المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة: دلالة المنطوق والمفهوم - الإبهاج في شرح المنهاج - ط العلمية - جـ ١

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌فائدة علم الأصول

- ‌شروط المجتهد

- ‌شرح ديباجة الكتاب

- ‌تعريف أصول الفقه

- ‌تعريف الفقه

- ‌الباب الأول في الحكم

- ‌الفصل الثاني: في تقسيم الحكم

- ‌التقسيم الأول: الخطاب إن اقتضى الوجود

- ‌التقسيم الثاني: باعتبار الحسن والقبيح

- ‌التقسيم الثالث: إلى السبب والمسبب

- ‌التقسيم الرابع: بعتبار الصحة والفساد

- ‌تعريف الأجزاء

- ‌التقسيم الخامس: إلى الأداء والإعادة والقضاء

- ‌التقسيمالسادس: إلى العزيمة والرخصة

- ‌الفصل الثالث: في أحكام الحكم

- ‌المسألة الأولى: الواجب المعين والمخير

- ‌تذنيب

- ‌المسألة الثانية: الوجب الموسع والمضيق

- ‌المسألة الثالثة: الوجب العيني والواجب الكفائي

- ‌المسألة الرابعة: مقدمة الواجب

- ‌السألة الخامسة: وجوب الشىء يستلزم حرمة نقيضه

- ‌المسألة السادسة إذا نسخ الوجوب بقي الجواز

- ‌المسألة السابعة: الواجب لا يجوز تركه

- ‌الباب الثاني فيما لا بد للحكم منه

- ‌الحاكم

- ‌الحسن والقبيح

- ‌فرعا الحسن والقبيح. الفرع الأول: شكر المنعم ليس بواجب عقلا

- ‌الفرع الثاني: الأفعال الختيارية قبل البحث

- ‌أدلة القائلين بالإباحة

- ‌أدلة القائلين بحرمتها

- ‌المحكوم عليه

- ‌المسألة الأولى: الاحكم على المعدوم

- ‌المسألة الثانية: تكليف الغافل

- ‌المسألة الثالثة: الإكراه الملجىء يمنع التكليف

- ‌المسألة الرابعة: وقت توجيه الخطاب إلى المكلف

- ‌أدلة القائلين بتوحه الخطاب

- ‌المحكوم به

- ‌المسألة الأولى: جواز التكليف بالمحال

- ‌أدلة القائلين بعدم الوقوع

- ‌دليل القائلين بالوقوع

- ‌المسألة الثانية: تكليف الكفار

- ‌أدلة القائلين بتكليف الكفار

- ‌المسألة الثالثة امتثال الأمر يوجب الإجزاء

- ‌الكتاب الأول في الكتاب وهو القرآن الكريم

-

- ‌اللغات

- ‌الفصل الأول: الوضع

- ‌أسباب وضع اللغات

- ‌الواضع للغات وآراء العلماء فيها

- ‌الأدلة

- ‌طريق معرفة اللغات

- ‌الفصل الثاني: تقسيم الألفاظ

- ‌الفصل الثالث: الأشتقاق

- ‌تعريف الاشتقاق

- ‌أحكام الاشتقاق

- ‌الفصل الرابع: الترادف

- ‌تعريفه

- ‌أحكام المتردفات

- ‌الفصل الخامس: الاشتراك

- ‌الفصل الساس: الحقيقة والمجاز

- ‌تعريف الحقيقة والمجاز

- ‌المسألة الأولى: وجود الحقيقة اللغوية والعرفية

- ‌المسألة الثانية: أنواع المجاز

- ‌المسألة الثألثة: شرط المجاز وجود العلاقة

- ‌المسألة الرابعة: المجاز بالذات لايكون في الحروف

- ‌المسألة الخامسة: المجاز خلاف الأصل

- ‌المسألة السادسة: لأأسباب التي تدعو إلمجاز

- ‌المسألة السابعة: اللفظ قدلا يكون حقيقة

- ‌المسألة الثامنة: علامة الحقيقة والمجاز

- ‌الفصل السابع: تعارض ما يخل بالفهم

- ‌الفصل الثامن: تفسير حروف يحتاجه إليها

- ‌المسألة الأولى: الواو

- ‌المسألة الثانية: الفاء

- ‌المسألة الثالثة: في

- ‌المسألة الرابعة: من

- ‌المسألة الخامسة: الباء

- ‌المسألة السادسة: إنما

- ‌الفصل التاسع: كيفية الاستدلال بالألفاظ

- ‌المسألة الأولى: لا يخطبنا الله تعالى بالمهمل

- ‌المسألة الثانية: لا يعني خلاف الظاهر من غير بيان

- ‌المسألة الثالثة: دلالة المنطوق والمفهوم

- ‌المسألة الرابعة: تعليق الحكم بالأسم

