المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيع الميتة والخنزير والأصنام - الأحاديث الواردة في البيوع المنهي عنها - جـ ١

[سليمان بن صالح الثنيان]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: الأحاديث الواردة في الأعيان المنهي عن بيعها

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيع الميتة والخنزير والأصنام

- ‌الفصل الثاني ما ورد في النهي عن بيع الخمر

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن بيع الدم

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن ما حرم أكله وشربه

- ‌الفصل الخامس: ما ورد في النهي عن بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام

- ‌الفصل السادس: ما ورد في النهي عن بيع الكلب والسنور

- ‌الفصل السابع: ما ورد في النهي عن بيع الحر

- ‌الفصل الثامن: ما ورد في النهي عن بيع أمهات الأولاد

- ‌الفصل التاسع: ما ورد في النهي عن بيع المدبر

- ‌الفصل العاشر: ما ورد في النهي عن بيع الولاء

- ‌الفصل الحادي عشر: ما ورد في النهي عن بيع القينات

- ‌الفصل الثاني عشر: ما ورد في النهي عن بيع رباع مكة

- ‌الفصل الثالث عشر: ما ورد في النهي عن إضاعة المال

- ‌الباب الثاني: الأحاديث الواردة عن بيع ما ليس مملوكآ للبائع وقت العقد أو لم يقبضه بعد

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيع ما لم يملك، وبيع ما لم يقبض

- ‌الفصل الثاني: ما ورد في النهي عن بيع فضل الماء والكلأ والنار

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن بيع المغانم حتى تقسم وعن بيع الصدقات بل أن تقبض

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن بيع الكالئ بالكالئ

- ‌الباب الثالث: الأحاديث الواردة في النهي عن بيوع الغرر

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيوع الغرر

- ‌الفصل الثاني: ما ورد في النهي عن بيع حبل الحبلة والمضامين والملاقيح

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن بيع الملامسة والمنابذة

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن بيع الحصاة

- ‌الفصل الخامس: ما ورد في بيع اللبن في الضرع والصوف على الظهر والسمن في اللبن

- ‌الفصل السادس: ما ورد في النهي عن الثنيا في البيع إلا أن تعلم

- ‌الفصل السابع: ما ورد في النهي عن بيع المعاومة والسنين

- ‌الفصل الثامن: ما ورد في النهي عن البيع بضربة الغائص وبيع العبد الآبق

- ‌الفصل التاسع: ما ورد في النهي عن بيع عسب الفحل

- ‌الفصل العاشر: ما ورد في النهي عن بيع السمك في الماء

- ‌الفصل الحادي عشر: ما ورد في النهي عن بيع ما لم يتبين صلاحه

- ‌الباب الرابع: الأحاديث الواردة في النهي عن الشروط في البيع

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن الشروط في البيع، وعن بيع وسلف

- ‌الفصل الثاني: ما ورد في النهي عن بيع العربان

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن بيعتين في بيعة

الفصل: ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيع الميتة والخنزير والأصنام

‌الباب الأول: الأحاديث الواردة في الأعيان المنهي عن بيعها

‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن بيع الميتة والخنزير والأصنام

توطئة

البيع لغة: مصدر بعتُ. وهو ضد الشراء. وقد يأتي بمعنى الشراء، فيكون من الأضداد1.

وفي الشرع: مبادلة المال المتقوم بالمال المتقوم تمليكاً وتملّكاً2.

والبيع جائز بالكتاب والسنة والإجماع:

- أما الكتاب، فقوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْع} 3.

- وأما من السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم باع واشترى، وأقرّ المسلمين على بياعاتهم، إلا بيوعاً نهاهم عنها.

- وقد أجمع المسلمون على جواز البيع في الجملة4.

- والحكمة تقتضيه؛ لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه، وصاحبه لا يبذله بغير عوض. ففي شرع البيع وتجويزه شرع طريقٍ إلى وصول كل واحدٍ منهما إلى غرضه ودفع حاجته5.

وأما الأصل في البيع فهو الحل، لقول الله عز وجل:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} 6.قال الشافعي رحمه الله: " أصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم محرم بإذنه داخل في المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه "1.

1 لسان العرب (8/23) ، مادة (بيع) ، المطلع على أبواب المقنع (ص227) .

2 التعريفات (ص48) .

3 سورة البقرة، آية (275) .

4 المغني (4/4) .

5 المرجع السابق.

6 تقدم تخريجها قريباً.

ص: 21

الفصل الأول ما ورد في النهي عن بيع الميتة والخنزير والأصنام

1 -

(1) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بمكة عام الفتح: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام". فقيل: يا رسول الله؛ أرأيت شحوم الميتة؛ فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال:" لا، هو حرام". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: " قاتل الله اليهود؛ إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه".

أخرجه البخاري1 واللفظ له، ومسلم2، وأبو داود3، والترمذي4، والنسائي5، وابن ماجه6، وأحمد7، كلهم من طرق عن يزيد بن أبي حبيب المصري عن عطاء بن أبي رباح عنه به. قال الترمذي: حسن صحيح.

وجاء في رواية لمسلم وأبي داود وأحمد8: يزيد بن أبي حبيب أن عطاء كتب يذكر أنه سمع جابر بن عبد الله

الحديث.

1 صحيح البخاري مع الفتح [كتاب البيوع (4/رقم 2236) ، والمغازي (8/4296) ، التفسير (8/رقم 4633) ] .

2 صحيح مسلم [كتاب المساقاة (3/1207) ] .

3 سنن أبي داود [كتاب البيوع (3/756، 757، 758) ] .

4 جامع الترمذي [كتاب البيوع (3/591) ] .

5 سنن النسائي [كتاب البيوع (7/309) ] .

6 سنن ابن ماجه [كتاب التجارات (2/732) ] .

7 مسند أحمد (3/324، 326) .

8 مسند أحمد (3/326) .

ص: 25

وهذه الرواية أخرجها أيضًا البخاري تعليقًا1. وجاء في رواية أخرى لأحمد2، وهي رواية ابن ماجه: يزيد بن أبي حبيب قال: قال عطاء بن أبي رباح.

