الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنصحك وهو يقرأ: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} .
ثانيهما: أن تتكلم بما يحب أخوك الاستماع إليه، شريطة ألا يجلب ذلك غرورًا لنفسك أو أن ينحرف بك عن جادة الصدق إلى جادة الكذب، ومما يدخل تحت هذا الحق أيضًا ترك المراء والجدل الخبيث.
قال الحسن: إياك ومماراة الرجال! فإنك لن تعدم فكر حكيم أو مفاجأة لئيم. ثالثهما: الدعاء له حيًّا أو ميتًا؛ لأن الدعاء علامة من علامات المحبة التى تدل على الاهتمام بالأخ والغيرة عليه. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"إذا دعا الرجل لأخيه في ظهر الغيب قال الملك: ولك مثل ذلك"(1) فلندع لبعضنا في دنيانا هذه، فإن سبق أحدنا أخ إلى ربه فليدع له وليستغفر {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 170].
(4) حق أخيك في قلبك:
وأما حق أخيك في قلبك فتجمعه كلمتان: العفو والوفاء.
(1) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب (1535).
أما العفو عن أخيك، فلأنك تعلم قبل أن تتخذه أخا أنه ليس معصومًا عن الأخطاء، وإلا لكان نبيًّا من أنبياء الله، فلابد له إذا من هنات، ولا بد له من سقطات، وإنما انكشف لك هذه السقطات لقربك منه وطول معاشرتك له، ولعلك لو كنت بعيدًا لما رأيت ما رأيت، فلابد لك من رؤية ما تكره في بعض الأحيان والصمت على ما ترى.
وقد أمر الله عز وجل بالعفو عن الناس في كثير من آيات الكتاب الكريم: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].
واستمع إليه سبحانه وهو يطالب أبا بكر رضى الله عنه بإجراء النفقة ثانية على قريبه الذى سعى بحديث الإفك:
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
وقد وصف الله عز وجل المؤمنين بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
وهل تكون رحيمًا إن لم تعفُ عن زلة أخيك؟ ووصفهم أيضا بقوله {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: 54] كيف تكون ذليلًا على المؤمنين إن لم تعف عن زلاتهم ويصبر على هفواتهم؟ وأما الوفاء فهو الثبات على الحب وإدامته إلى الموت وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه، فإن الحب إنما يراد للآخرة، فإن انقطع قبل الموت حبط العمل وضاع السعي، وحادثة إكرام الرسول للعجوز التى كانت تأتيهم في أيام خديجة رضى الله عنها خير دليل على ذلك. وكلما انقطع الوفاء بعدم دوام المحبة شمت الشيطان، فإنه لا يجد متعاونين على بر متواضعين متحابين في الله إلا ويجهد نفسه لإفساد ما بينهما.
ولقد قال بشر الحافى: إذا قصر العبد في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه وذلك لأن الإخوان مسلاة عن الهموم وعون على الدين.
واعلم -أخى حفظك الله- أن من الوفاء ألا تتغير حالك في التواضع مع أخيك، وإن ارتفع شأنك واتسعت ولايتك وعظم جاهك فالترفع على الإخوان بما يتجدد من الأحوال لؤم.
الخاتمة
اللهم رب الأرض الدحية والسماوات العلية والبحار المسجرة والرياح المسخرة اسمع ندائي، واستجب دعائي، وثبت لساني واجعلني من المهديين واجعل جميع المسلمين إخوة متحابين يا رحيم يا كريم