الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
122 - بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ
800 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ:«هَذَا رِكْسٌ (رِجْسٌ)» .
[الحكم]:
صحيح (خ).
[اللغة]:
قال القاضي عياض: "وقوله في الروثة: «أنها رجس» أي قذور، وفي الحديث الآخر «ركس» وهما بمعنى، وكذلك رواه القابسي
(1)
في باب الاستنجاء بالجيم وغيره بالكاف" (مشارق الأنوار 1/ 283)، وكذا عزاه لرواية القابسي المهلب ابن أبي صفرة في (المختصر النصيح في تهذيب الجامع الصحيح 1/ 242).
وقال الحافظ ابن حجر: "قوله (هذا ركس) كذا وقع هنا بكسر الراء وإسكان الكاف فقيل هي لغة في رجس بالجيم ويدل عليه رواية ابن ماجه وابن خزيمة
(1)
أحد رواة البخاري، عن أبي زيد المروزي عن الفربري عن البخاري.
في هذا الحديث فإنها عندهما بالجيم، وقيل الركس: الرجيع رد من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة قاله الخطابي وغيره.
والأولى: أَنْ يقال رد من حالة الطعام إلى حالة الروث
…
وأغرب النسائي فقال عقب هذا الحديث: (الركس طعام الجن) وهذا إن ثبت في اللغة فهو مريح من الإشكال" (فتح الباري 1/ 258).
[التخريج]:
[خ 156 "واللفظ له" / ت 16 / ن 42 / كن 51 / جه 317 / حم 3685، 3966، 4056، 4435 / خز 74 / طي 285 / ش 1655، 37464 / مش 424 / عل 5127 "والرواية له"، 5336 / طب (10/ 74 - 75/ 9954 - 9956) / قط 148 / هق 531، 4199 / طح (1/ 122/ 744، 745) / بز 1611، 1646 / طوسي 16 / شا 921 / علت 11 / معيل (إمام 2/ 570) / هقخ 373 - 377 / علقط (5/ 19 - 21)، (5/ 27 - 39) / معكر 493].
[السند]:
قال (البخاري): حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال: ليس أبو عبيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، أنه سمع عبد الله يقول
…
فذكره.
وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق: حدثني عبد الرحمن.
ورواه أبو يعلى في (مسنده 5127) قال: حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا يحيى، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، به بلفظ:«هذه رجس» .
[تنبيهات]:
الأول:
وقع في المطبوع من (سنن ابن ماجه 314 ط دار إحياء الكتب العربية) تبعًا لإحدى نسخه: "رجس" بدل "ركس" وهما بمعنى، ولكن يظهر أنها مصحفة، فقد أثبتت في طبعة التأصيل (317) والرسالة (314) وغيرهما:"ركس"، كغالبية المصادر.
الثاني:
قد تُكلم في سند هذا الحديث؛ لأمرين:
الأمر الأول: أَنَّ أبا إسحاق السبيعي مدلس ولم يصرح بالسماع، وإنما قال:"ليس أبو عبيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الأسود".
قال علي ابن المديني: "وكان زهير وإسرائيل يقولان: عن أبي إسحاق أنه كان يقول: ليس أبو عبيدة حدثنا، ولكن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستنجاء بالأحجار الثلاثة، قال ابن الشاذكوني: ما سمعت بتدليس قط أعجب من هذا، ولا أخفى، قال: (أبو عبيدة لم يحدثني، ولكن عبد الرحمن، عن فلان، عن فلان)، ولم يقل: حدثني فجاز الحديث، وسار"(معرفة علوم الحديث للحاكم ص 109)، وعنه البيهقي في (الخلافيات 375).
ولهذا قال ابن حزم: "هذا الحديث قد قيل فيه: إِنَّ أبا إسحاق دلسه"(المحلى 1/ 100).
وقال البيهقي: "أخرجه البخاري
…
، وخالفه مسلم، ولم يخرجه في (الصحيح)؛ فقد قيل: إن أبا إسحاق لم يسمعه من عبد الرحمن، إنما دلس
عنه" (الخلافيات 2/ 91).
وأجاب عن ذلك بعض أهل العلم بعدة أجوبة، منها:
أَنَّ البخاري علقه عن إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق، وفيه التصريح بالتحديث.
قاله ابن دقيق العيد، وقال أيضًا:"ووجه آخر في رفع التدليس: ما ذكر الإسماعيلي في "صحيحه المستخرج على البخاري" - بعد رواية الحديث من جهة يحيى بن سعيد، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عبد الله -؛ أَنَّ يحيى بن سعيد لا يرضى أَنْ يأخذ عن زهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع لأبي إسحاق"(الإمام 2/ 570).
وقال الحافظ - معقبا على كلام الإسماعيلي -: "وَكَأَنَّهُ عرف هَذَا بالاستقراء من حَال يحيى، وَالله أعلم"(مقدمة الفتح ص 349).
وقال في موضع آخر: "وَكَأَنَّهُ عُرِفَ ذلك بالاستقراء من صنيع القطان أو بالتصريح من قوله فانزاحت عن هذه الطريق علة التدليس"(الفتح 1/ 258).
قلنا: ورواية يحيى القطان، أخرجها ابن ماجه (317): عن أبي بكر بن خلاد الباهلي عن يحيى بن سعيد القطان، عن زهير، به.
الأمر الثاني: الاختلاف الشديد على أبي إسحاق في إسناد هذا الحديث، كما قال الدارقطني في (العلل 686).
ولهذا أعله بعضهم بالاضطراب، وبعضهم رجح غير طريق زهير الذي احتج به البخاري:
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول في حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله:«أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بحجرين وألقى الروثة» .
فقال أبو زرعة: "اختلفوا في هذا الإسناد؛
فمنهم من يقول: عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله.
ومنهم من يقول: عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله.
ومنهم من يقول: عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله.
ومنهم من يقول: عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله.
والصحيح عندي: حديث أبي عبيدة، والله أعلم. وكذا يروي إسرائيل - يعني: عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة -، وإسرائيل أحفظهم" (العلل 90)
(1)
.
وقال الترمذي - بعد أَنْ ساق الحديث بسنده عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه به -: "وهكذا روى قيس بن الربيع هذا الحديث، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله نحو حديث إسرائيل.
وروى مَعْمَر، وعمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن
(1)
كذا في طبعتي (العلل)، أَنَّ القائل هو أبو زرعة وحده، ولكن ذكر الحافظ في (الفتح 1/ 348) أَنَّ ابن أبي حاتم حكى عن أبيه وأبي زرعة أنهما رجحا رواية إسرائيل. فالله أعلم.
عبد الله.
وروى زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه الأسود بن يزيد، عن عبد الله.
وروى زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله.
وهذا حديث فيه اضطراب.
سألت عبد الله بن عبد الرحمن: أي الروايات في هذا عن أبي إسحاق أصح؟ فلم يقض فيه بشيء.
وسألت محمدًا - يعني البخاري - عن هذا؟ فلم يقض فيه بشيء، وكأنه رأى حديث زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله، أشبه، ووضعه في كتاب الجامع.
وأصح شيء في هذا عندي حديث إسرائيل، وقيس، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله؛ لأن إسرائيل أثبت وأحفظ لحديث أبي إسحاق من هؤلاء، وتابعه على ذلك قيس بن الربيع.
وسمعت أبا موسى محمد بن المثنى، يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: ما فاتني الذي فاتني من حديث سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، إِلَّا لما اتكلت به على إسرائيل، لأنه كان يأتي به أتم.
وزهير في أبي إسحاق ليس بذاك لأن سماعه منه بأخرة، وسمعت أحمد بن الحسن، يقول: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: إذا سمعت الحديث عن زائدة، وزهير، فلا تبالي أَنْ لا تسمعه من غيرهما إِلَّا حديث أبي إسحاق" (الجامع عقب رقم 17).
وقال في (العلل): "رواية إسرائيل وقيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا هو عندي أشبه وأصح؛ لأن إسرائيل أثبت في أبي إسحاق من هؤلاء، وتابعه على ذلك قيس بن الربيع"(العلل الكبير 11).
قلنا: ولا مانع أَنَّ يكون الحديث محفوظًا على الوجهين، فأبو إسحاق أحد حفاظ الإسلام واسع الرواية.
لاسيما وقد رُوِي عن إسرائيل بمثل رواية زهير أيضًا، حكاه ابن المديني، كما تقدم نقله من (معرفة علوم الحديث للحاكم ص 109).
وقد تابع زهيرًا جماعة، منهم: يوسف بن أبي إسحاق، وقد تقدم.
وتابعهما أيضًا: زكريا بن أبي زائدة، وشريك النخعي؛
فأما رواية زكريا؛
فأخرجها الطبراني في (الكبير 9955) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس الأصبهاني، ثنا سهل بن عثمان، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، عن ابن مسعود، به.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات أثبات، سوى شيخ الطبراني عبد الله بن محمد بن العباس، وقد روى عنه جماعة من الحفاظ، وقال أبو نعيم الأصبهاني:"صاحب أصول". وهذا فيه إشارة إلى أنه يروي من كتب معتمدة، والله أعلم، وانظر:(إرشاد القاصي والداني 602).
ولذا قال ابن سيد الناس: "هذا إسناد صحيح"(النفح الشذي 1/ 209).
ولكن أخرجه الطبراني في (الكبير 9956) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو كريب، ثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد عن الأسود عن عبد الله، به.
وهذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات أثبات، إِلَّا أنه قال عن (عبد الرحمن بن يزيد) بدلا من (عبد الرحمن بن الأسود)، ولكن هذا لا يضر فكلاهما ثقة؛ وقد سمع أبو إسحاق منهما.
وفيه دلالة على صحة رواية زهير ومن تابعه في كون الحديث محفوظا (عن الأسود عن عبد الله بن مسعود). والله أعلم.
وأما رواية شريك؛
فأخرجها الطبراني في (الكبير 9954) قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا يحيى الحماني، ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله، به.
وهذه متابعة قوية؛ فشريك وإن تكلم فيه لسوء حفظه، إِلَّا أَنَّ روايته عن أبي إسحاق قوية، وهو من القدماء عن أبي إسحاق، قال أحمد بن حنبل:"سمع شريك من أبي إسحاق قديما، وشريك في أبي إسحاق أثبت من زهير وإسرائيل وزكريا". وقال عثمان بن سعيد الدارمي: "قلت ليحيى بن معين: شريك أحب إليك في أبي إسحاق أو إسرائيل؟ قال: شريك أحب إِلَيَّ وهو أقدم"(الجرح والتعديل 4/ 366 - 367)، (تهذيب الكمال 12/ 467 - 468).
وقال الترمذي: "شريك وإسرائيل هما من أثبت أصحاب أبي إسحاق بعد
شعبة والثوري" (العلل الكبير ص 155).