فهذه الروايات فيها أن يزيد لم يسمع هذا الحديث من عطاء، والرواية الثانية لأحمد وابن ماجه محتملة. وقد صرح بعدم السماع أبو حاتم الرازي عندما سئل عن هذا الحديث فقال: يزيد بن أبي حبيب عن عطاء هو من حديث محمد بن إسحاق عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم يزيد بن أبي حبيب سمع من عطاء شيئًا3.

إلا أن الروايات التي جاء التصريح فيها بأن عطاء قد كتب بهذا الحديث إلى يزيد تنفي الواسطة بينهما، فهو وإن لم يثبت أنه سمع منه هذا الحديث، إلا أنه قد كتب به إليه، والكتابة من طرق التحمل الصحيحة عند جمهور المحدثين، وعليها العمل عندهم بشروطها4، ومن هؤلاء المحدثين الإمام البخاري، وتخريجه لهذا الحديث يدل على ذلك، وقد بوب في صحيحه بابًا في الاحتجاج بالكتابة، فقال: باب ما يذكر في المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان5.

وللحديث طريق أخرى أخرجها أحمد6، والطبراني في الأوسط7 عن ابن لهيعة: ثنا جعفر بن ربيعة عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن

1 صحيح البخاري مع الفتح [كتاب البيوع (4/عقب حديث رقم 2236) ] .

2 مسند أحمد (3/324) .

3 العلل (1/382) .

4 تدريب الراوي (2/56) .

5 صحيح البخاري مع الفتح، كتاب العلم (1/رقم الباب:7) .

6 مسند أحمد (3/340) .

7 المعجم الأوسط (8/373-374) .

ص: 26

عبد الله قال: " لما كان يوم فتح مكة اهراق رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر وكسر جراره، ونهى عن بيعه وبيع الأصنام".

وفي إسناده ابن لهيعة، وهو عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري.

كان يحيى بن سعيد لا يراه شيئًا.

وقال ابن مهدي: لا أحمل عنه قليلاً ولا كثيرًا.

وقال أيضًا: لا أعتد بشيء سمعته من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك ونحوه.

وقال أحمد: ما حديث ابن لهيعة بحجة، وإني لأكتب كثيرًا مما أكتب أعتبر به، وهو يقوي بعضه ببعض. وقال أيضًا: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه.

وأثنى عليه أيضًا ابن وهب، وأحمد بن صالح وغيرهما.

وقد بين أحمد بن صالح أن الضعف في حديثه ليس من قبله، وإنما من قبل الرواة عنه.

وقال عبد الغني بن سعيد الأزدي: إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح، ابن المبارك، وابن وهب، والمقري.

وقال ابن معين: كان ضعيفًا لا يحتج بحديثه؛ كان من شاء يقول له: " حدثنا".

وضعفه أيضًا أبو حاتم وأبو زرعة، وقالا: أمره مضطرب، يكتب الحديث على الاعتبار.

قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: إذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك، فابن لهيعة يحتج به؟ قال: لا.

ص: 27

وضعفه أيضًا ابن سعد، وأبو أحمد الحاكم، ووصفه ابن حبان بالتدليس، وذكر أنه هو السبب في وقوع المناكير في حديثه.

وقد عزى قوم ضعفه إلى احتراق كتبه، ومن هؤلاء: إسحاق بن عيسى، ويحيى بن بكير، والحاكم وغيرهم.

وأنكره ابن أبي مريم وغيره1.

وقد خلص فيه الذهبي إلى أنه ضعيف؛ لاختلاطه بعد احتراق كتبه2.

وخلص فيه ابن حجر إلى أنه " صدوق خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما"3.

والذي يظهر لي مما سبق من أقوال العلماء أنه ضعيف يعتبر به. ورواية العبادلة عنه أقوى من غيرها، ولكنها مع ذلك فيها ضعف. والله أعلم.

وقد تفرد عبد الله بن لهيعة بالرواية عن جعفر بن ربيعة لهذا الحديث كما قال الطبراني4، إلا أنه مع ذلك تصلح هذه الطريق للمتابعة. والله أعلم.

- قوله: " إن الله ورسوله حرم" أسند الفعل إلى ضمير الواحد، وهو هنا جائز، ووجهه الإشارة إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم ناشئ من أمر الله، قاله ابن حجر رحمه الله.

قال: وهو نحو قوله: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} ، وقد جاء في بعض طرق الحديث في الصحيح " إن الله حرم"، وفي رواية لابن مردويه " إن الله ورسوله حرما"5.

1 تهذيب التهذيب (5/374-379) .

2 المغني في الضعفاء (1/325) ، الكاشف (2/122) ، سير أعلام النبلاء (8/13-14) .

3 تقريب التهذيب. رقم الترجمة (3563) .

4 المعجم الأوسط (8/374) .

5 فتح الباري (4/496) .

ص: 28

- قوله: " فإنه يطلى بها السفن" الطلي هو لطخ الشيء بالشيء1.

- قوله: " ويستصبح بها الناس" أي يشعلون بها سرجهم2.

- قوله: " لا، هو حرام" اختلف في هذا التحريم؛ هل هو للبيع فقط، أم للانتفاع مطلقًا.

ورجح الحافظ ابن حجر3 رحمه الله أن يكون عائدًا إلى البيع.

قال الحافظ: " هكذا فسره العلماء؛ كالشافعي ومن اتبعه"، وقال:" ويؤيد أن التحريم يعود إلى البيع ما جاء في رواية لأحمد لهذا الحديث فيها أن رجلاً قال: يا رسول الله؛ فما ترى في بيع شحوم الميتة؟ ".

ويؤيده أيضًا ما أخرجه أبو داود من وجه آخر عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال وهو عند الركن: " قاتل الله اليهود؛ إن الله حرم عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه"4.