- ‌المسألة الخامسة: التخصيص بالشرط

- ‌المسألة السادسة: التخصيص بالعدد

- ‌المسألة السابعة: استقلال النص بافادة الحكم وعدمه

الفصل: ‌المسألة الثالثة: دلالة المنطوق والمفهوم

وأجاب بأنا لو فتحنا هذا الباب لارتفع الوثوق من جميع أخبار الله تعالى وأخبار رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه لا خبر إلا ويحتمل أن يكون منه أمرا وراء الأفهام ومعلوم أن ذلك ظاهر الفساد.

ص: 364

‌المسألة الثالثة: دلالة المنطوق والمفهوم

قال الثالثة الخطاب إما أن يدل على الحكم بمنطوقه فيحمل على الشرعي ثم العرفي ثم اللغوي ثم المجازي.

هذه المسألة في بيان كيفية دلالة الخطاب على الحكم الشرعي وأقسام دلالته عليه فالخطاب الدال على الحكم إما أن يدل عليه بمنطوقه أي بصيغته أو بمفهومه.

الحالة الأولى أن يدل عليه بمنطوقه فإما أن يكون له مسمى شرعي أو لا.

الأول: يحمل على المسمى الشرعي ما لم يصرف عنه صارف لأن عرف الشارع يعرف المعاني الشرعية لا اللغوية ولأنه مبعوث لبيان الشرعيات وقيل إذا دار بين الشرعي واللغوي فهو مجمل لصلاحيته لكل منهما.

وقال الغزالي إن ورد في الإثبات حمل على الشرعي كقوله صلى الله عليه وسلم "إني إذن أصوم" فإنه إذا حمل على الشرعي يدل على صحة الصوم بنيته من النهار وإن ورد في النهي كان مجملا وذلك مثل لنهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم النحس فإنه لا يمكن حمله على الشرعي وإلا كان دالا على صحته لأنه يستحيل النهي عما لا يتصور وقوعه.

وقال الآمدي في الإثبات يحمل الشرعي وفي النهي على اللغوي والصحيح الذي عليه الجمهور ما ذهب إليه المصنف وقول الغزالي والآمدي إن النهي مستلزم للصحة غير صحيح.

والثاني: وهو الذي ليس له مسمى شرعي إما أن يكون له مسمى عرفي أو لا.

والأول: يحمل على العرفي إن علم اطراد ذلك العرف في زمن ورود

ص: 364

الخطاب لأن الظاهر من حال الخطاب أن يكون مما يتبادر إلى أذهان المخاطبين.

والثاني: يحمل على اللغوي الحقيقي لتعينه حينئذ وكذا إذا كان له مسمى عرفي ولم يمكن حمله عليه لمانع وإن لم يمكن حمله على اللغوي لقرينة صارفة عنه فيتعين حينئذ حمله على المعني المجازي ويكون الترتيب المذكور في الحقائق جاريا في مجازاتها.

واعلم أن من القواعد المشتهرة على ألسنة الفقهاء أن ما ليس له حد في الشرع ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف قال والدي في شرح المهذب وليس مخالفا لما يقوله الأصوليون من أن لفظ الشارع يحمل على المعنى الشرعي ثم العرفي ثم اللغوي.

قال والجمع بين الكلامين أن مراد الأصوليين إذا تعارض معناه في العرف ومعناه في اللغة قدمنا العرف ومراد الفقهاء إذا لم يعرف حده في اللغة فإنا نرجع فيه إلى العرف ولهذا قالوا كل ما ليس له حد في اللغة ولم يقولوا ليس له معنى فالمراد أن معناه في اللغة لم ينصوا على حده بما يبينه فيستدل بالعرف عليه.

فائدة تنزيل اللفظ على المعنى الشرعي قبل العرفي في مسائل:

منها لو حلف لا يبيع الخمر أو المستولدة فإن أراد أنه لا يتلفظ بلفظ العقد مضافا إليها فإذا باعه حنث وإن أطلق لم يحنث لأن البيع الشرعي لا يتصور فيها وفيه وجه أنه يحنث قال به المزني قال الرافعي هنا وسيأتي خلاف في أنه هل يتعين حمل لفظ العبادات كالصوم والصلاة على الصحيح منها وهذا الخلاف الذي وعد بذكره لم أره حكاه بعد ولا خلاف أنه لو حلف لا يحج يحنث بالفاسد لأنه منعقد يجب المضي فيه كالصحيح.

