المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني.وفيه مبحث:آنية الكفار - دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة

[رقية المحارب]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌منهجي في هذا البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول:معنى التعارض وأسبابه

- ‌معنى التعارض في اللغة:

- ‌التعريف الاصطلاحي:

- ‌شرح تعريف النووي:

- ‌شرح التعريف:

- ‌أسباب التعارض:

- ‌1- قد يقول النبي صلى الله عليه وسلم القول العام يريد به العام، والعام يريد به الخاص

- ‌2- أن يؤدي المخبر عنه الخبر متقصى، والخبر مختصراً:

- ‌3- عدم إدراك الراوي لاختلاف الحال:

- ‌4- بعض الرواة يدرك جواباً لسؤال، ولا يدرك السؤال فيرويه فتخالف روايتُه روايةَ من أدرك السؤال ورواهما جميعاً:

- ‌5- عدم التمكن من معرفة صحيح الحديث من سقيمه، فيعارض الصحيح بالسقيم، والسقيم لا يخلو أن يكون وهماً أو غلطاً أو كذباً أو وضعاً:

- ‌6- عدم فهم النص، وحمله على غير ما عني به:

- ‌المبحث الثاني:معنى الترجيح وأسبابه

- ‌أولاً: معنى الترجيح:

- ‌الترجيح في اللغة:

- ‌الترجيح في الاصطلاح:

- ‌ثانياً: أسباب الترجيح ووجوهه:

- ‌أما ما يعود إلى الراوي فأسباب منها:

- ‌هذا ما يعود إلى الراوي، أما ما يعود إلى الرواية فأسباب الترجيح فيها كثيرة، منها:

- ‌وأما ما يعود إلى المروي فأسباب الترجيح منها:

- ‌وأما ما يعود إلى المروي عنه فأسباب كثيرة منها:

- ‌وأما الترجيحات والأسباب العائدة إلى المتن فمنها:

- ‌المبحث الثالث:المؤلفات السابقة في هذا الموضوع

- ‌الباب الأولباب المياه والنجاسات

- ‌المبحث الأول: أينجس الماء بورود النجاسة عليه

- ‌المبحث الثاني:أيغتسل الرجل أو يتوضأ بفضل المرأة

- ‌المبحث الثالث:سؤر الكلب

- ‌المبحث الرابع:سؤر الهر

- ‌المبحث الخامس:ما جاء في المني

- ‌المبحث السادس:جلود الميتة

- ‌المبحث السابع:هل تستقبل القبلة أو تستدبر بالبول والغائط

- ‌المبحث الثامن:كيف تطهر الأرض من البول

- ‌المبحث التاسع:البول قائماً

- ‌الباب الثاني.وفيه مبحث:آنية الكفار

- ‌الباب الثالث.باب الوضوء

- ‌المبحث الأول:هل أكل ما مسَّت النار من نواقض الوضوء

- ‌المبحث الثاني:هل يتوضأ من مس ذكره أم لا

- ‌المبحث الثالث:هل النوم من نواقض الوضوء أم لا

- ‌المبحث الرابع:التسمية قبل الوضوء

- ‌المبحث الخامس:هل تجب المضمضة والاستنشاق في الوضوء

- ‌المبحث السادس:حكم تخليل اللحية الكثة في الوضوء

- ‌المبحث السابع:الاطلاء بالنُّورة

- ‌المبحث الثامن:" التمندل " أو استعمال المنديل بعد الو ضوء أو الغسل

- ‌الباب الرابع:باب الغسل

- ‌المبحث الأول: ماذا يجب على الجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو المعاودة

- ‌المبحث الثاني:هل يجب الغسل بالتقاء الختانين دون إنزال

- ‌المبحث الثالث:غسل الجمعة

- ‌المبحث الرابع:هل يجب الغسل من تغسيل الميت

- ‌المبحث الخامس:هل يجب دلك الرأس من غسل الجنابة

- ‌المبحث السادس:التستر عند الغسل في الخلوة

- ‌الباب الخامسباب السواك.وفيه مبحث:حكم السواك للصائم

- ‌الباب السادس:باب الحيض والاستحاضة

- ‌المبحث الأول:ما يجوز الاستمتاع به من الحائض

- ‌المبحث الثاني:المستحاضة ترد إلى العادة أو إلى التمييز

- ‌المبحث الثالث:كيف تتطهر المستحاضة للصلاة

- ‌الباب السابع:التيمم.وفيه مبحث:صفة التيمم

- ‌الخاتمة:

الفصل: ‌الباب الثاني.وفيه مبحث:آنية الكفار

8-

قال الزركشي: " وجمع بعضهم بين الروايتين لأن النفي في حديث عائشة ورد على صيغة (كان) بمعنى الاستمرار في الأغلب، وحديث حذيفة ليس فيه (كان) فلا يدل على مطلق الفعل ولو مرة"(1) .