والمعنى أن الصحابة رضي الله عنه سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن شحوم الميتة، - وقد كان مقررًا عندهم أنه يحرم أكل الميتة وأجزائها - إلا أنهم سألوا عن حكم بيعها أو بعضها، لا ما فيه من المنافع؛ ظنًا منهم أن الميتة إنما يحرم أكلها، وأما بيعها أو أجزاء منها فلا يحرم، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وذكر لهم أن هذا من جنس احتيال

1 لسان العرب (15/10) مادة (طلي) .

2 النهاية في غريب الحديث (3/7) .

3 فتح الباري (4/496) .

4 فتح الباري (4/496) ، وسيأتي تخريج الحديث في موضعه - إن شاء الله - برقم (31) .

ص: 29

اليهود لما حرم الله عليهم الشحوم أذابوها ثم باعوها، والله سبحانه إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه.

- قوله: " إن الله لما حرم شحومها" يشير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ

} الآية1.

- قوله: " جملوه" جاء في بعض الروايات " أجملوه".

قال ابن الأثير: جملت الشحم وأجملته: إذا أذبته واستخرجت دهنه، وجملت أفصح من أجملت2.

قال البغوي: فيه دليل على بطلان كل حيلة يحتال بها للتوصل إلى المحرم، وإنه لا يتغير حكمه بتغيير هيئته وتبديل اسمه3.

2 -

(2) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله حرم الخمر وثمنها، وحرم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه".

أخرجه أبو داود4، وهذا لفظه، ومن طريقه الدارقطني5، والبيهقي6.

وأخرجه الطبراني في الأوسط7، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية8.

1 سورة الأنعام، الآية (146) .

2 النهاية في غريب الحديث (1/298) .

3 شرح السنة (4/221) .

4 سنن أبي داود (3/756) .

5 سنن الدارقطني (3/7) .

6 السنن الكبرى (6/12) .

7 المعجم الأوسط (1/43) .

8 حلية الأولياء (8/327) .

ص: 30

وأخرجه ابن عدي في الكامل1 عند ترجمة معاوية بن صالح.

كلهم من طرق عن ابن وهب عن معاوية بن صالح، عن عبد الوهاب بن بخت، عن أبي الزناد، عن الأعرج عنه به.

وقال الطبراني: لم يروه عن أبي الزناد إلا عبد الوهاب بن بخت، ولا عن عبد الوهاب إلا معاوية بن صالح. تفرد به ابن وهب.

وابن وهب: هو الإمام المشهور الثبت عبد الله بن وهب المصري، وأما معاوية بن صالح فهو ابن حُدَير الحضرمي، وهو مختلف فيه، فوثقه ابن مهدي، وأحمد وأبو زرعة وغيرهم.

وتكلم فيه يحيى القطان، وابن معين في رواية، وغيرهما2.

وقد احتج به مسلم في صحيح3.

وقال الحافظ الذهبي: صدوق إمام4. ورمز له في الميزان بـ (صح) 5، وهو يرمز بهذا الرمز لمن كان العمل على توثيقه6.

وقال الحافظ ابن حجر: صدوق له أوهام7.

وعند النظر إلى أقوال أئمة الجرح والتعديل نجد أن قول الحافظ الذهبي أقرب من قول الحافظ ابن حجر؛ لكون أكثر الأئمة على توثيقه.

1 الكامل (6/405) .

2 تهذيب التهذيب (10/209،210) .

3 ميزان الاعتدال (5/260) .

4 الكاشف (3/157) .

5 ميزان الاعتدال (5/260) .

6 لسان الميزان (1/9) .

7 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (6762) .

ص: 31

وأما عبد الوهاب بن بُخت فقال فيه الحافظ ابن حجر: ثقة1.

فعلى هذا، فهذا الإسناد حسن ، وله شواهد؛ كحديث جابر رضي الله عنه

المتقدم وغيره تجعل الحديث صحيحًا لغيره. والله أعلم.

3 -

(3) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير"، فقيل: يا رسول الله؛ أرأيت شحوم الميتة؛ فإنه يدهن بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال:" لا، هو حرام". ثم قال: " قاتل الله اليهود؛ إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوها، ثم باعوها وأكلوا أثمانها".

رواه أحمد2، وهذا لفظه، والبيهقي3. كلاهما من طرق عن أسامة بن زيد الليثي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به. وزاد البيهقي " والأصنام" عند قوله " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير".

وأسامة بن زيد مختلف فيه؛ فوثقه ابن معين، والعجلي، وابن عدي وغيرهم.

وضعفه القطان، وأحمد، والنسائي وغيرهم4.

قال الحافظان الذهبي5 وابن حجر6: صدوق يهم.

1 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (4254) .

2 مسند أحمد (2/213) .

3 السنن الكبرى (9/355) .

4 تهذيب التهذيب (1/208-209) .

5 المغني في الضعفاء (1/66) .

6 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (317) .

ص: 32

وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخلاف فيه مشهور، وقد رجح الحافظ الذهبي أنه من باب الحديث الحسن1؛ لأن عمرو صدوق2، فيبقى أن في الإسناد أسامة بن زيد، وهو متكلم فيه كما سبق، ولكن للحديث شاهد من حديث جابر بن عبد الله3 رضي الله عنهما فيكون به حسنًا لغيره. والله أعلم.

4 -

(4) عن عاصم بن ضمرة قال: أتي علي بدابة عليها سرج عليه خز، فقال:"نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ركوب عليها، وعن جلوس عليها، وعن جلود النمور عن ركوب عليها، وعن جلوس عليها، وعن الغنائم أن تباع حتى تخمس، وعن حبالى سبايا العدو أن يوطين، وعن الحمر الأهلية، وعن أكل ذي ناب من السباع، وأكل ذي مخلب من الطير، وعن ثمن الخمر، وعن ثمن الميتة، وعن عسب الفحل، وعن ثمن الكلب".

جاء هذا الحديث من ثلاث طرق:

الطريق الأولى: أخرجها عبد الرزاق قال: أخبرنا عباد بن كثير البصري عن رجل أحسبه خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة به باللفظ السابق4.

وعباد بن كثير البصري كان من العباد، إلا أنه متروك الحديث كما قاله البخاري، والعجلي، والنسائي وغيرهم5.

