الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إخوتاه
لا بد من تربية الشباب على هذا، فمعرفة هذه الأمور لها شأنه في الاستنباط والاجتهاد والفهم من النصوص، فليس لأحد أن ينكر على الآخرين ما يفهمونه من النص من فهم مخالف ما دام اللفظ يحتمله، والدليل يتسع له، ونصوص الشرع الأخرى لا تناقضه فهذه ثلاثة ضوابط للفهم:
(1)
اللفظ يحتمل.
(2)
الدليل يتسع له.
(3)
نصوص الشرع لا تناقضه.
إخوتاه
معظم الأحكام المتعلقة بالفروع التي تتناول الجوانب العملية تجدها من هذا الباب، يتسع للناس فيها مجال الاجتهاد، والشارع قد جعل مقصد الشريعة الأساسي تحقيق مصالح العباد ودفع المفاسد عنهم، وآذن برفع الحرج عنهم والعمل على التيسير دون التعسير.
ما دام الأمر كذلك فلا يليق بأحدٍ أن ينسب مخالفيه في الرأي إلى الكفر والفسق والبدعة، بل يلتمس لهم العذر، ويجعل حبل الود موصولاً وإن اختلفت آراؤهم.
إخوتاه
القاعدة والأصل الثاني في باب "آداب الخلاف" أن ندرك جميعاً أن
(2) الأخوة الإيمانية ووحدة الصف ونبذ الفرقة من أهم الواجبات على كل مسلم
، وعلى ذلك فينبغي الحفاظ على صرح الأخوة، ونبذ كل ما يسيء إليها أو يضعف من عراها.
علينا أن نتعامل مع الأمر على أنه قربة من القربات وعبادة كلفنا الله بها، فإننا بتلك الأخوة نقوى على التصدي لكل العقبات التي لا ترضى الله ورسوله.
ينبغي أن ننتبه إلى أن التفريط في الأخوة الإيمانية أو المساس بها لمجرد الاختلاف في الرأي لا يجوز لمسلم أن يفعله، أو أن يسقط في شراكه، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تداعت فيها الأمم على أمتنا الإسلامية، تريد أن تطفئ جذوة الإيمان التي تتقد في قلوب المؤمنين، إن هذه الجموع المتكالبة لحرب الدين تريد استئصال شأفة المسلمين، تريد أن تبيد هذه البذرة الطيبة التي بدأت تشق طريقها مع وجود من ينهال عليها ويحاول اجترارها واجتثاثها.
إخوتاه
إن الأخوة في الله ووحدة القلوب لمن أولى الفروض وأعلى الواجبات، إنها شقيقة التوحيد وقرينته، والواجبات مراتب بعضها آكد من بعض، وكذلك شأن المنهيات، فزنا الفرج أكبر من زنا العين وهكذا وإن كان الجميع منهياً عنه، وهكذا شأن النيل من الأخوة يأتي في صدارة المنهيات لما فيه من إتلاف وإفساد لذات البين، وتفريق لوحدة المسلمين.
كان سلفنا الصالح يتركون الفاضل أحياناً، ويعملون بالمفضول حفاظاً على الائتلاف ومخافة الوقوع في الخلاف.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " المسلمون متفقون على جواز صلاة بعضهم خلف بعض، كما كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم إلى الأئمة الأربعة يصلون بعضهم خلف بعض (1)، ومن أنكر ذلك مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة
(1) انظر رسالتنا "منطلقات طالب العلم " يسر الله إخراجها، وفيها أتحدث عن انتشار التشنيع على المذاهب من أجل نبذ التعصب، وما ضر الأمة بسبب ذلك، فلا يعرف بعضنا إلا أن المسلمين انقسموا في الصلاة لأربع فرق كلٌ حسب مذهبه، وكلٌ يأتم بمن يوافقه في مذهبه، نعم هذا حدث لكن في عصور المهانة والذلة والضعف، أما عصور الإيمان وعلو الهمة فما كان ذلك.
بإجماع المسلمين. (1) لقد كان في الصحابة والتابعين ومن بعدهم من يقرأ بالبسملة، ومنهم من لا يقرأ بها، ومع هذا فقد كان بعضهم يصلى خلف بعض، مثل ما كان أبو حنيفة وأصحابه يصنعون، والشافعي يصلى خلف أئمة بالمدينة من المالكية، وإن كانوا لا يقرءون بالبسملة لا سراً ولا جهراً، هذا كله وارد وصحيح.
يقول شيخ الإسلام: وصلى أبو يوسف (صاحب الإمام أبى حنيفة) خلف الرشيد وقد احتجم (الحجامة خروج الدم بطريقة معينة) وقد أفتاه مالك بعدم الوضوء، فصلى خلفه أبو يوسف ولم يُعد، هذا مع أن صلاة الرشيد بهذه الكيفية باطلة، لأنَّه انتقض وضوءه بالحجامة.
وكان الإمام أحمد يرى الوضوء من الحجامة والرعاف (نزيف الأنف) فقيل له: إنْ كان إمامى قد خرج منه الدم ولم يتوضأ أصلي خلفه؟ فقال الإمام أحمد: كيف لا تصلى خلف سعيد بن المسيب ومالك، يريد رحمه الله أنَّ سعيد بن المسيب ومالكاً ـ رحمهما الله ـ يريان أن الوضوء لا ينتقض بالرعاف.
إخوتاه
أين نحن من هؤلاء؟ انظر إلى الأدب في احترام قول المعارض بل وتوقير صاحبه، فهذا الذي يقال بيننا من طرح قول المخالف كائناً من كان لا ينبغي أن نردده دون وعي، فالخلاف العقدي شيء، والخلاف في الفروع والمسائل الفقهية شيء آخر.
اختلاف في الفروع لا مانع مطلقاً دون أن يفسد المودة والمحبة والأخوة الإيمانية.
أما قضايا العقيدة التي لا تحتمل التأويل فشيء أخر، فلا ينبغي أن نفهم أن قبول الآخر يعنى التمييع وعدم وجود للهوية، وينبغي أن ندرك من هذا الآخر الذي نقبل قوله،
(1) ومن أراد التثبت فليرجع لرسالة شيخ الإسلام المسماة " قاعدة أهل السنة والجماعة في رحمة أهل البدع والمعاصي وأداء الصلاة معهم في جماعة "