الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلام عليهم.
قال الحسن البصرى: ليس بينك وبين الفاسق حرمة.
ومنهم من تمسك بظاهر ما تقدم من الأحاديث في عموم إفشاء السلام على أهل الإسلام؛ على اعتبار أن ذلك سبيل للدعوة والتآلف.
والخوف هنا أن تترك السلام كبرًا والعياذ بالله، وقد يتسرب إليك من العجب ما يتلف عليك قلبك، فأنت أمير نفسك في هذا الأمر.
فإن تركت السلام وعلمت أن ذلك سينبه الرجل فبها ونعمت، أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك فإن ترك السلام سيورث البغضاء والتنافر بينك وبينهم، وهذا غير مطلوب بطبيعة الحال.
الحق الثاني: عيادة المريض
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيادة المرضى، ورغبنا في ذلك لما فيه من الأجر العظيم، وتنزل الرحمات.
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فكوا العاني -يعني الأسير- وأطعموا الجائع وعودوا المريض"(1).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم
اليوم صائما؟ ". قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ ". قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ ". قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة" (2).
(1) أخرجه البخاري (3046) ك الجهاد والسير، باب فكاك الأسير.
(2)
أخرجه مسلم (1028) ك الزكاة، باب من جمع الصدقة وأعمال البر.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة". قيل: يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟ قال:"جناها"(1).
فهنيئًا لك يا من تعود المرضى، هنيئًا هنيئًا؛ فإنك تخوض في رحمة الله تعالى.
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضا خاض في الرحمة حتى إذا قعد استقر فيها"(2)
وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة"(3).
ويكفي في الوعيد لمن قصَّر في هذا الحق أن الله يعاتبه يوم القيامة عتابًا شديدًا تقشعر منه الأبدان، فكيف بك أخي حينها، ويكفي من يبادر في فعل هذا الخير أن الله يختصه برحمته ومعيته.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني. قال: يارب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني. قال: يارب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك
(1) أخرجه مسلم (2568) ك البر والصلة والآداب، باب فضل عيادة المريض، والخرفة: ما يحرز من ثمر النخيل كناية عن الثواب.
(2)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (522) باب الحديث للمريض والعائد، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (407)، والصحيحة (1929).
(3)
أخرجه الترمذي (969) ك الجنائز عن رسول الله، باب ما جاء في عيادة المريض، وقال: حديث حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (775).