1 سير أعلام النبلاء (5/175) .

2 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (5050) .

3 سبق تخريجه برقم (1) .

4 مصنف عبد الرزاق (1/70) .

5 تهذيب التهذيب (5/101-102) .

ص: 33

وجعله ابن حجر في مرتبة: متروك1.

وقوله " أحسبه خالد" لعل الصواب أنه عمرو بن خالد كما سيأتي، فإن عباد بن كثير معروف بالرواية عنه2.

وعمرو بن خالد هذا هو القرشي مولاهم الواسطي.

قال فيه ابن معين، وأحمد، وأبو داود: كذاب.

وقال وكيع، وإسحاق، وأبو زرعة: يضع الحديث3.

وأما حبيب بن أبي ثابت فقد قال فيه الحافظ ابن حجر: ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس4.

وأما عاصم بن ضمرة، فوثقه ابن المديني، والعجلي. وقال فيه النسائي: ليس به بأس.

وضعفه الجوزجاني، وابن عدي، وابن حبان5.

وجعله ابن حجر في مرتبة: صدوق6.

فعلى هذا فإن الحديث من هذه الطريق ضعيف جدًا؛ لحال عباد بن كثير.

وإن صح احتمال وجود عمرو بن خالد في إسناده فيكون موضوعًا.

1 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (3139) .

2 انظر تهذيب التهذيب (8/26) .

3 تهذيب التهذيب (8/27) .

4 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (1084) .

5 تهذيب التهذيب (5/45-46) .

6 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (1084) .

ص: 34

الطريق الثانية: أخرجها عبد الرزاق1، والطحاوي2 عن ابن جريج قال: أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة مثله.

والطحاوي أخرجه مختصرًا، وليس فيه محل الشاهد، والإسناد عنده: ابن جريج، عن حبيب بن أبي ثابت به.

والإسناد كما هو ظاهر فيه انقطاع بين ابن جريج، وحبيب بن أبي ثابت.

وقد قال الإمام أحمد: إذا قال ابن جريج: قال فلان، وقال فلان، وأخبرت جاء بمناكير3.

وقال أبو داود: ليس لحبيب عن عاصم شيءٌ يصح4.

وقد تقدم، وسيأتي أيضًا أن المعروف برواية هذا الحديث عن حبيب بن أبي ثابت هو عمرو بن خالد الواسطي، وقد تقدم بيان حاله.

فعلى هذا فإن هذه الطريق لا يعتبر بها؛ لتدليس ابن جريج.

الطريق الثالثة: أخرجها أبو يعلى الموصلي5، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند6، وابن عدي7، والعقيلي8، والحاكم في

1 مصنف عبد الرزاق (1/70) .

2 شرح معاني الآثار (4/52،190) .

3 تهذيب التهذيب (6/404) .

4 سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود (ص 156) .

5 مسند أبي يعلى الموصلي (1/295) .

6 المسند (1/147) .

7 الكامل (5/125) .

8 الضعفاء (1/224) .

ص: 35

معرفة علوم الحديث1. ومن طرق عن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي، حدثنا الحسن بن ذكوان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة به. ولفظ أبي يعلى: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وعن ثمن الميتة، وعن ثمن الخمر، والحمر الأهلية، وكسب البغي، وعن عسب كل ذي فحل ". وهو عند عبد الله بن أحمد مختصر، فليس فيه النهي عن بيع الخمر.

قال ابن عدي: هذا الحديث يرويه الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد، وعمرو متروك الحديث، ويسقطه الحسن بن ذكوان من الإسناد لضعفه.

وقال الحاكم بعد أن روى الحديث: " قال أبو عبد الله محمد بن نصر: وهذا حديث لم يسمعه الحسن بن ذكوان من حبيب بن أبي ثابت، وذلك أن محمد بن يحيى حدثنا قال: ثنا أبو معمر قال: حدثني عبد الوارث، عن الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب بن أبي ثابت. وعمرو هذا منكر الحديث، فدلسه الحسن عنه".

وقد جعل الحافظ ابن حجر الحسن بن ذكوان في المرتبة الثالثة من المدلسين2.

وقد صرح الأئمة كما سبق أن الساقط هو عمرو بن خالد الواسطي.

1 معرفة علوم الحديث (ص109) .

2 تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس (ص 85) .

ص: 36

قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: ما تقول في الحسن بن ذكوان، فقال: أحاديثه بواطيل؛ يروي عن حبيب بن أبي ثابت، ولم يسمع من حبيب، إنما هذه أحاديث عمرو بن خالد الواسطي1. ونحوه قال ابن معين وأبو داود2.

وقد سبق ذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل في عمرو بن خالد الواسطي. وقد حكم أبو حاتم رحمه الله على هذا الإسناد بالوضع، فقال: روى عمرو بن خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث موضوعة؛ خمسة أو ستة3.

قال الهيثمي عقب إيراده للحديث: رجاله ثقات4.

وهذا الحكم منه بناء على ظاهر الإسناد، وقد تقدم أن الإسناد فيه عله، وهي التدليس.

فمما سبق يتبين أن هذا الحديث لا يصح عن علي رضي الله عنه، بل هو موضوع. والله أعلم.

1 تهذيب التهذيب (2/277) . وانظر: جامع التحصيل في أحكام المراسيل (ص 120) .

2 المرجع السابق.

3 علل الحديث (2/10) .

4 مجمع الزوائد (4/90) .

ص: 37

5 -

(5) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال: " إن الله ورسوله حرم عليكم شرب الخمر وثمنها، وحرم عليكم أكل الميتة وثمنها، وحرم عليكم الخنازير وأكلها وثمنها، وقال: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، ولا تمشوا في الأسواق إلا وعليكم الأزر، إنه ليس منا من عمل سنة غيرنا".

أخرجه الطبراني في الأوسط1، والكبير2. من طريق الحسن بن حماد، ثنا أبو يحيى الحماني، عن يوسف بن ميمون، عن عطاء عنه به. قال الطبراني في الأوسط - وقد ذكر حديثًا بعد هذا الحديث بهذا الإسناد - قال: لم يرو هذين الحديثين عن عطاء إلا يوسف بن ميمون، ولا عن يوسف إلا أبو يحيى الحماني، تفرد به الحسن بن حماد الوراق.

