المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2- أثر الطمع والخوف في الأخلاق - الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها

[عبد الله الرحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمه

- ‌منهج البحث

- ‌مدخل

- ‌قصتي مع الموضوع

- ‌اولا: رحلتي مع الموضوع:

- ‌ثانياً: الانتقال إلى الكتابة:

- ‌ثالثاً: الناس والأخلاق:

- ‌رابعاً: الطريق الصحيح:

- ‌خامساً: حقائق توصلتُ إليها خلال الرحلة:

- ‌الفصل الأوّل: مدخلٌ إلى الأخلاق:

- ‌أوّلاً: تعريف الخُلُق:

- ‌ثانياً: طرق اكتساب الأخلاق:

- ‌ثالثاً: الأسس التربوية العامة لتقويم الأخلاق:

-

- ‌رابعاً: الأخلاق في أقوال السلف ومواقفهم:

- ‌ من أقوالهم في الأخلاق:

- ‌الفصل الثاني: قواعد الأخلاق في الكتاب والسنة

- ‌توطئة:

- ‌المبحث الأوّلآيات ناطقة بقواعد أخلاقية

- ‌المبحث الثاني: أحاديث ناطقة بقواعد أخلاقية

- ‌الفصل الثالث: القواعد الأساسيّة لاكتساب الأخلاق

- ‌مقدّمة

- ‌الفصل الرابع: تقسيم الأخلاق

- ‌توطئة

- ‌المبحث الأول: تقسيم الأخلاق إلى أصول وفروع

- ‌أصول الأخلاق وفروعها:

- ‌نبذة عن أصل من أصول الأخلاق الحميدة:

- ‌مظاهره وفروعه:

- ‌من معاني الاعتراف بالحق والإذعان له:

- ‌المبحث الثاني: تقسيم الأخلاق بحسب متعلَّقها، وأهمية كل قسم منها

- ‌توطئة

- ‌خُلُق التعامل مع الله تعالى:

- ‌خُلق التعامل مع الناس:

- ‌خُلُق التعامل مع النفس:

- ‌خُلُق التعامل مع مخلوقات الله الأخرى:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تقسيمٌ شجريّ للأخلاق بمختلفِ مُتَعَلَّقَاتِهَا

- ‌ تقسيمٌ شجريّ للأخلاق بمختلفِ مُتَعَلَّقَاتِهَا

- ‌الفصل الخامس: نَظَراتٌ في كلماتٍ عن الأخلاق

- ‌توطئة

- ‌المبحث الأول: نظرات حول أهمية الأخلاق الحميدة

- ‌1- موازَنةٌ بين حرص الناس على أموالهم وحرصهم على دينهم وأخلاقهم

- ‌2- بين جمال الملابس وجمال الأخلاق

- ‌3- لماذا نخطئ

- ‌4- الأخلاق الحميدة وعبادة الله تعالى

- ‌5- إنسانية الإنسان بين مظهره ومَخْبَرِه وصورته وأخلاقه

- ‌6- نُخْطِئُ كثيراً

- ‌7- خاطرةٌ حَوْلَ معنىً مِن الأخلاق

- ‌8- أيها

- ‌المبحث الثاني: نظرات في طُرق اكتساب الأخلاق الحميدة

- ‌1- التربية وتهذيب الأخلاق ليست مهمة المربي وحده

- ‌2- أثر الطمع والخوف في الأخلاق

- ‌3- التعاون والتكافل في التربية

- ‌4- أمور تتوقف عليها استقامة الحياة وسعادتها

- ‌5- من وسائل تربية الإنسان نفسه وتهذيبها

- ‌6- الاعتراف بنعم الله من أهم الدوافع للخلق الحسن

- ‌7- تقدير مشاعر الآخرين طريق لمكارم الأخلاق

- ‌8- مجاهدة النفس شرط لاكتساب الأخلاق الفاضلة

- ‌9- أثر السيرة النبوية وتراجم الرجال في الأخلاق

- ‌10- العدل مفهومه، وأثره في السلوك والأخلاق

- ‌11- البواعث الفردية والجماعية وأثرها في الأخلاق

- ‌المبحث الثالث: نظرات حول مجالات الأخلاق

- ‌1- عوّدْ نفسك رعاية المصلحة العامة ومصالح الآخرين

- ‌2- العلم والعناية به

- ‌4- صلة الرحم

- ‌5- أخلاق الداعية

- ‌6- الفضولية عيبٌ وقلة حياء

- ‌7- تعوّدْ أن تعيش لغيرك كما تعيش لنفسك

- ‌المبحث الرابع: أقوالٌ وآراء رائقة في النُّصْح للإمام ابن حزم

- ‌توطئة

- ‌1- حكم نصيحة الناصح إذا لم يتمثلها:

- ‌2- لا تنصحْ على شرط القبول:

- ‌3- الصداقة والنصح:

- ‌4- بعض الجوانب السلبية لأنماط من النصيحة:

- ‌5- تكرار النصيحة والصفات المطلوبة في النصيحة:

- ‌6- بين إغضاب الخالق وإغضاب المخلوق:

- ‌7- الهدي المطلوب في النصيحة:

- ‌8- ظاهرة التأثر والتأثير بين الأحياء والأشياء:

- ‌9- شكْر الخالق وشكر المخلوق:

- ‌10- النطق بعيوب الناس ليس نصيحَة:

- ‌11- أدب الحضور لمجالس العلم:

- ‌الفصل السادس: الذوق والأدب في تصرفات الإنسان

- ‌المبحث الأول: الذوق والأدب في الإسلام

- ‌أوّلاً: الذوق والأدب في الخُلُق الإسلاميّ

- ‌ثانياً: الذوق والأدب في أخلاق النبيّ عليه الصلاة والسلام

- ‌المبحث الثاني: الذوق والأدب في تصرّفات الإنسان

- ‌أوّلاً: هلاّ تعرفتَ على سلوكك في عيون الآخرين

- ‌ثانياً: أخطاء الجلوس على الطعام:

- ‌ثالثاً: أخطاء استخدام الحمّام:

- ‌رابعاً: أخطاء عامّة:

- ‌خامساً: خاتمة:

- ‌الفصل السابع: خُلُق التعامل مع المخالِف

- ‌توطئة

- ‌المبحث الأول: خُلق التعامل مع المخالِف المسلم

- ‌أوّلاً: أُصول المعاملة الواجبة شرعاً:

- ‌ثانياً: مظاهرُ لمفاهيمَ مغلوطةٍ:

- ‌المبحث الثاني: خُلق التعامل مع المخالِف الكافر

- ‌توطئة:

- ‌1- الأصول الشرعية للعلاقة بالكافر غير المحارِب:

- ‌2- مظاهرُ طبيعة علاقة المسلم بالكافر المحارِب:

- ‌3- مظاهر لبعض المفاهيم المغلوطة:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌2- أثر الطمع والخوف في الأخلاق

أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا بما يتطابق مع القرآن ومع الواقع فقال: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"1.

لقد نشأ في الناس من لا يعي مسؤوليته تجاه تربيته نفسه وتهذيبها، فلا يشعر بأي أهمية نحو قيامه بهذا الواجب، بل هو لم يستقر في خَلَدِه أن هذا واجب من واجباته، ولم يُدْرِك عاقبة إهماله لهذا الجانب في حياته، ولعله لم يسمع قول الله تعالى:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 2!!.

بل نشأ في الناس من يرفض تربية من يربّيه، وتعليم من يُعَلّمه، ونُصْح من ينصحه. وهذه درجة أبعد في الغواية من سابقتها!!

ولكن سنّة الله جارية في من يَرْفض تربية أبيه أو والديه أو معلّمه أن يُربّيه الرجال، بل ربما الأنذال، وقد تربيه أقدار الله تعالى، وقد تؤدّبه أو تعاقبه أو تأخذه بجريرته تلك!! فهل يعي هذا الصنف من الناس هذه الحقيقة؟!. نرجو.

1 جزء من حديث أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقد جاء عند البخاري في مواضع منها: 3- الإيمان، باب من استبرأ لدينه.

2 7-10: الشمس: 91.

