الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى الثائرين الأبطال من أبناء الجزائر والمغرب العربي *
اليوم حياة أو موت: بقاء أو فناء
ــ
حيّاكم الله أيها الثائرون الأبطال وبارك في جهادكم وأمدكم بنصره وتوفيقه وكتب ميتكم في الشهداء الأبرار وحيّكم في عباده الأحرار.
لقد أثبتم بثورتكم المقدسة هذه عدة حقائق:
الأولى: أنكم سفهتم دعوى فرنسا المفترية التي تزعم أن الجزائر راضية مطمئنة فأريتموها أن الرضى بالاستعمار كفر وأن الاطمئنان لحكمها ذل، وأن الثورة على ظلمها فرض. الثانية: أنكم شددتم عضد إخوانكم المجاهدين في تونس ومراكش، وقويتم آمالهم في النصر، وثبتم عزائمهم في النضال، وقد كان من حقهم الثابت أن ينتظروا هذه النجدة منكم فجئتم بها في وقتها وكفَّرْتُم عن التقصير بهذه المباغتة المفزعة لعدوّكم.
الثالثة: أنكم وصلتم بثورتكم هذه حلقات الجهاد ضد المعتدين الظالمين، الذي كان طبيعة ذاتية في الجزائري منذ كان، وكشفتم عن حقيقته الرائعة في إباء الضيم والموت في سبيل العزة وجلوتم عن نفسيته الجبارة ما علق بها في السنين الأخيرة من صدإ الفتور.
الرابعة: أنكم بيّضتم وجوهًا وأقررتم عيونًا، وسررتم نفوسًا، مملوءة بحبكم معجبة بصفاتكم القديمة في الجهاد، راثية لحالتكم الغابرة.
أيها المجاهدون الأحرار:
إن فرنسا لم تترك لكم دينًا ولا دنيا: فأوقافكم مصادرة لم يبق منها أثر ولا عين، ومساجدكم حولت إلى كنائس ومرافق عامة، وأرضكم الغنية مغصوبة، وأعراضكم
* من كتاب "الجزائر الثائرة" للأستاذ الفضيل الورتلاني.
مستباحة، وكرامتكم مهدورة، وقد أراقت فرنسا من دماء أبنائكم أنهرًا في الحروب الاستعمارية والإجرامية، ولا تزال حتى الآن تطمع في تسخير الملايين منكم لإذلال الأحرار من أمثالكم، كما فعلت في مدغشقر والهند الصينية، ولا تزال تساوم بكم وبخيرات أرضكم الدول الكبرى لمصالحها، كأنكم ضرب من البضاعة، ولقد عرفنا من خبث فرنسا ما يحملنا على الاعتقاد بأن ما تنويه من غدر وما تخفيه من حقد أعظم من أن يوصف فانتبهوا أشدّ الانتباه.
أيها الأحرار الجزائريون، أيها المكافحون في جميع أقطار المغرب العربي:
اعلموا أن الجهاد للخلاص من هذا الاستعباد قد أصبح اليوم واجبًا عامًا مقدّسًا، فرضه عليكم دينكم وفرضته قوميتكم، وفرضته رجولتكم، وفرضه ظلم الاستعمار الغاشم الذي شملكم، ثم فرضته أخيرًا مصلحة بقائكم لأنكم اليوم أمام أمرين: إما حياة أو موت، إما بقاء كريم أو فناء شريف.