والمعتوق ليسا داخلين وإلا لصح حملهما على العتق كما يحمل الحيوان والناطق على الإنسان وهو باطل.

قوله: [شمل السكران بحرام]: أي على القول المشهور ومقابله عدم صحة عتقه، والخلاف في السكران الذي عنده نوع من العقل، وأما الطافح الذي لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فهذا لا خلاف في أنه كالمجنون في جميع أحواله: وأقواله فيما بينه وبين الله، وفيما بينه وبين الناس إلا ما ذهب وقته من الصلوات فإنه لا يسقط عنه ذكر (ح) أن التفصيل في قول القائل:

لا يلزم السكران إقرار عقود

بل ما جنى عتق طلاق وحدود

إنما ذكره ابن رشد في السكران الذي معه ضرب من العقل، قال: وهذا مذهب مالك وعامة أصحابه وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب اهـ ملخصاً من (بن).

قوله: [لما تقدم أنه]: أي الحال والشان.

وقوله: [يلزم جنايته]: بيان لمرجع الضمير.

قوله: [فلا يلزم السفيه عتق]: أي وإن كان صحيحاً له إمضاؤه إذا رشد ما لم يكن رده وليه قبله.

قوله: [لأنه ليس له فيها] إلخ: أي وهو غير متمول والحجر عليه إنما يكون في الماليات.

قوله: [ولزم العتق مكلفاً]: خرج الصبي والمجنون.

وقوله: [غير محجور]: خرج السفيه في القليل والكثير والمريض والزوجة في زائد الثلث، والمدين في القليل والكثير، فلذاك ذكر المحترزات بقوله "لا مريضاً" إلخ.

قوله: [كما قال فللوارث رده]: كلامه يوهم أن القائل المصنف وليس كذلك فالصواب حذف قوله "كما قال".

قوله: [والزوج قيل إيقاف وقيل إبطال]: صوابه أن يقول والزوج قيل إبطال وقيل لا إبطال ولا إيقاف؛ لأن أشهب يقول بالأول وابن القاسم يقول بالثاني وحجة ابن القاسم قول المدونة في النكاح الثاني لو رد عتقها ثم طلقها لم يقض عليها بالعتق ولا ينبغي لها ملكه اهـ. أي فلو كان إبطالاً لجاز لها ملكه ولم يطلب منها تنفيذ عتقه، وقد يقال هو إبطال كما قال أشهب، ولكن لما كانت نجزت عتقه حال الحجر طلب منها ندباً تنفيذه عند زوال الحجر.

قوله: [وإلا رد الجميع]: أي ويباع كله.

قوله: [ولم يرد]: أي حين علمه.

قوله: [أو يطول زمن العتق] إلخ: أي مع حضور رب الدين.

وقوله: [وإن لم يعلم]: أي والحال أنه لم يعلم غريمه فالطول وحده كاف ولا ينظر لقول

ص: 442

ولو طال الزمن؛ لأن الشارع في العتق [1] متشوف للحرية (أو يستفيد) السيد (مالاً) بعد العتق يفي بالدين ولم يرد العتق حتى أعسر فلا رد (وإن) كانت استفادة المال (قبل نفوذ البيع) للعبد: بأن رد السلطان عتق المدين وباع عليه العبد بالخيار كما هو المطلوب، فقبل مضي الثلاثة الأيام أفاد السيد مالاً يفي بالدين فيمضي العتق وليس للغريم رده؛ لأن رد الغريم إيقاف، والحاكم كمن ناب منابه وأما رد الوصي والسيد فإبطال.

(ورقيق) عطف على "المعتق" وسواء كان كامل الرق أو ذا شائبة. ووصف الرقيق بقوله: (لم يتعلق به) أي برقبته (حق لازم): بأن لم يتعلق به حق أصلاً أو غير لازم؛ كحق للسيد إسقاطه، احترازاً عن المرهون والجاني وربه معسر، وإلا عجل الدين والأرش.

(وصيغة) عطف على "المعتق". وهي: إما صريحة وهي ما لا تنصرف عن العتق بنية غيره وتنصرف عنه بقرينة، وإما كناية ظاهرة: وهي ما لا تنصرف عنه إلا بالنية، وإما كناية خفية: وهي ما لا تنصرف إليه إلا بالنية.

وبدأ بالصريحة فقال: (بـ عتقت) رقبتك أو عتقتك (وفككت) رقبتك أو: أنت مفكوك الرقبة (وحررت) كذلك. ولو قيد بزمن، فإن العتق يتأبد؛ كقوله: أنت حر في هذا اليوم. والواو بمعنى "أو" ومحل العتق بالصيغة الصريحة: حيث كانت (بلا قرينة مدح) فإن وجدت صرفتها عن العتق؛ كفعل العبد فعلاً حسناً فقال سيده: أنت حر، ولم ينو به العتق بل: أنت تفعل فعل الحر (أو غيره): أي غير المدح، كقرينة ذم وزجر كمخالفة سيده فقال له [2]: أنت حر: إلخ فلا يلزمه عتق في فتيا ولا قضاء، وقرينة مكس؛ فلو طلب المكاس مكس العبد فقال سيده: هو حر فلا شيء عليه ولو حلفه.

وأشار للكناية الظاهرة بقوله: (وبـ كوهبت لك نفسك) أو خدمتك أو: عملك أو: غلتك طول عمرك، ولا يعذر بجهل (أو: لا ملك) لي عليك (أو: لا سبيل لي عليك) ولا ينفعه دعوى أنه أراد غير العتق (إلا) أن يكون ذلك (لجواب) لكلام قبله وقع من العبد فإنه يصدق في إرادة غير العتق.

وأشار للكناية الخفية التي لا تنصرف للعتق إلا بنية بقوله: (وبـ كاسقني) الماء (و) بقوله للعبد: (اذهب)

ــ

الغرماء ما لم يعلم كما في ابن عرفة وغيره، إما لأن الطول مظنة للعلم، وإما لاحتمال أن السيد استفاد مالاً في تلك المدة.

قوله: [ولو طال الزمن]: أي والموضوع أن الغريم لم يعلم، وأما إن علم بالهبة والصدقة وسكت فيمضيان كالعتق اتفاقاً.

قوله: [أو يستفيد السيد مالاً]: معطوف على قوله "يعلم" أي فموانع رد الغريم للعتق أحد أمور ثلاثة؛ إما علم الغريم به مع السكوت، أو الطول، أو استفادة مال لسيد العبد يفي بالدين بعد عتقه لو لم يقم الغريم حتى ضاع ذلك المال ورجع للإعسار.

قوله: [فقبل مضي الثلاثة الأيام]: أي مدة خيار بيع الحاكم؛ لأن خيار بيع الحاكم ثلاثة أيام في كل شيء وإن كان الخيار في الرقيق أكثر، وأما لو استفاد المال بعد مضي أيام الخيار فلا رد وهذا كله إذا كان البائع السلطان كما صوبه الشارح أو المفلس أو الغرماء بإذن السلطان، وأما لو كان البائع الغرماء أو المفلس بغير إذنه فيرد البيع حتى بعد نفوذه أيضاً حيث استفاد المدين مالاً كما في (ح) ذكره محشي الأصل.

قوله: [وأما رد الصبي والسيد فإبطال]: أشار ابن غازي إلى ضبط جميع أقسام الرد بقوله:

أبطل صنيع العبد والسفيه

برد مولاه ومن يليه

وأوقفن فعل الغريم واختلف

في الزوج والقاضي كمبدل عرف

قوله: [كحق للسيد إسقاطه]: أي وذلك كما لو أوصى به لفلان ثم نجز عتقه فإن عتقه صحيح ماض، لأنه وإن تعلق به حق للغير وهو الموصى له به إلا أن هذا الحق غير لازم لأن له أن يرجع في وصيته وتنجيز العتق هنا يعد رجوعاً عنها.

قوله: [وهي ما لا تنصرف عن العتق] إلخ: أي ما لا تنصرف عنه إلى غيره ولو بنية صرفه.

وقوله: [وتنصرف عنه بقرينة]: بمنزلة الاستدراك كأنه قال لكن تنصرف لغيره بقرينة.

قوله: [وهي ما لا تنصرف عنه] إلخ: أي لغيره.

وقوله: [إلا بالنية]: أي أو بالقرينة بل هي أولى لأنها تنفع في الصريح.

قوله: [وهي ما لا تنصرف إليه] إلخ: هذا هو التحقيق.

والحاصل أن الصريح هو ما لا ينصرف للغير ولو بالنية بل بالقرينة والبساط والكناية الظاهرة ما لا تنصرف عنه إلا بالنية أو القرينة والبساط، ولا يتوقف صرفها له على نية بل عند الإطلاق تكون له والخفية ما لا تنصرف له إلا بالنية والطلاق في الأقسام الثلاثة كالعتق.

قوله: [بـ عتقت]: المناسب للمصنف أعتقت لما تقدم أن عتق لازم لا ينصب المفعول بنفسه بل بالهمزة فمسايرة الشارح له غفلة عما قدمه.

قوله: [والواو بمعنى أو]: أي في قول المصنف وفككت وحررت.

قوله: [بلا قرينة مدح]: أي حال كون الصريح ملتبساً بعدم القرينة الدالة على مدح ذلك العبد.

قوله: [إلخ]: أي إلى آخر الألفاظ الصريحة التي تقدمت في المصنف.

قوله: [فلا شيء عليه ولو حلفه]: أي من جهة العتق، وأما من جهة اليمين فإن وجدت شروط الإكراه فلا حنث وإلا ففيه الحنث.

