الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما". قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال:"تأخذ فوق يديه"(1).
وقد رغبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا، وبين لنا عظم أجر من ينصر المظلومين من المؤمنين، ورهبنا من الوعيد الشديد الذي ينتظر من يخذلهم.
عن جابر بن عبد الله وأبي طلحة بن سهل الأنصاري قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته. وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته"(2).
وإذا كان هذا هو عصر الظلم والقهر، والمسلمون يذبحون في كل مكان، فلا أقل من أن تنصرهم ولو بالدعاء، فإذا استطعت غير ذلك لزمك المبادرة إلى أداء هذا الواجب الحتمي، وإلا ستدور الدائرة عليك كما دارت عليهم فاحذر. والله جل وعلا على نصر المؤمنين لقدير، لكنها سنن الله الربانية التي قل من يعيها، ولكنها الرسائل الإلهية كي نعيد النظر في حقيقة إيماننا، ونمحص نياتنا حتى يتحقق وعد الله باستخلاف المؤمنين الأرض والتمكين لهم فيها.
الحق الثامن: التنفيس عن الحروب والتيسير على العسر
.
الأصل أن تتعرف على الله في الرخاء ليعرفك في الشدة، فالقانون الإلهي الذي لا يتبدل ينص على أن الجزاء من جنس العمل، والشرع الشريف يرشدنا دائمًا للنظر إلى
(1) أخرجه البخاري (2444) ك المظالم والغصب، باب أعن أخاك ظالمًا ومظلومًا.
(2)
أخرجه أبو داود (4884) ك الأدب، باب من رد عن مسلم غيبة، والإمام أحمد (4/ 30)، والطبراني في الكبير (5/ 105)، والبيهقى في الكبرى (8/ 167)، وحسنه الشيخ الألبانى رحمه الله في صحيح الجامع (5690).
المآل والنهاية، وأن نعي ذلك جيدًا، فإذا أنت أعنت أخاك اليوم ستجد من يعينك غدًا، ولكن شريطة الإخلاص، فلا تفعله إلا ابتغاء مرضات الله جل وعلا.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة"(1).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
…
" (2).
قال الإمام النووي: وهو حديث عظيم جامع لأنواع من العلوم والقواعد والآداب. قال: ومعنى (نفس الكربة): أزالها. وفيه: فضل قضاء حوائج المسلمين، ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة وغير ذلك، وفضل الستر على المسلمين.
فيا من لا يأمن ذلك اليوم العصيب وكرباته تقرب إلى الله بتنفيس كرب إخوانك، اقض حوائجهم، يسر على معسرهم إن كان لديك سعة، ولا تضن ولا تبخل، فمن يتعامل مع الله لا يخشى الفقر والإقتار.
(1) متفق عليه أخرجه البخاري (2442) ك المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، ومسلم (2580) ك البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم.
(2)
أخرجه مسلم (2699) ك الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن.