المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثامن:" التمندل " أو استعمال المنديل بعد الو ضوء أو الغسل - دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة

[رقية المحارب]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌منهجي في هذا البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول:معنى التعارض وأسبابه

- ‌معنى التعارض في اللغة:

- ‌التعريف الاصطلاحي:

- ‌شرح تعريف النووي:

- ‌شرح التعريف:

- ‌أسباب التعارض:

- ‌1- قد يقول النبي صلى الله عليه وسلم القول العام يريد به العام، والعام يريد به الخاص

- ‌2- أن يؤدي المخبر عنه الخبر متقصى، والخبر مختصراً:

- ‌3- عدم إدراك الراوي لاختلاف الحال:

- ‌4- بعض الرواة يدرك جواباً لسؤال، ولا يدرك السؤال فيرويه فتخالف روايتُه روايةَ من أدرك السؤال ورواهما جميعاً:

- ‌5- عدم التمكن من معرفة صحيح الحديث من سقيمه، فيعارض الصحيح بالسقيم، والسقيم لا يخلو أن يكون وهماً أو غلطاً أو كذباً أو وضعاً:

- ‌6- عدم فهم النص، وحمله على غير ما عني به:

- ‌المبحث الثاني:معنى الترجيح وأسبابه

- ‌أولاً: معنى الترجيح:

- ‌الترجيح في اللغة:

- ‌الترجيح في الاصطلاح:

- ‌ثانياً: أسباب الترجيح ووجوهه:

- ‌أما ما يعود إلى الراوي فأسباب منها:

- ‌هذا ما يعود إلى الراوي، أما ما يعود إلى الرواية فأسباب الترجيح فيها كثيرة، منها:

- ‌وأما ما يعود إلى المروي فأسباب الترجيح منها:

- ‌وأما ما يعود إلى المروي عنه فأسباب كثيرة منها:

- ‌وأما الترجيحات والأسباب العائدة إلى المتن فمنها:

- ‌المبحث الثالث:المؤلفات السابقة في هذا الموضوع

- ‌الباب الأولباب المياه والنجاسات

- ‌المبحث الأول: أينجس الماء بورود النجاسة عليه

- ‌المبحث الثاني:أيغتسل الرجل أو يتوضأ بفضل المرأة

- ‌المبحث الثالث:سؤر الكلب

- ‌المبحث الرابع:سؤر الهر

- ‌المبحث الخامس:ما جاء في المني

- ‌المبحث السادس:جلود الميتة

- ‌المبحث السابع:هل تستقبل القبلة أو تستدبر بالبول والغائط

- ‌المبحث الثامن:كيف تطهر الأرض من البول

- ‌المبحث التاسع:البول قائماً

- ‌الباب الثاني.وفيه مبحث:آنية الكفار

- ‌الباب الثالث.باب الوضوء

- ‌المبحث الأول:هل أكل ما مسَّت النار من نواقض الوضوء

- ‌المبحث الثاني:هل يتوضأ من مس ذكره أم لا

- ‌المبحث الثالث:هل النوم من نواقض الوضوء أم لا

- ‌المبحث الرابع:التسمية قبل الوضوء

- ‌المبحث الخامس:هل تجب المضمضة والاستنشاق في الوضوء

- ‌المبحث السادس:حكم تخليل اللحية الكثة في الوضوء

- ‌المبحث السابع:الاطلاء بالنُّورة

- ‌المبحث الثامن:" التمندل " أو استعمال المنديل بعد الو ضوء أو الغسل

- ‌الباب الرابع:باب الغسل

- ‌المبحث الأول: ماذا يجب على الجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو المعاودة

- ‌المبحث الثاني:هل يجب الغسل بالتقاء الختانين دون إنزال

- ‌المبحث الثالث:غسل الجمعة

- ‌المبحث الرابع:هل يجب الغسل من تغسيل الميت

- ‌المبحث الخامس:هل يجب دلك الرأس من غسل الجنابة

- ‌المبحث السادس:التستر عند الغسل في الخلوة

- ‌الباب الخامسباب السواك.وفيه مبحث:حكم السواك للصائم

- ‌الباب السادس:باب الحيض والاستحاضة

- ‌المبحث الأول:ما يجوز الاستمتاع به من الحائض

- ‌المبحث الثاني:المستحاضة ترد إلى العادة أو إلى التمييز

- ‌المبحث الثالث:كيف تتطهر المستحاضة للصلاة

- ‌الباب السابع:التيمم.وفيه مبحث:صفة التيمم

- ‌الخاتمة:

