الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأول من اشتهر عنه نفيها أبو المعالي الجويني، فإنه نفى الصفات الخبرية، وله في تأويلها، ففي الإرشاد أولها، ثم إنه في (الرسالة النظامية) رجع عن ذلك، وحرم التأويل.
وبين إجماع السلف على تحريم التأويل.
واستدل بإجماعهم على أن التأويل محرم، ليس بواجب ولا جائز، فصار من سلك طريقته ينفي الصفات الخبرية، ولهم في التأويل قولان، وأما الأشعري وأئمة أصحابه فإنهم مثبتون لها، يردون على من ينفيها أو يقف فيها، فضلاً عمن يتأولها.
أقوال السلف في الأفعال الاختيارية بالله تعالى
وأما مسألة قيام الأفعال الاختيارية به: فإن ابن كلاب والأشعري وغيرهما ينفونها، وعلى ذلك بنوا قولهم في مسألة القرآن، وبسبب ذلك وغيره تكلم الناس فيهم في هذا الباب بما هو معروف في كتب أهل العلم، ونسبوهم إلى البدعة وبقايا بعض الاعتزال فيهم، وشاع النزاع في ذلك بين عامة المنتسبين إلى السنة من أصحاب أحمد وغيرهم.
وقد ذكر أبو بكر عبد العزيز في كتاب الشافعي عن أصحاب أحمد في معنى أن القرآن غير مخلوق قولين مبنيين على هذا الأصل:
أحدهما: أنه قديم لا يتعلق بمشيئته وقدرته
والثاني: أنه لم يزل متكلماً إذا شاء.
وكذلك ذكر أبو عبد الله بن حامد قولين، وممن كان يوافق على نفي ما يقوم به من الأمور المتعلقة بمشيئته وقدرته - كقول ابن كلاب -
أبو الحسن التميمي وأتباعه والقاضي أبو يعلى وأتباعه كـ ابن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني وأمثالهم، وإن كان في كلام القاضي ما يوافق هذه تارة وهذا تارة.
وممن كان يخالفهم في ذلك أبو عبد الله بن حامد، وأبو بكر عبد العزيز وأبو عبد الله بن بطة وأبو عبد الله بن منده، وأبو نصر السجزي ويحيى بن عمار السجستاني وأبو إسماعيل الأنصاري وأمثالهم.
والنزاع في هذا الأصل بين أصحاب مالك وبين أصحاب الشافعي وبين أصحاب أبي حنيفة، وبين أهل الظاهر أيضاً، فداود بن علي صاحب المذهب وأئمتهم على إثبات ذلك، وأبو محمد بن حزم على المبالغة في إنكار ذلك، وكذلك أهل الكلام، فالهشامية والكرامية على إثبات ذلك، والمعتزلة على نفي ذلك، وقد ذكر الأشعري في المقالات عن أبي معاذ التومني وزهير الأثري وغيرهما إثبات
ذلك، وكذلك المتفلسفة، فحكوا عن أساطينهم - الذين كانوا قبل أرسطو أنهم كانوا يثبتون ذلك، وهو قول أبي البركات صاحب المعتبر وغيره من متأخريهم، وأما أرسطو وأتباعه - كالفارابي وابن سينا - فينفون ذلك، وقد ذكر أبو عبد الله الرازي عن بعضهم أن إثبات ذلك يلزم جميع الطوائف وإن أنكروه، وقرر ذلك.
وكلام السلف والأئمة ومن نقل مذهبهم في هذا الأصل كثير يوجد في كتب التفسير والأصول.
قال إسحاق بن راهويه: حدثنا بشر بن عمر: سمعت غير واحد من المفسرين يقول: الرحمن على العرش استوى: أي ارتفع.
وقال البخاري في صحيحه: (قال أبو العالية استوى إلى السماء: ارتفع)، قال:(وقال مجاهد: استوى: علا على العرش) .
وقال الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره المشهور: (وقال ابن عباس وأكثر مفسري السلف: (استوى إلى السماء: ارتفع إلى السماء) وكذلك قال الخليل بن أحمد.
وروى البيهقي في كتاب الصفات قال: (قال الفراء: ثم استوى أي صعد، قاله ابن عباس، وهو كقولك للرجل: كان قاعداً فاستوى قائماً) .
وروى الشافعي في مسنده عن أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن يوم الجمعة: وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش» .
والتفاسير المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين مثل تفسير محمد بن جرير الطبري، وتفسير عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدحيم، وتفسير عبد الرحمن بن أبي حاتم، وتفسير أبي بكر
بن المنذر، وتفسير أبي بكر عبد العزيز، وتفسير أبي الشيخ الأصبهاني، وتفسير أبي بكر بن مردويه، وما قبل هؤلاء التفاسير مثل تفسير أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم وبقي بن مخلد وغيرهم، ومن قبلهم مثل تفسير عبد بن حميد وتفسير سنيد وتفسير عبد الرازق، ووكيع بن الجراح فيها من هذا الباب الموافق لقول المثبتين مالا يكاد يحصى، وكذلك الكتب المصنفة في السنة التي فيها آثار النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة التابعين.
وقال أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني في مسائله المعروفة التي نقلها عن أحمد وإسحاق وغيرهما، وذكر معها من الآثار عن النبي صلى الله عيه وسلم والصحابة وغيرهم ما ذكر، وهو كتاب كبير صنفه على طريقة الموطأ ونحوه من المصنفات، قال في آخره في الجامع: (باب القول في المذهب: هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع، خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم ممن
جالسنا وأخذنا عنهم العلم) وذكر الكلام في الإيمان والقدر والوعيد والإمامة وما أخبر به الرسول من أشراط الساعة وأمر البرزخ والقيامة وغير ذلك - إلى أن قال: (وهو سبحانه بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان، ولله عرش، وللعرش حملة يحملونه، وله حد، والله أعلم بحده، والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده ولا إله غيره، والله تعالى سميع لا يشك، بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى، يقظان لا يسهو، رقيب لا يغفل، يتكلم ويتحرك ويسمع ويبصر وينظر ويقبض ويبسط ويفرح ويحب ويكره ويبغض ويرضى ويسخط ويغضب، ويرحم ويغفو ويغفر ويعطي ويمنع، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، كيف شاء، وكما شاء، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير) - إلى أن قال: (ولم يزل الله متكلماً عالماً، فتبارك الله أحسن الخالقين) .
وقال الفقيه الحافظ أبو بكر الأثرم في كتاب السنة، وقد نقله عنه الخلال في السنة: (حدثنا إبراهيم بن الحارث - يعني العبادي - حدثني الليث بن يحيى، سمعت إبراهيم بن الأشعث، قال أبو بكر - هو صاحب الفضيل - سمعت الفضيل بن عياض: يقول: (ليس لنا أن نتوهم في الله كيف وكيف، لأن الله وصف نفسه فأبلغ فقال: {قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا