الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الحادي عشر: ما ورد في النهي عن بيع ما لم يتبين صلاحه
119 -
(1) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة، والمحاقلة، وعن المزابنة، وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، وألا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا".
رواه البخاري1 واللفظ له، ومسلم2، وأبو داود3، والترمذي4، والنسائي5، وابن ماجه6، وأحمد7، كلهم من طرقٍ عنه به.
وفي لفظ للبخاري ومسلم: "وعن بيع الثمرة حتى تشقح"، فقيل لسعيد بن ميناء - الراوي عن جابر رضي الله عنهما: ما تشقح؟ قال: تحمار وتصفار ويؤكل منها.
وفي لفظ لمسلم: "وأن تشتري النخيل حتى تشقه" وهي بمعنى تشقح.
وفي لفظ للبخاري: "نهى عن بيع الثمر حتى يطيب"، ولنسائي وأحمد:"حتى يطعم".
1 صحيح البخاري - مع الفتح -[كتاب البيوع (4/ رقم 2189،2196) ، كتاب الشرب والمساقاة (5/رقم 2381) ] .
2 صحيح مسلم [كتاب البيوع (3/1174-1175) ] .
3 سنن أبي داود [كتاب البيوع (3/693-695) ] .
4 جامع الترمذي [كتاب البيوع (3/585،605) ] .
5 سنن النسائي [كتاب البيوع (7/263،264،270) ] .
6 سنن ابن ماجه [كتاب التجارات (2/762) ] .
7 المسند (3/313،356،357،460،364،391،392) .
وزاد مسلم في لفظٍ له، وأبو داود، والترمذي، وأحمد:"والمعاومة"، وعند بعضهم أيضاً:"وعن بيع السنين". وهما بمعنى.
وزاد مسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد:"الثُّنيا". وزاد أبو داود والترمذي بإسنادٍ صحيح: "إلا أن تعلم". وقد تقدم الكلام عن هذه الجملة في فصل: ما ورد في النهي عن الثنيا إلا أن تعلم.
ورواه أحمد1 بلفظ: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع ما في رؤوس النخل بتمرٍ مكيل ". وورد عند مسلم أن هذا اللفظ إنما هو من تفسير جابر رضي الله عنه للمزابنة.
والمخابرة الواردة في هذا الحديث هي المزارعة على بعض ما يخرج من الأرض2.
120 -
(2) عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وعن النخل حتى يزهو. قيل: وما يزهو؟ قال: يحمار أو يصفار".
رواه البخاري3 وهذا لفظه، ومسلم4، والنسائي5، ومالك6، وأحمد7، كلهم من طرقٍ عن حميد الطويل عنه به.
وزاد مالك، ومن طريقه البخاري ومسلم والنسائي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه".
1 المسند (3/381) .
2 المصباح المنير (ص62) .
3 صحيح البخاري - مع الفتح -[كتاب الزكاة (3/رقم 1488) ، كتاب البيوع (4/ رقم 2195، 2197،2198،2208) ] .
4 صحيح مسلم [كتاب المساقاة (3/1190) ] .
5 سنن النسائي [كتاب البيوع (7/264) ] .
6 الموطأ (2/481) .
7 المسند (3/115) .
وقد تعقب الدارقطني الشيخين في إخراج هذه الرواية فقال: "وقد خالف مالكاً جماعةٌ منهم إسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، وهشيم، ويزيد بن هارون وغيرهم قالوا فيه: "قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة
…
". وأخرجا أيضاً حديث إسماعيل بن جعفر عن حميد وقد فصل كلام أنس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم"1 انتهى.
وقد سبق الدارقطني إلى توهيم مالك في رفع هذه الجملة أبو حاتم وأبو زرعة، فقد سألهما ابن أبي حاتم عن رواية مالك المرفوعة فقالا:"هذا خطأ، إنما هو كلام أنس"2. قال أبو زرعة: "كذا يرويه الدراوردي ومالك بن أنس مرفوعًا، والناس يروونه موقوفًا من كلام أنس".
وقد بيّن الحافظ ابن حجر أن المحفوظ في حديث الدراوردي هو الوقف كرواية غيره3. وكذلك قال الحاكم بأن مالكاً تفرد برفع هذه الجملة4.
