الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا خير أم السلبيّة المدمّرة بين الأسر والأقارب والأصدقاء؟!
هذا خير أم المعارضة والمناقضة في التربية فالأبوان يعارض بعضهما بعضاً، أو يناقض بعضهما بعضاً، والمربي وأقاربه وأصدقاؤه يعارض بعضهم بعضاً، والبيت والمدرسة يعارض أو يناقض بعضهما بعضاً؟!. أَنّى لمثل هذه التربية أن تُؤتيَ ثماراً حسنة؟!.
إن التربية في البيت وفي المدرسة وفي المجتمع وبين الأقارب يجب أن تكون في تصوّر الخير والشر على رأي واحدٍ وموقف واحدٍ، ومتى ما كانت على رأيين وموقفين في هذا الأمر فقلْ على الأسرة وعلى المجتمع وعلى الأولاد السلام!! إذا كان الأمر كذلك فقد شقي المربى ومن توجَّه إلى تربيته!!.
وماذا يُنْتظر من تربية قد انشطرت شطرين؟!
وماذا يُنْتظر من تربية قد انشطرت شطرين متعارضين أو متناقضين؟!.
وماذا يُنْتظر من تربية لها هدفان متصارعان؟!.
أو ماذا يُنْتظر من تربية لها طريقتان مصطرعتان أو متناقضتان أو متعارضتان لتحقيق هدفٍ واحدٍ زعموا؟!.
هيهات هيهات أن تحقق خيراً مثل هذه التربية!.
وهل هذه تربية؟!
إن هذا هدم وليس بناءً، وإساءة وليس إحساناً.
4- أمور تتوقف عليها استقامة الحياة وسعادتها
تتوقف استقامة حياة الناس وسعادتهم على أمور، منها:
أخْذُ الابن عن أبيه، والسمع والطاعة لوالديه في المعروف، والأدب معهما على كل حالٍ.
وأَخْذ الزوجة عن زوجها، والسمع والطاعة له في المعروف، والتسليم له بحق الرئاسة والولاية على البيت، وتربية أولادها على ذلك.
وأَخْذ التلميذ عن أستاذه العلم والأدب بالاحترام والأدب الواجبين، والشكر والدعاء له.
وأَخْذ الجاهل عن العالم، أو عن من عنده عِلْمٌ كافٍ للنجاة، بتقبّل ورضىً وشكر.
ومؤازرة المرءوس لرئيسه في المعروف، والسمع والطاعة له في ذلك.
ونصْحُ الرئيس لمرءوسه، وحرصه على مصلحته أكثر من حرصه على مصلحة نفسه.
وأمانة الشريك مع شريكه، وصدْقه معه، ومصافاته، ومحبته له مثل ما يُحبُّ لنفسه، وعدم التدقيق الزائد المنافي للخلق الحميد في استقصاء حقوق نفسه.
ومحبة المسلم لأخيه المسلم مثل ما يحب لنفسه من الخير، نيةً وتَهمُّماً وعملاً.
وإذا لم يأخذ هؤلاء بهذه الأخلاق الواجبة عليهم والضرورية لاستقامة حياتهم ولسعادتهم في الدنيا وفي الآخرة فسدتْ حياتهم، واستحالت الاستقامة في حياتهم إلى ضدها، والسعادة إلى شقاء، وشقي بشقائهم من معهم، وربما من حولهم أيضاً!.
وعندما تقع كارثةُ أحدِ هؤلاء بتنكّبه لهذا الخُلُق الواجب عليه، فإن الحلّ هو العودة إلى الصواب، وليس الدعوة إلى الخطأ، فإننا نرى في حياة كثير من الناس وقوع الخطأ المركّب، فترى أحدهم يقع في الخطأ ويخلّ بواجبه، ثم لا يُدْرك خطأه هذا - إما لعدم استعداده لهذه الفضيلة، أو لِعماهُ بهواه عن رؤية الحق والصواب - فيطالب الطرف الآخر ويحاكمه بمقتضى تصوّره الفاسد أنه هو الذي على الحق، ويغضب من عدم إنصافه وعدم الأخذ بما هو عليه، ويطالبه به!!. والحمد لله رب العالمين، وهذه ظلمات بعضها فوق بعض ينبغي للعاقل الحريص على سعادة نفسه وسعادة من معه أن يَحْذرَ منها، ويحاسبَ نفسه عليها قبل أن يحاسبَ الآخرين.
وهكذا موقف الآخرين ينبغي أن يكون هو موقفَ الإصلاح، وذلك بفهم المشكلة على وجهها وإزالة سببها بأن يُرَدّ المخطئ إلى الصواب. وبتعاون العقلاء والمنصفين، وبموقفهم من القضية موقفاً واحداً على الحق، يثوب المخطئ والجاهل إلى رشده، أو يُدْرك -على الأقل- أنه وحده لا أحد معه، فيتوقف عن التمادي في باطله.
أما إذا انضم جاهل إلى جاهل أو أحمق إلى أحمق أو مبطلٌ إلى مبطل فكوّنوا صفاً، فلا تسأل عن الحق وأهله والداعين إليه!!.
وأما إذا اتُّخِذَ الجاهل أو الأحمق أو المبطل حَكَماً يُصْدَرُ عن رأيه ويؤخذ بحكمه فتَودّعْ من العافية والسلامة والاستقامة والسعادة!!.
وهل أَرْدَى الجاهلَ والأحمقَ والمبطلَ إلاّ أنهم صَدَرُوا عن رأي
أنفسهم، ولم يُصِيخوا لنداء الحق والعقل والفطرة ونُصْحِ الناصحين؛ فأَخَذَ الجاهل بما أملاه عليه جهله.
وأَخَذَ الأحمق بما أملاه عليه حمقُهُ.
وأَخَذَ المُبْطِلُ بما دعاه إليه خُبْثُ نفسه.
وإذا وصلتِ الحال إلى هذا فعليك بما فيه سلامتك ودعْك من سلامة هؤلاء.
وبُعداً للقوم الظالمين!.
ومن يملك أن يُقْنِع المجنون بأنه مجنون؟!
والمجاهدة واجبة على الابن والزوجة والطالب وكلّ من ذكرتُ، فلا بدّ لهم من مجاهدة النفس للتحلّي بهذه الأخلاق، إن عليهم أن لا يسترسلوا مع هوى النفس، أو مع سجيّة الطبع، أو مع سوى ذلك من أسباب الميل عن الجادّة والعدل والنصفة والصواب، كالميل لمشاكلة الآخرين من المخطئين ومتابعتهم، أو الحرص على إعطاء حقوق أُناسٍ سوى من ذَكرْتُ ممن وجبت حقوقهم على هؤلاء لا يصح أن تكون حقوقهم على حساب حقوق هؤلاء الأوجب والأقرب.
ومن الظلم-إذا لم يعط الابن والزوجة والطالب والشريك والمرءوس والرئيس والأخ الحقوق التي عليهم-أن يطالبوا بحقوقهم من له الحق عليهم فمنعوه إياه.
ومن السَّفَه بعد ذلك أن ينتظر هؤلاء استقامة الحياة وسعادتها في الدنيا وفي الآخرة!!
ومما ينبغي أن يُقْنع هؤلاء به أنفسهم لأداء الحق من السمع والطاعة والأدب والشكر وإلزام النفس السير على الجادّة والرضا بِمُرِّ الحق ثلاثة موازين:
الأول: القناعة بأن هؤلاء الذين وجبت عليهم حقوقهم من الأب والأم والزوج والأخ والشيخ ونحوهم بحكم موقعهم إنما هم ناصحون