قلنا: ويحيى الحماني وإن كان فيه مقال لكونه يحدث بما لم يسمع، إِلَّا أنه كان من الحفاظ لحديث شريك، قال أبو حاتم الرازى:"لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة، وأبي نعيم في حديث الثوري، ويحيى الحماني في حديث شريك"(الجرح والتعديل 6/ 178). وقال نجيح بن إبراهيم: "سألت على بن حكيم فذكرت يحيى الحماني، فقال: "ما رأيت أحدًا أحفظ لحديث شريك منه" (تهذيب الكمال 31/ 433).
وثم متابعات أخرى لزهير، وكذا لأبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله. فقد أسنده الدارقطني في (العلل 686) من طريق ليث بن أبي سليم ومحمد بن خالد الضبي وغيرهما: عن عبد الرحمن بن الأسود، به.
وقد ذكر الدارقطني الحديث في (الإلزامات والتتبع) وذكر أوجه الخلاف فيه على أبي إسحاق، ثم قال:"أحسنها إسنادا: الأول الذي أخرجه البخاري، وفي النفس منه شيء لكثرة الاختلاف، عن أبي إسحاق، والله أعلم"(الإلزامات والتتبع 94). وذكر في (العلل) أيضًا أوجه الاختلاف فيه على أبي إسحاق، وأطال جدًّا، فانظر:(العلل 2/ 267 - 283 / س 686).
وقال العقيلي: "والحديث من حديث أبي إسحاق مضطرب، وأحفظ من [رواه]
(1)
زهير بن معاوية" (الضعفاء 2/ 214).
(1)
في طبعة دار المكتبة العلمية: "رِوَايَة"، والتصويب من طبعة التأصيل (2/ 276).
ولذا تعقب الترمذيَّ مغلطاي من عدة وجوه، فقال:"وفيما قاله نظر من وجوه"، ثم ذكر منها:"الأول: بترجيحه حديث إسرائيل على حديث زهير، وهو معارض بما حكاه الإسماعيلي عن القطان وما حكاه الآجري: وسألت أبا داود عن زهير وإسرائيل عن أبي إسحاق فقال: زهير فوق إسرائيل بكثير، وهذا يصلح أَنْ يكون بابا في الرد على الترمذي، لتقديمه إسرائيل على زهير في أبي إسحاق، وكان جماعة تابعوا زهيرًا فيما حكاه الدارقطني، وهم: أبو حماد الحنفي وأبو مريم وشريك وزكريا ابن أبي زائدة في رواية، وربما تقدم من متابعة يوسف له أيضًا من عند البخاري المصرح فيه بسماع أبي إسحاق من عبد الرحمن، وبأن زهيرًا لم يختلف عليه، وبأن إسرائيل تابع زهيرًا كما أسلفناه"، وذكر وجوها أخرى، ثم قال: "الثامنة: رواية إسرائيل المرجحة عنده مضطربة أيضًا بما ذكره عباد القطواني وخالد العبد عنه عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله، ورواه الحميدي عن ابن عُيَيْنَةَ عنه عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد، وإنما منعنا من استقصاء الخلاف على أبي إسحاق في هذا قول الدارقطني: اختلف عنه فيه اختلافًا شديدًا، والله تعالى أعلم.
والذي يظهر من ذلك أَنَّ أبا إسحاق سمعه من جماعة، ولكنه كان غالبا إنما يحدثهم به عن أبي عبيدة، فلما نشط قال: ليس أبو عبيدة الذي هو في ذهنكم أني حدثتكم عنه حدثني وحده، ولكن عبد الرحمن، يؤيد ذلك مجيئه عنه أيضًا عن غير المذكورين أو يكون من باب السلب والإيجاب نفي حديث أبي عبيدة، وأثبت حديث عبد الرحمن وهذا أشد على الترمذي لكونه نفي لحديث أثبته هو، ولعل البخاري لم ير ذلك متعارضا وجعلهما إسنادين، وأسانيدهما قدمناها" (شرح ابن ماجه 1/ 163 - 167).
وقال الحافظ ابن حجر: "والذي يظهر بعد ذلك تقديم رواية زهير لأن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق قد تابع زهيرًا وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير من رواية يحيى بن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق كرواية زهير.
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه من طريق ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود كرواية زهير عن أبي إسحاق وليث وإن كان ضعيف الحفظ فإنه يعتبر به ويستشهد فيعرف أَنَّ له من رواية عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أصلا. ثم إن ظاهر سياق زهير يشعر بأن أبا إسحاق كان يرويه أولا عن أبي عبيدة عن أبيه ثم رجع عن ذلك وصيره عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه. فهذا صريح في أَنَّ أبا إسحاق كان مستحضرًا للسندين جميعًا عند إرادة التحديث ثم اختار طريق عبد الرحمن وأضرب عن طريق أبي عبيدة فإما أَنْ يكون تذكر أنه لم يسمعه من أبي عبيدة أو كان سمعه منه وحَدَّثَ به عنه ثم عرف أَنَّ أبا عبيدة لم يسمع من أبيه فيكون الإسناد منقطعًا فأعلمهم أَنَّ عنده فيه إسنادًا متصلًا أو كان حَدَّثَ به عن أبي عبيدة مدلسًا له ولم يكن سمعه منه. فإن قيل: إذا كان أبو إسحاق مدلسًا عندكم فلم تحكمون لطريق عبد الرحمن بن الأسود بالاتصال مع إمكان أَنْ يكون دلسه عنه أيضًا وقد صرح بذلك أبو أيوب سليمان بن داود الشاذكوني فيما حكاه الحاكم في علوم الحديث عنه ....
فالجواب: أَنَّ هذا هو السبب الحامل لسياق البخاري للطريق الثانية عن إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق التي قال فيها أبو إسحاق حدثني عبد الرحمن فانتفت ريبة التدليس عن أبي إسحاق في هذا الحديث
وبين حفيده عنه أنه صرح عن عبد الرحمن بالتحديث ويتأيد ذلك بأن الإسماعيلي لما أخرج هذا الحديث في مستخرجه على الصحيح من طريق يحيى بن سعيد القطان عن زهير استدل بذلك على أَنَّ هذا مما لم يدلس فيه أبو إسحاق قال لأن يحيى بن سعيد لا يرضى أَنْ يأخذ عن زهير ما ليس بسماع لشيخه وكأنه عرف هذا بالاستقراء من حال يحيى والله أعلم وإذا تقرر ذلك لم يبق لدعوى التعليل عليه مجال لأن روايتي إسرائيل وزهير لا تعارض بينهما إِلَّا أَنَّ رواية زهير أرجح لأنها اقتضت الاضطراب عن رواية إسرائيل ولم تقتض ذلك رواية إسرائيل فترجحت رواية زهير.
وأما متابعة قيس بن الربيع لرواية إسرائيل فإن شريكًا القاضي تابع زهيرا، وشريك أوثق من قيس. على أَنَّ الذي حررناه لا يرد شيئًا من الطريقين إِلَّا أنه يوضح قوة طريق زهير واتصالها وتمكنها من الصحة وبعد إعلالها وبه يظهر نفوذ رأي البخاري وثقوب ذهنه والله أعلم" (مقدمة الفتح ص 349).
وقال في (الشرح): "وقد أعله قوم بالاضطراب وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي إسحاق في كتاب (العلل) واستوفيته في مقدمة الشرح الكبير لكن رواية زهير هذه ترجحت عند البخاري بمتابعة يوسف حفيد أبي إسحاق وتابعهما شريك القاضي وزكريا بن أبي زائدة وغيرهما، وتابع أبا إسحاق على روايته عن عبد الرحمن المذكور ليث بن أبي سليم وحديثه يستشهد به أخرجه بن أبي شيبة.
ومما يرجحها أيضًا استحضار أبي إسحاق لطريق أبي عبيدة وعدوله عنها بخلاف رواية إسرائيل عنه عن أبي عبيدة فإنه لم يتعرض فيها لرواية عبد الرحمن كما أخرجه الترمذي وغيره فلما اختار في رواية زهير طريق عبد الرحمن على طريق أبو عبيدة دل على أنه عارف بالطريقين وأن رواية
عبد الرحمن عنده أرجح، والله أعلم" (فتح الباري 1/ 258).
الثالث:
رواه أبو داود الطيالسي في (مسنده 285) عن زهير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، به. كذا بدون ذكر (أبيه)، وهذا وهمٌ من أبي داود الطيالسي، لعله حَدَّثَ به من حفظه فوهمَ، فقد رواه أحمد (4056) عنه على الصواب.
وقد نبه على ذلك يونس بن حبيب (راوي مسند الطيالسي) فقَالَ - عقبه -: "أَظُنُّ غَيْرَ أَبِي دَاوُدَ يَقُولُ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ".
* * *
رِوَايَةُ: ائْتِنِي (بِغَيْرِهَا)
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، فَأَمَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ، فَجَاءَهُ بِحَجَرَيْنِ وَبِرَوْثَةٍ، فَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ:«إِنَّهَا رِكْسٌ (رِجْسٌ)، ائْتِنِي بِحَجَرٍ (بِغَيْرِهَا)» .
[الحكم]:
ضعيف بهذ السياق، وضعفه أبو الحسن ابن القصار المالكي، ومغلطاي، وابن الملقن.
[التخريج]:
[حم 4299 "واللفظ له" / ك (خيرة 454/ 3) / عب (كبير 21/ 394)، (كنز 27214)
(1)
/ طب (10/ 61/9951) / منذ 311 "والرواية الأولى له" / قط (148/ 1، 2 "والرواية الثانية له") / علقط (2/ 274، 275) / هق 508 / هقخ 378]
[السند]:
قال (أحمد): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعود، به.
ومداره عند الجميع - عدا الدارقطني في (السنن 148/ 2) و (العلل 2/ 275) - على عَبْد الرَّزَّاقِ عن مَعْمَر عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الانقطاع؛ فلم يسمع أبو إسحاق السبيعي من علقمة شيئًا؛ كما أقر
(1)
وهذا الحديث من الجزء الساقط من كتاب (المصنف) لعبد الرزاق.
هو على نفسه بذلك، ففي (العلل لأحمد رواية عبد الله 3/ 365) قال شعبة:"قال رجل لأبي إسحاق إن شعبة يزعم أنك رأيت علقمة ولم تسمع منه؟ قال: صدق".
ولذا قال أبو حاتم وأبو زرعة وابن معين والنسائي والبرديجي وغيرهم: "أبو إسحاق لم يسمع مِنْ عَلْقَمَةَ شَيْئًا". انظر: (المراسيل لابن أبي حاتم 1/ 145)، (تاريخ الدوري 2106)، (القراءة خلف الإمام للبيهقي ص 212)، (تحفة الأشراف 7/ 13)، (جامع التحصيل 576).
وبهذه العلة ضعفه مغلطاي، فقال:"وروى الدارقطني في سننه هذا الحديث من جهة أبي إسحاق عن علقمة، وفي آخره: "ائتني بحجر"، وفي لفظ: "ائتني بغيرها"، وهو منقطع فيما بين أبي إسحاق وعلقمة"(شرح ابن ماجه 1/ 167).
