الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى، ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة، وفي قعور البحار ورؤوس الآكام وبطون الأودية، وفي كل موضع، كما يعلم علم ما في السماوات السبع وما فوق العرش، أحاط بكل شيء علماً، فلا تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات البر والبحر ولا رطب ولا يابس إلا قد عرف ذلك كله وأحصاه، فلا تعجزه معرفة شيء عن معرفة غيره) .
فهذا مثاله مما نقل عن الأئمة، كما قد بسط في غير هذا الموضع، وبينوا أن ما أثبتوه له من الحد لا يعلمه غيره، كما قال مالك وربيعة وغيرهما: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، فبين أن كيفية استوائه مجهولة للعباد، فلم ينفوا ثبوت ذلك في نفس الأمر، ولكن نفوا علم الخلق به، وكذلك مثل هذا في كلام عبد العزير بن عبد الله بن الماجشون وغير واحد من السلف، والأئمة ينفون علم الخلق بقدره وكيفيته.
قول عبد العزيز الماجشون
وبنحو ذلك قال عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون في كلامه المعروف، وقد ذكره ابن بطة في الإبانة، وأبو عمر الطلمنكي في كتابه في الأصول، ورواه أبو بكر الأثرم، قال:
(حدثنا عبد الله بن صالح عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة أنه قال: (أما بعد، فقد فهمت ما سألت عنه فيما تتابعت فيه الجهمية ومن خالفها في صفة الرب العظم الذي فاقت عظمته الوصف والتقدير، وكلت الألسن عن تفسير صفته، وانحسرت العقول عن معرفة قدره) - إلى أن قال: (بأنه لا يعلم كيف هو إلا هو، وكيف يعلم من يموت ويبلى قدر من لا يموت ولا يبلى؟ وكيف يكون لصفة شيء منه حداً أو منتهى يعرفه عارف، أو يحد قدره واصف؟ الدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته: عجزها عن تحقيق صفة ما لم يسصف الرب من نفسه بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم تعرف منها قدر ما وصف فما تكلفك علم ما لم يصف؟ هل تستدل بذلك على شيء من طاعته؟ أو تنزجر به عن شيء من معصيته؟ ـ وذكر كلاما طويلا، إلى أن قال ـ: فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقا وتكلفا فقد استهوته الشياطين في الأرض حيران، فصار يستدل - بزعمه - على جحد ما وصف