الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السبب الخامس
خامسا: إعدام الاختلاف
إخوتاه
نريد أن نحكم على الاختلافات بالإعدام، وهذا لا يتأتى إلا بشيئين:
الأول: معرفة أسباب الخلاف.
الثاني: استعمال أدب الخلاف .....
راعني قول بعض السلف: لو أن للخلاف صورةً لارتاعت لها القلوب ولهدت من هولها الجبال.
إخوتاه
أما أسباب الخلاف فكثيرة فمن ذلك:
(1) الكبر
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إنَّ الرجل يحب أن يكون نعله حسناً وثوبه حسناً، فقال: صلى الله عليه وسلم إنَّ الله جميلٌ يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس ". (1)
" بطر الحق " أي رده وعدم قبوله، فترفض أن تقبل الحق فيحدث الخلاف، قال تعالى:" َفمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَاّ الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُون "[يونس / 32].
(1) أخرجه مسلم (91) ك الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه.
" غمط الناس " أي احتقارهم فتقول: من فلان حتى يعترض علىَّ، فهنا تحدث الفرقة وينتج الخلاف.
مثال ذلك: أن أخاً حَدّث فقال: كنت جالساً في المسجد وأقرأ القرآن، وقد أمسكته بيدي اليسرى واتكأت على اليمنى، فجاء أخٌ صغير لا يتجاوز عمره الخامسة عشر، فقال لي: لو سمحت امسك المصحف بيدك اليمنى. يقول: فنظرت له فإذا هو غلام صغير، فدار في نفسي أنَّ اليد اليسرى تستخدم لقضاء الحاجة ونحو ذلك، فالأولى فعلاً أن أمسكه باليمنى، لكن هذا غلام صغير، وموقفي صار حرجاً. يقول: جلست أحدث نفسي، والمصحف بيدي اليُسرى، وعندما أحاول نقله ليدي اليمنى أتراجع، ثم في النهاية قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ونقلت المصحف وقلت للأخ: جزاك الله خيراً.
فهو كان معتقداً أن الحق على خلاف صنيعه، وإن كان فعله ليس بحرام، وإنما غاية الأمر أنه خلاف الأولى، وكاد يصده الكبر عن قبول هذه النصيحة.
ومن الطريف أن الأخ قال: فما لبثت خمس دقائق حتى نقلت المصحف مرة ثانية إلى يدي اليسرى. فنصحني الأخ الصغير مرة أخرى، فقلت له: عندما تراني أصنع ذلك انقله بيدك في يدي اليمنى.
وهكذا انصرف الشيطان، فانصاع الإنسان وقبل النصح.
إخوتاه ..
إن رد الحق وعدم قبوله، وغمط الناس واحتقارهم يؤدى لعدم القبول، وكلاهما كبر، نعوذ بالله من المتكبرين، فعليك أن تتواضع، قال صلى الله عليه وسلم:" وإن الله أوحى إلى أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبع أحدٌ على أحد ". (1)
(1) أخرجه مسلم (2865) ك الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة.