المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثامنا: شد الأزر وتقوية العزم - الأخوة أيها الإخوة

[محمد حسين يعقوب]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌الأخوة لماذا

- ‌ أولاً: لإقامة كيان الأمة الإسلامية

- ‌ثانيا: لتمحيص عيوبنا في مرآتها

- ‌ثالثا: معالجة الفتور الذي يفت في عضد التزامنا

- ‌رابعا: لرأب صدع الخلاف الذي حَطَّ من صحوتنا

- ‌خامسا: للتخفيف من وحشة الغُربة

- ‌سادسا: لاقتفاء أثر البقية الباقية قبل أن تغرق السفينة

- ‌سابعا: إحياء السنن الموات

- ‌ثامنا: شد الأزر وتقوية العزم

- ‌ثمرات الأخوة

- ‌أولا: أن يتذوق حلاوة الإيمان فيحيا حياة السعداء

- ‌ثانيا: أن يحيطه الله تعالى برحمته، ويقيه عاديات وشدائد يوم القيامة

- ‌ثالثا: نيل الأمن والسرور وأن الله يظله بظله يوم القيامة

- ‌رابعا: الأمن من الوقوع فى الشرك

- ‌خامسا: أن يرزق العبد محبة الله

- ‌سادسا: زيادة الدرجات في الجنة حتى يصل لمنازل الأبرار

- ‌سابعا: اطمئنان القلب والأمن من أهوال يوم القيامة

- ‌ثامنا: النجاة لكل من تمسك بهذه العروة الوثقى

- ‌تاسعا: صفاء السريرة ونقاء القلب

- ‌كيف نعمق أواصر الأخوة

- ‌أولاً: حسن الظن وقبول الظاهر

- ‌قواعد في الحُكم على النَّاس

- ‌القاعدة الأولى: الإنسان يوزن بحسناته وسيئاته

- ‌القاعدة الثانية: التحري والتصور لجميع حال ذلك الإنسان

- ‌القاعدة الثالثة: التثبت من كلام الأقران وأرباب المذاهب والجماعات في بعضهم البعض

- ‌القاعدة الرابعة: الخبرة بمدلولات الألفاظ ومقاصدها

- ‌القاعدة الخامسة: أن لا يجرح من لا يحتاج إلى جرحه

- ‌القاعدة السادسة: عدم الاكتفاء بنقل الجرح فقط فيمن وجد فيه الجرح والتعديل

- ‌القاعدة السابعة: الحذر من حسن الهيئة

- ‌القاعدة الثامنة: شرط جواز الجرح عدم قصد التحقير

- ‌ثالثا: النصيحة للإصلاح

- ‌رابعا: إنهاء الجدال والمراء حالاً

- ‌خامسا: إعدام الاختلاف

- ‌أما أسباب الخلاف فكثيرة فمن ذلك:

- ‌(1) الكبر

- ‌(2) اختلاف وجهات النظر

- ‌(3) الجهل والجُهَّال

- ‌(4) النظرة الجزئية للإسلام

- ‌(5) التعصب للأشخاص والآراء

- ‌السبب الثاني لإعدام الخلاف: استعمال أدب الخلاف

- ‌أدب الخلاف

- ‌[(1) النصوص منها القطعي ومنها الظني]

- ‌(2) الأخوة الإيمانية ووحدة الصف ونبذ الفرقة من أهم الواجبات على كل مسلم

- ‌(3) معرفة أسباب الخلاف الفقهي

- ‌(4) الإلمام بفقه الواقع

- ‌(5) التقوى

- ‌سادسا: سد باب النقل ورد قالة السوء

- ‌وقفة لتجديد النية

- ‌سابعا: استعمال الرحمة والرفق وخفض الجناح

- ‌ثامنا: دوام الصلة والتزاور في الله

- ‌آداب الزيارة:

- ‌تاسعا: قضاء الحوائج وتفقد الإخوان

- ‌عاشرا: بذل الندى وكف الأذى واحتمال الأذى

- ‌نواقض الأخوة

- ‌(1) سوء الظن

- ‌(2) الغيبة

- ‌(3) السخرية والاحتقار والهمز واللمز والتنابز

- ‌(4) الحسد

- ‌(5) المماراة والمنافسة

- ‌(6) القطيعة والتحامل القلبي

- ‌(7) التجريح

- ‌(8) الأخذ وعدم العطاء

- ‌(9) معرفة الحقوق ونسيان الواجبات (الأنانية والأثرة)