وقال الهيثمي: فيه يوسف بن ميمون؛ وثقه ابن حبان، وضعفه الأئمة أحمد وغيره3.

ويوسف بن ميمون هو الصباغ، قال فيه أحمد: ضعيف ليس بشيء. وقال أبو زرعة: واهي الحديث.

وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث جدًا. وقال ابن عدي: ما به بأس4.

1 المعجم الأوسط (9/162) .

2 المعجم الكبير (11/152) .

3 مجمع الزوائد (4/94) .

4 تهذيب التهذيب (11/426) .

ص: 38

وقد شذ ابن عدي في توثيقه له. وأما قول الهيثمي: وثقه ابن حبان. وكذلك قول الذهبي: ضعفوه. فلا عبرة بذكر ابن حبان له في الثقات1، فإن قولهما - أي الهيثمي والذهبي - فيه نظر؛ لأن ابن حبان إنما ذكر في الثقات يوسف بن ميمون القرشي2، وأما يوسف بن ميمون الصباغ، فذكره في المجروحين، وقال: فاحش الخطأ كثير الوهم، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، فلما فحش ذلك منه في روايته بطل الاحتجاج به3. فهذا قوله فيه، وهو موافق لرأي أكثر الأئمة الذين سبق ذكر أقوالهم.

وممن فرق بين يوسف بن ميمون القرشي والصباغ؛ البخاري4 وابن أبي حاتم5. وقد جعل الحافظ يوسف بن ميمون الصباغ في مرتبة " ضعيف"6.

فمما سبق يتبين أن هذا الطريق ضعيف جدًا؛ لشدة ضعف يوسف بن ميمون الصباغ.

وفي هذا الإسناد علة أخرى، وهي النكارة. وذلك أن يوسف بن ميمون قد خالف يزيد بن أبي حبيب. فقد رواه يزيد عن عطاء، عن جابر بن عبد الله كما سبق في الحديث الأول، وهو المعروف. والله أعلم.

1 الكاشف (3/263) .

2 الثقات (7/637) .

3 المجروحين (3/134) .

4 التاريخ الكبير (8/384) .

5 الجرح والتعديل (9/230) .

6 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (7889) .

ص: 39

دلالة الأحاديث السابقة:

يستفاد مما تقدم من الأحاديث الثابتة تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.

أما الخمر فسوف يأتي الكلام فيه في الفصل الآتي - إن شاء الله تعالى -.

وأما الميتة: فهي ما مات حتف أنفه، أو قتل على هيئة غير مشروعة؛ إما في الفاعل أو في المفعول، فما ذبح للصنم، أو في حال الإحرام، أو لم يقطع منه الحلقوم ميته، وكذا ذبح ما لا يؤكل لا يفيد الحل، ويستثنى من الميتة للحل ما فيه نص1؛ وهو الجراد والحوت.

وهذا التعريف فيما كان مفتقرًا إلى ذكاة، وأما ما ليس كذلك؛ كالصيد فهو حلال ولو لم يذكى.

وقد أجمع العلماء على تحريم بيع الميتة2؛ من لحم وشحم وعصب، وأما الجلد فإنه إذا دبغ يباح بيعه؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة، فقال:" هلا استمتعتم بإهابها؟ قالوا: إنها ميتة. قال: إنما حرم أكلها"3.

وهذا الحديث ليس فيه ذكر الدباغ، إلا أن هناك أدلة أخرى تقيده بالدباغ؛ كحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا دبغ الإهاب فقد طهر"4.

1 المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/584) .

2 الإجماع (ص 101) .

3 صحيح البخاري مع الفتح [كتاب البيوع (4/ رقم 2221) ، كتاب الذبائح (9/ رقم 5531) ] ، وصحيح مسلم [كتاب الحيض (1/277) ] .

4 صحيح مسلم [كتاب الحيض (1/277) ] . موطأ مالك [كتاب الصيد (2/39) ] . سنن أبي داود [كتاب اللباس (4/367) ] . جامع الترمذي [كتاب اللباس (4/221) ] . سنن النسائي [كتاب الفرع والعتيرة (7/173) ] . سنن ابن ماجه [كتاب اللباس

(2/1193) ] . ولفظ الترمذي والنسائي وابن ماجه: " أيما إهاب دبغ فقد طهر ".

ص: 40

وقد ذهب الزهري والليث إلى جواز بيع جلد الميتة حتى قبل الدباغ1، ودليل الزهري هو حديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة بشاة ميتة

" الحديث. فليس فيه اشتراط الدباغ للانتفاع به.

إلا أن هذا الحديث الذي استدل به مطلق، يقيده حديث:" إذا دبغ الإهاب فقد طهر".

ومذهب مالك في المشهور عنه2، وأحمد في رواية3 المنع من بيع جلود الميتة حتى لو دبغت، لقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} 4، والجلد من الميتة فهو نجس.

ويرى المالكية أن الدباغ لا يطهر جلد الميتة طهارة كاملة، وإنما يبيح الانتفاع به في الأشياء اليابسة فقط5.

واستدل أحمد بحديث عبد الله بن عكيم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر: " ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب"6.

1 التمهيد (4/156) .

2 الخرشي على مختصر سيدي خليل (1/89) .

3 الإنصاف (1/89) ، زاد المعاد (5/758) .

4 سورة المائدة، الآية (3) .

5 المنتقى (3/134) .

6 أخرجه أبو داود [كتاب اللباس (4/370-371) ] ، واللفظ له. والترمذي [كتاب اللباس (4/222) ] . والنسائي [كتاب الفرع والعتيرة (7/175) ] . وابن ماجه [كتاب اللباس (2/1194) ] . والطيالسي (1293) . وأحمد (4/310-311) . والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/468) . والطبراني في الصغير (1/221-222) . =

ص: 41

........................................................................................................

= وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ من الحديث (ص 113-114) . والحازمي في الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (ص 116) ، كلهم من طرق عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم به. وقال الترمذي: حسن.

