الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6-
قال العظيم آبادي في حديث عمار المقتضي ضربة واحدة للوجه والكفين: " فيه دليل صريح على الاقتصار في التيمم على الوجه والكفين بضربة واحدة، وأن ما زاد على الكفين ليس بضروري، وهذا القول قوي من حيث الدليل، قال ابن دقيق العيد: فيه دليل لمن قال بالاكتفاء بضربة واحدة للوجه والكفين، ومذهب الشافعي أنه لا بد من ضربتين ضربة للوجه وضربة للكفين، وقد ورد في الضربتين إلا أنه لا يقاوم هذا الحديث في الصحة ولا يعارض مثله بمثله"(1) .
قلت:
بعد ما تقدم من دراسة وبحث لهذه المسألة، تبين لي ما يلي:
1-
أنه لا تعارض بين حديثي عمار بن ياسر في التيمم، فإنه نقل فعلهم في التيمم حين نزلت الآية بحسب اجتهادهم، ولم يعز ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان ذلك بعلمه صلى الله عليه وسلم لكان حديث التيمم للوجه والكفين ناسخاً له، وذلك لأن عماراً كان يفتي به ويعمل به إلى أن مات -رضوان الله عليه-. وقد جاء في حديثه ما يدل على ذلك.
وبهذا درأ كثير من العلماء هذا التعارض، حتى أصبح التيمم إلى المناكب أمرا شاذاً.
2-
أن حديث ابن عمر لا تقوم به حجة، ولا يصلح دليلاً، فهو حديث ضعيف، فكيف يقاوم حديث عمار الذي صحته كضوء الشمس، وفيه نص صريح على اقتصار التيمم على الوجه والكفين، والكف هو أسفل اليد من أطراف الأصابع إلى الرسغ، فكان حديث عمار مبينا ما ذكره الله سبحانه وتعالى في صفة التيمم.
كما أن في حديث عمار رضي الله عنه أن يقتصر على ضربة واحدة.
وبهذا يدرأ التعارض بين أحاديث صفة التيمم.
…
والله أعلم.
الخاتمة:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
فإنه لا يجهل أحد مدى المعاناة التي يعانيها أي قارئ لكتب السنة، لما يقع فيها من أحاديث يوهم بعضها التعارض، فيقف حائراً لا يدري بأي الأحاديث يأخذ، وما سبب هذا الاختلاف؟! أهو اضطراب أم تناقض.
(1) عون المعبود (1/519) .
وكيف السبيل إلى الوصول إلى تطبيق مفاد هذه الأحاديث التي يقرأها ولا يجد بينها اتفاقاً.
وكذا لا يجهل أحد مدى ما يكنه أعداء الإسلام لنا، وما يدبرونه من كيد وحرب، فهم يشككون في أصول ديننا، ويحاولون أن يطعنوا في نبينا صلى الله عليه وسلم، فهم يجتهدون في دراسة سنته وأقواله، لا ليقتدوا ويهتدوا؛ وإنما ليصدوا ويضللوا.
فما أكثر ما نسمع عن طعنهم في السنة النبوية، بأنها متناقضة في كثير من مبادئها وتشريعاتها، ويستشهدون لشبهتهم ببعض الأحاديث التي يظهر منها التعارض، وتوهم التناقض.
فكان هذا البحث مما يسد حاجة المسلم، ويرفع عنه معاناته، ويدحض كيد الكافر، ويرد شبهاته.
فقد أكد لكل أحد أنه لا تعارض أصلا بين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو مجرد وهم، فالأحاديث إما أن يكون بعضها ناسخا لبعض، وإما أن يكون بعضها راجحا على الآخر، وإما أن يجمع بينها فيكون لكل حديث مقامه وحاله.
وقد بحثت في هذا الكتاب -كتاب الطهارة- تسعا وعشرين مسألة، تعارض فيها خمسة عشر ومائة حديث، وكان حل تعارض كل مسألة لا يخرج عن أن يكون بأحد الأمور الثلاثة المتقدمة: النسخ، أو الترجيح، أو الجمع.
وإذ قد تم إنهائي لهذا البحث، وتبين لي فوائده وقيمته البالغة لي ولغيري، فإني أهيب بإخواني وأخواتي الباحثين والباحثات من طلبة العلم أن لا يدعوا هذا الباب مغلقاً، بل عليهم أن يشمروا عن ساعد الجد والطلب، فيكملوا البحث في المسائل المتبقية، ويجمعوا ويستقصوا الأحاديث الموهمة للتعارض ليصلوا بأنفسهم وبأمتهم إلى ما ترنوا إليه من عز ومنعة للإسلام والمسلمين.
والله أسأل أن يعلمنا ما جهلنا، ويجعلنا من المتفقهين في الدين العاملين بعلمهم، والداعين إلى صراط مستقيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
رقية بنت محمد المحارب.