الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقتضي المسبوقية بالغير) ، فإن ذلك قد يفهم منه أم ماهيتها تقضي أن تكوم مسبوقة بغير الحركة، ولو كان الأمر كذلك لا متنع كون المسبوق بغيره أزلياً، لكن لا يصلح أن يريد إلا الثاني، وهو أن ماهيتها تقتضي تقديم بعض أجزاها على بعض، وحينئذ فقد منعوه المقدمة الثانية وهي قولهم:(إن ماهية الأزل تنفي ذلك)، وقالوا: لا نسلم أن ما كان كذلك لا يكون أزلياً، بل هذا رأس المسألة، ولا سيما وهو - وجماهير المسلمين وغيرهم من أهل الملل - يسلمون أن ما كان كذلك فإنه يصلح أن يكون أبدياً.
ومعلوم أن ماهية الحركة تقتضي أن يكون بعضها متأخراً عن بعض، ولا يمتنع مع ذلك وجود ما لا انقضاء له من الحركات.
قالوا: فكذلك لا يمتنع وجود ما لا ابتداء له منها، كما لم يمنتع وجود ما لا أول لوجوده وهو القديم الواجب الوجود، مع إمكان تقدير حركات وأزمنة لا ابتداء لها مقارنة لوجوده، والكلام في انتهاء المحقق كالكلام في انتهاء المقدر.
الثاني والتعليق عليه
قال الرازي: الوجه الثاني: (لو كانت أدوار الفلك متعاقبة لا إلى أول كان قبل كل حركة عدم لا إلى أول، وتكل العدمات
مجتمعة في الأزل، وليس معها شيء من الوجودات، وإلا لكان السابق مقارنا للمسبوق، فلمجموع الوجودات أول) .
قال الأرموي: (ولقائل أن يقول: إن عنيت باجتماعها تحققها بأسرها معا حينا ما فهو ممنوع، لأنه ما من حين يفرض إلا وينتهي واحد منها فيه لوجود الحركة التي هي عدمها، ضرورة تعاقب تلك الحركات لا إلى أول، وإن عنيت به أنه لا ترتيب في بدايات تلك العدمات كما في بدايات الوجودات، فلا يلزم من اجتماع بعض الوجودات معها المحذور) .
قلت: مضمون هذا: أن عدم كل حركة ينتهي بوجودها، فليست الأعدام متساوية في النهايات، فلا تكون مجتمعة في شيء من الأوقات، لأنه في كل وقت يثبت بعضها دون بعض لوجود حادث يزول به عدمه، ولكن لا بداية لكل عدم منها، فإن ما حدث لم يزل معدوما قبل حدوثه، بخلاف الحركات، فإن لكل بداية، وحينئذ فلا يمتنع أن يقارن الوجود بعضها دون بعض، كما يقارن الوجود الباقي الأزلي عدم كل ما سواه، فالمستدل يقول: عدم كل حادث ثابت في الأزل.
وليس الجنس حادثا، حتى يكون مسبوقا بعدم الجنس، وإنما الحادث أفراده، كما في دوامه في الأبد.
فليس لعدم المجموع تحقق في الأزل، والعدم السابق لأفراد الحركات بمنزلة العدم اللاحق لها.
ولا يقال: إن تلك الإعدام مجتمعة في الأبد.
والفرق بين عدم المجموع وعدم كل فرد فرد: فرق ظاهر، والمستدل يقول: عدم كل واحد أزلي، فمجموع الأعدام أزلي.
وهذا بمنزلة أن يقول: كل واحد من الأفراد حادث، فالمجموع حادث، أو كل حادث فله بداية فالمجموع له بداية، وبمنزلة أن يقول: كل حادث فله انقضاء، فمجموع الحوادث له انقضاء، أو كل واحد مسبوق بغيره، فالمجموع مسبوق بغيره.
فإذا قال المتكلم عن المستدل: قول المعترض: (إن عنيت باجتماعها تحققها بأسرها معا حينا ما فهو ممنوع، لأنه ما من حين يفرض إلا وينتهي واحد منها فيه) ليس بمستقيم، فإنها مجتمعة في الأزل.
قال المتكلم عن المعترض: ليس الأزل ظرفا معينا يقدر فيه وجود أو عدم، كما أن الأبد ظرفا معينا يقدر فيه وجود أو عدم، ولكن معنى كون الشيء أزليا: أنه ما زال موجودا، أو ليس لوجوده ابتداء، ومعنى