وقال ابن الملقن: "وهاتان الروايتان من طريق أبي إسحاق، عن علقمة، وقد سكت عنها الدارقطني والبيهقي في هذا الباب، وهي منقطعة فيما بين أبي إسحاق وعلقمة"(البدر المنير 2/ 363).
وهذا التعليق نسبه ابن الملقن في (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 4/ 169) للدارقطني، حيث قال:"جاء في "سنن الدارقطني": لما ألقى الروثة قَالَ: "ائتني بحجر" يعني ثالثًا. وفي رواية: "ائتني بغيره"، لكن رواهما من حديث أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله به، ثمَّ قَالَ: وهو منقطع فيما بين أبي إسحاق وعلقمة
(1)
"اهـ.
العلة الثانية: رواية مَعْمَر عن الكوفيين فيها مقال، وأبو إسحاق السبيعى
(1)
وهذا التعليق لا وجود له في كل نسخ سنن الدارقطني التي بين أيدينا، فالله أعلم.
كوفي.
قال يحيى بن معين: "إذا حدثك مَعْمَر عن العراقيين فخفه؛ إِلَّا عن الزُّهْرِيِّ، وابن طاووس؛ فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا"(التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة - السفر الثالث 1/ 325، 2/ 256).
وقد خالف أصحاب أبي إسحاق، كزهير وإسرائيل وغيرهما على خلاف بينهما في سنده، فلم يذكرو الزيادة المذكورة.
فهي - فضلًا عن الانقطاع وضعف رواية مَعْمَر عن الكوفيين -، شاذة، لا تصح في الحديث.
وبهذا يتعقب على الدارقطني في قوله: "هذه زيادة حسنة زادها مَعْمَر، وافقه عليها أبو شيبة إبراهيم بن عثمان"(العلل 2/ 274).
ولهذا قال أبو الحسن بن القصار المالكي: "رُوِي أنه أتاه بثالث لكن لا يصح"(فتح الباري 1/ 257)، وانظر:(حاشية السيوطي على سنن النسائي 1/ 40).
قلنا: وأما متابعة أبي شيبة إبراهيم بن عثمان التي أشار إليها الدارقطني، فقد أخرجها الدارقطني في (السنن 148/ 2) و (العلل 2/ 275) من طريق بهلول بن حسان التنوخي، عن أبي شيبة، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله، قَالَ: خَرَجْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَأَتَيْتُهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، قَالَ: فَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ: «إِنَّهَا رِكْسٌ فَأْتِنِي بِغَيْرِهَا» .
ولكن هذه متابعة واهية لا تساوي فلسًا، فإن أبا شيبة هذا: "متروك
الحديث" (التقريب 215).
أما قول الحافظ: "قوله (وألقى الروثة) استدل به الطحاوي على عدم اشتراط الثلاثة، قال: لأنه لو كان مشترطا لطلب ثالثا كذا قال، وغفل رحمه الله عما أخرجه أحمد في مسنده من طريق مَعْمَر عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود في هذا الحديث فإن فيه:«فألقى الروثة وقال: إنها ركس ائتني بحجر» ورجاله ثقات أثبات، وقد تابع عليه مَعْمَرًا أبو شيبة الواسطي وهو ضعيف، أخرجه الدارقطني، وتابعهما عمار بن رزيق أحد الثقات عن أبي إسحاق.
وقد قيل: إن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة لكن أثبت سماعه لهذا الحديث منه الكرابيسي، وعلى تقدير أَنْ يكون أرسله عنه فالمرسل حجة عند المخالفين وعندنا أيضًا إذا اعتضد" (فتح الباري 1/ 257). وقال في (التلخيص):"روى أحمد فيه: هذه الزيادة، بإسناد رجاله ثقات"(التلخيص الحبير 1/ 195). وبنحوه في (انتقاض الاعتراض 1/ 174 - 175).
ففيه نظر، من وجوه:
الأول: أَنَّ كون السند رجاله ثقات أثبات، لا يعارض القول بالانقطاع، أو بضعف رواية راوٍ معين في راوٍ بعينه.
الثاني: ما حكاه عن الكرابيسي أنه أثبت له السماع، فهو يعني قوله في كتاب "المدلسين":"أبو إسحاق يقول في هذا الحديث مرة: حدثني عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله. ومرة: حدثني علقمة، عن عبد الله. ومرة: حَدَّثَنِي أبو عبيدة، عن عبد الله. ومرة يقول: ليس أبو عبيدة حدثنيه، حدثني عبد الرحمن، عن عبد الله"، كذا نقله ابن الملقن في
(التوضيح لشرح الجامع الصحيح 4/ 167).
فهذا كما هو ظاهر، جعل كل روايات أبي إسحاق في هذا الحديث بصيغة التحديث، وهذا يدل على عدم دقة في حكاية طرق الحديث، فلا يعتبر، كيف وقد أقر أبو إسحاق على نفسه بعدم سماعه من علقمة، وجزم بذلك أئمة الحديث وجهابذته، أما الكرابيسي هذا فليس من أئمة الحديث في شيء، بل هو عندهم مذموم متهم، كما هو مشهور في ترجمته، وكتابه هذا ذمّه الإمام أحمد وغير واحد من العلماء ذمًّا شديدًا، انظر:(شرح علل الترمذي 2/ 892).
فالعجب من الحافظ رحمه الله كيف يحتج بمثل هذا الكلام. وأعجب منه قوله: "وعلى تقدير أَنْ يكون أرسله عنه فالمرسل حجة عند المخالفين وعندنا أيضًا إذا اعتضد".
فأين العاضد الذي قوى هذا المرسل، بل الشواهد دالة على شذوذ هذه الزيادة من غير وجه.
ولهذا أعله هو في (الدراية) بالانقطاع، فقال:"وتعقب بأنه من رواية أبي إسحاق عن علقمة ولم يسمع منه"(الدراية 1/ 96).
الثالث: قوله: (وتابعهما عمار بن رزيق أحد الثقات عن أبي إسحاق)، إنما تابعهما على سنده، أما متنه فموافق لرواية زهير وغيره عن أبي إسحاق.
كذا أخرجه الدارقطني في (العلل 2/ 273) بسند صحيح عن عمار بن زريق، به.
* * *
رِوَايَةُ: ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً:
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَامَ يَقْضِي مَا يَقْضِي الرَّجُلُ مِنَ الْحَاجَةِ، فَقَالَ:«ائْتِنِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» . فَأَتَيْتُهُ بِحَجَرَيْنِ، وَرَوْثَةٍ، فَأَخَذَ الرَّوْثَةَ فَأَلْقَاهَا، وَقَالَ:«هَذِهِ رِكْسٌ» ، وَاسْتَنْجَى بِالْحَجَرَيْنِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً.
•وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ائْتِنِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» ، فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً، فَأَتَيْتُهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، فَقَالَ:«أَلْقِ الرَّوْثَةَ؛ فَإِنَّهَا رِكْسٌ» .
[الحكم]:
شاذٌّ بهذا السياق.
[التخريج]:
[طب (10/ 75/ 9957) "والرواية له" / طس 5637 / عق (2/ 276) "وال لفظ له" / حربي (مهتدي ق 240/ ب)]
[السند]:
أخرجه العقيلي في (الضعفاء) قال: حدثناه علي بن الحسين بن الجنيد الرازي قال: حدثنا سهل بن زنجلة قال: حدثنا الصباح بن محارب، عن أبي سنان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن عبد الله، به.
ورواه علي بن عمر الحربي - كما في "جزء من حديثه رواية ابن المهتدي" -: من طريق محمد بن حميد الرازي عن الصباح بن محارب، به بمثل لفظ العقيلي.
ورواه الطبراني في كتابيه: عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن سهل بن
زنجلة، به بنحوه، إِلَّا أنه لم يقل:«وَاسْتَنْجَى بِالْحَجَرَيْنِ» .
قال الطبراني - عقبه -: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم إِلَّا أبو سنان، تفرد به الصباح بن محارب"(الأوسط).
[التحقيق]:
هذا إسناد جل رواته مختلف فيهم:
فهبيرة بن يريم، تكلم فيه أكثر النقاد، وأثنى عليه أحمد وغيره، ولذا قال الذهبي:"وثق وقال النسائي ليس بالقوي"(الكاشف 5941)، وقال الحافظ:"لا بأس به وقد عيب بالتشيع"(التقريب 7268).
وأبو سنان: هو سعيد بن سنان البُرجمي الشيباني؛ وثقه جماعة، وتكلم فيه بعضهم لغرائب يتفرد بها، ولهذا قال الحافظ:"صدوق له أوهام"(التقريب 2332).
والصبَّاح بن محارب، قال عنه أبو زرعة وأبو حاتم:"صدوق"، ووثقه العجلي وابن حبان، (تهذيب التهذيب 4/ 408). وقال الدارقطني:"يعتبر به"(سؤالات البرقاني 229). وقال الحافظ: "صدوق، ربما خالف"(التقريب 2897).
وذكره العقيلي في (الضعفاء 753)، وقال:"يخالف في حديثه"، ثم ذكر له هذا الحديث، ثم ذكر عقبه أوجه الخلاف على أبي إسحاق في إسناد هذا الحديث، ثم قال: "وَالْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ مُضْطَرِبٌ، وَأَحْفَظُ مَنْ [رواه]
(1)
زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ" (الضعفاء 2/ 276).
(1)
في طبعة دار المكتبة العلمية: "رِوَايَة"، والتصويب من طبعة التأصيل (2/ 276).
قلنا: وقد رواه البخاري وغيره من طريق زهير عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله به دون قوله: «وَاسْتَنْجَى بِالْحَجَرَيْنِ، ثم توضأ ولم يمس ماء» .
وكذا رواه جماعة عن أبي إسحاق، وإن اختلفوا فيما بينهم في سنده، إِلَّا أنه ليس في رواية أحد منهم، التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم اقتصر على الحجرين، كما أنه لا يثبت أيضًا أنه أمر بثالث، كما تقدم بيانه آنفًا.
وعليه: فالحديث بالسياق المذكور شاذ، والله أعلم.
* * *
رِوَايَةُ: وَرَوْثَةَ حِمَارٍ:
•وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَبَرَّزَ فَقَالَ: «ائْتِنِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» فَوَجَدْتُ لَهُ حَجَرَيْنِ وَرَوْثَةَ حِمَارٍ، فَأَمْسَكَ الْحَجَرَيْنِ وَطَرَحَ الرَّوْثَةَ، وَقَالَ:«هِيَ رِجْسٌ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، دون قوله:(رَوْثَة حِمَارٍ) فمنكر.
[فائدة]:
قال ابن خزيمة: "فيه بيان على أَنَّ أرواث الحمر نجسة، وإذا كانت أرواث الحمر نجسة بحكم النبي عليه السلام كان حكم جميع أرواث ما لا يؤكل لحومها من ذوات الأربع مثل أرواث الحمر"(شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 167)
(1)
.