قلت:

بعد النظر في أقوال الأئمة في الجمع بين الأحاديث يترجح لدي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بال قائماً لضرورة وإلا فعادته البول قاعداً، فمن اضطر إلى البول قائماً لعلة فلا حرج عليه، ومن لم يكن له علة فيكره له أن يبول قائماً لأن في ذلك احتمال وصول الرشاش وبعض النجاسة إليه.

والله أعلم.

‌الباب الثاني.

وفيه مبحث:

آنية الكفار

.

وتتعارض في هذا الباب أحاديث تتعلق بحكم آنية الكفار من حيث النجاسة والطهارة.

فنجد أحاديث تفيد نجاسة آنية لكفار ووجوب غسلها، وأحاديث تفيد طهارة هذه الآنية وعدم وجوب غسلها.

فمما يدل على النجاسة:

(أما ما ذكرت من أنك بأرض قوم أهل كتاب تأكل في آنيتهم فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها) .

ومما يدل على الطهارة:

1-

(كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم، فنستمتع بها، فلا يعيب ذلك علينا) .

2-

(أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة) .

الحديث الذي يدل على نجاسة آنية الكفار:

(1) الإجابة 139.

ص: 75

عن أبي ثعلبة الخشني –رضي الله عنه قال: (أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ وَالَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الْكِتَابِ تَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُلْ وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُلْ وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ)(1) .

الأحاديث التي تفيد طهارة آنية الكفار:

الحديث الأول:

عن جابر –رضي الله عنه-قال: (كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ)(2) .

الحديث الثاني:

(1) أخرجه البخاري (9/612، 604، 622) ، ومسلم (13/ 79) ، وأبو داود (3/363) ، والترمذي (4/256، 129) ، وابن ماجة (2/1069) ، والدارمي (2/233) ، وأحمد (2/184)(4/193، 195) ، والحاكم (1/143) ، والطيالسي ص 34 ح 1014، وابن حبان (7/550) ، والبيهقي (1/33) ، والبغوي (11/199) .

(2)

أخرجه أبو داود (3/363) ، والبيهقي (1/32) ، وأحمد (3/379)، قال عنه الأرنؤوط في شرح السنة: إسناده قوي (11/201) ،وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/2)، قلت: الحديث حسن.

ص: 76

عن عمران –رضي الله عنه-قال: "كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعْنَا وَقْعَةً وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ فُلَانٌ ثُمَّ فُلَانٌ ثُمَّ فُلَانٌ يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ فَنَسِيَ عَوْفٌ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الرَّابِعُ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ وَكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بِصَوْتِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ قَالَ لَا ضَيْرَ أَوْ لَا يَضِيرُ ارْتَحِلُوا فَارْتَحَلَ فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِالنَّاس فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ قَالَ عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاشْتَكَى إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ الْعَطَشِ فَنَزَلَ فَدَعَا فُلَانًا كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو رَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوْفٌ وَدَعَا عَلِيًّا فَقَالَ اذْهَبَا فَابْتَغِيَا الْمَاءَ فَانْطَلَقَا فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ أَوْ

ص: 77

سَطِيحَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا فَقَالَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ قَالَتْ عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ وَنَفَرُنَا خُلُوفًا قَالَا لَهَا انْطَلِقِي إِذًا قَالَتْ إِلَى أَيْنَ قَالَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ قَالَا هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ فَانْطَلِقِي فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ قَالَ فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا وَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِنَاءٍ فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ أَوْ سَطِيحَتَيْنِ وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا وَأَطْلَقَ الْعَزَالِيَ وَنُودِيَ فِي النَّاسِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا فَسَقَى مَنْ شَاءَ وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ وَكَانَ آخِرُ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ قَالَ اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ وَهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلْأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اجْمَعُوا لَهَا فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا قَالَ لَهَا تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدْ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ قَالُوا مَا حَبَسَكِ يَا فُلَانَةُ قَالَتْ الْعَجَبُ لَقِيَنِي رَجُلَانِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ فَفَعَلَ كَذَا

ص: 78

وَكَذَا فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ تَعْنِي السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَلَا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ يَدْعُونَكُمْ عَمْدًا فَهَلْ لَكُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَأَطَاعُوهَا فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامَِ) (1) .

أقوال العلماء في درء التعارض:

1-

ذهب النووي إلى أن النهي الوارد في حديث أبي ثعلبة إنما المراد به النهي عن الأكل في آنيتهم التي كانوا يطبخون فيها لحم الخنزير ويشربون الخمر كما صرح به في رواية أبي داود "إنا نجاور أهل كتاب، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر"(2) وإنما نهي عن الأكل فيها بعد الغسل للاستقذار ولكونها معتادة للنجاسة (3) .

2-

قال ابن القيم في حديث جابر:" ظاهر هذا يبيح استعمال آنية المشركين على الإطلاق، من غير غسل لها وتنظيف، وهذه الإباحة مقيدة، بالشرط المذكور في حديث أبي ثعلبة، وهو العلم بأنهم لا يطبخون فيها لحم الخنزير ولا يشربون الخمر، أما إذا علم أنهم يطبخون فيها لحم الخنزير ويشربون الخمر فلا يجوز استعمالها إلا بعد الغسل والتنظيف (4) .