الفصل: ‌المبحث الثامن:" التمندل " أو استعمال المنديل بعد الو ضوء أو الغسل

وقد روي عنه ما يدل على أنه إنما كره الإكثار من ذلك وهو قوله: " إياكم وكثرة الحمام، وكثرة طلاء النورة، واالتوطي على الفرش، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين"، فهذا الأثر قاطع للنزاع، وأولى ما اعتمدته في التوقيت حديث ابن عمر:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنور كل شهر ويقلم أظفاره كل خمس عشرة" فيكره أقل في من ذلك (1) .

2-

قال المناوي: " أما خبر كان لا يتنور فضعيف لا يقاوم هذا الحديث القوي إسنادا، على أن هذا الحديث مثبت وذاك نافٍ، والقاعدة عند التعارض تقديم المثبت"(2) .

3-

قال الشوكاني: " يمكن الجمع بأنه صلى الله عليه وسلم كان يتنور تارة ويحلق أخرى"(3) .

قلت:

من دراستي للأحاديث الواردة في التنور نفياً وإثباتاً، تبين لي أن أحاديث التنور ضعيفة سواء النافية أو المثبتة فيرجع الأمر على أصله وهو الإباحة. والله أعلم.

‌المبحث الثامن:

" التمندل " أو استعمال المنديل بعد الو ضوء أو الغسل

.

لقد اختلف العلماء في حكم استعمال المنديل بعد الوضوء أو الغسل:

وسبب هذا الاختلاف أن هناك أحاديث دلت على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمسح بالمنديل بل رده حين عرض عليه، وهناك من الأحاديث ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له منديل ينشف به بعد الوضوء.

فمن الأحاديث التي دلت على كراهة استعمال المنديل ما جاء في حديث ميمونة وفيه" ثم أتي بمنديل فلم ينفض بها".

ومن الأحاديث التي دلت على جواز استعماله ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها "كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها بعد الوضوء".

(1) الحاوي للفتاوى 2/342، 343 بتصرف.

(2)

فيض القدير 5/105.

(3)

نيل الأوطار 1/161.

ص: 128

وحديث قيس بن سعد قال:" أتانا النبي –صلى الله عليه وسلم فوضعنا له ماء فاغتسل، ثم أتيناه بملحفة ورسية (1) فاشتمل بها، فكأني أنظر إلى أثر الورس على عكنه (2) ".

ذكر الحديث الذي يدل على كراهة المنديل:

عن ميمونة –رضي الله عنها قالت: "صَبَبْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غُسْلًا فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ ثُمَّ غَسَلَهَا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا "(3) .

ذكر الحديث الذي يدل على جواز استعمال المنديل:

الحديث الأول:

عن عائشة –رضي الله عنها قالت: "كَانَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم خِرْقَةٌ يُنَشِّفُ بِهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ"(4) .

الحديث الثاني:

(1) ورسية: مصبوغة بالورس، وهو نبت أصفر يصبغ به. النهاية 5/173.

(2)

عكنه: ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمناً. القاموس 4/251.

(3)

أخرجه البخاري (1/371، 372) ، ومسلم (3/230، 231، 232) ، وأبو داود (1/64) ، والنسائي (1/138) ، وابن ماجة (1/158) ، والدارمي (1/180) ، وأحمد (3/336) ، والبيهقي (1/184) .

(4)

أخرجه الترمذي (1/74، 75) ، والحاكم (1/154) ، والبيهقي (1/185) ، والدارقطني (1/110) وهو حديث ضعيف.

ص: 129

عن قيس بن سعد –رضي الله عنه قال: زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلِنَا فَقَالَ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» . فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا. قَالَ قَيْسٌ فَقُلْتُ أَلَا تَأْذَنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ ذَرْهُ يُكْثِرْ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» . فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» . ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ تَسْلِيمَكَ وَأَرُدُّ عَلَيْكَ رَدًّا خَفِيًّا لِتُكْثِرَ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ. قَالَ فَانْصَرَفَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغِسْلٍ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ نَاوَلَهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ فَاشْتَمَلَ بِهَا ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ» . قَالَ ثُمَّ أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الطَّعَامِ فَلَمَّا أَرَادَ الاِنْصِرَافَ قَرَّبَ لَهُ سَعْدٌ حِمَارًا قَدْ وَطَّأَ عَلَيْهِ بِقَطِيفَةٍ فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ سَعْدٌ يَا قَيْسُ اصْحَبْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ قَيْسٌ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «ارْكَبْ» . فَأَبَيْتُ ثُمَّ قَالَ «إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ تَنْصَرِفَ» .

ص: 130

قَالَ فَانْصَرَفْتُ (1) .

وجه التعارض:

إن من ينظر في هذه الأحاديث يجد أنها تتعارض فيما تدل عليه.

فحديث ميمونة يدل على كراهة استعمال المنديل في التنشيف من الوضوء أو الغسل، وذلك لأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم رد المنديل فلم يستعمله.

وحديث قيس بن سعد –رضي الله عنه يدل على أن النبي –صلى الله عليه وسلم لم يكره التنشف من الغسل، حيث اشتمل بملحفة بعد أن اغتسل، والملحفة تنشف الماء بعد الغسل.

وكذلك فإن حديث عائشة –رضي الله عنها يدل على أن التنشف بعد الوضوء غير مكروه، لأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم كان له خرقة يتنشف بها.

أقوال العلماء في درء التعارض:

ذهب جماعة من أهل العلم إلى أخذ المنديل بعد الوضوء، وقالوا بإباحته.

وروي ذلك عن بعض الصحابة منهم أنس بن مالك (2) والحسن بن علي (3) وبشير بن أبي مسعود (4) وعثمان بن عفان (5) ، وحجتهم أحاديث الإباحة، كما ذهب آخرون إلى الحظر، وروي ذلك عن بعض الصحابة، منهم جابر بن عبد الله (6) وابن عباس.

إلا أنه لم يكره ذلك في الغسل من الجنابة (7) .

وجمع بين هذه الأحاديث جماعة من العلماء. منهم:

1-

أبو بكر ابن المنذر قال: "أعلى شيء في هذا الباب خبران، خبر يدل على إباحة أخذ الثوب ينشف به، والخبر الآخر يدل على ترك ذلك".

(1) أخرجه الترمذي 4/347، وابن ماجة 1/158 وأحمد 6/6، والبيهقي 1/186، والنسائي في عمل اليوم والليلة ص 283 و284، وابن السني ص 246، وابن المنذر 1/ 418، وابن حزم 2/47. ضعفه النووي في المجموع 1/459، وقال الأرنؤؤط: إسناده صحيح، قلت: الحديث صحيح.

(2)

أخرجه ابن المنذر 1/415.

(3)

أخرجه ابن المنذر 1/416.

(4)

ابن أبي شيبة 1/148، وابن المنذر 1/416.

(5)

ابن أبي شيبة 1/148، وابن المنذر 1/416.

(6)

أخرجه عبد الرزاق 1/182، وابن أبي شيبة 1/149، وابن المنذر 1/418.

(7)

أخرجه عبد الرزاق 1/182، وابن أبي شيبة 1/149، 150، وابن المنذر 1/418.

ص: 131

وذكر حديث قيس بن سعد، ثم ذكر حديث ابن عباس عن ميمونة، وبين أنه لا حظر في حديث ميمونة، فلا تعارض.

قال أبو بكر:" وهذا الخبر لا يوجب حظر ذلك، ولا المنع منه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يدع الشيء المباح لئلا يشق على أمته، من ذلك قوله لبني عبد المطلب: " لولا أن تغلبوا على سقايتكم لنزعت معكم" (1) ، ودخل الكعبة وقال بعد دخوله: "لوددت أني لم أكن دخلتها أخشى أن أكون أتعبت أمتي" (2) . وحديث قيس بن سعد يدل على إباحة ذلك، فأخذ المنديل مباح بعد الوضوء والاغتسال"(3) . اهـ.