[التخريج]:
[خز 74 "واللفظ له" / طب (10/ 76/ 9960) / معكر 493]
[السند]:
قال ابن خزيمة في (صحيحه): ثنا عبد الله بن سعيد الأشج، حدثنا زياد بن الحسن بن فرات، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن عبد الله، به.
ورواه الطبراني وابن عساكر من طريق عَبْد اللَّهِ بْن سَعِيدٍ الأشج، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه زياد بن الحسن بن فرات، قال أبو حاتم: "منكر
(1)
ولم نقف على هذا التعليق في النسخ المطبوعة من صحيح ابن خزيمة كلها.
الحديث" (الجرح والتعديل 3/ 530)، وقال الدارقطني: "لا بأس به، ولا يحتج به" (سؤالات البرقاني 163)، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 248)، وقال الحافظ: "صدوق يخطئ" (التقريب 2067).
وأبوه الحسن بن الفرات، وثقه ابن معين وابن حبان وغيرهما، وقال أبو حاتم:"منكر الحديث"، (تهذيب التهذيب 2/ 316). وقال الحافظ:"صدوق يهم"(التقريب 1277).
والحديث محفوظ من طريق أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله، وليس عن علقمة عن عبد الله.
ولم يرد في أي طريق مما تقدم تقييد الروثة بأنها (رَوْثَة حِمَارٍ)، وعليه فهي زيادة منكر لا تصح.
وبهذا يتعقب على ابن خزيمة حيث أخرجها في صحيحه، واحتج بها، كما تقدم في الفوائد، ومثله العيني في (نخب الأفكار 2/ 506).
وأما قول ابن عساكر - عقبه -: "هذا حديث صحيح". فيظهر أنه يعني أصل الحديث، كعادته في كتابه، بغض النظر عن بعض ألفاظه. والله أعلم.
[تنبيه]:
لهذا الحديث روايات وسياقات أخر سيأتي تخريجها وتحقيقها في باب: "ما لا يستنجى به".
* * *
801 -
حَدِيثُ سَلْمَانَ:
◼ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قِيلَ لَهُ (قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ)[وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ]: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: فَقَالَ: «أَجَلْ؛ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ» .
[الحكم]:
صحيح (م)، دون الزيادة والرواية فلغيره، وهما صحيحتان.
[الفوائد]:
قال الترمذي: "وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم: رأوا أَنَّ الاستنجاء بالحجارة يجزئ، وإن لم يستنج بالماء، إذا أنقى أثر الغائط والبول، وبه يقول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق"(سنن الترمذي 1/ 24).
[التخريج]:
[م 262 "واللفظ له" / د 7 / ت 15 / ن 41، 49 / كن 45، 49، 50 / جه 319 "والرواية والزيادة له ولغيره" / .......... ]
سبق تخريجه برواياته وشواهده في باب: "النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
* * *
802 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ؛ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ (الْخَلَاءَ)، فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَأَمَرَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِثلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَنَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ، وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ» .
[الحكم]:
إسناده حسن، وقال الشافعي:"ثابت"، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن عبد البر، والبغوي، وأبو موسى المديني، وقاضي المارِسْتان، وابن الأثير، والنووي، وابن الملقن، والعيني، والسيوطي، وأحمد شاكر، وحسن إسناده علي القاري، والألباني.
[التخريج]:
[د 8 / ن 40 / كن 44 / جه 316 / حم 7368، 7409 "والرواية له" / حمد 1018 "واللفظ له" / ........... ].
سبق تخريجه برواياته وشواهده في باب: "النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
* * *
803 -
حَدِيثُ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ:
◼ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ: قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الِاسْتِطَابَةِ؟ فَقَالَ: «بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ» .
[الحكم]:
صحيح المتن بشواهده، وإسناد ضعيف.
[الفوائد]:
قال ابن عبد البر: "وأما الاستطابة: فهي إزالة الأذى عن المخرج بالحجارة أو بالماء. يقال فيه: استطاب الرجل، وأطاب: إذا استنجى. ويقال: رجل مطيب، إذا فعل ذلك.
والاستطابة والاستنجاء والاستجمار أسماء لمعنى واحد" (الاستذكار 2/ 158 - 159).
[التخريج]:
[د 41 "واللفظ له" / جه 318 / حم 21861، 21856، 21872، 21879 / مي 689/ ش 1650، 1664، 37462 / مش 15 / حمد 436، 437 / عل (تعليقة ص 182) / طب (4/ 86 - 87/ 3723، 3724 - 3727) / شف 34 / أم 62 / مقرئ (الأربعون 15) / هق 506، 507 / هقع 858 / هقخ 360، 362، 363، 365، 366 / طح (1/ 121) / علت 9 / بغ 179 / تمهيد (22/ 308) / مديني (لطائف 848) / متفق 896 / أسد (2/ 171) / كما (1/ 906) / كجي (إمام 2/ 550 - 551)]
[السند]:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 1650، 1664، 37462)، و (المسند
15): عن عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَان.
وابن أبي شيبة (1664)، وأحمد (21872) وغيرهما: عن ابْنِ نُمَيْرٍ.
وأحمد (21856) عن مُحَمَّد بْن بِشْرٍ.
وأحمد (21861)، والحميدي في (مسنده 437): عن وَكِيع.
وأبو داود (41) عن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيّ، عن أَبي مُعَاوِيَةَ.
والدارمي (689) من طريق عَلِيّ بْن مُسْهِرٍ.
والطحاوي في (شرح معاني الآثار 740) من طريق عبد الرحمن بن سليمان.
كلهم: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، به.
ورواه أحمد (21879) عن يحيى بن سعيد القطان، عن هشام بن عروة. إِلَّا أنه قال: (أخبرني رجل، عن عمارة بن خزيمة
…
). ولم يسمه.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة عمرو بن خزيمة أبي خزيمة المزني؛ ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 6/ 327)، وابن أبي حاتم في (الجرح والعديل 6/ 229)، برواية هِشَام بْن عُرْوَة وحده عنه، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 220) على قاعدته في توثيق المجاهيل.
ولذا قال الذهبي: "لم يرو عنه سوى هشام بن عروة، لكنه قد وثق، والحديث مضطرب الإسناد"، وذكر هذا الحديث (ميزان الاعتدال 3/
258).
قال الألباني: "يشير إلى أَنَّ ابن حبان وثقه، وأن توثيقه هنا غير معتمد لأنه يوثق من لا يعرف، وهذا اصطلاح منه لطيف عرفته منه في هذا الكتاب، فلا ينبغي أَنْ يفهم على أنه ثقة عنده كما يتوهم بعض الناشئين في هذا العلم"(الصحيحة 6/ 733).
وقال الذهبي أيضًا: "تابعي، لا يعرف"(ديوان الضعفاء 3174).
وقال ابن حجر: "مقبول"(التقريب 5023). يعني إذا توبع وإلا فلين.
ومع هذا قال النووي: "حديث خزيمة بن ثابت إسناده جيد"! (الإيجاز ص 169)، وصحح إسناده مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 168)، معتمدًا على توثيق ابن حبان لعمرو بن خزيمة، وقد تقدم مرارًا أَنَّ مجرد ذكر ابن حبان للراوي في (ثقاته)، لا يعتبر، لما عرف عنه من توثيق المجاهيل، ممن يصرح هو في بعضهم بأنه لا يعرفهم. وهذا ما عليه المحققون من أهل العلم، كما نص عليه ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي ص 103 - 104)، والحافظ ابن حجر في (مقدمة لسان الميزان 1/ 208 وما بعدها)، وانظر:(التنكيل للمعلمي اليماني 1/ 66 - 67)، و (1/ 437 - 438).
* وهذا الوجه المتقدم عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، هو المحفوظ عنه في هذا الحديث، وقد رواه بعضهم عن هشام فأخطأ في سنده:
فرواه أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن سعد، عن عمرو بن خزيمة، به. كذا بزيادة (عبد الرحمن بن سعد) بين هشام وعمرو بن خزيمة.
أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 3723) قال: حدثنا الحسين بن
إسحاق، ثنا عثمان بن أبي شيبة، (ح) وحدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، ثنا أبي، قالا: ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن سعد، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة بن ثابت، به.
ورواه ابن عُيَيْنَةَ، عن هشام عن أبي وجزة عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه، به.
أخرجه الحميدي (المسند 436)، والشافعي في (الأم 62) - ومن طريقه البيهقي في (المعرفة) و (الخلافيات)، والبغوي في (شرح السنة) -، كلاهما عن ابن عُيَيْنَةَ، به.
ولا شك أَنَّ رواية الجماعة أولى بالصواب؛ لاسيما وقد رواه أبو معاوية موافقًا للجماعة، كما عند أبي داود (41)، وكذا رواه ابن عُيَيْنَةَ أيضًا كما عند ابن ماجه (318).
وفي رواية الجماعة تصريح هشام بالسماع من عمرو بن خزيمة.
ولذا قال علي بن المديني: "الصواب رواية الجماعة، عن هشام، عن عمرو بن خزيمة"(السنن الكبرى للبيهقي 506).
وقال ابن المديني أيضًا: "إنما هو أبو خزيمة، واسمه عمرو بن خزيمة، ولكن كذا قال سفيان"، قال علي:"الصواب عندي عمرو بن خزيمة"(معرفة السنن والآثار 1/ 346).
وقال ابن المديني أيضًا: "ولا أرى سفيان حفظ هذا لأنه قد خالفه غير واحد، وإنما أراد عندي: هشام بن عروة عن أبي وجزة عن رجل من مزينة عن عمر بن أبي سلمة قال: «كنت آكل مع النبي صلي الله عليه وسلم» " (الخلافيات للبيهقي
2/ 82).
وقال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: الصحيح ما روى عبدة ووكيع، وحديث مالك عن هشام بن عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح أيضًا، وأبو معاوية أخطأ في هذا الحديث إذ زاد عن عبد الرحمن بن سعد"(العلل الكبير 9).
وقال ابن أبي حاتم: وسئل أبو زرعة عن اختلاف الرواة في خبر هشام بن عروة في الاستنجاء؛ ورواه وكيع، وعبدة، عن هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه خزيمة، ....
ومنهم من يقول: عن هشام بن عروة، عمن حدثه، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم .. فقال أبو زرعة:"الحديث حديث وكيع وعبدة"(علل الحديث 139).
وقال البيهقي - عقب رواية ابن عُيَيْنَةَ -: "هكذا قال سفيان: أبو وجزة وأخطأ فيه، إنما هو ابن خزيمة، واسمه: عمرو بن خزيمة، كذلك رواه الجماعة عن هشام بن عروة، وكيع، وابن نمير، وأبو أسامة، وأبو معاوية، وعبدة بن سليمان، ومحمد بن بشر العبدي"(معرفة السنن والآثار 1/ 346).
وخالفهم الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي فرجح صحة الوجهين، حيث قال:"رواية أبي معاوية زاد فيها بين هشام وبين عمرو بن خزيمة: (عبد الرحمن بن سعد)، وأظن هشاما سمعه من عبد الرحمن، عن عمرو، ثم سمعه من عمرو، بدليل رواية عبد الله بن نمير، عن هشام، قال: حدثني عمرو بن خزيمة، والله أعلم"(تعليقة على علل ابن أبي حاتم لابن عبد الهادي ص 183).
