الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقد أفدت من هدايات الكتاب والسنة، وأفدت أيضاً من مدرسة الحياة ودروسها بما في ذلك الخطأ والصواب!.?
ثانياً: الانتقال إلى الكتابة:
ولقد استمرت تلك المشاهدات والتجارب عدداً من السنوات، انتقلْتُ بعدها إلى كتابة عددٍ من الملحوظات تجاهها، استهدفتُ فيها تسجيل ما يشبه القواعد والمنطلقات اللازمة لمحاكمة النفس، أو لتبصيرها بالطريق إلى اكتساب الأخلاق الفاضلة، وطريقة تجاوز بعض العقبات!.
وعرضتُ أولئك الكلمات على عددٍ من الناس في مناسبات متعددة فلقيتْ قبولاً نبهني على مدى الحاجة إلى الكتابة عن الموضوع، فاستكملت تلك الأوراق بأوراق أخرى ليست بعيدة عن الهدف ذاته، وليست بعيدة عن الدوافع والأسباب ذاتها أيضاً.
فأصبحتْ هذه وتلك عصارة أشجانٍ يتطلع صاحبها إلى أن يتخلق بالأخلاق الحميدة، وإلى أن يتخلق بها كذلك الناس من حوله.
إن هذه الوريقات التي أُقدمها إلى القارئ العزيز قد جاءت ثمرةً لحالاتٍ متعددة، مَرَّ بها كاتبها، حاول من خلالها أن يرصد الخطأ حيناً، وما ينبغي أن يكون حيناً آخر.
وتشعبت الموضوعات تشعبَ الأخلاق ذاتها، ولم يكن -مع ذلك- بالإمكان استيعاب كل الموضوعات؛ لأن الأخلاق تَدْخل في تصرفات الإنسان كلها، وفي سلوكه وفي اهتماماته كلها، فلا يمكن فصلها عن شيء من حياته: جده وهزله، فرحه وحزنه، خطئه وصوابه....
وتطلّبتُ القرب من الكمال فيما أردت نشره من ذلك
…
وحَبَسْتُ الأوراق، وطال الحبس، وكَثُرَ إلحاح بعض الإخوة الفضلاء في نشرها أو نشر ما اطلعوا عليه منها
…
وتوصلت في النهاية إلى اختيار عدم التضحية بالكل طلباً للكمال الذي يعز الوصول إليه.
ولكن حسبك أن تُصحِّح النية، وأن تبذل الوسع، وأن تجتهد أن لا تنشر إلا صواباً - بحسب الإمكان- في أقل الأحوال.
وها أنا أقدمها إلى القارئ العزيز وريقاتٍ بذلت فيها ما الله أعلم به من: الوقت، والجهد، والتأمل والتفكير، والمعاناة!!.
وقد جاءت ثمراتِ أحوالٍ مختلفة: فمنها ما كُتب في المكتبة، ومنها في السفر، ومنها في السيارة، ومنها في الطريق، ومنها في السهل ومنها على رأس جبل، ومنها ما كان في راحة بال، ومنها ما كان في حال انشغال، ومنها ما كان في حال شدة، ومنها ما كان بضدها، ومنها ما كان في حالة سموّ نفسي، ومنها ما كان في حالِ بُعْدٍ شيئاً ما عن ذلك. لقد تجمعتْ هذه الأوراق عن الأخلاق عَبْر هذه الأحوال كلها!!
ولعلها بهذا تكون أقرب إلى واقع الإنسان حينما يجاهد نفسه في مختلف الأحوال تلك ليكون على الخُلُق الحميد. والأخلاقُ تشمل كل ظروف الإنسان وكل وقته، ولا عجب فلكل حالٍ يمر بها المرء خلقٌ فاضل ينبغي له أن يلتزمه، وما من حَدَثٍ يتجدد له في يومه أو ليله إلا وله خلق فاضل مناسب، فمن يَلْتزِمُ لكل ظرفٍ ووقتٍ ما يجب عليه فيه من خلق كريم يكن هو صاحب الأخلاق الفاضلة.