وقال الحازمي: حديث حسن على شرط أبي داود والنسائي.

وأعل هذا الحديث بالانقطاع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وابن عكيم. وأعل أيضًا بالإرسال؛ حيث إن ابن عكيم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال البخاري. (التاريخ الكبير:5/39) .

وأجيب عن علة الانقطاع بأنه قد صح تصريح عبد الرحمن بن أبي ليلى بسماعه من ابن عكيم، كما قال ابن حجر (فتح الباري (5/576) . وذلك في مسند أحمد

(4/311) . وابن حبان [الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان (4/95) ] .

وأما الجواب عن علة الإرسال فيقال: إن ابن عكيم وإن لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم. والكتابة من طرق التحمل المعتبرة عند المحدثين. (تدريب الراوي: 2/56) .

وأقوى ما علل به الحديث الاضطراب في الإسناد والمتن.

أما الاضطراب في الإسناد فإنه تارة يقول ابن عكيم: عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتارة عن مشيخة من جهينة، وتارة عمن قرأ الكتاب.

والاضطراب في المتن فرواه الأكثر من غير تقييد، ومنهم من رواه بقيد شهر أو شهرين، أو أربعين يومًا، أو ثلاثة أيام. (التلخيص الحبير: 1/60) .

وقد نقل الترمذي عن أحمد أنه ترك هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده.

وقال الخلال: لما رأى أبو عبد الله - أي أحمد بن حنبل - تزلزل الرواة فيه توقف فيه. (التلخيص الحبير: 1/59) .

وممن أثبت الاضطراب في الحديث الحازمي في الاعتبار (ص 118) . وأجاب ابن حبان عن علة الاضطراب في الإسناد ودفعها. (الإحسان: 4/96) .

والذي يظهر لي أن الاضطراب في بعض طرق الحديث لا يمنع الاحتجاج به، فالحديث صحيح. والله أعلم.

ص: 42

وتكلم في حديث: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر"، وأعله بعبد الرحمن بن وعله1.

أما الاستدلال بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ، فهي آية عامة، وقد جاءت السنة فخصصت الجلد المدبوغ بجواز الانتفاع به وبيعه2.

وأما قولهم: " الدباغ لا يطهر الجلد طهارة كاملة" فمعارض لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر"، ولا دليل يصرف هذه الطهارة عن الطهارة الكاملة.

أما حديث عبد الله بن عكيم، فأجاب عنه بعض العلماء بتضعيفه3، وأولى من هذا الجواب أن يقال: إن الإهاب الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتفاع به في حديث عبد الله بن عكيم هو الجلد ما لم يدبغ، فإذا دبغ لا يقال له إهاب، هكذا قال النضر بن شميل، وهو من أئمة اللغة4، فلا معارضة بين حديث ابن عكيم وحديث " إذا دبغ الإهاب فقد طهر"؛ لكون الأول فيما إذا كان الجلد قبل الدباغ، والثاني فيما دبغ5.

وأما عبد الرحمن بن وعلة، فقد وثقه ابن معين، والعجلي، والنسائي6، وابن عبد البر7.

1 انظر: تهذيب التهذيب (6/294) .

2 انظر: الحاوي الكبير (1/61) .

3 انظر تهذيب السنن (11/123-124) ، نصب الراية (1/121) . إلا أن جميع العلل التي ضعف بها قد سبق الجواب عنها.

4 نقله عنه أبو داود في سننه (4/371) .

5 انظر المجموع شرح المهذب (1/272) .

6 تهذيب التهذيب (6/293) .

7 التمهيد (4/140) .

ص: 43

وأيضًا فللحديث شواهد من حديث عائشة1، وابن عمر2، وغيرهما رضي الله عنهم أجمعين -.

إذا ترجح أن جلد الميتة يباح بيعه إذا دبغ، فإنه يشترط أيضًا أن يكون الجلد من حيوان مأكول اللحم، فلا يباح بيع جلود السباع ونحوها مما لا يحل أكله، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:" دباغ الأديم ذكاته" 3، فأقيم

1 أخرجه مالك، كتاب الصيد (2/397)، ومن طريقه أخرجه: أبو داود [كتاب اللباس (4/368) ] ، وابن ماجه [كتاب اللباس (2/1194) ] ، والنسائي

[كتاب الفرع والعتيرة (7/176) ] بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت ".

وفي الإسناد أم محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، لا تعرف. إلا أنه قد تابعها الأسود بن يزيد كما عند النسائي [كتاب الفرع والعتيرة (7/174) ]، بلفظ:" سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن جلود الميتة، فقال: " دباغها طهورها "، وفي لفظ " دباغها ذكاتها "، وفي لفظ: " ذكاة الميتة دباغها ".

وتابعها أيضًا عطاء بن يسار كما عند الدارقطني (1/49) ، بلفظ " طهور كل أديم دباغه "، وقال الدارقطني: إسناد حسن كلهم ثقات أهـ. فالحديث صحيح.

2 أخرجه الدارقطني (1/48)، وقال: إسناده حسن.

3 أخرجه الدارقطني (1/45-46) ، واللفظ له. وأخرج نحوه أحمد (3/476) ، و (5/6-7) ، والنسائي [كتاب الفرع والعتيرة (7/173-174) ] ، والبيهقي [ (1/21) ] ، كلهم من طرق عن قتادة، عن الحسن بن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبق رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وجون بن قتادة لا يصح أن له صحبه. انظر الإصابة (1/271) . وقال فيه أحمد: لا يعرف. وذكره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب (2/122) . قال ابن حجر: مقبول.

ويشهد له ما أخرجه أحمد (1/227) بإسناده عن ابن عباس أن داجنة لميمونة ماتت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ألا انتفعتم بإهابها، ألا دبغتموه، فإنه ذكاته "، وأيضًا يشهد له لفظ الحديث الذي أخرجه النسائي (7/176) من حديث عائشة، وقد تقدم قريبًا.

