الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللغات
الفصل الأول: الوضع
*
…
الباب الأول في اللغات وفيه فصول
الفصل الأول في الوضع
قال الباب الأول في اللغات وفيه فصول الفصل الأول في الوضع.
وجه تقديم باب اللغات على غيره أن معرفة ماهية الشيء سابقة على معرفة أقسامه وأحكامه واللغات جمع لغة وإنما جمعها وإن كان الغرض الكلام في لغة العرب وهي واحدة لاشتراك مباحثه بين جميع اللغات وقد أودع هذا الباب تسعة فصول أولها في الوضع وهو عبارة عن تخصيص الشيء بالشيء بحيث إذا أطلق الأول فهم منه الثاني وهذا تعريف سديد فإنك إذا أطلقت قولك قام زيد فهم منه صدور القيام منه.
فإن قلت مدلول قولنا قام زيد صدور قيامه سواء أطلقنا هذا اللفظ أم لم نطلقه فما وجه قولكم بحيث إذا أطلق.
قلت الكلام قد يخرج عن كونه كلاما بالزيادة والنقصان وقد لا يخرج عن كونه كلاما ولكن يتغير معناه بالتقييد فإنك إذا قلت قام الناس اقتضى إطلاق هذا اللفظ إخبارك بقيام جميعهم فإذا قلت إن قيام الناس خرج عن كونه كلاما بالكلية فإن قلت قام الناس إلا زيدا لم يخرج عن كونه كلاما ولكن خرج عن اقتضاء قيام جميعهم إلى قيام ما عدا زيدا فعلمت بهذا أن لإفادة قام الناس للإخبار بقيام جميعهم شرطين:
أحدهما: ألا يبتدئه بما يخالفه.
والثاني: ألا يختمه بما يخالفه وله شرط ثالث أيضا وهو أن يكون صادرا عن قصد فلا اعتبار بكلام الساهي والنائم فهذه ثلاثة شروط لا بد منها وعلى السامع التنبه لها فوضح بهذا أنك لا تستفيد قيام الناس من قوله: قام الناس إلا بإطلاق هذا القول فلذلك اشترطنا ما ذكرناه.
فإن قلت من أين لنا اشتراط ذلك واللفظ وحده كلف في ذلك لأن الواضع وضعه لذلك؟
قلت وضع الواضع له معناه أنه جعله متهيئا لأن يفيد ذلك المعنى عند استعمال المتكلم له على الوجه المخصوص والمفيد في الحقيقة إنما هو المتكلم واللفظ كالآلة الموضوعة لذلك.
فإن قلت لو سمعنا قام الناس ولم يعلم من قائله هل قصده أو لا أو ابتداه وختمه بما يغيره أو لا هل لنا أن نخبر عنه بأنه قال قام الناس أو لا قلت فيه نظر يحتمل أن يقال بجوازه لأن الأصل عدم الابتداء والختم بما يغيره ويحتمل أن يقال لا يجوز لأن العمدة ليس هو اللفظ ولكن الكلام النفساني القائم بذات المتكلم وهو حكمه واللفظ دليل عليه مشروط بشروط ولم تتحقق ويحتمل أن يقال إن العلم بالقصد لا بد منه لأنه شرط والشك في الشرط يقتضي الشك في المشروط والعلم بعدم الإبتداء والختم بما يخالفه لا يشترط لأنهما مانعان والشك في المانع لا يقتضي الشك في الحكم لأن الأصل عدمه واختار والدي أيده الله أنه لا بد من أن يعلم الثلاثة ويؤيده ما حكاه الروياني عن صاحب الحاوي فيما إذا قال الرجل لزوجته طلقتك ثم قال سبق لساني وإنما أردت طلبتك أن المرأة إن ظنت صدقه بأمارة فلها أن تقبل قوله ولا تخاصمه وإن من عرف ذلك منه إذا عرف الحال يجوز أن يقبل قوله ولا يشهد عليه قال الروياني وهذا هو الاختيار وهذه الأسئلة من إيرادي في مجلس مباحثة على الشيخ الإمام والدي والأجوبة له.