الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13-
أن يكون أحد الراويين أكثر ملازمة لشيخه، فإن المحدث قد ينشط تارة فيسوق الحديث على وجهه ويتكاسل في بعض الأوقات فيقتصر على البعض أو يرويه مرسلاً، وهذا الضرب يوجد كثيراً في حديث مالك بن أنس، ولهذا قدم يونس بن يزيد الأيلي في الزهري على النعمان بن راشد وغيره من الشاميين أصحاب الزهري، لأن يونس كان كثير الملازمة للزهري حتى كان يلازمه في أسفاره، وطول الصحبة له زيادة تأثير فيرجح به.
14-
أن يكون أحد الراويين فقيهاً والآخر غير فقيه، أو أفقه وأعلم بالعربية، فخبره يكون مرجحاً لكونه أعرف بما يرويه لتمييزه بين ما يجوز ومالا يجوز.
15-
أن يكون رواة أحد الحديثين ممن لا يجوزون نقل الحديث بالمعنى ورواة الآخر يرون ذلك، فحديث من يحافظ على اللفظ أولى لأن العلماء اختلفوا في جواز نقل الحديث بالمعنى مع اتفاقهم على أولوية نقله لفظاً، والحيطة الأخذ بالمتفق عليه دون غيره.
16-
أن يكون أحد الراويين لم يضطرب لفظه والآخر قد اضطرب لفظه، فيرجح خبر من لم يضطرب لفظه لأنه يدل على حفظه وضبطه وسوء حفظ صاحبه (1) .
هذا ما يعود إلى الراوي، أما ما يعود إلى الرواية فأسباب الترجيح فيها كثيرة، منها:
1-
أن يكون أحد الخبرين متواتراً والآخر آحاداً، فالمتواتر لتيقنه أرجح من الآحاد لكونه مظنوناً.
2-
أن يكون أحد الخبرين مسنداً والآخر مرسلاً، فالمسند أولى لتحقق المعرفة براويه والجهالة بالراوي الآخر، ولهذا تقبل شهادة الفرع إذا عرف شاهد الأصل، ولا تقبل إذا شهد مرسلاً.
(1) الإحكام في أصول الأحكام 4/242-245 بتصرف، وثمة أسباب لم أذكرها بغية الاختصار وليست في الأهمية بمثل ما سبق. وللاستزادة ينظر " التقييد والإيضاح" ص246، 247.
3-
إن يكون ثابتاً بطريق الشهرة والآخر بالإسناد إلى كتاب من كتب المحدثين، فالمسند إلى كتب المحدثين أولى من جهة أن احتمال تطرق الكذب إلى ما دخل في صنعة المحدثين وإن لم يكن في كتبهم المشهورة بهم والمنسوبة إليهم أبعد من احتمال تطرقه إلى ما اشتهر وهو غير منسوب إليهم، ولهذا فإن كثيراً ما اشتهر الخبر مع كذبه ورد المحدثين له.
4-
أن تكون رواية أحدهما لقراءة الشيخ عليه والآخر بقراءته هو على الشيخ أو بإجازته، أو مناولته له، أو بخط رآه في كتاب، فالرواية فيه بقراءة الشيخ أرجح، لأنه أبعد عن غفلة الشيخ عما يرويه.
5-
أن يكون أحد الخبرين أعلى إسناداً من الآخر فيكون أولى، لأنه كلما قلَّت الرواة كان أبعد عن احتمال الغلط والكذب.
6-
أن يكون أحد الخبرين قد اختلف في كونه موقوفاً على الراوي، والآخر متفق على رفعه إلى النبي –صلى الله عليه وسلم، فالمتفق على رفعه أولى لأنه أغلب على الظن.
7-
أن تكون إحدى الروايتين بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم والأخرى بمعناه، فرواية اللفظ أولى لكونها أضبط وأغلب على الظن بقول النبي صلى الله عليه وسلم.
8-
أن تكون الراويتين بسماع من غير حجاب والأخرى مع الحجاب، كراوية القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها من غير حجاب لكونها عمة له (أن بريرة عتقت وكان زوجها عبداً)(1) فإنها تقدم على رواية أسود عنها (أن زوجها كان حراً)(2) لسماعه عنها مع الحجاب لأن الرواية من غير حجاب شاركت الرواية مع الحجاب في السماع وزادت تيقن عين المسموع منه.
9-
إذا كانت إحدى الروايتين قد اختلفت دون الأخرى فالتي لا اختلاف فيها أولى لبعدها عن الاضطراب.
(1) أخرجه البخاري (9/406) .
(2)
أخرجه الترمذي (3/452) .
10-
أن يكون أحد الحديثين سمعه الراوي من مشائخ بلده، والثاني سمعه من الغرباء فيرجح الأول لأن أهل كل
…
بلد لهم اصطلاح في كيفية الأخذ من التشدد والتساهل وغير ذلك، والشخص أعرف باصطلاح أهل بلده، ولذلك اعتبر أئمة النقل حديث إسماعيل بن عياش فما وجدوه من الشاميين احتجوا به، وما كان من الحجازيين والكوفيين وغيرهم لم يلتفتوا إليه لما يوجد في حديثه من النكارة إذا رواه عن الغرباء.
11-
أن يكون أحد الحديثين له مخارج عدة، والحديث الثاني لا يعرف له سوى مخرج واحد وإن كان قد رواه نفر ذو عدد، فيكون المصير إلى الأول أولى لأن الحكم الواحد إذا عمل به في بلدان شتى يكون أقوى من الحكم المعمول به في بلد واحد، وإن كان عدد هؤلاء أكثر.
12-
أن يكون أحد الحديثين منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم نصاً وقولاً، والآخر ينسب إليه استدلالاً واجتهاداً، فيكون الأول مرجحاً نحو ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهَى عَن بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَقَالَ: لَا يبعن وَلَا يوهبن وَلَا يورثن، يسْتَمْتع بهَا سَيِّدهَا مَا بدا له، فَإِذا مَاتَ فَهِيَ حرَّة " (1) .
فهذا أولى بالعمل من الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"(2) ، لأن حديث ابن عمر قوله صلى الله عليه وسلم ولا خلاف في كونه حجة، وحديث أبي سعيد ليس فيه تنصيص منه صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أن من كان يرى هذا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وكان ذلك اجتهاداً منه، فكان تقديم ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم نصاً أولى.
وأكتفي بذلك منعاً للإطالة.
(1) مالك (2/139) .
(2)
أحمد (3/22) .