الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن أبي صالح - مجلس الأمير عبد الله بن طاهر فسألني الأمير عن أخبار النزول، فسردتها فقال إبراهيم: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء، فقلت: آمنت برب يفعل ما يشاء، فرضي عبد الله كلامي، وأنكر على إبراهيم) .
قال: (هذا معنى الحكاية) .
وروى أبو إسماعيل الأنصاري بإسناده عن حرب الكرماني، قال:(قال إسحاق بن إبراهيم: لا يجوز الخوض في أمر الله تعالى، كما يجوز الخوض في فعل المخلوقين، لقوله تعالى: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} (الأنبياء: 23) ولا يجوز لأحد أن يتوهم على الله تعالى بصفاته وأفعاله - يعني كما نتوهم فيهم - وإنما يجوز النظر والتفكر في أمر المخلوقين، وذلك أنه يمكن أن يكون الله موصوفاً بالنزول كل ليلة إذا مضى ثلثها إلى السماء الدنيا كما يشاء، ولا يسأل: كيف نزوله؟ لأن الخالق يصنع ما يشاء كما يشاء.
وعن حرب قال: قال إسحاق بن إبراهيم: ليس في النزول وصف) .
قول الخلال في كتاب السنة
وقال أبو بكر الخلال في كتاب السنة (أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - قيل له: أهل الجنة ينظرون إلى ربهم عز وجل ويكلمونه ويكلمهم؟ قال: نعم، ينظر وينظرون إليه، ويكلمهم ويكلمونه، كيف شاء وإذا شاء) .
قال: (وأخبرني عبد الله بن حنبل، قال: أخبرني أبي حنبل بن
إسحاق، قال: قال عمي: نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء، بلا حد ولا صفة يبلغها واصف، أو يحده أحد، فصفات الله له ومنه، وهو كما وصف نفسه {لا تدركه الأبصار} بحد ولا غاية {وهو يدرك الأبصار} (الأنعام: 103) هو عالم الغيب والشهادة، وعلام الغيوب، ولا يدركه وصف واصف وهو كما وصف نفسه، وليس من الله من شيء محدود، ولا يبلغ علم قدرته أحد، غلب الأشياء كلها بعلمه وقدرته وسلطانه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى: 11) وكان الله قبل أن يكون شيء، والله هو الأول وهو الآخر، ولا يبلغ أحد حد صفاته.
قال: وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلاً حدثهم، قال: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى «إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا» ، و «إن الله يرى» و «إن الله يضع قدمه» وما أشبه
هذه الأحاديث، فقال أبو عبد الله: نؤمن بها، ونصدق بها، ولا كيف ولا معنى - أي لا نكيفها ولا نحرفها بالتأويل، فنقول: معناها كذا - ولا نرد منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، إذا كان بأسانيد صحاح، ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية، ليس كمثله شيء.
وقال حنبل في موضع آخر.
عن أحمد.
قال: (ليس كمثله شيء في ذاته كما وصف به نفسه، قد أجمل تبارك وتعالى بالصفة لنفسه، فحد لنفسه صفة ليس يشبهه شيء.
فنعبد الله بصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه) .
قال: (فهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير، ولا يبلغ الواصفون صفته.
وصفاته منه وله، ولا نتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه، ولا نتعدى ذلك.
ولا تبلغه صفة الواصفين، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت، وما وصف به نفسه من كلام ونزول، وخلوه بعبده يوم القيامة، ووضعه كتفه عليه - هذا كله يدل على أن الله تبارك وتعالى يرى في الآخرة، والتحديد في هذا كله بدعة، والتسليم لله بأمره بغير صفة ولا حد إلا ما وصف به نفسه: سميع، بصير، لم يزل متكلماً عالماً غفوراً، عالم الغيب والشهادة، علام
الغيوب.
فهذه صفات وصف الله بها نفسه، لا تدفع ولا ترد، وهو على العرش بلا حد، كما قال تعالى:{ثم استوى على العرش} (الأعراف: 45) كيف شاء، المشيئة إليه عز وجل، والاستطالة له، ليس كمثله شيء، وهو خالق كل شيء، وهو كما وصف نفسه سميع بصير بلا حد ولا تقدير، قول إبراهيم لأبيه، {يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر} (مريم: 42) فنثبت أن الله سميع بصير، صفاته منه، لا نتعدى القرآن والحديث، والخبر بضحك الله، ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم، وبتثبيت القرآن، لا يصفه الواصفون، ولا يحده أحد، تعالى الله عما تقوله الجهمية والمشبهة.
قلت له: والمشبهة ما يقولون؟ قال: من قال بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي، فقد شبه الله بخلقه، وهذا يحده، وهذا كلام سوء، وهذا محمدود، والكلام في هذا لا أحبه.
وقال محمد بن مخلد: قال أحمد: نحن نصف الله بما وصف نفسه، وبما وصفه به رسوله.
وقال يوسف بن موسى: إن أبا عبد الله قيل له: ولا يشبه ربنا شيئاً من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه؟ قال: نعم، ليس كمثله شيء) .
فقول أحمد: (إنه ينظر إليهم ويكلمهم كيف شاء وإذا شاء) وقوله: (هو على العرش كيف شاء وكما شاء) وقوله: (هو على العرش بلا حد كما قال: {ثم استوى على العرش} كيف شاء، المشيئة إليه، والاستطاعة له، ليس كمثله شيء) .
قلت: وهو خالق كل شيء، وهو كما وصف نفسه سميع بصير شيء يبين أن نظره وتكليمه وعلوه على العرش واستواءه على العرش مما يتعلق بمشيئته واستطاعته.
وقوله: (بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد) نفى به إحاطة علم الخلق به، وأن يحدوه أو يصفون على ما هو عليه، إلا بما أخبر عن نفسه، ليبين أن عقول الخلق لا تحيط بصفاته، كما قال الشافعي في خطبة الرسالة:(الحمد الله الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه) ولهذا قال أحمد: (لا تدركه الأبصار بحد ولا غاية) فنفى أن يدرك له حد أو غاية، وهذا أصح
القولين في تفسير الإدراك، وقد بسط الكلام على شرح هذا الكلام في غير هذا الموضع.
وما في الكلام من نفي تحديد الخلق وتقديرهم لربهم وبلوغهم صفته لا ينافي ما نص عليه أحمد وغيره من الأئمة، كما ذكره الخلال أيضاً، قال:(حدثنا أبو بكر المروزي، قال: سمعت أبا عبد الله - لما قيل له: روى علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك، أنه قيل له: كيف نعرف الله عز وجل؟ قال: على العرش بحد - قال: قد بلغني ذلك عنه، وأعجبه، ثم قال أبو عبد الله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} (البقرة: 210) ثم قال: {وجاء ربك والملك صفا صفا} (الفجر: 22) .
قال الخلال: وأنبأنا محمد بن علي الوراق، حدثنا أبو بكر الأثرم، حدثني محمد بن إبراهيم القيسي، قال: قلت لأحمد بن حنبل: يحكى عن ابن المبارك - وقيل له: كيف تعرف ربنا؟ - قال: في السماء السابعة على عرشه بحد، فقال أحمد: هكذا هو عندنا.
وأخبرني حرب بن إسماعيل قال: قلت لإسحاق - يعني ابن راهويه -: هو على العرش بحد؟ قال: نعم بحد.
وذكر عن ابن المبارك قال: هو على عرشه بائن من خلقه بحد.
قال: وأخبرنا المروزي قال: قال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه: قال الله تبارك وتعالى: {الرحمن على العرش استوى} (طه: 5)