الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف الأجزاء
"والأجزاء هو الأداء الكافي التعبد به وقيل سقوط القضاء ورد بأن القضاء حينئذ لم يجب لعدم الموجب فكيف سقط فإنكم تعللون سقوط القضاء به والعلة غير المعلول"
لما كان الإجزاء معناه قريب من معنى الصحة ذكره معها ولم يفرده بتقسيم ولكن الصحة أعم فإنها تطلق على المعاملات ولا يطلق الإجزاء في المعاملات.
وقوله الأداء يجب حمله على الأداء اللغوي لأن الإجزاء كما يكون في الأداء يكون في القضاء والإعادة فلو قال الفعل كان أحسن والضمير في به يعود على الأداء وما أورده من أن القضاء إذا لم يجب لا يقال سقط صحيح وهو وارد من حد الصحة بسقوط القضاء أيضا وما أورده من تعليل سقوط القضاء بالإجزاء تبع فيه الحاصل وعبارة المحصول لأنا نعلل وجوب القضاء بأن الفعل الأول لم يكن مجزئا والعلة مغايرة للمعلول فظن بعض الناس أنه انقلب على الإمام وكان الباجي يقول إنها إحدى عقد المحصول ويحتج بحلها زاعما أنه لو ادعى تعليل سقوط القضاء بالإجزاء منعه الخصم وقال هذا عين النزاع فأخذ مقابلها وأثبت التغاير بينهما وهو خارج عن محل النزاع ثم ينقل التغاير إلى محل النزاع لثبوت تغاير المقابلين ومن ضرورة ذلك تغاير مقابليهما ووأيا ما كان فقد أورد عليه أن العلة قد تكون لشيء وقد تكون لحكمنا كما إذا قلت هذا إنسان وسئلت لم حكمت عليه بذلك فتقول لأنه حيوان ناطق فالمغايرة هنا بين العلة وحكمك لا بينها وبين المحكوم به وهذا الإجزاء عن لحكمنا بسقوط القضاء لا لسقوط القضاء نفسه وليس هذا بالقوى.
في المحصول إيراد ثالث وهو أنه لو أتى بالفعل عند اختلال بعض
شرائطه ثم مات لم يكن الفعل مجزئا مع سقوط القضاء ولك أن تمنع سقوط القضاء هنا بل يبقى في ذمته إن كان مفرطا.
وقول المصنف لعدم الموجب يعني أن القضاء إنما يجب بأمر جديد بعد خروج الوقت إذا ترك ولم يوجد.
"وإنما يوصف به وبعدمه ما يحتمل وجهين كالصلاة لا المعرفة ورد الوديعة".
الصلاة تقع تارة على وجه يكفي في سقوط التعبد بها وتارة على وجه لا يكفي فوصفت بالأجزاء وبعدمه لاحتمالها للوجهين المذكورين وأما المعرفة فلا يقال فيها مجزئة وغير مجزئة لأنه إن تعلق العلم بالله تعالى فهو المعرفة وإلا فلا معرفة بل الجهل وكذلك رد الوديعة والمغصوب إن حصل إلى المالك أو وكيله برئ وإلا فلا رد وقال الأصفهاني1 في شرح المحصول إنه لا يقال في العبادة المندوب إليها إنها مجزئة أو غير مجزئة وهذا الذي قاله بعيد وكلام الفقهاء يقتضي أن المندوب يوصف بالإجزاء كالفرض وقد ورد في الحديث: "أربع لا تجزئ في الأضاحي" 2 واستدل به من قال بوجوب الأضحية وأنكر عليه
1 هو: محمد بن محمود بن محمد بن عياد السلماني، أبو عبد الله الأصفهاني من فقهاء الشافعية بأصفهان، ولد وتعلم بها، ثم رحل إلى بغداد والشام وتولى قضاء "نبج" وقوص بصعيد مصر، ثم استقر آخر الأمر بالقاهرة مدرساً.
من مؤلفاته: شرح المحصول في أصول الفقه، والقواعد في أصول الفقه والدين والمنطق والجدل.
توفي سنة 688هـ.
البداية والنهاية 13/315، الأعلام 7/308-309.
2 وتمام الحديث كما رواه الترمذي وحسنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أربع لا تجزيء في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء التي لا تنقى" العجفاء التي ذهب مخها من شدة الهزال.
ويلحق بهذه الأربعة:
1-
الغضباء: التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها.
2-
الهتماء: وهي التي ذهبت ثنايا من أصلها.
3-
العصماء: وهي التي انكسر غلاف قرنها.
4-
العمياء: التي لا ترى.
5-
التولاء: وهي التي تدور في المرعى ولا ترعى.
فقها لسنة 3/322 طبعة بيروت.
وفي حديث أبي بردة "يجزئ عنك" 1 ضبطه ابن الأثير بالوجهين بضم الياء مع الهمزة وفتحها مع الياء يقال: أجزأ بمعنى كفى وجزا بمعنى قضى ولا توصف المعاملات بالأجزاء وإنما يوصف به ما كان مأمورا به فالصحة أعم محلا منه لأنها تكون في المعاملات والعبادات ولا يوصف بها أيضا إلا ما يحتمل وجهين أن يقع صحيحا وفاسدا كالصلاة والعقود فإنها إن وقعت مستجمعة الأركان والشروط كانت صحيحة وإن وقعت على غير ذلك الوجه كانت فاسدة بخلاف المعرفة ليس لها إلا وجه واحد وهو إذا جعلنا اسم الصلاة موضوعا للصحيح والفساد ظاهر وأما إذا قلنا هو موضوع للصحيح فقط ولا يطلق على الفاسد إلا مجازا فإنه لا يكون لها إلا وجه واحد فكأنهم نظروا إلى المعنى الأعم الموجب للإطلاق المجازي وجعلوه مورد التقسيم إلى الصحيح وغيره ولا يرد هذا السؤال في الإجزاء لإنقسام الصحيح إلى مجزئ وغير مجزئ كصلاة المتيمم في الحضر ونحوه.
وعند أبي حنيفة كل صلاة وجب قضاؤها لا يجب أداؤها وكل صلاة يجب أداؤها لا يجب قضاؤها فيستوي عنده الصحة والإجزاء فيكون انقسام العبادة إليها بالإعتبار الآخر.
1 ولفظ الحديث- كما رواه أبو داود- عن أبي بردة بن نيار أنه قال يا رسول الله: إن عندي عناقاً جذعاً هي خير من شاتي لحم، فقال صلى الله عليه وسلم:"تجزئك ولا تجزيء عن أحد بعدك".
فقد أفاد هذا الحديث أن العناق وهي: الأنثى من أولاد المعز والغنم من حين الولادة إلى تمام الحول، لا تجزيء في الأضحية، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، بين في هذا الحديث أنها تجزيء عن أبي بردة وحده، لخصوصية قد لا توجد في غيره، ومن هنا نص علماء الأصول على أن هذا الحكم مقصور على من قيل في حقه الحديث المتقدم. اهـ. محققة.