قلنا: وهذا الكلام وإن كان له وجه إِلَّا أنه مردود، فأبو معاوية لا يقوى على مخالفة الجماعة، لاسيما وهو في غير حديث الأعمش ليس بثبت، وقد اضطرب فيه، فرواه مرة موافقًا للجماعة، ورواه مرة فزاد فيه (عبد الرحمن بن سعد)، ولذا خطأه البخاري وغيره، كما تقدم. والله أعلم.
* * *
رِوَايَةُ: كُنَّ لَهُ طَهُورًا:
• وَفِي رِوَايَةٍ قال: «مَنِ اسْتَطَابَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهِنَّ رَجِيعٌ كُنَّ لَهُ طَهُورًا» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وضعفه مغلطاي، والألباني.
[التخريج]:
[طب (4/ 86/ 3729)]
[السند]:
قال الطبراني في (الكبير): حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي، ثنا هشام بن عمار، ثنا إسماعيل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه خزيمة بن ثابت، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه إسماعيل بن عياش؛ وهو "صدوق في روايته عن أهل بلده - من الشاميين -، مخلط في غيرهم" كما في (التقريب 473).
وهشام بن عروة مدني.
وقد أخطأ على هشام في سنده ومتنه؛ حيث رواه عن هشام عن أبيه عن عمارة، به. وزاد فيه:(كُنَّ لَهُ طَهُورًا).
وخالفه الثقات الأثبات (كعبدة، ومحمد بن بشر، وابن نمير، ووكيع، وعلي بن مسهر، وغيرهم) فرووه عن هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة عن عمارة، به. دون هذه الزيادة، كما تقدم.
ولذا قال مغلطاي: "ورواه إسماعيل بن عياش عن هشام عن أبيه عن عمارة، وهشام من أهل الحجاز؛ فرواية إسماعيل عنه غير معتبرة، والصواب الأول؛ قاله علي ابن المديني، والبخاري، وأبو زرعة الرازي"(شرح سنن ابن ماجه 1/ 168).
وضعفه الألباني في (الضعيفة 4544).
ومع ذلك رمز السيوطي له بالحسن في (الجامع الصغير 2/ 310)!، وتبعه المناوي فقال:"إسناده حسن"! (التيسير 2/ 395).
* * *
804 -
حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ عَنْ أَبِيهِ:
◼ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ فِي الِاسْتِطَابَةِ:«ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ عِنْدَ الْخَلَاءِ لَيْسَ مِنْهُنَّ رَجِيعٌ» . وَالرَّجِيعُ الَّذِي يَنْتُنُ.
• وَفِي رِوَايَةٍ: «ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِي شئٍ مِنْها رَجِيعٌ يَستطيبُ بها» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده معلول.
[التخريج]:
[عب (كبير 4/ 536) "والرواية له" / تمهيد (22/ 309) "معلقا، واللفظ له"]
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" - كما في (جمع الجوامع) للسيوطي -: عن رجل من مزينة عن أبيه، به.
ولم نقف على سنده، فالحديث من الجزء الساقط من أول مصنف عبد الرزاق.
ولكن علقه ابن عبد البر في (التمهيد) فقال: رواه معمر، عن هشام بن عروة، عن رجل من مزينة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الاستطابة:
…
فذكره.
فيظهر لنا - والله أعلم - أن عبد الرزاق يرويه عن معمر عن هشام بن عروة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أن معمر بن راشد متكلم في
روايته عن هشام بن عروة، قال ابن معين:"حديث معمر عن ثابت، وعاصم بن أبي النجود، وهشام بن عروة، وهذا الضرب، مضطرب كثير الأوهام"(التعديل والتجريح لأبي الوليد الباجي 2/ 742)، (تاريخ دمشق 59/ 414)، وقال الحافظ في ترجمة معمر من التقريب:"ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وعاصم بن أبي النجود وهشام ابن عروة شيئا، وكذا فيما حدث به بالبصرة"(التقريب 6809).
والمحفوظ عن هشام بن عروة في هذا الحديث، ما رواه الجماعة عنه، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري، عن أبيه، به.
ورجحه علي ابن المديني والبخاري وأبو زرعة وغيرهم من الحفاظ، كما تقدم في الحديث السابق.
* * *
805 -
حَدِيثُ عُرْوَةَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الِاسْتِطَابَةِ (الِاسْتِنْجَاءِ) 1؟ ، فَقَالَ:«أَوَلَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ [إذا أتى الغائط] 1 ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ [لَيْسَ فِيهِنَّ رَجِيعٌ (نقيات غير رجعيات) 2] 2» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[طا 63 "واللفظ له" / حم 21879 "والرواية الأولى له" / عب (كبير 3/ 348، كنز 26429) "والزيادة الأولى له"، (كبير 3/ 348، كنز 26430) "والرواية الثانية له" / حمد 436 / طب (4/ 86/ 3724) "والزيادة الثانية له" / ضحة (ق 23/ ب) / كجي (إمام 2/ 550 - 551) / هقع 857 / هقخ 364، 365]
[السند]:
أخرجه مالك في (الموطأ): عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، به.
ورواه أحمد (21879) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، به.
ورواه الحميدي (436): عن سُفْيَان قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، به.
ورواه الطبراني في (المعجم الكبير 3724) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، به وذكر الزيادة.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات، إِلَّا أنه مرسل، فعروة: هو ابن الزبير تابعي مشهور.
وهذه الرواية لا تعل رواية هِشَامٍ عن عَمْرو بْن خُزَيْمَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ .. ، به.
فكلتا الروايتين محفوظتان عن هشام بن عروة، هذه رواها جماعة من الثقات الأثبات، وتلك رواه أيضًا جماعة من الثقات الأثبات.
بل رواه يحيى القطان وغيره: عن هشام بن عروة، بالحديثين معا.
ولذا قال الترمذي: "سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ - يعني حديث خزيمة بن ثابت - فَقَالَ: الصَّحِيحُ مَا رَوَى عَبْدَةُ وَوَكِيعٌ، وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَحِيحٌ أَيْضًا"(العلل الكبير ص 26).
وقد سبق أَنْ ضعفنا إسناد الرواية الأولى لجهالة عَمْرو بْن خُزَيْمَةَ مع تصحيح متنها بالشواهد.
* * *
رواية: ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ تُغْنِي
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ تُغْنِي فِي الِاسْتِنْجَاءِ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[مسد (خيرة 453)، (مط 49)]
[السند]:
أخرجه مسدد في "مسنده" قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أنه مرسل، كما تقدم.
* * *
806 -
حَدِيثٌ آخَرَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الِاسْتِطَابَةِ؟ فَقَالَ: «أَوَلَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناد خطأ، كما قال الحافظ ابن الجباب، وابن عبد البر.
[التخريج]:
[تمهيد (22/ 308) تعليقًا / تفسير الموطأ للقنازعي (1/ 133) تعليقًا]
[السند]:
قال الحافظ أحمد بن خالد القُرْطُبيّ المعروف بابن الجَبَّاب
(1)
- كما في (تفسير الموطأ للقنازعي 1/ 133) -: أسند ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ حديثه، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
وقال ابن عبد البر في (التمهيد 22/ 308): ذَكَرَ سَحْنُونٌ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الشُّيُوخِ عَنْهُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
(1)
قال ابن الفرضي: "إمام وقْته - غيرَ مدافَعٍ -: في الفِقه، والحديثِ، والعِبادةِ"(تاريخ علماء الأندلس 1/ 42)، وقال الذهبي: "الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُس،
…
وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الأَئِمَّة، عَديمَ النَظِيْر. قَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ إِمَامًا فِي الفِقْه لمَالِك. وَكَانَ فِي الحَدِيْثِ لا يُنَازَع. قَالَ: وَصَنَّفَ (مُسْند مَالِكِ)، وكتَابَ (الصَّلاةِ)، وكتَابَ (الإِيْمَان)، وكتَابَ (قَصَص الأَنْبِيَاء). وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاثِ مائَةٍ" (سير أعلام النبلاء 15/ 240).
قال: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأِ هَكَذَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، ولكن المحفوظ عن مالك ما رواه الجماعة عنه عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا، كما تقدم.
ولذا قال الحافظ ابن الجباب - عقب ذكره لهذه الرواية -: "وهو غلط لم يروه أحد عن أبي هريرة، من طريق هشام عن أبيه"، ثم ذكر طريق مسلم بن قرط عن عروة عن عائشة، وقال:"وهذا هو المعروف من طريق عروة عن عائشة، وليس بثابت من طريق عروة عن أبي هريرة"(تفسير الموطأ للقنازعي 1/ 133).
وقال ابن عبد البر: "وهذا غلط فاحش ولم يروه أحد كذلك لا من أصحاب هشام ولا من أصحاب مالك ولا رواه أحد عن عروة عن أبي هريرة، وإنما رواه بعض أصحاب عروة عن عروة عن عائشة وهو مسلم بن قرط"(التمهيد 22/ 308).
وقال في (الاستذكار) - عقب الرواية المرسلة -: "هكذا هذا الحديث عند جماعة رواة الموطأ إِلَّا ابن القاسم في رواية سحنون، رواه عن مالك، عن هشام، عن أبيه، عن أبي هريرة.
ورواه بعض رواة ابن بكير، عن ابن بكير، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وهذا خطأ وغلط ممن رواه عن مالك هكذا، أو عن هشام أيضًا، أو عروة
…
"، وذكر الخلاف على هشام، الذي تقدم ذكره في حديث
خزيمة بن ثابت، ثم قال: "وأما ذكر أبي هريرة فلا مدخل له عند أهل العلم بالإسناد في هذا الحديث، لا من حديث مالك، ولا من حديث عروة.
وقد ثبت عن أبي هريرة من رواية أبي صالح وغيره عنه عن النبي عليه السلام: «أنه أمر بثلاثة أحجار، ونهى عن الروث والرمة» " (الاستذكار 2/ 156).
قلنا: وحديث أبي هريرة هذا تقدم تخريجه في أول الباب.
* * *
807 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اسْتَجْمَرَ، فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلَاثًا» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف.
[التخريج]:
[طب (13/ 124/ 13786)].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا عمر بن حفص السدوسي، ثنا عاصم بن علي، ثنا قيس بن الربيع، عن جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه قيس بن الربيع الأسدي، وهو مختلف فيه، وجمع بينهم ابن حبان، فقال:"قد سبرت أخبار قيس بن الربيع من رواية القدماء والمتأخرين وتتبعتها، فرأيته صدوقًا مأمونًا حيث كان شابًّا، فلما كبر ساء حفظه، وامتحن بابن سوء فكان يدخل عليه الحديث فيجيب فيه ثقةً منه بابنه، فلما غلب المناكير على صحيح حديثه ولم يتميز، استحق مجانبته عند الاحتجاج، فكل من مدحه من أئمتنا وحث عليه كان ذلك منهم لما نظروا إلى الأشياء المستقيمة التى حَدَّثَ بها عن سماعه، وكل من وهاه منهم فكان ذلك لما علموا مما في حديثه من المناكير التى أدخل عليه ابنه وغيره"(المجروحين 2/ 222).
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في (الكبير)، وفيه قيس بن الربيع؛ وثَّقه
الثوري وشعبة، وضعفه جماعة" (المجمع 1045).
قلنا: والحديث صحيح لشواهده؛ فيشهد له ما سبق في الباب من حديث أبي هريرة وغيره، والله أعلم.
ولعل لذلك رمز السيوطي له بالصحة في (الجامع الصغير 2/ 310).
وقال المناوي: "وإسناده حسن لا صحيح خلافًا للمؤلف"(التيسير 2/ 395)!.
وصححه الألباني بشواهده، (الصحيحة 2312).
* * *
808 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: مَرَّ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ رضي الله عنه عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنِ التَّغَوُّطِ؟ «فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَنَكَّبَ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَقْبِلَهَا، وَلا يَسْتَدْبِرَهَا، وَلَا يَسْتَقْبِلَ الرِّيحَ (أَنْ يَسْتَعْلِيَ
(1)
الرِّيحَ)، وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ حَثَيَاتٍ مِنَ تُرَابٍ».
[الحكم]:
إسنادُه ساقط بهذا السياق، وضعفه الدارقطني - وأقره البيهقي، والغساني، وابن دقيق، وابن الملقن -، وابن عدي - وأقره ابن القيسراني -، وعبد الحق الإشبيلي.
والنهي عن استقبال القبلة، والاستنجاء بثلاثة أحجار، ثابت من حديث سلمان وغيره، كما تقدم، أما النهي عن استقبال الريح، والاستنجاء بالأعواد والتراب، فلم يأت من طريق صحيح، فهو منكر.
[التخريج]:
[قط 154 "واللفظ له" / هق 544 "والرواية له ولغيره" / عد (10/ 10) / خلال (أمالي 87)]
سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ، وَاسْتِدْبارِها عِندَ قَضاءِ الحاجَةِ".
* * *
(1)
تحرفت في طبعة دار الفكر من "الكامل" إلى: "يستفلي"، وهي على الصواب في طبعتي:(الرشد، والعلمية).
809 -
حَدِيثٌ آخَرَ: عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَلَمْ يَضْحَكْ بِمَا يَفْعَلُ» .
[الحكم]:
صحيح المتن مفرقًا، وإسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[بشن 133، 390].
[السند]:
أخرجه ابن بشران في (الأمالي 133، 930) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ الْمِسْمَعِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: حجاج بن نصير، قال الحافظ:"ضعيف كان يقبل التلقين"(التقريب 1139).
الثانية: المبارك بن فضالة، قال عنه ابن حجر:"صدوق يدلس ويُسَوِّي"(التقريب 6464). وقد عنعن.
[تنبيه]:
وقع في الموضع الأول من الأمالي: "وَأَنْ يَضْحَكَ مِمَّا يَفْعَل"، والصواب المثبت، كما وقع في الموضع الثاني.
وهو حديث مشهور، قد رواه المبارك بن فضالة وغيره واحد من الضعفاء هكذا عن عائشة، وهو خطأ، والصواب عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن زمعة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، وَقَالَ «لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ» . كما في (الصحيحين).
ولذا قال الدارقطني - بعد ذكر طرق الحديث عن عائشة -: "وكلها وهم، والصواب عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن زمعة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم"(العلل 3528).
وسيأتي - إن شاء الله - الكلام على هذه الطرق بتوسع في كتاب "الأدب"، من هذه الموسوعة، يسر الله تمامها.
* * *
810 -
حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ:
◼ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَسَّحْ (فَلْيَسْتَنْجِ) بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ كَافِيهِ (طُهُورُهُ)» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف.
[التخريج]:
[طب (4/ 174/ 4055) "واللفظ له" / طس 3146 / شا 1153 / تمهيد (22/ 311 - 312) "والرواية الأولى والثانية له" / كر (66/ 285) / كك (1/ 433)]
[السند]:
قَالَ الطبراني في (المعجم الكبير): حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ ثنا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْبَيْرُوتِيُّ ثنا الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، به.
ومداره - عندهم - على الأوزاعي عن عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: أبو شعيب الحضرمي؛ ولم يرو عنه غير عثمان بن أبي سودة، على الصحيح. وترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 389) ولم يذكرفيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 5/ 572) على قاعدته.
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله موثقون إِلَّا أَنَّ أبا شعيب صاحب أبي أيوب لم أر فيه تعديلًا ولا جرحًا" (المجمع
1044).
وقال الألباني: "مجهول"(الصحيحة 7/ 934).
وأما قول الطبراني: "لم يروه عن الأوزاعي مرفوعًا إِلَّا الهقل تفرد به عمرو"(المعجم الأوسط).
ففيه نظر، فقد تابعه بشر بن بكر عن الأوزاعي (عند الشاشي)، وكذلك عبد القدوس بن الحجاج الخولاني أبو المغيرة، عند أبي أحمد الحاكم في (الأسامي والكني).
* * *
811 -
حَدِيثٌ ثَالِثٌ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ، فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبْ بِهِنَّ (يَسْتَنْظِفُ بِهَا)؛ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ (سَتَكْفِيهِ)» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وضعفه الألباني.
[التخريج]:
[د 40 "اللفظ له"/ ن 44 / كن 48 / حم 24771، 25012 / مي 688/ عل 4376 / طح (1/ 121) 734 "والروايتان له" / ص (كبير 1/ 380) / قط 147 / تخ (7/ 271) مختصرًا / هق 505 / هقخ 359 / تمهيد (22/ 310) / تحقيق 105 / كما (27/ 529)]
[السند]:
أَخْرَجَهُ (أبو داود) قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، به.
ومداره عند الجميع: على مُسْلِمِ بن قُرْطٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: مسلم بن قُرْط، قال الحافظ:"ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: هو يخطئ، قلت: هو مقل جدًّا، وإذا كان مع قلة حديثه يخطئ فهو ضعيف، وقد قرأت بخط الذهبي: لا يعرف، وحَسَّن الدارقطني حديثه المذكور"(تهذيب التهذيب 10/ 121)، وقال في (التقريب 6639)
"مقبول".
وقال الذهبي: "نكرة"(الكاشف 5424)، وقال في (الميزان 8503):"لا يعرف".
وقال الدارقطني بعد ذكر خلاف طويل في هذا الحديث: " .... ، وحَدِيثُ أَبِي حازِمٍ، عَن مُسلِمِ بنِ قُرطٍ، عَن عُروَة، عَن عائِشَة مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ، عَن أَبِي حازِمٍ"(العلل 3559).
وقال - عقبه في السنن -: "إسناده صحيح"، وفي بعض النسخ:"إسناده حسن"!.
وتعقبه الألباني حيث قال: "وفيه نظر؛ لأن مسلم بن قرط هذا لا يعرف كما قال الذهبي، وجنح الحافظ ابن حجر في "التهذيب" إلى تضعيفه"(إرواء الغليل 1/ 84).
ومع ذلك أقر ابن الملقن الدارقطني على تحسينه في (البدر المنير 2/ 336) وصرحه بحسنه هو في موضع آخر (البدر المنير 2/ 347)!، وكذا حسنه النووي في (المجموع 2/ 93)!!.
* * *
812 -
حَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ:
◼ عَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَتَمَسَّحْ (فلَيْسَتنجِ) بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيفٌ، وضعفه ابن القيسراني، والهيثمي، والألباني، وهو ظاهر كلام البخاري.
[التخريج]:
[طب (7/ 167/ 6623، 6624) "واللفظ له" / تخ (4/ 151) / تخث (السفر الثاني 962) "والرواية له" / عد (3/ 330) / صحا 3462 / مث 2589 / تمهيد (22/ 312) / صبغ 1520 / طاهر (تصوف 40) / صمند (1/ 747) / حرب (طهارة 168) / فر (ملتقطة 1/ ق 112)].
[السند]:
أَخْرَجَهُ البخاري، وابن أبي خيثمة، وابن أبي عاصم: عن هُدْبَة بْن خَالِدٍ، قال: حدثنا حَمَّادُ بْنُ الْجَعْدِ، حدثنا قَتَادَةُ، حدثنا خَلَّادُ
(1)
بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، به.
ومداره عندهم على هدبة بن خالد، عن حماد بن الجعد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه حماد بن الجعد؛ ضعفه ابن معين وأبو زرعة
(1)
وقع في "المعجم الكبير" للطبراني: (أبي خلاد)، وزيادة (أبي) زيداة مقحمة خطأ، وتصحف في التمهيد إلى (خالد)، والصواب ما ذكرناه كما في بقية المصادر وكتب التراجم.
وأبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم، وقال أبو حاتم - وحده -:"ما بحديثه بأس"! . انظر: (تهذيب التهذيب 3/ 5)، ولذا قال الحافظ:"ضعيف"(التقريب 1491).
وقال الترمذي: "وسألت محمدًا عن حديث خلاد بن السائب عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستنجاء، فقال: "لم أر أحدًا رواه عن قتادة غير حماد بن الجعد؛ وعبد الرحمن بن مهدي كان يتكلم في حماد بن الجعد" (العلل الكبير 1/ 27).
وذكره ابن عدي في ترجمة حماد هذا - مع جملة أحاديث - ثم قال: "وحماد بن الجعد ليس له من الأحاديث غير ما ذكرت، وهو حسن الحديث، ومع ضعفه يكتب حديثه".
وظاهر سياقه أنه يعني بحسن الحديث أي غريب، كما هو معروف في استعمالاتهم للحسن، بقرينة قوله:"ومع ضعفه .. ".
ولذا قال ابن القيسراني: "وَهَذَا يرويهِ حَمَّاد، عَن قَتَادَة، بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَحَمَّاد ضَعِيف"(ذخيرة الحفاظ 282).
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه حماد بن الجعد وقد أجمعوا على ضعفه"(المجمع 1047).
وتعقبه الألباني بأن قال: "ولا إجماع عليه، كيف وأبو حاتم الرازي مع تشدده في الجرح قال فيه: ما بحديثه بأس. قلت: فيمكن أَنَّ يستشهد به، والله أعلم، ثم إن عزوه لـ"الأوسط" من هذا الوجه وهمٌ"(الصحيحة 7/ 932).
قلنا: وهو كما قال الألباني؛ فإن حماد بن الجعد ليس في طريق "المعجم
الأوسط" كما سيأتي في الرواية التالية.
* وأشار الإمام أحمد إلى علة أخرى في هذا السند؛ حيث قال عن تصريح قتادة بالتحديث من خلاد الجهني: "هو خطأ؛ خلاد قديم، ما رأى قتادة خلادًا"(شرح علل الترمذي 2/ 593).
