الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسالة إلى الشيخ عمر بن حسن
حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عمر بن حسن، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة العربية السعودية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فإني أحمد لكم الله الذي لا إله إلا هو، وأرجو أن يوزعني وإياكم شكر نعمائه، وأن ييسّرنا للقيام بما افترض علينا من الجهاد بجميع أنواعه في سبيل ديننا الذي أحاطت به الخرافات والأوهام في الداخل، كما أحاط به الكفر والطواغيت في الخارج، أذكّركم بإخوانكم المجاهدين في الجزائر الذين أحيوا في الزمن الأخير فريضة عفا أثرها وانطمس رسمها في هذه العصور، فنصرهم الله على ضعفهم وقلة عددهم وعُدَدِهم وقوة عدوّهم، وتأييد الطواغيت له.
إن إخوانكم في الله وفي الإسلام والعروبة ما زالوا ثابتين كالجبال، ثبات رجال السلف، وانهم إنما يقاتلون قيامًا بواجب مفروض على جميع المسلمين، فبيّنوا بما آتاكم الله وبما تملكون من وسائل لكل من يبلغه صوتكم، ما أوجبه الله على المسلم من عون أخيه المسلم بكل ما يملك.
إن إخوانكم يقاتلون لأجلكم ولأجل دينكم، ولئن فشلوا- لا قدّر الله- أمام الكفر فَلَينتقِمَنَّ الاستعمار من المسلمين أجمعين، ولَيُذِلنّهم أجمعين، إن إخوانكم المجاهدين في الجزائر لا يحتاجون إلى الرجال، وإنما يفتقرون إلى المال الذي يشترون به السلاح ويطعمون به الشعب الجائع الذي سلط عليه الاستعمار الأمراض والمجاعات، وقد كان الشعب الجزائري من بداية الثورة إلى الآن هو عماد الثورة يمدّها بالمال والأقوات، كما يمدّها بالرجال، وقام في الميدان المالي بكل ما تتطلبه الثورة، وان الإعانات المالية التي كانت تأتيه من الخارج- وهي في مجموعها قليلة- إنما كانت نوافل، أما الآن وقد طال الأمد
وانصبَّت على الشعب بلايا القتل والتشريد من الديار، فقد تناقص ذلك الإمداد وأصبح الجيش المقاتل مُطالَبًا بالإنفاق على أكثر من مليون مشرّد.
إن من الحقائق الثابتة- أيها الأخ- أن القتل في الجزائر أتى على ما يقرب من مليون شخص، معظمهم من الشيوخ والصبيان والنساء، وأن اللاجئين إلى مراكش غربًا وتونس شرقًا يقرب تقديرهم من هذا العدد، وأن الجيش الفرنسي لما عجز عن قتال المجاهدين عمد إلى الفتك بالمصتضعفين من الرجال والنساء والأطفال، شفاءً لغيظه وانتقامًا لشرفه.
لهذا أرجو من فضيلتكم أن تقوموا لله قومة يرضى عنها، فتحثّوا الأغنياء الذين فاتتهم فريضة الجهاد بالنفس، أن يجاهدوا بأموالهم، فإن الجهاد بالمال قرين الجهاد بالنفس، ومقدم عليه في كلام الله، وأن القيام بواجب النصح هو مما تقتضيه وظيفة الأمر بالمعروف.
أيها الاخ، إننا ننتظر منكم موقفًا من مواقفكم المشهودة؛ تبيّنون فيه للشعب العربي السعودي أن كل ما قدّمه للجزائر قليل بالنسبة لعِظمِ الثورة وأعباء الجهاد وقيمة الشعب والحكومة التي ائتمنها الله على الإسلام ومناسكه، واختارها لحماية بيته والمحافظة على وفوده، ويقينًا إنكم واقفون في ذلك المواقف المحمودة.
أيها الاخ الكريم، هذه هي رسالتي يحملها إلى فضيلتكم وفد جبهة التحرير الجزائرية، إلى المملكة العربية السعودية، لمناسبة موسم الحج، وللاتصال بالحكومة السعودية الموقّرة في شؤون المجاهدين الجزائريين، التي أهمّها تسلّم المبالغ المالية التي تبرّع بها الشعب السعودي الكريم. فالرجاء أن تأخذوا بيد الوفد المذكور وأن تكونوا عونه لدى المراجع الحكومية العليا، حتى يقضي حاجته ويؤدي مهمته على أكمل وجه.
واقبلوا في الختام تحيات الأخوة الصادقة.
القاهرة في 13 يونيو 1958.
من أخيكم
محمد البشير الإبراهيمي
رئيس جمعية العلماء الجزائريين