الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمات
مقدمة الطبعة الثانية
…
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية:
حين رجعتُ أعِد هذا الكتاب للطبعة الثانية، استأنفت النظر في فصوله وفي التراجم التي عرضتها فيه، ورأيت أن أضيف هنا وهناك زيادات لغرض التوضيح وإكمال البيان، وهي لا تُحدث أي تعديل في آرائي؛ بل تدعمها وتوثق دلالاتها.
وأعترف بأنني تجشمت كثيرًا من العناء في تأليف هذا الكتاب، وترتيب مقدماته، وجمع الأسباب التي تعين على صحة نتائجه، وأنني بذلت جُهْدًا شاقًّا في دراسة من ترجمت لهم من أدبائنا النابهين، سواء في استقصاء حياتهم حتى تتضح ظروفُهم الثقافية والاجتماعية والنفسية، أو في نقد آثارهم وتحليلها حتى تنجلي خصائصهم، وحتى يأخذ كل منهم مكانه الدقيق من أدبنا المعاصر ونهضته القوية الرائعة.
ولم أترجم لبعض مَن نالوا حظًّا بيننا من الشهرة الأدبية؛ اقتناعًا مني بأن أثرهم في تطور أدبنا المعاصر كان محدودًا، وأنا إنما أتابع هذا التطور لا كتابة دائرة معارف أدبية تستوعب أدباءنا على اختلاف حظوظهم وأقدارهم، فتلك وجهة أخرى، وليست على كل حال وجهةً للكتاب ولا غرضًا من أغراضه.
ورأيت في هذه الطبعة أن أترجم لثلاثة؛ هم: إسماعيل صبري، وأحمد زكي أبو شادي من الشعراء، ومصطفى صادق الرافعي من الكُتَّاب. وليس لأولهم دور كبير في تطور شعرنا المعاصر؛ ولكنه تتمة طريفة لشعراء النهضة والإحياء من أمثال: البارودي وشوقي وحافظ بما امتاز به من شعره الوجداني. أما أحمد زكي أبو شادي فمن شعراء جماعة أبولو، وسيرى القارئ أن قيادته لهذه الجماعة أقوى من شعره. وأما مصطفى صادق الرافعي، فكان مثلًا قويًّا
للطرف المحافظ في أدبنا طوال العقدين الثالث والرابع من هذا القرن، إلى جانب ما امتاز به في نثره من عمق معانيه وروعة أسلوبه.
وعجب كثيرون من أنني وضعت عباس محمد العقاد بين الشعراء، ولم أضعه بين الكُتَّاب، وهو حقًّا في طليعة الصفوة الممتازة منهم، غير أني ترجمت له بين الشعراء؛ لأن الشعر بطبيعته أطول حياة من النثر، وأشد قهرًا للدهر من حيث البقاء والخلود. وقد تحدثت في نفس الترجمة عن نثره وقيمته وما يقدم فيه من غذاء عقلي بديع.
واللهَ أسألُ أن يلهمني السداد في القول والإخلاص في الفكر والعمل، وهو حسبي ونعم الوكيل.
القاهرة في أول يونية سنة 1961
شوقي ضيف