- ‌(10) عدم الاحتكام إلى شرع الله في العلاقات

- ‌فن معالجة الأخطاء

- ‌أولا: اللوم للمخطئ لا يأتي بخير غالباً

- ‌ثانياً: أبعد الحاجز الضبابي عن عين المخطئ

- ‌ثالثا: اختيار العبارات اللطيفة في إصلاح الأخطاء

- ‌رابعا: ترك الجدال أكثر إقناعاً من الجدال

- ‌خامسا: ضع نفسك موضع المخطئ ثم ابحث عن الحل

- ‌سادسا: ما كان الرفق في شئ إلا زانه

- ‌سابعا: دع الآخرين يتوصلون لفكرتك

- ‌ثامنا: عندما تنقد اذكر جوانب الصواب

- ‌تاسعا: لا تفتش عن الأخطاء

- ‌عاشرا: استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن والتثبت

- ‌الحادي عشر: اجعل الخطأ هينا ويسيرا وابن الثقة في النفس لإصلاحه

- ‌الثاني عشر: تذكر أن الناس يتعاملون بعواطفهم أكثر من عقولهم

- ‌حقوق الأخوة فى نظر الإسلام

- ‌(أ) الحقوق العامة:

- ‌(1) إفشاء السلام

- ‌الحق الثاني: عيادة المريض

- ‌ومن آداب العيادة:

- ‌(1) التبكير بالزيارة

- ‌(2) اختيار أفضل الأوقات

- ‌(3) الدعاء للمريض

- ‌(4) قراءة القرآن له

- ‌(5) تخفيف الزيارة

- ‌(6) تذكيره بالله

- ‌الحق الثالث: اتباع الجنائز

- ‌أما آداب اتباع الجنائز:

- ‌فأولًا: لا تتبع الجنائز بصياح أو نواح أو نار

- ‌ثانيًا: الرفق بنعش الميت

- ‌ثالثًا: الإسراع بالجنازة

- ‌رابعًا: الصلاة على الميت

- ‌خامسًا: السير حيث شاء للماشي والراكب خلفها

- ‌سادسًا: المكث قليلًا بعد الدفن

- ‌سابعًا: عدم اللغو وإيثار الصمت

- ‌الحق الرابع: إجابة الدعوة

- ‌أما آدابها وشروطها:

- ‌الحق الخامس: تشميت العاطس

- ‌أما آداب التشميت:

- ‌(1) أن يبدأ العاطس بالحمد، فإن لم يفعل لم يشمت

- ‌(2) فإن زاد على عطسة واحدة فهل يشمت

- ‌(3) وينبغي على العاطس أن يغطي وجهه بيده أو ثوبه ويغض صوته

- ‌(4) إذا كانوا جماعة فالأفضل أن يشمت كل واحد أخاه

- ‌(5) هل يشمت الشاب المرأة والعكس

- ‌الحق السادس: إبرار المقسم

- ‌ومن آدابه:

- ‌(1) ألا يترتب على الإبرار مفسدة أو مشقة

- ‌(2) تكفير الحالف عن يمينه أولى إن كان غير ما حلف عليه أفضل

- ‌الحق السابع: نصرة المظلوم

- ‌الحق الثامن: التنفيس عن الحروب والتيسير على العسر

- ‌الحق التاسع: الابتعاد عن الأذى كالحسد والتبغض والظلم والتحقير

- ‌(ب) الحقوق الخاصة:

- ‌(1) حق أخيك في مالك

- ‌(2) حق أخيك في نفسك

- ‌(3) حق أخيك في لسانك:

- ‌(4) حق أخيك في قلبك:

- ‌الخاتمةنسأل الله حسنها

الفصل: ‌ثامنا: شد الأزر وتقوية العزم

لماذا الأخوة؟

‌ثامنا: شد الأزر وتقوية العزم

إخوتاه ..

تعالوا بنا نتأمل ونتدبر هذا المشهد القرآنى الذي قَصَّه علينا رب العزة جل وعلا.

يقول الله تعالى مخاطبًا موسى الكليم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم: " اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا "[طه/24 - 35].

فانظر كيف فطن موسى عليه السلام منذ الوهلة الأولى لثقل الأمانة، وأنَّه لن يستطيع القيام بها دون مساعدة وإعانة، فسأل الله تعالى شرح الصدر وتيسير الأمر بتوفيقه إياه فلا حول ولا قوة إلا به، ثمَّ دعا الله تعالى بأن يجد المشارك له في الدرب الذي يخفف عنه العبء الثقيل الذي وضع على كاهله، أن يجد من يحوطه من ورائه، من يَشد أزره أى يتقوى به فيقيم ظهره وهذا شأن الأخوة فتدبر.

إخوتاه ..

لمثل هذا نحتاج الآن نحتاج الوزير الذي يشاركنا في حمل العبء، ونحتاج لمن يشد أزرنا، ويأخذ بأيدينا ويثير فينا بواعث الشوق فيتقوى به العزم، نحتاج لمن ينافسنا في طاعة الله تعالى فيزداد المرء إيمانًا وإكثارًا من الطاعات واشتغالاً بالفاضل عن المفضول، إنَّ مثل هذا المناخ يفرز جيلاً صالحًا، لعله يكون جيل التمكين الذي مازلنا نتلمس وجوده.

