الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كونه أبديا، أنه لا يزال موجودا، أو ليس لوجوده انتهاء.
ومعنى كون عدم الشيء أزليا: أنه ما زال معدوما حتى وجد، وإن كان عدمه مقارنا لوجود غيره.
وقائل ذلك يقول: لا يتصور اجتماع هذه العدمات في وقت من الأوقات أصلا، بل ما من حال إلا فيه عدم بعضها ووجود غيره، فقول القائل:(إن العدمات مجتمعة في الأزل) فرع إمكان اجتماع هذه الأعدام، واجتماع هذه الأعدام ممتنع.
وسيأتي تمام الكلام على ذلك بعد هذا.
الثالث والتعليق عليه
قال الرازي: (الثالث) : إنه إن لم يحصل شيء من الحركات في الأزل، أو حصل ولم يكن مسبوقاً بغيرها - فلكلها أول، وإن كان مسبوقاً بغيرها كان الأزل مسبوقاً بالغير) .
قال الأرموي: (ولقائل أن يقول: ليس شيء من الحركات
الجزئية أزلياً، بل كل واحدة منها حادثة.
وإنما القديم الحركة الكلية بتعاقب الأفراد الجزئية، وهي ليست مسبوقة بغيرها، فلم يلزم أن يكون لكل الحركات الجزئية أول) .
قلت: قول المستدل: (إن حصل شيء من الحركات في الأزل ولم يكن مسبوقاً بغيرها فلها أول) يريد به: ليس مسبوقاً بحركة أخرى، فإن الحركة المعينة التي لم تسبقها حركة أخرى تكون لها إبتداء، فلا تكون أزلية، إذ الأزلي لا يكون إلا الجنس.
أما الحركة المعينة إذا قدرت غير مسبوقة بحركة كانت حادثة، كما أنها إذا كانت مسبوقة كانت حادثة، ولم يرد بقوله:(إن حصل شيء من الحركات في الأزل ولم يكن مسبوقاً بغيره فلها أول) أي لم يكن مسبوقاً بغير الحركات، فإن ما كان في الأزل ولم يكن مسبوقاً بغيره لا يكون له أول، فلو أراد بالغير غير الحركات لكان الكلام متهافتاً، فإن ما كان أزلياً لا يكون مسبوقاً بغيره، فالجنس عند المنازع أزلي، وليس مسبوقاً بغيره، والواحد من الجنس ليس بأزلي، وهو مسبوق بغيره.
وما قدر أزلياً لم يكن مسبوقاً بغيره.
سواء كان جنساً أو شخصاً، لكن إذا قدر أزلياً - وليس مسبوقاً بغيره - فكيف يكون له أول؟ ولكن إذا قدر مسبوقاً بالغير كان له أول، فالمسبوق بغير هو الذي له أول، وأما ما ليس مسبوقاً بغيره فكيف يكون له أول؟