الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسباب وضع اللغات
والموضوع والموضوع له وفائدة الوضع
قال لما مست الحاجة إلى التعاون والتعارف وكان اللفظ أفيد من الإشارة والمثال لعمومه وأيسر لأن الحروف كيفيات تعرض للنفس الضروروي وضع بإزاء المعاني الذهنية لدورانه معها.
يتعلق بالوضع أمور ستة:
أحدها: سببه وقد خلق الله نوع الإنسان وصيره محتاجا إلى أمور لا يستقل بها بل يفتقر إلى المعاونة عليها ولا بد في المعاونة من الاطلاع على مضمرات النفوس وذلك إما باللفظ أو بالإشارة أو بالمثال قوله وكان اللفظ هذا هو الأمر الثاني في الموضوع ومن لطف الله تعالى إحداث الموضوعات لأنها أفيد هذه الثلاثة وأيسرها أما كونها أفيد فلأنها تعم كل شيء معلوم موجود ومعدوم إلى غير ذلك لإمكان وضع اللفظ بإزاء ما أريد من تلك المعاني بخلاف الإشارة فإنها مخصوصة بالموجودات المحسوسة وبخلاف المثال وهو أن نجعل لما في الضمير شكلا فإنه أيضا كذلك لا يعسر بل يتعذر أن يجعل لكل شيء مثال يطابقه وأما كونها أيسر موافقة للأمر الطبيعي لأن الجروف كيفيات تعرض للنفس الضروري ولا شك في أن الموافق للأمر الطبيعي أسهل من غيره.
قوله وضع.
هذا هو الأمر الثالث الموضوع له وإذا ثبت ما ذكرناه فنقول وضع اللفظ بإزاء المعاني الذهنية وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي بل بإزاء الخارجية واستدل المصنف على الأول بدوران الألفاظ مع المعاني الذهنية فإن من رأى
شبحا من بعيد واعتقده مثلا حيوانا مخصوصا أطلق عليه اسم ذلك الحيوان فإذا تغير ذلك الاعتقاد باعتقاد آخر أطلق عليه بحسب ذلك الاعتقاد اسما آخر وهذا الدليل أيضا يدل على بطلان القول بأنها موضوعة بإزاء الخارجية لأنها لو كانت موضوعة بإزاء المعاني الخارجية لامتنع تسمية ذلك بحيوان مخصوص وقد عرف أن ذلك لا يمتنع مع عدم الشعور بكونه إنسانا ولكان يمتنع اختلاف الألفاظ عند عدم اختلاف الأمر الخارجي وقد أجيب عن هذا الدليل بأن هذا الاختلاف إنما هو لاعتقاد أنها في الخارج كذلك لا لمجرد اختلافها في الذهن.
قال ليفيد النسب والمركبات دون المعاني المفردة وإلا فيدور.
اللام في قوله ليفيد متعلقة بقوله قبل ذلك وضع وهذا هو الأمر الرابع في فائدة الوضع فنقول ليس الغرض من وضع الألفاظ المفردة أن يفاد بها معانيها المفردة لأن إفادتها لها متوقفة على العلم بها ضرورة أن العلم بالنسبة يستدعي العلم بالمنتسبين فلو استفيد العلم بها منها لزم الدور بل الغرض منه التمكن من إفادة المعاني المركبة بتركيبها والدور غير لازم هنا إذ يكفي من تلك الإفادة العلم بوضع تلك الألفاظ المفردة وانتساب بعضها إلى بعض بالنسبة المخصوصة والحركات المختصة.