المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس: ما ورد في النهي عن بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام - الأحاديث الواردة في البيوع المنهي عنها - جـ ١

[سليمان بن صالح الثنيان]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: الأحاديث الواردة في الأعيان المنهي عن بيعها

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيع الميتة والخنزير والأصنام

- ‌الفصل الثاني ما ورد في النهي عن بيع الخمر

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن بيع الدم

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن ما حرم أكله وشربه

- ‌الفصل الخامس: ما ورد في النهي عن بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام

- ‌الفصل السادس: ما ورد في النهي عن بيع الكلب والسنور

- ‌الفصل السابع: ما ورد في النهي عن بيع الحر

- ‌الفصل الثامن: ما ورد في النهي عن بيع أمهات الأولاد

- ‌الفصل التاسع: ما ورد في النهي عن بيع المدبر

- ‌الفصل العاشر: ما ورد في النهي عن بيع الولاء

- ‌الفصل الحادي عشر: ما ورد في النهي عن بيع القينات

- ‌الفصل الثاني عشر: ما ورد في النهي عن بيع رباع مكة

- ‌الفصل الثالث عشر: ما ورد في النهي عن إضاعة المال

- ‌الباب الثاني: الأحاديث الواردة عن بيع ما ليس مملوكآ للبائع وقت العقد أو لم يقبضه بعد

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيع ما لم يملك، وبيع ما لم يقبض

- ‌الفصل الثاني: ما ورد في النهي عن بيع فضل الماء والكلأ والنار

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن بيع المغانم حتى تقسم وعن بيع الصدقات بل أن تقبض

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن بيع الكالئ بالكالئ

- ‌الباب الثالث: الأحاديث الواردة في النهي عن بيوع الغرر

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيوع الغرر

- ‌الفصل الثاني: ما ورد في النهي عن بيع حبل الحبلة والمضامين والملاقيح

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن بيع الملامسة والمنابذة

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن بيع الحصاة

- ‌الفصل الخامس: ما ورد في بيع اللبن في الضرع والصوف على الظهر والسمن في اللبن

- ‌الفصل السادس: ما ورد في النهي عن الثنيا في البيع إلا أن تعلم

- ‌الفصل السابع: ما ورد في النهي عن بيع المعاومة والسنين

- ‌الفصل الثامن: ما ورد في النهي عن البيع بضربة الغائص وبيع العبد الآبق

- ‌الفصل التاسع: ما ورد في النهي عن بيع عسب الفحل

- ‌الفصل العاشر: ما ورد في النهي عن بيع السمك في الماء

- ‌الفصل الحادي عشر: ما ورد في النهي عن بيع ما لم يتبين صلاحه

- ‌الباب الرابع: الأحاديث الواردة في النهي عن الشروط في البيع

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن الشروط في البيع، وعن بيع وسلف

- ‌الفصل الثاني: ما ورد في النهي عن بيع العربان

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن بيعتين في بيعة

الفصل: ‌الفصل الخامس: ما ورد في النهي عن بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام

‌الفصل الخامس: ما ورد في النهي عن بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام

36 -

(1) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة".

رواه أحمد بن منيع1، والبزار2، والعقيلي3، والطبراني في الكبير4، وابن عدي5، والبيهقي6. كلهم من طرقٍ عن بحر بن كنيز السقاء عن عبيد الله بن القبطية عن أبي رجاء العطاردي عنه به.

وبحر بن كَنِيز هو أبو الفضل السَّقاء قال فيه ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال أبو داود والنسائي والدارقطني: متروك7. وقال ابن عدي: كل رواياته مضطربة ويخالف الناس في أسانيدها ومتونها والضعف على حديثه بيِّن. وقال أيضاً: هو إلى الضعف أقرب منه إلى غيره8. وجعله ابن حجر في مرتبة الضعيف9.

1 إتحاف الخيرة المهرة (ص314-315) .

2 كشف الأستار (4/117) .

3 الضعفاء (4/139) .

4 المعجم الكبير (18/136) .

5 الكامل (2/51) .

6 السنن الكبرى (5/327) .

7 تهذيب التهذيب (1/419) .

8 الكامل (2/55) .

9 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (637) .

ص: 119

والذي يظهر لي أنه ضعيف جداً لما تقدم من قول أكثر الأئمة فيه. والله أعلم.

وللحديث إسناد آخر، فقد رواه ابن عدي1 - ومن طريقه البيهقي2 - وعلقه العقيلي3 - ووصله البيهقي4 - والخطيب البغدادي5 بإسنادهم عن محمد بن مصعب عن أبي الأشهب عن أبي رجاء عنه به.

وأبو الأشهب هو جعفر بن حيان السعدي العطاردي البصري. ثقة6.

وأما محمد بن مصعب، فهو ابن صدقة القُرقُسائي. قال فيه ابن معين: ليس بشيء.

وقال أيضاً: لم يكن من أصحاب الحديث، كان مغفلاً.

وقال أيضاً: ليس يدري ما يحدث.

وقال أحمد: لا بأس به.

وقال أبو زرعة: صدوق في الحديث، ولكنه حدث بأحاديث منكرة، فسأله ابن أبي حاتم: فليس هذا مما يضعفه؟ قال: نظن أنه غلط فيه.

وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث.

وقال النسائي: ضعيف.

وقال ابن حبان: ساء حفظه فكان يقلب الأخبار ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به7.

1 الكامل (6/265-266) .

2 السنن الكبرى (5/327) .

3 الضعفاء (4/139) .

4 السنن الكبرى (5/327) .

5 تاريخ بغداد (3/278) .

6 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (935) .

7 تهذيب التهذيب (9/458-459) .

ص: 120

وخلص الحافظ ابن حجر إلى أنه صدوق كثير الغلط1.

ومما يدل على غلطه أنه قد اضطرب في هذا الحديث، فرواه مرة مرفوعاً كما سبق، وأخرى موقوفاً على عمران بن حصين رضي الله عنه، وذلك فيما رواه العقيلي2، وابن عدي3، والبيهقي4 بأسانيدهم عن يحيى بن معين عن محمد بن مصعب بإسناده موقوفاً.

وتابع محمد بن مصعب على الوقف سلم بن زرير كما قال العقيلي. وقد رواه أيضاً موقوفاً البخاري تعليقاً مجزوماً به عن عمران5 رضي الله عنه، ولذا رجح البيهقي وقفه فقال: رفعه وهم والموقوف أصح6. وكذلك قال الحافظ ابن حجر: الصواب وقفه7.

وجعل ابن معين8 والعقيلي الحديث من قول أبي رجاء، فيكون مقطوعاً.

ولكن الذي يظهر أنه موقوف على عمران بن حصين رضي الله عنه كما قال البيهقي وابن حجر لمتابعة سلم بن زرير لمحمد بن مصعب. والله أعلم.

1 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (6302) .

2 الضعفاء (4/138-139) .

3 الكامل (6/265) .

4 السنن الكبرى (5/327) .

5 صحيح البخاري - مع الفتح -[كتاب البيوع (4/باب رقم 37) ] .

6 السنن الكبرى (5/327) .

7 التلخيص الحبير (3/18) .

8 الضعفاء - للعقيلي - (4/139) .

ص: 121

وقد كره عمران بن حصين رضي الله عنه بيع السلاح في الفتنة؛ لأن في بيعه إذ ذاك إعانة لمن اشتراه.

قال ابن بطال: إنما كره بيع السلاح في الفتنة؛ لأنه من باب التعاون على الإثم1. والله أعلم.

37 – (2) عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني، أو ممن يعلم أنه يتخذه خمرًا فقد أقدم على النار على بصيرة".

رواه ابن حبان في المجروحين2 وهذا لفظه - ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية3 - والطبراني في الأوسط4، والسهمي5، والبيهقي في شعب الإيمان6.

كلهم من طرق عن عبد الكريم بن أبي عبد الكريم، عن الحسن بن مسلم، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه به.

قال ابن حبان: "وهذا حديث لا أصل له عن حسين بن واقد وما رواه ثقة، والحسن بن مسلم هذا راويه يجب أن يعدل به عن سنن العدول إلى المجروحين برواية هذا الخبر المنكر".

1 انظر: فتح الباري (4/378) .

2 المجروحين (1/236) .

3 العلل المتناهية (2/188) .

4 المعجم الأوسط (5/294) .

5تاريخ جرجان (ص241) .

6 شعب الإيمان (5/17) . ووقع في المطبوع منه في إسناده: أبو بردة عن أبيه. وهو خطأ، وإنما هو ابن بريدة عن أبيه.

ص: 122

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن بريدة إلا بهذا الإسناد، تفرد به أحمد بن منصور المروزي".

وقد رواه ابن حبان من غير طريق أحمد بن منصور المروزي، فيستدرك على الطبراني.

وتكلم في الحديث من أجل عبد الكريم بن أبي عبد الكريم، والحسن بن مسلم المروزي التاجر. فقد ذكر ابن أبي حاتم هذا الحديث لأبيه فقال:"هذا حديث كذب باطل. قلت: تعرف عبد الكريم هذا؟ قال: لا. قلت: فتعرف الحسن بن مسلم؟ قال: لا، ولكن تدل روايتهم على الكذب"1.

ولما ترجم الذهبي للحسن بن مسلم قال فيه: "أتى بخبر موضوع في الخمر - ثم ذكر هذا الحديث -"2.

ونقل هذا الحافظ ابن حجر في لسان الميزان ولم يتعقبه بشيء3.

ولما ترجم لعبد الكريم بن أبي عبد الكريم نقل فيه قول ابن حبان: "عبد الكريم بن عبد الكريم البجلي عن عبد الله بن عمرو، وعنه جبارة بن المغلس مستقيم الحديث".

قال الحافظ بعده: "فالظاهر أنه هو الذي تكلم فيه أبو حاتم، ولعل ما أنكره أبو حاتم من جهة صاحبه جبارة، ويؤيده أن أبا حاتم قال قبل ذلك: لا أعرفه". انتهى كلام الحافظ4.

1 العلل (1/389) . وانظر: الجرح والتعديل (3/37) .

2 الميزان (2/46) . وانظر: المغني في الضعفاء (1/248) .

3 لسان الميزان (2/256) .

4 لسان الميزان (4/50) .

ص: 123

ولعل ترجيح الحافظ لقول ابن حبان هو الذي حمله على تحسين الحديث في كتابه بلوغ المرام1.

فيكون رجح أن يكون عبد الكريم مستقيم الحديث. وفات عليه أن في إسناده الحسن بن مسلم المروزي، وهو متهم بالكذب كما سبق من قول أبي حاتم. فالأولى أن يحكم على الحديث بالوضع. والله أعلم.

1 بلوغ المرام (167) .

ص: 124

دلالة الأحاديث السابقة:

الأحاديث الواردة في هذا الفصل، وإن لم يصح منها حديث، إلا أن مقاصد الشريعة جاءت بما دلت عليه من النهي عن بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام؛ لأن هذا البيع يتضمن الإعانة على الإثم والعدوان.

وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن عاصر الخمر1، وهو إنما يعصر عنبًا يصير عصيرًِا، والعصير حلال، يمكن أن يتخذ خلاً أو دبسًا وغير ذلك2، ولكنه إنما لعن من عصر العنب ليتخذ هو أو غيره الخمر منه. ويدخل في ذلك ما إذا باع العصير على من يعمل الخمر منه.

"وفي معنى هذا كل بيعٍ أو إجارة أو معاوضة تعين على معصية الله، كبيع السلاح للكفّار والبغاة وقطّاع الطريق، وبيع الرقيق لمن يفسق به أو يؤاجره لذلك، أو إجارة داره أو حانوته أو خانه لمن يقيم فيها سوق المعصية، ونحو ذلك مما هو إعانة على ما يبغضه الله ويسخطه"3.

ومن هذا أيضاً ينهى عن بيع عقارٍ أو آلة أو غيرها لمن يقيم فيها أو يستعملها في الحرام. ويعد هذا من باب سدِّ الذرائع. وهذا كله فيما إذا كان المبيع مباحاً في الأصل. وأما إذا كان محرّماً فهو داخل أيضاً في الفصل السابق وهو النهي عن بيع ما جاء في الشريعة تحريمه.

فإذا ثبت تحريم بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام، "فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك إما بقوله، وإما بقرائن

1 قد سبق عند حديث رقم (9،10،11،12،19) .

2 الفتاوى (29/275) .

3 إعلام الموقعين (3/207) .

ص: 125

محتفة به تدل على ذلك، فأما إذا كان الأمر محتملاً مثل أن يشتريها من لا يعلم حاله أو من يعمل الخل والخمر معاً ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر فالبيع جائز"1. والله أعلم.

1 المغني (4/307) .

ص: 126