قوله: [ولا ينفعه دعوى] إلخ: مقتضى كون هذه الصيغ من الكناية الظاهرة

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

قوله: (في العتق) ليس في ط المعارف.

[2]

ليست في ط المعارف.

ص: 443

وأدخل بالكاف كل كلام ينوي به العتق وقوله: (إن نواه به) راجع لقوله: (وبكاسقني) إلخ لا لما قبله لما [1] علمت أن الظاهرة لا تحتاج لنية. فإن لم ينو العتق بنحو اسقني، فلا عتق. وعلمت أن الظاهرة هنا تنصرف عنه بالنية خلافاً لما في عبد الباقي.

(وهو): أي العتق (في خصوصه) كالطلاق فيلزم إذا قال: إن ملكت عبداً من الزنج أو من بلد كذا فهو حر. أو: كل عبد ملكته في سنة كذا فهو حر؛ فيلزم عتق من ملكه لتخصيصه (وعمومه): كالطلاق؛ فلا يلزم شيء في قوله كل عبد أملكه فهو حر، لدفع الحرج في التعميم.

(و) العتق (في منع وطء أو) في منع (بيع في صيغة الحنث) كالطلاق نحو: إن لم أفعل كذا فأمتي حرة؛ فيمنع من وطئها وبيعها، أو: فعبدي فلان حر؛ فيمنع من بيعه حتى يفعل فإن مات قبل الفعل عتق من الثلث. فإن قيد بأجل فيمنع من البيع وله الوطء إلى ضيق الأجل بحيث لو وطئ لفرغ الأجل؛ لأن البيع يضاد العتق بخلاف الوطء.

وهو في (عتق بعض): كالطلاق فإذا قال: نصفك أو ربعك حر عتق جميعه (أو عضو) كقوله: يدك حرة، فيعتق جميعه (ونحوه) ككلامك أو: شعرك، عتق الجميع لكن التكميل في عتق بعض إلخ يحتاج لحكم حاكم، بخلاف الطلاق، فالتشبيه في الجملة من حيث كونه يتكمل.

(و) العتق (في تمليكه) للعبد أمر نفسه أو تفويضه له: كتمليك الزوجة أمر نفسها.

(و) هو في (جوابه كالطلاق): فإذا قال في جواب سيده: أعتقت نفسي فيعتق اتفاقاً؛ كاخترت نفسي، ونوى به العتق. فإن لم ينوه بـ "اخترت نفسي" فالمذهب لا يعتق، وهو قول ابن القاسم. وقال أشهب: يعني [2] فخالف الزوجة عند ابن القاسم (إلا) العتق (لأجل) فإنه يخالف الطلاق إذ من طلق لأجل ينجز عليه ومن أعتق لأجل يبلغه عمره ظاهراً فلا ينجز عليه حتى يأتي الأجل (أو) قال لأمتيه: (إحداكما) حرة، ولا نية له، فليس كالطلاق إذا قال لزوجتيه: إحداكما طالق فيطلقان معاً حيث لا نية وأما في الأمتين (فله الاختيار) في عتق واحدة وإمساك الأخرى فإن نسي من نواها عتقا كالطلاق؛ فالمخالفة حيث لا نية ويستوي العتق والطلاق في النسيان (أو) إلا إن قال لأمته (إن حملت) مني فأنت حرة (فله وطؤها في كل طهر مرة) حتى تحمل فإذا حملت عتقت، وترجع عليه بالغلة من يوم الوطء بخلاف الزوجة إذا قال لها: إن حملت فأنت طالق، فله وطؤها مرة، ومتى وطئها في الطهر الذي حلف فيه حنث ولو كان الوطء قبل يمينه

ــ

أن الدعوى تنفعه لما تقدم أن الكناية الظاهرة تصرفها النية.

قوله: [وأدخل بالكاف] إلخ: ظاهره حتى صريح الطلاق فإذا قال لرقيقه أنت طالق ونوى به العتق فإنه يلزمه إذ هو أولى من اسقني الماء لكن يعكر على هذا قولهم كل ما كان صريحاً في باب لا يكون كناية في غيره

قوله: [وعلمت أن الظاهرة] إلخ: هذا هو المتعين وهذا يؤيد قولنا مقتضى كون هذه الصيغ إلخ.

قوله: [فيلزم إذا قال] إلخ: حاصله أنه يخص بما عينه فيلزمه عتق من في ملكه وما يتجدد علقه أم لا إذا لم يقيد بالآن ولا بأبداً ونحوه، فإن قيد بالآن ككل مملوك أملكه من الصقالبة الآن حر لزمه فيه فقط معلقاً أم لا لا فيمن يتجدد من الصقالبة مثلاً، وإن قيد بأبداً ونحوه فالعكس أي فيلزمه فيمن يتجدد لا فيمن عنده معلقاً فيهما أم لا فالصور ست أفاده (عب).

