الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: ما ورد في النهي عن بيع حبل الحبلة والمضامين والملاقيح
104 -
(1) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حَبَل الحَبَلَة، وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها".
رواه البخاري1، ومسلم2، وأبو داود3، والترمذي4، والنسائي5، وابن ماجه6، ومالك7، وأحمد8، كلهم من طرقٍ عنه به.
وقوله: "كان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية
…
" قال الإسماعيلي والخطيب إنه مدرج من كلام نافع.
وقال ابن عبد البر: إنه من تفسير ابن عمر رضي الله عنهما وهذا الذي استظهره الحافظ ابن حجر9. والله أعلم.
1 صحيح البخاري - مع الفتح -[كتاب البيوع (4/رقم 2143) ، كتاب السلم (4/رقم 2256) ، كتاب مناقب الأنصار (7/رقم 3843) ] .
2 صحيح مسلم [كتاب البيوع (3/1153-1154) ] .
3 سنن أبي داود [كتاب البيوع (3/675-676) ] .
4 جامع الترمذي [كتاب البيوع (3/531) ] .
5 سنن النسائي [كتاب البيوع (7/293-294) ] .
6 سنن ابن ماجه [كتاب التجارات (2/740) ] .
7 الموطأ (2/506) .
8 المسند (1/56) ، (2/5،11،15،63،76،80،108،144،155) .
9 فتح الباري (4/419) .
105 -
(2) عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حَبَل الحَبَلة".
رواه أحمد1 وهذا لفظه، والنسائي2، كلاهما من طريق أيوب عن سعيد بن جبير عنه به.
ولفظ النسائي وأحمد في رواية: "السلف في حبل الحبلة رباً".
وإسناد هذا الحديث صحيح. والله أعلم.
ورواه البزار3، والطبراني في الكبير4 من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الملاقيح والمضامين وحَبَل الحبلة".
والملاقيح ما في بطون الإناث، والمضامين ما في أصلاب الفحول، وهو عسب الفحل.
هذا هو المشهور عند العلماء وأهل اللغة5، وقيل العكس، وبه فسره مالك6.
قال البزار: "لا نعلمه عن ابن عباس رضي الله عنهما إلا بهذا الإسناد".
وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصاري وثقه أحمد. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم
1 المسند (1/240،291) .
2 سنن النسائي [كتاب البيوع (7/293) ] .
3 كشف الأستار (2/87) .
4 المعجم الكبير (11/230) .
5 انظر المجموع (9/316) .
6 انظر التمهيد (13/314)
: شيخ ليس بالقوي. وقال الدارقطني: متروك الحديث1. وخلص فيه الحافظ ابن حجر إلى أنه "ضعيف"2.
فعلى هذا فإن هذا الإسناد ضعيف، إلا أن له شواهد تؤيده، فيكون الحديث بهذه الشواهد حسناً لغيره. والله أعلم.
106 -
(3) عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المَجْر".
رواه البيهقي3 بإسناده عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عنه به.
وموسى بين عبيدة، هو الرَّبذي، تقدم أنه ضعيفٌ جداً4.
وروى البيهقي بإسناده عن يحيى بن معين قال: "فأنكر على موسى هذا، وكان من أسباب تضعيفه".
ومما يدل على ضعف موسى بن عبيدة الربذي أنه قد تقدم5 أنه روى هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، وسبق أنه لم يتابع على هذا.
والمَجْر قد تقدم أنه ما في بطون الأنعام.
1 تهذيب التهذيب (1/104) .
2 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (146) .
3 السنن الكبرى (5/341) .
4 تقدم عند حديث رقم (71) - حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ -.
5 المرجع السابق.
107 -
(4) عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الملاقيح والمضامين".
رواه البزار1، ومحمد بن نصر2 بإسنادهما عن سعيد بن سفيان عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عنه به.
وزاد محمد بن نصر: "وحبل الحبلة".
قال البزار: "لا نعلم أحداً رواه هكذا إلا صالح، ولم يكن بالحافظ".
وسعيد بن سفيان هو الجحدري، قال فيه أبو حاتم: محله الصدق. وقال ابن حبان: كان ممن يخطئ، حمل عليه علي بن المديني3.
وجعله ابن حجر في مرتبة "صدوق يخطئ"4.