وقد روى الخطيب5 بإسناده عن معتمر بن سليمان، وبشر بن المفضل عن حميد فقال فيه:"قال: أفرأيت"، فلا أدري أنس قال:"بم تستحل" أو حدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وممَّن صرَّح أيضاً بأن هذه الجملة مدرجة من كلام أنس الإمام ابن خزيمة6. وتوقف البيهقي7 في الترجيح بين هذه الروايات.
1 الإلزامات والتتبع (ص539) .
2 العلل (1/378-379) .
3 فتح الباري (4/466) .
4 معرفة علوم الحديث (ص134-135) .
5 الفصل للوصل المدرج في النقل (حديث رقم (3) ، ص19) .
6 هدي الساري (ص378) .
7 السنن الكبرى (5/300-301) .
وقال الحافظ ابن حجر عن هذا الاختلاف: "الأمر في مثل هذا قريب"1. وقال: "ليس في جميع ما تقدم ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعاً؛ لأن مع الذي رفعه زيادة على ما عند الذي وقفه، وليس في رواية الذي وقفه ما ينفي قول من رفعه، وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يقوّي رواية الرفع في حديث أنس" 2.
وكلام الحافظ ابن حجر السابق صريحٌ في أنه يصحح رواية الرفع. وكلامه هذا هو المتأخر.
وأما قوله: "قد بينت في المدرج أن هذه الجملة موقوفة من قول أنس، وأن رفعها وهم"، فهو واردٌ في كتابه "التلخيص الحبير" 3 وهو متقدم على فتح الباري في التأليف. فالأول انتهى من تأليفه - كما سبق - سنة عشرين وثمانمائة، وأما الفتح فانتهى منه سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة كما صرّح بذلك في آخره.
وللحديث طريق آخر، فقد رواه أبو داود4، والترمذي5، وابن ماجه6، وأحمد7، وأبو يعلى8، وابن حبان9، والحاكم10، والبيهقي11،كلهم من طرقٍ عن حماد بن سلمة عن حميد الطويل به، ولفظه: "نهى عن
1 هدي الساري (ص378) .
2 فتح الباري (4/466) .
3 التلخيص الحبير (3/28) .
4 سنن أبي داود [كتاب البيوع (3/668) ] .
5 جامع الترمذي [كتاب البيوع (3/530) ] .
6 سنن ابن ماجه [كتاب التجارات (2/747) ] .
7 المسند (3/221،250) .
8 مسند أبي يعلى (6/396) .
9 الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان (11/369) .
10 المستدرك (2/19) .
11 السنن الكبرى (5/301،303) .
بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحبِّ حتى يشتد"، وعندهم عدا أبي داود والترمذي زيادة: "وعن بيع الثمر حتى يزهو".
قال الترمذي: "هذا حديث حسنٌ غريب، لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث حماد بن سلمة".
وقال البيهقي: "ذكر الحب حتى يشتد، والعنب حتى يسود في هذا الحديث مما تفرد به حماد بن سلمة عن حميد من بين أصحاب حميد".
والذي يتبين لي أن تفرد حماد بن سلمة عن حميد الطويل محتمل، فإن حميد الطويل خال حماد بن سلمة1، وقال فيه أحمد بن حنبل:"حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد وأصح حديثاً" 2، وقال فيه أيضاً:"هو أثبت الناس في حميد الطويل، سمع منه قديماً يخالف الناس في حديثه"3.
وقد توبع حماد بن سلمة في بعضه إلا أن هذه المتابعة لا تصلح للاعتبار، فقد روى عبد الرزاق4، وعنه أحمد5 عن الثوري عن شيخٍ لهم عن أنسٍ رضي الله عنه قال:"نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع الحبِّ حتى يفرك، وعن بيع الثمار حتى تطعم".
وفي إسناده مبهم، وقد وقع بيانه عند البيهقي6 بأنه أبان بن أبي عياش. وأبان تقدم الكلام فيه، وأنه متروك7. وهذه المتابعة وإن لم تكن صالحة للاعتبار فإن - كما سبق - حماد بن سلمة حديثه عن حميد حجة ولو تفرد عنه لملازمته إياه.
1 تهذيب الكمال (7/254) .
2 تهذيب التهذيب (3/12) .
3 المرجع السابق.
