الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة: اللفظ قدلا يكون حقيقة
…
قال السابعة اللفظ قد لا يكون حقيقة ولا مجازا
كما في الوضع الأول والأعلام قد لا يكون حقيقة ومجاز باصطلاحين كالدابة.
اللفظ قد لا يكون حقيقة ولا مجازا لغويا وقد يكون حقيقة ومجازا.
أما الأول: فمن اللفظ في أول الوضع قبل استعماله فيما وضع له أو في غيره ليس بحقيقة ولا مجاز لأن شرط تحقق كل واحد من الحقيقة والمجاز الاستعمال كما تقدم في تعريفهما فحيث انتفى الاستعمال انتفيا ومنه الأعلام المتجددة بالنسبة إلى مسمياتها فإنها أيضا ليست بحقيقة لأن مستعملها لم يستعملها فيما وضعت له أو لا بل إما أنه اخترعها من غير سبق وضع كما في الأعلام المرتجلة أو نقلها عما وضعت له كالمنقولة وليست بمجاز لأنها لم تنقل لعلاقة كما مر في المسألة الربعة وقد ظهر أن المراد بالأعلام هنا الأعلام المتجددة دون الموضوعة بوضع أهل اللغة فإنها حقائق لغوية لأسماء الأجناس وعلى هذا لا فرق في ذلك بين الأعلام المنقولة والمرتجلة على خلاف ما ظن الجاريردي شارح الكتاب حيث قال الذي يدور في خلدي أن المراد الأعلام المنقولة.
وأما الثاني: وهو أن اللفظ قد يكون حقيقة ومجازا فذلك بالنسبة إلى معنى واحد باعتبار اصطلاحين لأن اللفظ الموضوع للمعنى العام كالدابة الموضوعة لكل ما دب على الأرض إذا خصه العرف العام أو الشرع ببعض أنواعه كان ذلك اللفظ بالنسبة إلى ذلك المعنى حقيقة العام لغوية ومجازا عرفيا أو شرعيا وبالنسبة إلى ذلك النوع بالعكس ومن هذا يعرف أن الحقيقة قد تصير مجازا وبالعكس.
وأما بالنسبة إلى معنى واحد باعتبار واحد فذلك ممتنع لاستحالة النفي والإثبات.
المسألة الثامنة: علامة الحقيقة والمجاز
…
قال الثامنة علامة الحقيقة سبق الفهم والعراء عن القرينة.
اعلم أن الفرق بين الحقيقة والمجاز إما أن يقع بالتنصيص أو الاستدلال أما التنصيص فمن وجهين:
أحدهما: أن يقول الواضع هذه حقيقة وذاك مجاز وتقول ذلك أئمة اللغة قال الهندي لأن الظاهر أنهم لم يقولوا ذلك إلا عن فقه.
والثاني: أن يقول الواضع هذه حقيقة أو هذا مجاز فيثبت بهذا أحدهما وهو ما نص عليه وزاد الإمام ثالثا وهو أن يذكروا خواصهما وفيه نظر فإنه يندرج في قسم الاستدلال ولا يعد من التنصيص وأما الاستدلال فبالعلامات وهذا القسم هو الذي ذكره المصنف وذكر فيه لكل من الحقيقة والمجاز علامتين:
العلامة الأولى: من علامتي الحقيقة تبادر الذهن إلى فهم المعنى من غير قرينة.
فإن قلت ماذكرتم منقوض طردا وعكسا أما الطرد فلأن المجاز المنقول والمجاز الراجح مما يتبادر معنى كل منهما المجازي من غير قرينة دون حقيقتيهما وأما العكس فلأن المشترك حقيقة في مدلولاته مع عدم تبادر شيء منها إلى فهم.
قلت أما المنقول فغير وارد لأن المنقول إليه إنما يتبادر لأنه حقيقة فيه وكونه مجاز فيه أيضا لا ينافي كونه حقيقة فيه لما عرفت من أن اللفظ الواحد قد يكون حقيقة ومجازا وأما عدم تبادر الحقيقة الأصلية فلصيرورتها الآن مجازا عرفيا وأما المجاز الراجح فقال صفي الدين الهندي هو نادر والتبادر في الأغلب يختص بالحقيقة وتخلف المدلول على الدليل الظني لا يقدح فيه ألا ترى أن الغيم الرطب في الشتاء دليل وجود المطر وتخلفه في بعض الأوقات لا يقدح في كونه دليلا عليه لا سيما في المباحث اللغوية والأمارات الإعرابية وأما اللفظ المشترك فأحسن ما يجب به عنه أن التعريف بالعلامة لا يشترط فيه الانعكاس.
والعلامة الثانية: العراء عن القرينة يعني أنا إذا سمعنا أهل اللغة يعبرون عن معنى واحد بعبارتين ويستعملون إحداهما بقرينة دون الأخرى
فتعرف أن اللفظة في المستعمل حقيقة دول القرينة لأنه لولا استقرار أنفسهم على تعين ذلك اللفظ لذلك المعنى بالوضع لم يقتصروا عليه عادة قال وعلامة المجاز الإطلاق على المستحيل مثل وأسأل القرية والأعمال في المنسى كالدابة للحمار.
العلامة الأولى: من علامتي المجاز إطلاق اللفظ على ما يستحيل تعلقه به إذ الاستحالة تقتضي أنه غير موضوع له فيكون مجازا ومثل في الكتاب له بقوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي لأنه لما علم امتناع سؤال الأبنية المجتمعة المسماة بالقرية علم أنه مجاز والتقدير وأسأل أهل القرية وفي هذا المثال من النظر ما قدمته.
العلامة الثانية: أن يستعمل اللفظ في المعنى المنسي بأن يكون موضوعا لمعنى له أفراد فيترك أهل العرف استعماله في بعض تلك الأفراد بحيث يصير ذلك البعض منسيا ثم يستعمل اللفظ في ذلك المعنى المنسي فيكون مجازا عرفيا مثال ذلك لفظ الدابة فإنه موضوع لكل ما يدب على الأرض فيترك أهل بعض البلدان استعمالها في الحمار بحيث نسي إطلاقها عليه عندهم.
وأعلم أن إطلاقها على غير المنسي مجاز لغوي لا قصرها على الحمار ببلاد مصر وعلى الفرس بالعراق وضع غير الوضع الأول كذا ذكروه وقد يقال إن استعملها المتكلم ملاحظا للوضع الأول كان حقيقة وإلا مجازا فالوضع الثاني لا يخرج الأول عما وضع له