وأما صالح بن أبي الأخضر فهو اليمامي، ضعفه يحيى القطان، وابن معين، والبخاري، وأبو زرعة، والنسائي وغيرهم. وقال ابن حبان: يروي عن الزهري أشياء مقلوبة، روى عنه العراقيون، اختلط عليه ما سمع من الزهري بما وجد عنده مكتوباً، فلم يكن يميز هذا من ذاك، ومن اختلط عليه ما سمع بما لم يسمع فالأحرى ألا يحتج به في الأخبار5. وخلص فيه الحافظ ابن حجر إلى أنه "ضعيف يعتبر به"6.
1 كشف الأستار (2/87) .
2 السنة (ص61) .
3 تهذيب التهذيب (4/40) .
4 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (2323) .
5 تهذيب التهذيب (4/381) .
6 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (2844) .
وقد تابع صالح بن أبي الأخضر عمر بن قيس المكي المعروف بسندل كما ذكر الدارقطني1. وقد تقدم2 أن عمر بن قيس هذا متروك. فلا يعتبر بروايته.
وخالفهما مالك فرواه مرسلاً كما في الموطأ3. وذكر الدارقطني أنه قد تابع مالكاً الزبيدي والأوزاعي ومعمر4. إلا أن معمراً قال: عن الزهري عن ابن المسيب: "نُهي عن بيع الملاقيح"5.
وقد رجح الدارقطني أن الحديث لا يصح مرفوعاً، وإنما هو من قول سعيد بن المسيب.
فمما سبق يتبين أن الحديث لا يصح مرفوعاً من هذه الطريق، وإنما هو قول ابن المسيب. والله أعلم.
108 -
(5) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة".
رواه ابن عدي6 بإسناده عن عيسى بن أبي عيسى الحنَّاط عن عمرو بن شعيب عن أبيه عنه به.
1 العلل (9/183) .
2 تقدم عند حديث رقم (68) .
3 الموطأ (2/507) .
4 العلل (9/183) . وانظر: السنة لمحمد بن نصر (ص61) .
5 المصنف لعبد الرزاق (8/20) .
6 الكامل (5/247) .
وعيسى بن أبي عيسى الحنَّاط تقدم1 أن متروك. فعلى هذا فإن الحديث بهذا الإسناد ضعيف جداً. والله أعلم.
ومما ورد في هذا الفصل أيضاً:
(6)
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقد تقدم2.
1 تقدم عند حديث رقم (12) .
2 تقدم برقم (94) .
دلالة الأحاديث السابقة:
يستفاد مما تقدم النهي عن بيع حبل الحَبَلة.
وحَبَل بفتح الحاء والباء جمع حابل. وهو النتاج، وحبل الحبلة هو نتاج النتاج كما جاء مفسَّراً في بعض الأحاديث. وهو من بيوع أهل الجاهلية التي كانوا يتبايعونها1.
وقد اختلف العلماء في المراد بالنهي عن حبل الحبلة على معنيين:
فقيل: المراد بالنهي هو بيع حبل الحبلة وهو نتاج النتاج؛ لأنه غررٌ وبيع ما لم يخلق بعد.
وقيل: إن النهي أن يجعل الأجل لبيعٍ ما نتاج النتاج، وهو أجلٌ مجهول2. وبه فسر ابن عمر رضي الله عنهما الحديث كما تقدم عند ذكر حديثه.
وعلى كلا المعنيين ففي هذا البيع غرر وجهالة، فنهوا عنها وأرشدوا إلى الصواب من حكم الإسلام فيها.
وأما ما في بطون الأنعام وهو الملاقيح أو المَجْر كما في بعض الروايات، فلم يثبت فيه حديث، إلا أنه داخلٌ في بيع الغرر، فإنه قد يكون حملاً وقد يكون ريحاً. ولأنه إن كان حملاً فهو مجهول القدر مجهول الصفة، وذلك كله غرر من غير حاجة، فلم يجز3.
والنهي عن بيع الحمل إنما هو فيما إذا بيع مفرداً عن أمه، وأما إذا بيع الحمل تبعاً لأمه فهو جائزٌ بالإجماع4.
1 معالم السنن (3/675) . وانظر: شرح صحيح مسلم (10/157) .
2 شرح صحيح مسلم (10/157-158) . وانظر: النهاية (1/334) .
3 المهذب - للشيرازي - (1/271) .
4 انظر: المجموع (9/315) .