الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأتباعهم، وطوائف من متقدمي أهل الكلام والفقه، كأبي معاذ التومني وزهير الأثري، وداود الأصبهاني وغيرهم كما ذكره الأشعري عنهم في المقالات، وقال (وكل القائلين بأن القرآن ليس بمخلوق - كنحو عبد الله بن سعيد بن كلاب، ومن قال: إنه محدث، كنحو زهير الأثري - يعني وداود الأصبهاني - ومن قال: إنه حدث، كنحو أبي معاذ التومني - يقولون: إن القرآن ليس بجسم ولا عرض) .
وأما أقوال أئمة الفقه والحديث والتصوف والتفسير وغيرهم من علماء المسلمين وكذلك كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان فكلام الرازي يدل على أنه لم يكن مطلعاً على ذلك.
كلام آخر للرازي
والمقصود هنا أن نبين غاية حجة النفاة، فإنه بعد أن ذكر الخلاف قال: (والمعتمد أن نقول: كل ما صح قيامه بالباري تعالى: فإما أن يكون صفة كمال، أو لا يكون، فإن كان صفة كمال استحال أن يكون
حادثاً، وإلا كانت ذاته قبل اتصافه بتلك الصفة خالية عن صفة الكمال، والخالي عن الكمال الذي هو ممكن الاتصاف به ناقص، والنقص على الله محال بإجماع الأمة، وإن لم يكن صفة كمال استحال اتصاف الباري بها، لأن إجماع الأمة على أن صفات الله بأسرها صفات كمال، فإثبات صفة لا من صفات الكمال خرق للإجماع وإنه غير جائز) .
قال: (وهذا ما نعول عليه، وإنه مركب من السمع والعقل) .
قال: (والذي عول عليه أصحابنا أنه لو صح اتصافه بالحوادث لوجب اتصافه بالحوادث أو بأضادها في الأزل، وذلك يوجب اتصافه بالحوادث في الأزل، وإنه محال) .
وقال: (وهذا الدلالة مبنية على أن القابل للضدين يستحيل خلوه عنهما، وقد عرفت فساده) .
قال: (ومن أصحابنا من أورد هذه الدلالة على وجه لا يحتاج في تقريرها إلى البناء على ذلك الأصل، وهو أنه لو كان قابلاً للحوادث لكان قابلاً لها في الأزل، وكون الشيء قابلاً للشيء فرع عن إمكان وجود المقبول، فيلزم صحة حدوث الحوادث في الأزل، وهو محال) .
قال: (إلا أن ذلك معارض بأن الله قادر في الأزل، ولا يلزم من أزلية قادريته صحة أزلية المقدور، فكذلك ههنا) .
قال: (ومنهم من قال: لو كانت الحوادث قائمة به لتغير، وهو محال) .
قال: (وهذا ضعيف، لأنه إن فسر التغير بقيام الحوادث به اتحد اللازم والملزوم، وإن فسر بغيره امتنع إثبات الشرطية) .
قال: (وأما المعتزلة فجلهم تمسكوا بأن المفهوم من قيام الصفة بالموصوف حصولها في الحيز تبعاً لحصول ذلك الموصوف فيه، والباري تعالى ليس في الجهة، فامتنع قيام الصفة به) .
قال: (وقد عرفت ضعف هذه الطريقة) .
قال: (ومشايخهم استدلوا بأن الجوهر إنما يصح قيام المعاني الحادثة به لكونه متحيزاً، بدليل أن العرض لما لم يكن متحيزاً لم يصح قيام هذه المعاني به) .
قال: (وإنه باطل، لاحتمال أن يقال: إن الجوهر إنما صح قيام الحوادث به لا لكونه متحيزاً، بل لأمر آخر مشترك بينه وبين الباري تعالى، وغير مشترك بينه وبين العرض.
سلمنا ذلك، إلا أنه من المحتمل أن يكون الجوهر يقبل الحوادث لكونه متحيزاً، والله تعالى يقبلها لوصف آخر، لصحة تعليل الأحكام المتساوية بالعلل المختلفة) .
قال: (واستدلوا أيضاً بأنه لو صح قيام حادث به لصح قيام كل حادث به) .
قال: (وهذه دعوى لا يمكن إقامة البرهان عليها) .