4 المصنف (8/64) .
5 المسند (3/161) .
6 السنن الكبرى (5/303) .
7 تقدم عند حديث رقم (21) .
وفي لفظٍ للبيهقي1 من طريق حماد بن سلمة زيادة: "وعن بيع الحب حتى يفرك". قال البيهقي: قوله "حتى يفرك" إن كان بخفض الراء على إضافة الإفراك إلى الحب وافق رواية من قال: "حتى يشتد"، وإن كان بفتح الراء ورفع الياء على إضافة الفرك إلى من لم يسم فاعله خالف رواية من قال فيه:"حتى يشتد"، واقتضى تنقيته عن السنبل حتى يجوز بيعه، ولم أرَ أحداً من محدثي زماننا ضبط ذلك، والأشبه أن يكون يفرك بخفض الراء لموافقة معنى من قال فيه "حتى يشتد". والله أعلم.
121 -
(3) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كان الناس يتبايعون الثمار قبل أن يبدو صلاحها، فإذا جدَّ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: قد أصاب الثمر الدُّمان وأصابه قُشام وأصابه مُراضٌ - عاهات يحتجُّون بها - فلما كثرت خصومتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كالمشورة يشير بها:"فإما لا فلا تتبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها" لكثرة خصومتهم واختلافهم.
رواه أبو داود2 وهذا لفظه، والبخاري - تعليقاً مجزوماً به3 - والطحاوي4، والدارقطني5، والبيهقي6، كلهم من طرقٍ عن عروة بن الزبير عن سهل بن أبي حثمة عنه به.
1 السنن الكبرى (5/303) .
2 سنن أبي داود [كتاب البيوع (3/668-669) ] .
3 صحيح البخاري - مع الفتح -[كتاب البيوع (4/رقم 2193) ] .
4 شرح معاني الآثار (4/28) .
5 سنن الدارقطني (3/14) .
6 السنن الكبرى (5/301-302) .
ورواه أحمد1 من طريق خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه به بنحوه.
ورواه أحمد2 أيضاً، والطحاوي3 - كلاهما مختصراً - من طريق الزهري به، ولفظه:"لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها".
والطرق السابقة تبين أن الحديث صحيح. والله أعلم.
ومعنى قوله: "جدَّ الناس" الجداد بالفتح والكسر: صرام النخل، وهو قطع ثمرتها4.
وقوله: "حضر تقاضيهم" يقال: تقاضيت ديني وبديني واستقضيته طلبت قضاه5.
وقوله: "الدمان": هو بالفتح، وقيل بالضم وهو أشبه، لأن ما كان من الأدواء والعاهات فهو بالضم، أما الميم فهي مخففة، وهو فساد الثمر وعفنه قبل إدراكه حتى يسودَّ، من الدِّمن وهو السرقين6.
وقوله: "قشام" في رواية الطحاوي: "القشام شيء يصيبه حتى لا يرطب". قال ابن الأثير: هو بالضم أن ينتقص7 ثمر النخل قبل أن يصير بلحاً"8.
وقوله: "وأصابها مُراض" هو بالضم: داءٌ يقع في الثمرة فتهلك9.
1 المسند (3/190) .
2 المسند (3/185) .
3 شرح معاني الآثار (4/23) .
4 النهاية (1/244) .
5 عمدة القاري (12/3) .
6 النهاية (2/135) .
7 في المطبوع من النهاية: ((ينتقض)) ، والصواب ما أثبت كما في جامع الأصول (2/65) .
8 النهاية (4/66) .
9 النهاية (4/319) .
122 -
(4) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا ثماركم حتى يبدو صلاحها وتنجو من العاهة".
رواه أحمد1، وابن عدي2، كلاهما من طريق أبي الرجال عن عمرة عنها به.
وهذا إسنادٌ صحيح. والله أعلم.
123 -
(5) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه".
رواه الطبراني3 واللفظ له، وأحمد4، وذكر مع ابن عباس - جابر وابن عمر رضي الله عنهم.
كلهم من طرق عن عمرو بن دينار عنه به.
وللطبراني أيضًا5: عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس
رضي الله عنهما. وإسناده صحيح.
وقد جاء حديث ابن عباس رضي الله عنهما هذا من وجه آخر، فقد روى البزار6 بإسناده عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نهى عن بيع النحل سنتين أو ثلاثة، أو يشترى ما في رءوس النخل بكيل، أو تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها".
1 المسند (6/70،105-106،160) .
2 الكامل (4/284-285) .
3 المعجم الكبير (11/105) .
4 المسند (3/372) .
5 المعجم الكبير (11/11) .
6 كشف الأستار (2/92) .
قال البزار: "لا نعلم يروى بإسنادٍ أحسن من هذا". ولعله يعني في النهي عن بيع السنين. - والله أعلم -.
قال الهيثمي: إسناده حسن، وفيه الحجاج بن أرطاة وهو ثقة لكنه مدلس1.
وفي قول الهيثمي عن الحجاج بن أرطاة "ثقة" نظر. فقد قال فيه ابن معين: صدوق ليس بالقوي. وقال أحمد: في حديثه زيادة على حديث الناس. وقال أبو حاتم وأبو زرعة: صدوق. وقال النسائي: ليس بالقوي. وضعفه ابن سعد. وقال الدارقطني: لا يحتج به2. وجعله ابن حجر في مرتبة: "صدوق كثير الخطأ"3.
وأشد ما نقم عليه التدليس عن الضعفاء4. وهو هنا لم يصرِّح بالسماع.
فعلى هذا فإن هذا الإسناد ضعيف، إلا أنه يتقوى بالطريق السابق، وبشواهده، فيكون حسنًا، والله أعلم.
124 -
(6) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحها". قيل: وما صلاحها؟ قال: "تذهب عاهتها ويخلص صلاحها".
رواه البزار5 بإسناده عن ابن أبي ليلى عن عطية العوفي عنه به.
وابن أبي ليلى تقدم الكلام فيه6، وأنه صدوق سيء الحفظ جداً.
1 مجمع الزوائد (4/107) .
2 تهذيب التهذيب (2/197-198) .
3 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (1119) .
4 ذكره ابن حجر في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين. (تعريف أهل التقديس (ص125)) .
5 كشف الأستار (2/97) .
6 تقدم الكلام عليه عند الحديث رقم (44) .
وأما عطية العوفي، فقد ضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن حبان. ووثقه ابن سعد. وقال ابن معين: صالح1. وجعله الحافظ في مرتبة: "صدوق يخطئ كثيراً" 2.
وجاء الحديث من وجهٍ آخر، فقد رواه الطبراني في الأوسط3 بإسناده عن يحيى بن أبي أنيسة عن جابر الجعفي عن نافع عنه به، ولفظه:"لا تبايعوا الثمر حتى يبدو صلاحه، ولا تبايعوا الذهب إلا مثلاً بمثل".
وفي إسناده يحيى بن أبي أنيسة، وقد تقدم أنه متروك4. فيبقى الحديث على ضعفه.
فمما سبق يتبين أن هذا الحديث ضعيف، إلا أنَّ له شواهد تقدمت، فيكون بها حسناً لغيره. والله أعلم.
125 -
(7) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها".
رواه ابن أبي شيبة5، ومن طريقه الطبراني في الكبير6 من طريق أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول والقاسم عنه به.
1 تهذيب التهذيب (7/225-226) .
2 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (4616) .
3 المعجم الأوسط (6/281) .
4 تقدم عند حديث رقم (52) .
5 إتحاف الخيرة المهرة (ص286) .
6 المعجم الكبير (8/130) .
وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد1، وأن أبا أسامة أخطأ في اسم شيخه، وأنه ليس عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وإنما هو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وهو ضعيف جداً.
فمما سبق يتبين أن هذا الإسناد ضعيف جداً، وأما متن الحديث فثابتٌ من غير هذا الإسناد كما تقدم. والله أعلم.
126 -
(8) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الشجر حتى يبدو صلاحه".
رواه الدارقطني2 بإسناده عن ضرار بن صرد عن موسى بن عثمان عن الحكم بن عتيبة عن عبد الله مولى سعد عنه به.
وموسى بن عثمان هو الحضرمي. قال فيه أبو حاتم: متروك. وقال ابن عدي: حديثه ليس بالمحفوظ3.
وكذلك ضرار بن صُرَد، تقدم الكلام4 فيه وأنه ضعيف جداً.