كذا قال، وخلاد هذا: هو ابن السائب الجهني، روى عن أبيه، وروى عنه الزُّهْرِيّ، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة، كما قال البخاري في (التاريخ الكبير 3/ 186)، وأبو حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 365)، وغيرهما.
فخلاد هذا ليس بقديم، وقتادة أكبر من روى عنه، والله أعلم.
[تنبيه]:
عزاه ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 357) للخَطِيب فِي كِتَابه "موضح أَوهام الجمع والتفريق"، ولم نقف عليه في المطبوع منه.
وللحديث طرق أخرى، انظرها فيما يلي:
* * *
رِوَايَةُ: فَلْيَتَمَسَّحْ ثَلَاثَ مَرَّات:
• وَفِي رِوَايَةٍ بلفظ: «إِذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَسَّحْ ثَلَاثَ مَرَّات» .
[الحكم]:
صحيح المتن كما تقدم، وإسناده ضعيف، وضعفه الألباني.
[التخريج]:
[طس 1696 / زهري (بدر 2/ 357) "واللفظ له"]
[السند]:
أخرجه النسائي في كتاب "حديث الزُّهْرِيّ" - كما في (البدر المنير)، وعنه الطبراني في (الأوسط) - قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: نا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي خَلَّادٍ
(1)
، أَنَّ أَبَاه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:
…
فذكره.
وقال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن الزُّهْرِيِّ إِلَّا ابن أخيه، ولا عن ابن أخي الزُّهْرِيّ إِلَّا أبو غسان، تفرد به: محمد بن يحيى النيسابوري".
قلنا: كذا قال (ولا عن ابن أخي الزُّهْرِيّ إِلَّا أبو غسان)، قال الألباني:"وهو خطأ ظاهر لم يتنبه له المعلقان على الأصل، و"المجمع"!؛ فإن ظاهره
(1)
في مطبوع "الأوسط"، و (مجمع البحرين 355):"ابن خلاد"، ولكن كلمة (ابن) زيادة مقحمة خطأ، والصواب بدونها، كما نقله الحافظ في (الإصابة 4/ 202)، ونص غير واحد أَنَّ الزُّهْرِيّ يرويه عن خلاد، انظر:(التاريخ الكبير 3/ 186)، و (معرفة الصحابة لأبي نعيم 3/ 1372)، و (الاستيعاب 2/ 572). وكذا ذكر ابن الملقن أَنَّ النسائي رواه في كتاب "الزُّهْرِيّ" من طريق محمد بن يحيى الكناني، به على الصواب، وهو شيخ الطبراني في هذا الحديث. والله أعلم.
أَنَّ (أبا غسان) هو الذي رواه عن ابن أخي الزُّهْرِيّ، والذي في الإسناد أَنَّ بينهما (أبا أبي غسان)، وهو علة الإسناد" (الصحيحة 7/ 933).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه يحيى بن علي بن عبد الحميد أبو محمد الكناني؛ ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 8/ 297)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 175)، برواية ابنه وحده عنه، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مجهول الحال والعين.
وبه ضعف الشيخ الألباني هذا الطريق، كما تقدم في السند.
وابن أخي الزُّهْرِيّ وهو محمد بن عبد اللَّه بن مسلم، مختلف فيه؛ لخصه الحافظ فقال:"صدوق، له أوهام"(التقريب 6049).
فتفرد مثله عن الزُّهْرِيِّ، لا يحتمل، إن صح الطريق إليه.
* * *
رِوَايَةٌ مُطَوَّلَةٌ:
• وَفِي رِوَايَةٍ مطولة: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَبُولُ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا، وَلَا يَسْتَقْبِلِ الرِّيحَ، وَلْيَتَمَسَّحْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَإِذَا خَرَجَ الرَّجُلَانِ جَمِيعًا فَلْيَتَفَرَّقَا، وَلَا يَجْلِسْ أَحَدُهُمَا قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ، وَلَا يَتَحَدَّثَانِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» .
[الحكم]:
منكر بهذا التمام، كما قال الألباني، وضعفه ابْن طَاهِر المقدسي، وابن الملقن، وابن حجر.
[التخريج]:
[طب (7/ 167/ 6624) / لا 168 "واللفظ له" / عيل (كثير - إمام 2/ 450 - 451)].
[السند]:
أَخْرَجَهُ الدُّولَابِيُّ في (الكنى) قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ أَبُو إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ بِبَغْدَادَ.
وأخرجه الطبراني في (الكبير) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ.
وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "حديث يحيى بن أبي كثير" - كما في (الإمام لابن دقيق 2/ 450) -: عن عبد الله بن محمد بن مسلم، حدثنا أبو حاتم.
ثلاثتهم: عن مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرَّهَاوِيِّ، حدثنا أَبِي، (عَنْ)
(1)
(1)
تحرفت في مطبوع الكنى للدولابي إلى (بن).
يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَلَّادٌ
(1)
، عَنْ أَبِيهِ، بِهِ
(2)
.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، قال الحافظ:"ليس بالقوي"(التقريب 6399).
الثانية: يزيد بن سنان؛ وهو "ضعيف" كما في (التقريب 7727).
وَبه ضعفه ابْن طَاهِر المقدسي فقال: "فِيهِ يزِيد بن سِنَان وَهُوَ لَيْسَ بِشَيْء فِي الحَدِيث"(معرفة التذكرة 46)، وأقره ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 330).
وقال ابن حجر: "إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ"(التلخيص الحبير 1/ 189).
وقال الألباني: "منكر بهذا التمام"، وذكر طريق الدولابي، ثم قال:"هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ محمد بن يزيد بن سنان وأبوه ضعيفان والابن أشد ضعفًا من أبيه"(الضعيفة 5704).
قلنا: فالحديث بهذا التمام منكر كما قال الألباني، لا يصح منه سوى الفقرة الأولى في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها، والفقرة الثالثة في الاستنجاء ثلاثًا. والله أعلم.
* * *
(1)
في مطبوع "المعجم الكبير" للطبراني: "ابن خلاد"، ولكن كلمة (ابن) زيادة مقحمة خطأ، والصواب بدونها، وانظر: تعليقنا على سند الأوسط للطبراني المتقدم.
(2)
إلا أَنَّ الطبراني لم يسق متنه، وإنما أحاله على رواية قتادة المتقدمة، فساق هذا السند عقبه وقال:"بمثله"، ولكن الحديث عند الدولابي والإسماعيلي بنفس السند بهذا السياق المطول، ولذا ذكرناه هنا معهما. والله الموفق.
813 -
حَدِيثُ خَلَّادٍ:
◼ عَنْ خَلَّادٍ أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلَاثًا» .
[الحكم]:
صحيح المتن بما تقدم في الباب، ولم نقف على سنده.
[التخريج]:
[قا (بدر 2/ 357)]
[التحقيق]:
عزاه ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 357) لابن قانع في "معجم الصحابة"، ولم نقف على سنده، فهو من الأجزاء الساقطة من الكتاب.
ونقل ابن الملقن عن ابن قانع أنه قال: "خلاد هذا أحسبه ابن رافع بن مالك أخو رفاعة بن رافع الأنصاري".
* * *
814 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ حَاجَتَهُ فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ بِثَلَاثِ حَثَيَاتٍ مِنَ التُّرَابِ» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وضعفه الدارقطني - وأقره ابن الجوزي وأبو بكر الغساني، وابن دقيق العيد، وابن حجر -، والبيهقي.
[التخريج]:
[قط 155 "واللفظ له" / علج 541].
[السند]:
أخرجه الدارقطني في (السنن) - ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل المتناهية) - قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع حدثنا أحمد بن الحسن الْمُضَرِيُّ حدثنا أبو عاصم حدثنا زَمْعَةُ بن صالح عن سَلَمَةَ بن وهرام عن طاوس عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه أحمد بن الحسن بن أبان المُضَري، قال ابن عدي:"يسرق الحديث ضعيف"(الكامل 40)، وقال ابن حبان:"كذاب دجال من الدجاجلة يضع الحديث عن الثقات وضعًا "(المجروحين 1/ 164)، وقال الدارقطني:"حدثونا عنه وهو كذاب"(ميزان الإعتدال 329).
ثم إن المحفوظ في هذا الحديث: عن طاوس من قوله، غير مرفوع. كذا أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 1617) عن ابن عُيَيْنَةَ، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس، به.
وأخرجه كذلك الدارقطني في (السنن 159): من طريق علي ابن المديني، عن ابن عُيَيْنَةَ، به، وقال ابن المديني - عقبه -: قلت لسفيان أكان زمعة يرفعه؟ قال: "نعم، فسألت سلمة عنه فلم يعرفه - يعني لم يرفعه -".
وأخرج البيهقي في (الكبرى 542) من طريق هُشَيْمٌ، عن أبي بِشْرٍ، عن طاوس، قال: «الاستنجاء بثلاثة أحجار، أو ثلاثة أعواد
…
». ثم قال: "هذا هو الصحيح عن طاوس من قوله. وكذلك رواه سفيان بن عُيَيْنَةَ، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس. ورواه زمعة بن صالح، عن سلمة، فرفعه مرسلًا"، فذكر رواية زمعة المرسلة، ثم قال:"ورواه أحمد بن الحسن المضري، وهو كذاب متروك، عن أبي عاصم، عن زمعة عن سلمة، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يصح وَصْلُهُ، ولا رفعه"(السنن الكبرى 1/ 336).
ولذا قال الدارقطني - عقب حديثنا -: "لم يسنده غير المضري؛ وهو كذاب متروك، وغيره يرويه عن أبي عاصم عن زمعة عن سلمة بن وَهْرامَ عن طاووس مُرسلًا؛ ليس فيه عن ابن عباس.
وكذلك رواه عبد الرزاق وابن وهب ووكيع وغيرهم عن زمعة، ورواه ابن عُيَيْنَةَ عن سلمة بن وهرام عن طاوس قوله. وقال: سألت سلمة عن قول زمعة أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرفه" (السنن عقب رقم 155).
وأقره ابن الجوزي في (العلل 541)، وفي (التحقيق 1/ 117)، وأبو بكر الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني ص 10)، وابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 553)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 397)، والحافظ في (الإتحاف 7/ 250).
* * *
815 -
حَدِيثُ طَاوُسٍ مُرْسَلًا:
◼عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْبَرَازَ فَلْيُكْرِمْ قِبْلَةَ اللَّهِ تعالى؛ فَلَا يَسْتَقْبِلْهَا وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا، ثُمَّ لِيَسْتَطِبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ أَوْ ثَلَاثِ حَثَيَاتٍ مِنَ تُرَابِ، ثُمَّ لِيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي، وَأَمْسَكَ عَلَيَّ مَا يَنْفَعُنِي» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وإسناده مرسل ضعيف، وضعفه البيهقي، وابن القطان، ابن الصلاح، والعراقي، وابن حجر، والسيوطي، والألباني.
[التخريج]:
[ش 12، 30528 "مقتصرًا على الدعاء" / طع 371 "مقتصرًا على الدعاء" / قط 156 "واللفظ له"، 157، 158 / ...... ]
سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ، وَاسْتِدْبارِها عِندَ قَضاءِ الحاجَةِ".
* * *
816 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الاسْتِنْجَاءُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ، وَبِالتُّرَابِ إِذَا لَمْ يَجِدْ حِجَارَةً، ولا يُسْتَنْجِى بشَيْءٍ قَدِ اسْتُنْجِيَ بِهِ مَرَّةً» .
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعفه ابن عدي، والبيهقي، وابن طاهر القيسراني، والنووي، وابن دقيق.
[التخريج]:
[عد (1/ 464 - 2/ 39) "واللفظ له"، (8/ 63) / هق 546، 547]
[التحقيق]:
هذا الحديث له طريقان:
الطريق الأول:
رواه ابن عدي في (الكامل 1/ 464 - 2/ 39) - ومن طريقه البيهقي في (الكبرى 547) - قال: حدثنا أحمد بن هارون بن موسى، حدثنا إبراهيم بن أبي حُمَيْدٍ، حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود قال: حدثنا مُعان
(1)
بن رفاعة، حدثنا عبد الوهاب بن بُخْتٍ، عن أنس، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: أحمد بن هارون بن موسى، أبو جعفر البلدي؛ "كذاب متهم"(الميزان 1/ 162)، وقد ترجمه ابن عدي في (الكامل 48)، وقال فيه:
(1)
- في المطبوع من السنن الكبرى للبيهقي ط الهندية: "معن"، وتحرف في الموضع الثاني من الكامل إلى:"معاذ"، وكذا في بعض نسخ الكبرى كما ذكره محققو طبعة هجر في الحاشية (1)، وقد أثبتوه على الصواب.
"كان يخرج لنا نسخا لشيوخ الجزيرة المتقدمين
…
، نسخ موضوعة مناكير، ليس عند أحد منها شيء، كنا نتهمه بوضعها، وسمعت أبا عَرُوبة يقول:"يتهم هذا الرجل بوضع هذه النسخ، وكان يضعفه".
ثم قال ابن عدي -بعد أن روى له هذا الحديث وغيره-: "وهذه الأحاديث التي ذكرتها مع أحاديث أخرى له، وَنُسَخٍ موضوعة، لم أذكرها لكثرتها عندي، وهو بَيِّنُ الأمر في الضعف، وكان يخرج إلينا تصانيف وحديث من نُسَخِ الخراسانيين
…
عجائب" (الكامل 1/ 464 - 2/ 39).
وتبعه ابن طاهر، فقال:"الحمل على أحمد فيه لأنه كذاب"(ذخيرة الحفاظ 2292).
الثانية: إبراهيم بن أبي حميد وهو إبراهيم بن أحمد الحراني الضرير، قال أبو عَرُوبَة:"كان يضع الحديث"(الميزان 1/ 17).
وقد ترجمه ابن عدي في (الكامل 110)، وذكر كلام أبي عروبة، ثم قال:"حدث إبراهيم هذا بنسخ لسالم الأفطس وغيره، عن شيوخ لا بأس بهم من أهل حران، بأحاديث مناكير الأسانيد والمتون، لا يتابع عليها".
ثم قال ابن عدي - بعد أَنْ روى له هذا الحديث وغيره -: "وعامة ما يروي إبراهيم بن أبي حميد هذا من النسخ وغيره، لا يُتَابعه عَليه أحد"(الكامل (2/ 39).
وتبعه البيهقي في (الكبرى عقب رقم 546)، ولذا قال:"لا يصح".
ونقل ابن دقيق كلام ابن عدي وأقره في (الإمام 2/ 556).
وقال ابن طاهر: "رواه إبراهيم بن أبي حميد الحراني
…
، وإبراهيم هذا كان أبو عروبة يرميه بالوضع. قال ابن عدي: وعامه ما يرويه لا يُتَابع عليه"
(ذخيرة الحفاظ 2291).
الثالثة: مُعان بن رفاعة، مختلف فيه، فمشاه أحمد وغيره، وضعفه ابن معين وغيره (تهذيب التهذيب 10/ 202)، وقال ابن حجر:"لين الحديث كثير الإرسال"(التقريب 6747).
الطريق الثاني:
رواه ابن عدي في (الكامل 8/ 63) -ومن طريقه البيهقي في (الكبرى 546) - قال: حدثنا الخضر بن أحمد بن أمية، حدثنا مخلد بن مالك
(1)
، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الواحد، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره.
وهذا إسناد واهٍ جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: عبد الرحمن بن عبد الواحد؛ لم نجد من ترجم له، وهو في عداد شيوخ عثمان الطرائفي المجهولين.
الثانية: عثمان بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن الطرائفي؛ صدوق لكنه أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين" (التقريب 4494)
وبه أعله البيهقي فقال: "وقد رُوِي فيه حديث مسند لم يثبت إسناده"(الكبرى 1/ 111)، ثم ساقه من طريق ابن عدي، وقال عقبه:"عثمان الطرائفي تكلموا فيه، ويروي عن قوم مجهولين"(الكبرى 1/ 112)، وأقره
(1)
- تحرف في السنن الكبرى إلى: "خالد"! ، الصواب المثبت كما في الكامل، ويراجع ترجمة عثمان من التهذيب.
ابن دقيق في (الإمام 2/ 556).
فأما ابن عدي، فقال بعد أَنْ روى له هذا الحديث وغيره:"وصورة عثمان بن عبدالرحمن أنه لا بأس به كما قال أبو عروبة، إلا أنه يحدث عن قوم مجهولين بعجائب، وتلك العجائب من جهة المجهولين"(الكامل 8/ 63).
أي: فالحمل فيه على شيخه وحده، وخالفه ابن طاهر، فقال:"وأورده في ترجمة عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وعثمان ضعيف"(ذخيرة الحفاظ 2292).
الثالثة: الخضر بن أحمد بن أمية الحراني، لم نجد من ترجمه بجرح أو تعديل، غير أَنَّ ابن حبان ذكر في (الثقات 8/ 280) أنه من شيوخه، ولم يترجم له.
والحديث ذكره النووي في فصل الضعيف من (خلاصة الأحكام 383).
817 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلَاثًا» [يَعْنِي: يَسْتَنْجِي].
[الحكم]:
إسناد حسن، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، وجود الألباني إسناده.
[التخريج]:
[حم 15296 "واللفظ له" / خز 81 / ش 1656 "والزيادة له" / هق 509 / معكر 1090 / منذ 296 / معقر 694 / مض 75].
[السند]:
قال أحمد: حدثنا علي بن بحر، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، به.
ورواه ابن أبي شيبة في (مصنفه 1656): عن أبي معاوية، عن الأعمش، به.
ورواه ابن خزيمة في (صحيحه 81): عن يوسف بن موسى، عن جرير. وعن يعقوب بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس. وعن أبي موسى (محمد بن المثنى)، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان (الثوري).
ثلاثتهم: عن الأعمش، به.
ومداره عند الجميع: على الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد حسن رِجالُه ثقاتٌ رجال الشيخين؛ غير أبي سفيان طلحة بن نافع؛ فمن رجال مسلم، وقال عنه ابن حجر:"صدوق"(التقريب 3035).
ولذا قال الهيثمي: "رواه أحمد، ورجاله ثقات"(المجمع 1042) بتصرف يسير.
وقال الألباني: "إسناد جيد"(الصحيحة 3316).
ويشهد له رواية مسلم (239) المتقدمة في الباب السابق، ولفظها:«إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُوتِرْ» .
* * *
رِوَايَةُ: إِذَا تَغَوَّطَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «إِذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمْسَحْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيفٌ بهذا اللفظ، وضعفه ابن الملقن وابن حجر، والألباني، ومعناه صحيح يشهد له ما تقدم، ولذا صححه الألباني لشواهده، وأشار لذلك ابن كثير.
[التخريج]:
[حم 14608].
[السند]:
أخرجه (أحمد) قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الزبير، عن جابر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: عبد الله ابن لهيعة؛ والعمل على تضعيف حديثه كما تقدم مرارًا.
وبه ضعفه ابن الملقن؛ فقال عقبه: "ابن لهيعة قد علمت حالته"(البدر المنير 2/ 357)، وبنحوه قال الحافظ في (التلخيص الحبير 1/ 195).
وأما ابن كثير، فقال:"وابن لهيعة ضعيف سيء الحفظ، إلا أنه قد صرح هاهنا بالتحديث، فلعله يترقى إلى الحسن"(إرشاد الفقيه 1/ 59).
وقال الألباني: "وابن لهيعة سيّء الحفظ يستشهد به، وأبو الزبير ثقة، إِلَّا أنه مدلس، لكنه
قد توبع،
…
" وذكر بعض الروايات السابقة، وصحح بها الحديث، انظر:(الصحيحة 3316).
* * *
رِوَايَةُ: مَنِ اسْتَنْجَى:
• وَفِي رِوَايَةٍ، بلفظ:«مَنِ اسْتَنْجَى مِنْكُمْ فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلاثَةِ أحجار» .
[الحكم]:
صحيح المتن بما تقدم، وإسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[عد (3/ 129)]
[السند]:
قال ابن عدي في (الكامل): حدثنا أحمد بن خالد بن عبد الملك بن مسرح، حدثنا عَمِّي الوليد بن عبد الملك بن مسرح، حدثنا مغيرة - يعني ابن سِقْلابٍ -، عن أبي العطوف، عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعًا، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أبو العطوف وهو جراح بن منهال الجزري،
قال عنه أحمد: "كان صاحب غفلة"، وقال ابن معين:"ليس حديثه بشيء"، وقال ابن المديني:"لا يكتب حديثه"، وقال البخاري ومسلم:"منكر الحديث"، وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم:"متروك"، زاد ابو حاتم:"ذاهب لا يكتب حديثه"، وقال النسائي في التمييز:"ليس بثقة، ولا يكتب حديثه"، وقال ابن حبان:"كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر"، وذكره البرقي في باب:"من اتهم بالكذب"، وكذا وهاه غير واحد. انظر:(لسان الميزان 1780).
والحديث ذكره ابن عدي في ترجمته مع جملة من حديثه، ثم قال:"وللجراح بن المنهال غير ما ذَكَرْتُ من الحديث وليس هو بكثير الحديث، والضعف على رواياته بَيِّن؛ وذلك لأن له أحاديث، عن الزُّهْرِيِّ والحكم وأبي الزبير وغيرهم ويبين ضعفه إذا روى عن هؤلاء الثقات فإنه يروي عنهم ما لا يتابعه أحد عليه"(الكامل 3/ 131).
وتبعه ابن القيسراني، فقال:"رواه أبو العطوف الجراح بن المنهال: عن أبي الزبير، عن جابر. وأبو العطوف متروك الحديث"(ذخيرة الحفاظ 5112).
ومغيرة بن سقلاب مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، كما تقدم بيانه في باب:"مِقْدارِ ما يَنْجُسُ مِنَ الماءِ".
والمتن معناه صحيح، يشهد له ما تقدم.
* * *