قوله: [وعمومه كالطلاق]: أي في الجملة قال في الحاشية والحاصل أن من قال: كل مملوك أملكه حر ولم يقل أبداً ولا في المستقبل معلقاً له على شيء كدخول الدار مثلاً أو غير معلق فإنه يلزمه عتق من يملكه حال حلفه فقط لا فيمن يتجدد ملكه وهو يخالف: كل امرأة أتزوجها طالق فإنه لا يلزمه فيمن تحته ولا فيمن يتزوجها بعد ذلك سواء علقه أم لا، والفرق أن الشارع متشوف للحرية، وأما إذا قيد بـ أبداً أو في المستقبل فيستوي البابان في عدم اللزوم لا فيمن تحته ولا في غيره.

قوله: [في صيغة الحنث]: أي مطلقة غير مقيدة بأجل. والحاصل أنه يمنع من الوطء والبيع في صيغة الحنث غير المقيدة بأجل، وأما صيغة البر فلا يمنع في واحد منهما، وأما صيغة الحنث المقيدة بأجل كقوله: إن لم أفعل كذا في شهر كذا فأمتي حرة فيمنع من البيع لأنه يقطع العتق ويضاده والشارع متشوف له ولا يمنع من الوطء لأنه لا يقطع العتق ولا يضاده.

قوله: [وهو في عتق بعض] إلخ: أي ويأتي قوله في الطلاق وأدب المجزئ

وفي (بن) أن التجزئة في العتق مكروهة فقط ولا أدب فيها.

قوله: [وقال أشهب يعتق]: أي بقوله اخترت نفسي وإن لم يرد به العتق لأنه لا معنى لاختياره نفسه إلا إرادة العتق في نفس الأمر.

قوله: [إذ من طلق لأجل ينجز عليه]: إنما نجز عليه لأن بقاءه للأجل يشبه نكاح المتعة.

قوله: [يبلغه عمره ظاهراً]: قيد في الطلاق والعتق وحذفه من الأول لدلالة الثاني عليه، ومفهوم هذا القيد أنه إن طلق أو أعتق لأجل لا يبلغه عمرهما ظاهراً كقوله بعد مائة سنة فأنت حرة أو طالق فلا يلزمه شيء فيهما.

قوله: [فيطلقان معاً]: أي الآن وليس له اختيار واحدة وخيره المدنيون كالعتق وهو ضعيف والفرق بين الطلاق والعتق على المعتمد أن الطلاق فرع النكاح وهو لا يجوز فيه الاختيار فلا يجوز أن يتزوج بنتاً يختارها من بنات رجل معين بعد العقد، والعتق فرع الملك وهو يجوز فيه الاختيار فيجوز أن تشتري أمة بمائة على أن تختارها من إماء معينة.

قوله: [أو إلا إن قال لأمته إن حملت مني] إلخ: أي والحال أنها كانت غير حامل وأما إذا قال لها

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

ليست في ط المعارف.

[2]

في ط المعارف: (يعتق)، ولعلها الصواب.

ص: 444

هذا هو الصواب.

(وإن قال) لأمتيه: (إن دخلتما) الدار مثلاً فأنتما حرتان (فدخلت واحدة) منهما الدار (فلا شيء عليه فيهما): أي فلا تعتق الداخلة ولا غيرها حتى يدخلا في زمن واحد، هذا مذهب ابن القاسم حملاً على كراهة الاجتماع، فلو دخلت واحدة بعد أخرى فلا شيء عليه. والزوجتان في هذا كله كالأمتين.

(وعتق بنفس الملك) الإضافة للبيان: أي بمجرد الملك بدون حكم حاكم على المشهور (أصله): أي المالك غير المدين نسباً لا رضاعاً وإن علا؛ فيعتق عليه الجد إلخ (وفرعه) وإن سفل بالإناث فأولى بالذكور (وإخوته مطلقاً) ولو لأم. ولا يشترط في العتق بالقرابة الرشد على التحقيق.

(لا) يعتق بالملك (ابن أخ وعم) فقد توسط المالكية في قياس الحاشية القريبة ومحل العتق بالملك للأصل والفرع والحاشية القريبة.

(إلا) أن يكون الملك (بشراء أو إرث وعليه دين) أي والحال أن على المشتري إلخ ديناً (فيباع) في الدين ولا يعتق، ولو علم بائعه أنه يعتق على المشتري فإن لم يكن عليه دين عتق بنفس الملك ولو كان الشراء مختلفاً في فساده ويكون فوتاً وفيه القيمة على التحقيق

(و) عتق (بالحكم) لا بمجرد التمثيل فلو لم يحصل حكم فلا يعتق وبيعه صحيح (إن تعمد) السيد (مثلة) وهل يؤدب مع العتق؟ قولان: ويدل على تعمد المثلة إقراره أو قرائن الأحوال. واحترز عن الخطأ؛ فلا يعتق عليه والقول للسيد في نفي العمد ما لم يعلم عداه (برقيقه) ولو أم ولده أو مكاتبه ويرجع بعد عتقه بفضل الأرش على كتابته.