(1) أخرجه البخاري (1/447، 448) وأخرجه مختصرا (1/457)(6/580) ، ومسلم (5/190) ،وأحمد (4/434، 435) ، والحاكم (1/274) ، وابن خزيمة (1/59) ، وأخرج جزءا منه الطيالسي ص115، الدارقطني (1/199، 202) ، والبيهقي (1/32) .

(2)

سنن أبي داود (3/363) .

(3)

شرح صحيح مسلم 13/80، والمجموع 1/261-265 بتصرف.

(4)

مختصر سنن أبي داود مع المعالم والتهذيب 5/334 بتصرف.

ص: 79

3-

قال ابن تيمية:" الصحيح أن أوانيهم لا تستعمل إلا بعد غسلها فإن ذبائحهم ميتة، فلابد أن يصيب أوانيهم المستعملة ما يطبخونه من ذبائحهم فتنجس بذلك، فأما الآنية التي لا يغلب على الظن وصول النجاسة إليها فتستعمل من غير غسل كآنية اللبن التي لا يضعون فيها طبيخهم، أو يغسلونها قبل وضع اللبن فيها (1) .

4-

قال الإمام البغوي:" الأمر بغسل إناء الكفار فيما إذا علم نجاسته يقيناً لرواية مسلم بن مشكم. وفيه (إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء) (2) يعني اغسلوها، فأما إذا لم يتيقن نجاسته فالأصل طهارته"(3) .

5-

قال ابن حجر: قال ابن دقيق العيد: وقد اختلف الفقهاء في ذلك بناء على تعارض الأصل والغالب، واحتج من قال بما دل عليه هذا الحديث بأن الظن المستفاد من الغالب راجح على الظن المستفاد من الأصل، وأجاب من قال بأن الحكم للأصل حتى تتحقق النجاسة بجوابين: أحدهما: أن الأمر بالغسل محمول على الاستحباب احتياطاً جمعاً بينه وبين ما دل على التمسك بالأصل، والثاني أن المراد بحديث أبي ثعلبة حال من يتحقق النجاسة، ويؤيده ذكر المجوس لأن أوانيهم نجسة لكونهم لا تحل ذبائحهم.

(1) مجموع الفتاوى 35/155.

(2)

تقدم. رواه أبو داود 3/363.

(3)

شرح السنن 11/200، 201.

ص: 80

وذكر رأي النووي كما تقدم بمعناه ثم قال: " وإن كان الأولى الغسل للخروج من الخلاف لا لثبوت الكراهة في ذلك، ويحتمل أن يكون استعمالها بلا غسل مكروهاً بناء على الجواب الأول، وهو الظاهر من الحديث، وأن استعمالها مع الغسل رخصة إذا وجد غيرها فإن لم يجد جاز بلا كراهة للنهي عن الأكل فيها مطلقاً، وتعليق الإذن على عدم غيرها مع غسلها، وتمسك بهذا بعض المالكية لقولهم أنه يتعين كسر آنية الخمر على كل حال بناء على أنها لا تطهر بالغسل، واستدل بالتفصيل المذكور لأن الغسل لو كان مطهراً لما كان للتفصيل معنى، وتعقب بأنه لم ينحصر في كون العين تصير نجسة بحيث لا تطهر أصلاً بل يحتمل أن يكون التفصيل للأخذ بالأولى، فإن الإناء الذي يطبخ فيه الخنزير يستقذر ولو غسل، كما يكره الشرب في المحجمة ولو غسلت استقذاراً، ومشى ابن حزم على ظاهريته فقال: "لا يجوز استعمال آنية أهل الكتاب إلا بشرطين: أحدهما أن لا يجد غيرها، والثاني غسلها" (1) . وأجيب بما تقدم من أن أمره بالغسل عند فقد غيرها دال على طهارتها بالغسل، والأمر باجتنابها عند وجود غيرها للمبالغة في التنفير عنها كما في حديث سلمة الآتي بعد في الأمر بكسر القدور التي طبخت فيها الميتة فقال رجل: أو نغسلها فقال: أو ذاك. فأمر بالكسر للمبالغة في التنفير عنها ثم أذن في الغسل ترخيصاً، فكذلك يتجه هنا. والله أعلم (2) .

قلت:

وبعد عرض الأحاديث وأقوال العلماء تبين لي ما يلي:

1-

أن حديث أبي ثعلبة جاء مفصلاً في رواية أبي داود بأن النهي فيما إذا علمت نجاسة الإناء، وأما اشتراط وجود غيره فإن هذا النهي للاستقذار والذي دعانا للقول بأنه للاستقذار ثبوت استعمال النبي –صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه لآنية المشركين.

(1) المحلى 1/107.

(2)

فتح الباري 9/606.

ص: 81