ص: 40

إخوتاه ..

كان عبد الله بن رواحة إذا لقى الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تعال نؤمن ساعة.

وأورد البخارى معلقًا بلفظ الترجمة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنَّه كان يقول: اجلسوا نؤمن ساعة أو بنا نؤمن ساعة.

فهيا بنا نؤمن ساعة، لماذا لا تشيع هذه السنة المباركة بيننا الآن فيأتى الأخ لأخيه يدعوه لطاعة الله تعالى يأخذه إلى مجلس علم أو حلقة قرآن أو يتنافس معه في الصيام والقيام وتلاوة القرآن فإنَّ هذا باعث على تقوية العزم؛ ولذلك قال تعالى:" وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ "[المطففين/26] وقال تعالى: " فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَات "[البقرة/148] وقال تعالى: " وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "[آل عمران/133] ولذلك كان السلف يتألمون إذا رأى أحدهم من يفضلهم في طاعة الله تعالى، وكانوا حريصين على التخلص من الدنيا فأوصوا بترك التنافس فيها (إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فألقها في نحره) فكيف صار الحال الآن؟!!

ولعٌ بالدنيا واشتغال بها عن الآخرة، يبيع الرجل دينه بمتاع زائل، فعامة الناس مهمومون باقتناء الأجهزة الحديثة يريد الهاتف المحمول، يريد الحاسوب، يريد القنوات التلفازية ذات البث المباشر، ويريد آخرون أن يلتحق أبناؤهم بالمدارس الأجنبية، يريد أن يعيش في شقة واسعة والشاب يحلم بالفتاة الجملية والسيارة الفارهة

إلخ.

هكذا دواليك فيظل المرء منغمسًا في الغفلة، وقد كِيد له ذلك فانصاع، ولم يأل جهدًا في محاولة اليقظة، إنها " صناعة الغفلة " فكيف بالله تجد من يهتم بأمر الآخرة والتنافس فيها في ظل هذا الجو الذي يزكم الأنوف.

ص: 41

إخوتاه ..

إنَّ من السُّبل والوسائل الأساسية لوجود هذه الحياة الإيمانية إحياء الأخوة في صورتها المثلى، تلك الصورة التي رسمها سلفنا الصالح فكانت حياتهم تطبيقًا عمليًا واقعيًا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذلك كلما مررنا بقضية ذكرناك بالمنهج، إنَّه العود إلى الكتاب والسنة من خلال فهم سلف الأمة، اقتدِ بهم انظر لأمثلة نموذجية من حياتهم وحاول أن تحاكيهم، وهذه الأمور لا تختلف باختلاف الزمان والمكان، إنها الأصول الأخلاقية التي يبنى عليها دين المرء، والأخلاق لا تقبل التشكل والتغير بحسب العَصْر والمصر.

إخوتاه ..

لماذا لا تبدأ من الآن من خلال رفقة من الصالحين في التعاون على الطاعات والتناصح في الله؟

لماذا لا تكون من أصحاب الهمم العالية فتقول كما كان أبو مسلم الخولاني يعلنها " أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يسبقونا، والله لننافسنَّهم فيه "

آهٍ لماذا لا تكون كذلك؟ هذا ليس كلامًا غير واقعى، فتلك بدعة شيطانية ثبط بها همم المؤمنين، فترى الواحد منهم مخذولا سافل الهمة يقول: كيف أصل لمثل هذه المرتبة هذا حلمٌ ما أبعده.

وإنى واصفٌ لك السبيل فلا تعجز، استعن بالله ـ أُخىّ ـ وأدم الدعاء والتضرع، واصدق اللجأ إلى الله تعالى، وسَلْ الله أن يوفقك لأخٍ في الله تنافسه في طاعة الله، فإياك وصحبة الباطلين الذين يثبطونك ويشغلونك بالدنيا وسفاسف الأمور، بل اختر من الصالحين أصحاب الهمم العالية، واتخذ لك قدوة في الواقع من الشيوخ الأفاضل لتظل صورتهم عالقة في ذهنك، فتقدح هاجس الصعوبة وعدم إمكانية التحقق، وليكن

ص: 42

أسوتك في ذلك كله إمام المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الأخيار ومن تبعهم بإحسان من سلفنا الصَّالح رحمهم الله جميعًا ورضى عنهم ـ.

إخوتاه

بعد هذه اللمحة اليسيرة عن الأسباب التي دعتنا للحديث عن هذه القضية الخطيرة في حياتنا الراهنة، تعالوا نرى ما أعده الله للمتحابين فيه، تعالوا نقتطف ثمرات الأخوة اليانعة، هلموا نستنشق عبير الحب في الله من خلال رياضه الفوّاحة، والله الموفق.

ص: 43