وهذا درء حسن يزول به التعارض، بل يبين أنه لا تعارض أصلاً، وإنما هو وهم.

2-

ذهب ابن حزم إلى أنه لا حجة في الاثنين، ويبقى الأمر على حله، وبين أنه لا تضاد بين الحديثين قال:"هذا لا يضاد الأول، لأنه عليه السلام اشتمل فيها فصارت لباسه (4) حينئذ، وقال بهذا بعض السلف –وأورد رواية عن عطاء ثم قال-" ولم ينه عليه السلام عن ذلك في الوضوء فهو مباح فيه" (5) .

وعلق على هذا الشيخ أحمد شاكر بقوله: "لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في خبر صحيح نهي عن المنديل بعد الغسل ولا بعد الوضوء ولا يفهم أحد من رده المنديل بعد الغسل أنه كره ذلك. ومن فهم هكذا فإنما اشتبه عليه وجه الحق. وظاهر من مثل هذا أنه إنما رده لعدم الحاجة إليه. لا أنه مكروه شرعا"(6) .

(1) أخرجه مسلم (8/194) من حديث جابر بن عبد الله. ومن رواية ابن عباس رواه البخاري رقم (1554)

(2)

أخرجه ابن ماجة (2/1018) .

(3)

الأوسط 1/418، 419.

(4)

يعني حديث قيس بن سعد.

(5)

المحلى 2/47، 48.

(6)

حاشية المحلى 2/48.

ص: 132

3-

ذهب الزهري إلى الكراهة وعلل ذلك بقوله: " إنما كره لأن الوضوء يوزن (1) . وعلق الشيخ أحمد شاكر بقوله: هذا تعليل غير صحيح، فإن ميزان الأعمال يوم القيامة ليس كموازين الدنيا، ولا هو مما يدخل تحت الحس في هذه الحياة، وإنما هي من أمور الغيب الذي نؤمن به كما ورد.

4-

وذهب بعض السلف إلى أن التمندل ليس مكروهاً شرعاً وإنما كره للعادة.

ذكر أبو داود عن إبراهيم أنه قال: كانوا لا يرون بالمنديل بأساً، ولكن كانوا يكرهون العادة (2) .

5-

ذهب بعض العلماء إلى أنه لا دليل ولا حجة في حديث ميمونة على الحظر، ولا حجة في أحاديث الإباحة لضعفها عنده، فبقي الأمر على الإباحة، وممن ذهب هذا المذهب النووي في شرحه لمسلم، وذكر المذاهب في التنشيف وعدها خمسة، ورجح الإباحة. (3)

6-

ذهب ابن قدامة إلى الإباحة، وعلل ذلك بأن الأصل الإباحة، فتركُ النبي –صلى الله عليه وسلم لا يدل على الكراهة، فإنه قد يترك المباح، وهذه -أي يعني"المنديل" في حديث ميمونة- قضية في عين يحتمل أنه ترك تلك المنديل لأمر يختص بها، ولأنه إزالة للماء عن بدنه أشبه نفضه بيديه، ولا يكره نفض الماء عن بدنه بيديه لحديث ميمونة. (4)

قلت:

فالحاصل أن الاستدلال بحديث ميمونة غير متوجه لأمور:

* أنه صلى الله عليه وسلم قد يترك المباح ولا يكون تركه لكراهته له.

* وأنه ربما ترك المنديل لأمر يختص بعينه دون جنسه.

والاستدلال بحديث عائشة وحديث قيس غير متوجه لأمور:

* أن الصريح –وهو حديث- عائشة ضعيف.

* أن حديث قيس قد ضعف، وإذ قد حققنا سلامته من الضعف فإنا نقول: إنه ليس فيه تصريح بالتنشيف، بل ورد فيه أنه التحف، والالتحاف أشبه باللبس منه بالتنشيف.

(1) رواه الترمذي 1/77.

(2)

سنن أبي داود (1/64) ، وكذا رواه أحمد (3/336) .

(3)

ينظر شرح مسلم (3/231، 232) ، والمجموع (1/458، 459) .

(4)

الشرح الكبير 1/66.

ص: 133