ومنها لو حلف لا يركب دابة عبد زيد لا يحنث بالدابة المجعولة باسمه إلا أن يريد فإن ملكه السيد دابة فالصحيح أنه يتخرج على أنه هل يملك وقال ابن كج لا يحنث وإن قلنا يملك لأن ملكه ناقص السيد متمكن من إزالته.

ص: 365

وأما الرجوع إلى العرف ففي مسائل تخرج عن حد الحصر وقد أتينا في كتابنا الأشباه والنظائر منها بالعد الكثير.

قال أو بمفهومه وهو إما أن يلزم عن مفرد لوقف عليه عقلا أو شرعا مثل ارم واعتق عبدك عني ويسمى اقتضاء أو مركب موافق وهو فحوى الخطاب كدلالة تحريم التأفيف على تحريم الضرب وجواز المباشرة إلى الصبح على جواز الصوم جنبا أو مخالف كلزوم نفي الحكم عما عدا المذكور ويسمى ذلك دليل الخطاب.

الحالة الثانية أن يدل الخطاب على الحكم بمفهومه فإن أن يكون ما دل عليه بالمفهوم لازما عن مفرده أو عن مركب واللازم عن المفرد قد يكون المقتضي لكونه لازما هو العقل وقد يكون الشرع واللازم عن المركب قد يكون موافقا للمنطوق فيما اقتضاه من الحكم وقد يكون مخالفا فهذه أقسام.

الأول: اللازم عن المفرد الذي اقتضى العقل كونه لازما عن المفرد بأن يكون شرطا للمعنى المدلول عليه بالمطابقة مثل قولك ارم فإنه يدل بمفهومه على لزوم تحصيل القوس والمرمى لتوقف الرمي الذي هو مفرد عليهما عقلا إذ يحيل العقل الرمي بدونهما:

الثاني: اللازم عن المفرد باقتضاء الشرع كونه لازما كقولك لمالك العبد اعتق عبدك عني فإنه يدل على استدعاء تمليك العبد إياه لأن العتق شرعا لا يكون إلا في مملوك.

وهذان القسمان اللازمان عن المفرد يسميان في اصطلاح الأصوليين بدلالة الاقتضاء وإليه أشار بقوله ويسمى اقتضاء.

ومن الأصوليين من جعل دلالة اللفظ على مقدر يتوقف عليه صدق الكلام داخلا في قسم الاقتضاء أيضا كدلالة قوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ

ص: 366

والنسان 1 " على رفع الإثم وعبارة لا تنافي ذلك ولا تقتضيه لأنها لا تقتضي انحصار الافتضاء في المذكور فيه.

نعم تقتضي أن يكون ذلك من قبيل ما دل عليه اللفظ بمنطوقه لأنه لم يعده في أقسام المفهوم بل في المنطوق الغزالي على الاقتضاء بجملة أقسامه من المفهوم.

الثالث: اللازم عن اللفظ المركب وهو موافق لمدلول ذلك المركب في الحكم ويسمى فحوى الخطاب لأن فحوى الكلام ما يفهم منه قطعا وهذا كذلك ويسمى أيضا لحن الخطاب لأن لحن الكلام عبارة عن معناه ومنه قوله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} 2 أي معناه وربما سماه الشافعي رضي الله عنه بالجلي واختلفوا في أن دلالة النص عليه هل هي لفظية أم قياسية والذي عليه الجمهور أنها قياسية قال الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع وهو الصحيح لأن الشافعي سماه القياس الجلي.

وهذا الثالث: أعني مفهوم الموافقة تارة يكون أولى بالحكم من المنطوق كدلالة تحريم التأفيف من قوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} على تحريم الضرب وسائر أنواع الأذى الذي هو أبلغ من التأفيف وتارة يكون مساويا له كدلالة جواز المباشرة من قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} 3 على جواز أن يصبح الرجل صائما جنبا لأن لو لم يجز ذلك لما جاز للصائم مد المباشرة إلى طلوع الفجر بل كان يجب قطعها مقدار ما يسع فيه الغسل قبل طلوع الفجر وإنما ذكر المصنفين مثالين ليعلم أن مفهوم الموافقة قد يكون أولى بالحكم كالمثال الأول وقد يكون مساويا كالثاني وهذا هو المختار.

1 رواه ابن ماجه في كتاب الطلاق باب طلاق المكره والناسي 1/659 بلفظ "إن الله تجوز عن أمتي الخطأ والنسيان" وصححه ابن حبان والحاكم وقال: على شرط الشيخين.

سبل السلام 3/176، 177.

2 سورة محمد آية: 30.

3 سورة البقرة آية: 187.

ص: 367