(أو رقيق رقيقه): الذي له نزع ماله احترازاً عن رقيق مكاتبه.

(أو) مثل (برقيق محجوره) كان المحجور ولداً صغيراً أو كبيراً سفيهاً. أما الكبير الرشيد فكالأجنبي [1](غير محجور) فاعل تعمد يحترز عن الصبي والمجنون والسفيه والعبد فإنه إذا مثل واحد منهم برقيقه فلا يعتق عليه.

(و) غير (ذمي) مثل (بمثله) بكسر الميم وكسر اللام بعدها ضمير عائد على الذمي فمنطوقه ثلاث صور فيها العتق: تمثيل مسلم بعبده الذمي، أو عبده المسلم، وتمثيل ذمي بعبده المسلم. ومفهومه صورة: وهي ذمي مثل بعبده الذمي.

(كقطع ظفر) شروع في الأمثلة التي توجب الحكم بالعتق

ــ

وهي حامل إن حملت فأنت حرة لم تعتق إلا بحمل مستأنف، وأما إذا قال لزوجته الحامل إن حملت فأنت طالق ففي بهرام عن ابن القاسم ينجز طلاقها وذكر ابن الحاجب أن الطلاق كالعتق فلا تطلق إلا بحمل مستأنف.

قوله: [هذا هو الصواب]: أي لاحتمال حملها ولا يجوز البقاء على عصمة مشكوك فيها.

قوله: [أي فلا تعتق الداخلة] إلخ: أي وهذا بخلاف ما لو قال لأمته إن دخلت هاتين الدارين فأنت حرة فدخلت واحدة منهما فإنها تعتق على قاعدة التحنيث بالبعض، وكذلك الحكم إذا قال لزوجته إن دخلت هاتين الدارين فأنت طالق فتطلق عليه إذا دخلت إحداهما أفاده محشي الأصل.

قوله: [وعتق بنفس الملك]: ويشترط أن يكون الرقيق والمالك مسلمين أو أحدهما لا كافرين إذ لا نتعرض لهما إلا إذا ترافعا إلينا.

قوله: [على التحقيق]: أي كما أفاده (بن) خلافاً لما في الأصل و (عب).

قوله: [في قياس الحاشية القريبة]: أي على الأصول والفروع.

قوله: [والحاشية القريبة]: المراد بها الإخوة والأخوات ومحل عدم عتق الحاشية البعيدة بالقرابة كالعمات والخالات ما لم يولدها جاهلاً بقرابتها له وإلا فينجز عتقها؛ لأن القاعدة أن كل أم ولد حرم وطؤها تنجز عتقها أفاده في المجموع.

قوله: [وفيه القيمة]: قد يقال حيث كان مختلفاً في فساده يكون فوته بالثمن لا بالقيمة وأما المجمع على فساده فأفاد اللخمي أنه لا ينقل ملكاً انظر (بن) ولا يعتق في بيع الخيار إلا بعد مضيه وفي المواضعة بعد رؤية الدم.

قوله: [وبيعه صحيح]: أي ماض.

قوله: [مثلة]: هي بمثلثة.

قوله: [وهل يؤدب]: قد يقال أدبه مع العتق يلزم عليه اجتماع عقوبتين وهو خلاف المعهود في الحدود.

قوله: [ويرجع بعد عتقه بفضل الأرش] إلخ: أي يرجع على سيده بما يزيده أرش الجناية على الكتابة، وأما إن زادت الكتابة على أرش الجناية أو ساوت فلا شيء له، ولعل جعلهم الرجوع بزيادة الأرش لتنزيله حينئذ منزلة الحر المجني عليه.

قوله: [احترازاً عن رقيق مكاتبه]: أي فلا يعتق عليه ويلزمه أرش جنايته إلا أن تكون مثلته مفيتة للمقصود من ذلك العبد فيضمن قيمته ويعتق عليه كما في حاشية الأصل.

قوله: [أما الكبير الرشيد] إلخ: أي فلا يعتق عليه ويغرم لصاحبه أرش الجنايات إلا أن يبطل منافعه فيعتق عليه ويغرم لصاحبه قيمته كما تقدم في رقيق مكاتبه. واعلم أن المثلة ليست من خواص العتق فلو مثل بزوجته كان لها الرفع للحاكم فتثبت ذلك وتطلق عليه لأن لها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره.