ص: 44

الدباغ مقام الذكاة، والذكاة إنما تعمل في الحيوان مأكول اللحم. فكذلك يجب أن يكون الدباغ لا يعمل إلا في مأكول اللحم1.

وأيضًا فقد وردت أحاديث تنهى عن الانتفاع بجلود السباع، ومن هذه الأحاديث:

1 -

حديث معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تركبوا الخز ولا النمار"2.

2 -

حديث خالد بن معدان قال: وفد المقدام بن معدي كرب على معاوية فقال: " أنشدك بالله؛ هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبوس جلد السباع والركوب عليها؟ قال: نعم"3.

3 -

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر"4.

1 انظر الحاوي الكبير (1/58) ، والمجموع (1/273) .

2 رواه أبو داود (4/372) ، وابن ماجه (2/1205) ، ولفظه لأبي داود. ولفظ ابن ماجه " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن ركوب النمور " وإسناده صحيح.

3 رواه أبو داود (4/372) ، والنسائي (7/176) ، واللفظ له، وأحمد (4/131-132)، ولكن الحديث عنده عن المقدام بن معدي كرب قال: " نهى

" الحديث، ورواه أحمد (4/132) مختصرًا، والطبراني (20/267) ، والحديث عنده عن المقدام بن معدي كرب، ورواه أيضًا (20/269) بلفظ أبي داود، وفي إسنادهم جميعًا بقية بن الوليد، وهو ثقة، إلا أنه يدلس، ولكه قد صرح بالتحديث في روايتي أحمد، فالحديث صحيح، فإنه لا يضر تردد الراوي بين أن يكون معاوية أو المقدام؛ لكونهما جميعًا من الصحابة رضي الله عنهم، وروى أحمد (4/95) نحوه بإسناد آخر، وهو صحيح.

4 رواه أبو داود (4/372) ، وفي إسناده عمران بن داور القطان، مختلف فيه، وسيأتي الكلام فيه عند حديث (187) ، وأنه صدوق يهم.

ص: 45

4 -

وحديث أبي المليح بن أسامة بن عمير عن أبيه رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهى عن جلود السباع"1.

5 -

وحديث أبي ريحانة رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم عشرة: الوشر، والوشم، والنتف، ومكامعة2 الرجل للرجل ليس بينهما ثوب، ومكامعة المرأة بالمرأة ليس بينهما ثوب، وخطي الحرير على أسفل، وخطي الحرير على العاتقين، والنمر - يعني جلد النمر - والنهبة، والخاتم إلا لذي سلطان"3.

1 رواه أحمد (5/74-75) ، وأبو داود (4/374) ، والترمذي (4/212) ، والنسائي (7/176) ، والحاكم (1/36) ، وصححه، كلهم من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المليح بن أسامة به، وهذا لفظهم، وزاد الترمذي " أن تفترش ". وقال الترمذي: ولا نعلم أحدً قال: عن أبي المليح، عن أبيه غير سعيد بن أبي عروبة. ثم رواه مرسلاً، وقال: هذا أصح. انتهى.

وسعيد بن أبي عروبة هو من أوثق الرواة عن قتادة (شرح علل الترمذي: 2/694) ، وقد روى الطبراني بإسناد صحيح عن شعبة، عن قتادة، عن أبي الملح، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (المعجم الكبير: 1/192) ، ولكن لعل المحفوظ في حديث شعبة الإرسال؛ لكلام الترمذي السابق.

ولكن كما سبق، فإن سعيد بن أبي عروبة من أوثق الرواة عن قتادة، إلا أن يخالفه جمع من الثقات، فيقدمون عليه، وعلى فرض أن الحديث مرسل، فيشهد له حديث معاوية السابق، فيكون حسنًا لغيره. والله أعلم.

2 المكامعة هي: أن يضاجع الرجل صاحبه في ثوب واحد لا حاجز بينهما. النهاية

(4/200) .

3 رواه أحمد (4/135) ، واللفظ له، وأبو داود (4/325،326) ، والنسائي (8/143،144) ، وابن ماجه (2/1205) مختصرًا، كلهم من طرق عن عياش بن عباس القتباني، عن أبي الحصين الحجري، عن أبي عامر الحجري، عن أبي ريحانة. ورجال الإسناد ثقات ما عدا أبي عامر، فقد قال فيه الحافظ: مقبول. وقد نقل الحافظ عن الإمام مالك أن ضعف الحديث. (فتح الباري: 10/337) ، ولكن تضعيف الإمام مالك راجع إلى الجملة الأخيرة من الحديث، ولكن موضع الشاهد من الحديث له شواهد سبق ذكر بعضها، فيكون الحديث بها حسنًا لغيره. والله أعلم.

ص: 46

وهذه الأحاديث وإن كان في بعضها مقال، إلا أنها بمجموعها تصلح للاحتجاج بها.

وممن قال بجواز بيع جلود الميتة إذا دبغت إذا كانت من حيوان مأكول اللحم في حال الحياة الأوزاعي، وابن المبارك، وإسحاق، وأبو ثور1، وأحمد في رواية اختارها القاضي2، وابن قدامة3، وابن تيمية4، وغيرهم.

وقال أبو حنيفة5، والشافعي في الجديد6: يباح بيع جلد الميتة مطلقًا إذا دبغ، إلا الخنزير، واستثنى الشافعي أيضًا الكلب وما تولد عنهما. وهذا القول رواية عن أحمد7.

ودليل هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر"8.

وأما استثناء الكلب والخنزير فلأنهما نجسان قبل موتهما9.

وهذا القول يجب أن يقيد بالأحاديث الواردة في النهي عن جلود السباع التي قد سبق ذكرها. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " دباغ الأديم ذكاته"، وقد سبق بيان وجه الاستشهاد به على أن الدباغ خاص لجلد ما يؤكل لحمه.

1 التمهيد (4/182) ، معالم السنن (4/367) .

2 الإنصاف في مسائل الخلاف في مذهب الإمام أحمد بن حنبل (1/86-87) .

3 حيث قال في المغني (1/86-88) : الدبغ إنما يؤثر في مأكول اللحم.

4 مجموع الفتاوى (21/95-96) .

