الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الترجيحات والأسباب العائدة إلى المتن فمنها:
1-
أن يكون الحكم الذي تضمنه أحد الحديثين منطوقاً به، وما تضمنه الآخر يكون محتملاً، ولذلك يجب تقديم قوله صلى الله عليه وسلم (فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ) (1) في إيجاب في مال الصبي على قوله صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ
…
) (2) لأن قوله صلى الله عليه وسلم (في أربعين شاة شاة) نص على وجوب الزكاة في ملك من كانت له، وقوله صلى الله عليه وسلم:(رفع القلم..) لا ينبي عن سقوط الزكاة في مال الصبي، بأن يكون الخطاب فيه لغيره وهو الولي، فرفعُ القلمِ عنه يفيد نفي خطابه والتكليف له، ولا يعارض ذلك النص بوجه.
2-
أن يكون أحد الحديثين مستقلاً بنفسه لا يحتاج إلى إضمار، والآخر لا يفيد إلا بعد تقدير وإضمار فيرجح الأول لأن المستقل بنفسه معلوم المراد منه، والمحذوف منه ربما التبس ما هو المضمر فيه.
3-
أن يكون الحكم في أحد الحديثين مقروناً بالاسم نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ "(3) قدم هذا على نهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والولدان (4) لأن تبديل الدين صفة موجودة في الرجل والمرأة، فصارت كالعلة وهي المؤثرة في الأحكام دون الأسامي.
4-
أن يكون أحد الحديثين مطلقاً والآخر وارداً على سبب، فيقدم المطلق لظهور أمارات التخصيص في الوارد على سبب فيكون أولى بإلحاق التخصيص به، وعلى هذا يقدم قوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ)(5) على نهيه عن قتل النساء والولدان (6) لأن النهي وارد على سبب في الحربية.
(1) جزء حديث أخرجه الترمذي (3/8) .
(2)
أخرجه البخاري (12/120) .
(3)
أخرجه البخاري (6/149) .
(4)
أخرجه البخاري 6/148) .
(5)
تقدم تخريجه ص
(6)
تقدم تخريجه ص
5-
أن يكون أحدهما آمراً والآخر مبيحاً، فالآمر وإن ترجح على المبيح نظراً إلى أنه إذا عمل به لا يصير مخالفاً للمبيح ولا كذلك بالعكس لاستواء طرفي المباح وترجح جانب المأمور به، إلا أن المبيح يترجح على الآمر من أربعة أوجه:
-الأول: أن مدلول المبيح متحد ومدلول الآمر متعدد فكان أولى.
-الثاني: أن غاية ما يلزم من العمل بالمبيح تأويل الأمر بصرفه عن محمله الظاهر إلى المحمل البعيد، والعمل بالأمر يلزم منه تعطيل المبيح بالكلية، والتأويل أولى من التعطيل.
- الثالث: أن المبيح قد يمكن العمل بمقتضاه على تقديرين، على تقدير مساواته بالآمر ورجحانه، والعمل بمقتضى الآمر متوقف على الترجيح وما يتم العمل به على تقديرين يكون أولى مما لم يتم العمل به إلا على تقدير واحد.
-الرابع: أن العمل بالمبيح بتقدير أن يكون الفعل مقصوداً للمكلف لا يختل لكونه مقدوراً له، والعمل بالآمر يوجب الإخلال بمقصود الترك بتقدير كون الترك مقصوداً.
6-
أن يكون أحدهما أمراً والآخر خبراً، فالخبر يكون راجحاً.
7-
أن يكونا مشتركَين إلا أن مدلولات أحدهما أقل من مدلولات الآخر، فالأول أولى لقلة اضطرابه وقرب استعماله فيما هو المقصود منه.
8-
أن يكونا مجازَين إلا أن أحدهما منقول مشهور في محل التجوز كلفظ الغائط بخلاف الآخر، فالمنقول أولى لعدم افتقاره إلى قرينة.
9-
أن تكون دلالة أحدهما مؤكدة دون الأخرى، فالمؤكدة أولى لأنه أقوى دلالة وأغلب على الظن وذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم:"فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، بَاطِلٌ، بَاطِلٌ "(1) .
10-
أن يكون أحدهما قد دل على الحكم وعلته، والآخر دل على الحكم دون علته، فالدال على العلة أولى لأنه أقرب إلى الإيضاح والبيان.
(1) تقدم تخريجه. انظر ص