قوله: [فإنه إذا مثل واحد منهم] إلخ: أما الصبي والمجنون فلا يلزمهما عتق بالمثلة اتفاقاً لوجوب حفظ مالهما وكذا السفيه على الراجح لوجوب حفظ ماله وإن كان يؤدب لذلك، وأما العبد فلأن في العتق زيادة في إتلاف مال السيد.

قوله: [ومفهومه صورة] إلخ: أي لا عتق فيها. واعلم أن المعاهد ليس كالذمي في التفصيل المذكور بل إذا مثل بعبده لا يعتق عليه ولو كان مسلماً لأنه ليس ملتزماً لأحكامنا فلا نتعرض له أفاده محشي

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

زاد بعدها في ط المعارف: (أو).

ص: 445

وكان مثلة؛ لأنه لا يخلفه غالباً إلا بعضه وهو شين (أو سن) قلعها أو بردها بالمبرد حتى أذهب منفعتها (أو قطع بعض أذن): أو شرطها (أو) قطع بعض (جسد): من أي موضع؛ فيشمل الجب والخصاء ولو قصد زيادة الثمن فلا يجوز بيعه ولا شراؤه للعتق بمجرد الفعل (أو خرم أنف) فإنه يكون مثلة يعتق به؛ إلا لزينة كجعل خزام فيه للأنثى وهل حلق شعر رأس العلية ولحية عبد نبيل كتاجر مثلة يعتق به؟ وهو ما في الأصل، ورجحه بعضهم، أو لا؟ لسرعة عودهما لأصلهما، ورجحه عبد الباقي والمصنف في الشارح ولذا حذفه هنا.

(أو وسم بنار) بأي عضو (أو بوجه ولو بغيرها): أي بغير النار كوسم بإبرة بمداد أو غيره، ورجح المصنف في شرحه أيضاً أنه مثلة يعتق به ما لم يكن للزينة.

(و) عتق بالحكم على المشهور وقيل: يكمل بنفس العتق وقيل: إن كان الباقي له لم يحتج لحاكم (جميعه): أي الرقيق (إن أعتق) السيد (جزءاً) من رقيقه سواء كان من قن أو مدبر أو معتق لأجل أو مكاتب أو أم ولد (والباقي له): أي للسيد المعتق للجزء موسراً أو معسراً (كأن بقي لغيره): بأن كان الرقيق مشتركاً بين اثنين فأكثر، فإذا أعتق بعضهم نصيبه فيعتق باقيه وهو حصة الشريك على من أعتق نصيبه.

(بقيمته) وتعتبر القيمة (يومه) أي يوم الحكم لا يوم العتق، وقوله:(إن دفعها): أي من أعتق نصيبه، ليس الدفع بالفعل شرطاً في عتق حصة الشريك، بل يعتق ويلزمه القيمة وإن لم يدفعها بالفعل.

(و) شرط التكميل عليه إن (كان) المعتق لنصيبه (مسلماً أو) لم يكن المعتق للجزء مسلماً ولا شريكه لكن (العبد) مسلماً نظراً لحق العبد المسلم، فلو كان الجميع المعتق وشريكه والعبد كفاراً فلا نتعرض لهم إلا أن يرضى الشريكان بحكمنا.

(و) شرط التكميل أيضاً إن (أيسر) معتق الجزء (بها): أي بقيمة حصة شريكه فيعتق عليه جميعها (أو) أيسر (ببعضها) فيعتق عليه من حصة شريكه بقدر ما أيسر به فقط ولا يقوم عليه ما أعسر به فقط ولو رضي شريكه باتباع ذمته. ويعرف عسره بعدم ظهور مال له، ويسأل عنه جيرانه ومن يعرفه. فإن لم يعلموا له مالاً حلف ولا يسجن.

(و) أيسر بها أو ببعضها بأن (فضلت) قيمة حصة الغير (عن متروك المفلس)

ــ

الأصل.

قوله: [وكان مثلة]: أي وإنما كان قلع الظفر مثلة إلخ.

قوله: [لأنه لا يخلفه غالباً إلا بعضه]: الضمير يعود على الظفر أي فالغالب أن الظفر إذا زال لا يعود كله بل بعضه.

قوله: [أو بردها]: تبع في ذلك خليلاً وشراحه قال (بن) لم يذكر اللخمي وعياض وابن عرفة والتوضيح الخلاف إلا في قلع السن أو السنين ولم يتعرضوا لذلك في برد الواحدة أو الاثنين اهـ إذا علمت ذلك فذكر خليل له بطريق القياس على القلع.

قوله: [ولو قصد زيادة الثمن]: أي على المعتمد كما هو ظاهر إطلاق المدونة وابن أبي زمنين وابن أبي زيد كذا قال (ح) ثم ذكر أنه يفهم من كلام اللخمي أنه إذا خصاه ليزيد ثمنه لا يعتق عليه وإن كان لا يجوز بإجماع أفاده (بن).