5 انظر: البناية شرح الهداية (1/366) .

6 المجموع (1/268) .

7 المغني (1/87) ، المبدع (1/73) ، الإنصاف (1/89) .

8 سبق تخريجه في أول الكلام على حكم بيع الميتة.

9 انظر: المجموع (1/267-268) .

ص: 47

هذا فيما يتعلق بجلد الميتة، وكلام العلماء فيه.

أما شعر الميتة وصوفها، فجمهور العلماء على أنه طاهر يجوز بيعه1، لأنه لا تحل فيه الحياة الحيوانية، ومنع الشافعي من ذلك2. والراجح هو قول الجمهور، وقد بين ابن القيم ضعف قول الشافعي هنا3.

أما عظم الميتة، فمنع بيعه جمهور العلماء4، وأجاز بيعه أبو حنيفة5، وأحمد في رواية6. والراجح هو قول الجمهور؛ لأن عظم الميتة منها، فهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله حرم بيع الخمر والميتة

" الحديث. وليس من دليل قائم يدل على إخراج العظم من هذا الحكم.

وقد أخذ بعض العلماء من النهي عن بيع الميتة النهي عن بيع كل نجس.

قال الخطابي: فيه دليل على فساد بيع السرقين7، وبيع كل شيء نجس العين8.

وقال البغوي: في تحريم الخمر والميتة دليل على تحريم بيع الأعيان النجسة وإن كان منتفعًا بها في أحوال الضرورة9.

1 البناية (1/377) ، الخرشي على مختصر سيدي خليل (1/90) ، المغني (1/95) .

2 المجموع (1/291) .

3 وذلك في زاد المعاد (5/754-756) .

4 انظر: المنتقى (3/137) ، المجموع (1/295) ، المغني (1/89) ، الفروع (1/110) .

5 مختصر الطحاوي (ص 17) ، بدائع الصنائع (5/142) .

6 الفروع (1/110) .

7 هو ما تدمل به الأرض. وهو لفظ معرب. ويقال: سرجين. (لسان العرب: 13/208) .

8 معالم السنن (3/756) .

9 شرح السنة (8/28) .

ص: 48

ويجب التنبيه هنا إلى أنه وإن حرم بيع الميتة وما يقاس عليها من الأعيان النجسة، فهذا التحريم لا يتعدى إلى الانتفاع بها؛ فالميتة مثلاً وإن حرم بيعها، فإنه يجوز الانتفاع بها بإطعامها للبزاة والصقور ونحوها، وأيضًا الزيت النجس وإن حرم بيعه، فإنه يجوز الانتفاع به في الاستصباح ونحوه. وهكذا السرقين النجس، فإنه وإن حرم بيعه، فإنه يجوز الانتفاع به في عمارة الأرض للزرع والثمر عند جمهور العلماء1، وهكذا.

فإن قيل: كيف يباح الانتفاع بالشيء ويحرم بيعه؟

فالجواب: أنه لا يلزم من إباحة الانتفاع إباحة البيع. فالصحابة رضي الله عنه لما سمعوا بالنهي عن بيع الميتة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع شحومها، وذلك لما فيها من المنافع، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع شحومها، ولم ينههم عن الانتفاع بها.

قال الشافعي في كلامه على الانتفاع بالزيت النجس: " ويستصبح به، فإن قيل: كيف ينتفع به ولا يبيعه؟ قيل: قد ينتفع المضطر بالميتة ولا يبيعها، وينتفع بالطعام في دار الحرب ولا يبيعه في تلك الحال، قال: وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وأباح الانتفاع به في بعض الأحوال، فغير مستنكر أن ينتفع الرجل بالزيت ولا يبيعه في هذه الحال"2.

وقال ابن القيم: " ينبغي أن يعلم أن باب الانتفاع أوسع من باب البيع، فليس كل ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، بلا لا تلازم بينهما، فلا يؤخذ تحريم الانتفاع من تحريم البيع"3.

وأما الخنزير فهو مجمع على تحريم بيعه أيضًا4؛ وذلك لنجاسته.

1 انظر في ذلك: حاشية الجمل على شرح المنهج (3/22-23) ، زاد المعاد (5/749-753) .

2 الحاوي الكبير (15/160) .

3 زاد المعاد (5/753) .

4 الإجماع (ص101) .

ص: 49

قال ابن القيم: تحريم بيع الخنزير يتناول جملته، وجميع أجزائه الظاهرة والباطنة1.

وهل يقاس على الخنزير كل ما لا نفع فيه مباح من الحيوانات؟

قال البغوي في ذلك: تحريم بيع الخنزير دليل على أن ما لا ينتفع به من الحيوانات لا يجوز بيعها، مثل الأسد، والقرد، والدب، والحية، والعقرب، والفأرة، والحدأة، والرخمة، والنسر، وحشرات الأرض ونحوها2.

وأما ما لا نفع فيه مطلقًا فسوف يأتي ذكر النهي عن بيعه في فصل النهي عن إضاعة المال - إن شاء الله تعالى -.

وأما الأصنام فهي جمع صنم، وهو ما عبد من دون الله، وكان مصورًا على صورة ما. فإن لم يكن مصورًا فهو وثن3.

وحرم بيع الأصنام حتى لا تنتشر في المجتمع الإسلامي، فتكون سببًا لوقوع الناس في الشرك بالله، واتخاذها آلهة من دون الله.

قال ابن القيم: وأما تحريم بيع الأصنام فيستفاد منه تحريم بيع كل آلة متخذة للشرك على أي وجه كانت، ومن أي نوع كانت؛ صنمًا أو وثنًا، أو صليبًا، وكذلك الكتب المشتملة على الشرك، وعلى عبادة غير الله، فهذه كلها يجب إزالتها وإعدامها. وبيعها ذريعة إلى اقتنائها واتخاذها، فهو أولى بتحريم البيع من كل ما عداها، فإن مفسدة بيعها بحسب مفسدتها في نفسها4.

1 زاد المعاد (5/761) .

2 شرح السنة (8/28) .

3 انظر: لسان العرب (12/349) .

4 زاد المعاد (5/761) .

ص: 50