الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل ما سوى الله بأن يحدث تمام تأثيره.
وإن كان ممتنعاً لزم إما أن لا يحدث شيء، وهو خلاف المشاهد، وإما أن تحدث الحوادث بدون سبب حادث، وهو يبطل الحجة، فبطلت الحجة على كل تقدير.
وإن شئت قلت: إن التسلسل في الآثار إن كان ممكناً بحيث يحدث شيئاً بعد شيء ولا يكون علة تامة في الازل، لزم حدوث كل ما سوى الله، وبطلت الحجة، وإن كان ممتنعاً لزم أيضاً أن تحدث الحوادث عن المؤثر التام الأزلي، فيلزم حدوث جميع الحوادث عنه، ولزم حينئذ حدوث العالم، فتبطل حجة قدمه، فالحجة باطلة على التقديرين.
وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
مراجعة تعليق عبد العزيز الكناني
وأما قول عبد العزيز: (فقد ثبت أن ههنا إرادة ومريداً، ومراداً.
وقولاً وقائلاً، ومقولاً له.
وقدرة، وقادراً، ومقدوراً عليه.
وذلك كله متقدم قبل الخلق) فيحتمل أمرين:
أحدهما: أنه أراد بالمراد: المراد المتصور في علم الله، وبالمقدور عليه: الثابت في علم الله، وبالمقول له، المخاطب الثابت في علم الله المخاطب خطاب التكوين، كما قال تعالى: {إنما أمره إذا أراد
شيئا أن يقول له كن فيكون} (يس: 82) وهذه معان ثابتة لله تعالى قبل وجود المخلوق، لهذا اضطربت نفاة الصفات من المعتزلة وغيرهم في هذه الأمور، فتارةً يثبتونها في الخارج، وتارة ينفونها مطلقاً.
ومن هنا غلط من قال: (المعدوم شيء) فإنهم ظنوا أنه لما كان لا بد من تمييز ما يريده الله مما لا يريده ونحو ذلك، توهموا أن هذا يقتضي كون المعدوم ثابتاً في الخارج.
وليس الأمر كذلك، بل هي معلومة لله تعالى ثابتة في علم الله تعالى.
وضل آخرون في مقابلة هؤلاء كهشام الفوطي فإنه ذكر عنه الأشعري في المقالات أنه كان يقول: (لم يزل الله عالماً أنه واحد لا ثاني له، ولا يقول: إنه لم يزل عالماً بالأشياء) وقال: (إذا قلت: لم يزل عالماً بالأشياء، أثبتها لم تزل مع الله) وإذا قيل له: (أفتقول بأن الله لم يزل عالماً بأن ستكون الأشياء؟ قال: إذا قلت بأن ستكون فهذه إشارة إليها ولا يجوز أن يشار إلا إلى موجود) وكان لا يسمى ما لم يخلقه ولم يكن شيئاً.
والثاني: أن يريد بذلك نفس الفعل المقدور المراد الذي يكون به المخلوق.
وأما القول: فهو المصدر كما تقدم، والمقول هو الكلام، فإن في إحدى النسختين:(مقولاً له) وفي الأخرى: (ومقولاً) .
وعلى هذا فقول عبد العزيز: (إن قال خلق كلامه في نفسه فهذا محال لا يجد سبيلاً إلى القول به من قياس ولا نظر ولا معقول، لأن الله لا يكون مكاناً لحوادث، ولا يكون فيه شيء مخلوق، ولا يكون ناقصاً فيزيد فيه شيء إذا خلقه، تعالى الله عن ذلك!) مراده: أنه لا يكون مكاناً لما حدث مطلقاً.
وهو ما حدث جنسه، كالكلام عند من يقول: إنه حادث الجنس فإنه يقول: إن الله صار متكلماً بعد أن لم يكن متكلماً، فيكون جنس الكلام محدثاً، وكذلك إذ قيل: أراد بعد أن لم يكن مريداً، فحدث جنس الإرادة، وكذلك إذا قيل: علم بعد أن لم كن عالماً، فيكون جنس العلم حادثاً، وأمثال هذا، فإن الله لا يكون مكانا لأجناس الحوادث.
وعلى هذا فيكون عبد العزيز قد ذكر على بطلان قول المريسي عدة حجج: أنه لا يكون مكاناً للمخلوقات، ولا يكون مكاناً لما جنسه حادث، ولا يكون ناقصاً فيزيد فيه شيء، فهذه ثلاث حجج