قوله: [للعتق بمجرد الفعل]: المناسب أن يقول لأنه يحكم عليه بالعتق.

قوله: [ورجحه بعضهم]: نص ابن عرفة ابن رشد روى ابن الماجشون حلق لحية العبد النبيل ورأس الأمة الرفيعة مثلة بخلاف غيرهما ولم يذكر مقابلاً له قاله (بن).

قوله: [أو وسم بنار]: حاصله أن الوسم بالنار إذا كان مجرد علامة فلا يكون مثلة في الوجه أو غيره، وأما إن كان كتابة ظاهرة أو غير كتابة وكان متفاحشاً فإن كان في الوجه فمثلة اتفاقاً وإن كان في غيره فقولان متساويان كما أفاده (بن).

قوله: [على المشهور]: أي كما قال ابن رشد وقال اللخمي هو الصحيح من المذهب.

قوله: [جميعه]: فيه مسامحة وذلك لأن المتوقف على الحكم بقيته لا جميعه.

قوله: [والباقي له]: جملة حالية من فاعل "أعتق".

قوله: [أو معسراً]: أي والحال أنه لا دين عليه يستغرق الباقي منه وإلا فلا يعتق عليه الباقي بالحكم.

قوله: [لا يوم العتق]: أي لحصته.

قوله: [ليس الدفع بالفعل شرطاً]: أي وإنما الشرط دفعها بالقوة بأن يكون موسراً بها.

قوله: [إن كان العتق [1] لنصيبه مسلماً]: أي كان العبد مسلماً أو كافراً والشريك مسلماً أو كافراً وبالجملة فالمدار على إسلام أحد الثلاثة كذا قيل وهو المأخوذ من الشارح، ولكن المشهور الذي نقله الخرشي أنه لا يعتبر إسلام الشريك في الحكم بالعتق حيث كان المعتق والعبد كافرين.

قوله: [إلا أن يرضى الشريكان بحكمنا]: أي فإن رضيا به نظر فإن أبان المعتق العبد أي أبعده عنه ولم يؤوه عنده حكم بالتقويم كما في عتق الكافر عبده الكافر ابتداء وإن لم يبنه فلا يحكم بتقويمه عليه، وليس المراد أن الشريكين إذا رضيا بحكمنا يحكم عليهما بالتقويم مطلقاً كما هو ظاهر الشارح كذا يؤخذ من (عب).

قوله: [إن أيسر معتق الجزء بها]: لا يقال هذا يغني عنه قوله "إن دفعها" بناء على أن المراد بالدفع القدرة عليه وإن لم يدفع بالفعل لاستلزامه لليسار بها لأننا نقول الاستلزام ممنوع، إذ قد يدفعها من مال غيره لكونه غير موسر بها، فإن كان معسراً بها فلا يكمل عليه.

قوله: [حلف ولا يسجن]

[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]

[1]

كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب:(المعتق).

ص: 446

فليس قوله: "وفضلت" شرطاً مستقلاً كما قاله في الشارح بأن زادت عن قوته وقوة الواجب عليه لظن اليسار، وتقدم أنه يباع عليه الكسوة الزائدة والدار إلخ.

(و) شرط عتق حصة الشريك عليه أن يكون (عتقه): أي الجزء باختياره (لا) إن كان عتق عليه جبراً كدخول جزء من يعتق عليه في ملكه (بإرث) فإنه لا يقوم عليه ولا يعتق جزء الشريك ولو كان من دخل في ملكه الجزء جبراً ملياً (و) يشترط أيضاً أن يكون (ابتدأ العتق) في الرقبة (لا إن كان) الرقيق (حر البعض) قبل عتق الجزء فلا يقوم على من أعتق الجزء؛ لأنه لم يبتدئ العتق مثلاً: كانت الرقبة بين ثلاثة فأعتق واحد حصته، ثم أعتق الثاني حصته، فلا يقوم على الثاني نصيب الثالث ولو كان الثاني ملياً؛ لأنه لم يبتدئ العتق بل على الأول إن كان موسراً وعلم أنه الأول.

(وقوم) المعتق بعضه على الشريك المعتق (كاملاً) إذ في تقويم البعض ضرر على الشريك الذي لم يعتق (بماله): أي مع ماله وولده من أمته والتقويم إنما يكون (بعد امتناع شريكه من العتق) فيؤمر شريكه بعتق حصته من غير جبر، فإن امتنع قوم على من أعتق حصته (إن كان) أعتق حصته (بغير إذنه): أي بغير إذن شريكه الممتنع عن العتق (وملكاه): أي الشريكان معاً.

(ونقض له): أي للعتق (بيع): أي البيع الصادر من الثاني الذي لم يعتق، وكذا ممن بعده سواء علم الشريك الذي لم يعتق وباع بعتق شريكه قبل البيع أم لا ما لم يعتقه المشتري.

(و) نقض (تدبير): أي تدبير الثاني ويقوم أيضاً قناً (و) نقضت (كتابة): أي كتابة صدرت من الثاني ويقوم أيضاً.

(و) نقض (تأجيل): أي إذا أعتقه الثاني لأجل، فإنه ينقض ويقوم على المعتق الأول قناً فلو دبر أحد الشريكين أولاً، ثم أعتق الثاني بتاً قوم نصيب المدبر على من أعتق بتاً.

و(لا) تنقض (هبة) صدرت من الثاني بل القيمة للموهوب له. (و) لا تنقض (صدقة) صدرت من الثاني بحصة لشخص.

ــ

أي على ما قال عبد الملك، ونقل سحنون عن باقي الأصحاب أنه لا يحلف.

قوله: [فليس قوله وفضلت شرطاً]: أي بل الواو حالية.

قوله: [وتقدم أنه يباع عليه الكسوة]: أي تقدم ما يؤخذ منه ذلك في قوله "وترك له قوته والنفقة الواجبة عليه".

قوله: [بإرث]: مفهومه أنه لو دخل بشراء أو هبة أنه يكمل عليه الجزء الآخر وهو كذلك لأن قدومه على الشراء وعلى قبول الهبة يعد عتقاً اختيارياً فتأمل.

قوله: [أن يكون ابتدأ العتق] إلخ: حاصله أن شروط تقويم الباقي على الشريك المعتق خمسة إن قوي على دفع القيمة وكان المعتق أو المعتوق مسلماً وأيسر بها أو ببعضها وكان العتق اختياراً له وابتدأه.

قوله: [كانت الرقبة]: المناسب كأن كانت الرقبة لأنه تصوير للمثال.

قوله: [كاملاً]: أي على أنه رقيق لا عتق فيه.

والحاصل أن المعتق بعضه يقوم على المعتق كاملاً مطلقاً سواء أعتق بعضه بإذن شريكه أم لا على المشهور من المذهب، وقيل يقوم عليه نصفه مثلاً على أن النصف الثاني حر وهو قول أحمد بن خالد، وفصل بعضهم فقال: إن أعتق شريكه بإذنه فكقول أحمد، وإن أعتق بغير إذنه فكالمشهور وهذا ما مشى عليه المصنف. قال ابن عبد السلام وينبغي على القول الأول أن يكون للشريك الرجوع على المعتق بقيمة عيب نقص العتق إذا منع الإعسار من التقويم عليه نقله في التوضيح اهـ (بن).

قوله: [بماله]: أي لأنه يعتق بعضه بمنع انتزاع ماله لأنه تبع له فلذا وجب تقويمه مع ماله ويعتبر ماله يوم تقويمه على المعتق الكائن في محل العتق فإذا كان له حين التقويم مال موجود بمصر ومال بمكة اعتبر المال الموجود في محل العتق دون غيره.

قوله: [وملكاه]: أي الشريكان معاً أي وأما لو اشترياه في صفقتين فلا يقوم كاملاً ومحله أيضاً ما لم يبعض الثاني حصته بأن يعتق الثاني بعض حصته بعد عتق الأول جميع حصته أو بعضها فيقوم على الأول البعض الباقي من حصة الثاني فقط؛ لأن من حجته أن يقول إنما يقوم علي كاملاً إذا كان الولاء كله لي.

قوله: [وكذا ممن بعده]: لا يقال البيع من مفوتات البيع الفاسد لأننا نقول لا يكون مفوتاً إلا إذا كان البيع الثاني صحيحاً وهذا لا يكون إلا فاسداً للغرر لأن التقويم قد وجب فيه قبل فدخل المشتري على قيمة مجهولة.

قوله: [بعتق شريكه]: متعلق بعلم.

قوله: [ما لم يعتقه المشتري]: أي أو يفوت بمفوت من مفوتات البيع الفاسد كتغير سوق أو بدن أو زيادة مال أو حدوث ولد له من أمته فإذا حصل في العبد مفوت مما ذكر فلا ينقض البيع في الجزء ويلزم المشتري ذلك الجزء بقيمته يوم قبضه ثم يدفع المعتق القيمة له ليكمل عليه عتق جميعه أفاده محشي الأصل.

قوله: [ولا تنقض هبة] إلخ: حاصله أن الهبة والصدقة إذا حصلتا من أحد الشريكين بعد عتق الآخر فإنهما يمضيان ولا ينقضان وكانت القيمة للموهوب له أو المتصدق عليه، وهذا ما لم يحلف الواهب أو المتصدق أنه ما وهب أو ما تصدق لتكون القيمة للموهوب له أو المتصدق عليه فإن حلف فهو أحق بها كذا

ص: 447