ص: 119

‌2- أثر الطمع والخوف في الأخلاق

إن الحياة الآخرة ليست منفصلة عن الحياة الدنيا، بل هي مرتبطة بها

ص: 119

ارتباط السبب بالمُسَبِّب والمقدِّمة بالنتيجة. فحالُ الناس في الآخرة امتداد لحالهم في الحياة الدنيا، فمن كان في هذه في طاعة الله نيّةً وقَوْلاً وعملاً، فهو في الآخرة في جنات عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

ومن كان في هذه الحياة الدنيا في معصية الله نيّة أو قولاً أو عملاً فهو في الآخرة يعيش في ثمار هذه الحال النّكِدة، ولا ينفعه شيء من السراب الزائف يَحْصل عليه مؤقتاً هنا، ولا ينفعه قريب أو بعيد، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. وإن الناس الذين يصابون بالهزيمة والهلع أمام خوف أو طمع لم يعرفوا الله حقاً، ولم يعرفوا حقيقة الدنيا، ولم يعرفوا حقيقة الآخرة، وإن مثل هذا الصنف من الناس ينحرفون كثيراً، ويقعون في الشقاء من حيث لا يشعرون حين يشغلهم النظر للمستقبل عن إصلاح الحاضر، لأنهم لا يعلمون أن المستقبل موكول إلى الله تعالى، وإنما هم مكلفون بإصلاح حاضرهم بإلزام أنفسهم بطاعة الله نيّة وقولاً وعملاً، وبهذا يَصْلُح لهم الحاضر والمستقبل في الدنيا وفي الآخرة، ولا يمكن إصلاح المستقبل بغير إصلاح الحاضر، إن الذين يقفزون محطة الحاضر لضمان صلاح المستقبل ينكسرون أو تنكسر بهم الحياة، وإنهم يخالفون سنة الله في الخلق، ويخالفون شرع الله، أمّا أنهم يريدون لأنفسهم السعادة فلا إشكال، ولكن ليس هو هذا الطريق. فمتى يثوب الإنسان إلى رشده، ويُلْزم نفسه بطاعة الله، ويتعلّم كيف يكون مع أمْر الله تعالى، لا يصرفه عن ذلك شدة طمع أو شدة خوف؟!

متى يَعْلم الإنسان يقيناً -نظرياً وعملياً- أن طاعة الله لا تأتي إلا بالخير، ولا تأتيه إلا برضا الله وثواب الله مهما بَدَتْ له العاقبة أوّل الأمر أو في ظاهر الأمر؟!.

ومتى يَعْلم الإنسان يقيناً -نظرياً وعملياً- أن معصية الله تعالى لا تأتي إلا بالشر في الدنيا والآخرة، ولا تأتيه إلا بسخط الله وعقاب الله مهما بَدَتْ له العاقبة أوّل

ص: 120

الأمر أو في ظاهره؟! متى يَعْلم الإنسان يقيناً أن خطأه في هذه الحياة وأن معصيته لله إنما هي بسبب خوف أو طمع في غير موضعهما؟! ومتى انتصر على نفسه في تلك العواطف الخاطئة فَقَدْ ألزمها بطاعة الله وجنّبها معصيته.

متى يعلم الإنسان يقيناً أن خطأه ومعصيته هو وحده الذي سيواجِهُ عاقبتهما في الدنيا وفي الآخرة وِفْق سنة الله الكونية وسنته الشرعية، ولا مفرَّ له من ذلك إلا بالاستغفار والتوبة والإصلاح والاعتراف لله بالذنب والخطيئة؟!.

متى يَعْلم الإنسان يقيناً أنه ليس أرحم بنفسه من الله الخالق الكريم الرحيم، فإذا أراد الرحمة فليس أمامه إلا أن يسلك الطريق إليها بالتزام طاعة الخالق الكريم الرحيم؟!.

إلى متى يتمادى الإنسان في غيّه؟! وإلى متى يستمر في شقاء نفسه وشقاء من معه؟!.

ألا ما أشقى الحياة عندما تحيد عن طاعة الله وعبادته وحبه وخشيته!!.

ألا ما أسعد الحياة عندما تكون مصابَرةً وصبراً على طاعة الله وعبادته وعندما تكون في حب الله وخشيته، وتعاوناً على البر والتقوى!!.

ص: 121