الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
أيغتسل الرجل أو يتوضأ بفضل المرأة
.
ومن الأحاديث التي تتعارض في ظاهرها، أحاديث إباحة الوضوء أو الغسل بفضل المرأة، مع أحاديث النهي عن ذلك.
أما أحاديث الإباحة فمنها:
1-
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة) .
2-
(اغتسل بعض أزاوج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه فقالت: يا رسول الله إني كنت جنباً، فقال: إن الماء لا يجنب) .
3-
(كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه) .
وأما أحاديث النهي فمنها:
1-
(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة) .
فهذه الأحاديث يظهر لقارئها أنها تتعارض!
الأحاديث التي تدل على إباحة الوضوء بفضل المرأة:
الحديث الأول:
عن ابن عباس رضي الله عنه-قال: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ"(1) .
الحديث الثاني:
عن ابن عباس رضي الله عنه-قال: "اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَفْنَةٍ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا فَقَالَ إِنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ"(2) .
(1) أخرجه مسلم (4/6) ، وابن ماجة (1/132) ، وأحمد 6/330، والحاكم (1/159) ، وابن خزيمة (1/57) ، والدارقطني (1/53) ، والبيهقي (1/188) ، والطيالسي ص 226، وأبو عوانة (1/284) .
(2)
أخرجه الترمذي (1/94) وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود (1/18) ، والنسائي (1/173) ، وابن ماجة (1/132) ،
والدارمي (1/187) ، وأحمد (6/330)، والحاكم (1/159) وقال: هذا حديث صحيح في الطهارة ولم يخرجاه ولا يحفظ له علة، وابن خزيمة (1/48) ولم يجزم به، وابن حبان (2/273) ، وابن أبي شيبة (1/57) ، والبيهقي (1/188، 189)، والبغوي (2/27) . وصححه أبو زرعة في علل ابن أبي حاتم (1/43) والألباني في الإرواء (1/64) والأعظمي في تعليقه على صحيح ابن خزيمة (1/48) وشعيب الأرنؤوط في تعليقه على شرح السنة (2/27) وعبد القادر الأرنؤوط في تعليقه على جامع الأصول (7/70) . قلت: هذا حديث صحيح.
الحديث الثالث:
عن عائشة –رضي الله عنها: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ"(1) .
الحديث الذي يدل على النهي عن استعمال فضل وضوء المرأة وغسلها:
عن الحكم بن عمرو الغفاري: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ. أَوْ قَالَ: بِسُؤْرِهَا "(2) .
وجه التعارض:
إن الأحاديث الثلاثة الأولى تفيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ينهى عن استعمال فضل الجنب، وتفيد أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل أم المؤمنين، كما أنهما استعملا الماء معاً ولابد أن تصيبه بفضلها.
أما حديث الحكم بن عمرو فإنه يفيد النهي عن استعمال فضلها، وبهذا تكون هذه الأحاديث متعارضة في مفادها.
وللعلماء في درء تعارض هذه الأحاديث مذاهب وأقوال.
مذاهب العلماء وأقوالهم في درء التعارض:
(1) أخرجه البخاري (1/363، 373، 382، 403) ، ومسلم (4/6) ، وأبو داود (1/20) ، والنسائي (1/57، 127، 128، 130) ، وابن ماجة (1/133) ، والدارمي (1/191، 192) ، وأحمد (6/30، 37،، 43، 64، 91، 103، 118، 123، 127، 129، 157، 161، 168، 170، 171، 172، 173، 189، 191، 192، 193، 199، 210، 230، 231، 235، 255، 265، 281) ، وابن حبان (2/255) ، والطيالسي ص 101، 202، 103، 220، والدارقطني (1/52) ، والبيهقي (1/187) ، والشافعي ص9، وأبو عوانة (1/284) ، والطحاوي (1/24) .
(2)
أخرجه الترمذي (1/92، 93) وقال: هذا حديث حسن، وأبو داود (1/21) ، وابن ماجة (1/32) ، والنسائي (1/179) ، وأحمد (4/13)(5/66) ، والطيالسي ص 176، وابن أبي شيبة (1/57) ، وعبد الرزاق (1/106) ، والدارقطني (1/53) ، والبيهقي (1/191) . وصححه ابن حبان 2/278، والألباني في الإرواء (1/45) .
1-
ذهب جمهور العلماء ومنهم الإمام أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، ورواية عن أحمد؛ إلى الأخذ بأحاديث الإباحة، وقدموها على أحاديث النهي وأجابوا عن أحاديث النهي بما يلي:
1-
أن أحاديث النهي ضعيفة، وأحاديث الإباحة أصح وأقوى، فالمصير إليها أولى.
2-
أن النهي عن فضل أعضائها، وهو ما سال عنها.
3-
أن النهي للتنزيه فهو محمول على أفضلية الترك جمعاً بين الأحاديث.
2-
ذهب الإمام أحمد في رواية عنه، وداود إلى أنه لا يجوز الوضوء بفضل المرأة، إذا خلت به، وروي هذا عن ابن سرجس والحسن البصري.
3-
ذهب ابن المسيب والحسن إلى كراهة فضلها مطلقاً، واحتج لهم بحديث الحكم بن عمرو.
وكل فريق من هؤلاء العلماء له طريق في الأخذ بهذه الأحاديث.
أما الفريق الأول الذاهب إلى الإباحة فدرأ تعارض الأحاديث إما بترجيح أحاديث الإباحة، وقوى ذلك من جهة النظر، قال الطحاوي:
" فوجدنا الأصل المتفق عليه أن الرجل والمرأة إذا أخذا بأيديهما الماء معاً من إناء واحد؛ أن ذلك لا ينجس الماء.
ورأينا النجاسات كلها إذا وقعت في الماء قبل أن يتوضأ منه أو مع التوضي منه أن حكم ذلك سواء.
فلما كان ذلك كذلك وكان وضوء كل واحد من الرجل والمرأة مع صاحبه لا ينجس الماء عليه كان وضوؤه بعدها من سؤرها في النظر أيضاً كذلك." (1) .
وإما بتأول حديث النهي أنه لِما سال عنها. قال الخطابي:
" ووجه الجمع بين الحديثين –إن ثبت حديث الأقرع- أن النهي إنما وقع عن التطهير بفضل ما تستعمله المرأة من الماء، وهو ما سال وفضل عن أعضائها عند التطهر به، دون الفضل الذي تسئره في الإناء."(2) .
قال النووي في حديث الحكم:
" ليس هو مخالفاً للأحاديث الصحيحة بل يحمل على أن المراد ما سقط من أعضائها، ويؤيده أنا لا نعلم أحداً من العلماء منعها فضل الرجل فينبغي تأويله على ما ذكرته، إلا أن في رواية صحيحة لأبي داود والبيهقي " وليغترفا جميعاً"
(1) شرح معاني الآثار 1/26.
(2)
معالم السنن 1/80.