فعلى هذا، فإن هذا الإسناد ضعيف جداً. والله أعلم.
1 تقدم عند حديث أبي أمامة رضي الله عنه رقم (96) .
2 سنن الدارقطني (3/13) .
3 لسان الميزان (6/125) .
4 تقدم الكلام فيه عند حديث رقم (44) .
ومما ورد في هذا الفصل أيضاً:
(9)
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقد تقدم1.
(10)
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد تقدم2.
(11)
حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقد تقدم3.
(12)
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وسيأتي4.
(13)
حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وسوف يأتي5.
(14)
حديث أبي هريرة رضي الله عنهما، وسوف يأتي6.
(15)
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسوف يأتي7.
1 تقدم برقم (93) .
2 تقدم برقم (111) .
3 تقدم برقم (113) .
4 سيأتي برقم (144) عند الطريق الثانية منه.
5 سيأتي برقم (162) .
6 سيأتي برقم (166) .
7 سيأتي برقم (223) .
دلالة الأحاديث السابقة:
يستفاد مما تقدم النهي عن بيع ما لم يبد صلاحه سواءً أكان ثمراً أم حبوباً أم زرعاً؛ لأنها لا يؤمن من هلاكها بورود العاهة عليها لصغرها وضعفها، وإذا تلفت لا يبقى للمشتري بمقابلة ما دفع من الثمن شيء1. وبهذا قال مالك2، والشافعي3، وأحمد4.
وبهذا قال أبو حنيفة أيضاً فيما إذا شرط المشتري على البائع التبقية والترك إلى صلاح الثمرة ونحوها5. وأما إذا أطلق في العقد ولم يشترط الترك فقال أبو حنيفة يجوز إذا كان المبيع يصلح أن يكون علفاً للدواب، ويؤمر المشتري بالقطع حالاً6.
وخالفه الجمهور فمنعوا هذه الصورة؛ لأن إطلاق العقد يقتضي التبقية والترك، لأن العرف في القبض يجري مجرى الشرط، والعرف في الثمار أن تؤخذ وقت الجذاذ، فصار المطلق كالمشروط تركه7، وعلى هذا القول عموم الأحاديث التي تقدم ذكرها.
وهناك حالة اتفق العلماء على جواز بيع ما لم يبد صلاحه فيها، وذلك فيما إذا شرط البائع على المشتري القطع حالاً، فيكون علفاً
1 شرح السنة (8/96) .
2 شرح الخرشي على مختصر خليل (5/185) .
3 الحاوي (5/190) .
4 الإنصاف (5/65) .
5 شرح فتح القدير (6/287) .
6 المرجع السابق.
7 الحاوي (5/192) .
للدواب ونحو ذلك؛ لأن العلة التي من أجلها نهي عن بيع ما لم يبد صلاحه منتفية هنا1.
والمراد ببدو الصلاح يختلف باختلاف المبيع، فبدو الصلاح في التمر هو باللون كما تقدم في حديث أنس رضي الله عنه:"حتى يحمار أو يصفار"، وفي العنب الأسود حتى يسود، وكذلك فهذه العلامة هي في كل ما يتغير لونه عند صلاحه، فصلاحه يكون بتغير لونه. وإن كان العنب أبيض، فصلاحه بتموهه وهو أن يبدو فيه الماء الحلو ويلين ويصفر لونه.
وإن كان مما لا يتلون كالتفاح ونحوه فبأن يحلو ويطيب، وإن كان بطيخاً ونحوه فبأن يبدو فيه النضح.
وإن كان مما لا يتغير لونه ويؤكل طيباً صغاراً وكباراً كالقثاء والخيار ونحوه، فصلاحه بلوغه أن يؤكل عادة2.
وليعلم أن بدو الصلاح في بعض ثمرة النخلة أو الشجرة صلاح لجميعها. قال ابن قدامة في هذا: لا أعلم فيه اختلافاً3.
وإذا بدا الصلاح في بعض ثمر الحائط جاز بيع الكل مطلقاً إذا اتفق الجنس، فأما إذا اختلف الجنس فلا بد من مراعاة بدو الصلاح في كل جنس منها4. والله أعلم.
1 انظر: شرح السنة (8/96) .
2 المغني (4/224) بتصرف.
3 المغني (4/222) .
4 شرح السنة (8/96) .