الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إخوتاه
آه .. أريدك يا من تتكلم في حق العلماء والدعاة أن تذكر عيب نفسك!! ألست على ذنوب كذنوبه، انظر لنفسك فإنَّه يلي من إصلاح الدين ودعوة الناس ما لا تصنع أنت، والرجل له حسنات كثيرة فهو برجاء العفو ومحو السيئات، وربما ليست لك من الحسنات ما يكفر ما تقدم عليه من الغيبة وإفساد ذات البين فلتقل خيراً أو لتصمت.
إخوتاه
ينبغي أن ننتبه إلى هذا جيداً، لينشغل كلٌ منا بإصلاح عيب نفسه أولاً.
سبق أن قلت لكم: إن رجلاً لقي أخاً له في الله، فقال له: إني أحبك في الله، قال أخوه، لو علمت ذنوبي لأبغضتني في الله، قال: لو علمت ذنوبك لمنعني علمي بذنوبي من بغضك.
[أصول آداب الخلاف]
إخوتاه
تعالوا نضع أصولاً لقضية " الخلاف " رجاء ائتلاف القلوب ووحدة الصف.
[(1) النصوص منها القطعي ومنها الظني]
أولاً: ينبغي أن ندرك أنَّ نصوص الكتاب والسنة، منها ما هو قطعي في ثبوته (وهو القرآن والسنة المتواترة) ومنها ما هو ظني الثبوت (وهو حديث الآحاد).
كما أنَّ دلالة النص قد تكون ظنية وقد تكون قطعية، على هذا فهناك:
أ) نصوص قطعية في ثبوتها ودلالتها، فلا يجوز الخلاف فيها.
ب) وهناك نصوص ظنية في دلالتها يسعنا فيها اختلاف وجهات النظر.
مثال ذلك: قال الله تعالى " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ "[البقرة / 228]، هذا نصٌ قطعي الثبوت لكنه ظني الدلالة، فالقروء مفردها قُرء وهو
يستخدم لمعنيين مختلفين الطهر والحيض.
فهنا تختلف وجهات النظر فمن أهل العلم من يرجح أن المراد بالقرء في الآية "الطهر" ويأتي بأدلة وقرائن على ذلك، ومنهم من يرجح أنه بمعنى " الحيض " ويأتي أيضاً بأدلته.
وهناك نصوص كثيرة من الكتاب والسنة على هذه الشاكلة، تتجاذب فيها العقول أطراف الفهم.
وقد يستدل الفريقان المتعارضان بالنَّص الواحد على رأيه.
فمثلاً: النهي عن أن يبرك الرجل كبروك البعير (1) يستدل به بعضهم على النزول باليدين للسجود قبل الركبتين، وبعضهم يرى فيه دليلاً على نزول الركبتين قبل اليدين.
قالوا: إن ركبتي البعير في يديه، وعلى ذلك فالنزول باليدين.
قال الفريق الثاني: إن البعير ينزل على يديه وعلى ذلك فالنزول بالركبتين وهكذا.
ومثل الإشارة بالإصبع في الصلاة ونحو هذا من المسائل كلٌ يفهم النص من وجهة نظره وبالقرائن التي قويت عنده.
فمثل هذا - والحالة هذه - لا ينبغي أن يقيم بيننا المعارك والخصومات أبداً لا ينبغي أن يكون ذلك، فلا بد من سعة الصدر في تقبل الرأي المخالف، لا بمعنى التمييع بحيث لا يكون للمرء وجهة، وإنما بمعنى الاستعداد لقبول الرأي الآخر.
(1) فعن أبى هريرة ر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبر البعير " أخرجه أبو داود (840) ك الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، والنسائي (1090) ك التطبيق، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله كما في صحيح أبى داود (746)، وراجع في المسألة مثلاً [صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الألباني رحمه الله (121 - 126)، زاد المعاد للعلامة ابن القيم (1/ 223 - 232)].